تطور الجيش المغربي: عهدان ونهج واحد

نجح العرش المغربي بشكل كبير في إبقاء الجيش تحت سيطرته، وحتى لما حاولت قيادته، في فترة السبعينات من القرن الماضي، قلب نظام الحكم مرتين فشلت، وأتاحت للملك تشديد قبضته أكثر من السابق.
201532363733329734_20.jpg
الجيش المغربي على خطى الملك (أسوشيتد برس)

ملخص
مرَّ الجيش المغربي منذ تأسيس الدولة المغربية بمراحل متنوعة، ورغم أنه استطاع في بعض مراحل تطور الدولة المغربية أن يسجِّل حضورًا قويًّا وفاعلًا، فإن ذلك لم يكن إلا استثناء من القاعدة. ذلك أن الجيش المغربي كان على الدوام طرفًا ثانويًّا وصغيرًا في الحياة السياسية المغربية. وقد تعمق هذا الضعف في العصر الحديث إذ قلَّت مساهمته في بلورة السياسات العامة للبلاد، واقتصر دوره على التنفيذ الحرفي لسياسة الملك في مجال الدفاع والأمن.

ويعد الجيش في المغرب جيشًا غير مسيس، ومع أن هذه الخاصية توجد في أغلب الأنظمة السياسية، لكنها تأخذ في المغرب صفة مميزة؛ ذلك أن الجيش في المغرب يوجد «فوق» أو بالأحرى «خارج» السياسة. ورغم تقلد بعض الجنرالات مناصب وزارية إلى حدود 1972، إلا أنهم لم يكونوا يمثِّلون قوة سياسية معينة في البلد، بل قبلوا هذا التكليف كجزء من خدمة الملك، وهذا كله أدى إلى عدم ظهور طبقة عسكرية في المغرب كما هو الشأن في سوريا ومصر والعراق والجزائر مثلًا، وترجع هذه الظاهرة بشكل كبير إلى طريقة تعيين الضباط وقوات الجيش والتي تخضع لانتقاء صارم ودقيق.

ويمتاز الجيش في النظام السياسي المغربي عن نظرائه في دول الجنوب بطابع خاص نظرًا للظروف التاريخية التي صاحبت نشأته وتطوره من جهة، ولخصوصية النظام السياسي المغربي من جهة ثانية، ولنوعية الوظائف المسندة إليه من جهة ثالثة.

ورغم توسيع مهام الجيش المغربي لتشمل بعض القضايا الأمنية الطارئة مثل الجماعات المسلحة العابرة للحدود، فإن وظائفه الأساسية تتمثل في الثلاثي الآتي: حماية الملَكية، والدفاع عن قضية الصحراء، وتأمين البلاد من مخاطر "الجوار المعادي".

تسعى هذه الورقة إلى رصد تطور الجيش المغربي، وإبراز أهم خصائصه التي تميزه عن باقي الجيوش في دول الجنوب، ثم رصد مظاهر الاستمرار والتغير في مركزه الحالي في النظام السياسي المغربي في ظل حكم الملك محمد السادس.

مقدمة

يرتبط موقع الجيش في النظام السياسي في كل دول العالم بطبيعة هذا النظام ذاته وبنوعية التحديات الأمنية والعسكرية التي يواجهها، وتبعًا لذلك فإن الدور السياسي للمؤسسة العسكرية ومساهمتها في صنع القرار السياسي في الدولة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي تختلف باختلاف الأنظمة السياسية. ورغم التطورات السياسية في أغلب بلدان الجنوب التي نَحَتْ نحو اعتماد بعض القواعد الديمقراطية في الحكم ومن ضمنها إبعاد الجيش عن الشؤون السياسية وحصر مهمته في حماية البلاد من المخاطر الخارجية، فإن المؤسسة العسكرية لا تزال تلعب دورًا فاعلًا في توجيه السياسات العامة خاصة في تلك البلدان التي استلم فيها الجيش السلطة لفترات معينة في إفريقيا وآسيا بما في ذلك الدول العربية غير الملَكية. وأما موقع الجيش في النظام السياسي المغربي فإنه يمتاز بطابع خاص نظرًا للظروف التاريخية التي صاحبت نشأته وتطوره من جهة، ولخصوصية النظام السياسي المغربي من جهة ثانية، ولنوعية الوظائف المسندة إليه من جهة ثالثة.

لم يستطع الجيش في المغرب أن يسيطر على مقاليد الحكم بشكل مباشر على امتداد تاريخه المعاصر، وحتى في الفترات التي اكتسب فيها الجيش نفوذًا وقوة، مقابل شخصية السلاطين وضعف الأطراف السياسية الأخرى من قوات حضرية وقبلية، فإن قوَّاد الجيش لم يستطيعوا ممارسة الحكم مباشرة بل ظلُّوا يبحثون عن «الواجهة الشرعية» التي هي الأسرة الحاكمة ليحكموا باسمها (1). وقد تكرَّس ضعف المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية بعد الإصلاحات التي أُدخلت على هيكل المؤسسة العسكرية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر؛ إذ أحدثت هذه التغيرات التي تمت في ظروف داخلية وخارجية صعبة آثارًا سلبية على الوزن السياسي للجيش الذي ضعف كثيرًا في أوائل القرن العشرين سواء فيما يخص «الكيش» (2) التقليدي أو العسكر النظامي. فـ«الكيش» كان القاعدة الرئيسية السياسية العسكرية للمخزن (3) قبل «الإصلاح»، فقدْ كان عنصرًا مهمًّا من عناصر البيعة إذ لا نكاد نجد بيعة عامة تخلو من مشاركة قوات «الكيش»، كما كان يشكِّل أغلبية ما كان يُسمى بـ«أصحاب الشكارة» من وزراء وكُتَّاب، ولكن بعد تأسيس «العسكر» فقدَ جانبًا كبيرًا من دوره العسكري ثم شيئًا فشيئًا دوره السياسي. وهذا الضعف السياسي للجيش، وإن كانت أمارته بدأت تلوح منذ السلطان الحسن الأول الذي حكم المغرب من 1873 حتى 1894، فإنه لم يظهر جليًّا إلا في عهد السلطان عبد العزيز الذي امتدت فترة حكمه من 1894 حتى 1908، فبعد وفاة السلطان محمد بن عبد الرحمن (1859-1873) كان الجيش لا يزال له وزنه وكان يؤخذ بعين الاعتبار داخل التوازن السياسي التقليدي (4).

أما في الزمن المعاصر، فقد مثَّلت المؤسسة العسكرية بعد حصول المغرب على الاستقلال في 1956 أحد الأعمدة التي استندت عليها الملكية لترسيخ أركانها ومواجهة المعارضة السياسية والاضطربات الاجتماعية، وقد ظهرت استعانة المؤسسة الملكية بالجيش باعتباره حليفًا أساسيًّا لها في أحداث كثيرة لمواجهة التمردات الداخلية مثل الانتفاضات الشعبية التي عرفها كل من منطقة الريف في 1958، والدار البيضاء في 1965، ومدن الشمال في 1984، وفاس في 1990، وسيدي أفني في 2008، والعيون في 2010.

