بوكو حرام وتجليات العنف الديني في نيجيريا

لجماعة بوكو حرام عدد كبير من الأتباع والمجندين الأطفال وتحظى بدعم مالي كبير من سياسيين وأغنياء بنيجيريا ولها تأثير على أعضائها وقد تصبح جزءا من تنظيم القاعدة الدولي مما يحتم على حكومة نيجيريا إستراتيجية شاملة تعالج المظالم والتهميش قبل المواجهة العسكرية مع هذه الجماعة.
2012220125145878734_2.jpg
تتواجد جماعة بوكو حرام في كثير من المدن والقرى النيجيرية حيث أسست قاعدة في قرية كاناما، كما انسحب طلاب من مؤسسات التعليم العالي من معاهدهم في بورنو ويوبي وانضموا للحركة (الجزيرة)

تتزايد على نحو متصاعد الخشية من قدرة منظمة بوكو حرام المتطرفة –حسب التوصيف الرسمي النيجيري- على القيام بهجمات محدودة أو كبيرة في نيجيريا. فمنذ يوليو/ تموز 2009 أثارت الجماعة انتفاضة قصيرة ضد الحكومة في الشمال النيجيري قبل أن تشن هجمات متتالية جعلتها تتصدر عناوين الأخبار محليا ودوليا. فما هي فلسفة الجماعة؟ وكيف ظهرت للعلن؟ وما نوع التكتيكات التي تتبعها وما تأثيرها على الأمن في نيجيريا؟ وما هي الخطط المستقبلية التي ستتبعها الحكومة النيجيرية للتعامل مع تهديد الجماعة؟ أسئلة من بين أخرى نسعى لتقديم إجابة مختصرة عليها في هذه الورقة.

أسماء متغيرة لمحتوى واحد

لا يعرف تاريخ دقيق لبداية ظهور جماعة بوكو حرام وتعزو وسائل الإعلام المحلية والدولية بداية ظهورها لسنة 2002 مع ظهور محمد يوسف قائد للجماعة؛ لكن السلطات الأمنية النيجيرية تعزو بداية ظهور الجماعة لعام 1995، عندما أنشأ أبو بكر لوان جماعة أهل السنة والهجرة في جامعة مادوجيري في ولاية بورنو.

انتشرت الجماعة كحركة غير عنيفة قبل أن يتولى محمد يوسف قيادتها بعد رحيل أبو بكر لوان لمتابعة دراساته العليا في المملكة العربية السعودية سنة 2002. ومنذ ذلك الوقت ظهرت الجماعة تحت أسماء متعددة مثل المهاجرون، اليوسفية، طالبان نيجيريا، بوكو حرام، جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد.

أما أفكار الجماعة فمتجذرة في ممارسة نمط من الإسلام "السني التقليدي" الذي تمقت تفسيراته منهج التعليم الغربي، فضلا عن العمل في الخدمة المدنية، وهذا ما يفسر الاسم الشعبي للجماعة الذي يعني حرفيا "التعليم الغربي خطيئة".

إلا أن بيانا صدر في أغسطس/ آب 2009 من طرف نائب زعيم جماعة بوكو حرام: معلم سانس عمار رفض من خلاله هذه الدعوى قائلا: "إن اسم جماعة بوكو حرام لا يعنى بأي حال (التعليم الغربي خطيئة)، كما يستمر الإعلام الكافر في تصويرنا؛ بل يعني أن (الحضارة الغربية محرمة). ويكمن الفارق في الانطباع الذي يخلفه المعنى الأول الذي يعطي الانطباع أننا كجماعة نعارض التعليم الرسمي الآتي من الغرب وهو أمر غير صحيح؛ بل يعني الاسم الحقيقي للجماعة اعتقادها في سمو الثقافة الإسلامية (وليس تعليمها). لأن مفهوم الثقافة شامل يشمل التعليم؛ ولكن لا يحدده التعليم الغربي".

