صعود هوية قومية الهان في الصين، الأسباب والتداعيات

تعزم الصين توظيف صعود الهوية القومية الهانية لتضفي الشرعية السياسية على عملية انتقال السلطة للقيادة الجديدة، وكذلك لبناء "صين قوية" على المستوى الدولي. وهذا ممكن التحقق ولكن بشريطة الاستقرار الداخلي أمنيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وتحسن العلاقة مع دول الجوار.
20144675342377734_20.jpg
بناء "صين قوية" يعرقله تبني بكين لهوية قومية الهان، ويتطلب استيعاب الهوية الإسلامية لشينجيانغ(تركستان الشرقية) (أسوشيتد برس)
ملخص
أظهر المجتمع الدولي اهتمامًا خاصًا بصعود الحس القومي في الصين لاسيما قومية الهان، التي تروج لها بكين أحيانًا على أنها الهوية الطبيعية للمواطن الصيني، وذلك على خلفية المغامرات العسكرية والسياسية الصينية الأخيرة، لاسيما تصعيدها للنزاع مع دول الجوار حول ملكية الجزر الواقعة في بحر الصين الشرقي والجنوبي، إضافة إلى الاضطرابات في إقليم شينجيانغ (تركستان الشرقية). ويبدو أن بكين تعتزم توظيف صعود المشاعر القومية الهانية على الصعيد الداخلي لتضفي "الشرعية السياسية" على عملية انتقال السلطة تحت قيادة الرئيس الصيني الجديد شي جي بينغ، وكذلك لبناء "صين قوية" على المستوى الدولي. وهذا ممكن التحقق ولكن بشريطة الحفاظ على نمو اقتصادي مناسب واستقرار اجتماعي معقول، ويتطلب أيضًا تهدئة الاضطرابات في شينجيانغ بنجاح وألا تنخرط الصين في أي صراع عسكري في حوض المحيط الهادئ بآسيا.

أظهر المجتمع الدولي على مدار السنوات القليلة الماضية اهتمامًا كبيرًا بصعود الحالة القومية في الصين(1)؛ حيث سلطت معظم وسائل الإعلام أضواءها على النزعة العسكرية الصينية المغامرة، وعلى سياسة بكين الخارجية الجريئة المتصلة بالنزاع مع دول الجوار على عدد من الجزر في بحر الصين الشرقي والجنوبي(2). كما وجه اهتمامًا متزايدًا للاضطرابات المتصاعدة في إقليم شينجيانغ (تركستان الشرقية)، والتي تُظهر تعارضًا حادًا بين التدابير التي تتخذها بكين لتحقيق الاستقرار والمقاومة التي يبديها الأويغور لحكم الهان(3). ويرسم هذان الموضوعان اللذان يترددان في الأخبار، السمة الأساسية لقومية الهان، والمتمثلة بتصاعد النزعة القومية في قيادة جمهورية الصين الشعبية نحو القومية الصينية؛ الأمر الذي يدفع بها لاتخاذ تدابير صارمة في الدفاع عن المصالح القومية على الساحتين الدولية والمحلية، بصرف النظر عن الانتقادات الدولية(4).

وهناك أسباب عميقة أخرى مسؤولة عن صعود الهوية القومية الهانية؛ فبينما استطاعت الصين بشكل كبير الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي في سياق تحديث سريع، يواجه كبار القادة فيها ثلاث مشكلات مستعصية: 

  • أولاً: كيف يمكنهم تبرير الفجوة التنموية الهائلة وكذلك مشكلات كثيرة اجتماعية اقتصادية في الاقتصاد الرأسمالي الحالي الذي يتعارض مع الأيديولوجية الشيوعية الرسمية؟ 
  • ثانيًا: كيف يمكنهم تبرير نظام "الحزب الواحد الشمولي" والحفاظ على شرعية الحزب الشيوعي الصيني السياسية؟
  • ثالثًا: كيف يمكنهم تحقيق انتقال ناجح للسلطة وللمرة الأولى بدون ترتيبات دنغ شياو بينغ السياسية في مرحلة "ما بعد دنغ"؟(5)

تجتمع الإجابات على هذه الأسئلة الثلاثة كلها في حل واحد: تعزيز القومية الصينية لاستعادة مجد الأمة بجعل الصين "قوة عظمى"؛ فتحوز بهذا قيادة الحزب الشيوعي الصيني على شرعية فائقة، وتخمد أي صوت معارض في سبيل تحقيق هذا "الهدف القومي" الأسمى.