رغم محافظة الجيش المغربي على الإطار العام لأهدافه فإنها شهدت تطورًا تبعًا للتحديات الأمنية والسياسية المتجددة؛ ففي البداية حُدِّدَت الوظيفةُ الأساسية للقوات المسلحة الملكية في حماية النظام الملكي ضد المعارضة السياسية لاسيما الجناح اليساري منها الذي خطَّط لتقويض الملَكية أكثر من مرة، وقد شكَّل الجيش الدعامة الأساسية للملكية في هذه الفترة، لكونها المؤسسة الأكثر تنظيمًا وفعالية وولاء. وبعد استقلال الجزائر في 1962 برز خلافٌ شديد بين المغرب والجزائر حول ترسيم حدودهما البرية الموروثة عن الاستعمار. وخاض البلدان بسبب هذا الخلاف حربًا سنة 1963 والتي لا تزال آثارها النفسية قائمة حتى الآن. وهكذا ستنضاف مهمة جديدة للجيش المغربي والمتمثلة في حماية الحدود من الجوار "المعادي"، وسيدخل البلدان في سباق للتسلح يمتص كل سنة جزءًا مهمًّا من الميزانية العامة للبلدين. وبعد تنظيم الملك الراحل الحسن الثاني المسيرة الخضراء إلى الأقاليم الصحراوية في جنوب المغرب في عام 1975، وإعلانه استعادة هذه الأقاليم من الاحتلال الإسباني سيندلع نزاع حول هذه الأقاليم بين المغرب وجبهة البوليساريو التي حازت دعمًا كبيرًا ماليًّا وعسكريًّا ودبلوماسيًّا من قبل بعض الدول لاسيما الجزائر وليبيا، لتصير قضية الصحراء منذ ذلك الوقت الشغل الشاغل والقضية الوطنية الأولى للجيش وأيضًا للدبلوماسية المغربية. وبسبب طبيعة النسق العالمي الحالي المتميز بتصاعد حجم التدفقات عبرالوطنية بمختلف أبعادها، انضافت خلال السنوات الأخيرة انشغالات "أمنية" جديدة للجيش المغربي تتعلق بالجماعات المسلحة العابرة للحدود وتدفقات الهجرة غير النظامية وتهريب المخدرات.

ومع أن المؤسسة العسكرية المغربية تميزت في بدايتها بطابعها العمودي لكونها نخبوية وغير نخبوية في الوقت ذاته؛ حيث كان عناصرها ينتمون إلى كل طبقات المجتمع ومن مختلف المناطق، وكانوا يمثِّلون عينة مهمة من السكان، فإن هذه العينة تحكمت فيها دائمًا مجموعة أخرى صغيرة تنتمي إلى النخبة (5).

بلغ عدد القوات المسلحة الملكية في سنة 2010 ما يقرب من 198 ألف عنصر موزعين بين الجيش الملكي الذي يمثل العمود الفقري وهو يقابل ما يسمى في البلدان الأخرى بالقوات البرية ويتكون من 175 ألف عنصر، والبحرية الملكية بـ7800 عنصر، والقوات الجوية الملكية بـ13 ألف عنصر، والحرس الملكي بـ23 ألف عنصر، والدَّرَك الملكي بثلاثة آلاف عنصر، والقوات الاحتياطية بـ150 ألف عنصر (6). ويُتوقع أن يُسهم قرار إلغاء التجنيد الإجباري في سنة 2006، بعدما ثبت انضمام بعض المجندين إلى الحركات المناصرة لتنظيم القاعدة، في ضبط تركيبة الجيش الاجتماعية، كما سيجعل سياسة الدفاع المغربية تفقد مع الوقت جيشها الاحتياطي الذي يمثل أحد عناصر قوة الدول.

وتجدر الإشارة إلى أن انفتاح المغرب على المؤسسات الدولية كان له أثر إيجابي على الاحترافية العسكرية والتشغيل البيئي للجيش المغربي (7)، كما أن مشاركته في مهام حفظ السلام والعمليات العسكرية في مناطق مختلفة من العالم أكسبه خبرة ميدانية إضافية لاسيما بعد وقف إطلاق النار في الصحراء ابتداء من بداية عقد التسعينات من القرن الماضي التي شكَّلت لعقدين متتاليين ميدان حرب مفتوحة مع جبهة البوليساريو. لكن تظل هذه العمليات العسكرية التي يشارك فيها المغرب خارج إقليمه الوطني غير كافية للحديث عن وجود خبرة ميدانية مهمة لتجريب أسلحته وصقل قدرات عناصره قد تميزه عن جيوش باقي دول المنطقة.

تسعى هذه الورقة إلى رصد تطور الجيش المغربي، وإبراز أهم خصائصه التي تميزه عن باقي الجيوش في دول الجنوب، ثم رصد مظاهر استمرار مركزه الحالي وتغيره في النظام السياسي المغربي في ظل حكم الملك محمد السادس.

أولًا: الإطار التاريخي للجيش المغربي

لقد مَرَّ الجيش المغربي منذ تأسيس الدولة المغربية بمراحل متنوعة، ورغم أنه استطاع في بعض مراحل تطور الدولة المغربية أن يسجِّل حضورًا قويًّا وفاعلًا؛ حيث كان محورًا حاسمًا في المعادلة السياسية، فإن ذلك لم يكن إلا استثناء من القاعدة. ذلك أن الجيش المغربي كان على الدوام طرفًا ثانويًّا وصغيرًا في الحياة السياسية المغربية، ولم يستطع أن يتحكم بشكل مباشر في دواليب الحكم والسياسة إلا نادرًا. وقد تعمَّق هذا الضعف في العصر الحديث إذ قلَّت مساهمته في بلورة السياسات العامة للبلاد، واقتصر دوره على التنفيذ الحرفي لسياسة الملك في مجال الدفاع والأمن.

1- لمحة تاريخية عن الجيش المغربي
تأسس الجيش المغربي والمعروف رسميًّا بالقوات الملَكية المسلحة في يونيو/حزيران 1956(8)، وحُدِّدَت وظيفته الأساسية في الدفاع عن المملكة، وسُمح له أيضًا بإمكانية المساهمة في المحافظة على النظام العام في أحوال معينة. وقد تَشَكَّل الجيش المغربي في بداية نشأته من مزيج من ثلاثة مصادر مختلفة، أولًا: تجنيد عناصر جديدة تنتمي إلى فئات مختلفة من المجتمع، وثانيًا: ضم عناصر جيش التحرير الذي أنشأته الحركة الوطنية لمقاومة المستعمر لاسيما في الشمال بمنطقة جبال الريف وفي الوسط بجبال الأطلس المتوسط، وثالثًا: إدماج العناصر المغربية التي كانت مجنَّدة في الجيشين الاستعماريين الفرنسي والإسباني. وحددت الاتفاقات المغربية-الفرنسية، في مارس/آذار 1956، إطار المنطلق بأن «محمد الخامس، سلطان المغرب، سيهيئ جيشًا وطنيًّا، وأن فرنسا ستقدم مساعدتها لإنشاء هذا الجيش». وبعد شهر صدرت وثيقة لتنظيم اندماج الوحدات المنحدرة من الجيش الإسباني في القوات المسلحة الملَكية، والتي أكدت على أن الجيش شأن الملك، وأن فرنسا ستمنح عونًا متميزًا من أجل إنشاء الجيش الملَكي انطلاقًا من النواة المكونة من قدماء الجيش الفرنسي والمعرفين بـ«الكوم» (goums) الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية وفي حرب الهند الصينية وكانوا حوالي 15 ألف رجل، إضافة إلى «المحلات» (Les mahallas) من قدماء المنطقة الإسبانية، ثم عناصر جيش التحرير الوطني. وكانت المهمة الأولى للجيش خلال هذه الفترة صهر الفرق العسكرية من الأصول المختلفة، وإبعاد العناصر غير المرغوب فيها خاصة الأطر التي اعتُبرت غير مؤهلة أو المشكوك في إخلاصها للملكية (9).

