الأصل الحقيقي لتنظيم "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" لا يزال موضع تكهنات حتى داخل دوائر الاستخبارات الأمنية في نيجيريا (الفرنسية) |
إن أنشطة عناصر الطوائف الإسلامية، أو الجماعات الموسومة بالإرهاب، والمتطورة في شمال نيجيريا تشكل الآن مصدر قلق أمني متزايد للعواصم الغربية. وحتى الآن هناك تصعيد لهجمات عنيفة على مختلف الأهداف المدنية والعسكرية في البلاد من قبل جماعات أهل السنة للدعوة والجهاد (بوكو حرام)، وذلك باستخدام أساليب عنيفة مثل وضع العبوات الناسفة، استهداف أشخاص واغتيالهم، إطلاق النار من سيارة مسرعة وتفجيرات انتحارية. وقد أضاف ظهور مجموعة تسمى "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" بعدا آخر لطبيعة العنف الطائفي المنتشر في شمال نيجيريا.
هذه الجماعة التي تعتبر أقل شهرة من جماعة بوكو حرام، لكن طبيعة وملامح أهدافها وكذلك نواياها المعلنة يجعلان منها طائفة يتوقع منها الكثير في الأيام القادمة. ومنذ نشأتها أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن أعمال مختلفة توصف بالإرهابية مثل هجومها المسلح على مركز اعتقال ونصب كمين لجنود نيجيريين واختطاف لوافدين أجانب.
يركز هذا المقال على تطور أعمال العنف لهذه المجموعات بهدف معرفة مساراتها وتطورها في المستقبل.
ونظرا لبراعة هذه المجموعات في شن الهجمات بالأسلحة النارية وعمليات الاختطاف فإنه يتعين على الحكومة النيجيرية بل وعلى المجتمع الدولي إيجادَ وسائل فعالة للتمكن من فهمها واستيعاب قدراتها بشكل أفضل. ومن المهم جدا في هذه الظرفية أن ننظر وبشكل دقيق إلى تطور هذه الجماعات لكي نفهم أهدافها وتغيراتها في المستقبل.
التطورات والقيادة
يعتقد أن " JAMBS" وهي اختصار لترجمة عبارة "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" قد تأسست في يناير/ كانون الثاني 2012 في أعقاب الهجوم الذي نفذته بوكو حرام في العشرين من نفس الشهر في مدينة كانو والذي راح ضحيته ما لا يقل عن 180 شخصا معظمهم من المسلمين. وقد زادت شعبيتها في 2 يونيو /حزيران 2012 عندما ظهر زعيمها أبو أسامة الأنصاري في شريط أعلن فيه عن تأسيسها وتحديد معتقداتها.
يشكك رجال الأمن والخبراء أن "أبو أسامة الأنصاري" اسم مستعار لخالد البورناوي وهو زعيم سابق في جماعة بوكو حرام والذي يعتقد أنه تدرب في معسكرات القاعدة في المغرب العربي الإسلامي في الجزائر منتصف سنة ألفين، وهو مهتم بضلوعه في سلسلة من عمليات الاختطاف التي يقودها التنظيم في النيجر. وتجدر الإشارة إلى أن خالد بورناوي من الزعماء الثلاثة لبوكو حرام الذين سمتهم الخارجية الأمريكية يوم 21 يونيو/ حزيران 2012 بالإرهابيين العالميين. الزعيمان الآخران هما: أبو بكر شكاو وأبو بكر آدم كمبار(1).
وحتى الآن لا تتوفر معلومات كافية عن التنظيم تتعلق بالبنية التنظيمية وجداول التمويل وطريقة التجنيد من بين أمور أخرى، فالمعروف حتى الآن اسم زعيمها.
أصل التنظيم: اختلاف وجهات النظر
الأصل الحقيقي لتنظيم "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" لا يزال موضع تكهنات حتى داخل دوائر الاستخبارات الأمنية في نيجيريا ونظرا لهذه الظروف فإن هناك تنافسا بين تيارين اثنين:
التيار الأول والمهيمن وهو جماعة منشقة عن تنظيم بوكو حرام، ويعتقد رجال الأمن وبعض الخبراء أنها تأسست على يد قادة سابقين في نفس التنظيم كانوا على وفاق مع أسلوب قيادة الزعيم الروحي أبو بكر شكاو. تؤكد التطورات الأخيرة أن هناك انشقاقاتٍ في صفوف بوكو حرام.
