بوكو حرام والإرهاب الانتحاري بنيجيريا.. رغبة في الموت ورهبة منها

لن تتخلى بوكو حرام عن استخدام الأسلوب الانتحاري كتكتيك وإنهاء مثل هذه الهجمات يعتمد على قدرة الحكومة النيجيرية على الكشف في الوقت المناسب عن الهجمات الانتحارية وإحباطها. ويبقى الحل الدائم هو استراتيجية واسعة النطاق تشمل القضايا الاجتماعية والاقتصادية.
2012220125145878734_2.jpg
 

حيثما وُجد ما بات يعرف بالإرهاب الانتحاري وفي أي مكان من العالم فثمة مفارقة معروفة، تتمثل في الجمع في الوقت ذاته بين من يبحثون عن الموت ومن يخشونه، وإذ يمثل الإرهابيون الانتحاريون الفرقة المستعدة للموت، يشكّل ضحاياهم الفرقة الخائفة منه، وقد أضحى هذا الواقع المرير آخر الكوابيس العديدة التي تواجه النيجيريين نظرًا لتكثيف جماعة بوكو حرام الإسلامية المتطرفة لهجماتها الانتحارية.

ورغم أن هذه الجماعة اتخذت من شمال نيجيريا حاضنة لها لأكثر من عقد من الزمن، فإنها لم تثر الانتباه إلا عندما قامت في يوليو/تموز2009 بانتفاضة مناهضة للحكومة في شمال نيجيريا –لم تعمر طويلاً-؛ عندها أصبحت بوكو حرام مثار قلق أمني خطير لا على مستوى مكاتب الأمن الوطني النيجيري فقط، بل على المستوى الدولي، وقد مثّل القبض في نهاية المطاف، على الزعيم الكاريزمي لهذه الجماعة محمد يوسف وقتله في وقت لاحق بوحشية من قبل الشرطة النيجيرية، نهاية لثورة 2009.

وبعد وفاة يوسف وما تبعها من قتل جماعي واعتقال عدد كبير من أعضاء هذه الجماعة، انكفأت الجماعة على نفسها وأعادت رسم إستراتيجيتها في اتجاهين: أولاً: باعتمادها زعيمًا روحيًا جديدًا لها هو محمد أبو بكر بن محمد الشكوي الذي يُتهم بالتشدد، (والمعروف اختصارًا بــ"أبو بكر شكوي"، وقد كان نائبًا لمحمد يوسف كما كان منضويًا في السابق تحت جماعة "دار التوحيد". وثانيًا: بإعادة رسم تكتيكاتها، التي كانت تعتمد على إتقان عمليات الكرّ والفرّ التقليدية، فأضافت لها تكتيكات أخرى جديدة وعنيفة ومرنة تشمل وضع العبوات الناسفة، والاغتيال عبر إطلاق النار من مركبات مسرعة، ناهيك عن التفجيرات الانتحارية.

ولا شك أن ما يثير القلق (أكثر من غيره) لدى عامة الناس هو اعتماد هذه الحركة أسلوب التفجيرات الانتحارية؛ إذ ولّد ذلك لدى الجمهور شعورًا عميقًا بغياب الأمن، وبالصدمة النفسية. ويناقش هذا المقال التهديد المتنامي للتفجيرات الانتحارية لهذه الجماعة، مبرزًا مختلف وسائل الهجمات الانتحارية، ومقدمًا بعض التوصيات التي يمكن أن تساعد في وقف هذا التهديد.

فهم بوكو حرام

معظم وسائل الإعلام المحلية والأجنبية ترجع بداية ظهور بوكو حرام إلى 2002، غير أن جذورها التاريخية الحقيقية تعود إلى 1995، عندما أنشأ أبو بكر لاوان جماعة أهل السنة والهجرة أو جماعة الشباب (منظمة الشباب المسلم) في مادوجيري بولاية بورنو، وقد ازدهرت كحركة غير عنيفة إلى أن تولى محمد يوسف قيادتها عام 2002، وشهدت هذه الجماعة مع مرور الزمن تحولات تحت أسماء مختلفة مثل: (حركة طالبان النيجيرية) و(المهاجرون)، واليوسفية قبل أن يُطلق عليها اسم بوكو حرام، ومع ذلك، فإنها تفضل أن تُعَرَّف بجماعة أهل السنة للدعوة والجهاد وهو ما يعني أنها "مجموعة من الناس أخذت على عاتقها نشر تعاليم النبي صلّى الله عليه وسلّم والجهاد".

وتعتبر هذه الجماعة كل ما هو غربي منافيًا للإسلام جملة وتفصيلاً، وترى في النفوذ الغربي في المجتمعات الإسلامية أصل الضعف الديني لدى هذه المجتمعات؛ مما جعلها تصدر إعلانًا تعتبر فيه النظام المصرفي التقليدي والضرائب والقوانين والمؤسسات الغربية والتعليم الغربي، كلها أمورًا كفرية يجب على المسلمين تجنبها(1).

أما مهمتها الأيديولوجية فهي السعي لقلب نظام الدولة العلمانية في نيجيريا، وفرض التطبيق الصارم لتعاليم الشريعة الإسلامية في البلاد. وهذا ما يشجع أعضاء هذه الجماعة على التشبث بالاعتقاد الراسخ لديهم بأن الدولة النيجيرية ليست سوى بالوعة من الرذائل الاجتماعية، وبالتالي يكون "أفضل ما يمكن للمسلم المتدين القيام به هو "الهجرة" من هذا المجتمع المفلس أخلاقيًا إلى مكان منعزل وإقامة مجتمع مثالي خالٍ من الفساد السياسي والفراغ الروحي"(2)، وهو ما يعني أن من لم ينضموا لهذه الجماعة يُعتبرون كفارًا (ينكرون الحقيقة) أو فساقًا (ظالمي أنفسهم).