سمات قومية الهان الرئيسة

انتقد ماو تسي تونغ علنًا نزعة الهان الشوفينية، وادعى أن القومية الصينية تعني أمة متعددة الأعراق تضم على قدم المساواة أغلبية الهان و55 أقلية عرقية أخرى(6). مع ذلك، غالبًا ما يُستخدم مصطلح "القومية الصينية"، ومصطلح "قومية الهان" تبادليًا بنفس المعنى(7). نظرًا لإضفاء الطابع الصيني (التصيين) على معظم أفراد الأقليات باستثناء الأويغور والتبت، وعدد قليل من الأقليات بشمال غرب الصين. في الواقع، تأسس الخطاب الأساس للقومية الصينية على تاريخ شعب الهان، ومعظم العناصر الثقافية ترتبط مباشرة بهوية الهان، وذلك يشمل اللغة والتقاليد والقواعد الأخلاقية والكونفوشيوسية والذاكرة المشتركة. لذلك، غالبًا ما تطبق "هوية قومية الهان" على أيديولوجية سياسية، وبها لا يُعَّرِف الناس أنفسهم فقط بأنهم صينيون وإنما أيضًا يدعون لوحدة وازدهار الشعب الصيني، مع أن تعريف "الصيني" يظل عرضة للتغيير.

ويتجلى التصاعد الراهن لقومية الهان في أربعة تطورات سياسية:

  • أولاً: أطلقت الصين سلسلة تحركات عسكرية، منها إطلاق أول حاملة طائرات "لياونينغ"(8)، وإرسال مسبار غير مأهول إلى سطح القمر(9)، وعززت صدقية "قوة الردع" لديها بعرض أول غواصة نووية للصواريخ البالستية. كل هذه التحركات تظهر للعالم أن الصين استطاعت من خلال "تطوير قدراتها العسكرية" تقليص الفجوة -وبشكل كبير- بينها وبين القوى العظمى الأخرى(10).
  • ثانيًا: أعلنت الصين وبوضوح موقفها الثابت مما يتعلق بحماية "سلامة ووحدة أراضيها" بأية وسيلة، ومنها الأعمال العسكرية(11). وينطبق هذا الإعلان على كل نزاعاتها الإقليمية مع دول الجوار، كالنزاع حول جزر دياويو (بالصينية وسينكاكو باليابانية) مع اليابان، والنزاع حول بحر الصين الجنوبي (مع الفلبين بشكل رئيس، وفيتنام، وماليزيا)، والنزاع الحدودي بين الصين والهند، وينطبق هذا أيضًا على المشاكل التي تعتبرها بكين مشكلات داخلية تتعلق بالأمن القومي، كاضطرابات شينجيانغ، ومشكلة التبت، ومشكلة تايوان.

    ويرى مراقبون كُثُر أن مبادرة بكين التي تعتبر "بحر شرق الصين" هو "منطقة تحديد الدفاع الجوي"، والتي تقابل المبادرة اليابانية التي تحمل نفس الاسم، مثالاً واضحًا على ذلك(12).

