الانتخابات البرلمانية المغربية: دلالات النتائج وأبعادها

عزَّزت الانتخابات البرلمانية في المغرب مكاسب الإسلاميين، وأسفرت عن صعود حزب الأصالة والمعاصرة كقطب مواز لهم، واستمرار اليسار في التراجع.
4e86831236934608b9bc85eb197f680f_18.jpg
بنكيران: مهندس انتصارات العدالة والتنمية المغربي (رويترز)

أفرزت الانتخابات البرلمانية بالمغرب نتائج غير مسبوقة، أبرزها تأكيد قوة حزب العدالة والتنمية الإسلامي، ووضع معالم بداية تشكُّل قطبية حزبية بينه وبين منافسه حزب الأصالة والمعاصرة، فضلًا عن تراجع قوة الأحزاب اليسارية.

أن دلالات النتائج المعلنة لهذه الانتخابات في أبعادها السياسية تبدو أكبر من الأرقام في حدِّ ذاتها؛ إذ تأكدت للمرة الثالثة، بعد انتخابات 2011 و2015، فاعلية الإرادة الشعبية وقدرة صناديق الاقتراع على إحداث تغييرات نوعية في المشهد السياسي، ومن ثم دفع المسار الديمقراطي خطوات إلى الأمام.

مقدمة 

أسفرت الانتخابات التشريعية المغربية ليوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016 عن انتصار سياسي وانتخابي لحزب العدالة والتنمية في مقابل هزيمة سياسية لغريمه، حزب الأصالة والمعاصرة، بالنظر إلى حجم التوتر وحدَّة المنافسة، وإلى أهدافه المعلنة كذلك، رغم أنه ضاعف رقميًّا عدد مقاعده بنسبة 120 في المئة. 

وحصد الحزبان؛ العدالة والتنمية وخصمه الأصالة والمعاصرة، ما يعادل 57 في المئة من مقاعد مجلس النواب، وذلك على حساب باقي الأحزاب السياسية، التي لم يفلح سوى 11 حزبًا من أصل 30 حزبًا شاركوا في هذه الانتخابات في الحصول على مقاعد، كما أن عدد الأحزاب التي استطاعت الحصول على فريق نيابي (20 مقعدًا) تراجعت من 8 إلى 6 أحزاب فقط. 

غير أن دلالات النتائج المعلنة لهذه الانتخابات في أبعادها السياسية تبدو أكبر من الأرقام في حدِّ ذاتها؛ إذ تأكدت للمرة الثالثة، بعد انتخابات 2011 و2015، فاعلية الإرادة الشعبية وقدرة صناديق الاقتراع على إحداث تغييرات نوعية في المشهد السياسي، ومن ثم دفع المسار الديمقراطي خطوات إلى الأمام.  

1- نتائج ذات أثر مهيكل

مقارنة مع كل الانتخابات السابقة، أفرز اقتراع 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016 نتائج غير مسبوقة، أبرزها تأكيد قوة حزب العدالة والتنمية الإسلامي، ووضع معالم بداية تشكُّل قطبية حزبية بينه وبين منافسه حزب الأصالة والمعاصرة، فضلًا عن تراجع قوة الأحزاب اليسارية. 

أ‌. تأكيد قوة العدالة والتنمية

أكدت نتائج الانتخابات، مرة أخرى، قوة حزب العدالة والتنمية في المشهد السياسي؛ إذ حصل على 125 مقعدًا من أصل 395 مقعدًا في مجلس النواب، بحيث أضاف الحزب إلى رصيده 18 مقعدًا مقارنة مع نتائج آخر انتخابات تشريعية جرت سنة 2011. 

وقد وطَّد الحزب قوته في المدن الكبرى والمتوسطة التي كان يفوز فيها من قبل؛ ففي جهة الدار البيضاء، كبرى المدن المغربية، حصل على 16 مقعدًا من أصل 26 مقعدًا، وكان لافتًا أنه حصل في مدينة طنجة على ثلاثة مقاعد من خمسة بـ60 ألف صوت لأول مرة في تاريخ الانتخابات المغربية، أو على مقعدين في الدائرة الواحدة وهو مؤشِّر تكرر في 22 دائرة انتخابية، وحصل لأول مرة على مقعد واحد في 18 دائرة انتخابية قروية. 