وقد شكَّلت هذه الفئة الثالثة، المنحدرة من الجيشين الاستعماريين الفرنسي والاسباني، العمود الفقري للجيش المغربي، بسبب تكوينها المتقدم وتجربتها الميدانية السابقة، سواء داخل المغرب أو خارجه في حرب الهند الصينية، وأيضًا في صفوف الحلفاء خاصة في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي، وفي الحرب الأهلية الإسبانية إلى جانب الجنرال فرانكو الذي حكم إسبانيا من 1939 حتى وفاته في 1975. وكانت هذه الفئة الثالثة أكثر تأثيرًا ونفوذًا نظرًا لرتبها العسكرية العالية التي ورثتها من مرحلة الاستعمار، لاسيما العناصر المنحدرة من الجيش الفرنسي التي كانت لها الهيمنة على بنية الجيش المغربي حديث النشأة. وتجدر الإشارة إلى أن أفراد هذه الفئة الثالثة لم يلتحق أغلبهم بالجيش المغربي حتى عام 1956، ولم تكن لهم أية مشاركة في الحركة الوطنية بل على العكس فقد شاركوا في قمعها ومحاربتها، وهذا الواقع قوَّى نوعًا ما شعورًا محافظًا بين قدماء الضباط الذين كانوا يقمعون دائمًا كل من كانت له آراء معارضة وسط الشباب، أو من كان له مجرد انفتاح وطني، وكانوا يعوِّضون عن هذه المواقف إلى جانب اشمئزازهم وكرههم للسياسة، بالوفاء للعرش (10).

ويبدو أن الاتفاقات التي عقدت بين المغرب وكل من فرنسا وإسبانيا قبيل الاستقلال نصَّت على إدماج العناصر المغربية في الجيش الاستعماري داخل القوات المسلَّحة الملّكية، ولم ينفِ الملك الراحل الحسن الثاني نفسه احتمال فرض القوات الاستعمارية لبعض الأشخاص على رأس الهرم العسكري في البلاد، وهذا ما يُستنتج من تصريحه الذي يقول في شأن الجنرال أوفقير(11): «يمكن القول: إن أوفقير فُرض علينا، فهو لم يكن الضابط المغربي الوحيد الذي عمل في صفوف القوات المسلحة الفرنسية، وعند عودتنا من المنفى إلى المغرب في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1956 وجدنا أوفقير الذي كان تابعًا آنذاك للإقامة العامة في انتظارنا لدى نزولنا من الطائرة حيث تقدم للسلام علينا ثم أخذ مكانه بجانب سائق السيارة كأحد الضباط المرافقين لنا، وغداة ذلك وجدناه في صفوف الحرس الملَكي»، ويضيف الملك الراحل: «لا أعلم ما إذا كان أوفقير فُرض علينا قضاء وقدرًا أم أن شخصًا ما هو الذي فرضه علينا، غير أني أعتقد أن ظهوره هكذا لم يكن بمحض الصدفة» (12).

وفي إبريل/نيسان 1968 أنشأ الملك الراحل الحسن الثاني البلاط العسكري الملَكي، وهو إدارة عسكرية تناط بها مهمة إطلاع الملك على جميع المسائل المتعلقة بالدفاع والمحافظة على النظام، وتبليغ توجيهات الملك في هذا الصدد إلى الهيئات المكلفة بتنفيذها (13). وستؤدي المحاولتان الانقلابيتان اللتان حدثتا على التوالي في يوليو/تموز 1971 وأغسطس/آب 1972 واللتان قادتهما عناصر قيادية في الجيش إلى إعادة النظر في تنظيم المؤسسة العسكرية المغربية، والعمل على إبعادها تمامًا عن الشؤون السياسية. ومن بين أهم القرارات التي اتُّخذت عقب المحاولة الانقلابية العسكرية الثانية هو إلغاء وزارة الدفاع الوطني في أغسطس/آب 1972، وسيمارس الملك باعتباره القائد الأعلى ورئيس الأركان العامة للقوات المساعدة الاختصاصات المخولة لوزير الدفاع (14). وتبعًا لذلك، تم إنشاء إدارة الدفاع الوطني والتي سترث المصالح الإدارية المركزية لوزارة الدفاع الوطني سابقًا، وسيتولى كاتب عام تحت سلطة الملك تسيير هذه الإدارة (15). وفي إطار السعي لتجاوز إرث هاتين المحاولتين الانقلابيتين ورغبة في تطبيع العلاقات المدنية والعسكرية سيتم إحداث الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بإدارة الدفاع الوطني في 1997(16)، لكن تتميز هذه الوزارة بطابع خاص عكس باقي الوزارات الأخرى، كونها تمثل مجرد تفويض من الملك لرئيس الحكومة أن يمارس تحت سلطته مهام واختصاصات وزير الدفاع الوطني، وأجاز القانون المنشئ لهذه الوزارة لرئيس الحكومة أن يفوِّض إلى وزير منتدب إدارة الدفاع الوطني. وفي المسعى ذاته سيُنشَأ في يوليو/تموز 2011 المجلس الأعلى للأمن بمقتضى دستور 2011 الذي أعطى له صفة "هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضًا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة" (الفصل 54 من الدستور). وفي سبتمبر/أيلول 2012 صدر قانون خاص بالضمانات الأساسية الممنوحة للعسكريين بالقوات المسلحة الملكية، والذي أثار جدلًا واسعًا لاسيما فيما يتعلق بالحصانات والامتيازات القانونية الممنوحة للعسكرين وذويهم، وقد اعتُبر هذا القانون بمثابة ضمان حماية الدولة للعسكريين المشاركين في العمليات العسكرية سواء داخل المغرب أو خارجه.

وتُعتبر حرب الصحراء التي خاضها الجيش المغربي ضد جبهة البوليساريو في الصحراء والتي امتددت من عام 1976 حتى وقت إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة عام 1991 أبرز التجارب العسكرية التي خاضها الجيش المغربي. ويجدر بالذكر أن الجيش المغربي خاض أيضًا حربًا مع الجزائر التي سُمِّيت بحرب الرمال عام 1963 بسبب خلاف على ترسيم الحدود الموروثة عن مرحلة الاستعمار، بالإضافة إلى مشاركة فرق مغربية في حروب عربية ضد إسرائيل في 1967 على جبهة الجولان. لكن تظل كل هذه التجارب قديمة، والأجيال التي شاركت فيها أُحيلت على التقاعد، لذلك يحاول المغرب حاليًا إشراك بعض فرقه العسكرية في بعثات حفظ السلام وحتى التدخل العسكري الدولي في بعض مناطق النزاع خاصة في إفريقيا بهدف التمرين وكسب التجربة.