وينبغي التنبيه إلى أن فصيلا من تنظيم بوكو حرام بزعامة الشيخ أبو محمد عبد العزيز كان قد أعلن في 28 يناير /كانون الثاني 2013 عن وقفٍ مشروطٍ لإطلاق النار لكي تجرى مفاوضات مع حكومة ولاية بورنو. والشيخ عبد العزيز، الذي يدعي أنه الرجل الثاني في صفوف الحركة بعد بوبكر شكاو، كان قد اعترف في خطاب له بوجود فصيلين داخل بوكو حرام: "صحيح غنه يوجد فصيل داخل حركتنا، ولكن الفصيلَ الأكثرَ في جماعتنا يدعم وقف إطلاق النار، كما يدعمه كذلك عدد من قادتنا الروحيين ومن بينهم الإمام بوبكر شكاو، فهم مع الهدنة. أما المجموعة الثانية فمن السهل التعامل معها" (2).
وقد رحبت الحكومة النيجيرية بهذا الإعلان في الوقت الذي تصر فيه مجموعة أخرى بزعامة محيي الدين مروان على أن تحترم الحكومة شروطها قبل أية مفاوضات.
وبعد ذلك بفترة وجيزة وزعت مجموعة أخرى بعض المنشورات زعم فيها موالاة بوبكر شكاو وتنفي أية مفاوضات مع حكومة بورنو لوقف إطلاق النار. في مدينة مايدغوري عقد أربعة أعضاء من بوكو حرام وبزعامة أبو محمد عبد العزيز مؤتمرا أعلنوا فيه أن إعلان وقف إطلاق النار ما زال ساري المفعول، وكان ذلك يوم 24 فبراير /شباط 2013، وقد أكدوا على وجوب احترامه وتعهدوا بملاحقة أولئك الذين يخططون لحملة دموية(3). وقد أدركت الجماعة أن أهدافها لن تتحققق عن طريق العنف.
ازدادت الوضعية تعقيدا أكثر عندما أعلن بوبكر شكاو وبصورة مفاجئة تنازله عن وقف إطلاق النار في مارس/ آذار 2013 وهو ما تقدمت به الجماعة المنشقة التي يتزعمها عبد العزيز. ففي شريط مصور غير مؤرخ أوضح شكاو أن جماعته لم تشارك في أية مفاوضات سلام مع الحكومة، كما هدد بقتل أبو محمد عبد العزيز لإعلانه وقف إطلاق النار(4). ولا شك أن مسلسل أعمال العنف في شمال نيجيريا متواصل.
وفي الوقت الذي يرى بعض المحللين أن (جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان) هي مجرد امتداد لحركة بوكو حرام بزعامة أبو بكر شكاو يرى البعض الآخر أن ظهورها ليس سوى دليل ساطع على تفكك قيادة بوكو حرام إثر اختلاف حاد في التصورات الإيديولوجية. وهذا يعكس الأزمة السياسية الداخلية المتعلقة بالهوية التي هزت الحركة. إن الشرخ المفتوح الذي عرفته حركو بوكو حرام تجلى في إشارات جلية واضحة صادرة عن القيادات العليا للحركة. ذلك ما يجعل من الحركة المنشقة (جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان) أحد تلك الفصائل المنفصلة تحت اسم جديد وشعار جديد وفلسفة أكثر معقولية.
أما التيار الثاني فيرفض فكرة انشقاق (جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان) ويعتبرها نسخة جديدة لبوكو حرام. فهذه الجماعة ليس سوى إعادة تسمية لبوكو حرام أو صيغة مجددة لهذه الحركة. وهذا التيار يرى أن انخفاض شعبية بوكو حرام الجلي الذي جاء في سياق النقد المتزايد لهذه الحركة عندما أقدمت على عمليات قتل بشعة تعرض لها المسلمون والمسحيون وهذا ما تطلب إعادة النظر في تنظيم بوكو حرام نفسه. وبالتالي لا بد من تغيير شعار الحركة أملا في جذب الدعم المحلي، وأملا في قطع الطريق أمام تعاون السكان المحليين مع أجهزة الأمن عند اعتقالها لأفراد هذا التنظيم.
