الإصلاح المؤجل: برلمان أردني جديد بوجوه قديمة

يعاني البرلمان الأردني الجديد من جملة نواقص، حيث قاطعت انتخابه قوى سياسية كبيرة، ويتشكل في غالبيته من نواب سابقين ارتبطوا بمرحلة ما قبل الاصلاح الموعودة، ويستند إلى قوى قبلية، ولا يمتلك صلاحيات النظام البرلماني.
20132491633907734_20.jpg
يتشكل البرلمان الأردني في غالبيته من نواب سابقين ارتبطوا بمرحلة ما قبل الاصلاح الموعودة، ويستند إلى قوى قبلية (الفرنسية)

بعد فشل محاولات الإصلاح والتغيير في الأردن في صيف 2012 بصدور تعديلات ثانوية على الدستور، والإبقاء على قانون الانتخاب المعروف بقانون الصوت الواحد، وإجراء عملية تجميلية عليه بزيادة عدد النواب إلى (150) نائبًا بدلاً من (110) نائبًا، وإضافة القوائم الوطنية التي لا تتجاوز (27) نائبًا إلى القوائم المحلية البالغة (123) نائبًا، أعلن المطالبون بالإصلاح الدستوري الحقيقي لا الشكلي مقاطعتهم للانتخابات النيابية المقبلة في 12 يوليو/تموز2012، أي قبل ستة أشهر من إجرائها.

انتخابات في غياب قوى رئيسية

قبل بدء الحملات الانتخابية للمجلس النيابي الأردني السابع عشر، انطلقت "الجبهة الوطنية للإصلاح" التي تضم حزب جبهة العمل الإسلامي، ممثل جماعة الإخوان المسلمين، وبعض الأحزاب اليسارية وأعدادًا من شيوخ العشائر وقادة المجتمع المدني والمستقلين، والتي يتولى قيادتها رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، بمسيرتها في يوم الجمعة 30 نوفمبر/تشرين الثاني2012، تحت شعار "الانتفاضة الشعبية من أجل الإصلاح". واعتبر رئيسها قانون الانتخاب الذي ستُجرى الانتخابات النيابية بموجبه فاقدًا للشرعية الشعبية، وكل انتخابات تُجرى على أساسه باطلة. وطالب سالم الفلاحات، وهو من جماعة الإخوان المسلمين والمقرر للمجلس الأعلى للإصلاح، في خطبة الجمعة التي سبقت تلك المسيرة، بقانون انتخاب ديمقراطي يفرز برلمانًا ممثلاً لإرادة الأردنيين يفضي إلى حكومة منتخبة تحارب الفساد المستشري في البلاد.

سعت حكومة الدكتور عبد الله النسور، التي تحددت مهمتها بإجراء الانتخابات النيابية، إلى تحفيز المواطنين للتسجيل في سجلات الناخبين بمختلف الأساليب والدعاية الإعلامية والإعلانية. ومع ذلك لم يسجل سوى (2,272,182) مواطنًا من مجموع المؤهلين للانتخاب البالغ (3,7) مليون ناخب، أي أن نسبة المسجلين في الانتخابات هي 60%، والرافضون للتسجيل لها 40%.

وتدخّل الملك عبد الله الثاني يدعو مواطنيه إلى التسجيل والإقبال على الانتخابات؛ فنشر ورقة نقاشية بعنوان "مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة" في وسائل الإعلام الأردنية في 20 ديسمبر/كانون الأول2012، مع بدء الحملات الانتخابية، ورفض فكرة مقاطعة الانتخابات التي دعت إليها الجبهة الوطنية للإصلاح. ودعا إلى تشجيع الحوار من أجل السير على طريق التحول الديمقراطي. وأكد الملك على التمسك بالمبادئ والممارسات التالية:

  1. احترام الرأي الآخر أساس الشراكة بين الجميع. 
  2. المواطنة لا تكتمل إلا بممارسة واجب المساءلة. 
  3. قد نختلف لكننا لا نفترق؛ فالحوار والتوافق واجب وطني مستمر. 
  4. جميعنا شركاء في التضحيات والمكاسب.