ومن جهة أخرى، فإن استمرار وفاء الجيش المغربي لقيمه التقليدية التي أطَّرته خلال مرحلة ما بعد المحاولتين الانقلابيتين في بداية السبعينات لا ينفي إمكانية وجود جيل جديد من الضباط له ثقافة عسكرية واستراتيجية معاصرة تخالف النهج التقليدي، لاسيما تلك النخبة التي أُتيحت لها فرصة استكمال تكوينها العسكري في بعض البلدان الغربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا (17).

2- مساهمة الجيش المحدودة في الشأن العام
بعد حصول المغرب على الاستقلال مباشرة ما فتئت ثُلَّة من الضباط داخل الجيش يطالبون بالاستمرار في المشاركة في كل أنواع المشاريع من بناء المدارس إلى إنقاذ ضحايا الفيضانات وما إلى ذلك (18). ويمثل دخول جنراليْن في حكومة 1964 ترجمةً للطلب المتكرر للقوات المسلحة الملَكية بالاضطلاع بمسؤوليات في شؤون الدولة المرتبطة بمجال الدفاع عن السيادة الوطنية، وقد ظهر ذلك بوضوح في الحرب مع الجزائر. وبعد استفادتهم من هذه الحرب استمر تأثيرهم في النمو منذ هذه اللحظة (19). وقد سمحت فترة حالة الاستثناء التي امتدت من سنة 1965 حتى سنة 1972 لبعض الجنرالات بنفوذ متنامٍ في توجيه الدولة، تُوِّج بإعادة تدبير موقعهم داخل النظام السياسي(20). ويُعتبر تنظيم المسيرة الخضراء في عام 1975 من بين الأحداث الكبرى التي أسهم فيها الجيش بشكل كبير على مستوى التنظيم والتنفيذ؛ إذ إن المسؤولين الثلاثة الذين اختارهم الملك الحسن الثاني للإشراف على تنظيم المسيرة الخضراء كانوا جنرالات في الجيش، وهم: الجنرال أشهبار الكاتب العام لإدارة الدفاع، والجنرال بناني من المكتب الثالث، والكولونيل ماجور الزياني من المكتب الرابع(21)، وهم أول من أسَرَّ لهم الملك الحسن الثاني بعزمه على تنظيم هذه المسيرة، بينما أخفى ذلك عن الحكومة واكتفى باستدعاء وزير التجارة ووزير المالية وطلب منهما تخزين كمية من المواد الغذائية لما يكفي لشهر أو شهرين بدعوى الاستعداد لشهر رمضان، وللحفاظ على الأسعار بسبب النقص المحتمل للمواد الغذائية(22).

تُعد مرحلة الجنرال محمد أوفقير الذي شغل منصب وزير الداخلية في عهد الملك الراحل الحسن الثاني بين أغسطس/آب 1964 وأغسطس/آب 1971 من أزهى الفترات التي كان فيها للجيش تأثير مهم على الحياة السياسية المغربية؛ حيث كان أوفقير يد الملك الحسن الثاني اليمنى وكانت له كلمة الحسم في تشكيل الحكومات وتعيين الوزراء، كما كانت وزارة الداخلية تُعتبر أُمَّ الوزارات وكانت تتدخل في شؤون باقي الوزرات بل كان تأثيرها يتجاوز حتى تأثير الوزارة الأولى.

رغم هذه المساهمات المتفرقة للجيش المغربي في بعض القضايا السياسية والمدنية، فإنها لم ترقَ إلى مستوى المشاركة الفعلية في تحديد السياسات العامة للبلاد في المجالين الداخلي والخارجي، بل ظلَّ مركزه ضعيفًا في النسق السياسي المغربي عمومًا خلال هذه المرحلة.

ثانيًا: خصائص الجيش المغربي

تُبرز الخصائص الأساسية للجيش المغربي ضعف مركزه السياسي في مجال الشأن العام، ويعود أهم أسباب هذا الضعف بصفة عامة إلى تبعية الجيش المغربي المطلقة للملك، وما يتمتع به هذا الأخير من سلطات مطلقة على هذا القطاع، تسمح له بالتحكم في كل صغيرة وكبيرة تمسُّ هذه المؤسسة. ومن جهة أخرى فإن ظاهرة بُعد الجيش في المغرب عن الشؤون السياسية تم تكريسها عبر القوانين المنظِّمة لهذا القطاع التي جعلت دور الجيش المغربي يقتصر على تنفيذ التعليمات والأوامر في ميدان الدفاع الوطني والمساهمة في بعض عمليات الإنقاذ أو التنمية دون أن يكون له الحق في التدخل فيما تموج به الساحة السياسية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.

1- جيش الملك
يندرج النموذج المغربي فيما يصطلح عليه صامويل فاينر بـ"الأنظمة المدعومة بالعسكر" (Military Supportive Regimes)(23) والتي تضم الدول التي يحكمها رئيس دولة يهيمن على السلطات التنفيذية، ويمثِّل الجيش ضامنًا لحكمه ضد التهديدات الداخلية والخارجية. ويظهر ولاء الجيش في المغرب للملك أولًا من الاسم الذي يحمله، فهو لا يحمل اسم «القوات المسلحة المغربية» أو «الجيش الوطني المغربي»، بل يُعرف رسميًّا باسم «القوات المسلَّحة الملَكية»(24). كما يظهر من خلال طبيعة أهداف القوات المسلحة الملكية والتي حددها الملك الحسن الثاني عندما كان وليًّا للعهد؛ حيث أعلن في الذكرى الثالثة لتأسيس القوات المسلحة الملكية أن هذه القوات هي «جيش الشعب» الذي ليس له إلا هدف واحد: «خدمة جلالتكم وخدمة الشعب المغربي» (25). ويُضاف إلى ما سبق أن الملك الراحل الحسن الثاني هو الذي كُلِّف -عندما كان وليًّا للعهد- مباشرة بعد الاستقلال بتنظيم القوات المسلحة الملكية(26)؛ حيث كان بمثابة المخطط والمدبر والخبير الذي أشرف على تنظيم هذا الجيش الذي أسسه الملك في 25 يونيو/حزيران 1956 باسم القوات الملَكية المسلحة (27).

وقد أسهم إنشاء البلاط العسكري الملكي (28) في 1968 في تعزيز تبعية الجيش للملك، وإقصاء الحكومة نهائيًّا من القوات المسلحة الملَكية؛ حيث سيصبح الملك مركز العلاقة مع القوات المسلحة الملكية. ومن أجل تقوية ولاء الجيش المطلق للملك، عيَّن الحسن الثاني على رأس هذه المؤسسة الجديدة أحد ضباطه المقرَّبين والموثوق بهم (29)، ويتعلق الأمر بالجنرال محمد المذبوح الذي يعد أحد أبرز قادة المحاولة الانقلابية في صيف 1971 رغم الثقة الكبيرة التي كانت بينهما قبل ذلك التاريخ. وقد دأب الملك الحسن الثاني على ربط علاقاته مع أهم مساعديه الذين عيَّنهم في المناصب العسكرية الجديدة محصورة معه وبدون أية رابطة حقيقية مع وزراء الدفاع، ليقطع الصلة بين الحكومة والمؤسسة العسكرية. كما صار القائد العام للجيش مكلفًا بإدارة أركان الحرب العامة تحت السلطة الملكية، وبات نطاق صلاحياته يتوقف على الملك (30). ورغم إنشاء وزارة منتدبة لدى رئيس الحكومة مكلفة بإدارة الدفاع الوطني منذ حكومة 1997، فإن الاختصاصات المخوَّلة لرئيس الحكومة وللوزير المنتدب في هذا الشأن هي مهام ممنوحة على أساس التفويض من الملك، ولا يعني ذلك تنازلًا للملك عن سلطاته العسكرية ولا تخليه عنها، ولا تملك الحكومة سلطة مستقلة لاتخاذ القرار في الشأن العسكري والأمني.

