بنغلاديش ومؤشرات مقلقة: مواجهة الإسلاميين وفشل الديمقراطية

تخضع بنغلاديش لحكم الحزب الواحد "رابطة عوامي" بعد أن أقصى كل المعارضين، وفرض قيودًا على الحريات حتى على وسائل الاتصال الاجتماعي منها، وشهدت البلاد اغتيالات أعلنت تنظيمات متشددة مسؤوليتها عنها، لم تواجهها الحكومة بجدية، ما قد يضع البلاد في مسار يقود نحو العنف.
c6a011d79ad74cfb945fe8039862898c_18.jpg
أمير الجماعة الإسلامية في بنغلاديش، مطيع الرحمن نظامي، من الذين نُفِّذ فيهم حكم الإعدام، وكانت أصدرته "محكمة جنايات دولية" أسَّسها النظام لمواجهة المعارضين. (رويترز)

يهيمن الحزب الحاكم "رابطة عوامي" في بنغلاديش على الحياة السياسية العامة، فهو مطلق اليد لاسيما أنه استخدم الشدة والقضاء المحلي تحت اسم "محكمة الجنايات الدولية" للتخلص من المعارضين. هذا في حين تعرضت البلاد لموجة من الاغتيالات، أعلن كلٌّ من تنظيم الدولة الإسلامية وجماعة أنصار الإسلام -المرتبطة بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة الهندية- مسؤوليتهما عنها، مع العلم بأن الحكومة قد نفت وجود "جماعات إرهابية" عابرة للحدود على أراضي بنغلاديش. هذا وتمرُّ أحزاب المعارضة الكبيرة بمرحلة من التخبط، وقد ضاقت مساحة العمل الديمقراطي وباتت فيه حرية التعبير مهدَّدة من قبل الحكومة التي تنظر في قوانين وإجراءات جديدة لفرض مزيد من التضييق على المواطنين؛ ما ينذر بتحول المزيد من معارضي الحكومة إلى نهج العنف بعد أن أُوصدت أمامهم السبل الأخرى.

مقدمة 

حازت تغطية الأحداث الجارية في بنغلاديش، في الأشهر الأخيرة، على اهتمام وسائل الإعلام الدولية. يأتي ذلك في ضوء إعلان تنظيم الدولة الإسلامية وجماعة أنصار الإسلام -المرتبطة بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة الهندية-مسؤوليتهما عن قتل عديد من الأشخاص بطرق بشعة. وقد قضى في تلك الهجمات مدونون ونشطاء على الإنترنت وناشرون وصحفيون وصوفيون ورهبان وأساتذة وناشطون من المثليين الجنسيين وآخرون من فئات اجتماعية ومهنية مختلفة، بالإضافة إلى أجنبيين. 

وقد أراد منفذو الهجمات بحصدهم أرواح 49 شخصًا خلال الأشهر السبعة عشر الماضية، إرسال رسالة ترهيب تؤكد قدرتهم على مهاجمة أي مكان متى شاؤوا، لاسيما أنه تم الإعلان عمَّا لا يقل عن 19 هجمة منذ بداية العام الجاري(1). وكانت الأقليات، لاسيما الأقلية الشيعية، الهدف الأكبر لتلك الهجمات. أمَّا الحكومة، وبالرغم من إقرارها قبل تسعة أشهر بوجود إرهابيين دوليين داخل البلاد، فإنها الآن تراجعت والتزمت سياسة الإنكار التام لوجود تلك الجماعات على الأراضي البنغالية(2) 

وتُصِرُّ رئيسة الوزراء، الشيخة حسينة، وأعضاء حكومتها، على أن هؤلاء "إرهابيون محليون" من أمثال جماعة "المجاهدون في بنغلاديش(JMB) " وجماعة "أنصار الله بَنْغَلا"، ومشيرة في الوقت نفسه إلى تورُّط غريمها اللدود "الحزب الوطني البنغالي" وحليفته "الجماعة الإسلامية في بنغلاديش (BNP)" في تلك الأعمال. هذا بالإضافة، إلى أن الحزب الحاكم كان قد غيَّر موقفه الأول الداعم للمدوِّنين الذين انتقدهم الإسلاميون واعتبروهم ملحدين. وقد انتقدت رئيسة الوزراء، الشيخة حسينة، المدوِّنين واعتبرت أنشطتهم جارحة لمشاعر الآخرين الدينية، وحذَّرت من أن حكومتها لن تتحمَّل مسؤولية ما قد يجدُّ من "حوادث مؤسفة" كردود فعل رافضة للآراء والتعليقات التي ينشرها المدوِّنون.  