إن المجموعات المعنية مثل جماعة (مسلمون ضد الإرهاب) و(الجمعية المسيحية ضد الإرهاب) تتصدران مناصري هذه الفكرة. فترى جماعة (مسلمون ضد الإرهاب) على سبيل المثال أن: "محاربة فكر بوكو حرام الإرهابي يتحقق بفضل حملة أمنية شعبية ضد أعمالهم المشينة. وهو ما أدى إلى إلقاء القبض على العديد من قادتهم ومموليهم" (5). وعلى نفس المنول ترى (الجمعية المسيحية في نيجيريا) أن تغيير تسمية بوكو حرام إلى (جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان) ما هو إلا حيلة تجلب الانتباه وتمهد للمفاوضات. ووصفت تطورها "بأصبع سليم في يد مصابة بالجذام"، وأنها تعتزم أسلمة نيجيريا وترهيب المسيحيين(6).
وإذا كانت (جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان) تعني تسمية جديدة لبوكو حرام فإن هذا لا يعني تطورا في حد ذاته. وفي الواقع فقد بينت وثائق عثر عليها في منزل أسامة بن لادن في أبوت آباد بعد مقتله أنه كان مهتما جدا بفقدان تنظيم القاعدة للدعم من لدن العالم الإسلامي، وأنه كان يريد تغيير تسمية تنظيم القاعدة؛ وهو ما من شأنه أن يمكن القاعدة من استغلال أمثل لثورات الربيع العربي(7).
يتبين مما سبق ذكره أنه يمكننا التأكيد على أن الرؤيتين وإن تمايزتا في طريقة البرهان إلا أنهما قابلتان للتوفيق. ومما لا شك فيه أن كلتا الرؤيتين تختلفان بالنظر إلى الظروف التي أدت إلى ظهور جماعة (أنصار المسلمين في بلاد السودان)، لكنه من اللافت للنظر أن نشأة (أنصار المسلمين في بلاد السودان) مرتبطة ارتباطا متصلا بجماعة بوكو حرام، سواء نظر إليها على انها منشقة عن بوكو حرام أم أنها إعادة تسمية لها.
فلسفة وفكر "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان"
تختلف هذه الحركة عن بوكو حرام فكريا وفلسفيا، وإن كان الكثير يرى أنها امتداد لبوكو حرام. تعتبر بوكو حرام مثلا أن تأثير الغرب على المجتمع الإسلامي وخاصة التعليم الغربي كان السببَ الأول في ضعف الدين، ومن هنا تبنت إيديولوجيتها في السلفية الجهادية ذات النزعة التكفيرية. السلفية على سبيل المثال تسعى إلى تطهير الإسلامي من التأثيرات الخارجية وتسعى جاهدة للعودة إلى الإسلام الذي مارسه السلف الصالح، هكذا كان الرسول (محمد صلى الله عليه وسلم)، والمجتمع الإسلامي في وقت مبكر. السلفية الجهادية إذن من هذا المنظور تأويل محدد للسلفية ايت تدعم استخدام العنف لتحقيق أهدافها(8).
إضافة إلى ذلك هناك حركة التكفيريين والكلمة مشتقة من كلمة "كفر" وتعني في اللغة العربية غير المسلم(9). ويصف التكفيريون كل مسلم لا يطبق الإسلام بالكافر، ويدعون أتباعهم للقطيعة عن المجتمعات الإسلامية القائمة والهجرة إلى مكان منعزل ومحاربة من هو في تصورهم غير مسلم(10). أما الدافع الحقيقي لأتباع بوكو حرام فهو قناعتهم بأن الدولة النيجيرية دولة قائمة على الرذيلة والانحراف الاجتماعي وبالتالي: "من الأفضل للمسلمين الهجرة من هذا المجتمع المنحل أخلاقيا والإقامة في مجتمع مسلم بمعزل عن الفساد السياسي والأخلاقي والحرمان" (11). وتعتبر الحركة كل من لا ينتمون إليها كفارا (أي الذين ينكرون الحقيقة) أو فاسقين؛ وبالتالي من الجائز استهدافهم والقضاء عليهم.
