التصعيد المغربي-المصري:مخاطر فقدان مصر توازنها بالمغرب العربي

الأزمة بين المغرب ومصر لا تمثل تغيرًا سياسيًّا جذريًّا في موقف المغرب من المعطيات الجيوسياسية الحالية بالمنطقة العربية، بقدر ما تمثل توظيفًا لأوراق سياسية تجاه أي احتمال لتغيير مصر سياستها تجاه أولوياته، وما لم يتم إعادة التوازن إلى العلاقة بين الدولتين؛ فإن الاستقطاب سيزداد حدة بالمغرب العربي.
2015112112034826734_20.jpg
ما لم يتم إعادة التوازن إلى العلاقة بين المغرب ومصر؛ فإن حدة الاستقطاب ستزداد بالمغرب العربي (الجزيرة)

ملخص
التقارب المصري-الجزائري أمر معلن، ويُنظر إليه مغربيًّا بشيء من القلق؛ وقد كانت أول زيارة خارجية للرئيس عبد الفتاح السيسي بعد انتخابه إلى الجزائر؛ وهي الزيارة التي لم تكن تقليدًا أو طبعًا معتادًا للدبلوماسية المصرية عقب مجيء أي رئيس جديد. والأزمة بين المغرب ومصر لا تمثل تغيرًا سياسيًّا جذريًّا في موقف المغرب من المعطيات الجيوسياسية الحالية في المنطقة العربية، بقدر ما تمثل توظيفًا لأوراق سياسية تجاه أي إمكانية لتغيير مصر سياستها تجاه قضية الصحراء الغربية بالخصوص؛ ليبقى قرار التصعيد المغربي الأخير قابلاً للمراجعة في حال حدوث أي تفاهم بين الدولتين.

وفي حال لم يتم إعادة التوازن إلى العلاقة بين مصر والمغرب فلاشك أن صعوبات إضافية ستزداد بالنسبة إلى المغرب فيما يتعلق بقضية الصحراء؛ خصوصًا إذا زادت مصر من درجة ميلها نحو الجزائر نتيجة عوامل اقتصادية أو سياسية، بالشكل الذي تصبح معه ورقة إضافية في معادلة الاستقطاب الذي تعرفه منطقة المغرب العربي.

لقد تزامن التصعيد الإعلامي بين المغرب ومصر مع صدور تصريحات لنائب رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان حول ما أسماه اقتراب سقوط الإسلاميين في المغرب؛ ولا يمكن لمثل هذه التصريحات أن تصدر إلا في سياق سياسي يتيح المجال لمثل هذه التصريحات؛ لكنها تعكس كذلك موقفًا إماراتيًّا يشير إلى نوع من التمييز بين الملكية والحكومة، في التعاطي مع الشأن المغربي.

تمثِّل الأزمة التي طفت إلى سطح الإعلام مؤخَّرًا بين المغرب ومصر من جهة، وتزامنت مع تصريحات من الإمارات ضد حزب العدالة والتنمية الذي يقود التحالف الحكومي من جهة أخرى، قمة جبل الثلج فقط في التفاعلات والديناميات التي تشتغل في منطقة المغرب العربي؛ وفي حين تظهر الإشكالية بين المغرب ومصر مجرَّد خرجات إعلامية بسبب عدد من التصريحات؛ التي اعتبرها المغرب مسًّا بصورته الخارجية، فإن الواقع يقول: إن معادلات سياسية جديدة يتمُّ العمل على تحقيقها في المنطقة المغاربية. وتُخفي هذه المواجهة المصرية المغربية إعلاميًّا إشكالات سياسية كبرى تضمُّ أطرافًا عدَّة خارج هذا المشهد، ويمتلك كلُّ واحد منهم أجندة ومصالح متباينة.

لكن الأزمة بين المغرب ومصر لا تُمثِّل تغيُّرًا سياسيًّا جذريًّا في موقف المغرب من المعطيات الجيوسياسية الحالية في المنطقة العربية، بقدر ما تمثِّل توظيفًا لأوراق سياسية تجاه أيِّ إمكانية لتغيير مصر سياستها تجاه قضية الصحراء الغربية بالخصوص؛ ليبقى قرار التصعيد المغربي الأخير قابلاً للمراجعة في حال حدوث أيِّ تفاهم بين الدولتين.