وتستهجن الجماعة وصف "بوكو حرام" الذي تستخدمه وسائل الإعلام للحديث عنها لأنها تفضل استخدام اسم "جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد". وعلى الرغم من التغير الذي شهده اسم الجماعة على مر السنين فإن إيديولوجيتها واضحة جدا، ألا وهي السعي لقلب نظام الحكم في نيجيريا، وفرض الشريعة الإسلامية في البلد. وتشكل القناعات التي عند بعض أعضاء الجماعة حول فساد الدولة في نيجيريا وامتلائها بالرذيلة والفساد الاجتماعي محفزا قويا للمسلم الصالح "للهجرة" عن هذا المجتمع المفلس أخلاقيا إلى مكان منعزل وتكوين مجتمع إسلامي مثالي خال من الفساد السياسي والفراغ الروحي.

وفي هذا الصدد يعتبر غير الأعضاء في هذه الجماعة "كفارا" أو "فاسقين"، وثمة مفارقة تمكن في كون غالب أفراد هذه الجماعة لهم لحى طويلة ويرتدون عمامات سوداء أو حمراء، ويرفضون استخدام بعض السلع التي يزعمون أنها غربية مثل ساعات اليد وخوذات السلامة؛ وفي نفس الوقت لا يجدون حرجا في استخدام المنتوجات التكنولوجية كالدراجات النارية والسيارات والهواتف المحمولة ورشاشات الكلاشنيكوف وغير ذلك من المنتوجات المستمدة من الحضارة الغربية.

التمويل والعضوية

لا يعرف بالتحديد عدد أعضاء الجماعة لكنها تجتذب أتباعا في الولايات التسع عشرة المكونة لشمال نيجيريا إضافة إلى وجود بعض عناصرها في جمهورية النيجر وفي التشاد وفي السودان... ويتكون أتباعها أساسا من الشباب الممتعضين من الحالة العامة للبلد، إضافة للخريجين العاطلين عن العمل، وأطفال الشوارع السابقين المعروفين باسم: "الماجيريس". وظاهرة "الماجيريس" عبارة عن ممارسة شعبية قديمة يتم بموجبها إرسال الأطفال للتعلم على أيدي مدرسين مسلمين معروفين في بعض المدن في شمال نيجيريا ويدرسون في ظروف صعبة للغاية تجعلهم عرضة للتجنيد من طرف جماعات متشددة كجماعة "بوكو حرام" وجماعة "كالا كاتو" وذلك من خلال التلقين. وفي عام 2010 أحصي في نيجيريا ما لا أقل عن تسعة ملايين ونصف مليون من أطفال الشوارع من "الماجيريس"، وتتواجد نسبة 80% منهم في الشمال النيجيري. وبالإضافة "للماجيريس" الذين يشكلون الغالبية العظمى من مجندي جماعة "بوكو حرام"، هناك أيضا أعضاء آخرون متعلمون، وأصحاب ثروة، وأشخاص مؤثرون: كأساتذة الجامعات ورجال الأعمال والمقاولون والسياسيون، الذين يعتبرون الممولين الأساسيين للجماعة.

ومؤخرا أضافت الجماعة وسيلة السطو على البنوك إلى مصادر تمويل نشاطاتها المختلفة المتمثلة في مساعدة الفقراء، ورعاية أرامل رجالها الذين سقطوا في "الجهاد"، وكذلك تقديم الصدقات (ريع الزكاة) للفقراء والمحتاجين، إضافة لمواصلة الجهاد وغيره.

العنف والسعي لإسقاط النموذج العلماني بنيجريا

أصبح وجود هذه الجماعة موضع قلق محلي ودولي كبير في أعقاب الانتفاضة المعارضة للحكومة التي قادها محمد يوسف في يوليو/ تموز 2009. وقد تم تعيين محمد يوسف، الخطيب الكاريزمي، قائدا للجماعة من طرف لجنة من "الشيوخ" عام 2002. وقد أطاح محمد يوسف بالشيوخ الذين عينوه بعد اتهامه إياهم بالفساد والفشل في الوعظ بـ"الإسلام الحقيقي". وقد أعلن يوسف عن بعض أفكاره ومنها أنه لا يؤمن بمعظم معتقدات العلوم الغربية، كما قال إنه لا يعتقد بكروية الأرض كما لا يعتقد أن تبخر المياه هو السبب في المطر. وفي حين كان يوسف يحث أتباعه على نهج حياة متقشفة نجده يتمتع بالكماليات الغربية كسيارة مرسيدس والأطعمة المترفة المستوردة.