ومن مفارقات تحولات الأحداث، ما تردَّد عن تطوير علاقات دافئة بين الحزب الحاكم مع جماعة "حفظة الإسلام"، وهي جماعة دينية "متشددة" طالبت في العام 2013 بإقرار "قانون التجديف" لمعاقبة الأشخاص الذين يسيئون إلى الإسلام، لكنها واجهت حينها غضبًا حكوميًّا(3). ومن المفاجئ عدم حصول تقدُّم كبير في سبيل القبض على الجناة ومحاكمتهم على جرائمهم(4). 

هذا وقد أوقفت سنغافورة، في مارس/آذار 2016، ثمانية مواطنين بنغلاديشيين واتهمتهم بالانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وزعمت السلطات السنغافورية أنهم كانوا يخطِّطون لشنِّ عدد من الهجمات في بنغلاديش، بالإضافة إلى سعيهم لتجنيد المزيد من الناشطين الجدد في صفوف تنظيم الدولة. وكان خمسة عناصر آخرون قد تم ترحيلهم في وقت سابق ليتم التحفظ عليهم بالحجز في بنغلاديش. وجاءت هذه التوقيفات الأخيرة بعد ثلاثة أشهر من ترحيل 26 بنغاليًّا من سنغافورة، كانت قد وُجِّهت لهم تهمة تكوين جماعة لتدريس العلوم الدينية تعمل على نشر أيديولوجية القاعدة وتنظيم الدولة (5)، وأعلنت الشرطة البنغالية حينها عن ارتباط 14 عنصرًا من الموقوفين في شهر ديسمبر/كانون الأول 2015 بجماعات جهادية بنغالية(6). 

تأتي هذه الأحداث والحياة السياسية العامة في البلاد تشهد ظروفًا غير مسبوقة؛ فالحزب الحاكم مطلق اليد بلا رقيب أو منافس، بعد ما آلت إليه أحزاب المعارضة الرئيسية من ضعف بيِّن، وكذلك مواجهة زعمائها عددًا قياسيًّا من القضايا "المدبَّرة" المرفوعة ضدهم أمام المحاكم، في حين يُصوَّر أي انتقاد مشروعٍ للحكومة على أنه تهديد للنظام. وهكذا بات تقييد الدولة لحرية التعبير السمة المميزة للبلد، خاصة منذ انتخابات 2014 المثيرة للجدل، وهي التي أفرزت برلمانًا من لون واحد لا تمثيل فيه لأي حزب معارض. 

كما نقلت تقارير صادرة عن جمعيات حقوق الإنسان في بنغلاديش، خلال السنوات الخمس الماضية، أنه تم تسجيل تزايد كبير في عدد الحالات المتعلقة بإعدامات دون محاكمة والإخفاء القسري والموت داخل مقرات الاحتجاز(7). 

خلفية المشهد الحالي 

حصلت بنغلاديش على استقلالها من باكستان عام 1971، بعد أن شهدت "حرب استقلال" ضروس امتدت لتسعة أشهر. ثم بعد مرور ثلاثة أعوام ونصف العام، خُلعت حكومة الحزب الواحد التي كان يقودها حزب رابطة عوامي بنغلاديش، وقُتل مُؤَسِّسها الشيخ مجيب الرحمن وشركاؤه في الحكم. ثم أمسك بزمام حكم البلاد، خلال خمسة عشر عامًا التالية وعلى التوالي، نظامان عسكريان. 

شهدت البلاد، خلال فترتي حُكم كل من الجنرال ضياء الرحمن والجنرال حسين محمد إرشاد، انتقالًا من مبادئها العلمانية التي تأسَّست عليها، إلى بروز أحزاب سياسية ذات مرجعية دينية. وفي العام 1990 أطاحت ثورة شعبية مدنية بالحكومة المدعومة من قبل الجيش، ومن ثم باتت الساحة السياسية في بنغلاديش خاضعة لسيطرة رابطة عوامي بنغلاديش (وهي حزب علماني)، والحزب الوطني البنغالي (وهو حزب من يمين الوسط أسَّسه ضياء الرحمن)؛ وجماعتي-إسلامي البنغالية أو الجماعة الإسلامية في بنغلاديش) (وهي حزب إسلامي كان معارضًا لتأسيس الدولة في العام 1971*؛ وحزب جاتيا البنغالي، وهو من يمين الوسط وأسَّسه إرشاد. 

تداول على السلطة في الفترة ما بين 1991 و2007، حزبا رابطة عوامي بنغلاديش والحزب الوطني البنغالي، وكان ذلك عن طريق تنظيم انتخابات كل خمس سنوات بإشراف حكومة انتقالية غير حزبية. لكن شهدت البلاد اضطرابات ومظاهرات عمَّت الشوارع، تصدَّرها حزب رابطة عوامي بنغلاديش، على إثر محاولة الحزب الوطني البنغالي الالتفاف حول أحكام الدستور "وهندسة انتخابات صورية"، وانتهى الأمر إلى تولي حكومة مؤقتة، السلطةَ لمدة عامين وبدعم من الجيش. 