تُفيد الرواية المغربية أن هذا التصعيد الإعلامي والسياسي جاء ردَّة فعل عقب صدور كتاب مصري جماعي في الآونة الأخيرة يتناول قضية الصحراء الغربية بشكل يتعارض مع الرؤية المغربية؛ وتمَّ الاحتفال به في فندق "الأوراسي" وسط العاصمة الجزائرية، ويحمل عنوان: "الصحراء الغربية بعيون مصرية"؛ حيث حضر الاحتفال وفد مصري مكوَّن من صحفيين وناشطين إعلاميين، والكتاب عبارة عن مقالات وتقارير مجمَّعة سبق لصحفيين مصريين أن أنجزوها بمناسبة زيارتهم -خلال الصيف الماضي- إلى مخيمات تندوف، إضافة إلى القضية الأساس في هذا الموقف؛ وتتمثَّل في مراقبة المغرب للتقارب المصري-الجزائري.

وفي الوقت الذي يُسَجِّل الإعلام المصري انقسامًا في تعامله مع التصعيد المغربي؛ بين متَّهِم ومطالب بردٍّ مصري موازٍ، وبين معتذرٍ وراغبٍ في تجاوز هذه الإشكالية بين الدولتين وداعيًا الرئيس السيسي لزيارة المغرب؛ فقد ظهر الإعلام المغربي موحَّدًا من حيث لهجة التصعيد السياسي.

المغرب ومراقبة التقارب الجزائري-المصري

التقارب بين مصر والجزائر يمثِّل حاجة مصرية أكثر منه حاجة جزائرية؛ وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية الداخلية الصعبة بالنسبة إلى مصر، وكذلك حاجتها لمزيد من الغطاء والشرعية الخارجيين بالنسبة إلى النظام الجديد إقليميًّا ودوليًّا.

وقد مثَّلت زيارة وفد مصري رسمي -يرأسه وكيل وزارة الثقافة- مخيمات البوليساريو، والتقائه ومسؤولين من الجبهة شهر أكتوبر/تشرين الأول 2014- منحنى مهمًّا في فهم التصعيد الحالي بين المغرب ومصر؛ لكونه يمسُّ القضية الأولى بالنسبة إلى السياسة الخارجية المغربية، وهي قضية الصحراء؛ إضافة إلى السيناريوهات الممكنة بالنسبة إلى موقع المغرب في المنظومة الإفريقية.

هذه الزيارة التي التقى فيها الوفد المصري وزعيم جبهة البوليساريو محمد ولد عبد العزيز، ورئيس المجلس الوطني الصحراوي، وشملت مقابلات مع عاملين في قطاعي الثقافة والإعلام، وجمعيات تابعة للجبهة بمخيمات تندوف(1) ليست حدثًا عابرًا بالنسبة إلى الرؤية المغربية؛ بل تمثِّل مؤشِّرًا على بدايات ظهور تحوُّلات في الرؤية المصرية، وكيفية إدارتها للعلاقة مع المغرب والجزائر. إن ولوج مصر الشأن المغاربي بدرجة أكبر وبشكل متزايد، يطرح أمامها مشكلتين تجاه المغرب؛ تتمثَّل الأولى في تبعات قضية الصحراء، وما يتطلَّبه ذلك من توازن تجاه هذه المسألة الحساسة؛ بينما تتمثَّل الثانية في التوجُّه المصري ضدَّ التجارب الإسلامية عمومًا، والمغرب من ضمنها؛ حيث ستكون في هذه الحالة مضطرة إلى أن تجد سياسة وصيغة مختلفة للتعامل مع إسلاميي العدالة والتنمية المتواجدين في السلطة.

لاشكَّ أن مواجهة الإسلام السياسي أحد الأولويات بالنسبة إلى السياسة الخارجية المصرية؛ سواء في ليبيا الدولة الحدودية مع مصر، أو في غيرها في المنطقة العربية، وبعد أن كانت مواجهة الإسلاميين في البداية شأنًا داخليًّا مصريًّا ينصبُّ حول مواجهة جماعة الإخوان المسلمين والتيارات المتحالفة معها؛ فقد تحوَّل خطُّ المواجهة إلى شأن خارجي وفق أجندة إقليمية واسعة.