وبالنظر في مسيرة الحزب الانتخابية، يظهر بوضوح أن نتائجه ظلَّت في تقدم مطَّرد؛ حيث انتقل من 9 مقاعد سنة 1997، تاريخ أول دخول سياسي وانتخابي له (تأسَّس الحزب سنة 1996)، إلى 42 مقعدًا سنة 2002، ثم إلى 46 في سنة 2007، ليقفز بشكل لافت إلى 107 مقاعد سنة 2011، تزامنًا مع موجة ثورات الربيع العربي. 

ورغم أن فوز حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات كان قويًّا، إلا أنه لم يكن مفاجئًا لعدة أسباب، منها:

أولًا: قوته التنظيمية.

وثانيًا: لأنه الحزب الوحيد الذي تدعمه وتسانده هيئات دعوية ومدنية ونقابية منظَّمة وفعَّالة في المجتمع.

وثالثًا: بسبب "الزعامة" التي يتميز بها أمينه العام، عبد الإله بنكيران، وقدراته التواصلية التي لا يضاهيه فيها أحد من السياسيين اليوم في المغرب.

 ثم رابعًا: نظافة يد وزرائه ومنتخبيه وقادته، على خلاف أحزاب أخرى اتسخت صورتها لدى الرأي العام بسبب قضايا الفساد.

وخامسًا: بفعل غياب منافس جدي مستقل عن السلطة وحامل لبرنامج بديل. 

لكن من المؤكد أن فوز حزب العدالة والتنمية كان صادمًا لمنافسه، حزب الأصالة والمعاصرة، خصوصًا أن هذا الأخير أعلن خلال الحملة الانتخابية عن هدفه الحصول على المرتبة الأولى وتشكيل الحكومة المقبلة، ومن أجل ذلك عمل على تعبئة شاملة لكل قواه التنظيمية والمالية والإعلامية، كما تعبَّأت بجانبه قوى سياسية وإعلامية ونقابية ومالية وثقافية وجمعوية، فضلًا عن اتهام رجال السُّلطة في وزارة الداخلية والأمن بدعمه (1)؛ حيث توالت التقارير التي تتحدث عن انخراطها إلى جانبه ضد حزب العدالة والتنمية، مستعملة جميع الوسائل الممكنة، بما فيها "الحرب الأخلاقية" (2) ضد قيادييه. 

وإذا كانت النتائج النهائية أكدت فوز حزب العدالة والتنمية بحوالي مليوني صوت من أصل نحو سبعة ملايين شاركوا في هذه الانتخابات (نسبة المشاركة 43%)، فإن الخلاصة التي ينطوي عليها ذلك تتمثل في صعود فاعل جديد في المشهد السياسي والانتخابي هو المواطن القادر على ترجيح كفة المتصارعين، والذي يتزايد تأثيره من انتخابات إلى أخرى، على حساب تأثير المال والسلطة، خاصة في المدن والأوساط شبه الحضرية. 

ب‌. مؤشرات على قطبية حزبية جديدة

أظهرت النتائج النهائية للانتخابات التشريعية هيمنة حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة على المشهد السياسي المغربي؛ مما دفع البعض إلى القول بأن تلك النتائج أسست لقطبية حزبية جديدة يغيب عنها اليسار، وهي فرضية تستند إلى المؤشرات التالية:

  • أن الحزبين المتنافسين، أي حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة، قد حصلا لوحدهما على 227 مقعدًا من مجموع 395 هم عدد أعضاء الغرفة الأولى/مجلس النواب، وهو ما يعادل 57 في المئة، في حين وُزِّع باقي المقاعد، وعددها 168 مقعدًا على 9 أحزاب سياسية نجحت في الحصول على مقاعد والولوج إلى مجلس النواب.
  • الفارق الكبير بين الحزب الثاني (الأصالة والمعاصرة) في هذه الانتخابات والحزب الثالث (حزب الاستقلال)، والذي يُقدَّر بـ74 مقعدًا؛ حيث حصل الاستقلال على 46 مقعدًا فقط بعدما تراجع بـ14 مقعدًا مقارنة مع نتائج انتخابات 2011. في حين حصل الحزب الرابع (التجمع الوطني للأحرار) على 37 مقعدًا ثم بقية الأحزاب التي حصل بعضها على مقعدين فقط، كما الحال بالنسبة لفيدرالية اليسار الديمقراطي.
  • أن انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016 أخرجت حزب الاستقلال من "رقعة الكبار"(3) لصالح القطبية الجديدة، بعدما كان في موقف انتخابي تنافسي طبقًا لنتائج الانتخابات الجماعية والجهوية التي جرت العام الماضي (4 سبتمبر/أيلول 2015)؛ حيث حلَّ في المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد، قبل العدالة والتنمية في المرتبة الثالثة، وبعد الأصالة والمعاصرة الذي تبوَّأ المرتبة الأولى. وبفقدان حزب الاستقلال 14 مقعدًا، يكون قد التحق بهذا "المنحى التراجعي" الذي سبقه إليه حزب الاتحاد الاشتراكي. 