وظل الأستاذ محمد يوسف حتى وفاته بعيد انتفاضة يوليو/تموز 2009 زعيم بوكو حرام، وكان القائد العام (الأمير العام)، وكان له نائبان (نائب الأمير العام الأول ونائب الأمير العام الثاني). وثمة أمير لكل ولاية توجد بها الجماعة، بل إن لكل منطقة حكومية "أميرًا" خاصًا بها. ونظمت الجماعة أيضًا نفسها حسب الأدوار المختلفة التي يقوم بها أفرادها كالجنود والشرطة وغيرها(3).

وفي أعقاب وفاة يوسف، أصبح أبوبكر شيخو، وهو أحد نوابه، الزعيم الجديد الروحي للطائفة، وتجلّت زعامته في تغيير هيكلها التنظيمي؛ إذ اعتمد أسلوب القيادة والسيطرة الفضفاضة، التي تسمح للتابعين لجماعته بالعمل بشكل مستقل، فهي الآن تعمل في ما يشبه الخلايا والوحدات المترابطة التي تأخذ توجيهاتها، عمومًا، من قائد واحد(4). وكما هو مبين في الرسم البياني (1)، فإن شيخو يرأس الآن مجلس الشورى المكون من 18 عضوًا والذي سمح بالهجمات المتطورة المتزايدة من قبل الخلايا المختلفة للطائفة منذ انتفاضة يوليو/تموز 2009.

الشكل رقم 1 تصور عن الهيكل التنظيمي المفترض لبوكو حرام تحت إمرة أبي بكر شيخو

 

الزعيم الروحي النائب الأول النائب الثاني
- مجلس الشورى المكون من 18 عضوًا (بعض الأعضاء المعينين يرأسون لجانًا)
- القادة الميدانيون والإستراتيجيون على مستوى الولايات
- القادة الميدانيون والإستراتيجيون المحليون
- الخلايا العملياتية
المفاتيح: تدفق التوجيهات والتعليمات
- تدفق المعلومات والمقترحات
- المصدر: من إعداد المؤلف

في المرحلة الأولى من دخولها الساحة، عززت هذه الجماعة وجودها في ولايات بورنو ويوبي وكاتسينا وبوتشي، ومع مرور الوقت جندت المزيد من الأتباع فأنشأت خلايا تعمل في كل ولايات نيجيريا الشمالية تقريبًا، وربما هي الآن في الطور التمهيدي للتوسع شيئًا فشيئًا نحو الجنوب، وتستقطب هذه الجماعة أعضاءها أساسًا من الشبان الساخطين ومن الخريجين العاطلين عن العمل ومن "المهاجرين" Almajiris السابقين.

أما تمويل أنشطة هذه الجماعة فيتم من خلال عدة وسائل أبرزها أربعة، هي: دفع رسوم العضوية من قبل الأعضاء، والتبرعات من السياسيين والمسؤولين الحكوميين، والدعم المالي من المجموعات الموسومة بالإرهابية الأخرى مثل تنظيم القاعدة، هذا فضلاً عن الجريمة المنظمة، وخاصة السطو على البنوك. ويُخشى مع تشديد وكالات الأمن الخناق على مصادر تمويلها، أن تتحول هذه الجماعة إلى الأنشطة الإجرامية الأخرى مثل الاختطاف والاتجار بالمخدرات والأسلحة الخفيفة، وتقديم الحماية للشبكات الإجرامية لجمع الأموال(5).

بوكو حرام: تاريخ من العنف

يعود لجوء هذه الجماعة للعنف لتحقيق هدفها إلى 24 ديسمبر/كانون الأول2003 عندما هاجمت مراكز للشرطة ومباني عامة في مدن وجيام وكناما في ولاية يوبي، وفي العام 2004 أسست قاعدة في قرية كناما في شمال ولاية يوبي أطلقت عليها اسم "أفغانستان". وفي 21 سبتمبر/أيلول 2004 هاجم أعضاؤها محطات الشرطة في باما وغورزا بولاية بورنو، مما أسفر عن مقتل عدد من رجال الشرطة وسرقة كميات من الأسلحة والذخائر. واستمرت، خلال فترات متقطعة، في تنفيذ عمليات كرّ وفرّ استهدفت فيها مواقع أمنية في أجزاء من ولايتي بورنو ويوبي إلى حلول يوليو/تموز 2009 عندما أثارت أعمال شغب واسعة ضد الحكومة النيجيرية.

استمر القتال من 26 إلى 30 يوليو/تموز 2009، عبر الولايات الشمالية الخمس: بوتشي وبورنو وكانو وكاتسينا، ويوبي. ولقي أكثر من 1000 شخص مصرعهم معظمهم من أعضاء الجماعة، كما أُلقي القبض على مئات من أعضائها واحتجزوا للمثول أمام المحاكم النيجيرية.

انتهت هذه الثورة عندما تم القبض على زعيم الحركة محمد يوسف، من قِبل الجيش وسُلّم إلى الشرطة. وقد تمت تصفية يوسف جسديًا خارج نطاق القضاء وهو قيد الاحتجاز لدى الشرطة، لكن مسؤولي الشرطة يدّعون أنه قُتِل عندما كان يحاول الفرار.