إن دخول الفاعل المصري على خطِّ العلاقة بين المغرب والجزائر لاشكَّ سيكون له آثار سلبية على مستوى العلاقة بين المغرب ومصر، وقد ظلت مصر في السابق بعيدة في سياستها الخارجية عن معادلة الصراع المغربي-الجزائري؛ الذي تقع قضية الصحراء الغربية في العمق منه.

التقارب المصري-الجزائري أمر معلن، ويُنظر إليه مغربيًّا بشيء من القلق؛ وقد كانت أول زيارة خارجية للرئيس عبد الفتاح السيسي بعد انتخابه إلى الجزائر، وهي الزيارة التي لم تكن تقليدًا أو طبعًا معتادًا للدبلوماسية المصرية عقب مجيء أيِّ رئيس جديد، وعلى مستوى العلاقة بين البلدين فقد جاءت تلك الزيارة لتمحو الآثار السابقة لأزمة مصرية جزائرية بسبب مواجهة في كرة القدم بين الجانبين في السابق، كانت قد تحوَّلت إلى حرب إعلامية كبيرة.

وتُسهم الأوضاع الاقتصادية في مصر من جهة، وانخراطها في الأزمة الليبية من جهة أخرى في تقريبها من الجزائر لحاجتها إلى بلد يتوفر على مصادر الطاقة، كما أن الأزمة الليبية تزيد من إدخالها معادلة الصراع في المغرب العربي؛ وذلك باعتبار أن مصر والجزائر يمتلكان معًا حدودًا مباشرة مع ليبيا، وينبغي قراءة التقارب المصري-الجزائري في ضوء عدد من المعطيات؛ حيث تُشَكِّل الطبيعة المتقاربة لبنية الحكم ذي الخلفية العسكرية في كلٍّ من الجزائر ومصر عنصرًا مهمًّا في فهم السياسات التي تخصُّ الدولتين من الناحية السياسية.

أمَّا اقتصاديًّا، فقد جاءت زيارة السيسي للجزائر لتصحيح ما نتج من آثار اقتصادية عقب المواجهة الرياضية في السودان، وما نتج عنها من تدابير اقتصادية تتعلَّق بحركة تنقُّل الأشخاص والبضائع؛ حيث جمدت بنود اتفاقية السوق العربية المشتركة من المواد التي يمكن استيرادها من مصر، فتأثَّرت صادرات مصر صوب الجزائر بما يزيد عن 1200 مادَّة.

وقد وصفت بعض وسائل الإعلام الجزائرية ذلك بأن "القاهرة تستنجد بالجزائر لإنقاذها من غضب المصريين"؛ وذلك حينما طلبت مصر من الجزائر مساعدتها على تجاوز نقص التموين في قارورات غاز البوتان، من خلال رفع الجزائر قدرة التصدير(2).

ووقَّعت الجزائر ومصر اتفاقية عام 2014 لإمداد مصر خلال سنة 2015 بـ750 ألف متر مكعب من الغاز الطبيعي المميع مقسمة على شحنات، كما يشرع الطرفان خلال الأسبوع الثالث من يناير/كانون الثاني 2015 في مفاوضات جديدة من أجل إسهام الجزائر في تغطية الطلب المصري على الغاز خلال الفترة ما بين 2016-2020؛ حيث ستنطلق هذه المفاوضات بالقاهرة على أن تُستكمل شهر فبراير/شباط بالجزائر(3).

وقد ضمنت زيارة الرئيس السيسي للجزائر حلَّ هذه الإشكالية برفع التجميد الجمركي عن 1200 مادة تدخل الأسواق الجزائرية دون جمركة، وهو ما قد يُساعد الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات الداخلية.

أمَّا على مستوى وضعية مصر في الاتحاد الإفريقي فقد دعمت الجزائر مصر في استعادة مقعدها المجمَّد في المنظمة الإفريقية، عقب الانقلاب العسكري؛ وذلك على الرغم من وجود تحفُّظات على استعادة مقعدها من طرف بعض الدول الإفريقية نتيجة الانقلاب، وهو ما نقلته وسائل إعلام جزائرية عن وسائل إعلام مصرية(4).