وقد أسهم ظهور محمد يوسف في تحول المنظمة إلى جماعة إسلامية متشددة تسعى لإسقاط النموذج العلماني للدولة النيجيرية. وفي السنوات الأولى لتحولها إلى جماعة متشددة سعت "بوكو حرام"، تحت إمرة محمد يوسف، إلى إبعاد أعضائها ذاتيا عن بقية المجتمع الفاسد من خلال العيش في مناطق خارجة أو بعيدة عن المجتمع العادي، في سعي منهم لإنضاج العملية الثورية التي ستؤدي للإطاحة بالدولة النيجيرية، وذلك من خلال التثقيف وبث الأفكار المتشددة بين أفرادها، ولأنه من خلال عزلهم عن بقية أفراد المجتمع يسهل على منظري الجماعة تلقين أفرادها أفكارا مضادة للأفكار العلمانية.

وكان محمد يوسف القائد العام لجماعة بوكو حرام، قبل وفاته بعد أعمال الشغب التي اندلعت في يوليو/ تموز 2009، يسمى "الأمير العام" أي زعيم الجماعة بأكملها. ويوجد نائبان للأمير العام (نائب الأمير العام الأول ونائب الأمير العام الثاني). وكل ولاية تتواجد فيها الجماعة يوجد لها "أمير"، ولكل منطقة حكومية "أمير" خاص بها، وتحت هؤلاء "الأمراء" يأتي بقية أتباع الجماعة. ويقسم أفراد الجماعة أنفسهم إلى مجموعات مختلفة تقوم بأدوار مختلفة كالجنود والشرطة وغيرها. وقد رفعت الجماعة السلاح لأول مرة في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2003 تحت إمرة محمد يوسف عندما هاجمت مراكز الشرطة وبنايات عمومية في مدينتي جيام وكاناما في ولاية يوبي.

وفي سنة 2004 أنشأت الجماعة قاعدة في قرية كاناما، شمال ولاية يوبي أطلقت عليها اسم "أفغانستان". وأصبحت نشاطات الجماعة مغلقة أكثر منذ 2004 عندما بدأ الطلاب وخصوصا في مؤسسات التعليم العالي في الانسحاب من معاهدهم في بورنو ويوبي وبدؤوا في تمزيق شهاداتهم والانضمام للحركة.

وفي 21 ديسمبر/كانون الأول من نفس السنة هاجم أعضاء من الحركة مراكز الشرطة في بامب وكوورزا في ولاية بورنو مما أدى لمقتل عدة أفراد من الشرطة والاستيلاء على بعض الأسلحة والذخائر. واستمرت الجماعة في شن هجمات كر وفر متقطعة في بعض المناطق من ولايتي بورنو ويوبي حتى شهر يوليو/ تموز 2009 عندما أثارت الحركة انتفاضة كبيرة معارضة للحكومة في نيجيريا.

استمر القتال من 26 حتى 30 يوليو/تموز 2009 في الولايات الشمالية الخمس: بوشي، بورنو، كانو، كاتسينا ويوبي وانتهى القتال بعد أن تم إلقاء القبض على زعيم الجماعة محمد يوسف في منزله. وبعد ساعات من اعتقاله من طرف الشرطة تم قتله بطريقة وحشية أثناء فترة احتجازه؛ فيما بدا أنها عميلة قتل خارج القانون رغم ادعاء مسؤولين رسميين بأنه قتل أثناء محاولته الهرب من السجن. وتم قتل ما يربو على ألف شخص معظمهم من أعضاء الجماعة في الانتفاضة بينما تم اعتقال وتوقيف المئات منهم من أجل محاكمتهم رسميا.
 
أغضبت عملية القتل خارج القانون التي تعرض لها محمد يوسف بقية أعضاء الجماعة فلم يتفاجأ المراقبون من استخدامهم المتزايد لأشرطة "الاستشهاد" خصوصا أثناء انتفاضة يوليو/تموز 2009 من أجل دفع أعضاء الجماعة إلى التشدد أكثر. وأصدرت الجماعة عدة رسائل تحمل مضامين متشددة من بينها منشورات وأشرطة صوتية ومرئية تم توزيعها على وسائل إعلام معلنة نية الجماعة شن حرب على السلطة العلمانية.