أفرزت انتخابات أواخر عام 2008 فوز رابطة عوامي بنغلاديش وصعودها إلى سُدَّة الحكم مع حصولها على أغلبية داخل البرلمان تجاوزت الثلثين. وفي العام 2011، استغلت رابطة عوامي بنغلاديش موقعها في السلطة لإسقاط صفة "المؤقتة" عن الحكومة، كما أسَّست أيضًا "محكمة جنايات دولية"، وهي محكمة محلية، من أجل محاكمة "مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية" خلال حرب التحرير عام 1971، وهي ذات المحكمة التي انتقدها منتسبو الحزب الوطني البنغالي، وحليفه حزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش، ورأوا أن دوافع تأسيسها مُسَيَّسَة. في العام 2014 قاطع الحزب الوطني البنغالي، وكبرى أحزاب المعارضة، الانتخابات، وتلا ذلك اندلاع "أعمال عنف" اجتاحت كامل البلاد(8). 

عقب الاحتفال بالذكرى الأولى لانتخابات عام 2014 المثيرة للجدل، أطلق الحزب الوطني البنغالي سلسلة مظاهرات في كامل البلاد، ودعا إلى فرض حصار على مؤسسات الدولة. وأدَّت أعمال العنف، التي تواصلت لثلاثة أشهر، وكانت المعارضة قد قادتها بينما واجهتها قوات الحكومة بكل ضراوة، إلى مقتل 138 شخصًا(9). 

وقامت المحكمة بإصدار أحكامها في شهر فبراير/شباط عام 2013، وهو ما استدعى ردود "فعل عنيفة" من قبل "ناشطي الجماعة الإسلامية" في بنغلاديش بعد صدور كل حكم بحق أحد قياداتهم(10). وقد ظهرت حركتان متصارعتان على الساحة السياسية -تؤكدان إلى أي مدى وصل الانقسام داخل المجتمع- إحداهما بقيادة فريق من العلمانيين، وخاصة المدوِّنين، وتطالب بمعاقبة الذين كانت تتم محاكمتهم أمام "محكمة الجنايات الدولية"، وأخرى يقودها "الإسلاميون المتشددون" وتطالب بمعاقبة "المدوِّنين الملاحدة" ومن يعارضون قانون التجديف، وعلى هذه الخلفية تعرَّض أحد المدونين، الذي أعلن إلحاده، إلى الضرب حتى الموت في شهر فبراير/شباط 2013. 

بعد مرور عامين، تواصلت الهجمات القاتلة المستهدفة للمدونين، مع مقتل مدون آخر. من ناحية أخرى، ومع نهاية شهر مايو/أيار 2016، أصدرت المحكمة 26 حكمًا، منها عشرة أحكام في حق زعماء مركزيين في الجماعة الإسلامية في بنغلاديش، وقد حُكِم على ثمانية من قيادات الجماعة بالإعدام، وتم تنفيذ حكم الإعدام في قيادي من الحزب الوطني البنغالي وأربعة قياديين من الجماعة الإسلامية. 

إشكالية عولمة الإرهاب ورموزه المحلية 

يدعو إنكار الحكومة أي وجود لتنظيم الدولة والقاعدة على أراضي بنغلاديش إلى إجراء قراءة متأنية فيه؛ فالحكومة لم تدَّعِ عدم وجود "متشددين"، لكنها وصفتهم "بالمتشددين المحليين". لا يتعلق الأمر هنا بقضية دلالية فحسب؛ فالاعتراف بوجود عناصر إرهابية دولية سيعني اعترافًا صريحًا بفشل الجهود المبذولة في مكافحة الإرهاب، وسيثير التساؤلات عمَّا يختفي وراء ذلك الفشل؛ كما يمكن أن يكون له أيضًا تأثيرات سلبية في علاقات الحكومة مع القوى العالمية. لكن المجادلة بأن أولئك "المتشددين" هم محليون من أبناء البلاد، يتجاهل عمدًا حقيقة ما ثبت من وجود علاقات "للمتشددين البنغاليين" بمحيطهم الإقليمي والدولي، وذلك منذ بداية وجودهم في أواسط تسعينات القرن الماضي. 

يمكن أن نُعيد أصل نشأة المتشددين الإسلاميين إلى إفرازات الحرب الأفغانية في نهاية ثمانينات القرن العشرين(11)، وبعد ذلك أُلقي القبض على عناصر من الجماعات المسلحة الباكستانية والهندية في بنغلاديش في وقت مبكر من العام 2008. 

تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه في عصر العولمة، لا يتطلب تصدير الإرهاب حضورًا فعليًّا -جسديًّا- لعناصر جهادية تنتمي إلى الجماعات المقاتِلة الدولية على أرض بنغلاديش؛ فهناك طرق عدَّة لنشر فكر الحركة وتجنيد مقاتلين في صفوفها. كما أن أفكار "الإرهابيين" المتعلقة بتحديد الأهداف يمكن أن يتم تنسيقها عن بعد. وقد أظهر عدد من الهجمات التي نُفِّذت في مختلف أنحاء العالم أن الإنترنت وسيط فعَّال للغاية في هذا المجال. لهذا، فإنه من المناسب تصوير ما يجري حاليًا من أمور تتعلق بالتشدد الإسلامي على أنه ظاهرة "عالمية-محلية"(12). 

كما لا يمكن نفي وجود مواطنين بنغلاديشيين مستعدين للانضمام إلى "الجهاد العالمي" وجلبه إلى داخل البلاد. وقد أظهر استطلاع رأي، نشرته إحدى الصحف، أنه في الفترة ما بين يوليو/تموز 2014 ويونيو/حزيران 2015، أوقفت السلطات البنغالية 112 "جهاديًّا" مزعومًا، بينهم 22 شخصًا تم تحديد وجود علاقة لهم، إمَّا بانضمامهم الفعلي إلى تنظيم الدولة أو برغبتهم في الالتحاق بصفوفه(13). وأظهرت توقيفات سنغافورة، أن المغتربين يمكن أن يصبحوا أداة لنشر "التشدد". 

السياسات الانتهازية 

لماذا لم تُدِن حكومة رابطة عوامي، التي يُفترض أنها علمانية، بشكل لا لبس فيه تلك الهجمات؟ ولماذا لم تتحرك بفعالية لجلب منفِّذيها للمثول أمام العدالة؟ في الواقع، إن هذا السؤال أربك المحلِّلين داخل بنغلاديش وخارجها على حدٍّ سواء. 

لكن، يبدو أن "السياسة الانتهازية" هي التي تقود قرار الحزب الحاكم، فهي تخدم أهدافه في الداخل والخارج، وخاصة المجتمع الغربي. وقد نجح الحزب الحاكم في كسر شوكة الحزب الإسلامي الأقوى والأبرز في البلاد -حزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش- عن طريق محاكمة زعمائه بتهم ارتكاب "جرائم حرب" عام 1971، وبإلغاء تسجيل الحزب من على قوائم هيئة الانتخابات، وكذلك باللجوء إلى استخدام القوة المُميتة تجاه أنصار الحزب عند لجوئهم إلى النزول إلى الشوارع. ومع أنه تخلَّص من حزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش ودفعه إلى هامش المشهد السياسي، فإن الحزب الحاكم لم يرغب في الظهور بمظهر المعادي للإسلاميين؛ بل إنه، بدلًا من ذلك، أراد رؤية إسلاميين آخرين على الساحة السياسية كبديل عن حزب الجماعة الإسلامية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن سماح الحزب الحاكم بوجود قدر أدنى من "الأنشطة المتشددة"، التي لا ترقى إلى حدِّ تحدي النظام بشكل جدي يعرِّضه للتهديد، سيجعل من الحزب الحاكم يُصوَّر على أنه يقف على خط الدفاع الأول ضد تنامي "الإسلام السياسي" في بلد أغلبية سكانه من المسلمين، وهو ما سيوفِّر المبررات الكافية للعالم الغربي لتوسعة دعمه غير المشروط للحكومة، وتلك "الحاجة الظاهرة للسلطات في التصدي "للعنف الديني"، ستسمح للنظام بمزيد من توسيع مجالات سطوته السياسية"(14). 

النمو الاقتصادي وخطر الفساد والمحسوبية السياسية 

على الرغم من تقلص مساحة الديمقراطية ومن القيود المفروضة على حرية التعبير، إضافة إلى كثرة عمليات القتل المسجلة في الفترة الأخيرة، وما خلَّفته من مخاوف واضحة داخل صفوف عدد من قطاعات المجتمع، فإن مظاهر حياة الناس اليومية يبدو أنها تواصل طريقها العادي بفضل تعافي الاقتصاد ونموه الذي تحقق على امتداد العقود الماضية؛ فقد نجحت البلاد في الحفاظ على معدل نمو زاد عن 6% منذ عام 1991 عندما كانت تُحكم بالتداول بين حزبي رابطة عوامي بنغلاديش والحزب الوطني البنغالي. وقد وصل كل منهما إلى السلطة عبر انتخابات نزيهة كانت تُنظَّم كل خمس سنوات. أمَّا ما تميزت به هذه الفترة، فكان انتهاج عدد من السياسات غير الفعَّالة وسوء الإدارة والعلاقات الحادة بين الحزبين ودورات متكررة من العنف. 