وتنتهج "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" فلسفة وإيديولوجية مختلفتين؛ فمثلا في الشريط الذي بُث باللغة العربية وترجم للهاوسا وللإنجليزية حاول أسامة الأنصاري أن يعطي صورة مقبولة عن فلسفة هذه الجماعية: فمن وجهة نظره أن كل من يلفظ كلمة الشهادة (الإيمان بالله وبالنبي محمد) يحرم قتله إلا إذا ارتكب فعلا يعاقب عليه كما جاء في القرآن الكريم، والإسلام يحرم قتل الأبرياء مسلمين وغير مسلمين. "هذه إذن هي عقيدتنا، ونحن متمسكون بها" (12).
وأضاف أن "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" لا تسعى إلى قتل رجال الأمن إلا إذا اعتدوا عليهم وصار أعضاء الجماعة في حالة دفاع عن النفس. ويوضح الأنصاري أن فهمهم للجهاد في الإسلام يختلف تماما عن فهم الجماعات النيجيرية الأخرى له؛ كما هو الحال مثلا بالنسبة لجماعة بوكو حرام التي تدعي انها تسعى للجهاد في سبيل الله(13).
وفي الوقت الذي ترى فيه الجماعة أن غيرالمسلمين أعداء بما فيهم المسيحيون ويجب قتلهم. في حين أن الهدف الأساسي لبوكو حرام هو قلب الدولة العلمانية وفرض فهم الحركة للشريعة الإسلامية على امتداد البلاد، بينما تهدف جماعة "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" إلى توافق شامل يحمي مصالح الإسلام والمسلمين في إفريقيا. وفي الواقع فإن رأيها متوافق تماما مع تخوف عبد المالك دروكدال (ابو مصعب عبد الودود) من ضم الجماعات الإسلامية إلى مشروع الجهاد الإسلامي في أزواد. وعثرت وكالة "أسوشيتد برس" على رسالة سرية لدروكدل بعد قصف لقوات الفرنسية تنبكتو يقول فيها: في هذه المرحلة يجب عليكم أن تتجنبوا قضايا التكفير (اتهام المسلمين بالكفر) والطائفية وغيرها من القضايا التي يصعب فهمها على الشباب. وفي هذه المرحلة ينبغي أن يكون الهدف حماية المسلمين من الذين يريدون أن يلقوا بهم إلى الهلاك...(14)
لن يكون من المفاجئ في المستقبل إذا عثر على أدلة تبرهن على أن "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" تنتمي للمجموعات التي تتبنى هذه الرسالة. وكما هو محدد في المقطع التالي فإن القواسم المشتركة لهذه الإيديولوجيات قد تثبت أن أبا أسامة الأنصاري هو بالفعل الاسم المستعار لخالد البورناوي والذي يعتقد أنه على صلة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وهذا ما يجعل هذه الجماعة تعتقد أن بعض رجال الأمن وكذلك الأجانب هم أعداء للإسلام والمسلمين في نيجيريا وفي أماكن أخرى من إفريقيا، لذلك فهم يشكلون أهدافا لهجماتها على الأقل في الوقت الراهن.
تركيز العنف المسلح وجراءته
في غضون سنة واحدة من تأسيسها أعلنت "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" مسؤوليتها عن شن هجمات مدمرة تسببت في عدم الاستقرار الأمني داخل وخارج نيجيريا وكان هجومها الرئيسي الأول في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، عندما اقتحم عناصرها سجنا تابعا لفرقة مكافحة السرقة بالعاصمة أبوجا وحرروا عناصرها وبعض المعتقلين الآخرين. بعد فترة وجيزة أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن الهجوم في بريد إلكتروني جاء فيه: إن الله فرض علينا رفع المظالم وخاصة منها تلك التي تجري في الخلايا الأمنية والسجون وغيرها من مراكز الاحتجاز. وأصبح هذا جزءا من المهام والقواعد الأساسية لجماعة أنصار الإسلام في بلاد السودان. ونقول بصوت عال وصريح إن الكثير ممن أسروا من قبل القوات النيجيرية أو من قبل المسيحيين في ولاية بلاتو ومن النساء والأطفال في لانغ تانغ، ويالوان ساندام.. إلخ على سبيل المثال لا الحصر. وبفضل الله نحن بصدد تحريرهم.
