سياسة قطر الخارجية في عهد الشيخ تميم: قطيعة أم استمرار؟

بعد أن تولى منصب أمير قطر، أصبح الشيخ تميم قائدًا لبلد انتقل خلال سنوات من إمارة بترولية لا يعتد بها إلى فاعل أساسي في ميزان القوى الإقليمي. ورغم الانتقادات الحادة، فإن قطر لا تبدو متجهة إلى تغيير مفاجئ لأسس دبلوماسيتها.
201371195916438580_20.jpg
الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني يفتتح الاجتماع الأول لمجموعة الاتصال الدولية بشأن ليبيا في 14 أبريل/نيسان الماضي بالدوحة (الأوروبية-أرشيف)

تولى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مهام رئيس الدولة رسميًا إثر قرار والده مغادرة السلطة. وكان لهذا الانتقال الديمقراطي الذي أُعلن عنه يوم 25 يونيو/حزيران 2013، صدى كبير في المنطقة؛ فلأول مرة في تاريخ الخليج الحديث يقرر حاكم التنازل بمحض إرادته عن قيادة بلاده. وقد أثار هذا الوضع الجديد ردود فعل كثيرة على المستويين الإقليمي والدولي.

يتعين علينا أن نتساءل: هل سيؤثر هذا الانتقال، وإلى أي مدى، على سياسة قطر الخارجية؟ سنستعرض في هذه الدراسة حالة علاقات قطر مع الفاعلين الأساسيين في الساحة الدولية (خارج العالم العربي)، مع توضيح آفاق تطور علاقة كل قوة عظمى مع الدوحة.

الولايات المتحدة: استمرار علاقة قوية على المستوى الأمني

الولايات المتحدة هي أجدر بلد نبدأ به هذا العرض؛ فهي أعظم قوة في العالم، ودورها كبير في المعادلة الاستراتيجية الإقليمية، ولا شك أن نفوذها سيظل مؤثرًا لوقت طويل في المستقبل. ومن شأن التعاون العسكري مع واشنطن أن يتعزز إذ هو حجر الزاوية في سياسة  الأمن القطري؛ ففي سياق إقليمي يتسم بالتوتر نظرًا لانسداد الأوضاع في سوريا والاضطراب المزمن لبعض البلدان (العراق، البحرين، اليمن،... إلخ) ومواصلة البرنامج النووي الإيراني، سيكون من المرجح أن تستمر قطر في التمسك بخيار المظلة العسكرية الأميركية.

وقد بدأ هذا التعاون الوثيق بين الدوحة وواشنطن عام 1996، أي العام الذي اكتمل فيه بناء قاعدة العديد. وتم تكثيف تجهيز القاعدة انطلاقًا من عام 2003 بعد نقل مركز القيادة الأميركية في الشرق الأوسط (Centcom) إلى مكان قرب الدوحة. ولم يتجسد هذا التعاون فقط على مستوى استقبال المنشآت وإنما أيضًا على مستوى شراء المعدات العسكرية والقيام بمناورات مشتركة بين جيشي البلدين.

كما أن الولايات المتحدة تظل على المستوى التجاري أكبر مزود لقطر، ويزداد باطّراد حجم العلاقات التجارية بين الجانبين. وتعتبر هذه الظرفية المواتية ثمرة يعود جزء منها لمتانة العلاقات السياسية التي استطاعت، رغم التناوب السياسي في البيت الأبيض، المحافظة على جودتها في ظل الإدارات المتعاقبة منذ عام 1995. ومع ذلك لابد من التنبيه إلى أنه منذ اندلاع الثورات العربية فإن العلاقة مع الولايات المتحدة يشوبها نوع من الاضطراب. فبعد أن شاركت طيلة عقود في الانتقاص من قوى الإسلام السياسي (خاصة حركة الإخوان المسلمين)، أظهرت الولايات المتحدة نوعًا من الامتعاض قبل أن تعبّر عن تقديرها الكامل للحكومات المنتخبة مؤخرًا في بلدان الربيع العربي (تونس ومصر خاصة). وقد تولَّد عن هذه الصعوبة في الاعتراف بقادة لا مطعن في شرعيتهم الشعبية، لمجرد أن أيديولوجيتهم لا تساير الرؤية التي تدافع عنها الممثليات الدبلوماسية الغربية، نوع من النأي عن الخط الذي تدافع عنه السلطات القطرية؛ فقد دأبت قطر منذ بداية الانتفاضات على تقديم دعم فعلي لتطلعات الشعوب وهي تسعى إلى الحرية. وقد قاد ذلك إلى سياسة تقارب ودعم (وصفها البعض بالتدخل) من أجل تعزيز مراحل الانتقال الهشة. ففي مصر، وهي فاعل أساسي في الساحة شرق الأوسطية، تجسد النشاط القطري في دعم مالي مباشر لحكومة محمد مرسي على شكل هبات وقروض واستثمارات بلغت مليارات الدولارات (1).

