"النووي الإيراني": مآلات التمديد مجددًا

تناقش هذه الورقة الأسباب التي حالت دون توقيع اتفاق نهائي بشأن برنامج إيران النووي، ومنح مهلة جديدة -للخروج باتفاق- تنتهي في يونيو/حزيران من العام المقبل، وتناقش الورقة تبعات ذلك، وما المطلوب لإنجاز الاتفاق النهائي في الفترة المحددة.
7 December 2014
20141271080156734_20.jpg
(الجزيرة)

ملخص
تتناول هذه الورقة أسباب وأبعاد التمديد لاتفاق جنيف المؤقت بشأن برنامج إيران النووي، بعد أن انتهت المهلة المحددة في الــ 24 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كموعد نهائي له، وعلى الرغم من أن التمديد حال دون فشل المفاوضات، وعكس رغبة سياسية في إنجاح المفاوضات؛ فإن الشهور الستة القادمة ستكشف تبعات هذا التمديد في قضايا لا تقتصر على الملف النووي، وستطول الاقتصاد الإيراني، وعلاقة المتنافسين على الساحة السياسية الإيرانية؛ خاصة أن روحاني لم ينجح في الحصول على مزيد من التخفيف في موضوع العقوبات، كما تمتد هذه التبعات إلى الساحة الإقليمية والدولية ومواجهة تنظيم الدولة الإسلامية؛ ففي الوقت الذي تحتاج فيه واشنطن للحليف السني في هذه المواجهة، تبدو بحاجة ماسة إلى المساعدة الإيرانية، وقد حملت "تغريدات" مرشد الثورة الإسلامية وتصريحاته الأخيرة مؤشرات عدة إلى وجود خلافات بشأن قضايا غير نووية ألقت بظلالها على المحادثات النووية.

وتخلص الورقة إلى إن ربط الملف النووي بالأزمات الأخرى في المنطقة قد أعاق الوصول إلى اتفاق نهائي بشأن برنامج إيران النووي، وإن إنجاز اتفاق نهائي بشأن برنامج إيران النووي لن يتمَّ من دون حسم الخلاف وتحديد مساحة الدور الإيراني في المنطقة، وتؤكد الورقة أن الفشل في التوصُّل إلى اتفاق نهائي سيحمل تبعات تصل إلى الولايات المتحدة الأميركية وإيران؛ لذلك ستسعيان في الأشهر القادمة إلى إنجاح اتفاق نهائي.

دفعت خلافات المفاوضين إلى إبقاء اتفاق جنيف المؤقت بشأن برنامج إيران النووي مؤقتًا حتى الأول من يوليو/تموز من العام المقبل، وحالت مطالب أميركية قُدِّمت في اللحظة الأخيرة دون اتفاق نهائي وشامل بين إيران والقوى الكبرى.

وينص هذا الاتفاق -الذي مُدَّت بموجبه المفاوضات ستة أشهر- على أن تبقي طهران على تخصيب اليورانيوم بنسبة 5%، وسيتم بموجبه إفراج الغرب عن 700 مليون دولار شهريًّا من أرصدة إيران المجمدة، وبموجب هذا الاتفاق تكون إيران قد نجت من فرض عقوبات جديدة؛ وإن كان يعني استمرار العقوبات التي سبق وفُرضت عليها، وهو ما يحمل مؤشرات سلبية بالنسبة إلى إيران؛ خاصة أنها كانت تدفع بقوة للوصول إلى اتفاق نهائي.

تناقش هذه الورقة الأسباب التي حالت دون توقيع اتفاق نهائي بشأن برنامج إيران النووي، وتبعات ذلك؛ إضافة إلى الحديث عن الشروط المطلوبة لإنجاز الاتفاق النهائي في الفترة المحددة.