يمكن أن يُعزى هذا النمو الاقتصادي المتحقِّق خلال العقود الماضية، بالأساس، إلى قطاعين اقتصاديين، هما: قطاع صناعة الملابس الجاهزة، والتحويلات المالية المتأتية من العمالة المؤقتة. وعلى سبيل المثال، فإن قطاع صناعة الملابس الجاهزة -الذي يُشغِّل حوالي 4,2 ملايين عامل- حقَّق في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الجارية (2015-2016) أرباحًا بلغت 22.12 مليار دولار(15). أمَّا المهاجرون المؤقَّتون من بنغلاديش، من اليد العاملة -غير الماهرة ومتوسطة المهارة- البالغ عددهم أكثر من 555 ألف عامل، والذين يعملون في بلدان الشرق الأوسط والخليج العربي وبلدان جنوب شرق آسيا، فقد حوَّلوا، خلال عام 2015، مبالغ تقدر بـ 15.27 مليار دولار(16). يُضاف إلى هذين القطاعين قطاع آخر ناشئ يتمثل في التصدير، وهو ما خلق نشاطًا اقتصاديًّا نابضًا بالحياة وأوجد طبقة وُسطى جديدة(17). إلا أن ثمار هذا النجاح الاقتصادي لم توزَّع بشكل عادل، وهو ما نشأ عنه تفاوت كبير في معدلات الدخل في ارتفاع متزايد. وبنفس القدر من الأهمية، فإن معدل هروب رؤوس الأموال من البلاد ينذر بالخطر؛ ففي العقد الممتد بين عامي 2004 و2014 -وفقًا لمركز بحوث "النزاهة المالية العالمية"(18)، ومقره الولايات المتحدة، تم تحويل أكثر من 56 مليار دولار إلى خارج بنغلاديش، وقد سمح الفساد المطلق والمحسوبية السياسية بنهب ملايين الدولارات من خزائن البنوك المملوكة للدولة، ومرَّ ذلك دون مساءلة لتلك البنوك أو الجناة(19). 

من جهة أخرى، حققت البلاد تقدمًا ملحوظًا على طريق إنجاز الأهداف الإنمائية للألفية: فهي تتقدم على جيرانها في مؤشرات اجتماعية مثل الحد من وفيات الأطفال والأمهات، وارتفاع متوسط الأعمار المتوقع، وتوفير التعليم للفتيات. 

أدت هذه النجاحات، إلى حدٍّ ما، إلى الشعور بالرضا بين مواطني الطبقة الوسطى من سكان المدن الذين كانوا في السابق في طليعة الحركة الديمقراطية المعارِضة للحكام العسكريين، وخاصة في فترة الثمانينات من القرن الماضي. وقد أشار قادة الحزب الحاكم إلى تفضيلهم النموذج السنغافوري، باعتباره نموذج التنمية الأقرب إلى دولة يحكمها فعليًّا نظام الحزب الواحد. وقد تم وضع النقاش في إطار مقولة: "التنمية مقابل الديمقراطية" ليقول الحكام العسكريون: إن الديمقراطية باتت مُستهلَكة وانقضت صلاحيتها(20). 

غياب البديل 

كان النمو الاقتصادي الواضح يمثِّل أحد أسباب غياب المقاومة للنزعة السلطوية المتزايدة للحزب الحاكم. أما السبب الآخر فيتمثل في الفشل الذريع لحزب المعارضة الرئيسي، الحزب الوطني البنغالي، في تقديم نفسه كبديل عملي؛ حيث ظلت تجربة سوء حكم الحزب الوطني البنغالي خلال الفترة الماضية (2001-2006) حاضرة في الذاكرة العامة. لكن، الأهم من ذلك، هو ما ابتُلي به الحزب الوطني، منذ تلك الفترة، من سوء التقدير السياسي واعتماد استراتيجية خاطئة واتباع تكتيكات خرقاء. وقد أضعفت سياسة الحزب الوطني في اعتماد العنف كوسيلة سياسية، خلال الفترة التي سبقت انتخابات عام 2014 ومطلع عام 2015، رصيد الحزب لدى المواطنين واستجابتهم لنداءاته، وفي المقابل وفَّرت تلك السياسة للحزب الحاكم، في الوقت نفسه، فرصة لفرض تدابير عنيفة؛ حيث عملت الحكومة على اضطهاد قادة الحزب الوطني(21) ووجَّهت الاتهامات ضد رئيسته، خالدة ضياء، من أجل تفتيت الحزب الوطني. ويبدو أن الحزب الحاكم نجح في مسعاه ذلك، على الأقل على المدى المنظور(22). وفي كل الحالات، فإن السؤال الذي يظل مطروحًا هو: من سيملأ الفراغ إذا ظلت المعارضة الدستورية المشروعة، التي يُؤمَّل أن تكون خيارًا سياسيًّا بديلًا، متهالكة؟ 

مؤشرات مقلقة 

في ظل الضعف الواضح الذي باتت تعاني منه أحزاب المعارضة، وعلى وجه الخصوص ضعف الحزب الوطني البنغالي، فإن محاولات الحزب الحاكم لا تزال مستمرة لتضييق الخناق أكثر على كل أنشطة المعارضة الأخرى. 

