نتيجة لضغوط المجتمع الدولي على الحكومة الصومالية، وبعد أن فشلت هذه الحكومة في تحقيق الاستقرار وقيادة البلاد نحو انتخابات ديمقراطية، قدمت بديلًا يقوم على عملية انتقائية. واستنادًا إلى العملية المذكورة، يرشح كل واحد من الزعماء التقليديين الـبالغ عددهم مئة وخمسة وثلاثين، واحدًا وخمسين عضوًا من عشيرته يُوكل إليهم اختيار منتخب برلماني يصبح عضوًا في الغرفة الأولى للبرلمان المكونة من مئتين وخمسة وسبعين مقعدًا. وعلاوة على ذلك، يقوم كل واحد من رؤساء الأقاليم الستة المفرزة على أساس عشائري بتعيين كل من الأعضاء الأربعة والخمسين للغرفة الثانية لعشيرة فرعية ومن ثم يتم ترشيح ما بين اثنين إلى أربعة أفراد ليخوِّل ذلك برلمانات المناطق اختيار نائب عن كل منطقة. ويبلغ العدد الإجمالي لأعضاء كل من الغرفتين (ثلاثمائة وتسعة وعشرين عضوًا) سيوكل إليهم اختيار الرئيس في نوفمبر/تشرين الثاني 2016. يوضح هذا التقرير ويحلِّل نظام التوزيع السياسي في الصومال، ويرى أن المحاصصة السياسية في الصومال شابها غش وتلاعب وفساد. وأخيرًا، يدعو التقرير المجتمع الدولي إلى ضمان سلامة العملية والضغط على الحكومة الصومالية الحالية لاحترامه.
مقدمة
في تقريره إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة، في 27 سبتمبر/أيلول 2016، اعترف مايكل كيتنغ، الممثل الخاص للأمين العام في الصومال، بأن "مجال التلاعب السياسي في العملية لا يزال واسعًا"(1). ومع ذلك، ورغم التنبيه على الآثار السلبية التي يُحتمل أن تترتب على تأخير تطبيق النظام السياسي المقترح، فإن الممثل الخاص للأمين العام دافع عن هذه العملية المنحرفة، بحجة أنها "غير مثالية" لكنها لا تزال -حسب رأيه- ترتيبًا ذا مصداقية من شأنه أن يمد المؤسسات السياسية في البلاد بـ"الشرعية المعززة" التي تحتاجها. لكن الممثل الخاص للأمين العام أخطأ في هذا التقييم.
إعادة تدبير المجال السياسي
لا شك أن قراءة كيتنغ متفائلة جدًّا في أحسن الأحوال، وإن كانت تتفق مع ما يريد المانحون سماعه، ومن الواضح أن الرئيس، حسن شيخ محمود، لديه ميزة نسبية لأنه في السلطة حاليًّا، وشارك في اختيار رؤساء المناطق العشائرية عن طريق تجاوز البرلمان واستبدال ما يسميه "منتدى القيادات الوطنية"(2) به، وقد اشترى من أجل ذلك، دعم إثيوبيا وكينيا عبر تنازلات لم تكن محل إجماع ولم يصادق عليها البرلمان(3). وعلاوة على ذلك، فإن معارضته ضعيفة ومنقسمة؛ لأن أيًّا من منافسيه لم يقدم أفكارًا جديدة قابلة للتطبيق. ومع ذلك، وبدلًا من الانخراط في منافسة نزيهة وشفافة، فإن الرئيس، بمساعدة من "اللجان الانتخابية" ومن زملائه أعضاء منتدى القيادات الوطنية أعاد صياغة العملية لضمان عودته لسُدَّة الحُكم.
تمت تعبئة ما يُسمَّى بـ"اللجان الانتخابية" على الصعيدين الوطني والإقليمي بأصدقاء الرئيس والموظفين معه وأعضاء المنتدى الذين يُسيِّرون الأمور من الباطن(4). مثل هذه الهيئة لا يمكن أن تكون عادلة ومحايدة في تعاملها مع مختلف القوى السياسية. وهكذا، فلا أحد يثق بهذه "اللجان الانتخابية"؛ إذ إنها ملوثة وتستخدم المماطلة والخيارات التعسفية لما فيه صالح الرئيس وأنصاره(5).