وكان جزء من الرسالة موجها إلى بعض الشباب وهو ما شجعهم على الالتحاق بحملته والتي وصفها البريد المذكور بالواجب النبيل الذي أمرهم الله به.
تريد الجماعة أن تنتهز فرصة الصراعات العرقية والدينية في أجزاء من شمال نيجيريا وخصوصا في مدينة (جوس) بولاية بلاتو لتجنيد وجلب الشباب المسلم للتطرف، وذلك من خلال بياناتها التي تلبسها ثوبا مقنعا.
كان الهجوم الثاني يتمثل في خطف المواطن الفرنسي فرانسوا كولانمب الذي يعمل لحساب الشركة الفرنسية فيرنييه (Vergnet) بولاية كاتسينا في ديسمبر/ كانون الأول 2012. من المعلوم أن الاختطاف وطلب الفدية هما الأكثر انتشارا في البلاد (خاصة في الجنوب والجنوب الشرقي) حيث حولت عصابات الشباب هذه الأعمال إلى تجارة مربحة في الوقت الذي تنعدم فيه فرص للعيش بكرامة. ويمتد الاخطاف تدريجيا إلى الشمال بطريقة أكثر غدرا، ويتصاعد من قبل الجماعات الموصوفة بالإرهابية مثل "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" على وجه الخصوص ليأخذ الشمال حصته من هذه الظاهرة وكما هو مبين في الجدول رقم 1 فقد شنت الجماعة هجمات أخرى وأعلنت مسؤوليتها عنها.
الجدول 1: هجمات تنسب لـ"جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان"
التاريخ |
المكان |
الهدف الأهداف) |
التفاصيل |
الملاحظات |
6 نوفمبر 2012 |
غاركي |
الهجوم على مقر مكافحة السرقة – فرقة (SARS) |
تحرير بعض السجناء |
تدعي الجماعة أن الهجوم كان امتثالا لأوامر القرآن التي تحث المؤمنين على القتال لرد الظلم عن الضعيف. ووعدت بشن هجمات مماثلة على مراكز الاعتقال في جميع أنحاء البلاد |
19 ديسمبر 2012 |
ولاية كاتسينا |
فرانسوا كولامب |
فرنسي يعمل لصالح شركة فيرغيه |
تقول الجماعة إن سبب اختطافه جاء ردا على موقف الحكومة والشعب الفرنسيين من الإسلام وتحديدا المخطط الفرنسي للتدخل في شمال مالي. |
19 يناير 2013 |
أوكيني |
نصب كمين لشاحنة تحمل جنودا ماليين ونيجيريين |
تسبب الحادث في مصرع جنديين وجرح خمسة آخرين |
أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن الهجوم وعللته بمساهمة نيجيريا بإرسالها قوات إلى مالي. |
17 فبراير 2013 |
ولاية جامني بانيشي |
سبعة موظفين أجانب يعملون لصالح شركة بناء لبنانية (Setraco Nig. Ltd) |
الرهائن المخطوفون: أربعة لبنانيين وبريطاني ويوناني وإيطالي. |
أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن الاختطاف مشيرة إلى التجاوزات والوحشية التي يتعرض لها الدين الإسلامي من قبل الدول الأوروبية. |
كان آخر اختطاف قامت به "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" قد استهدف سبعة أجانب وذلك في فبراير/ شباط 2013 وكان الأكبر من نوعه منذ بدء الأعمال الإرهابية بشمال نيجيريا. وفي الوقت الذي اعلنت فيه عن الهجوم الجريء الذي أصدرت الجماعة بيانا نشر على موقع تويتر وقد بررت الجماعة الهجوم بما يلي:
ردا على الأعمال الوحشية التي يتعرض لها الدين من قبل الدول الغربية في العديد من الأماكن كأفغانستان ومالي، تمكنت بحول الله جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان من احتجاز سبعة أشخاص من بينهم لبنانيون ورفاقهم من الأورببيين في شركة "سيتراكو" في نيجيريا بتاريخ من ربيع الأول الموافق 7 فبراير 2013. ونؤكد على أن ايه محاولة تتعارض مع شروطنا من قبل الدول الأوروبية والحكومة النيجيرية ستؤدي إلى نفس النتائج كما حدث في المحاولة السابقة(15).