ومنذ ثورة يوليو/تموز2009، تطورت بوكو حرام من مجموعة تشن هجمات سيئة التخطيط تدخل فيها في مواجهة مفتوحة مع قوات أمن الدولة إلى مجموعة تستخدم -على نحو متزايد- العبوات الناسفة، وحرب العصابات والاغتيالات المستهدفة، والتفجيرات الانتحارية في حملتها العنيفة.

وركزت هجماتها بشكل كبير على قوات أمن الدولة (الشرطة والجنود، والدفاع المدني، وحراس السجون، وغيرها)، والكنائس، وبدرجة أقل على المساجد، ومقرات وسائل الإعلام والزعماء الدينيين والسياسيين، وغيرهم من المدنيين الذين يعتبرونهم "أعداء". وحسب تقدير متحفظ فإن أكثر من 3,000 شخص قُتلوا على أيدي هذه الجماعة منذ عام 2009. ويولّد توزيعها من حين لآخر لعدد من الانتحاريين في البلاد أكبر باعث على القلق في نيجيريا.

خيار التفجيرات الانتحارية: السلاح الجديد لبوكو حرام

على الرغم من أن ما يطلق عليه الإرهاب الانتحاري أصبح بُعدًا أساسيا في الأعمال الإرهابية الحديثة، فإن اللجوء إليه يعود إلى ممارسة قديمة "فاستخدام الطائفة اليهودية المتعصبة (Sicari) له في يهودا (الضفة الغربية) ضد المحتل الروماني، وكذا استخدام جماعة "الحشاشين" له أثناء الحروب الصليبية المسيحية الأولى، مثالان صارخان على جذور هذا النوع من الإرهاب التاريخية القديمة" (6).

وما يعرف بالإرهاب الانتحاري شكل من العنف الشديد ينفذ بطرق غير متشابهة من قبل شخص عازم على الموت، يقوم بتلك المهمة بوعي أو مخدوعًا بغية إزهاق روح شخص أو أكثر(7)، ويكون موته شرطًا في نجاح المهمة. وهكذا يكون ما يسمى بالإرهابي مدركًا تمامًا أنه إذا لم يمت فإن الهجوم المخطط له لن ينفذ(8).

ويتزايد استخدام التفجيرات الانتحارية التي تتبناها الجماعات الموسومة بصفة الإرهابية والمتطرفة؛ فعلى سبيل المثال، نُفذ ما بين أكتوبر/تشرين الأول عام 2000 وأكتوبر/تشرين الأول عام 2006، سبعة وستون ومائة هجوم انتحاري لا لبس فيه وواحد وخمسون نوعًا آخر من الهجمات الانتحارية(9). ويعتقد المحللون أن التحول إلى الإرهاب الانتحاري ليس مجرد ردة فعل على زيادة الإجراءات الأمنية وإجراءات مكافحة ما بات يعرف بالإرهاب، وإنما كذلك نتيجة تطور في تفكير هذه المجموعات وأيديولوجيتهم، وقد مثّل نجاح وتمجيد الانتحاريين خاصة الذين نفذوا هجمات 11سبتمبر/أيلول عاملاً حاسمًا في هذا التحول الفكري وفي عولمة مفهوم الشهادة (10).

وقد غيّرت بوكو حرام بشكل دراماتيكي مشهد الأمن الداخلي في نيجيريا عندما شنت أول هجوم انتحاري لها على الإطلاق في المقر الرئيسي للشرطة في العاصمة الاتحادية أبوجا في السادس عشر من يونيو/حزيران2011 (الذي أصبح يُعرف منذ ذلك الحين بهجمات 16/6) (11).

لقد مثلت هجمات 16/6 خروجًا جذريًا لبوكو حرام عن نسق تكتيكاتها العملياتية السابقة. وفي 26 أغسطس/آب2011، أرسلت مهاجمًا انتحاريًا آخر اقتحم بسيارته مبنى الأمم المتحدة في أبوجا مما أسفر عن مقتل 23 شخصًا وجرح العديد من الأشخاص الآخرين. وقد مثل تفجير الأمم المتحدة دليلاً قاطعًا على أن الجماعة تهدف إلى تدويل أعمالها التي يصفها البعض بالإرهابية. ويبدو أن الجماعة جعلت منذ العام 2011 من الهجمات الانتحارية أحد تكتيكاتها الرئيسية المستخدمة في تنفيذ حملتها العنيفة، معتمدة أنماطًا متنوعة مع التركيز على أهداف عسكرية ومدنية مختلفة.

وقد شملت أنماط الهجمات الانتحارية، بشكل واسع، استخدام العبوات الناسفة عبر لصقها في وسائل النقل العام في نيجيريا -السيارات والدراجات النارية والدراجات ذات الثلاث العجلات- أو عبر ربطها بجسم منفذ عملية الانتحار. ويتراوح حجم العبوات الناسفة بين حاويات مشروبات فارغة صغيرة الحجم وبين حاويات أكبر حجمًا مثل الأسطوانات أو البراميل التي توضع في صناديق السيارات. وهكذا، فإن الجماعة حتى الآن اعتمدت بشكل رئيسي على تفخيخ السيارات كما فخخت في إحدى عملياتها دراجة نارية، وفي عملية أخرى دراجة ذات ثلاث عجلات (تُعرف محليًا بكيكي نابيب). وعلى الرغم من أن البيانات في الجدول (1) ليست شاملة، فإنها تقدم قائمة ببعض التفجيرات الانتحارية التي نفذتها جماعة بوكو حرام.