وقد انجر عن هذا الاختلاف في إدراك الأمور نوع من سوء التفاهم بين القادة القطريين والمسؤولين الأميركيين (الغربيين بشكل عام)؛ فالقطريون يُحيُّون ويدعمون التجارب الديمقراطية الأولى التي شهدها العالم العربي، بينما يتوجس الغربيون خيفة من تزايد نفوذ إسلام سياسي يرون فيه نقيضًا لمصالحهم. وقد عبّر عن ذلك بقوة قبل سنوات السيناتور السابق جون كيري (وزير الخارجية الأميركية الحالي) "لا يمكن لقطر أن تكون حليفًا لأميركا يوم الاثنين ثم ترسل المال إلى حماس يوم الثلاثاء" (2)، وقد ازدادت صعوبة فهم الأميركيين لروافد الدبلوماسية القطرية بعد زيارة أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة لغزة في أكتوبر/تشرين الأول 2012. ولا شك أن هذه الزيارة التي كسرت الحصار السياسي والدبلوماسي على غزة الذي كانت تل أبيب حريصة على استمراره، قد أثارت الغضب الإسرائيلي لكنها لم تثر كثيرًا حفيظة إدارة أوباما. وفي خضم هذه الزيارة، أعلن مسؤول إسرائيلي سام أن قطر ستصبح في النهاية "العدو اللدود لإسرائيل" (3).

فمن بين التحديات التي سيواجهها الشيخ تميم تندرج، إذن، ضرورة إقناع الأميركيين (والرأي العام داخل الولايات المتحدة) بتقبل المشهد السياسي الإقليمي الجديد الذي تلعب فيه تشكيلات الإسلام السياسي دورًا حاسمًا. ولن يمر هذا الموقف دون إحداث هزات لأنه يتعارض في الصميم مع المصالح الإسرائيلية التي لا يخفى ما لها من أهمية لدى الإدارة الأميركية. ولهذا لم يكن غريبًا أن نرى بعض أجهزة الإعلام تبادر إلى الترويج لهذا التوتر؛ فصاحب افتتاحية الواشنطن بوست، أكد عشية نقل السلطة إلى الأمير أن قطر "ليست لها أجندة ليبرالية وإنما طائفية وإسلامية" (4). ولهذا يكمن واحد من أهم رهانات فريق السلطة الجديد في الدوحة في تقديم وجه أكثر جاذبية لدبلوماسيته. وسيكون من الوسائل لتحقيق ذلك العودة إلى ما شكَّل لُبّ السياسة الخارجية القطرية في عقد الألفين وأكسبها مصداقية مشهودة على المستوى الدولي ألا وهو دبلوماسية الوساطة. وربما يشكِّل افتتاح ممثلية دبلوماسية لطالبان، أيامًا معدودات قبل تولي الشيخ تميم للسلطة، مؤشرًا لعودة هذه الاستراتيجية.

فرنسا/بريطانيا العظمى: التعاون العسكري كسند للشراكة الاقتصادية

بالنسبة للقوتين الغربيتين الأخريين (بريطانيا العظمى وفرنسا)، فإن المعادلة تكاد تكون هي هي؛ فالبلدان قوتان نوويتان وعضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي، وهما حليفان استراتيجيان لقطر وخاصة على المستويين الدبلوماسي والعسكري. ففي نطاق هذه المجموعة من القوى العظمى (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا)، قررت قطر إقامة تعاون متين من أجل تأمين حدودها ومنشآتها الغازية. وتشكّل فرنسا مثالاً جليًا لهذه المقاربة: فقد ظل الجيش الفرنسي، المشهور بخبرته العملية، يزوِّد الجيش القطري بالعتاد منذ أمد بعيد وإلى اليوم، وتشكّل الطائرات الفرنسية معظم الأسطول الجوي القطري. وخلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار 2013، قام الجيشان بمناورات مشتركة تحت عنوان "صقر الخليج"، عُبّئ لها 3000 رجل، وطالت مختلف مستويات القيادة في سيناريو مكثف شمل القوات الثلاث: البرية والبحرية والجوية.