  • ثالثًا: أطلقت بكين حملات تعبئة وطنية وأنشطة تعليمية(13)، للحيلولة دون وقوع ما يشبه "ثورة ياسمين" في الصين، منها مثلاً حملة "أحبّوا حزبنا، أحبوا وطننا الأم، أحبوا شعبنا"(14)؛ وذلك بهدف تعزيز شرعية الحزب الشيوعي الصيني سياسيًا، في حين أحكمت بكين قبضتها السياسية، بتطبيق نظام "الإدارة الشبكي" وبتكثيف إجراءات الأمن الوطني(15)، وفي هذا السياق جاء ترؤس (رئيس الدولة) شي جين بينغ شخصيًا "لجنة أمن الدولة" التي تأسست حديثًا، كما يرأس مجموعة خبراء جديدة لأمن الإنترنت(16).
  • رابعًا: في الوقت الذي شهدت فيه الصين انتقالاً دراميًا للسلطة في المؤتمر الوطني الثامن عشر لـلحزب الشيوعي الصيني والذي انعقد في مارس/آذار 2013؛ كان الرئيس شي في خضم عملية توطيد لسلطته؛ فمن ناحية، ينفذ بقوة سلسلة سياسات لمكافحة الفساد ويطلق تحقيقًا جنائيًا واسعًا ضد مسؤولين فاسدين رفيعي المستوى(17). ومن ناحية أخرى، يحاول أن يقدم أفكاره السياسية المثالية التي تهدف إلى السعي نحو "البعث العظيم للأمة الصينية" من خلال تحقيق "الحلم الصيني"(18). وفي الوقت الذي يبدو فيه هذا الأخير مبهمًا من حيث محتواه، أكد شي على أهمية "البعث القومي، وتحسين مستوى معيشة الشعب، وتحقيق الازدهار، وبناء مجتمع أفضل، وتعزيز القدرة العسكرية"(19)؛ وهو ما يُظهر في حقيقة الأمر ونهاية المطاف توجهًا قوميًا قويًا.

وفيما يبدو، فإن تطوير القدرات العسكرية يهدف إلى جعل الصين "قوة عظمى" وليبرر نظام حكم الحزب الواحد أي حكم "الحزب الشيوعي الصيني". وتهدف السياسات الخارجية "الجريئة" والإجراءات الأمنية المشددة إلى حفظ الاستقرار الداخلي والحيلولة دون ظهور أية تحديات سياسية في مواجهة القيادة الجديدة. وأخيرًا، يتم توظيف الحملة الصارمة ضد الفساد وحملة ترويج "الحلم الصيني" لصالح تحقيق انتقال كامل للسلطة وتعزيز سلطة الرئيس شي السياسية.

التأثيرات الداخلية

أدى صعود الهوية القومية الهانية إلى تداعيات متعددة على الساحة الداخلية الصينية؛ حيث ترفض بكين بعضها لكنها ترحب بكثير منها، وتعد أكثرها حضورًا من هذه الأخيرة عملية ترسيخ شرعية شي السياسية في المجتمع من خلال عملية انتقال السلطة. وتعمد شي خلال العامين المنصرمين أن يُظهر للعالم أن الصين تحت قيادته على أتم الاستعداد للمشاركة في الشؤون الدولية، والأهم من ذلك أن الصين لديها ثقة كبيرة في أن تصبح "شريكًا مسؤولاً" في المجتمع الدولي في ظل نظامها السياسي الخاص وحكم الحزب الواحد(20). وفي حقيقة الأمر، إن الجماهير داخل الصين هي المستهدفة من رسمِ تلك الصورة، التي يمكنها أن تضيف إلى مصداقية شي السياسية وتضمن الاستقرار الداخلي في الصين. ومن الفوائد الأخرى التي يمكن أن تجنيها بكين في هذا الصدد، تحويل اتجاه السخط الشعبي الناتج عن سوء "الحوكمة" –أي: إدارة الحكم- من خلال إثارة النزعة القومية، كالتغاضي عن انتشار المشاعر المناهضة لليابان.