التاريخ المهاجم الوسيلة الهدف ما نجم عن العملية
16 يونيو/حزيران2011 محمد مانجا (35 عامًا) تفخيخ السيارات (هوندا رمادية اللون 86) المقر الرئيسي لشرطة العاصمة الفيدرالية أبوجا قتل ما لا يقل عن 7 أشخاص، وتم إحراق حوالي 33 سيارة لدرجة أنه لم يعد بالإمكان التعرف عليها، كما أصيب أكثر من 40 سيارة أخرى بأضرار لا يمكن معها إصلاحها
26 أغسطس/آب2011 محمد أبو البرا (27 عامًا) تفخيخ السيارات (هوندا آكورد) مبنى الأمم المتحدة في العاصمة الفيدرالية أبوجا قتل الانفجار 24 شخصًا وجرح أكثر من 100 شخص آخر. ويُؤوي المبنى أكثر من 400 موظف من 26 من وكالات الأمم المتحدة الإنسانية والإنمائية. ومثّل هذا أول هجوم للجماعة على منظمة دولية
4 نوفمبر/تشرين الثاني2011 أبو يوسف البالغ من العمر 26 عاما تفخيخ السيارات
(سيارة جيب سوداء)
مقر فرقة القوات المشتركة في مايدوجوري، ولاية بورنو تُوفي المفجر الانتحاري وأحد الجنود في الهجوم على مقر القوات المشتركة
26 إبريل/نيسان2012 عمارو مصطفى وانتحاري آخر لم يُعلن عن اسمه تفخيخ السيارات
(هوندا آكورد)
(آكاديمي)
SOJ غلوبل بلازا، التي تضم مقار صحف ذا سن وذيس داي ومومنتس على طريق أحمدو بيلو، كادونا، ولاية كادونا فجّر المفجر الانتحاري الأول سيارته في ساحة SOJ العالمية؛ مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح 25 آخرين. تم تسليم الانتحاري الثاني (عمارو مصطفى) الذي لم تنفجر سيارته إلى الشرطة
30 إبريل/نيسان2012 الأسماء لم يُكشف عنها ولم تتحدث عنها التقارير دراجات نارية محملة بالمتفجرات موكب مفوض شرطة تارابا بجلينغو ولاية تارابا صدم ثلاثة انتحاريين يركبون دراجات نارية موكب مفوض الشرطة؛ مما أسفر عن مقتل 11 شخصًا على الأقل

المصدر: المؤلف(12)

عادة ما تصنع العبوات الناسفة اليدوية الصنع باستخدام المواد المتفجرة القوية مثل ثالث نتريت التولوين (TNT)، ثريتول تترانيترات (PETN) والأمونيا (الأسمدة)، وغيرها، غير أن التقدم الذي أظهرته بوكو حرام في صنع هذه العبوات واستخدامها ميدانيًا مثّل أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت الخبراء الأمنيين يعتقدون أنها تتلقى دعمًا خارجيًا متزايدًا ربما من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وقد كشفت المنظمة الأميركية المشتركة لهزيمة العبوات الناسفة أن نيجيريا شهدت قفزة نوعية اقتربت من الأربعة أضعاف تقريبًا في عدد الهجمات بالعبوات الناسفة في العام 2011 (وصلت تفجيرات العبوات الناسفة 196 حادثة)، مقارنة بالعام 2010 الذي لم يشهد سوى 52 حادثًا من هذا النوع(13).

وما بين يونيو/حزيران2011 ونوفمبر/تشرين الثاني2012، شنّت هذه الجماعة 29 هجومًا انتحاريًا على الأقل في شمال نيجيريا، وكان لولاية بورنو نصيب الأسد من تلك الهجمات(14). وبينما فشل عدد غير قليل من هذه الهجمات الانتحارية فشلاً ذريعًا، كان بعضها ناجحًا جزئيًا، والأغلبية كانت ناجحة إلى حد كبير إذا تم تقييمها على أساس عدد الأرواح المزهوقة والممتلكات المتلفة، ناهيك عن اهتمام وسائل الإعلام بالجماعة ولفت الأنظار إليها.

ومن الصعب تحديد العدد الدقيق للأشخاص الذين قُتلوا في هذه التفجيرات الانتحارية بالنظر إلى أن بعضها تم تنفيذه جنبًا إلى جنب مع هجمات أخرى بالبنادق والعبوات الناسفة. فعلى سبيل المثال، أسفرت موجة من التفجيرات التي جمعت فيها بوكو حرام بين استخدام البنادق والعبوات الناسفة والعمليات الانتحارية في 20يناير/كانون الثاني2012 في كانو، -أسفرت- عن مقتل أكثر من 180 شخصًا. وكان هدفها الرئيسي هو الكنائس والمؤسسات الأمنية (مراكز الجيش والشرطة والثكنات).

لكنها ضربت كذلك المساجد والبيوت وبعض وسائل الإعلام، وغيرها.