ويعتقد المحللون أن عبارة "المحاولة السابقة" تشير إلى قتل الإيطالي فرانكو لامولنارا والبريطاني كريستوفر ماكمانوس (بريتون) في ولاية سوكوتو في مارس 2012 خلال محاولة فاشلة نفذتها فرقة القوارب بالقوات البريطانية والنيجيرية الخاصة لإنقاذهم. وقد تم خطف الرهينتين اللتين كانتا تعملان لصالح شركة البناء الإيطالية "بي ستابليني" في "بيرني كيبي" بولاية "كيبي" في مارس/ آذار 2012. وتعتقد أجهزة الاستخبارات أن "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" كانت مسؤولة عن اختطاف وقتل لامولنارا وماكمانوس أثناء محاولة الإنقاذ الفاشلة. بعد ذلك صنفتها السلطات البريطانية ضمن لائحة الإرهاب يوم 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 على خلفية قتل هؤلاء الأوروبيين. وقد سمت هذه الجماعة نفسها: القاعدة في بلاد ما وراء الساحل(16).
وبغض النظر عن تاريخ زعيمها المعروف والمشتبه به خالد البورناوي إلى جانب القيام بعمليات خطف مماثلة لعمليات تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، يعتقد بعض الخبراء أنها على صلة بهذا التنظيم.
وفي الواقع فإن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي كانت دائما تطمح إلى توسيع دائرة جهادها في نيجيريا ربما من خلال إقامة علاقات مع الجماعات الإسلامية المحلية.
فعلى سبيل المثال وفي مقابلة مع قناة الجزيرة بتاريخ 14 يوليو /تموز 2010 صرح زعيم التنظيم أبو مصعب عبد الودود أن جماعته كانت على اتصال ببوكو حرام وتعتزم تزويدها بالسلاح للدفاع عن المسلمين بنيجيريا والوقوف أمام زحف الأقلية الصليبية. وأشار كذلك إلى أن القاعدة لديها مصلحة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى وذلك لعمقها الاستراتيجي الذي من شأنه أن يعطي مجالا أكثر للمناورات.
كما رفض محللوا التنبؤ الاستراتيجي في "ستراتفور" فكرة أن يكون تنظيم القاعدة ينوي إقامة علاقات مع بوكو حرام واعتبروها مجرد أمانٍ أو خطابةً بلاغيةً، وبدلا من ذلك فإن "إصدار بيان يعبر عن تحالف أسهل من إعلان اتحاد بدون معنى، وهناك عدة عوامل تجعل رغبة القاعدة في المغرب الإسلامي في الانتقال إلى نيجيريا أمرا معقدا" (17).
ويحذر هذا الكاتب من أن عبارة "المصلحة" الصادرة عن تنظيم القاعدة: "تفتح بالتأكيد مجالا يمكن للجهاديين في أنحاء العالم استغلاله للحصول على موطئ قدم في نيجيريا" (18).
وفي ظل توقعات وأهداف لـ"جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" (المتركزة أساسا على اختطاف الغربيين) فإن محللي "ستارتفور" قد خلصوا مؤخرا إلى أنه "يبدو أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي أبرم تحالفات مع "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان"، وأن التوترات بين الفصائل المحلية والعابرة للدول قد قادت إلى الانفصال عن بوكو حرام" (19).
