حركة الشباب المجاهدين: بين النزاع الداخلي والسقوط الميداني

فقدت حركة الشباب بالصومال سيطرتها الإدارية والعسكرية على مناطق شاسعة من الصومال، إلا أنها تبقى حاضرة في الساحة وإن اختلفت طبيعة تواجدها. وفي المنظور القريب سوف تتمكن الحركة من تنفيذ عمليات وتفجيرات ضد من تصفهم بأهم أعداؤها، وستتفرغ لتخطيط وتنفيذ عملياتها النوعية دون أن تتكبد خسائر كبيرة.
2013122411464455734_20.jpg
(الجزيرة)

ملخص
توصف حركة الشباب المجاهدين بأنها تتمتع بالقوة التنظيمية، وبالحفاظ على التسلسل الهرمي للإدارة، وبالتبعية المطلقة للأمير الذي هو وحده من يدير الملفات الحساسة مثل الإعلام، والأمن، والعمليات النوعية، ومن خلال هذا التماسك الداخلي استطاعت الحركة أن توسع عسكريا، وأن تسيطر على تسع مناطق حيوية من الجنوب من أصل ثماني عشرة منطقة من جمهورية الصومال.

وقد فقدت الحركة سيطرتها على مناطق صومالية واسعة لكنها ما زالت تسجل حضورا في الساحة الصومالية، ولا شك أنه ما زال لديها القدرة على تنفيذ عمليات وإشعال تفجيرات تستهدف من تصفهم الحركة بالأعداء وسيكون بقدرتها التحرك بسرعة خصوصا وأنها لم تعد لها علاقة مباشرة مع السكان ولم تعد تدير الشأن العام بعد فقدانها مدينة كسمايو وغيرها من المدن الصومالية مما يعني أنه سيكون عندها من الوقت ما يسمح لها بالتخطيط للهجوم والتفجير دون أن تتكبد خسائر كبيرة.

وقد أصبحت تحت قيادة واحدة مهيمنة بعد اغتيال هذه القيادة للعديد من أعضاء الحركة واستفرادها بالقيادة، وفي ظل هذه الظروف الجديدة، فسيكون بإمكان هذه القيادة إدارة شؤونها الأمنية والعسكرية والحفاظ على ما تبقى من الوحدة الداخلية مع استمرار تعاطفها وتواصلها مع التنظيم الدولي للقاعدة الذي كان ولا يزال داعما أساسيا لأمير الحركة.

الوحدة الداخلية مقابل التمكين

توصف حركة الشباب المجاهدين بأنها تتمتع بالقوة التنظيمية، وبالحفاظ على التسلسل الهرمي للإدارة، وبالتبعية المطلقة للأمير الذي هو وحده من يدير الملفات الحساسة مثل الإعلام، والأمن، والعمليات النوعية، ومن خلال هذا التماسك الداخلي استطاعت الحركة أن توسع عسكريا، وأن تسيطر على تسع مناطق حيوية من الجنوب من أصل ثماني عشرة منطقة من جمهورية الصومال.

وحتى وقت قريب، كان الخطاب الإعلامي للحركة مبنيا على نشر الأفكار الجهادية، وعلى الدعوة للدفاع عن الإسلام في مواجهته للمخطط الأمريكي خصوصا والغربي بشكل عام، ويصادف هذا الخطاب قبولا لدى فئات عمرية معينة من الشباب، بالإضافة إلى خلقه وعيا لا بأس به لدى أوساط كثيرة من المجتمع المتدين الذي كان يرى أن الحركة تدافع عن الإسلام، وتحمل قيمه ومبادئه، رغم وجود أصوات دينية وسياسية كانت ترفض وتنكر تصرفات الحركة، وكانت ولا تزال تدعوا إلى محاربتها واستئصالها.

لا يشك المتابع لمسيرة الحركة منذ تكوينها أن من أهم أسباب انتصاراتها السريعة ومكاسبها السياسية على الأرض وحضورها الفكري ما يمكن إرجاعه أولا إلى التماسك الداخلي بين قيادات الحركة من جهة، والرسالة الموحدة التي كانت ترسل تلك القيادة إلى أعضائها وأتباعها، وثانيا: توجيه سهامها الأساسية إلى الأطراف السياسية فقط مثل الحكومة، والقوات الأفريقية، لكن عندما برز إلى العلن حجم الخلافات الكبيرة بين قياداتها، وكذلك عندما وجهت الحركة سلاحها إلى فئات دينية محلية، تغيرت بشكل جذري نظرة الشعب إلى الحركة، بالإضافة الى ذلك تم استيلاء القوات الحكومية والأفريقية على المناطق الاستراتيجية التي كانت الحركة تسيطر عليها، مما يعني تقلص وجود الحركة الميداني.