ويشكّل التعاون في المجال العسكري العمود الفقري للشراكة الاستراتيجية المبرمة بين الدوحة والعواصم الغربية؛ ففي ختام الزيارة الرسمية التي قام بها مؤخرًا لقطر، أعلن الرئيس فرانسوا أولاند أن "فرنسا ستظل على الدوام إلى جانب قطر للدفاع عنها وضمان أمنها". وقد تم تأكيد هذا الإعلان بملحق يركز على الجانب "الصناعي" لهذا الالتزام. ذلك أن باريس ولندن باتتا تنظران لقطر بوصفها شريكًا اقتصاديًا استراتيجيًا صاعدًا. وفي سياق أوروبي يتسم بأزمة ديون متواصلة تنذر بكساد بل بإفلاس محدق، تحاول الحكومات تنمية أكبر قدر ممكن من العلاقات مع الأسواق الصاعدة التي ينظر إليها بوصفها مخارج محتملة من الأزمة. ونظرًا إلى عزم قطر على استثمار 120 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة (5) في مشاريع صناعية وبنى تحتية واقتناء معدات عسكرية، بات يُنظر إلى السوق القطري باهتمام بالغ من أجل زيادة أنصبة المؤسسات الوطنية؛ ففي غضون الأشهر الماضية، توافد على الدوحة كبار صانعي القرار السياسي مثل ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز والوزير الفرنسي المنتدب للتجارة الخارجية وعمدة لندن ثم الرئيس الفرنسي. وفي كل مرة تصدرت المباحثات الملفات الاقتصادية وقضية العقود وفرص الاستثمار. ويبدو أن معادلة الأخذ والعطاء ستسود في ظل تولي الشيخ تميم للحكم في مجال الشراكة مع الدول الأوروبية الكبرى؛ فقطر تحتاج إلى الدعم الغربي في الملفات الدبلوماسية والعسكرية الكبرى (مثل الأزمة السورية)، والممثليات الدبلوماسية الغربية تحتاج إلى قطر لإنعاش اقتصاداتها. ويتم الحصول على الاستثمارات القطرية من خلال طريقتين، تتمثل إحداهما في استفادة المؤسسات الفرنسية والإنجليزية من الصفقات الكبرى المتعلقة بالمنشآت في قطر، وتتمثل الأخرى في حفز صندوق السيادة القطري على الاستثمار داخل أراضي البلدين. ويتم رسميًا دفع هذا الاستثمار في البلدين من خلال تشجيع شراء أسهم في المؤسسات الكبرى أو الدخول المباشر في النسيج الصناعي والعقاري أو الرياضي.

أما العنصر الآخر الذي يتعين على الشيخ تميم مراعاته، كما هي الحال بالنسبة للولايات المتحدة، فهو نظرة الرأي العام الغربي السلبية لقطر. وتبرز هذه النظرة بشكل خاص في فرنسا حيث يعكس الجزء الأكبر من الصحافة نظرة توجس بل عداء تجاه قطر التي تُتهم غالبًا بأن لديها أجندة خفية عدائية. وتتعدد روافد هذه الحملة التي ينبغي أن يُميز فيها بين ما هو مجرد تلفيق وبين ما يدخل في نطاق تصفية الحسابات أو ما يعود إلى صراع الهويات. كما ينبغي أن لا يفوتنا أن بعض التساؤلات التي تُطرح واردة فعلاً؛ فظهور فاعل جديد ذي نشاط مقلق قد شوش على جزء من الرأي العام. وبشكل أكثر خفوتًا في بريطانيا، يسود إحساس بأن "البلد" تشتريه قوة مالية لبلد عربي ثري، ويثير هذا الإحساس ردود فعل سلبية قوية. ولاحتواء هذه الانطباعات التي قد تضر بالعلاقة الثنائية، فقد يكون من المناسب تبني خطة إعلامية متعددة الأشكال. وقد تتمحور الخطوط العريضة لهذه الخطة في حملات لتحسين الصورة، تُبرز فوائد وامتيازات الشراكة بين فرنسا وقطر وخاصة في المجال الاقتصادي.