ونشر الملك ورقته النقاشية الثانية في وسائل الإعلام الأردنية في 17يناير/كانون الثاني2013، بعد أربعة أسابيع من نشر ورقته الأولى وقبل خمسة أيام من موعد الانتخابات. حملت الورقة عنوان "تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين"، ووعد فيها بالانتقال بعد الانتخابات النيابية إلى الحكومات البرلمانية الفاعلة بحيث يشكّل ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب الحكومة. وجاء في هذه الورقة: "وكخطوة أولى، فإننا سنبادر إلى تغيير آلية اختيار رئيس الوزراء بعد الانتخابات التشريعية القادمة وفقًا للمعايير التالية: إن رئيس الوزراء القادم، والذي ليس من الضروري أن يكون عضوًا في مجلس النواب، سيتم تكليفه بالتشاور مع ائتلاف الأغلبية من الكتل النيابية. وإذا لم يبرز ائتلاف أغلبية واضح من الكتل النيابية، فإن عملية التكليف ستتم بالتشاور مع جميع الكتل النيابية، وبدوره سيقوم رئيس الوزراء المكلف بالتشاور مع الكتل النيابية لتشكيل الحكومة البرلمانية الجديدة والاتفاق على برنامجها، والتي ينبغي عليها الحصول على ثقة مجلس النواب والاستمرار بالمحافظة عليها".

نالت ورقتا الملك نقاشًا وتعليقات عديدة في الصحف الأردنية وفي وسائل الإعلام الأخرى من قبل الموالين للنظام، فأثنوا عليهما وأيدوا ما جاء فيهما. أما قوى المعارضة السياسية فقد امتنعت عن مناقشتهما أو التعليق عليهما. وجاء الرد عليهما بصورة غير مباشرة؛ ففي 15يناير/كانون الثاني2013 عقد "المجلس الأعلى للإصلاح" في الحركة الإسلامية مؤتمرًا صحفيًا في مقر "حزب جبهة العمل الإسلامي" بعَمّان، تحدث فيه حمزة منصور، أمين عام الحزب، وزكي بني أرشيد نائب الأمين العام وسالم الفلاحات. قال حمزة منصور: إن الدستور ينص على أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي، إلا أن المجلس النيابي لا يملك سلطة التشريع منفردًا؛ فالسلطة التشريعية تُناط بالملك، ومجلس الأمة مكون من مجلسي النواب والأعيان الذين يعينهم الملك ولا ينتخبهم المواطنون، ويشكّلون الثلث المعطل للتشريع. والملك هو من يدعو المجلس إلى الانعقاد أو يؤجل انعقاده ويحلّه أيضًا. وتحدث منصور عن عدم قدرة الشعب الأردني على انتخاب حكومته، وعن تدخل المخابرات العامة في التعيينات والانتخابات. وأكد أن الانتخابات النيابية يجب أن تكون تتويجًا للإصلاح وليس بدايته. ولكنه أصر على اضطلاع الحركة الإسلامية مع غيرها من الحركات الشعبية بمهمة مراقبة سير العملية الانتخابية، على الرغم من مقاطعتها لها، من أجل رصد التجاوزات.

وقال بني أرشيد: إن جماعة الإخوان المسلمين ستتعامل مع مجلس النواب السابع عشر كما يتم التعامل مع بقية المؤسسات التي جاءت بغير إرادة الشعب، فإن أحسن المجلس ستتقدم له بالشكر وإن أساء فستتم المطالبة بحله.

أما الحملات الانتخابية فقد اقتصرت على افتتاح المقرات الانتخابية للمرشحين وعلى تعليق صورهم بكثافة في شوارع المدن والقرى الأردنية مع شعارات عامة. وخلت هذه الحملات من المناظرات بين المرشحين ومن نشر برامجهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتشكلت (61) قائمة وطنية بعضها لأحزاب سياسية وبعضها الآخر لائتلاف من الحزبيين والمستقلين، وضم الباقي مجموعات من المرشحين لا يجمعهم رابط أو فكر أو هدف.

كانت شعاراتهم فضفاضة لامست عواطف الناخبين ودغدغت مشاعرهم بالحديث عن الفقر والبطالة ومكافحة الفساد. وكان من هذه الشعارات: "الحرية والعدالة والمساواة". وشعارات مبهمة مثل: "الصوت لا يقبل الصمت"، و"معًا نستطيع"، و"يدًا بيد لنحقق الوعد"، و"الشيخوخة مرحلة متقدمة من العمر يجب أن تُحترم"، و"المرأة مصنع الرجولة"، و"التغيير أو بقاء الحال على ما هو عليه"، و"حق العودة"، و"رفض الوطن البديل".