لكن هناك مقاربة أخرى، تعتبر أن حزب الأصالة والمعاصرة، الذي حلَّ في المرتبة الثانية، غير قادر على منافسة حزب العدالة والتنمية من دون دعم وإسناد أجهزة في الدولة، وبالتالي تبدو القطبية الجديدة من هذه الزاوية "مصطنعة وغير حقيقية". 

وقد عبَّر عن هذا الموقف أساسًا بعض الأحزاب السياسية التي خسرت هذه الانتخابات، مثل: الاتحاد الاشتراكي، والتقدم والاشتراكية، ورأت فيه خطرًا على التعددية والديمقراطية (4). 

ت‌. اليسار يواصل انحداره

كشفت النتائج المعلنة أن المسار التراجعي في القوة الانتخابية لأحزاب اليسار لم يتوقف بعد. على سبيل المثال، فَقَدَ حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي تزعم اليسار المغربي منذ الاستقلال، 19 مقعدًا بحيث تراجع من 39 مقعدًا سنة 2011 إلى 20 مقعدًا فقط في هذه الانتخابات. ودخل هذا الحزب في مسار تراجعي منذ سنة 2007 حيث حصل على 38 مقعدًا وتبوأ المرتبة الخامسة، بعدما حصل سنة 2002 على المرتبة الأولى بـ54 مقعدًا. ويفسر تراجعه بالمواقف والخيارات السياسية التي تبناها بعد أن انتزع القصر الملكي منه رئاسة الحكومة سنة 2002 من جهة، وبسبب الانقسامات الداخلية التي أضعفته من جهة ثانية؛ مما أدى إلى فقدانه منسوب القوة التي كان يتمتع بها طيلة تاريخه. 

وينطبق الوضع نفسه على حزب التقدم والاشتراكية (شيوعي سابقًا) الذي حصل على 12 مقعدًا في هذه الانتخابات، بتراجع قدره 6 مقاعد مقارنة مع نتائج 2011. وفوجئ هذا الحزب، وأنصاره كذلك، بالنتائج التي حصل عليها؛ لأن التوقعات كانت تشير إلى إمكانية أن يحصل على عدد يفوق 20 مقعدًا، بسبب أدائه في الحكومة المنتهية ولايتها، وبالنظر إلى المواقف السياسية التي اتخذها وكان لها صدى أقوى في الوسط السياسي، فضلًا عن انحيازه منذ 2011 إلى جانب حزب العدالة والتنمية، ضد ما يصفونه بـ"التَّحكُّم" (في دول أخرى يُستعمل مفهوم "الدولة العميقة") الذي يعد حزب الأصالة والمعاصرة، حسبهم، واجهته الحزبية فقط. 

ولم تفلت فيدرالية اليسار الديمقراطي (مكونة من ثلاثة أحزاب: الاشتراكي الموحَّد، الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، حزب المؤتمر الاتحادي) من تيار المسار التراجعي والانحداري؛ إذ لم تحصد الأحزاب الثلاثة المكوِّنة لها سوى مقعدين. ولم تشارك الفيدرالية، خصوصًا حزب الاشتراكي الموحد، في انتخابات 2011 حتى يمكن المقارنة معها، بسبب مقاطعتها التصويت لدستور 2011 ثم قاطعت الانتخابات كذلك، لكنها تراجعت عن خيار المقاطعة على اعتبار أنه اختيار من هو "عاجز عن المواجهة" (5). 