على الرغم من إمكانية وجود صلة محتملة بين "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" والجماعات الجهادية الأخرى مثل تنظيم القاعدة، ومع وجود بصمات واضحة قوية في منطقة الصحراء والساحل لا تزال موضع جدل، ولا يشكك في قدرتها على تخطيط وتنفيذ هجمات لا ترحم.
في 9 مارس/ آذار 2013، أعلنت "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان"، في شريط فيديو مسؤوليتها عن قتل سبعة رهائن أجانب اختطفوا من ورشة عمل بناء في 17 فبراير/ شباط 2013. ووفقا لموقع مجموعة (القابضون من الجمر) التابع لشبكة الإسلام فقد صدر البيان باللغتين العربية والإنجليزية كما عرض أيضا لقطات تظهر جثث الضحايا.
وذكر موقع المجموعة في البيان أن "محاولات الحكومتين البريطانية والنيجيرية لإنقاذ الرهائن، واعتقالهم التعسفي وقلتلهم للبعض قد أجبرتهم على تنفيذ حكم الاعدام" (20).
توضح عملية القتل الهمجي والبشع للرهائن قدرة التنظيم على تنفيذ تهديداته، كيف أنه قد حذر في وقت سابق من أية محاولة لإنقاذهم. وأكد أيضا، أن "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" كانت هي الجماعة التي عملت في وقت سابق كتنظيم القاعدة في بلاد ما وراء الساحل، كما حذرت من أي محاولة لإنقاذ الرهائن "ما سيؤدي إلى ما حدث في محاولة سابقة".
خاتمة وتنبؤات
على الرغم من أن "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" قد اعتمدت فقط على استخدام المتفجرات والأسلحة النارية في هجماتها، وكذلك لم تستهدف غير المسلمين بل استهدفت المتعاونين مع الأجهزة الأمنية، إلا أن هذا قد يتغير في المستقبل؛ خصوصا مع التحول الجذري في ايديولوجيتها وطريقة عملها تحت تأثير عوامل داخلية أو خارجية أو كليهما. ومن الممكن أن تكون العوامل الداخلية سببا في التغيير على مستوى القيادة نتيجة لوفاة الطبيعية أو لتصفية بعض كبار زعمائها. اما العامل الخارجي فيتعلق بتطورات خارجة عن العمل الداخلي للطائفة، مثل حملة عدوانية على عناصرها من قبل قوات الأمن النيجيرية أو الأجنبية. وفي هذه الحالة فقد وطدت "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" علاقاتها مع جهاديين آخرين في الساحل في محاولة لاكتساب الخبرة، والحصول على الأسلحة والتدريب والتمويل. وإذا نجحت في ذلك، فمن المحتمل أن يتغير ترتيب اختيار أهدافها فضلا عن توظيف تكتيكات أخرى مثل الاغتيال، إطلاق النار من سيارة مسرعة وستتفاقم التفجيرات الانتحارية.
ولعل في دلالة اسم الجماعة وفي رؤيتها الفكرية ما يوحي بعزيمتها على إبراز قوتها ونفوذها خارج الحدود النيجيرية. فمن خلال اسمها تظهر نيتها في شن هجمات عبر الحدود الوطنية، هجمات قد تهدد المصالح الغربية (المواطنون والمنشآت والاستثمارات التجارية) في بلدان مثل بينين والكاميرون وتشاد والنيجر التي تتعرض في أي وقت لغزوات من قبل "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان".
في 19 فبراير/ شباط 2013 اختطفت بوكو حرام سبعة أفراد من عائلة فرنسية –عائلة مولان فورنييه- في دبنغا، شمال الكاميرون، وهو أمر قد يشجع "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" على المغامرة في بلدان وسط أفريقيا لشن هجمات تستهدف المصالح الغربية. ولذلك، يجب بذل الجهود على المستويين الوطني والإقليمي لاستخدام كل الوسائل المتاحة لتحديد ومنع انتشار هذه الحركات وفكرها الجهادي.