وفي السياق نفسه فإن كلاًّ من مصر والجزائر لهما علاقة بالأزمة الليبية، ويتدخَّلان فيها بأشكال مختلفة، وهي منطقة لعمل دبلوماسيتيهما معًا؛ وذلك مع وجود خلافات في الرؤية؛ حيث إن الموقف الجزائري يميل إلى خيار الحلِّ عَبْر رعاية الحوار بين الأطراف، وتميل مصر إلى دعم طرف مسلَّح في مواجهة الثوار باختلافهم؛ لكنهما يشتركان في كون الحلِّ إقليميًّا وليس دوليًّا.

وتختلف الرؤية المغربية عن الرؤية المصرية تجاه حلِّ الأزمة الليبية، وقد تعامل المغرب بشكل منفتح على القوى الليبية التي أفرزتها الثورة على اختلاف توجُّهاتها السياسية والفكرية؛ وذلك بخلاف واقع الاصطفاف الذي نهجته السياسة المصرية من خلال مساندة ودعم أحد أطراف الصراع.

وعلى الرغم من طلب المؤتمر الوطني العام في ليبيا، على لسان رئيسه "نوري أبو سهمين" في شهر يونيو/حزيران 2014، من المغرب دعم التجربة الليبية؛ وذلك خلال مكالمة هاتفية مع الملك محمد السادس عندما كان في زيارة إلى تونس؛ فإن الردَّ المغربي الذي صدر عقب هذا الطلب أكَّد أن الحوار الوطني بين مكوِّنات الشعب الليبي هو الحلُّ لتجاوز هذه المرحلة. وهذا ما عبَّر عنه وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، في حوار مع قناة "سي بي سي"، مؤكِّدًا أن المغرب لا يؤمن بجدوى قوَّات التدخُّل في ليبيا؛ مبرزًا أن التوجُّه السليم يكمن في دعم المصالحة الوطنية(5). وإذا كان الحلُّ العسكري قادرًا على حسم الأزمة الليبية؛ فإنه يحتاج إلى غطاء دولي وإقليمي واسع، يجعل من الدور المغربي في ليبيا مقبولاً من الناحية السياسية والاجتماعية.

يعتمد المغرب دبلوماسيًّا في منهجية التعامل مع القوى الحاكمة الجديدة على الاعتراف بالمعطيات الواقعية والقوى الجديدة الحاكمة والمؤثِّرة؛ لذلك تعامل مع نتائج ثورة 25 يناير/كانون الثاني المصرية والقوى التي جاءت بعدها بانفتاح، مثلما كان منفتحًا كذلك مع الحكام الجدد بعد مجيء الرئيس عبد الفتاح السيسي، وربما لم يكن بيان الدبلوماسية المغربية المرحِّب بانتخاب السيسي رئيسًا لمصر، والتأكيد على العلاقات الجيدة بين الجانبين، كافيًا لجعل مصر تقف بشكل متوازن في علاقاتها الخارجية سواء مع المغرب أو الجزائر داخل المعادلات السياسية الكبرى في المغرب العربي.

لقد تزامن التصعيد الإعلامي بين المغرب ومصر مع صدور تصريحات لنائب رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان حول ما أسماه اقتراب سقوط الإسلاميين في المغرب بعد سنة أو سنة ونصف(6)؛ حيث تتشابه الرؤية المصرية والإماراتية تجاه الإسلاميين في المنطقة العربية عمومًا، ولم يستثنِ منها وضع الإسلاميين في السلطة بالمغرب على وجه الخصوص، وقد كانت ربما مسألة وقت فقط لإخراج هذا التوجُّه إلى العلن؛ خصوصًا أنه النموذج الوحيد المتبقِّي في السلطة من نتائج التحوُّلات في المنطقة العربية، من جهة؛ ومن جهة ثانية فإن هذه التجربة التي تمثِّل نموذجًا للتحوُّل أو التغيير في ظلِّ منطق استقرار الدولة والمجتمع، مع ما تُحَقِّقه من إنجازات اقتصادية باتت مصدر قلق بالنسبة إلى القوى المضادَّة للتحوُّل في المنطقة.

ولا يمكن لمثل هذه التصريحات أن تصدر إلا في سياق سياسي يتيح المجال لمثل هذه التصريحات؛ لكنها تعكس كذلك موقفًا إماراتيًّا يُشير إلى نوع من التمييز بين الملكية والحكومة في التعاطي مع الشأن المغربي؛ ذلك أن العلاقة بين الإمارات العربية المتحدة والمغرب علاقة وطيدة من الناحية السياسية، ومن مفارقات السياسة أنه في الوقت نفسه الذي صدرت تلك التصريحات ضد إسلاميي العدالة والتنمية؛ فقد تناقلت وسائل الإعلام المغربية صور أبناء الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، يحتفلون رفقة الملك محمد السادس بالسنة الهجرية الجديدة(7).