ومثل معظم المؤسسات الأمنية في نيجيريا، اعتمدت الكنائس المزيد من التدابير الاحترازية، مثل: بناء الأسوار، وتحصين الطرق الموصلة إلى حصن الكنائس خلال ساعات العبادة، ونشر "جماعات أمنية خاصة بالمتعبدين" لتفتيش المشاركين في الصلوات بالكنائس، وتخصيص مواقف للسيارات بعيدة عن مباني الكنيسة، من بين أمور أخرى. وفي الوقت الذي خفضت فيه هذه الإجراءات عدد ضحايا ما صار يدعى الإرهاب الانتحاري، لم تنجح في وقف اليأس الموسوم عند البعض بالإرهابي.

وقد حدد المحللون بعض العوامل التي يمكن أن تشكل مبررات لجوء بوكو حرام لما يوصف بلإرهاب الانتحاري، وتشمل ظهور قيادة لهذه الجماعة أكثر راديكالية وتشددًا في أعقاب "ثورة" يوليو/تموز2009، وتدابير مكافحة بما يسمى ظاهرة الإرهاب المتزايدة التي وضعتها الحكومة للحد من تكتيكات الجماعة التقليدية؛ والتمويل المتزايد من مصادر مختلفة داخل وخارج نيجيريا، والأهم من ذلك كله، ارتباط بوكو حرام مع الجماعات الموصوفة في بعض الأوساط بالإرهابية الأجنبية، مما يؤدي إلى زيادة في تلقين أفرادها من طرف أعضاء مؤدلجين ذوي خبرة تمكّنهم من الإقناع برؤيتهم الاستشهادية لجعل المجندين أكثر تشددًا(15). يقال: إن أحد المحفزات المستخدمة لجعل الانتحاريين المحتمَلين أكثر تطرفًا هي تطلعهم للحور العين الموعود بهنّ في الجنة(16).

ومن التفجيرات الانتحارية التي شُنّت حتى الآن، يمكن استنتاج ما يلي:

  • أن التنظيم اعتمد بشكل كبير على إستراتيجية تفكيك السيارات والدراجات النارية والدراجات ذات الثلاث عجلات وكذلك على العبوات الناسفة التي يُلَف بها جسم الانتحاري.
  • أن هجمات التنظيم استهدفت الولايات في شمال نيجيريا، باستثناء أداماوا، كاتسينا، كيبي، غومبي وجيغاوا والولايات زامفارا (انظر: الشكل 2).
  • أن هجماته تركزت بشكل أساسي على الكنائس والمنشآت الأمنية.
  • عناصر التنظيم الانتحاريون هم أساسًا من الشباب (الذين تتراوح أعمارهم بين 15-35).
الشكل2: بعض الولايات التي استهدفتها بوكو حرام بعملياتها (المصدر: إعداد المؤلف)

في ضوء ذلك، يمكن إجراء بعض الإسقاطات أو الاستقراء، أولاً: يمكن للجماعة استكشاف طرق جديدة من ظاهرة ما يوصف بالإرهاب الانتحاري. ثانيًا: يمكنها أن تحاول تجنيد أو استخدام انتحاريات. ثالثًا: قد تقوم بتوسيع هدفها من الهجمات الانتحارية للتركيز على أهداف أخرى "ناعمة" -البنوك ومراكز الترفيه وشبكات النقل العام وغيرها-. رابعًا: قد تمتد الهجمات الانتحارية لتطول جنوب نيجيريا.

نشر قوات أمن الدولة لمكافحة الظاهرة

للحد من القدرة العملياتية لهذه الجماعة، اعتمدت الحكومة النيجيرية عدة تدابير، من بينها ملاحقة الأعضاء، ونشر قوات أمنية خاصة، وإغلاق مؤقت لأجزاء من الحدود في شمال نيجيريا، وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وتعزيز قدرات قوات الأمن في مكافحة الإرهاب (COT) وعمليات مكافحة التمرد (COIN)، وتركيب معدات مراقبة، والتعاون مع الشركاء الأجانب.

وتجدر الإشارة إلى القوة العسكرية المشتركة الخاصة التي أنشئت في يونيو/حزيران2011 والتي تتألف من قوات من الجيش والبحرية والقوات الجوية والشرطة وأجهزة أمن الدولة، والتي أُطلق عليها اسم "عملية إعادة النظام" (JTORO)، ومقرها في مايدوجوري، ولاية بورنو. ومع ذلك، فإن تمديد المجموعة للهجمات التي تشنها لتطول ولايات أخرى في شمال نيجيريا، مثل: كانو وكادونا وأداماوا، من بين ولايات أخرى، أدى إلى نشر قوات أمنية خاصة في مثل هذه المناطق.

ولا شك أن هجوم القوة المشتركة على هذه الجماعة حقق نجاحًا جزئيًا، ولاسيما باستخدام مركبات في الدوريات العسكرية مجهزة بأجهزة للكشف عن القنابل وأسلحة أخرى مخفية في دائرة نصف قطرها 50 مترًا. ويتم وضع هذه المركبات على الطرق لتمر بالقرب من مخابئ يُشتبه في وجود بوكو حرام بها داخل المناطق ذات الكثافة السكانية العالية؛ وفور الكشف عن الأسلحة أو العبوات، ينتقل رجال الأمن إلى المنطقة لاعتقال المشتبه فيهم ومصادرة الأسلحة. وبهذه الطريقة، تم اعتقال العديد من قادة الجماعة(17). وفي الآونة الأخيرة، كشف الجيش النيجيري النقاب عن جهاز مكافح للتفجير، مصنوع محليًا سماه "شالّ حركة المركبات" لاستخدامه وخاصة في أماكن العبادة لمنع التفجيرات الانتحارية. وتم تصميم المركبة لمنع وشلّ المركبات ضمن نطاق معين، بما في ذلك تلك المحملة بالعبوات الناسفة(18).