أعطى قانون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعام 2006، ثم في صيغته المعدلة عام 2013، الحكومة قوة هائلة مكَّنتها من تضييق الخناق على الأنشطة عبر الإنترنت. أُسيء في السنوات الماضية، تفسير المادة 57 من القانون المذكور وتم توظيفها من أجل سَجن منتقدي الحكومة، تحت غطاء اتهامهم بإيذاء المشاعر الدينية. ومع ذلك، وكما لو كانت كل تلك الإجراءات غير كافية، فقد تحركت الحكومة من أجل سَنِّ ثلاثة قوانين جديدة تمنحها سلطات واسعة وتسمح لها بوضع خطة لإنشاء مركز جديد لمراقبة كافة الأنشطة على الإنترنت. 

وتلك القوانين المقترحة هي: "قانون الأمن الرقمي-2016"(23)، والقانون الجنائي حول حرب تحرير بنغلاديش المتعلِّق بـ(الإنكار والتشويه والمعارضة)"(24) ، و"قانون تنظيم استقبال الهبات الأجنبية (المعدَّل)"(25). وينص قانون الأمن الرقمي على أن "أي شخص ينشر دعاية سلبية ضد "حرب التحرير" أو ضد "الأب القائد" أو "الأمة" عن طريق استخدام الأجهزة الرقمية، سيعرِّض نفسه لخطر صدور حكم في حقه بالسجن مدى الحياة". كما ينص القانون على عقوبة السجن لمدة عامين في حق كل من "تعمَّد" إهانة شخص ما، أو آذى المشاعر الدينية لأي شخص عن طريق نشر أو بث محتوى مسيء من خلال الأجهزة الرقمية. 

نشأت فكرة القانون الجنائي حول "حرب تحرير بنغلاديش (الإنكار، والتشويه، والمعارضة)" لمواجهة أي إنكار "للإبادة الجماعية" التي "ارتكبها الجيش الباكستاني والمتعاونون المحليون معه عام 1971"، وهو قانون مماثل لقوانين "إنكار المحرقة (الهولوكوست) السائدة في مختلف بلدان أوروبا". ومع ذلك، فقد تم توسيع مجال هذا القانون ليشمل كامل الرواية الرسمية لتاريخ بنغلاديش فيه، وبات أي انحراف عن الرواية الرسمية عرضة للتجريم. 

وأحد العناصر الأساسية التي أُضيفت إلى القانون المقترح المتعلق بالتبرعات الأجنبية (المعدل) هو تخويل الحكومة اتخاذ إجراءات ضد أي منظمة غير حكومية في حال صدرت عنها "تصريحات مسيئة أو مهينة" في حق الهيئات الدستورية. 

أدَّى القانون المقترح، بالفعل، إلى وضع قيود كبَّلت إلى حدٍّ بعيد أنشطة المنظمات غير الحكومية. وسيؤدي هذا الشرط الجديد إلى إسكات منظمات مثل "منظمة الشفافية الدولية-بنغلاديش"، التي كانت تقوم بدور المراقب. وقد قررت الحكومة أيضًا إنشاء مركز سمته "شبكة الكشف عن التهديدات الرقمية والتعامل معها" ما سيتيح لها تتبع جميع الأنشطة عبر الإنترنت، ويمنحها السلطة لإزالة أي محتوى غير مرغوب فيه، وحتى حجب أي موقع متى ما شاءت. وكانت الحكومة منعت، فعليًّا، في وقت سابق خدمات الرسائل وخدمة فيسبوك ويوتيوب ومواقع إنترنت مختلفة(26). 

وإذا وُضع كل تلك الإجراءات معًا في سلة واحدة، فسنجد أنها تفرض قيودًا خطيرة على حرية التعبير. ويبدو هنا من المناسب أن نسأل: ما إذا كانت هذه القيود ستترك مساحة ما للمعارضة، لا سيما عندما تكون وسائل الإعلام الكبرى إما مُصطفَّة إلى جانب النظام أو مُرْغَمَة على السكوت عبر وسائل مختلفة بما في ذلك الترهيب وممارسة ضغوط اقتصادية غير مباشرة؟(27) 

خلاصة: إلى أين تتجه بنغلاديش 

يطرح الوضع الحالي السؤال التالي: إلى أين تتجه سياسات بنغلاديش؟ فعمليات القتل الموجَّه الأخيرة تُعتبر دليلًا على تدهور نُظُم القوانين وتكشف عن ضعف نظام الحكم. لكن هناك المزيد من نقاط الضعف الأخرى التي قد لا تبدو واضحة للعيان، وحتى أولئك الذين يتفقون مع الحكومة في نفي وجود "جماعات إرهابية" عابرة للحدود في بنغلاديش، سيكون عليهم الاعتراف بأن الوضع الحالي يحتمل توفير مساحة لنشاطات "الجماعات الإرهابية" العابرة للحدود أو السماح لمواطنين بنغلاديشيين بإقامة خطوط اتصال مع "الإرهابيين" العابرين للحدود الوطنية. ولهذا وجب مواجهة هذا التهديد المحتمل بشكل جدي. 