ففي الوقت الذي كانت الصين تُظهر فيه قدرة في الحفاظ على استمرار نمو اقتصادي مناسب، ظهرت مشاكل اجتماعية واقتصادية كثيرة، كارتفاع أسعار البيوت، وقضايا البطالة، وعدم المساواة في المداخيل، والفساد، فقد عملت كلها على تآكل ثقة الشعب السياسية، خاصة تجاه حكومات الولايات المحلية. ونظرًا لمعرفتها بالمخاطر المحتملة نتيجة سوء إدارة الحكم، بدأت بكين سلسلة حملات لمكافحة الفساد، لكنها في الوقت نفسه وجّهت أضواء وسائل الإعلام نحو النزاعات الجيوسياسية التي طرأت في الآونة الأخيرة، والإنجازات الوطنية الكبرى. ولم تخفف هذه الاستراتيجية السياسية الناجحة من السخط الشعبي، فحسب، بل أعادت ترتيب القضايا الوطنية لتعطي الأولوية لتعزيز قوة البلد القومية. ولكن بالمقابل، فإن الأثر السلبي الكبير المتمثل بازدياد حدة الصراع الإثني بين شعبي الأويغور والهان، لا يزال مستمرًا، وتطور إلى ردّات فعل انتقامية دامية بين الأويغوريين وقوات الشرطة(21). وبما أن الأويغوريين غير مندمجين في الأغلبية الهانية؛ فإن الحركة القومية الهانية لا تستهويهم كما أنها لا تحرف انتباههم عن مشاكل "الحوكمة" والحكم القسري. وبالمقابل، فإن صعود المشاعر الهانية القومية الكاسحة زادت من الشعور لدى الأويغور بالحرمان النسبي المرتبط بمختلف صور التهميش الديني والثقافي والاقتصاد الاجتماعي. فالفشل في تحسين معيشة الأويغور وإهمال استيعاب الهوية الإسلامية الكامل يفاقم الصراع العرقي، الذي تطور إلى "هجمات مسلحة" شاملة تهدد جديًا استقرار الصين الداخلي.

التأثير الدولي

تتبنى الدول المجاورة مواقف مختلفة إزاء صعود قومية الهان، وهي تعي نفوذ الصين المتزايد وموقفها الذي يزداد تشددًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بتعارض المصالح. والدول الأجدر بالملاحظة في هذا الصدد هي تلك الواقعة على أطراف المحيط الهادئ، لأن النزاعات الإقليمية في بحر الصين الشرقي والجنوبي يبدو أنها تتصاعد تدريجيًا، وبترتيب مستوى الخصومة في العلاقات الثنائية مع الصين من الأعلى إلى الأدنى، يمكن تصنيفها وفق الآتي: اليابان، الولايات المتحدة، دول جنوب شرق آسيا، تايوان، كوريا الجنوبية.

وتعد اليابان هي البؤرة التي تستدعي الرصد نظرًا للتوتر المتزايد في العلاقة الصينية-اليابانية، والمرشحة للتدهور ما لم تظهر علامات على تحسن العلاقة في ثلاث قضايا: أولاً: النزعة القومية المتصاعدة التي تسبب من حين لآخر احتجاجات واسعة النطاق في الصين ضد اليابان(22). وهي تُذكّر اليابان بأن الخصومة القائمة بين البلدين لم تُحَلّ تمامًا، لاسيما فيما يتعلق بالفهم المتضارب للحرب العالمية الثانية وما سبقها من غزوات. ثانيًا: سياسة بكين المتشددة في النزاع على جزر دياويو (الاسم بالصينية وتسمى باليابانية سينكاكو) وما يتعلق بـمنطقة تحديد الدفاع الجوي، التي انتقلت من الخطاب الدبلوماسي إلى الفعل العسكري؛ إذ تدخل قوات الأسطول الصينية بانتظام إلى المناطق البحرية المتنازع عليها كإشارة لليابان بأن الصين لا تستبعد استخدام الوسائل العسكرية من أجل حماية وحدة وسلامة أراضيها(23). ثالثًا: كانت الصين قد أعربت عن قلقها البالغ إزاء سياسة رئيس وزراء اليابان شينزو آبي، القاضية بإعادة التسلح، وإزاء التحول اليميني الأخير المناهض للصين في آسيا المحيط الهادي(24).