ومنذ يوليو/ تموز 2009 تطورت نشاطات الجماعة من شن مواجهات ضعيفة وسيئة التخطيط ومفتوحة مع السلطات الأمنية إلى مرحلة أبعد استخدمت فيها الجماعة بنحو متزايد العبوات الناسفة وحرب العصابات والاغتيالات المستهدفة إضافة للعمليات الانتحارية في عملياتها العنيفة.

وعلى عكس هجمات الكر والفر الضعيفة التي اتبعتها الجماعة في سنواتها الأولى فإنها اتبعت في هجماتها الأخيرة أساليب أكثر تطورا وتنسيقا بعد إقرار ذلك الأسلوب من طرف مجلس شورى الجماعة الذي يتكون من 18 عضوا يرأسه الزعيم الروحي للجماعة الإمام أبو بكر شيخو.

وتركزت هجمات الجماعة بشكل أساسي على القوات الأمنية التابعة للدولة، والجنود، والدفاع المدني، وحراس السجون وغيرهم. وبشكل أقل تستهدف هجمات الجماعة دور العبادة والطوائف والقادة الدينيين والسياسيين وغيرهم من مدنيين ممن تعتبرهم الجماعة في فلسفتها "أعداء". لكن الهجوم الذي شنته بوكو حرام على مقر الأمم المتحدة في العاصمة النيجيرية أبوجا في 26 من أغسطس/ آب 2011 شكل خروجا عن الأهداف التقليدية للجماعة مما يشير إلى إمكانية حصول تغير في انتقاء الأهداف المستهدفة من طرف الجماعة مستقبلا.

التمرد.. تكلفة في الأرواح والممتلكات

شنت جماعة بوكو حرام ما يزهوا على مائة وستين هجوما منفصلا في الفترة ما بين يوليو/ تموز 2009 ويناير/ كانون الثاني 2012 وأدت هذه الهجمات إلى مقتل أكثر من ألف شخص ونزوح المئات الآخرين داخليا. وأعلنت الحركة مسؤوليتها عن هجمات أدت لمقتل مائتي شخص منذ بداية سنة 2012. ووقعت هذه الهجمات بشكل رئيسي في مدينة مايدغورو عاصمة ولاية بورنو. ورغم ذلك قد حدث الكثير من الهجمات التي أعلنت الجماعة مسؤوليتها عنها في بوشي، وجومبى، وجيكاوا، وكادونا، وكانو، وبلاتو، وولاية يوبى ثم في إقليم العاصمة الاتحادية أبوجا.

ورغم تركيز جماعة بوكو حرام هجماتها على المناطق الشمالية من نيجريا إلا أن مراقبين يخشون امتداد تلك الهجمات إلى الجنوب الذي تقطنه غالبية مسيحية في الوقت الذي تضيق فيه الأجهزة الأمنية الخناق على الحركة في الولايات الشمالية.

ومع أن التهديدات التي أطلقتها الجماعة بداية يناير/ كانون الثاني 2012 ضد الجنوبيين والمسيحيين لمغادرة الشمال قد سببت رعبا كبيرا بين السكان إلا أن هذه التهديدات فشلت في تحريك نزوح جماعي للمسيحيين والجنوبيين على إثر مخاوف من مجازر تطهير عرقي وديني تقوم به الجماعة.

ومما يزيد المخاوف من تطور هجمات بوكو حرام هو إدخال الجماعة أسلوب العمليات الانتحارية لنشاطاتها العنيفة. فمنذ أن شنت الحركة أولى هجوم باستخدام عملية انتحارية بسيارة مفخخة ضد المقر الرئيسي للشرطة في العاصمة الاتحادية أبوجا في 16 من يونيو/ حزيران 2011. كما قامت الحركة بست هجمات انتحارية على الأقل أدت في مجملها لخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. ففي مدينة كانو -على سبيل المثال- أدت هجمات منسقة بالبنادق والعمليات الانتحارية إلى مقتل ما يزيد على مائتين وأحد عشر شخصا.