إلا أن تهديد هذه الجماعات لا يجب أن يصرف انتباه مراقبي سياسة بنغلاديش عن رصد المؤشرات المقلقة التي تحملها السياسات الرسمية المتبعة. وكما لاحظ التقرير الصادر مؤخرًا عن مجموعة الأزمات الدولية، الذي ورد فيه: "إذا ظلت المعارضة الرئيسية ممنوعة من ممارسة دورها، فإن المزيد والمزيد من معارضي الحكومة قد ينتهي بهم الأمر إلى اعتبار طريق العنف والانضمام إلى "الجماعات العنيفة" هو الملجأ الوحيد الممكن(28). 

إن إغلاق كل قنوات الأنشطة المعارضة، واتخاذ "التدابير القمعية" ضد المعارضة السياسية المشروعة، أو محاولة استغلال الوضع لتحقيق غايات سياسية فورية، لا يمكن أن يعود بالنفع على البلاد على المدى البعيد.

______________________________________

علي رياض: أستاذ جامعي ورئيس قسم السياسات وفلسفة الحُكم في جامعة إلينوي، الولايات المتحدة الأميركية. 

ملاحظة: النص أُعدَّ في الأصل باللغة الإنكليزية  لمركز الجزيرة للدراسات، ترجمه د. كريم الماجري إلى اللغة العربية.

ABOUT THE AUTHOR

References

1-  - “Hindu Ashram Volunteer Hacked to Death in Pabna”, Prothom Alo, (Bengali), 11 June, p. 1; “Militant Attacks and Killings Continue to Increase” Prothom Alo (Bengali), 24 May 2016, p. 1.; see also ‘Bangladesh machete murder claimed by IS’, BBC News, 21 May 2016, http://www.bbc.com/news/world-asia-36349897 (accessed 20 May 2016)

2- ‘Student detained in Bangladeshi professor's hacking death’, CNN International, 24 April 2016, http://www.cnn.com/2016/04/23/asia/bangladesh--professor-hacked/

 (Accessed 4 June 2016)

3-  ‘Government and Hefazat relationship is now intimate’, Prothom Alo, 5 May 2016, p.1

4-  ‘Crossfire Kills Bangladesh Assault Suspect in Custody, Police Say’, New York Times, 18 June 2016, http://www.nytimes.com/2016/06/19/world/asia/crossfire-kills-bangladesh-assault-suspect-in-custody-police-say.html  (accessed 20 June 2016)

5-  ‘Singapore, Bangladesh arrest 13 militants with links to IS.’ Hindustan Times, 3 May 2016, http://www.hindustantimes.com/world/singapore-bangladesh-nab-13-militants-with-links-to-is/story-u8QSj5Qpy3dQjNrCqkgX7L.html    

(Accessed 4 June 2016).

6-  ‘Bangladesh police: 14 men deported from Singapore are militants;, Reuters, 21 January 2016, http://in.reuters.com/article/bangladesh-militants-idINKCN0UZ2FT     (Accessed 4 June 2016)

7-  Odhikar, ‘Total Extra-judicial killings from 2001- March 2016’, http://1dgy051vgyxh41o8cj16kk7s19f2.wpengine.netdna-cdn.com/wp-content/uploads/2015/11/Statistics_EJK_2001-2016.pdf (Accessed 4 June 2016)

8-  Ali Riaz, ‘A Crisis of Democracy in Bangladesh,’ Current History, Vol 113/ No. 762; April 2014. pp.150-156

9-  Ali Riaz, ‘Bangladesh’s Fracture: Political and Religious Extremism’, Testimony before the Subcommittee on Asia and the Pacific Committee on Foreign Affairs United States House of Representatives April 30, 2015, http://docs.house.gov/meetings/FA/FA05/20150430/103406/HHRG-114-FA05-Wstate-RiazA-20150430.pdf (Accessed 21 May 2016)

10-  The BJI, however, did not claim any responsibility for any acts of violence in this context. "Bangladesh: End Violence Over War Crimes Trials," Human Rights Watch, 1 March 2013, https://www.hrw.org/news/2013/03/01/bangladesh-end-violence-over-war-crimes-trials (Accessed 19 June 2016)

الجدير بالذكر أن الجماعة الإسلامية في بنغلاديش لم تعلن مسؤوليتها عن أي عمليات عنف لاسيما تلك التي اتُّهمت بها.