ورغم الهزيمة القاسية لفيدرالية اليسار الديمقراطي، خصوصًا عدم فوز نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، على رأس اللائحة الوطنية المخصصة للنساء والشباب، إلا أن بعض الباحثين اعتبر أن الإقبال الذي سجَّلته محاضر التصويت في المدن كشف عن "إقبال مديني" على الصوت اليساري، ينطوي على "رسالة أمل"، تحتاج إلى من يلتقطها ويحوِّلها إلى "مشروع سياسي طموح" (6). 

ث‌. دفع الأحزاب إلى التحالف

من النتائج النهائية لهذه الانتخابات التي ستكون أحد عوامل عقلنة وهيكلة المشهد السياسي، دفع الأحزاب السياسية الخاسرة إلى التحالف. المؤشر البارز الذي ظهر خلال أقل من أسبوع يتمثل في إعلان حزب الاتحاد الدستوري (27 مقعدًا) وحزب التجمع الوطني للأحرار (37 مقعدًا) الشروعَ في خطوات للتنسيق والتقارب من أجل تشكيل فريق برلماني موحد، في أفق التحالف بينهما (7). 

وبغضِّ النظر عن خلفيات هذه الخطوة، التي قد تكون مرتبطة بتقوية الموقع التفاوضي لحزب التجمع الوطني للأحرار تجاه رئيس الحكومة المعيَّن، عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلا أن الأحزاب المنهزمة بدأت تستشعر أهمية التحالف فيما بينها، حتى لا تختفي من الساحة السياسية، إذا ما أصبحت القطبية الحزبية تهيكل فعلًا المشهد السياسي على المدى المتوسط والبعيد. 

2- دلالات النتائج وأبعادها

تشكِّل نتائج انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول بالمغرب، في السياق السياسي الوطني والإقليمي والدولي، فرصة جيدة لقياس مدى الالتزام بالاختيار الديمقراطي الذي تم التنصيص عليه في دستور 2011 كأحد الثوابت الوطنية إلى جانب الإسلام  والوحدة الترابية، وقياس مدى احترام الإرادة الشعبية كذلك.

ورغم طابع التوتر العنيف، أحيانًا، الذي ميَّز هذه الانتخابات، فإن تحليل مسار العملية الانتخابية ككل إلى أن تم تعيين الأمين العام للحزب الفائز، عبد الإله بنكيران، لولاية ثانية على رأس الحكومة المقبلة، يُفضي إلى خلاصة رئيسية تؤكد تقدم التطور المؤسساتي، أبرز مؤشراته احترام مبدأ دورية الانتخاب، والامتثال للإرادة العامة للناخبين في تعيين رئيس الحكومة.  

لقد نظَّمت السلطات الانتخابات في آجالها الدستورية المحددة في خمس سنوات، تحت الإشراف السياسي لسلطة رئيس الحكومة المنتخب، وبإشراف تقني لوزارة الداخلية من جهة، ووزارة العدل والحريات من جهة أخرى. ورغم الاستقطاب الذي طبع مسار الإعداد بين حزب العدالة والتنمية وخصومه من أحزاب المعارضة، وأسهمت فيه قوى سياسية ونقابية ومدنية ومالية انخرطت في حملة انتخابية مفتوحة منذ أربعة أشهر قبل الحملة الانتخابية ضد حزب العدالة والتنمية، إلا أن الصراع السياسي والانتخابي بقي في إطاره السلمي على الأقل. 

كما بيَّنت النتائج أن التنافس الانتخابي كان مفتوحًا نسبيًّا، وليس مغلقًا ومحسومًا سلفًا. وهو تنافس تعددي تم بين نحو 30 حزبًا سياسيًّا، رغم أن المواجهة الأساس تمت بين حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة. وقد رفع الحزب الأول شعار "مواصلة الإصلاحات" وخلق استقطاب على أساس الديمقراطية ضد التسلط، وبالتالي العمل من أجل توسيع المجال السياسي وإنجاز تغييرات هيكلية في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية، في حين رفع حزب الأصالة والمعاصرة شعار "التغيير الآن" ودفع باتجاه خلق استقطاب على أساس أيديولوجي، حداثة في مواجهة الأصولية، مع إرجاء قضايا الديمقراطية ومحاربة الفساد إلى وقت لاحق. 

على هذا الأساس، منح الناخب الأولوية للنقاش السياسي على حساب البرامج الانتخابية والسياسات العمومية. وجاء النتائج النهائية للانتخابات متطابقة مع هذا التصور؛ إذ كشفت أن الناخب المغربي منح صوته على أساس العمل من أجل توسيع المجال الديمقراطي أولًا، دون أن يعني ذلك إهمال نتائج السياسات العمومية وأثرها المباشر على المواطن الذي يعاني من وضع اقتصادي واجتماعي هش. 