وإذا أضفنا إلى هذه النصوص، التي عزَّزت بشكل كبير مركز الملك في علاقته بالجيش، اختصاصات الملك على المستوى العسكري والتي تتمثل في كونه هو الذي يحدد سياسة الدفاع الوطني (31)، وهو الذي يصوغ خطط التنظيم العسكري للمملكة، ويحدد المهام المسندة للقوات المسلحة الملكية، وتنظيمها العام وتهيئتها وتوزيعها، ويقوم بتحديد شروط عملها في حالة السلم وفي حالة القيام بعمليات عسكرية، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة وسائل الدفاع (32)، ويوضح هذا كله أن الجيش في المغرب هو بالفعل جيش الملك.

2- جيش غير مسيَّس
يتعلق الأمر بخاصية توجد في أغلب الأنظمة السياسية، لكنها تأخذ في المغرب صفة مميزة؛ ذلك أن الجيش في المغرب يوجد «فوق» أو بالأحرى «خارج» السياسة (33). فبينما تدخلت المؤسسة العسكرية بشكل مباشر في الشؤون السياسية في مختلف الدول العربية غير الملَكية مثل مصر والجزائر وليبيا والعراق وسوريا واليمن وليبيا، فإن المغرب شأنه شأن باقي الأنظمة الملكية العربية سعى إلى تحييد الجيش تمامًا عن الشأن السياسي لاسيما بعد المحاولتين الانقلابيتين في بداية عقد السبعينات. وقد أكَّد الحسن الثاني عندما كان وليًّا للعهد في الذكرى الأولى لتأسيس القوات المسلحة الملَكية على أن الحياد السياسي يجب أن يكون عقيدة للأخلاق العسكرية، ولا ينبغي أن يكون الجيش قاضيًا أو حكَمًا سياسيًّا (34). ورغم تقلُّد بعض الجنرالات مناصب وزارية إلى حدود 1972، إلا أنهم لم يكونوا يمثلون قوة سياسية معينة في البلد، بل قبلوا هذا التكليف كجزء من خدمة الملك (35)؛ وهذا كله أدى إلى عدم ظهور طبقة عسكرية في المغرب كما هو الشأن في سوريا ومصر والعراق والجزائر مثلًا، وترجع هذه الظاهرة بشكل كبير إلى طريقة تعيين الضباط وقوات الجيش والتي تخضع بدون شك لانتقاء صارم دقيق.

وما كرَّس أكثر ابتعاد الجيش في المغرب عن الشأن السياسي، أنه لم يسبق له أن تسلَّم السلطة السياسية مثل القوات المسلحة في بعض الأقطار العربية، وقد باءت بالفشل كل محاولات الجيش سواء المعلنة منها أو غير المعلن عنها للإطاحة بالنظام الملكي، ليتم في الأخير قطع أية صلة له بالمجال السياسي بعد المحاولتين الانقلابيتين في عامي 1971 و1972. وستبسط المؤسسة الملَكية بعد ذلك سيطرتها الكاملة على مؤسسة الجيش، وحيَّدت قادته من الحياة السياسية المباشرة من خلال عدم تمكينهم من مناصب حكومية؛ حيث تم إلغاء وزارة الدفاع (36)، وأصبح الملك هو القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، وبالمقابل لم تُفوَّض لرئيس الحكومة إلا مهام عسكرية محدودة جدًّا، وقد أسهمت قضية الصحراء إلى حدٍّ كبير في إمساك الملك بتلابيب الجيش (37). لم يكن للحكومة في المغرب، حتى عندما كانت مهمة وزارة الدفاع تُسند لأحد قادة الجيش، اختصاص حقيقي في الاستراتيجية العسكرية في البلاد، بل لا تمارس سوى سلطة تنظيمية في ظروف معينة تتعلق بإعلان الحرب أو الحصار، لذلك فدور الحكومة يظل هامشيًّا وليس لديها أية رؤية سياسية قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأمد لسياسة الدفاع والطريقة التي ينبغي أن يعمل بها الجيش المغربي (38). ولتشديد الرقابة على مؤسسة الجيش ودَرْءًا لأي محاولات انقلابية أخرى، وُضِعت تحركاته تحت مراقبة الدرك الملكي منذ المحاولتين الانقلابيتين؛ حيث صارت مؤسسة الدرك عين الملك على الجيش (39).

ومن الأساليب التي نهجتها الدولة لإبعاد قادة الجيش عن المجال السياسي وإدامة ولائهم للمؤسسة الملكية، الرفع من أجورهم ومعاشاتهم، ومنحهم امتيازات ريعية مهمة مثل الاستفادة من رخص الصيد في أعالي البحار ومقالع الرمال وضيعات فِلاحية وفيلات سكنية فاخرة، وتمثل هذه الامتيازات تجسيدًا لنصيحة الملك الراحل الحسن الثاني لقادة الجيش بالابتعاد عن السياسة والاهتمام بجمع الأموال وبمصالحهم الشخصية.

ثالثًا: الجيش المغربي في ظل العهد الجديد

مع سعي النظام خلال حكم الملك محمد السادس إلى الحفاظ على الموقع الراهن للمؤسسة العسكرية، فإن هناك بالمقابل إشارات متنوعة إلى تعزيز هذا الموقع بما لا يتجاوز الإطار التقليدي لعمله كما تم ترسيخه بعد المحاولتين الانقلابيتين.

1- الاستمرارية
لم يتغير وضع المؤسسة العسكرية بعد تولي الملك محمد السادس عرش المملكة بل تعزَّز معنويًّا إلى حدٍّ ما، وقد ظهر ذلك بإشراك قادة الجيش في التوقيع على وثيقة البيعة؛ الأمر الذي لم يحبذه مولاي هشام، ابن عم الملك، ربما خوفًا من تغوُّل الجيش كما شهدته الحياة السياسية في زمن الجنراليْن القويين أوفقير والدليمي. كما أن تعيين الجنرال بوشعيب عروب في 13 يونيو/حزيران 2014 مفتشًا عامًّا للقوات المسلحة الملكية وقائدًا للمنطقة الجنوبية خلَفًا للجنرال عبد العزيز بناني -وهما ينتميان معًا للحرس القديم- يؤكد مبدأ الاستمرارية التي نهجها الملك محمد السادس في تدبير مؤسسة الجيش.