من النزاع الداخلي إلى التصفية الجسدية

عند تأسيس حركة الشباب سنة 2008 تم الاعلان عن الأسماء والشخصيات البارزة للحركة الجديدة، وبفضل ثقل هذه القيادات استطاعت الحركة تجاوز عقبات كثيرة، بل والحصول على حاضنة دينية لها وبشكل عام، كما تمكن من إيجاد تعاطف نسبي في بعض المناطق، ومهد ذلك كله لتوسع العسكري وسيطرة على مناطق ومدن أغلبها يقع في جنوب البلاد، لكن بعد أن نشب خلاف فكري ومنهجي بل وإداري بين أمير الحركة وقيادات بارزة خسرت الحركة ثقلها العسكري ووجودها الإداري والتنفيذي في بعض المدن مع تراجع تأثيرها على أتباعها وبين المتابعين لسيرها.

ويمكن الإشارة إلى أهم شخصيات خالفت أمير الحركة، وكيف أصبح مصيرها؛ حيث إن بضعهم اغتيل، والبعض الآخر مات بطريقة غامضة، ومن أبرز هؤلاء:

أولا: الشيخ إبراهيم حاج جامع، المشهور بإبراهيم الأفغاني، المؤسس الأول للحركة، ومرشدها الروحي، وهو رفيق عبد الله عزام، وأبو مصعب السوري. شارك حاج جامع في الجهاد الأفغاني في الثمانينات، ووضعت أمريكا خمسة ملايين دولار مكافأة لقتله أو من يدلي معلومات عنه، كما أنه كان حاكم مدينة كسمايوا الساحلية بعد سيطرة الحركة عليها، وتمكن من توسيع الرقعة الجغرافية التابعة للحركة من مناطق جوبا السفلى وجوبا الوسطى بالإضافة إلى جدوا. إلا أن الرجل اغتيل على يد مسلحين من الحركة في مدينة براوة بعد احتجازه، وتم قتله دون محاكمة، وقتل معه الشيخ عبد الحميد حاشي، المشهور بـ"معلم برهان"، وهو الذي كان رئيس المكتب الدعوي للحركة، وعضوا في المكتب التنفيذي. ترك مقتل الرجلين صدمة في صفوف مقاتلي الحركة، ويعتقد أن سبب استهدافهما الأساسي هو الورقة التي أرسلها إبراهيم الأفغاني إلى زعيم القاعدة أيمن الظواهري بعنوان: إني أنا النذير العريان. وقد انتقد إبراهيم الأفغاني فيها أمير الحركة وشكك في نزاهته وشرح مطولا الأخطاء التي ارتكبها بحق المنهج والتنظيم وسلطاته المطلقة التي تنال القضاء وتأسيسه محاكم خاصة، أما تهمة "معلم برهان" فهي أنه أيد رسالة إبراهيم الأفغاني، وأفتى بعدم جواز استهداف قيادات الحركة مثل أبو منصور الأمريكي.

ثانيا: الشيخ مختار روبوا، المشهور بأبي منصور، وهو عضو مؤسس للحركة، والمتحدث الأول باسمها، ونائب الأمير في بعض مراحلها، ويعتبر الرجل المعتدل في التنظيم، وصاحب نظرية التسامح مع المجتمع، وكانت له مواقف سياسية وإعلامية وفرت للحركة بيئة حاضنة لها في بعض المناطق والقبائل، خاصة المناطق التي ينتمي لها هو. تم عزل الشيخ روبوا من منصبه كمتحدث باسم الحركة، كما همش دوره بشكل ملحوظ، وقطع اتصاله مع المقاتلين وأبناء الحركة، وأرغمت به الظروف أن يفر بنفسه إلى مجاهيلَ وأدغالٍ في بوادي المناطق الصومالية الجنوبية، وظل ينتقل من ريف إلى ريف فارا بنفسه، وكان معه نفر قليل من المقاتلين يصعب عليهم توفير الحماية له تحت ظل هجوم ومطاردات حركة الشباب له، مع أنه كان يوما ما أحد زعمائها المرموقين.