بالإضافة إلى ذلك، وكجزء من حملته للبقاء في السلطة، أقدم الرئيس مؤخرًا على إجراء العديد من التعيينات ذات الدوافع السياسية (السفراء والوزراء وكبار الموظفين العموميين)(6)، كما قام من خلال أعضاء المنتدى ووزير داخليته بإعادة صياغة عملية اختيار قائمة الزعماء التقليديين(7). أما وسائل الإعلام والجماعات المعارضة فإنها تعرضت للقمع والترهيب من قِبل قوات الأمن(8). ففي 15 أكتوبر/تشرين الأول، أغلقت قوات الأمن صحيفة خوكس أوغال Xog-Ogaal في مقديشو واعتقلت رئيس تحريرها، عبدي جوليد(9). وقد مُنعت بعض الجماعات من تنظيم اجتماعات في الفنادق العامة، رغم تأكيد الرئيس للجماعات المعارضة بأن بإمكانها أن تعقد اجتماعاتها. والأهم من ذلك كله أن الفساد في الصومال وصل إلى مستوى هو الأعلى على مدى السنوات الأربع الماضية(10).
الآمال المتبددة
وجاءت المحاصصة السياسية عبر عملية الاختيار، في الصومال في وقت حرج؛ إذ تزامنت مع وصول آمال التقدم السياسي والتغيير إلى أدنى مستوياتها بين الصوماليين. وعلى الرغم من ارتفاع مستويات الفساد وشراء الأصوات(11) التي شابت العملية في العام 2012، فإن الشعب الصومالي أعطى الرئيس محمود فرصة كبيرة عندما انتخبه ذلك العام. ومع ذلك، فبالإضافة إلى بطء صنع القرار وتواضع القرارات المتخذة خلال مدته في الحكم، فإن الرئيس لم يستفد من الوقت الذي خولته ولايته على نحو فعَّال. فخلال أول سنتين، ضيَّع الكثير من الوقت في تغيير رؤساء ووزراء وإلقاء اللوم على الإدارة السابقة في كل ما حدث من خطأ. بالإضافة إلى ذلك، قضى الرئيس الكثير من الوقت يجول في عواصم العالم. والأسوأ من ذلك أنه أمضى السنتين الأخيرتين من منصبه في حملة من أجل عودته إلى سُدَّة الحكم. وبعبارة أخرى، ليس هناك سوى القليل جدًّا مما يمكنه التبجح به من إنجازات طيلة السنوات الأربع الماضية من حيث الجوانب السياسية والأمنية والتقدم الاقتصادي.
والواقع أن أولويات الرئيس كانت في غير محلها مما تمخَّض عنه ثلاث نتائج:
أولًا: لم يخصص سوى الحد الأدنى من الجهد للبناء و/أو احترام الدستور أو المؤسسات السياسية. وكان البرلمان الضحية الأولى؛ إذ قوَّض النظام عمل هذه المؤسسة عندما استخدمها، من خلال وسائل غير شفافة، لإزالة رؤساء وزراء كان هو نفسه من عينهم(12).
وقد أدى ذلك إلى فقدان السلطة التشريعية مصداقيتها وفقدان أي دعم يمكن أن تحصل عليه من الشعب الصومالي والمجتمع الدولي. وعلى مدى السنوات الأربع، لم يقر البرلمان سوى القليل من التشريعات. وفي نهاية المطاف، وبمساعدة من المجتمع الدولي، قام الرئيس بإلغاء البرلمان(13) وإنشاء "منتدى القيادات الوطنية" وهو مؤسسة موازية تولت مهام السلطة التشريعية ومجلس الوزراء.
ثانيًا: بسبب العقلية المحلية المتبلدة للحكومة(14) ومقاربتها في مركزية الحكم نمت القَبَلِية بسرعة صاروخية على مدى السنوات الأربع الماضية مما دفع العواطف العشائرية إلى مستوى مرتفع للغاية، فمنذ عام 2012 إلى الآن، شعرت عدَّة جماعات مختلفة في أجزاء متفرقة من البلاد بالاستبعاد والتهميش.
يضاف إلى ذلك أن نهج "الشللية" الذي يُنظر على نطاق واسع لفيلا صوماليا (القصر الرئاسي) على أنها تكرسه قد أضرَّ بشكل دائم بأي أمل في إنشاء مشروع وطني شامل. فعلى سبيل المثال، أدَّى صراع منطقة جوبا إلى تجدد ما يشبه صراع بين قبيلتي هوية ودارود؛ لأن الرئيس لم يستوعب بشكل كافٍ الحساسيات القبلية ونقاط الضعف في هذا الشأن.