ومن مظاهر مبدأ الاستمرارية في المؤسسة العسكرية المغربية ووفائها لنهجها التقليدي الذي أرساه الملك الراحل الحسن الثاني، استمرار صرفها النظر عمَّا يموج في الساحة السياسية. ولعل تصريح الجنرال حميدو العنيكري لمجلة "لونوفيل أوبسرفاتور" في أعقاب تفجيرات الدار البيضاء في 16 مايو/أيار 2003، الذي قال فيه: إن الجيش لن يظلَّ مكتوف الأيدي إذا وصل الإسلاميون إلى الحكم وأنه سيتدخل لمنع ذلك، يُعدُّ نشازًا عن النهج العام للمؤسسة العسكرية المغربية، ويمثل إشارة يتيمة لانشغال الجيش بالحياة السياسية في المغرب في العهد الجديد. ويمكن قراءة هذا التصريح من زاويتين مختلفتين؛ فقد يمثل التصريح رسالة واضحة باستمرار دور الجيش في الحياة السياسية الداخلية، وأنه لا يزال يراقب باستمرار المشهد السياسي، وأكثر من هذا له موقف غير محايد تجاه الفاعلين السياسيين، وقد يكون هذا التصريح أيضًا تهديدًا للإسلاميين باستعداد الجيش للتدخل إذا لاح في الأفق أي تهديد لأركان النظام.

أما الزاوية الثانية لقراءة هذا التصريح؛ فهي أنه يمثِّل نشازًا عن نهج الجيش المغربي الذي أرادته له المؤسسة الملكية بعد المحاولتين الانقلابيتين، وأنه يعكس فقط الموقف الشخصي للجنرال العنيكري المعروف بمواقفه المتشددة من الإسلاميين. وحسب هذا الرأي فإن هذا التصريح يمثل خروجًا عن تقاليد الجيش المغربي بعد المحاولتين الانقلابيتين في بداية السبعينات مما جلب على الجنرال العنيكري غضبة ملَكية محتملة حيث ستُقلَّص مهامُه بعد هذا التصريح ليُحال في الأخير إلى التقاعد في 2012. فباستثناء حالة الجنرال العنيكري، فإن إحالة جنرالات الجيش إلى التقاعد بسبب المرض أو التقدم في السن وهي العملية التي تتم باستمرار في عهد الملك محمد السادس لا تعني بالضرورة استراتيجية استبدال عناصر جديدة بالجيل القديم، بل هي استجابة طبيعية للظروف الصحية لهؤلاء الجنرالات المحالين إلى التقاعد.

سواء أَصَحَّ الرأي الأول أو الثاني، فيبقى الجنرال العنيكري الوحيد من قادة الجيش في العهد الجديد الذي حاول التأثير على المشهد السياسي بحكم علاقاته ببعض الرموز السياسية في الداخل وأيضًا بأجهزة الاستخبارات في كلٍّ من أميركا وفرنسا أثناء عمله مديرًا للمخابرات المدنية المعروفة اختصارًا بـ(دي إس تي DST). وكان يبدو أنه كانت له طموحات أكبر مما كانت تسمح به تقاليد عمل الجيش التي رسَّخها الملك الراحل الحسن الثاني وعززها لاحقًا وريثه على عرش المملكة محمد السادس.

ومن جهة أخرى، فإن دستور 2011 لم يؤثر على سلطة الملك على المؤسسة العسكرية بل حافظ عليها لاسيما فيما يتعلق بالتعيين في المناصب العسكرية الذي يُعد مجالًا حصريًّا للملك ولا دخل للحكومة فيه. وينص الفصل 53 من الدستور الحالي (الذي حافظ على المضمون ذاته للفصل 30 في الدستور السابق) على أن: "الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملَكية، وله حق التعيين في الوظائف العسكرية، كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق". لكن الجديد الذي أتى به دستور 2011 هو إنشاء "مجلس أعلى للأمن" تحت رئاسة الملك بمقتضى الفصل 54 والذي أُعطي له صفة "هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضًا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة". ورغم أن الفقرة الثانية من الفصل 54 تنص على إمكانية تفويض رئاسة المجلس الأعلى للأمن لرئيس الحكومة لكنه شدَّد على أن يكون ذلك على أساس جدول أعمال محدد، بمعنى يحدده الملك سلَفًا أو بموافقته باعتباره رئيسًا للمجلس والقائد الأعلى للقوات المسلحة الملَكية.

ومن مظاهر ضبط موقع المؤسسة العسكرية في مجالي الأمن والدفاع الوطنيين عدم إعطائها تمثيلة متميزة في المجلس الأعلى للأمن بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 54 التي تنص على أن "يضم المجلس الأعلى للأمن في تركيبته، علاوة على رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الوزراء المكلَّفين بالداخلية، والشؤون الخارجية، والعدل، وإدارة الدفاع الوطني، وكذا المسؤولين عن الإدارات الأمنية، وضباطًا سامِين بالقوات المسلَّحة الملَكية، وكل شخصية أخرى يُعتبر حضورها مفيدًا لأشغال المجلس". وما يؤكد هذا الضبط أن تنظيم المجلس الأعلى للأمن سيكون بقانون تنظيمي، الذي قد يأتي بما يخالف التوقعات التي عُلِّقت على منطوق هذا الفصل.

2- تعزيز موقع الجيش
اعتمد الملك محمد السادس في بداية عهده في الحكم على مؤسسة الجيش، ولو من الناحية المعنوية، في "تطهير" جيوب نفوذ وزير الداخلية السابق إدريس البصري الذي ظلَّ لعقود رجل الدول القوي. تعزيز الثقة في الجيش من قبل الملك محمد السادس عكستها مبادرات كثيرة لتحسين وضعه المادي وحمايته القانونية والمعنوية، وقد ظهر بعض بوادر هذه الثقة بين الملك ومؤسسة الجيش عندما نُظِّم استعراضٌ عسكري كبير في 14 مايو/أيار 2014 بعد 25 سنة من منع هذه الاستعراضات العسكرية من قِبل الملك الراحل الحسن الثاني بسبب الانقلابيْن الفاشلين في بداية السبعينات من القرن الماضي. وقد كان لهذا الاستعراض ثلاث دلالات سياسية متنوعة، من أهمها: تجديد ولاء الجيش للملك، وإعادة جسور التصالح بين المؤسسة العسكرية ومحيطها المدني والاجتماعي، ثم أن الحدث يُبرز في حدِّ ذاته القوة العسكرية التي تتوفر عليها الدولة (40).

وقد تقوَّى موقع الجيش أكثر بمقتضى قانون يوليو/تموز 2014 المتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للعسكريين بالقوات المسلحة الملَكية (41)، الذي ضمن حماية الدولة للعسكريين الذي يقومون بالعمليات العسكرية داخل المغرب وخارجه، بل ويستفيد أيضًا أفراد عائلاتهم بحماية الدولة ذاتها عندما يتعرضون، بحكم مهام هؤلاء، إلى التهديدات أو التهجمات أو الضرب أو السب أو القذف أو الإهانة (المادة 7). ولحماية عناصر الجيش المغربي من آليات القضاء الدولي الجنائي، سواء تعلَّق الأمر بالمحكمة الدولية الجنائية التي لم ينخرط فيها المغرب بعد، أو المحاكم الدولية الأخرى التي قد تُنشأ لغرض خاص، أو حتى محاكم الدول الأجنبية التي تأخذ بمبدأ الاختصاص القضائي الشامل، فقد أعطى القانون الجديد في المادة الثامنة للمحاكم المغربية الاختصاص الحصري للنظر في المخالفات التي يرتكبونها، ويدخل في هذا الإطار أيضًا المستخدَمون المدنيون ذوو الجنسية المغربية الموضوعون تحت إمرتهم، وذلك ما لم يُنصَّ على خلاف ذلك في الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات التي انضم إليها المغرب أو صادق عليها وتم نشرها بصفة قانونية.