نصف نجاح.. نصف فشل

لم تنتهِ المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني بالتوصل إلى اتفاق نهائي؛ لكن في الوقت ذاته فإن تقدُّمًا ملموسًا قد تحقق؛ لذلك لا يمكن القول بفشل المفاوضات، كما لا يمكن القول بنجاحها؛ أرجعت بعض المصادر فشل التوصل إلى اتفاق نهائي في جنيف إلى الطرف الأميركي؛ الذي طرح في اللحظات الأخيرة من المفاوضات مطالب جديدة لم تُطرح من قبل(1)؛ بل إن تحليلات إيرانية متخصِّصة تحدَّثت عن طرح مناقض بالكامل لما جرى الحديث عنه في جولة محادثات مسقط التي سبقت جنيف؛ هذه الرواية أكَّدها موقع "إيران هسته اى" المتخصص في تغطية أخبار الملف النووي الإيراني، ونقلت عن مصدر خاص بها القول: "لقد أفشل الطرف الأميركي المحادثات في الدقيقة 90، لقد طلب مفاوضوهم الكثير من دون أن يقدموا وعودًا واضحة في المقابل". وقد ترك الطرف الأميركي طاولة المفاوضات ثم عاد إليها بعد تقديم مشروع جديد؛ تضاربت المعلومات في البداية بشأن الجهة التي قدَّمته، ثم جاء ما يفيد أنه مقدَّم من قِبَل إيران(2)، وبدا واضحًا أن ما حدث في هذه المفاوضات لم يكن بمعزل عن الأوضاع المعقَّدة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والأدوار التي تلعبها الولايات المتحدة وإيران فيها؛ خاصة في العراق وسوريا.

ووفقًا للتقارير فإن المقترح الإيراني يضع الكرة في الملعب الأميركي، وقد يسبق موعد انتهاء المفاوضات -حول الاتفاق النهائي الشامل بشأن برنامج طهران النووي أواخر يونيو/حزيران المقبل- بأشهر اتفاق سياسي، فيما تترك المدة الباقية لإعداد المسودة وبحث التفاصيل الفنية وقتًا.

العقوبات: سيف فوق العنق الإيرانية

لم يعد في طهران مجال لإنكار الأثر الذي تركته العقوبات على الاقتصاد الإيراني، وتكاد لا تخلو تصريحات لمسؤول إيراني من ربط المفاوضات بالعقوبات، كما أن إزالتها كان الهدف الذي أعلنه الرئيس الإيراني حسن روحاني؛ الذي قدَّم من أجله ما يُسَمِّيه خصومه في الساحة السياسية الإيرانية بـ"التنازلات"، وعلى الرغم من تواضع ما حقَّقه فريقه على هذا الصعيد؛ فإنه ما زال متمسِّكًا بـ"ضرورة الاستمرار في التفاوض، وضرورة الاستجابة لمطلب إيران بإزالة العقوبات؛ حيث إن العالم بات يعرف أن العقوبات لن تجدي مع الشعب الإيراني"(3).

وبالنسبة إلى الطرف الأميركي فقد ظهر الخلاف واضحًا بين البيت الأبيض والكونغرس بشأن مسألة العقوبات؛ فبينما عارض البيت الأبيض الدعوة إلى تشديد العقوبات الدولية المفروضة على إيران، يصرُّ الكونغرس على هذه العقوبات، ودعا بعض أعضائه إلى التصويت على مزيد من العقوبات، كما يرفض استمرار التفاوض مع إيران؛ لكن واشنطن استمرَّت في تعليق جزء من العقوبات.

أما الطرف الأوروبي فقد نص القرار الذي نشرته الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي(4) على أنه "تمَّ تمديد تجميد التدابير المقيدة التي نصت عليها خطة العمل المشتركة؛ التي أقرتها السداسية وإيران في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 إلى 30 يونيو/حزيران 2015، ويأتي ذلك تبعًا لقرار السداسية وإيران تمديد مهلة خطة العمل المشتركة حتى التاريخ المذكور".