وهناك نهج ذو شقين سيقدم بداية جديدة للتعامل مع تهديد المتشددين الإسلاميين. الأول يستلزم استخدام الموارد الوطنية والدولية لنشر أجهزة المخابرات، وتفكيك هذه الجماعات قبل أن تتحول إلى حركة جهادية أكثر شناعة ودموية. أما الثاني فيستلزم تدخلات سياسية واجتماعية واقتصادية واسعة لمعالجة كل الظروف التي قد تؤدي للتطرف والعنف.
_______________________________
فريدوم أنوهوا - زميل وباحث بمركز للبحوث والدراسات الاستراتيجية، كلية الدفاع الوطني، أبوجا، نيجيريا.
ترجم النص إلى العربية: يعقوب ولد أبو مدين - مترجم موريتاني.
المصادر
1 - J. Lobe, ‘Nigeria: Three Boko Haram leaders put on US terrorism list’, Inter Press Service, 21 June 2012, http://www.ipsnews.net/2012/06/nigeria-three-boko-haram-leaders-put-on-u-s-terrorism-list/
2 - N. Uwerunonye, “Boko Haram: Can they be trusted?”, Tell, 11 February 2013, p.42
3 - D. Joel, “Bok Haram faction vows to fight ceasfire breakers”, The Nation, 25 February 2013, p.1
4 - M. Olugbode, “Boko Haram Leader Disowns Ceasefire”, Thisday, 3 March 2013
5 - Muslims Against Terror, “Boko Haram Re-brands as JAMBS, Uses Desert Herald for PR” 21 January 2013, http://muslimsagainstterror.com/boko-haram-re-brands-as-jambs-uses-desertherald-for-pr/
6 - A. Adepegba and F. Olokor, “FG launches offensive against new terror sect, Jambs”, Punch, 5 January 2013, http://www.punchng.com/news/fg-launches-offensive-against-new-terror-sect-jambs/
7 - J. Burke, “Osama bin Laden Considered Rebranding al-Qaida, Documents Reveal, The Guardian, 3 May 2012, http://www.guardian.co.uk/world/2012/may/03/osama-bin-laden-rebranding-al-qaida
8 - European Commission's Expert Group on Violent Radicalisation, “Radicalisation Processes Leading to Acts of Terrorism”, A Concise Report submitted to the European Commission, 15 May 2008, p. 6.
9 - H. Mneimneh, ‘Takfirism’, Critical Threats, 1 October 2009, http://www.criticalthreats.org/al-qaeda/basics/takfirism
10 - S. S Shahzad, “Takfirism: A Messianic Ideology”, Le Monde diplomatique, 3 July 2007, http://mondediplo.com/2007/07/03takfirism
11- O Akanji, The politics of combating domestic terrorism in Nigeria. In: W Okumu, and A. Botha, (eds.), Domestic terrorism in Africa: defining, addressing and understanding its impact on human security, Pretoria: Institute for Security Studies, 2009, p.60.
12 - T. Mamu, “Another Islamic Sect emerges…to counter Boko Haram”, Desertherald, 2 June 2012, http://desertherald.com/?p=1526#more
13 - S Shuaib, “New Group Emerges, Vows To Avenge Killing Of Muslims”, Leadership, 3 June 2012.
14 - Associated Press, “Mali-Al-Qaida’s Sahara Playbook”, (undated) http://hosted.ap.org/specials/interactives/_international/_pdfs/al-qaida-manifesto.pdf
15 - J. Ajani & S. Edeh, “Abduction of Foreigners: Security forces close in on kidnappers”, Vanguard, 24 February 2013.
16 - A. Abdulkadir, “Dead Hostages: Did AQIM kill McManus and Lamolinara?, Citizen Platform, 10 March 2012.
17 - Stratfor, “Nigeria: AQIM attempts to expand”, Stratfor, 15 June 2010.
18 - F.C. Onuoha, “The Audacity of the Boko Haram: Background, Analysis and Emerging Trend”, Security Journal, Vol. 25, No. 2, (2012), p.143.
19 - M. Bey and S. Tack, “The Rise of a New Nigerian Militant Group”, Straffor, 21 February, 2013.
20 - Vanguard, “Ansaru Islamists claim to kill 7 foreign hostages”, 10 March 2013.