وكانت عواقب تمرد جماعة بوكو حرام كبيرة جدا؛ ومن أبرز ملامح هذه العواقب هو الخسائر الكبيرة في الأرواح، والنزوح الداخلي للسكان، والتدمير المتعمد للممتلكات، وتمزيق الأسر، وطرد الاستثمارات المحلية والخارجية هذا عدا عن تشويه صورة البلاد خارجا.

التعامل مع التمرد
اعتمدت الحكومة النيجيرية على سياسة "العصا" مع الحديث عن خطط لإضافة "الجزرة" في تعاملها مع التمرد الملتهب الذي تقوده بوكو حرام. وقد تنطوي سياسة "الجزرة" على منح عفو عام عن أعضاء الحركة في حال نبذهم للتشدد، مع وجود أمل ضئيل بتحقيق ذلك نظرا للطبيعة الغامضة لهوية أعضاء المجموعة.

وفي الواقع أشارت الحكومة النيجيرية إلى رغبتها في إيجاد حل سياسي للتمرد من خلال التفاوض مع جميع المعنيين وفي هذا الصدد شكلت الحكومة لجنة تقصي حقائق برئاسة السفير عثمان كلتيماري من أجل تحديد المظالم التي تطرحها الجماعة وتقديم التوصيات اللازمة بخصوص تحسين الظروف الأمنية في مناطق الشمال الشرقي للبلد. وسياسة "الجزرة" يمكن أيضا أن تشمل معالجة قضايا الفقر، والبطالة، والظلم الاجتماعي والفساد العمومي من طرف الحكومة لأن هذه المشاكل تساهم في تغذية المظالم التي تشكل حافزا قويا للميل إلى التشدد من قبل الشباب المسلم في شمال نيجيريا.

من ناحية أخرى تتضمن سياسة "العصا" استخدام قوات الأمن لشن عمليات تعقب وقمع صارمة ضد أعضاء الجماعة وفي هذا الصدد تم إنشاء فرقة عمل خاصة مشتركة (Joint Task Force) وتعرف بـ"قوة إعادة النظام" (Joint Task Operation Restore Order) وتهدف خصيصا للتصدي لتهديد جمعية بوكو حرام. وقد نجحت هذه الفرقة في إلقاء القبض على أحد كبار القادة في الجماعة: علي صالح، وخمسة شركاء آخرين من كبار قادتها في سبتمبر/ أيلول 2011 في مدينة مايدكوري. كما نجحت هذه القوة أيضا في استخدام الحواجز العسكرية وفرض الحظر المؤقت على الدراجات النارية التي يتم استخدامها من قبل المتشددين في شن هجمات عن قرب.

إلا أن هذه القوة قد تعرضت للانتقاد بسبب استخدام أساليب أمنية متشددة تسببت في إلحاق الضرر بالمدنيين والممتلكات. وقامت الحكومة أيضا بإجراءات أمنية أخرى تهدف لتشديد الخناق على المجموعة من بينها إغلاق الحدود مع الكاميرون والنيجر وترحيل المهاجرين غير الشرعيين وغالبيتهم من التشاد والنيجر، إضافة لإعلان حالة الطوارئ في بعض مناطق الولايات التي هاجمتها الجماعة ومؤخرا أنشأت الحكومة بعثات استخباراتية دفاعية جديدة في الدول المجاورة خصوصا: النيجر ومالي. وفي شهر يناير/ كانون الأول 2012 قامت أجهزة أمن الدولة باعتقال قادة كبار من التنظيم على رأسهم من عرف نفسه بأنه المتحدث باسم الجماعة: أبو قادة، إضافة لمن يعتقد أنه العقل المدبر لتفجير الكريسماس في مادالا: كبيرو أبو بكر ديكو الملقب كبيرو سوكوتو. ومن المتوقع أن يشكل إلقاء القبض على القادة والمخططين البارزين للجماعة ضربة كبيرة لها، إذ سيمكن من إضعاف قدراتها العملية بشكل كبير دون أن يسهم في القضاء نهائيا على التمرد الذي تقوده.