وتشمل عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد إيران حظر تمويل الصفقات مع طهران، وحظر الاستثمار في الصناعات النفطية الإيرانية، وحظر تأمين ناقلات النفط الإيرانية، وحظر التجارة مع إيران في مجال الأحجار والمعادن الثمينة(5).

وكانت مجموعة 5+1 التي تضمُّ الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا أقرَّت اتفاقًا مع إيران بجنيف في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2013 تضمن خطة عمل مشتركة؛ التزمت خلالها طهران بعدم تخصيب اليورانيوم أعلى من نسبة 5%، وبأن تُخَفِّض بشكل كبير من وتيرة تطوير برنامجها النووي، وأن تسمح لمراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش مواقعها النووية المحورية، وفي المقابل وافق الغرب على تخفيف العقوبات الاقتصادية جزئيًّا، ووصف هذا الاتفاق بأنه خطوة أولى يجب التوصل بعدها إلى اتفاقية شاملة(6). ومن المقرَّر أن يجري الاجتماع التالي للسداسية وإيران في ديسمبر/كانون الأول من هذا العام.

إن فشل المفاوض الإيراني في رفع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على طهران -التي كلفت إيران عشرات المليارات من الدولارات- سيكون له تبعاته المباشرة على الاقتصاد الإيراني، ولن يُمَكِّن التمديد لاتفاق جنيف الجمهورية الإسلامية من زيادة صادراتها النفطية في الأسواق العالمية، أو استئناف علاقات مصرفية عادية مع الغرب في الفترة المقبلة(7).

وتُعَدُّ وتيرة رفع العقوبات من أهمِّ العوامل التي عرقلت المحادثات النووية وأدَّت إلى تمديد فترة المفاوضات، وكان فريق روحاني المفاوض مكلَّفًا بالتشدُّد في مسألة المطالبة برفع العقوبات الاقتصادية، والمتعلقة بمجال الطاقة بشكل فوري وكامل؛ وذلك كدليل على حسن النوايا؛ فيما كان الطرف الأميركي مصرًّا على جدولة إزالة العقوبات على مدى زمني يصل إلى عشر سنوات.

وخلال الأشهر الستة القادمة ستحاول طهران الاستفادة من التخفيف النسبي في العقوبات؛ الذي يوفِّر لها يقارب 700 مليون دولار شهريًّا(8).

وكانت إيران تعوِّل كثيرًا على اتفاق مؤثِّر على صعيد إزالة العقوبات، وما يمكن أن يحمله ذلك من انتعاش اقتصادها، وانخراطها في الأسواق المالية والطاقة الدولية من جديد، وجذب الاستثمارات الخارجية المباشرة، وتحرير الأصول المجمدة في الخارج(9).

ويقول آخر تقارير البنك الدولي الاقتصادية حول إيران: إن العقوبات الصارمة المفروضة على صادرات النفط الإيرانية وبعض القطاعات الرئيسة كصناعة السيارات ومعاملات البنوك الدولية والمحلية، قادت بشكل مؤثِّر إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 5.8% في عام 2012-2013، و1.7% في عام 2013-2014؛ أما صادرات النفط فقد انخفضت إلى 1.1 مليون برميل يوميًّا، وهو نصف الكمية التي كانت تُصَدِّرها طهران قبل عقوبات عام 2012؛ التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وكان تخفيف العقوبات في إطار خطة العمل المشتركة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي قد مكَّن إيران من زيادة صادراتها النفطية تدريجيًّا؛ حيث ارتفع عدد براميل النفط المصدرة إلى الصين من 250 ألفًا يوميًّا إلى 540 ألف برميل؛ ليصل مجموع صادرات النفط الإيراني إلى 1.21 مليون برميل في اليوم في يونيو/حزيران الماضي(10).