وتعزيزًا لمكانة أفراد القوات المسلحة سمح لهم هذا القانون بمقتضى المادة الخامسة بإمكانية إنشاء أو الانخراط بمؤسسات المجتمع المدني التي ليس لها طابع سياسي أو نقابي أو ديني. ونظرًا لتداخل اهتمامات المؤسسات المدنية، فيُتوقع أن تسمح هذه الآلية بتقريب العسكريين أكثر من الحياة السياسية والشأن العام لاسيما أن أغلب المؤسسات المدنية النشطة إما تابعة للأحزاب السياسية أو تخضع لتأثيرها. لذلك يُنتظر أن تُخضع الدولة النشاط المدني للعسكريين لرقابة مشددة، وقد يُقَيَّد بقوانين داخلية في المؤسسة العسكرية.

وقد شهد موقع الجيش المغربي تطورًا مهمًّا عندما أُشرك إلى جانب الشرطة والدرك والقوات المساعدة في مخطط "حذر" الأمني الذي أُعلن عنه في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول 2014 الذي توخى الاحتفاظ باليقظة ضد تهديدات خارجية، لاسيما بعد تأزم الوضع الأمني في ليبيا وتسرُّب معلومات حول إقدام مجموعة مسلحة بتجهيز طائرات للقيام بهجمات في الدول المجاورة. وقد شمل هذا المخطط المواقع الحساسة مثل المطارات ومحطات القطار. لكن تظل هذه الحملة استعراضية بالدرجة الأولى ولبث نوع من الطمأنينة لدى المواطنين والسياح، لأن التهديدات الموجهة للمغرب في هذا الشأن لا تحتاج إلى مثل هذه العملية الاستباقية التي صاحَبَها نشرُ بعض الآليات العسكرية وبطاريات ومدافع مضادة للطائرات في بعض المناطق وكأن المغرب على وشك حرب مفتوحة.

خاتمة

نظرًا للطابع الفوضوي للنظام الإقليمي في المنطقة المغاربية فإن دول المنطقة تظل في حالة توجس وتخوف دائمين من بعضها البعض؛ فبسبب غياب اتحاد إقليمي قوي تلجأ إليه دول المنطقة لدرء التهديد أو الخطر، فإن الاعتماد على الذات من خلال امتلاك قدرات عسكرية إضافية وبالتالي تعزيز موقع الجيش يظل هو الحل الأكثر ضمانًا في نظر الأنظمة السياسية. فبالنسبة للمغرب يظل محاطًا بتحديات عسكرية مستعصية وليس هناك في الحاضر ما يشير إلى تجاوز هذه "المعضلة الأمنية". ففي الجنوب لا تزال قضية الصحراء تراوح مكانها، وشبح العودة إلى الحرب لا يزال قائمًا لاسيما إذا فشل مسلسل التسوية السلمية للقضية الذي تشرف عليه منظمة الأمم المتحدة. وفي الشرق يظل الخلاف والشنآن مع الجزائر هما سيدا الموقف منذ استقلال الدولتين اللتين دخلتا في حرب مباشرة في الستينات من القرن الماضي، ولا تزال أجواء الحرب الباردة تخيِّم على العلاقات بينهما. وفي الشمال لا تزال إسبانيا تحتل مدينتي سبتة ومليلة وكل الجزر المغربية على طول ساحله المتوسطي والتي كانت سببًا للصدام بين الدولتين في مرَّات كثيرة كما حدث في 2002 حول جزيرة "تورة" (وتسمى أيضًا: جزيرة المعدنوس) والتي لا تبعد إلا بأمتار قليلة عن الإقليم البري المغربي. وفي جنوب الساحل الأطلسي للمغرب لم تُرسَّم الحدود البحرية مع إسبانيا حتى الآن والتي يمكن أن تكون محطَّ خلاف في المستقبل لاسيما إذا تأكد توفر هذه المنطقة البحرية على احتياطي مهم للغاز والنفط. كل هذه العوامل، بالإضافة إلى التحديات الأمنية الجديدة العابرة للحدود، تجعل من اعتماد المغرب على المؤسسة العسكرية أحد الثوابت السياسية في المغرب خلال العقود القادمة.

لذلك، فإن مركز الجيش في النسق السياسي المغربي سيستمر في أداء وظائفه التقليدية المتمثلة في الثلاثي: حماية النظام الملكي والدفاع عن قضية الصحراء ودرء المخاطر الخارجية المحتملة الآتية من الجوار، بالإضافة إلى مواجهة التحديات الأمنية الطارئة، مثل: تهديدات الجماعات المسلحة العابرة للحدود. ويشكِّل هذا التصور إجماعًا بين الأحزاب السياسية المغربية سواء أكانت في الحكومة أو المعارضة. فمثلًا انتقد محمد اليازغي، وهو أحد قادة حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض، ضعف ميزانية الجيش لعام 2015 التي تمثل 3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، ودعا إلى رفعها بسبب ما يواجه المغرب من مخاطر أمنية ولتحقيق نوع من التوزان العسكري مع الجزائر. وبالمقابل فإن جهود تعزيز موقع الجيش المغربي الذي ظهرت بعض بوادره خلال حكم الملك محمد السادس لن تتجاوز الحدود التقليدية المرسومة للمؤسسة العسكرية بعد مرحلة الانقلابات، وذلك حتى لا تتعزز طموحات سياسية لدى نخبة معينة في الجيش وتشكل أي تهديد محتمل للنظام.
_______________________________
د. سعيد الصديقي - أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا-أبو ظبي، وجامعة سيدي محمد بن عبد الله-فاس

تواريخ مهمة

1

يونيو/حزيران 1956

تأسيس جيش المغربي والمعروف رسميًّا بالقوات الملَكية المسلحة.

2

إبريل/نيسان 1968

إنشاء البلاط العسكري الملكي.

3

يوليو/تموز 1971

المحاولة الانقلابية العسكرية الأولى.

4

أغسطس/آب 1972

المحاولة الانقلابية العسكرية الثانية.

5

أغسطس/آب 1972

إلغاء وزارة الدفاع الوطني.

6

أغسطس/آب 1972

إحداث إدارة الدفاع الوطني.

7

أكتوبر/تشرين الأول 1997

إحداث الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بإدارة الدفاع الوطني في 1997.

8

يوليو/تموز 2011

إنشاء المجلس الأعلى للأمن بمقتضى الدستور.