يضاف إلى ذلك، أن الرئيس قد فشل في الآونة الأخيرة في التعامل مع قضية أرض الصومال بالدهاء اللازم عندما قام هو وزملاؤه، أعضاء منتدى القيادات، باختيار مقاعد الغرفة الثانية بطريقة غير مدروسة. والقضية هنا ليست ما إذا كان الشماليون في مقديشو يمثِّلون أرض الصومال أم لا، وإنما العمل على إرسال بادرة حُسن نيَّة إلى الأطراف المعنية. وحتى وقت كتابة هذا التقرير، لا يزال السياسيون المنحدرون من الشمال والذين يقيمون في مقديشو، يقاطعون عملية الاختيار حتى يتم حل هذه المسألة. وأخيرًا، كانت هناك حالات عدَّة تساءل فيها كثير من الصوماليين عن تشكيلة الوفود التي ترافق الرئيس في جولاته الخارجية. وبالإضافة إلى سلوك المسؤولين السامين في الحكومة، ثمة عوامل أخرى مثل اعتماد المشروع الفيدرالي القائم على العشائرية والمصمَّم من قِبل إثيوبيا، ومثل عدم مشاركة الجماهير في صنع الدستور، مما أسهم في تنامي القبلية والطائفية في البلاد.
وأخيرًا، فإن الحكومة تخلَّفت عن الرَّكب فيما يتعلق بالسيطرة على الفساد. بل على العكس من ذلك، تحدثت تقارير عن الفساد وانتشاره الواسع. ولا يزال الصومال واحدًا من أكثر البلدان فسادًا في العالم(15). والأهم من ذلك أن بحث المسؤولين الحكوميين عن موارد مالية يمكن الاستحواذ عليها جعلهم يبيعون الممتلكات العامة لمؤيديهم.
الآثار السلبية المحتملة
ليس من المفاجئ أن يكون الأمل في أدنى مستوياته على الإطلاق؛ فهناك استياء واسع النطاق بين الصوماليين من الحكومة الحالية ومن منتداها المكوَّن من زعماء العشائر. أضف إلى ذلك أن الشعب الصومالي ليس له رأي في اختيار الحكومة المقبلة. ولا شك أن حسن شيخ محمود ورفاقه يدركون هذه الحقيقة ويريدون استغلال هذه الفرصة لصالحهم. بالنسبة للكثيرين، ما يجري في الصومال ليس نظام توزيع سياسي عادل يمكن لجميع القوى السياسية المشاركة فيه؛ بل هو انتزاع للسلطة، تتحكم من خلاله الحكومة في اللجان التي تُشرف على العملية وفي الأعضاء الثمانية لمنتدى القيادات الوطنية صاحب القرار النهائي، كما يسيطر المسؤولون السامون على المؤسسات الإعلامية والمالية والعامة. وثمة مثال واحد على الأقل يفضح كيف أن الرئيس وأعضاء المنتدى يتلاعبون بنظام الاختيار السياسي وهو ما حدث مع ممثلي منطقة غامالدوغ في الغرفة الثانية؛ إذ ذهبت كل المقاعد الثمانية تقريبًا إلى الرئيس وأصدقائه وحلفائه، وسيحدث الشيء ذاته في بعض المناطق الأخرى مثل هيران-شابيل.
ومن المؤكد أن استمرار العملية الحالية على نفس النهج، يعني أن السيناريو المرتقب هو أن فيلا صوماليا ستختطف العملية السياسية برمتها وتجعلها لصالحها بشكل كلي. ومن شأن تلك المحصلة أن تؤدي إلى ثلاث نتائج: أولا: قد يُستأنف العنف الطائفي مرة أخرى، وهذا هو أحد الاحتمالات الممكنة؛ إذ لو عدنا إلى العام 1969، لوجدنا أن المسؤولين الحكوميين تلاعبوا بالانتخابات آنذاك، ونتيجة لذلك، قُتل الكثيرون قبل وأثناء الانتخابات وشمل ذلك اغتيالات لشخصيات بارزة؛ مما أدى في النهاية إلى أخذ الجيش للسلطة بالقوة. وعندما رفض الرئيس محمد سياد بري تقاسم السلطة مع القوى السياسية، اختار العديد من المجموعات المعارضة العمل المسلح. وبعبارة أخرى، فإن السياسيين الجشعين الذين يتشبثون بالسلطة، مهما كان الثمن، هم من قادوا البلاد إلى ما هي عليه اليوم، وللأسف الشديد لا يبدو أن الرئيس حسن شيخ محمود يرى هذه المخاطر كما أنه عازم على البقاء في فيلا صوماليا بأي ثمن.