ولا يزال الاقتصاد الإيراني يُواجه نسبة تضخُّم عالية، ونسب بطالة مرتفعة بلغت 10.4% حسب مصادر إيرانية رسمية؛ ولكن جهات غير رسمية تُقَدِّر النسبة بما يقارب الـ20%، وفي سياق تنفيذ إصلاحات -بهدف تحسين الآفاق الاقتصادية- التزمت الحكومة بتخفيف مستويات التضخم، وإقناع المجتمع الدولي برفع العقوبات؛ وكان الهدف الأساسي من هذه المبادرات -وعلى رأسها تلك المتعلقة بتخفيف الضغوط الدولية على الاقتصاد الإيراني- دعم الاستهلاك والاستثمار، ورفع القدرة الشرائية للمستهلكين، وتخفيف نسب البطالة، وتنمية الاقتصاد بنسبة 1.5% في 2014-2015 مع معدل تضخم لا يتجاوز 23%.

وتفرض الحاجة الإيرانية في مجال الطاقة إدامة البرنامج النووي، وقد أشارت دراسة لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن إيران تحتاج في 2021 إلى تأمين ما يعادل 12.5? من احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة النووية؛ وهو ما يجعل إدامة المشروع النووي الإيراني مسألة في غاية الحساسية من الناحية الاقتصادية؛ فضلاً عن جوانبه السياسية، خاصة أن التقارير الإيرانية تُشير إلى أن 60 حقلاً نفطيًّا كبيرًا في إيران باتت قديمة، وطالها التآكل، وهناك 57 حقلاً تحتاج إلى صيانة، وتؤكد تقارير عدة أن 80% من الحقول النفطية الإيرانية دخلت النصف الثاني من عمرها، وأنها تفقد سنويًّا من 8- 13% من قدرتها على توليد النفط، وتحتاج هذه العملية إلى مدى زمني يصل إلى 15 عامًا، وكلفة تصل إلى 40 مليار دولار(11).

النووي وما هو أبعد من النووي

على مدى عامين سعى الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى فتح قناة تفاوضية مباشرة مع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي؛ وذلك من خلال رسائل نقلها أصدقاء للجانبين، وبدأ أوباما بتطبيق نصائح قدَّمها مستشارون كثر بأن التفاوض الذي سيقود إلى نتيجة يجب أن يتم مع مرشد الثورة صاحب الكلمة الفصل في الملف النووي والملفات الأمنية الأخرى، وتحدَّثت رسالة أوباما الأخيرة عن اهتمامات ومصالح مشتركة في مقدمتها مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)(12). واختلف تقييم المعلِّقين الأميركيين بشأن خطوة أوباما، ووجدها بعض المحللين خطأً يزيد من صلابة الموقف الإيراني، كما أن الكشف عن الرسالة يُضعف -أيضًا- أوباما في مكان آخر؛ حيث يعمق التوترات مع حلفاء أميركا في المنطقة؛ الذين تحتاجهم الولايات المتحدة الأميركية في تعزيز المعارضة السنية لتنظيم الدولة(13).

وإن كانت الإدارة الأميركية تحتاج إلى الحليف السني في مواجهة تنظيم الدولة والقاعدة في العراق وسوريا؛ فإنها تحتاج إلى إيران بالقدر نفسه، يضاف إليه حاجتها في أفغانستان؛ خاصة مع هاجس الخوف من تعاظم عمليات طالبان.

على الطرف الآخر كشفت تغريدات مرشد الثورة الإسلامية على خامنئي على تويتر أن القضايا محل الجدل مع واشنطن أوسع من ملفها النووي، وأن القضايا غير النووية قد ألقت بظلال ثقيلة على المفاوضات النووية.

وقال خامنئي في سلسلة "تغريدات" أطلقها على حسابه الرسمي على تويتر باللغة الإنجليزية: "إن أميركا والدول الأوروبية الاستعمارية حاولت في المجال النووي أن تبذل كل ما في وسعها لتركيع الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ لكنها لم ولن تقدر على ذلك"(14).