وقد سجلت قوات الأمن الخاصة أيضًا نجاحًا إذ اعتقلت وقطعت رؤوس بعض من قادة بوكو حرام العملياتيين والإستراتيجيين. البيانات الواردة في الجدول (2) تعرض أسماء بعض كبار القادة أو عناصر من الجماعة الذين تعرضوا للقتل أو للقبض عليهم من قوات الأمن.

الجدول 2: الاعتقالات والاغتيالات الأهم لكبار أعضاء بوكو حرام من قبل قوات الأمن

التاريخ الاسم الإجراء الذي اتُّخذ الملاحظات
16 نوفمبر/تشرين الثاني2012 السيد بن إبراهيم قُتل على يد القوة المشتركة في عملية استهدفته في مايدوجوري هو قائد الفرع المسؤول عن القطاعين الشمال الغربي والشمال الشرقي، ويُتهم بالمسؤولية عن اغتيال بطل الحرب الأهلية النيجيري اللواء محمدو الشوا
19 أكتوبر/تشرين الأول2012 شعيبو محمد باما اعتُقل في منزل عضو في مجلس الشيوخ في مايدوجوري، ولاية بورنو القائد الأكبر، ويُتهم بأنه العقل المدبر لتفجير ثكنة مقديشو بسوق مامي (31ديسمبر/كانون الأول2010)، والقيادة العامة لقوات الشرطة (16يونيو/حزيران2011)، ومقر الأمم المتحدة (26أغسطس/آب2012)، وكلها في أبوجا، وبعض الكنائس في ماديلا بولاية النيجر
25 سبتمبر/أيلول2012 أبوبكر يولا المعروف بـ"أبو جهاد" قُتل على يد عناصر من الفرقة الأمنية الخاصة (عملية استعادة سلامة العقل) في موبي، ولاية أداماوا ويعتقد أن أبا بكر يولا هو أحد قادة الجماعة في أداماوا. كما أُلقي القبض على حوالي 156 من أعضاء الطائفة جنبًا إلى جنب مع أبي بكر
19 سبتمبر/أيلول2012 لم يُكشف عنه أُلقي القبض على رجل يُعتقد أنه "محاسب" الجماعة أُلقي القبض على "المحاسب" وهو يمر عبر معبر بين كانو وزاريا ومعه أربعة ونصف مليون نيرا (العملة النيجيرية) من أموال الجماعة
17 سبتمبر/أيلول2012 أبو القعقاع ألقي القبض على (أو قُتل) من قبل القوة المشتركة في منطقة هوتورو بكانو أبو القعقاع هو الاسم الحركي المستخدم من قبل المتحدث باسم الجماعة، الذي عادة ما يؤكد هجماتها عبر رسائل الهاتف، أو البريد الإلكتروني إلى الصحفيين.
10 فبراير/شباط2012 كابيرو عمر المشهور أيضًا بــ"كابيرو سوكوتو" أُعيد اعتقاله من قبل رجال الأمن في موتوم بيو، بولاية تارابا فرّ كابيرو سوكوتو من حجز الشرطة بعد اعتقاله الأول في 14يناير/كانون الثاني في محل إقامة محافظ ولاية بورنو في أبوجا. قام بتدبير تفجير انتحاري كنيسة القديسة تيريزا الكاثوليكية في مادالا في ولاية النيجر يوم 25ديسمبر/كانون الأول2011
14 يناير/كانون الثاني2012 ساني محمد اعتُقل مع كبير سوكوتو في يناير 2012 هذا القائد الكبير في بوكو حرام هرب من حجز الشرطة في أبوجا في 8نوفمبر/تشرين الثاني2012
سبتمبر/أيلول2011 علي صالح اعتُقل في مايدوغي علي صالح هو أحد القادة الميدانيين الكبار لهذه الجماعة في ولاية بورنو. أُلقي القبض عليه إلى جانب خمسة ضباط آخرين

المصدر: تجميع المؤلف من تقارير صحفية مختلفة

نشرت قيادة القوة المشتركة في نوفمبر/تشرين الثاني2012 أسماء كبار قادة جماعة بوكو حرام المطلوبين مع مكافأة بلغت خمسين مليون نايرا لمن يدل على زعيمها الروحي، أبي بكر شيخو، كما وعدت بتقديم مكافآت نقدية أخرى لمن يقدم معلومات بشأن القادة الآخرين كما هو موضح في الجدول (3). وخصصت هذه القوة أيضًا ثلاثة أرقام هواتف مختلفة لتلقي أية معلومات مفيدة من شأنها أن تؤدي إلى إلقاء القبض على أعضاء هذه الجماعة، والقصد من المكافأة النقدية هو تحفيز الناس على المشاركة في مطاردة قادة وزعماء بوكو حرام.