ثانيًا: لا يبدو أن حصة تمثيل النساء ستُؤمَّن في هذا المشروع؛ إذ إن العملية السياسية المقترحة تخصص مقاعد الغرفتين الأولى والثانية للعشائر والعشائر الفرعية، ومثل هذا التصميم المؤسسي، سيء البنية، لا يفتح المجال أمام النساء لتبوُّء المراكز القيادية أو الانضمام للبرلمان. ولا شك أن القيادة الحالية تدرك هذه الحقيقة، ولم تفعل شيئًا لإصلاح هذا الخلل، ولا أعتقد أن الخطابات الداعية إلى إجبار العشائر على تعيين عناصر نسوية في مثل المناصب المذكورة قد تمخضت عن نتيجة إيجابية في السابق ولا إخال الوضع سيتغير هذه المرة عمَّا كان عليه في السابق.
ومن المثير للدهشة أن أعضاء المنتدى أنشؤوا غرفة ثانية تضم 54 مقعدًا لا طائل من ورائها؛ إذ إن لها نفس مهام وتمثيل الغرفة الأولى. لقد عيَّنوا هذا العدد من المندوبين بشكل تعسفي واختاروهم من بين أصدقائهم وحلفائهم في العشائر والعشائر الفرعية. ومن المفارقات، أن أعضاء المنتدى لم يعينوا نسوة في الغرفة التي يسيطرون عليها إلا بعد أن مارس عليهم ممثل الأمم المتحدة ضغوطًا، ولا يبدو أن رؤساء المناطق العشائرية ملتزمون بإشراك المرأة في هذه العملية. إذن، هل يمكننا والحالة هذه أن نتوقع أن يدعم شيوخ العشائر التقليدية مشاركة المرأة؟ في الواقع، إذا كانت الطبقة السياسية في الصومال جادة في إشراك المرأة، فإن حصة 30? المخصصة لها يجب انتزاعها من أيدي القبائل والعشائر الفرعية بشكل دائم. إحدى الطرق المحتملة لتصحيح هذا الوضع تتمثل -ربما- في إضافة 100 مقعد جديد للنساء بحيث لا يُسمح للرجال ولا العشائر الاقتراب منها، فإذا كان الرئيس حسن شيخ محمود وأصدقاؤه منحوا أنفسهم مكافأة بــ54 مقعدًا، فلماذا لا يضيفون مقاعد للنساء كذلك؟
والجدير بالذكر هنا أن عشيرتي حوية ودارود هما اللتان تهيمنان على الغرفة الثانية في حين لا يوجد تمثيل لبعض شرائح المجتمع مثل مجتمعات باناديري وغيرها، مثل: عشائر ديجيل وميريفلي وأرض الصومال التي يعتبر تمثيلها أقل من المطلوب. ومن النقاط التي تستحق الإبراز أن نظام العشيرة غالبًا ما تكون الكفاءات المتمخضة عنه متواضعة الأداء. فالعشائر تستخدم منطقًا مغايرًا ولها حسابات مغايرة لا تتفق مع نمط الحكم الحديث الذي يجعل من المواطنة بؤرة مركزه. من الضروري استيعاب الهوية العشائرية داخل النظام السياسي، إلا أن احتضانها ومنح كل المقاعد على أساس عشائري هو نهج مضلِّل. وهذا النظام يفتقر لمقومات الاستدامة؛ لأنه يقوم على الهوية الجماعية، لا على المساواة بين الأفراد بوصفهم مواطنين.
وأخيرًا، في حالة عودة القادة الحاليين إلى السُّلطة عن طريق الفساد والغش، لن يكون هناك رأس مال سياسي يتجاوز عملية الاختيار الملطخة بالخروقات. في الماضي، أسفرت عمليات المحاصصة السياسية عن تغيير سياسي أُزيحت بموجبه حكومات من السلطة وتولت زعامات جديدة زمام الأمور، وكثيرًا ما أثارت هذه التغييرات آمال الناس وخلقت رأس مال سياسيًّا على الأقل في السنة الأولى أو السنتين. وعلى الرغم من أن القادة والحكومات لم يستفيدوا من هذه الفرصة، فإن النشوة التي يجلبها التغيير جيدة للنظام. وللأسف، فإن العملية الحالية ليست عادلة ولا شفافة. قد لا يكون هناك رأس مال سياسي بعد الانتهاء من عملية الاختيار الحالية -قد يكون هذا هو السبب وراء ازدياد طلب المانحين لتنفيذ العملية السياسية الحالية. لكن هذا وحده، حتى لو لم يكن هناك صراع عنيف بين الطوائف، يكفي للتسبب في فشل الحكومة المقبلة.