والجدير بالذكر أن واشنطن لا توافق بشكل كامل على سياسة اليابان في إعادة التسلح، إلا أنها تتابع عن كثب التطور العسكري الصيني وتعطي دعمًا قويًا لليابان لموازنة قوة الصين(25). على أن العوامل التي تقرر موقف الولايات المتحدة لا تتقيد بالاعتبارات الإقليمية؛ بل على الأرجح هي جزء من السياسة الأميركية الاستراتيجية العالمية، وتتعلق بما تقتضيه سياسات القوى العظمى. ورغم أن الصين أكدت مرارًا على سياسة الصعود السلمي، فإن واشنطن لا تستطيع المجازفة والركون إلى وعود الصين -التي على الأرجح لن تنفذ- والمتمثلة بأن لا تسعى لدى صعودها للهيمنة أو لتحدى النظام العالمي القائم. وترى واشنطن أنه من الضروري احتواء التهديد الصيني المحتمل والمرتبط بـنمط ووتيرة التسلح الصيني السريع، وبسعي بكين لتكون قوة عظمى(26). وعليه، فليس لدى واشنطن أي سبب يجعلها تتفاءل إزاء صعود قومية الهان في الصين.

ويساور القلق نفسه بلدان جنوب شرق آسيا -منها فيتنام والفلبين وماليزيا- التي لها نزاعات جغرافية مع الصين، من قبيل السيادة على بحر الصين الجنوبي والعديد من الجزر، وعلى ملكية موارد نفطية ومعدنية هائلة(27). وبالفعل اتخذت بكين تدابير حاسمة لإضفاء السمة المحلية على الجزر والمناطق البحرية المتنازع عليها بإقامة وحدة إدارية جديدة، "مدينة سانشا"، باعتبارها إقليمًا من مقاطعة هاينان(28). رغم الخطورة التي اتسمت بها هذه الخطوة، فإنها لم تغير من الوضع القائم بشأن السيطرة الفعلية على تلك الجزر المتنازع عليها؛ فقد أسهمت عدة عوامل بتخفيض التوتر السياسي الذي كان من الممكن أن ينجم عنها، لاسيما الشراكة الاقتصادية الوثيقة بين الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، إلى جانب الدعم السياسي القوي من الولايات المتحدة. وكذلك نجد أن تايوان وكوريا الجنوبية لهما علاقات أمنية متضاربة مع الصين، لكن في نفس الوقت لهما علاقة اقتصادية على مستوى عال جدًا معها، وكانت قد مضت فترة طويلة قبل أن يتجاوز البلدان معضلة المقايضة بين المخاطر الأمنية والمصالح الاقتصادية مع بكين، في ظل اعتمادهما الاقتصادي عليها(29). وبهذا، ومقارنةً بخصومة كلا البلدين: تايوان وكوريا مع الصين، لا يُعد صعود قومية الهان مشكلة بحد ذاتها لهما، لأنهما كما يبدو، ليستا العدو المستهدف بالنزعة القومية الصينية الجديدة، ولن يكون تأثير صعود قومية الهان عليهما كبيرًا.

توقعات مستقبلية

قبل أن يعزز الرئيس شي سلطته بشكل كامل ويشعر بالقدرة على حل مشكلات "الحوكمة"، فإنه من المتوقع أن تختار بكين المسار "القومي" لتأمين شرعيتها السياسية. وطالما أنه باستطاعة الصين ضمان الاستقرار الاجتماعي والحفاظ على نمو اقتصادي مناسب، فإنه بالإمكان توظيف صعود قومية الهان للوصول إلى "صين قوية". ولكن بالمقابل، يظل هناك قدر كبير من عدم اليقين -سواء على المستوى المحلي أو الدولي- إذا لم تنجح بكين في تهدئة اضطرابات شينجيانغ، أو إذا اندلع صراع عسكري كبير بين الصين وأي بلد مجاور في حوض المحيط الهادئ بآسيا. ويبقى أفضل سيناريو لبكين هو التلاعب بالقومية الصينية بمهارة عالية لتحقق قفزة شاملة على صعيد طموحاتها الوطنية، وكي تصبح قوة عالمية ذات مصداقية خلال أقصر مدة زمنية ودون إعاقة من أية قوة عظمى.
_________________________________________
رايموند لي - متخصص في الدراسات السياسية والمسحية في شرق آسيا