11-  Ali Riaz, Islamist Militancy in Bangladesh: A Complex Web. London: Routledge, 2008.

12-  Habibul Haque Khondker, ‘Extremism 2.0 is glocal’, Dhaka Tribune, 16 May 2016, http://www.dhakatribune.com/op-ed/2016/may/17/extremism-2o-glocal (Accessed 4 June 2016)

13-  Ali Riaz, ‘Who are the Bangladeshi ‘Islamist Militants’?’Perspective on Terrorism, Vol 10, no. 1, April 2016.

14-  Sumit Ganguly, ‘Bangladesh’s Accommodation of Extremism Spells Danger for the Region’, Yale Global Online, 17 May 2016. http://yaleglobal.yale.edu/content/bangladesh%E2%80%99s-accommodation-extremism-spells-danger-region (Accessed 4 June 2016)

15-  ‘RMG propels Bangladesh’s export earnings.’, Apparel Resources, March 7, 2016

 http://news.apparelresources.com/trade-news/rmg-propels-bangladeshs-export-earnings/ (Accessed 4 June 2016)

16-  ‘Overseas employment and Remittances from 1976 to 2016’, Bureau of Manpower Employment and Training, Government of Bangladesh, http://www.bmet.gov.bd/BMET/viewStatReport.action?reportnumber=20 (Accessed 4 June 2016)

17- Syed Mansur Hashim, ‘Bangladesh's growing middle class’, Daily Star, 27 October 2015.

http://www.thedailystar.net/op-ed/politics/bangladeshs-growing-middle-class-162670   (Accessed 4 June 2016)

18-  ‘Bangladesh ranks 26th in capital flight’, Dhaka Tribune, 10 December 2015, http://www.dhakatribune.com/bangladesh/2015/dec/10/bangladesh-ranks-24th-capital-flight (Accessed 4 June 2016)

19- Joseph Allchin, ‘Bangladesh’s Other Bank Scam’, New York Times, 12 April 2016, http://www.nytimes.com/2016/04/12/opinion/bangladeshs-other-banking-scam.html (Accessed 4 June 2016)

20- Anis Chowdhury, ‘Democracy and Development’, World Affairs Journal, 20 August 2015.

 http://www.worldaffairsjournal.org/content/opinion-democracy-and-development-bangladesh (Accessed 4 June 2016)

21-  ‘BNP Worried over 21,000 cases’ , Prothom Alo, 9 Oct 2015,  http://en.prothom-alo.com/bangladesh/news/82007/BNP-worried-over-21-000-cases (Accessed 4 June 2016)

22- William B Milam, ‘The Real Source of Terror in Bangladesh’, New York Times, 19 May 2016, http://www.ittefaq.com.bd/politics/2016/05/22/69163.html (Accessed 4 June 2016)

23- Digital Noose to Be Tightened Further,’ Daily Star, 20 May 2016, http://www.thedailystar.net/frontpage/digital-noose-be-tightened-further-1226902 (Accessed 4 June 2016)

24- The Bengali Text of the proposed law is available here: http://lc.gov.bd/Circular/Holocaust%20Law_Draft%20(Final).pdf  for a summary of the Act see David Bergman’s blog: http://bangladeshpolitico.blogspot.com/2016/04/crime-of-distortion-of-history-of.html  and for a discussion see: Naeem Mohaimen, ‘Muktijuddho: Polyphony of the Ocean’, Daily Star, 9 April 2016, http://www.thedailystar.net/in-focus/muktijuddho-polyphony-the-ocean-1206313 (Accessed 4 June 2016)

25-  ‘NGOs may face tough action’, Daily Star, 19 May 2016, http://www.thedailystar.net/backpage/ngos-may-face-tough-action-1226224 (Accessed 4 June 2016)

26-  ‘Govt blocks 2 messaging services’, Daily Star, 20 May 2016, http://www.thedailystar.net/frontpage/govt-blocks-2-messaging-services-1226884 (Accessed 4 June 2016)

27-  ‘Bangladesh Editor Faces 79 Court Cases After an Unusual Confession’, New York Times, 27 March 2016. http://www.nytimes.com/2016/03/28/world/asia/bangladesh-editor-faces-79-court-cases-after-saying-he-regrets-articles.html?_r=0 (Accessed 4 June 2016)

28- International Crisis Group, Political Conflict, Extremism and Criminal Justice in Bangladesh, Asia Report 277, 11 Apr 2016. http://www.crisisgroup.org/en/regions/asia/south-asia/bangladesh/277-political-conflict-extremism-and-criminal-justice-in-bangladesh.aspx (Accessed 4 June 2016).