روسيا/الصين: مصالح مشتركة في مجال الطاقة فوق الخلافات السياسية

فيما يخص روسيا والصين ينبغي الاعتراف بأن العلاقات عانت كثيرًا من الخلاف بشأن القضية السورية. لكن لا ينبغي اختزال العلاقات الثنائية في النزاع السوري؛ حيث إنه من الملاحظ أن مصالح قطر وروسيا تتقاطع في مجال الطاقة على المدى الطويل. فمع إيران، تشكّل الدوحة وموسكو ما بات يُعرف بـ "ترويكا الغاز الكبرى"، المحرك الحقيقي لسوق الغاز الدولي ونواة نادي الدول المصدرة للغاز EPEG الذي أُنشئ عام 2001. وتتعاظم هذه المكانة الاستراتيجية نظرًا لأهمية الغاز المتصاعدة؛ فالغاز يشكّل اليوم ربع استهلاك الطاقة في العالم وبات يستقطب الاهتمام أكثر فأكثر، حيث بات يمثل بديلاً محتملاً للنفط كما أنه أقل مصادر الطاقة الأحفورية تلويثًا للبيئة. وروسيا وقطر، رغم تقلبات الأزمة السورية، مضطرتان إلى التفاهم من أجل الحفاظ على مستوى من الإنتاج يكون في الوقت ذاته مقبولاً لدى مختلف فرقاء السوق، ومستجيبًا لمتطلبات موازنات البلدين العمومية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسعر هذه المادة الأولية. ويمكن أيضًا أن نستند إلى فرضية مؤداها أن على قطر وروسيا تعزيز تعاونهما لتبقيا متحكمتين في لعبة الطاقة التي يُنتظر أن يلعب فيها فاعلان آخران جديدان (أستراليا والولايات المتحدة)، في مستقبل قريب، دورًا يمكن أن يهدد هيمنة الدوحة وموسكو.

ومن المتوقع احتدام التنافس في هذا المجال حيث تطمح أستراليا إلى منافسة قطر على موقع المنتج العالمي الأول للغاز الطبيعي المسال اعتبارًا من عام 2017. وقد نجحت أستراليا في استقطاب أكثر من 170 مليار دولار من الاستثمارات في هذا المجال، وأعلنت عزمها على مضاعفة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال أربعة أضعاف. وفي الوقت ذاته ترعى الحكومة الأميركية وتدعم التحول التاريخي في السياسة الاستراتيجية لسوق الطاقة الدولية. ونظرًا لتدفق الإنتاج الداخلي من الغاز والنفط من الصخر المتبلر (الشست)، فستصل الولايات المتحدة قريبًا إلى مستوى الاكتفاء الذاتي، وهي تستعد لأن تحل اعتبارًا من عام 2015 محل روسيا كأول منتج عالمي للغاز الطبيعي. ويعني الوصول إلى هذا المستوى من الإنتاج تراجعًا آليًا للدور الاستراتيجي لقطر ولمنطقة الخليج في أعين المفكرين الاستراتيجيين الأميركيين. ويعزز هذا الاتجاه أن الولايات المتحدة ستحل ابتداء من عام 2020 محل العربية السعودية كأول منتج عالمي للنفط. ولهذا يمكن أن نتوقع مع نهاية العقد الحالي حدوث انقلاب حقيقي على المستويين الجيوسياسي والطاقوي. وما بات مؤكدًا هو أن الخليج سيفقد طابعه الاستراتيجي لدى صنّاع القرار الأميركيين. لكن تراجع الخليج سيكون نسبيًا لأن الولايات المتحدة، وإن استغنت عن المنطقة في مجال التزود بالمحروقات، فستظل حريصة على مراقبتها لأنها ستبقى منطقة استراتيجية بالنسبة لتزويد الصين: منافستها الكبيرة.