الهوامش
1. SuishengZhao (2008). "Chinese Pragmatic Nationalism and Its Foreign Policy Implications". Annual Meeting of the American Political Science Association. University of Denver. http://www.lsu.edu/artsci/groups/voegelin/society/2008%20Papers/Suisheng%20Zhao.pdf [retrieved March 12, 2014]
2. Robert Haddick, "Getting Tough in the South China Sea", The National Interest, 2014-02-25. http://nationalinterest.org/commentary/getting-tough-the-south-china-sea-9946 [retrieved March 12, 2014]
3. Dennis Lynch, "The Xinjiang Separatist Movement At The Center Of The Deadly China Rail Station Attack", International Business Times, 2014-03-01. http://www.ibtimes.com/xinjiang-separatist-movement-center-deadly-china-rail-station-attack-1558767 [retrieved March 12, 2014]
4. Bill Gertz, "Inside the Ring: U.S., China in War of Words over South China Sea Air Zone", The Washington Times, 2014-02-12. http://www.washingtontimes.com/news/2014/feb/12/inside-the-ring-obama-pushback-against-china-is-pr/?page=all [retrieved March 12, 2014]
5. The two previous Chinese leaders in the post-Deng era, Jiang Zemin and Hu Hu Jintao, were designated by Deng Xiaoping before his death.
6. GuchengLi (1995). A Glossary of Political Terms of The People's Republic of China. Hong Kong: Chinese University Press. pp. 38–39.
7. C. X. George Wei and Xiaoyuan Liu (2001). Chinese Nationalism in Perspective: Historical and Recent Cases. West Port, CT: Greenwood Press. p. 137.
8. "China's first aircraft carrier enters service", BBC News, 2012-09-25. http://www.bbc.com/news/world-asia-china-19710040 [retrieved March 12, 2014]
9. Pete Sweeney, "Chinese unmanned spacecraft lands on moon", Reuters, 2013-12-14. http://www.reuters.com/article/2013/12/14/us-china-moon-idUSBRE9BD06T20131214 [retrieved March 12, 2014]
10. Christian Conroy, "China’s Ballistic-Missile Submarines: How Dangerous?", The National Interest, 2013-11-18. http://nationalinterest.org/commentary/chinas-ballistic-missile-submarines-how-dangerous-9414 [retrieved March 12, 2014]
11. "Wang Yi Talks About Territory and Sovereignty: Emphasis of Protecting Even Inch of Territory", WWW.XKB.COM.CN, 2014-03-09. http://news.xkb.com.cn/zhongguo/2014/0309/310555.html [retrieved March 12, 2014]
12. "China Claimed US Has No Right To Criticize 'East China Sea ADIZ'", BBC Chinese, 2014-02-07. http://www.bbc.co.uk/zhongwen/simp/china/2014/02/140207_china_us_russel.shtml [retrieved March 12, 2014]
13http://news.163.com/photoview/00AP0001/36885.html#p=95JR9J6R00AP0001 [retrieved March 12, 2014]
تركزت موجة الدعاية الراهنة عن "الحلم الصيني"، حول الشعارات التالية: "لماذا الصين قوية؟ بسبب الحزب الشيوعي"، "الوطن الأم، الأم: ندين لها بكثير من العرفان"، "الحضارة الصينية، تبقى للأبد"، "مستقبل وطننا الأم مشرق بالكامل". تهدف هذه الشعارات إلى الترويج للكبرياء القومي وعظمة الحزب الشيوعي. يمكن الاطلاع على صورة هذه الشعارات على شبكة الإنترنت في الموقع المشار إليه أعلاه.
14. "Singing 'Three Love' Main Melody Out Loud to Welcome the 17th Party Congress", CPC News Network, 2007-09-27. http://cpc.people.com.cn/GB/64093/64099/6320400.html [retrieved March 12, 2014]