وبعد ظهور النتائج، مارست الجهات الخاسرة بعد إعلان نتائج انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول ضغوطًا كبيرة من أجل عدم احترام رُوح الفصل 47 من دستور 2011، والذي يلزم الملك، بصفته رئيسًا للدولة، بتعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز (العدالة والتنمية) في الانتخابات، وركزت تلك الضغوط على إبعاد بنكيران كشخص لصالح قيادي آخر من نفس الحزب، ثم العمل على إفشال الحزب الأول في تشكيل الحكومة ومن ثم المرور إلى الحزب الثاني الذي هو الأصالة والمعاصرة. 

ورغم تلك الضغوط التي أسهم فيها الإعلام الرسمي كذلك، فإن المؤسسة الملكية اختارت تعيين رئيس الحزب الفائز رئيسًا للحكومة المقبلة، في احترام دقيق لنص وروح الدستور ومبادئه العامة، وتماشيًا مع نتائج الاختيار الشعبي الحر. وهي خطوة متقدمة ولا يُستهان بها في السياق الإقليمي والجهوي غير المستقر، أن يقدم حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية أمينه العام للمرة الثانية أمام الامتحان الانتخابي، ويحقق الفوز بفارق كبير من الأصوات والمقاعد، دون أن تقع أية ارتدادات، بل إن الملك زكَّى الاختيار الشعبي وصادق على رئيس الحكومة المقترح شعبيًّا. 

تكمن أهمية الانتخابات الديمقراطية في تمكين الشعب من اختيار من يحكمه وفقًا للقوانين المتفق عليها، وعدم التلاعب بإرادته العامة سواء بالتزوير أو الغش والتدليس، أو الانقلاب على نتائجها بالقوة، ويبدو أن هذا الرهان أصبح مكتسبًا حقيقيًّا في المغرب، وغير قابل للتشكيك أو التراجع عنه. كما أن احترام الفاعلين السياسيين للنتائج وعدم تقديم أي طعن سياسي فيها أعطى العملية الانتخابية مصداقية أكبر؛ مما من شأنه أن يدفع الناخبين إلى مشاركة أكبر في المستقبل، ويؤسِّس لانتخابات قادرة على صنع التغيير السياسي في المغرب.

_______________________

إسماعيل حمودي - باحث في العلوم السياسية

ABOUT THE AUTHOR

References

1-  أدان عدد من الأحزاب السياسية البارزة، مثل: الاتحاد الاشتراكي، وحزب الاستقلال، وحزب التقدم والاشتراكية، فضلًا عن حزب العدالة والتنمية رسميًّا في بيانات صادرة عن مكاتبها السياسية "تدخُّل رجال وأعوان وزارة الداخلية" في التعبئة لصالح حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسَّسه صديق الملك، فؤاد عالي الهمة، سنة 2008. 

2- تم ترويج "محادثات خاصة" على الفيسبوك، يبدو أنها مفبركة، ضد قيادات بارزة في الحزب، أمثال: محمد يتيم، وعبد الله بوانو وآخرين، لكن سرعان ما طُويت بعدما اتضح فعلًا أنها مفبركة بغرض المسِّ بسمعتهم خلال الانتخابات.

3- تبنَّت جريدة "الأحداث المغربية" مقولة: "القطبية الحزبية الجديدة" بين حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة، وأكَّدت أن انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري أخرجت حزب الاستقلال من "رقعة الكبار". انظر: الأحداث المغربية، عدد خاص، بتاريخ 9 أكتوبر/تشرين الأول 2016.

4- انظر بيان 10 أكتوبر/تشرين الأول للمكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي على الرابط التالي:  http://usfp.org.ma

5- العبارة استعملها أحد قادة هذا الحزب، محمد الساسي. انظر جريدة "أخبار اليوم"، عدد 2107، بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2016

6- طارق، حسن، "7 أكتوبر.. اليسار وسؤال المستقبل"، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2016:

 http://alaoual.com/chroniques/38822.html

7- انظر بلاغ المكتب السياسي للاتحاد الدستوري على الموقع التالي:

 http://possible.ma/2016/10