وقد ظلت العلاقة بين قطر وبيجين (وستبقى كذلك لفترة طويلة) مدفوعة بالتعاون في مجال الطاقة؛ فالصين، التي هي الآن ثاني قوة اقتصادية في العالم، تواصل نموها الاقتصادي بوتيرة متسارعة ستحوِّلها في غضون خمسة عشر عامًا إلى أكبر اقتصاد عالمي بدل الولايات المتحدة. وهذا النمو المذهل مصحوب بزيادة معتبرة في استهلاك الطاقة. وفي إطار هذه الحاجة المتبادلة لتعميق العلاقات تُصاغ المعادلة بين العاصمتين؛ فالصين التي هي ثاني مزود وسادس زبون لقطر ستصبح شريكًا اقتصاديًا كبيرًا في هذا العقد.

تركيا/ماليزيا: فاعلان جديدان ذوا قدرات كبيرة

هناك فضاء آخر ينتظر أن يثير، على أعلى المستويات، اهتمام السلطات القطرية بعد تولي الشيخ تميم للسلطة ألا وهو فضاء البلدان الإسلامية التي تجمع بين ثلاثة مقومات أساسية، هي: الاستقرار السياسي والفرص الاقتصادية والحيوية الديمغرافية. ووفق هذه الرؤية، تبرز تركيا وماليزيا بوصفهما شريكين جديدين سيكون من مصلحة قطر أن تعزز وتطور تعاونها معهما. وبالنسبة لتركيا فإن متانة العلاقات على المستوى السياسي (خصوصًا تطابق الموقف من القضية السورية)، يشكّل سندًا لقفزة نوعية في العلاقة الثنائية. ومع أنها بمثابة رئة حقيقية لاقتصاد الشرق الأوسط وموئل لاستقرار سياسي ملحوظ خلال السنوات الماضية، فإن لتركيا ميزة أخرى تتمثل في تصميمها على إرساء علاقات استراتيجية مع البلدان الإسلامية في إطار دبلوماسية "العثمانية الجديدة" التي انتهجتها حكومة رجب طيب أردوغان. وهناك داع آخر للشراكة مع أنقرة هو إشعاعها الثقافي الذي يعطي لدائرة نفوذها عمقًا استراتيجيًا يمتد إلى قلب آسيا الوسطى.

أما فيما يخص ماليزيا، فنلاحظ توافر الخصائص ذاتها: اقتصاد مزدهر واستقرار سياسي وحيوية ديمغرافية وقدرات سياحية واعدة. وقد تم بالفعل اقتناص هذه الظرفية المواتية حيث أعلنت "قطر القابضة" مؤًخرا عن عزمها رفع محفظتها الاستثمارية الموجهة للسياحة والبيتروكيمياء إلى 10 مليارات دولار. وتوفر ماليزيا عامل استقطاب آخر للنظام المصرفي القطري حيث أصبحت واحدة من أكبر القوى المالية الإسلامية على المستوى العالمي. ولذلك سيكون من المواتي استشراف وسائل تعاون أكثر عمقًا في هذا المجال الذي يتميز، على نقيض النظام المالي التقليدي، بنسبة نمو استثنائية.

الخاتمة

بعد أن تولى منصب أمير قطر، أصبح الشيخ تميم قائدًا لبلد انتقل خلال سنوات معدودات من إمارة بترولية لا يعتد بها إلى فاعل أساسي في ميزان القوى الإقليمي. وعلى الرغم من الانتقادات الحادة التي توجه لسياستها الخارجية، فإن قطر لا تبدو متجهة إلى تغيير مفاجئ لأسس دبلوماسيتها.
_____________________________________
نبيل الناصري - باحث في معهد ايريس للأبحاث في العلاقات الدولية والاستراتيجية، ومؤلف كتاب " لغز قطر"

المصادر
1- http://www.foreignaffairs.com/articles/139543/marina-ottaway/who-will-save-egypt
2- http://www.ft.com/intl/cms/s/2/70b9be8c-05b6-11e1-a429-00144feabdc0.html#axzz2XnURu6zT
3- http://www.jpost.com/Diplomacy-and-Politics/Senior-diplomatic-source-Qatar-is-a-bitter-enemy
4- http://articles.washingtonpost.com/2013-06-26/opinions/40206551_1_qatar-s-al-thani-sheik-hamad-bin-khalifa
5- http://www.qatarchamber.com/qatar-to-undertake-120bn-projects-by-2020-sada/

ABOUT THE AUTHOR