وفي تغريدة أخرى شنَّ خامنئي الهجوم على الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، قائلاً: الولايات المتحدة هي الأسوأ خلقًا والمملكة المتحدة هي الأكثر مكرًا، وفشل المحادثات يعني الخسارة للولايات المتحدة الأميركية(15). وأشار في تغريدة أخرى إلى وجود لهجة أميركية مختلفة في الرسائل مقارنة بما تُصَرِّح به الإدارة الأميركية في العلن، واتهمها بأنها تُوَظِّف المحادثات مع إيران في صراعاتها الداخلية(16). واتهمت تغريدة أخرى "المتشددين الإسلاميين الذين حولوا الثورات العربية إلى اقتتال بين المسلمين بدعم من دول الاستكبار"(17).

ومن الملاحظ عودة المفردات القديمة إلى خطاب خامنئي في وصفه للطرف الأميركي والعلاقة معه.

التمديد مأزق روحاني

قبل نهاية المهلة المحددة لاتفاق جنيف المؤقت صدرت تحذيرات لفريق المفاوضين الإيراني من خطورة التمديد للاتفاق المؤقت في اتفاق مؤقت جديد؛ على الرغم من وجود مَنْ يُؤَيِّده؛ خاصة أن مسائل جوهرية جرى حلها؛ مثل: مصير مفاعل فردو، والبحث والتطوير التكنولوجي، ومفاعل آراك. لكن المعارضون -الذين ذهب بعضهم إلى دعوة روحاني إلى الانسحاب من المفاوضات- يرون أن التمديد لاتفاق جنيف المؤقت يحمل مؤشرات خطيرة؛ أهمها:

  • أن التمديد -في قالب اتفاق مؤقت جديد- يأتي ضمن الاستراتيجية الأميركية الرامية إلى تفكيك تدريجي للبرنامج النووي الإيراني من خلال استهداف بنيته التحتية، وذلك دون إجراء تغيير جوهري ومؤثِّر في نظام العقوبات، وهو ما سيقود على المدى الطويل إلى إنهاء لـ"الحلم النووي" الإيراني، مع بقاء ضغط العقوبات لإجبار إيران على التنازل في ملفات أخرى(18).
  • أن قبول المفاوض الإيراني باتفاق مؤقت جديد قلِّل من قدرته التفاوضية وقدرته على المناورة من أجل الوصول إلى اتفاق نهائي(19).

وظهرت بوادر أزمة مقبلة بين روحاني وبين البرلمان؛ حاول رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني التقليل منها، وتوجيه رسائل بشأنها؛ بالقول: "إن التطرق لقضايا هامشية حول المفاوضات النووية لا يصبُّ في مصلحة البلد؛ ولابُدَّ من الكف عن ذلك؛ فالموضوع النووي موضوع معقد، ولا يجب أن نقوم بتعقيده أكثر، ولابُدَّ من تعبيد الطريق أمام سير المفاوضات بالحكمة والتدبير"(20). ويُؤَكِّد لاريجاني وجود هذه الخلافات بشأن القضايا المهمة على الصعيدين الوطني والدولي؛ ولكنه حذَّر من تحويلها إلى مكسر عصا(21).