كان شراء أصوات الناخبين بالمال مستشريًا في الحملات الانتخابية، وجاءت مجابهته من "الهيئة المستقلة للانتخاب" متأخرة؛ فألقي القبض على بائعي ومزوري البطاقات الانتخابية في عمّان والمفرق قبل أسبوع واحد من موعد الانتخابات. وأُودِع ستة مرشحين السجن من قِبل المدعي العام بتهم رشوة الناخبين في 21يناير/كانون الثاني2013. ولجأت الحكومة إلى دفع الوعّاظ لإصدار فتاوى لتشجيع المواطنين على الانتخاب. وصرّح رئيس الوزراء قبل موعد الانتخاب بيوم واحد، بأن النزاهة في الانتخاب ستكون مطلقة. وكرّر هذا القول رئيس "الهيئة المستقلة للانتخاب" عبد الإله الخطيب، والناطق باسمها حسين بني هاني. وتردد صدى هذه الأقوال والتصريحات الرسمية عن النزاهة والشفافية طول مدة الحملات الانتخابية، وظلت العشائرية سيدة الموقف في هذه الحملات.

أما "الهيئة المستقلة للانتخاب" فقد أُنشئت بموجب القانون رقم (11) لعام 2012، وهي هيئة مستقلة تتمتع بشخصية اعتبارية وباستقلال مالي وإداري، مهمتها الإشراف على العملية الانتخابية وإدارتها في كل مراحلها وأية انتخابات أخرى يقررها مجلس الوزراء. تتألف الهيئة من مجلس مفوضين، مؤلّف من رئيس وأربعة أعضاء، يتم تعيينهم بإرادة ملكية لمدة ستة أعوام غير قابلة للتجديد. ويدير الجهاز التنفيذي الأمين العام الذي يعينه المجلس ويصادق عليه بإرادة ملكية. تتولى الهيئة الإجراءات اللازمة لتسجيل الناخبين والمرشحين وفقًا لقانون الانتخابات، ونشر جداول الناخبين وأسماء المرشحين على الموقع الإلكتروني للهيئة وأية وسيلة نشر أخرى. وهي التي تضع قواعد الحملات والدعاية الانتخابية.

اعتبرت المعارضة السياسية الأردنية "الهيئة" غير مستقلة، لأنها عُينت من قبل الملك واختير أعضاؤها من الموالين. واستمرت حملات مقاطعة الانتخابات دون توقف طوال الأشهر الستة التي سبقت الانتخابات.

لم تُولِ معظم القوائم الوطنية الإحدى والستين اهتمامًا للإصلاح السياسي ولكنها أجمعت على مكافحة الفساد. وطالب بعضها بعدم المساس بالدستور واعتبر أن التعديلات التي أُجريت كافية ومقنعة. وأصرّ بعضها أيضًا على التمسك بالقانون الحالي للانتخاب، ولوحظ أن هذه القوائم قد تشكّلت على أسس غير سياسية، وضمت شخصيات لم تمارس العمل السياسي من قبل.

وعلى الرغم من دخول الأحزاب القومية المعركة الانتخابية، مثل "الشعب الديمقراطي" و"الحركة القومية الديمقراطية"، و"حزب البعث العربي الاشتراكي"؛ فلم ينجح سوى واحد من مرشحي هذه الأحزاب، وظل عدد الحزبيين في المجلس النيابي الجديد محدودًا جدًا.

أُجريت الانتخابات يوم الأربعاء 23يناير/كانون الثاني2013. وبلغ عدد الناخبين المسجلين 2,272,182 ناخبًا وناخبة. وبلغ عدد المرشحين (1425) مرشحًا ومرشحة. ترشح (606) منهم عن الدوائر المحلية و(819) مرشحًا ومرشحة على (61) قائمة وطنية. وبلغ عدد النساء المرشحات (191) مرشحة بينهن (105) عن الدوائر المحلية و(86) على القوائم الوطنية. وقد راقب عملية الانتخاب ما يربو على سبعة آلاف مراقب ونحو (1600) صحفي وإعلامي.

وبلغ عدد الدوائر الانتخابية في المملكة (45) دائرة، وعدد مراكز الاقتراع والفرز (4069) مركزًا. وحدد قانون الانتخاب الذي أُجريت الانتخابات بموجبه عدد أعضاء المجلس الجديد بـ (150) نائبًا، منهم (27) نائبًا للقائمة الوطنية و(15) نائبة للكوتة النسائية و(108) نواب فرادى. وبلغ عدد المقترعين (1,288,506) ناخبًا، وهم يؤلّفون (56,69) في المئة من عدد المسجلين للانتخابات.