15. Li Yan-Lin (2010), Using Grid Management System to Establish A New Style of Party Construction of Communities. Party Construction, The September 2010 Issue. http://www.cnki.com.cn/Article/CJFDTotal-DJJJ201009020.htm [retrieved March 12, 2014]
16. "Xi Jinping Chairs the State Security Committee", People's Daily, 2014-01-25. http://politics.people.com.cn/GB/n/2014/0125/c70731-24222710.html [retrieved March 12, 2014]
17. Chen Manyi, "Anti-Corruption: China Dismiss 8 High-Ranking Officials in 24 Hours", Want ChinaTimes, 2014-01-24. http://gb.chinatimes.com/gate/gb/www.chinatimes.com/newspapers/20140124000935-260301
18. "Strive to Achieve the 'Chinese Dream' for the Great Rejuvenation of the Chinese Nation", CPC News Network, 2012-12-12. http://theory.people.com.cn/n/2012/1212/c49150-19869428.html [retrieved March 12, 2014]
19. Evan Osnos, "Can China Deliver the China Dream(s)?" New Yorker, 2013-03-26. http://www.newyorker.com/online/blogs/evanosnos/2013/03/can-china-deliver-the-china-dreams.html [retrieved March 12, 2014]
20. See "Chinese leader stresses consolidating people's confidence in socialism", Xinhua News English, 2013-01-19. http://news.xinhuanet.com/english/bilingual/2013-01/19/c_132113632.htm [retrieved March 12, 2014]
شدّد القادة الصينيون في مناسبات عدة على أن الصين ستبذل جهودًا واسعة لتثقيف الجمهور ليكون واثقًا من مساره ونظرياته ونظامه في سبيل تحقيق "الحلم الصيني العظيم".
21. "Experts Explain Why Terrorists Choose Kunming for the Attack on March 1: Relative Weak Protection", Tencent News Network, 2014-03-02. http://news.qq.com/a/20140302/006732.htm [retrieved March 12, 2014]
22. "Tens of Thousand People Protest against Japan in Mainland China", WenhuiBao Online, 2010-10-17. http://sc.wenweipo.com/system/20101017/000007236.html [retrieved March 12, 2014]
23. "Chinese Ocean Surveillance Ship Patroled inside 12 Nautical Miles Again",  WenhuiBao Online, 2013-07-18. http://news.wenweipo.com/2013/07/18/IN1307180052.htm [retrieved March 12, 2014]
24. "Commentary: Avoiding Sino-Japanese Conflicts? Abe's Lie or Truth", www.CRNTT.com , 2014-02-19. http://www.stnn.cc:82/gate/big5/ed-china.stnn.cc/diplomacy/2014/0219/48338.shtml [retrieved March 12, 2014]
25. John-Gizzi, "Hayden, GOP Congressmen Back Japan Rearmament", NEWSMAX, 2013-12-10. http://www.newsmax.com/John-Gizzi/gizzi-abe-japanese-rearmament/2013/12/10/id/540965/ [retrieved March 12, 2014]
26. "Peaceful Rise’ Will Meet US Containment", Global Times, 2013-11-6. http://www.globaltimes.cn/content/823045.shtml [retrieved March 12, 2014]
27. Sigfrido Burgos Cáceres (2013), China's Strategic Interests in the South China Sea: Power and Resources. , pp. 24-42.
28. Austin Ramzy, "China’s Newest City Raises Threat of Conflict in South China Sea", Time World, 2012-07-24. http://world.time.com/2012/07/24/chinas-newest-city-raises-threat-of-conflict-in-the-south-china-sea/  [retrieved March 12, 2014]
29. Brett V. Benson and Emerson M. S. Niou (2007), "Economic Interdependence and Peace: A Game-Theoretic Analysis", Journal of East Asian Studies Vol. 7, No. 1, pp. 35-59.

ABOUT THE AUTHOR