خلاصات

  • إن ربط الملف النووي بالأزمات الأخرى في المنطقة قد أعاق الوصول إلى اتفاق نهائي بشأن برنامج إيران النووي، وقد حاول كل طرف توظيف هذه الأزمات للضغط على الطرف الآخر أثناء عملية التفاوض.
  • إن الاتفاق النهائي لم يكن ليتم من دون الاتفاق على تحديد مساحة الدور الإيراني في المنطقة.
  • إن الفشل في التوصُّل إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني سيكون له تبعاته على الولايات المتحدة الأميركية وإيران؛ ففي الوقت الذي سيترك ذلك تبعات ثقيلة على الاقتصاد الإيراني، فإن غياب المساندة والمساعدة الإيرانية في مواجهة تنظيم الدولة في سوريا والعراق، وكذلك مواجهة طالبان في أفغانستان سيُدخل الجهود الأميركية في مأزق كبير.
  • إن التمديد -في قالب اتفاق مؤقَّت جديد- يقوي من حجة خصوم روحاني، ويُوَسِّع من دائرة معارضيه؛ خاصة أن معارضي التمديد يرون أنه يأتي ضمن الاستراتيجية الأميركية الرامية إلى تفكيك تدريجي للبرنامج النووي الإيراني من خلال استهداف بنيته التحتية؛ وذلك من دون إجراء تغيير جوهري ومؤثِّر في نظام العقوبات.
  • إن الحوار مع إيران والتعاون الاستراتيجي معها في التعامل مع (داعش) وغيرها من الجماعات المسلحة، سيفتح المجال للتعاون في ملفات أخرى؛ لذلك فالطرفان سيسعيان في الأشهر القادمة إلى إنجاح اتفاق نووي.
  • أثبتت الشهور الأخيرة أن حلَّ الخلافات القائمة بين إيران وبين الولايات المتحدة الأميركية ليست مرهونة بالعملية التفاوضية بقدر ما هي بحاجة إلى إرادة سياسية من الزعماء في البلدين.
  • إن عواقب فشل المفاوضات سيحد بشكل كبير من خيارات التفاوض، ويدفع إلى عودة خيار المواجهة مع إيران من جديد بعد أن تراجع هذا الخيار بصورة كبيرة أمام الخيار التفاوضي.