وثمة سيناريو أقل احتمالًا وهو أن يخسر الساسة الحاليون رغم كل الجهود التي بذلوها، وهناك ثلاثة مبررات لمثل هذا الاحتمال: أولًا: من الناحية التاريخية لم تتم إعادة انتخاب أي رئيس أكمل فترته الأولى في تاريخ الصومال الانتخابي، فحتى الرئيس المنتهية ولايته عام 1967، عدن عبد الله عثمان، لم تتم إعادة انتخابه رغم ما كان يحظى به من مكانة لدى الصوماليين؛ إذ استبدلوه بالرئيس عبد الرشيد علي شارماركي. وفي حالات أخرى، تم استبدال آخرين بالسياسيين الحاليين في تفاهمات الأعوام: 2000 و2004 و2009 و2012. ويشير هذا الرأي إلى عمليات الاختيار التي جرت في العام 2012؛ حيث إن بعض القيادات التي تلاعبت بالنظام في ذلك الوقت، مثل: الرئيس السابق، شريف شيخ أحمد، ورئيس الوزراء السابق، عبد الولي محمد علي، ورئيس البرلمان، شريف حسن شيخ عدن، فشلوا في العودة إلى السلطة من جديد.
ثانيًا: يسود رأي آخر داخل الطبقة السياسية مفاده أن ولاء هؤلاء، إن أصبحوا أعضاء في البرلمان، لن يكون بالضرورة لأولئك الذين ساعدوهم في الحصول على المقعد. والواقع أن الرئاسة في الصومال عبارة عن عملية تجارية، فالناخبون بيعت أصواتهم في السوق المفتوحة لأعلى مُزايِد. وهذا يعني أن أي شخص مشارك في هذه المنافسة ولديه مبلغ كبير من المال، يمكنه أن يطعن في القيادة الحالية ويمثِّل تحديًا حقيقيًّا لها. ومع ذلك، فإن الكثيرين يعتقدون أن السياسيين الحاليين لن يخسروا المعركة بسبب قلة المال، فقد جمعوا الكثير من المال من مصادر مشبوهة. وأخيرًا، هناك الأصوات التقدمية التي تدعو لإصلاح الخلل أو ما يسميه الأستاذ أحمد ساماتار: "الاحتكار الثنائي لعشيرتي الهوية ودارود"(16). وهذا يعني، احتمال اختيار الرئيس من مجتمعات خارج عشيرتي الهوية ودارود. ولو تم هذا فإنه سيكون تطورًا مهمًّا في السياسة الصومالية. ولكن، عمومًا، سيناريو هزيمة القادة الحاليين في لعبتهم التي هم فيها الخصم والحكم غير واردة.
وضع حدٍّ للتلاعب
يقع الصومال إلى حدٍّ ما تحت الوصاية غير المباشرة لانقسام المجتمع الدولي(17). لذلك، يتوقع الصوماليون من الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مايكل كيتنغ، الضغط على القادة الحاليين وأعضاء المنتدى، الذي ساعد في إنشائه، حتى يُجروا منافسة نزيهة ويحترموا المجتمعات المحلية عبر تمكينها من اختيار ممثليها بحرية، ولا يمكن الاكتفاء بالدعوة المتأخرة والمترددة إلى استبعاد أمراء الحرب السابقين. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي فضح المسؤولين عن الفساد ومن وطَّدوا العشائرية المسيَّسة ونشروا العنف الطائفي، عبر التشهير بهم وفرض عقوبات عليهم واعتبارهم غير مؤهلين للعب أي دور قيادي. ولا شك أن الدفاع عن فيلا صوماليا وعن رؤساء المناطق العشائرية يبعث برسالة خاطئة مفادها أن التلاعب بعملية الاختيار مناسب.