وقد اتسم ردُّ فعل الإسلاميين وموقفهم من التصعيد مع مصر وتصريحات ضاحي خلفان عمومًا بالهدوء، وأحال رئيس الحكومة هذا الملف إلى الملك محمد السادس؛ حيث يميز إسلاميو العدالة والتنمية بين حكام الإمارات وبين مَنْ وصفه رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران خلال تجمُّع حزبي تعليقًا على التصريح بأنه صادر عن مجرَّد قائد شرطة.

يبدو أن مثل هذه التصريحات ترمي إلى إرباك حزب العدالة والتنمية، ووضع الإسلاميين تحت الضغط، ودفعهم إلى ارتكاب أخطاء سياسية، تجعلهم في حرج مع الملك، وربما مهَّد ذلك مستقبلاً لرؤية فكِّ الارتباط بين الإسلاميين والملكية.

يجد المغرب نفسه ضمن مشهد متوتِّر بين ثلاثة أطراف خارجية؛ يتداخل في تعقيدات هذا المشهد مشكل الصحراء الغربية مع هاجس الإسلاميين لدى أطراف خارجية. بين طرفين؛ وهما: مصر والإمارات، المعاديتان لتجربة الإسلاميين في السلطة، وطرف جزائري يسعى لتوظيف مصر في دائرة الصراع مع المغرب، فيما يخص قضية الصحراء الغربية. إن أحد الأمور المهمَّة في تفسير هذا التصعيد الحالي، هو عنصر انفتاح السياسة الخارجية للمغرب على دول مثل تركيا؛ التي زارها الملك محمد السادس في شهر ديسمبر/كانون الأول 2014؛ التي تشهد علاقاتها بمصر توترًا منذ الإطاحة بالرئيس مرسي في يوليو/تموز 2013.

ولم يَفُت الإعلام المصري تناول تلك الزيارة؛ التي اعتبرها جزءًا من سياق الأزمة التي اندلعت بين المغرب ومصر، إضافة إلى ربط الإعلام المصري بين موقفي حزبي العدالة والتنمية في المغرب وتركيا من التحوُّلات في مصر(8).

خاتمة

إذا كان التقارب المصري-الجزائري الذي يُراقبه المغرب في الآونة الأخيرة مصدر قلق بالنسبة إلى الدبلوماسية المغربية، فإنه على المستوى الاستراتيجي لا يمكنه تغيير المعادلة الحالية بمنطقة المغرب العربي؛ وذلك بسبب اصطدام أي توجه مصري مفترض بشبكة الحلفاء التقليديين للمغرب في منطقة الخليج؛ وهم الحلفاء أنفسهم الذين يمتلكون الأوراق القوية فيما يخصُّ التوجهات المصرية الخارجية، وتكييفها حسب الأولويات في المنطقة العربية عمومًا.

وفي حال لم يتم إعادة التوازن إلى العلاقة بين مصر والمغرب فلاشك أن صعوبات إضافية ستزداد بالنسبة إلى المغرب فيما يتعلَّق بقضية الصحراء؛ خصوصًا إذا زادت مصر من درجة ميلها نحو الجزائر نتيجة عوامل اقتصادية أو سياسية، بالشكل الذي تُصبح معه ورقة إضافية في معادلة الاستقطاب الذي تعرفه منطقة المغرب العربي.
________________________
كمال القصير - باحث في مركز الجزيرة للدراسات- مسؤول منطقة المغرب العربي.

المصادر
1- http://www.hespress.com/international/244698.html
2- http://www.elkhabar.com/ar/economie/432370.html
3- http://www.radioalgerie.dz/news/ar/article/20141229/24503.html
4- http://www.elkhabar.com/ar/monde/407006.html
5- http://classic.aawsat.com/details.asp?section=4&article=774802&issueno=12975#.VLIJQL7JR9B
6- http://www.marocnews.ma/14795.html
7- http://m.alyaoum24.com/248014.html
8- http://www.cairoportal.com/story/136526/%D9%86%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D9%81%D8%AC%D8%B1%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9

ABOUT THE AUTHOR