__________________________________
فاطمة الصمادي - باحث أول في مركز الجزيرة للدراسات متخصصة في الشأن الإيراني.

الهوامش والمصادر
1- در برخي بندهاي توافق نهايي به نقطه نزديکي با ?+? رسيده‌ايم/ عملکرد بسيار بد آمريکايي‌ها در مسقط ووين، (اقتربنا في بعض القضايا إلى ما يقرب الاتفاق النهائي/الأداء الأميركي السيئ في مسقط وفيينا)، وكالة أنباء فارس، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2014:
http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=13930908000660#sthash.PURsr0Oo.dpuf
2- ديپلمات ها: أميرکا صبح دوشنبه مذاکرات را به شکست کشاند (دبلوماسيون: أميركا أفشلت المحادثات)، موقع إيران هسته اى، 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2014:
http://www.irannuc.ir/content/2427
3- روحاني: حققنا انتصارًا أهم من المفاوضات النووية.. والأطراف المفاوضة باتت واثقة من عدم جدوى الحظر، سي إن إن العربية، 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2014:
http://arabic.cnn.com/world/2014/11/24/iran-rohani-51-talks
4- Council Decision 2014/829/CFSP of 25 November 2014 amending Decision 2010/413/CFSP concerning restrictive measures against Iran
5- Council Decision 2014/829/CFSP of 25 November 2014 amending Decision 2010/413/CFSP concerning restrictive measures against Iran
6
7- OJ L 338, 25.11.2014, p. 1–3 (BG, ES, CS, DA, DE, ET, EL, EN, FR, HR, IT, LV, LT, HU, MT, NL, PL, PT, RO, SK, SL, FI, SV):
http://eur-lex.europa.eu/legal- content/EN/TXT/?uri=uriserv:OJ.L_.2014.338.01.0001.01.ENG
8- Council Decision 2014/829/CFSP of 25 November 2014 amending Decision 2010/413/CFSP concerning restrictive measures against Iran
9- 
10- OJ L 338, 25.11.2014, p. 1–3 (BG, ES, CS, DA, DE, ET, EL, EN, FR, HR, IT, LV, LT, HU, MT, NL, PL, PT, RO, SK, SL, FI, SV):
http://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/TXT/?uri=uriserv:OJ.L_.2014.338.01.0001.01.ENG
11- نجلاء حبريري، إبقاء العقوبات على إيران يخفض صادراتها النفطية بنسبة 50%، رفع التجميد عن 7 مليارات دولار منذ اتفاق العام الماضي، صحيفة الشرق الأوسط، الثلاثاء - 3 صفر 1436 هـ= 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 م:
https://www.aawsat.com/home/article/229561/%D8%A5%D8%A8%D9%82%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%AE%D9%81%D8%B6-%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%86%D8%B3%D8%A8%D8%A9-50
12- نجلاء حبريري، مرجع سابق.
13- نجلاء حبريري، مرجع سابق.
14- نجلاء حبريري، مرجع سابق.
15- چرخ زندگي مردم ايران چقدر به چرخش سانتريفيوژها وابسته است؟ (إلى أي مدى ترتبط عجلة حياة الناس بعجلة أجهزة الطرد المركزي؟)، مشرق، ?? آبان ????:
http://www.mashreghnews.ir/fa/news/353064/%DA%86%D8%B1%D8%AE-%D8%B2%D9%86%D8%AF%DA%AF%DB%8C-%D9%85%D8%B1%D8%AF%D9%85-%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86-%DA%86%D9%82%D8%AF%D8%B1-%D8%A8%D9%87-%DA%86%D8%B1%D8%AE%D8%B4-%D8%B3%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B1%DB%8C%D9%81%DB%8C%D9%88%DA%98%D9%87%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%B3%D8%AA%D9%87-%D8%A7%D8%B3%D8%AA-%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%88%DB%8C%D8%B1
16- Jay Solomon And Carol E. Lee, Obama Wrote Secret Letter to Iran’s Khamenei About Fighting Islamic State, WSJ:
http://online.wsj.com/articles/obama-wrote-secret-letter-to-irans-khamenei-about-fighting-islamic-state-1415295291
17- Suzanne Malone,Letters to the Ayatollah: Why Obama's Latest Outreach to Iran's Supreme Leader Was A Mistake, November 7, 2014:
http://www.brookings.edu/blogs/iran-at-saban/posts/2014/11/06-letter-khamenei-ayatollah-iran-obama-nuclear-isis#.VFz02HY8En9.twitter
18- They have made their best to bring #Iran to its knees but they failed and they will continue to fail. 11/25/2014:
https://twitter.com/khamenei_ir/status/537574497143238656
19- US is the most ill-mannered &UK is the most cunning;if talks don't achieve results it's the US that faces loss.-, 27 November 2014:
https://twitter.com/khamenei_ir/status/537927748866826240
20- US is irrational.They speak different in their #letters than in public. US wants #IranTalks for its domestic problems, 27 November:
https://twitter.com/khamenei_ir
21- Ayatollah Khamenei's 6 reasons to prove Takfirism& #ISIS serve the US & #Israel:https://www.youtube.com/watch?v=R1H5Ik1iPZ0&list=PLP9XKFcmDYv4hmgwVEXpl… … #AmericanIslam
22-  مهدي محمدي، چرا تمديد دوباره توافق ژنو به نفع ايران نيست؟، (لماذا لا يصب التمديد لاتفاق جنيف في مصلحة إيران؟)، موقع إيران هسته اى، 3/8/1393:
http://www.irannuc.ir/content/2400
23- مهدي محمدي، چرا تمديد دوباره توافق ژنو به نفع ايران نيست؟، (لماذا لا يصب التمديد لاتفاق جنيف في مصلحة إيران؟)، موقع إيران هسته اى، 3/8/1393:
http://www.irannuc.ir/content/2400
24- لاريجاني: التطرق لقضايا هامشية حول المفاوضات النووية لا يصب في مصلحة البلد، وكالة أنباء فارس، 28 من نوفمبر/تشرين الثاني 2014:
http://arabic.farsnews.com/NewsText.aspx?nn=13930907000043
25- لاريجاني: التطرق لقضايا هامشية حول المفاوضات النووية لا يصب في مصلحة البلد، مرجع سابق.

ABOUT THE AUTHOR