الجدول (3): المكافآت النقدية التي أعلنت عنها القوة المشتركة مقابل المعلومات عن قادة بوكو حرام

لجنة الشورى

الرقم
التسلسلي

الاسم المكافأة
1 أبوبكر شيخو 50 مليون نايرا
2 حبيب يوسف المعروف بــ"السلفي" 25 مليون نايرا
3 خالد البرناوي 25 مليون نايرا
4 مامودو باما 25 مليون نايرا
5 محمد زانجينا 25 مليون نايرا
قادة بوكو حرام
6 أبو سعد 10 مليون نايرا
7 أبو القعقاع 10 مليون نايرا
8 أبو مالك باما 10 مليون نايرا
9 عمر فولاتا 10 مليون نايرا
10 ألاج مصطفى ماصا إبراهيم 10 مليون نايرا
11 أبوبكر سليمان هابو المشهور بـ "خالد" 10 مليون نايرا
12 حسن جزائر 10 مليون نايرا
13 علي جالينغو 10 مليون نايرا
14 الحاجي موسى مودو 10 مليون نايرا
15 بشير آكيتا 10 مليون نايرا
16 آبا غوروما 10 مليون نايرا
17 إبراهيم بشير 10 مليون نايرا
18 أبوبكر زكريا 10 مليون نايرا
19 توكور أحمد محمد 10 مليون نايرا

المصدر (19)

على الرغم من النجاحات التي حققتها قوات الأمن الخاصة في شمال نيجيريا، فإن نشرها هناك قوبل بانتقادات بسبب أساليبها القاسية التي أضرت بالمدنيين وبالممتلكات. وقد استخدمت قوات الأمن في مقاربتها إجراءات غير مسبوقة شملت استخدام حواجز الطرق، وتطويق بعض المناطق وتفتيشها، وفرض الحصار على بعض الطرق (وخاصة القريبة من المؤسسات الأمنية)؛ مما ولد في غالب الأحيان ازدحامات مرورية خانقة. وما أثار القلق بشكل خاص لدى العامة هو اتهام هذه القوات بالقيام بعمليات قتل غير قانونية وحملات اعتقالات واسعة واحتجاز وترهيب وابتزاز. وهذه الخروق سواء كانت حقيقية أو مزعومة أدت إلى تقويض الدعم الشعبي لقوات الأمن. وعليه، فإن قوات الأمن إن كانت تريد أن تكون ناجحة في المستقبل، يجب عليها أن توازن بشكل سليم بين كسب قلوب وعقول المدنيين من خلال تقديم الأمن واستخدام "العصا" لإضعاف القدرة العملياتية لبوكو حرام من خلال القوة والاعتقالات.

بعض التوصيات المتعلقة بالسياسات

لا شك أن تحقيق الرغبة في منع العمليات الموسومة في تقارير عديدة بالإرهابية لن يتحقق بسهولة، ولكن ثمة بعض التدابير التي إن اتُّخذت بشكل فعّال يمكن أن تساهم بشكل كبير في الحد من وتيرة ومعدل نجاح الهجمات الانتحارية، ومن بين تلك التدابير التي قد تساهم في قمع ما يشكل حسب البعض ظاهرة الإرهاب الانتحاري في نيجيريا ما يلي:

  • الحد من دوافع التطرف: ينبغي للحكومة أن تعالج على وجه السرعة الدوافع الكامنة وراء التطرف والسلوك العنيف، مثل انتشار الفقر وتفشي الفساد والبطالة والإقصاء الاجتماعي والاقتصادي والسياسي التي تولّد مشاعر التهميش وخاصة في أوساط الشباب.
  • جمع المعلومات الاستخباراتية: ينبغي أن يخصّص المزيد من الموارد والجهود لجمع واستخدام المعلومات الاستخبارية لتفكيك البنية التحتية الداعمة لهذه الجماعة (المال والتدريب والأسلحة والمتفجرات، والمعلومات، وغيرها). يجب أن يكون التركيز على بناء القدرات الوقائية لاعتقال الأتباع واعتراض الانتحاريين المحتملين من خلال خطة مراقبة قوية.
  • تعزيز المراقبة: هناك حاجة لزيادة المراقبة الروتينية حول الأهداف المعرضة للخطر على نحو فعّال للكشف عمّا يعدّه مخططو بوكو حرام الذين يتبنون نفس أساليب المراقبة النشطة والمتنقلة والمتطورة لتخطيط عملياتهم الانتحارية وذلك للتصدي لهم بشكل ناجع.
  • الرقابة على المواد المتفجرة: تشديد الإطار التنظيمي لإنتاج واستيراد ونقل، وتخزين، واستخدام المواد القابلة للانفجار في البلاد.
  • التجنيد المضاد: ينبغي للأجهزة الحكومية الاتحادية والأجهزة المحلية أن تكون شريكًا لمجموعات المجتمع المدني والوكالات المانحة لتقديم مساعدات لمواجهة التجنيد تركز على الأطفال والشباب المعرضين للخطر، لإبعادهم عن من باتوا يوصفون في منابر عديدة بالإرهابيين. ويمكن أن تكتشف الجهات الأمنية أساليب التجنيد المستخدمة من طرف بوكو حرام من خلال الاستجواب الدقيق لأعضاء أو أفراد الجماعة الذين يتم القبض عليهم أو الذين بدؤوا في إصلاح أنفسهم والنأي بها عن الجماعة، وبعد التعرف على تلك الوسائل يمكن إعداد وسائل تجنيد مضادة لها.
  • التخلي عن التطرف: ينبغي لوكالات الأمن، ولاسيما موظفي السجون أن يبرموا شراكة مع خبراء في مكافحة التطرف العنيف (CVE) وعلماء المسلمين المعتدلين لتقديم برامج تقنع الجهاديين المعتقلين بالتخلي عن التطرف.
  • النيابة النشطة والفعالة: على الحكومة النيجيرية أن تتخذ خطوات ملموسة من أجل مقاضاة الأشخاص أو الجماعات أو المنظمات التي تقدم البنية التحتية الداعمة لبوكو حرام.
  • الاحتراف: قوات الأمن، وخاصة ذوي الرتب الدنيا والمتوسطة منهم، يحتاجون لتعزيز قدراتهم عبر التدريب المنتظم والدورات التنشيطية كي يتمكنوا على نحو فعال من تحقيق التوازن الملحّ بين ضرورة احترام حقوق الإنسان وبين واجب المشاركة في عمليات مكافحة التمرد ومكافحة ما يشكل عند البعض ظاهرة الإرهاب.
  • التوعية واليقظة: يجب تشجيع الناس على الحرص على استحضار الحس الأمني وأخذ الحيطة والحذر للتمكن بشكل أفضل من كشف الأشخاص المشبوهين في الوقت المناسب والاتصال بالسلطات المختصة.