المراجع
1- ثريا برادة، الجيش المغربي وتطوره في القرن التاسع عشر (الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة، 1997)، ص35.
2- "الكيش" هو جيش السلطان الذي كان يتكون من عناصر تنتمي إلى قبائل مختلفة مقابل الإعفاء من الضرائب.
3- تحيل كلمة "المخزن" في القاموس السياسي المغربي إلى تلك النخبة الحاكمة والمحيطة بالملك أو السلطان، والتي تمثل النواة الصلبة للدولة، وتستمد هذه النخبة عناصر نفوذها بالإضافة إلى القرب من الملك وخدمتها له، من مسؤوليتها السياسية أو الإدارية أو العسكرية، أو من حجم أملاكها وثرواتها، أو من سلطتها الاجتماعية والرمزية.
4- ثريا برادة، الجيش المغربي وتطوره في القرن التاسع عشر، مرجع سابق، ص343.
5- Jean-Jacques Régnier & Jean-Claude Santucci, « Armée pouvoir et légitimité au Maroc », in Annuaire de l'Afrique du Nord (Paris: Editions du CNRS, 1972), p.140.
6- Saïd Haddad, « Des armées maghrébines appelées à se renforcer », Observatoire des mutations politiques dans les pays arabes, Institut des Relations Internationales et Stratégiques, IRIS, (février 2013), p.3.
7- Brahim Saidy, « Relations civilo-militaires au Maroc : le facteur international revisité », Politique Etrangère, 3 (2007), p.597.
8- والذي أُعطيت له صفة "هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضًا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة".
9- Remy Leveau, La sabre et le turban: L’avenir du Maghreb (Paris: François Bourin, 1993), p.207.
10- جون واتربوري، الملكية والنخبة السياسية في المغرب، ترجمة: ماجد نعمة وعبود عطية، الطبعة الأولى (بيروت: دار الوحدة للطباعة والنشر، 1982)، ص259.
11-  الجنرال محمد أوفقير هو وزير الدفاع ووزير الداخلية في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، والذي كان أيضًا يده اليمنى، وقد توفي في ظروف غامضة يوم محاولة الانقلاب الفاشلة في 16 أغسطس/آب 1972 التي اتُّهم بالوقوف وراءها إلى جانب قيادات عسكرية وشخصيات سياسية أخرى.
12- الحسن الثاني، ذاكرة ملك (الرباط: الشركة السعودية للأبحاث والنشر، 1993)، ص103.
13- مرسوم رقم 1.781.67 بتاريخ 8 إبريل/نيسان 1968، الخاص بإحداث وتنظيم البلاط العسكري الملَكي، الجريدة الرسمية، عدد 2894 (17 إبريل/نيسان 1968)، ص776-777.
14-  تم حذف وزارة الدفاع الوطني بموجب الفصل الأول من ظهير شريف رقم 1.72.258 بتاريخ 19 أغسطس/آب 1972، الجريدة الرسمية، عدد 3121 (23 أغسطس/آب 1972).
15- الظهير الشريف رقم 1.72.276 بتاريخ 21 أغسطس/آب 1972، بإحداث إدارة الدفاع الوطني وتعيين الكاتب العام لهذه الإدارة، الجريدة الرسمية، عدد 3123 (6 سبتمبر/أيلول 1972)، ص2263.
16- الظهير الشريف رقم 1.07.203 بتاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2007، الجريدة الرسمية، عدد 5583 (3 ديسمبر/كانون الأول 2007)، ص3735.
17- إبراهيم اسعيدي، "واقع وآفاق السياسات الأمنية والدفاعية بالعالم العربي"، مركز الجزيرة للدراسات (يناير/كانون الثاني 2011)، ص8.
18- جون واتربوري، الملَكية والنخبة السياسية في المغرب، مرجع سابق، ص258.
19- Omar Bendourou, Le pouvoir exécutif au Maroc depuis l’indépendance, Doctorat d’Etat en droit public, Université, Paris1, 1984, p.281.
20- Ibid., pp.281-282.
21- الحسن الثاني، ذاكرة ملك، مرجع سابق، ص113.
22- المرجع نفسه.
23- Samuel Finer, "The Morphology of Military Regimes," in Roman Kolkowicz and Andrzej Korbonski, eds. Soldiers, Peasants, and Bureaucrats: Civil-Military Relations in Communist and Modernizing Societies (London: George Allen and Unwin, 1982), p.283.
24- J. J. Régnier & J. C. Santucci, « Armée, pouvoir et légitimité au Maroc », AAN, 1971, p.164.
25- Ibid., p.165.
26- جون واتربوري، الملكية والنخبة السياسية في المغرب، مرجع سابق، ص259.
27- بناء على الظهير الشريف رقم 1.56.138 الصادر في 25 يونيو/حزيران 1956 بإحداث القوات المسلحة الملَكية، الجريدة الرسمية، العدد 2282 (30 يوليو/تموز 1956)، ص1179.
28- مرسوم رقم 1.781.67 بتاريخ 8 إبريل/نيسان 1968، الخاص بإحداث وتنظيم البلاط العسكري الملكي، الجريدة الرسمية، عدد 2894 (17 إبريل/نيسان 1968)، ص776-777.
29- Omar Bendourou, Le pouvoir exécutif au Maroc depuis l’indépendance, op.cit., p.285.
30- Ibid., p.282.
31- مرسوم ملكي رقم 1.185.66 بتاريخ 5 سبتمبر/أيلول 1967، الخاص بتنظيم الدفاع عن المملكة، الجريدة الرسمية، عدد 2863 (13 سبتمبر/أيلول 1967)، ص2081.
32- مرسوم ملكي رقم 1.88.66 بتاريخ 5 سبتمبر/أيلول 1967، في شأن تحديد اختصاصات رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية، الجريدة الرسمية، عدد 2863 (13 سبتمبر/أيلول 1967)، ص2082.
33- Régnier & Santucci, « Armée, pouvoir et légitimité au Maroc », op.cit., p.165.
34- ورد هذا التصريح في الأمر اليومي الذي أصدره الأمير الحسن عندما كان وليًّا للعهد في 14 مايو/أيار 1957. نقلًا عن: Régnier & Santucci, Ibid., p.165.
35- Régnier & Santucci, ibid., p.166.
تم حذف وزارة الدفاع الوطني بموجب الفصل الأول من ظهير شريف رقم 1.72.258 بتاريخ 19 أغسطس/آب 1972، الجريدة الرسمية، عدد 3121 (23 أغسطس/آب 1972).
36- Saïd Haddad, « Des armées maghrébines appelées à se renforcer », op.cit., p.4.
37- Brahim Saidy, « Relations civilo-militaires au Maroc : le facteur international revisité », op.cit., p. 599.
38- Driss Bennani & Mohammed Boudarham, « Gendarmerie royale. L’armée a tout faire », Tel Quel, 29 janvier 2011. http://w.telquel-online.com/archives/458/couverture_458.shtml (accessed 2 February 2015)
39- محمد شقير، المؤسسة العسكرية بالمغرب: من القبيلة إلى العصرنة (الدار البيضاء: إفريقيا الشرق، 2008)، ص184.
40- ظهير شريف رقم 1.12.33 صادر في 4 سبتمبر/أيلول 2012 بتنفيذ القانون رقم 01.12 المتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للعسكريين بالقوات المسلحة الملَكية، الجريدة الرسمية، عدد 6085، (24 سبتمبر/أيلول 2012).

ABOUT THE AUTHOR