بوكو حرام.. ما الآفاق المتوقعة للجماعة؟

يبقى وجود حركة بوكو حرام في المستقبل تحديا أمنيا كبيرا رغم الإنجازات المتواضعة التي حققتها الحكومة. والمراقب لنشاطات الجماعة وتحركاتها يلاحظ أن بقاء الحركة ما زال يستند على ثلاث ركائز:

  1. أولا: العدد الكبير من الأتباع والمجندين من أطفال "الماجيريس" والأطفال الفقراء من الدول المجاورة كالكاميرون والتشاد والنيجر الذين يعبرون بسهولة الحدود النيجيرية.
  2. ثانيا: الدعم المالي الكبير الذي تلقاه الجماعة من السياسيين وبعض الأغنياء والذي يؤمن استمرار عمليات الجماعة وتوفير ما تحتاجه من سلاح، وتدريب، وتعويضات لمن يصابون أثناء تنفيذ عملياتها وكذلك أقارب الانتحاريين من الجماعة.
  3. أخيرا: التأثير الكبير لمنظري الحركة الذين يقومون بالتأطير الفكري لأعضاء للحركة ويستغلون علاقاتهم مع التنظيمات الخارجية الموصوفة من طرف بعض الجهات بالإرهابية كحركة الشباب وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من أجل كسب مجندين جدد.

وأخذا بعين الاعتبار للبعد العسكري الكبير الذي تستند عليه الحكومة في كفاحها ضد جماعة بوكو حرام فإنه يوجد اتجاه يسعى لتكوين جناح متشدد داخل الحركة نفسها من شأنه أن يهيئ لإنشاء شبكة ذات طابع عنفي على غرار تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي أو حركة الشباب الصومالية أو تنظيم القاعدة نفسه من أجل بقاء الحركة.

وربما تتحول الحركة إلى شبكة متشددة جديدة قد تعرف باسم تنظيم القاعدة في نيجيريا مثلا. وفي هذه الحالة فإن نشاطات وأهداف التنظيم ستتوسع لتشمل مناطق خارج الشمال النيجيري وربما تستهدف المصالح الغربية.

ولكي تربح نيجيريا هذه الحرب ضد بوكو حرام لا بد للحكومة من تنفيذ إستراتيجية واضحة وشاملة لمكافحة التشدد تعالج المظالم والشعور بالتهميش الذي يستغله المتشددون في التجنيد ونشر الأفكار العنيفة والمعارضة للعلمانية في نيجيريا.
_________________________
فريدوم أونوها-زميل باحث في قسم الحوكمة والسياسة العامة في المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية والدراسات بنيجريا.
ترجم النص من أصله الإنجليزي إلى العربية: الحاج ولد إبراهيم الصحفي والباحث الموريتاني في شؤون الإعلام والاتصال.

Bibliography

Akanji, O. 2009. The politics of combating domestic terrorism in Nigeria. In:  W Okumu, and A. Botha, (eds.), Domestic terrorism in Africa: defining, addressing and understanding its impact on human security, Pretoria: Institute for Security Studies.

Da’wah Coordination Council of Nigeria. 2009. Boko Haram Tragedy: Frequently Asked Questions. Minna: DCCN.

Isa, M. K. 2010. Militant Islamist Groups in Northern Nigeria. In W. Okumu, and A. Ikelegbe, (eds.) Militias, Rebels and Islamist Militants: Human Security and State Crises in Africa. Pretoria: Institute of Security Studies.

Jimos, A. 2011. Nigeria: Boko Haram on a revenge mission, Vanguard, 2 April.

Onuoha, F.C 2011. The Audacity of the Boko Haram: Background, Analysis and Emerging Trend, Security Journal, advance online publication, 13 June 2011; doi:10.105/sj.2011.15.
Uzendu, M. Nigeria: Sokoto Names Boko Haram Sponsors, Daily Champion, 15 February 2012, http://allafrica.com/stories/201202150235.html

Vanguard, 2009.  Nigeria: Boko Haram Resurrects, Declares total Jihad, 14 August.

ABOUT THE AUTHOR