ثالثا: أبو زبير المهاجر، عضو مجلس شورى الحركة، ورئيس محكمة التحكيم بين أمير الحركة ومخالفيه، وهو في الأصل من جزر القمر، وبالإضافة لتكوينه الشرعي فإنه كان مدربا عسكريا. كتب أبو زبير المهاجر بعد فشل محاولته لرأب الصدع بين أمير الحركة ومنتقديه من قيادات الحركة كتب رسالة علنية بعث بها إلى أحمد عبدي جدني "أبو الزبير" أمير حركة الشباب المجاهدين وعنون في رسالته، "نعم هناك مشاكل" وأشار إلى أن الأمير يخالف قرارات المحكمة الشرعية لفض النزاعات، وأنه أقام محاكم خاصة له لتعذيب المخالفين، وحاول اغتيال قادة الحركة من الصوماليين والمهاجرين من أمثال أبو منصور الأمريكي ورفيقيه: خَطاب المصري وأسامة البريطاني.

وبعد نشره هذه الرسالة انقطعت أخباره، ويرجح أنه هو الآخر لقي حتفه وقتل مع الشيخ إبراهيم الأفغاني، ومعلم برهان، لكن الحركة لم تؤكد مقلته، كما أنها لم تنف ذلك.

رابعا: عمر حمامي، المشهور بـ"أبو منصور الأمريكي"، قائد عمليات مقديشو، ومدرب عسكري، وكان يعتبر الوجه الغربي المكلف بصياغة الخطاب الإعلامي الموجه إلى الناطقين بالإنجليزية، وقد لقي هو الآخر مصرعه في أدغال مناطق بَايْ في الجنوب الغربي من الصومال بعد مطاردات استمرت بضعة أشهر، وفي آخر تصريح له أشار إلى أنه يخاف على نفسه من قيادة الحركة، وقتل معه عدد من المقاتلين الذي جاءوا من دول غربية مثل أبو أسامة البريطاني.

ولدت هذه العمليات الموجهة والمستهدِفة لقياداتٍ مرموقة من الحركة تساؤلاتٍ جوهريةً حول مستقبل هذه  الحركة ووجودها في الصومال، وكما جرت العادة، فإن أي تنظيم يتشقق من داخله، لا شك، سينتهي أولا مبرر وجوده الأخلاقي أمام أعضائه، ثم أمام أتباعه ثانيا، وأخيرا، وليس آخرا، سيؤثر ذلك الانشقاق على نظرة المجتمع لهم، وهو ما حدث فعلا لحركة الشباب في الآونة الأخيرة، حيث برزت إلى العلن شخصيات كانت مؤيدة للحركة في السابق وبدأت تنتقد الآن التوجه الفكري والديني لقيادة الحركة، مما اضطر البعض منهم للفرار نحو البحر، وانتهى بهم المطاف مجبورين إلى طلب اللجوء لدى أعدائهم، مثل الشيخ حسن طاهر أويس زعيم الحزب الإسلامي السابق، الذي أرغمته الظروف إلى استئجار زورق صغير من مدينة براوة الساحلية باتجاه وسط البلاد، وانتهى به الأمر أن يكون معتقلا في أحد سجون الحكومة الصومالية في مقديشو، وتلك قصة أخرى ليست مجال بحثها هذه الورقة.

المواجهة مع الأقربين المفترضين

خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وجهت الحركة جهودها الإعلامية وعملياتها الاستهدافية إلى فئات كان من المتوقع أنها قريبة منها، وهي فقهاء الدين الشرعيون وبالأخص فقهاء التيار السلفي، وقامت الحركة باستهداف مشايخ كبار من التيار السلفي أبرزهم الدكتور أحمد حاج عبد الرحمن الذي اغتيل قرب مسجد في بوصاصو بعد صلاة الفجر مباشرة وهو صائم يوم عاشورا الموافق للخامس ديسمبر/ كانون أول 2011، وقد لقي هذا الفعل تنديدا وغضبا شعبيا ضد الحركة، وتم القبض على خمسة من منفذي الهجوم على الدكتور، وحكم عليهم بالإعدام، وتم تنفيذ الحكم عليهم بعد سنة من الاغتيال.