كان شراء أصوات الناخبين بالمال مستشريًا في الحملات الانتخابية، وجاءت مجابهته من "الهيئة المستقلة للانتخاب" متأخرة (الجزيرة)

وقد شكّك المقاطعون لهذه الانتخابات في صحة هذه النسبة المئوية. والواقع أنه لو حسبنا عدد الذين لم يسجّلوا أنفسهم في سجلات الناخبين وهم (1,5) مليون ناخب وأضفنا إليهم عدد الذين قاطعوا الانتخابات من الناخبين المسجلين وهو (983,676) ناخبًا، لبلغ عدد المقاطعين للانتخابات (2,483,676) ناخبًا، ويمثل هؤلاء (67) في المئة من مجموع المؤهلين للانتخاب.

وعلى أية حال، فإن معظم المخالفات في هذه الانتخابات شكلية، وتتصل بمحاولات شراء أصوات الناخبين من بعض المرشحين وأنصارهم، وممارسة دعاية انتخابية أثناء عملية الاقتراع، وتصويت الأميين، ومحاولات بعض لجان الاقتراع توجيه الناخبين لصالح مرشحين يعرفونهم. وتبين عدم تدخل رسمي في العملية الانتخابية، كما كان يحدث في انتخابات سنتي 2007 و2010. والاعتراض المهم الوحيد كان حول فرز أصوات القوائم الوطنية، وقد استجابت له الهيئة المستقلة للانتخاب بإعادة فرزها.

تمثيل ناقص وصلاحيات شكلية

أما المجلس النيابي الجديد فلا يختلف في ماهيته وتركيبته عن المجالس النيابية السابقة؛ فغالبية الوجوه معروفة بأدائها المتدني في المجالس السابقة. والصورة لدى الأردنيين عنهم باهتة ولا تبعث على الأمل. ودورهم في المجالس السابقة في مساءلة الحكومات التي تغولت على السلطتين التشريعية والقضائية، وفي فتح ملفات الفساد، تثير الشك في إمكانية قيام المجلس الجديد بأداء مميز في المرحلة القادمة. إنه مجلس طيع لأية حكومة مقبلة.

والغريب أن معظم الذين نجحوا في القوائم الوطنية هم رؤساؤها. واستطاعت أقوى القوائم الحصول على ثلاثة مقاعد تلتها ثلاث قوائم فاز كل منها بمقعدين، وفازت (16) قائمة بمقعد واحد لرئيس كل منها.

وكانت المفاجأة أن أعلنت المرشحة الفائزة الدكتورة رلى الفرا الحروب، رئيسة قائمة "أردن أقوى" استقالتها في 24يناير/كانون الثاني2013، احتجاجًا على تزوير الانتخابات وفق بيان نشرته القناة التليفزيونية جوسات Josat. واتهمت الحروب "الهيئة المستقلة للانتخاب" بالتلاعب بنتائج القوائم الوطنية والإحجام عن نشر نتائج فرز الصناديق أولاً بأول، والانفراد بفرز الصناديق الواردة من الدوائر في غياب أية رقابة من المرشحين والمراقبين.

ومن الطريف أن فاز في الانتخابات أربعة من المرشحين الذين سُجنوا لارتكابهم جريمة شراء الأصوات؛ مما أثار جدلاً حول وضعهم القانوني في مجلس النواب الجديد.

لقد علّق أحد الصحفيين الأردنيين على نتائج الانتخابات النيابية هذه بقوله: "أمامي أسماء النواب الناجحين. يمكنني أن أستخرج عشرة نواب أقول بثقة إنهم يمثلوني ومئة نائب ربما لا أعرفهم ولا أهتم كثيرًا بهم، وأربعين يثيرون أعصابي واستفزازي. هل كنا نستحق ما هو أفضل من هذا؟" وواصل الصحفي نفسه قوله: "نتائج الاختيار الفردي لم تكن مفاجئة، سواء أعجبنا أم لم يعجبنا، فإن الكثير من النواب الذين قدّموا أداءً سياسيًا واجتماعيًا وسلوكيًا سيئًا في البرلمان هم للأسف نتاج قاعدة اجتماعية تثق بهم، لأنهم يقدمون خدمات لها".

نجح ثلاثة نواب من مالكي قنوات فضائية محلية، ولأول مرة يدخل البرلمان الأردني شقيقان.