الخاتمة

إن بوكو حرام لن تتخلى عن استخدام ما اصطلح عليه عند العديد بالإرهاب الانتحاري كتكتيك في أي وقت قريب. ومع ذلك، فإن خفض أو إنهاء مثل هذه الهجمات يعتمد على قدرة الحكومة النيجيرية على الكشف في الوقت المناسب عن مؤامرات الهجمات الانتحارية وإحباطها. وكما قال قائد القيادة الأميركية في إفريقيا، الجنرال كارتر هام، وهو محق في ذلك، فإنه "على الرغم من أن قوات الأمن لها دور بارز في التصدي لبوكو حرام، فإن الحل الدائم والفعال (لقضية هذه الجماعة)، يتطلب إستراتيجية واسعة النطاق تشمل

القضايا الاجتماعية والاقتصادية وتستخدم الأدوات القضائية لمعاقبة مرتكبي أعمال العنف". ولأن مثل هذا الاستنتاج يُعد وصفًا ملائمًا ودقيقًا للوضع، فإن ما جاء به يمثل كذلك السبيل الذي لا مفر للحكومة النيجيرية من سلوكه لمكافحة ما بات يسمى ظاهرة الإرهاب بنجاح في البلاد.
_______________________________
فريدوم أونوهوا - زميل أبحاث بمركز البحوث والدراسات الإستراتيجية - كلية الدفاع الوطني-أبوجا/نيجيريا
ترجمة: سيدي محمد بن محمد - الجزيرة نت

الإحالات
[1] S. Sani, Boko Haram: History, ideas and revolt, The Constitution, Vol.11, No. 4, (2011), p.27.

[2] O Akanji, The politics of combating domestic terrorism in Nigeria. In: W Okumu, and A. Botha, (eds.), Domestic terrorism in Africa: defining, addressing and understanding its impact on human security, Pretoria: Institute for Security Studies, 2009, p.60

[3] Da’wah Coordination Council of Nigeria, (DCCN) “Boko Haram” Tragedy: Frequently Asked Questions (Minna: DCCN, 2009), p.14

[4] Y. Alli, “Boko Haram Kingpin, five others arrested, The Nation, 29 September 2011,

[5] C.N Okereke, and V. E Omughelli, V.E “Financing the Boko Haram: Some Informed Projections”, African Journal for the Preventing and Combating of Terrorism, Vol. 2, No.1, (2012) esp. pp. 169-179.

[6] S. Atran, “Genesis of Suicide Terrorism”, Science, Vol. 299, (2003) p.1534.

[7] T. O'Connor, "Varieties of Suicidal Terrorism," MegaLinks in Criminal Justice, 3 August 2011, http://www.drtomoconnor.com/3400/3400lect05.htm

[8] B. Ganor, “Suicide Attacks in Israel,” in International Policy Institute for Counter-Terrorism (ICT), Countering Suicide Terrorism: An International Conference, (Herzliyya, Israel: ICT, 2001) p.140

[9] Wikipedia, Suicide attack, 14 August 2011, http://en.wikipedia.org/wiki/Suicide_attack

[10] See A. Moghadam “Suicide Terrorism, Occupation, and the Globalization of Martyrdom: A Critique of Dying to Win”, Studies in Conflict & Terrorism, (29): (2006)707–729.

[11] See A. Salkida, “Revealed! The Suicide Bomber”, Blueprint, 26 June 2011, p.1

[12] Author keeps track of suicide attacks reported in the media.

[13] J. Straziuso, African AQ-Linked groups using advanced IEDs, The Associated Press, 15 March 2012, http://www.marinecorpstimes.com/news/2012/03/ap-military-jieddo-african-al-qaida-linked-groups-using-advanced-ieds-031512w/

[14] Author’s diary.

[15] FC Onuoha, “Boko Haram’s Tactical Evolution”, African Defence Forum, Vol. 4, No. 4, (2011), p.33

[16] PMNews, “boko Haram: Bombers promised 72 Virgins in Heaven”, 6 December 2012, http://pmnewsnigeria.com/2012/12/06/boko-haram-bombers-promised-72-virgins-in-heaven/

[17] T. Sulemain, “Living in the Shadows of Boko Haram”, Tell, 21 November 2011, p.47.

[18] S. Iroegbu, “With new inventions, Army aims to check terror attacks, Thisday, 27 July 2012.

[19] News Diary Online, “JTF Lists 19 Wanted Boko Haram Leaders ,Places Bounty on Shekau ,Others”, 23 November 2012, http://newsdiaryonline.com/jtf-lists-19-wanted-boko-haram-leaders-places-bounty-on-shekau-others/

ABOUT THE AUTHOR