لكن القشة التي قصمت ظهر البعير هي عندما اغتالت الحركة أيضا المرجع الديني السلفي الآخر الشيخ عبد القادر نور قارح، (76 عاما) يوم 15 فبراير/ شباط 2013 حيث أطلق عليه النار شاب في بعد وهو يصلي في أحد مساجد مدينة غرووي عاصمة إقليم بونتلاند، لكن، تمكن المصلون من القبض على الجاني، وهو الآن معتقل، وبانتظار محاكمته القضائية.

هذه التصرفات جعلت الرأي العام الصومالي ينظر إلى تصرفات الحركة على أنها جماعة خارجة عن المنهج الإسلامي الصحيح كما أصدرت هيئة علماء الصومال فتوى شرعية تدعو إلى التصدي لحركة فكريا ومحاربتها عسكريا، وزادت هذه الفتاوي سخط فئات من المجتمع على الحركة، وتم تكوين لجان من العلماء ووجهاء القبائل من تكوين تحالف ضد أفكار حركة الشباب المجاهدين.

انحسار رقعة السيطرة للحركة

منذ انسحاب قوات الحركة من العاصمة مقديشو، بدأ العد التنازلي لأهمية الحركة الميدانية، حيث فقدت السيطرة على مدينة كسمايو الساحلية التي كانت تدر موارد مالية يتم تحصيلها من الرسوم المفروضة على حركة البضائع الصادرة من الميناء والواردة إليه، وكان أهم مصدر دخل هو الفحم التي كان يعتبر مدخلا ماليا ضخما للحركة، وتسيطر على مدينة كسمايو الآن قوات إدارة جوبا والقوات الكينية المنضمة لاحقا إلى القوات الأفريقية الأميصوم.

تمكنت القوات الحكومية والأميصوم معا من السيطرة على مدينة بيدوا، وتكمن أهمية المدينة في أنها تربط بالعاصمة بجنوب غرب البلاد، ويتبعها إداريا عدد من المدن الحاضنة لمقاتلي الحركة، مما أدى إلى خسارة الحركة أجزاء من مناطق "باي، وبكول" وهما المعقل الرئيسي للحركة، بالإضافة إلى معرفة  الأهالي أن ابن منطقتهم وهو " الشيخ مختار روبوا، أبو منصور" المتحدث السابق للحركة يعاني من عزلة، وتهميش دوره القيادي وسط الحركة.

وفي وسط الصومال خسرت الحركة مدينة بلدوين حاضرة إقليم هيران، وتشكل هذه المدينة الجسر الرابط بين جنوب البلاد مع شماله، وخسارتها تجعل الحركة مشلولة عسكريا وأمنيا خاصة في تحركاتها القتالية في المناطق الوسطى، كما أن فقدانها أغلق على الحركة طرقا رئيسية كانت تسهل تنقلاتها، ويسيطر على هذه المنطقة حاليا القوات الحكومية المدعوة من طرف القوات الجيبوتية التابعة للأميصوم.

تعتبر هذه المدن الثلاث مواقع استراتيجية بالنسبة لمن يرغب في التحكم في جنوب الصومال، وخسارة الحركة لها يضعها في موقف المتجول داخل القرى والمدن النائية، ويحول الحركة من تنظيم كان يسيطر على تسع مناطق من الوطن إلى كتل عسكرية وخلايا متنقلة، ويضع أكبر جهدها في الحفاظ على مقاتليها، والتخطيط لعمليات نوعية في المناطق الحيوية من البلاد، أو استهداف المقرات الحكومية والأفريقية عبر تفجيرات واغتيالات مبرمجة بشكل دقيق.

الحرب النفسية: طائرات بدون طيار

وفق المخطط الأمريكي الجديد لمحاربة التنظيمات الجهادية، تم استهداف القيادات العسكرية لحركة الشباب عبر الطائرات بدون طيار، وتكرر ذلك في الشهور الأخيرة، وأثر ذلك على طبيعة تحرك القيادات. وقد أعلن البنتاغون من حين لآخر عن نجاحه في استهداف قياديين ميدانيين منتمين للحركة، كما تشير في بعض الحالات في فشلها في الوصول إليهم، مثل حالة القيادي الكيني الأصل "عكرمة" الذي استطاع الإفلات من عملية أسر وشيكة في مدينة براوة، ويتهم بأنه العقل المدبر لهجوم وست غيت في نيروبي.