لقد احتفظ (34) نائبًا من المجلس النيابي السابق بمقاعدهم، و(26) نائبًا من مجالس نيابية سابقة، ويؤلّف هؤلاء (40) في المئة من أعضاء المجلس الجديد. وفازت أربع سيدات بالتنافس لأول مرة في تاريخ الحياة البرلمانية الأردنية، وأصبح عدد النساء في المجلس الجديد (19) امرأة. وحصلت نقابة المعلمين على ثلاثة مقاعد. ولعل أكبر الأحزاب السياسية الأردنية تمثيلاً في المجلس الجديد هو "حزب الوسط الإسلامي" الذي حصل على (16) مقعدًا.  وقد أكد الأمين العام لحزب الوسط الإسلامي الدكتور محمد الحاج، في مؤتمر صحفي، أن من حق الحزب الفائز بستة عشر مقعدًا في الانتخابات النيابية أن يرشح أحد نوابه لرئاسة مجلس النواب، ومن حقه أيضًا المشاركة في الحكومة. وبيّن أن أعضاء الكتلة توافقوا على ترشيحه لمنصب رئيس مجلس النواب، وأن حزبه يمد يده للتعاون مع جميع الأحزاب والكتل والنواب. واعترض المهندس مروان الفاعوري، رئيس الدائرة السياسية في الحزب، على الآلية التي اعتمدتها الهيئة المستقلة للانتخاب في احتساب المقاعد من القوائم الوطنية. وأنه ليس من العدل أن تحصل القائمة التي حصلت على (14) ألف صوت على مقعد نيابي بينما تحصل قائمة الوسط الإسلامي التي حصلت على (113,698) صوتًا على ثلاثة مقاعد.

وعلى الصعيد القبلي سيطرت عشرون عائلة وتجمعات عشائرية وقبائل على (72) نائبًا في المجلس النيابي الجديد؛ فقد فاز من قبيلة بني حسن (13) مرشحًا. وحصلت قبيلة عباد على خمسة مقاعد، وقبيلة بني حميدة على أربعة مقاعد، وقبيلة بني صخر على أربعة مقاعد، وقبيلة الحويطات على ثلاثة مقاعد، وعشائر بئر السبع على سبعة مقاعد، وعشائر الدوايمة على أربعة مقاعد، وعشيرة المجالي على ثلاثة مقاعد، وعشيرة البرارشة على مقعدين وعشيرة الدعجة على مقعدين، وعشيرة العبيديين على مقعدين، وعشيرة المشالخة على مقعدين، وعشيرة بني ليث على مقعدين، وحصلت عشائر كثيرة على مقعد واحد.

يرى بعضهم أن التغيير السياسي المنشود يحتاج إلى وقت في مجتمع محافظ وقبلي تسوده القيم والتقاليد والعادات العشائرية، ويفتقر إلى طبقة وسطى قوية في مجتمع منفتح على نفسه وعلى العالم، مثلما يفتقر إلى أحزاب سياسية فاعلة تشكّل بديلاً عن الواقع الراهن القائم على حزب الدولة وجماعة الإخوان المسلمين.

إن تركيبة المجلس النيابي الجديد لا تساعد أبدًا على تحقيق نقلة نوعية في عملية الإصلاح السياسي والتغيير المنشودة؛ ولذا يعتبره كثيرون مجلسًا انتقاليًا أو مؤقتًا.

هل بالإمكان تشكيل الحكومة البرلمانية التي وعد بها الملك عبد الله الثاني بن الحسين في مجلس كهذا؟ أين التكتل البرلماني الذي حظي بأغلبية المقاعد؟ وأين الكتل البرلمانية التي تستطيع الاتفاق على برنامج سياسي واقتصادي لمواجهة التحديات التي تفرض نفسها على البلاد؟ سوف تستمر الأزمة السياسية الأردنية ولن تجد حلاً لها في المجلس النيابي الجديد. وبمقدور الملك أن يأخذ زمام المبادرة والبدء بحوار وطني جدي لبلوغ الإصلاح السياسي المنشود. وفي حال اعتبار المجلس النيابي الجديد الإنجاز الأهم وخاتمة الإصلاح، سوف تستمر الأزمة وتتفاقم الاحتجاجات وردود الفعل المطالبة بالإصلاح السياسي والتغيير.
________________________________
د. علي محافظة - مؤرخ أردني

ABOUT THE AUTHOR