تؤثر هذه عمليات الطائرات بدون طيار على شكل التواصل بين قيادة حركة الشباب مع القواعد التنظيمية أو العسكرية، لأن القيادات العليا للحركة تضطر إلى الابتعاد عن الظهور، أو اجراء أي اتصالات مع أعضاء التنظيم، فذلك من شأنه أن يعرض القيادات العليا للحركة للخطر الشديد علي حياتهم. وكذلك، تقلص الدور الإعلامي لقيادات الحركة، وأصبح من النادر عقد مؤتمرات صحفية أو ندوات علنية أو التواصل مع الإعلام الخارجي، واعتمدت القيادات العليا للحركة في أغلب الحالات على إصدار البيانات الصحفية المكتوبة، واللافت أن الحركة كانت ناجحة في التواصل مع الإعلام المحلي والدولي بشكل أسبوعي أو شهري.

تشير مصادر عسكرية، إلى أن أمريكا وفرنسا سوف تكثفان عملياتها التي تعتمد على الطائرات بدون طيار والتي تستهدف المواقع والتمركزات التابعة للحركة، دون تحمل تكاليف باهظة لمحاربة مقاتلي الحركة، بالإضافة إلى تطوير وتعزيز الترتيبات العسكرية مع دول الجوار لتنفيذ هجوم أو عمليات عسكرية في المدن التي لا تزال تحت سيطرة حركة الشباب، وهو مما يجعل الحركة محاصرة جغرافيا، ومستهدفة جويا.

مستقبل الحركة في المنظور القريب

يعتبر هجوم "ويست غيت في نيروبي" أكبر عملية هجومية نفذتها حركة الشباب مؤخرا في خارج الصومال، ولا تكمن أهمية عملية "ويست غيت"  في حجم الخسارة البشرية والمالية فقط، بل في مدة استمرارها أيضا، وتغلبها على الأجهزة الأمنية الكينية، وأهم مكسب للحركة في هذا الهجوم هو، إعادة الروح المعنوية لمقاتليها بعد خسارتها الميدانية في أكبر من موقع استراتيجي في الصومال، وكذلك، تحويل الأنظار من الخلافات الداخلية بين أبناء الحركة إلى العمليات خارج الصومال، ربما للاستعداد الذهني للهجوم على دول الجوار مستقبلا، أو تنفيذ تفجيرات وعمليات تجعل الحركة من تنظيم محلي إلى تهديد إقليمي أوقاري.

رغم أن الحركة فقدت سيطرتها الإدارية والعسكرية على مناطق شاسعة من الصومال، إلا أنها تبقى حاضرة في الساحة وإن اختلفت طبيعة تواجدها. وفي المنظور القريب سوف تتمكن الحركة من تنفيذ عمليات وتفجيرات ضد من تصفهم بأهم أعداؤها، ولأنها لم تعد تدير شؤون الحياة المواطنين، فإنها قد تتفرغ لتخطيط وتنفيذ عملياتها النوعية دون أن تتكبد خسائر كبيرة مثل الانسحاب من المدن أو فقدان مقاتليها في الجبهات أثناء المعارك المباشرة.

وأيضا، ورغم  مقتل أو اغتيال قيادات تاريخية للحركة وبأيدي أبناء  الحركة نفسها وما تركته ذلك من آثار نفسية وشكوك بين أعضاء الحركة نفسها، فإن الحركة أصبحت تحت قيادة واحدة وبدون منازع وذلك بعد تصفية مخالفيها، وسوف تستطيع قيادة الحركة، في ظل الظروف الجديدة، إدارة شؤونها الأمنية والعسكرية والحفاظ على ما تبقى من الوحدة الداخلية مع استمرار تعاطفها وتواصلها مع التنظيم الدولي للقاعدة الذي كان ولا يزال داعما أساسيا لأمير الحركة.
____________________________________
* عثمان ع. محمود - كاتب متخصص في الشأن الصومالي

ABOUT THE AUTHOR