ومن أجل تحسين فرص نجاح هذه العملية السياسية، ينبغي للحكومة والقوى السياسية المعارضة والمجتمع الدولي بقيادة الممثل الخاص أن يعملوا معًا في محاولة لتحقيق ثلاث مهام بسيطة ولكنها مفيدة: أولًا: يجب على جميع القوى السياسية أن تتوحد للإسراع بوتيرة التوزيع واستكمال اختيار أعضاء البرلمان قبل نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2016، وليس هذا تعبيرًا عن رغبة فحسب، وإنما هو تعبير كذلك عن أمر يمكن تحقيقه. وعلاوة على ذلك، لابد من وجود مراقبين مستقلين ويجب أن تُسجَّل جميع عمليات الاختيار بالفيديو حتى يتسنَّى تحديد هوية من يشارك في اختيار البرلمانييْن والتحقق من أهليته.
ثانيًا: بما أن الحكومة قد انتهت فترة ولايتها القانونية في 10 سبتمبر/أيلول 2016، فإن جميع القرارات السياسية والمالية الكبرى التي اتخذت منذ ذلك التاريخ يجب إعادة النظر فيها. وهذا أمر ضروري نظرًا إلى أن الحكومة قد تخلَّت عن مسؤولية الحكم بطريقة عادلة وشفافة. وأخيرًا، بالنسبة لما تبقى من الفترة الضرورية لاختيار حكومة جديدة، يجب تعيين مسؤول يتولى تسيير الأعمال شريطة أن لا يكون ممن لهم أي طموح في تولي حقيبة سياسية في المستقبل، إلى أن تأتي حكومة جديدة إلى السُّلطة.
باختصار، فإن العديد من التحليلات تصب في اتجاه القول إنه يجب على القوى السياسية في الصومال والمجتمع الدولي ضمان عدم انزلاق الصومال مرة أخرى إلى جولة جديدة من الصراع الطائفي. إن السماح للرئيس، حسن شيخ محمود، ورؤساء المناطق و"لجانهم الانتخابية" باختطاف العملية السياسية والسيطرة على جدول الأعمال ومنتديات المجتمعات يمكن أن يُدخل البلاد في نفق مظلم. لكن يجب أن لا نفقد الأمل في أن يستخدم مايكل كيتنغ والمجتمع الدولي ما لديهم من نفوذ بشكل إيجابي.
________________________________________
دكتور أفياري علمي - أستاذ العلوم السياسية، وهو يقدِّم الدراسات الأمنية في برنامج دراسات الخليج في جامعة قطر.
1- Michael Keating (UNSOM) on Somalia - Security Council, 7778th meeting. http://webtv.un.org/watch/michael-keating-unsom-on-somalia-security-council-7778th-meeting/5143508437001(Accessed September 28, 2016)
2– Communique: Consultation meeting between the President of the Federal Republic of Somalia and the Presidents of the regional states of Puntland, Jubbaland and South West Somalia, http://www.villasomalia.gov.so/consultation-meeting-between-the-preside… (Accessed September 28, 2016).
http://www.villasomalia.gov.so/consultation-meeting-between-the-president-of-
3– قبل الرئيس رسميًّا أن تصبح القوات الإثيوبية جزءًا من قوات الاتحاد الإفريقي. بالإضافة إلى ذلك، فهو أول رئيس يزور جيغجيكا وبينما كان هناك أدلى بتصريحات مثيرة للجدل ما زال العديد من المراقبين يسألون عن مغزاها، بالنسبة لكينيا هناك خلاف بحري. وعلى الرغم من أن حكومته لم توقِّع مذكرة التفاهم المثيرة للجدل مع كينيا فإنها لم تفعل شيئًا من أجل إلغائها. والأهم من ذلك، أن الرئيس جدَّد مهمة اللجنة المشتركة للتعاون مع كينيا مما مثَّل خطوة غير مفهومة بالنسبة للمراقبين. انظر: كينيا والصومال لإحياء اتفاق التعاون، متوفر في:
http://www.capitalfm.co.ke/news/2012/12/kenya-somalia-to-revive-cooperation-pact/.
خبر صحفي: القوات الإثيوبية تنضم رسميًّا إلى قوات حفظ السلام وقوات الاتحاد الإفريقي في الصومال، متوفر في:
http://amisom-au.org/2014/01/ethiopian-troops-formally-join-amisom-peacekeepers-in-somalia/
. (تاريخ الاطلاع 28 سبتمبر 2016
4 - رئيس هذه اللجان، عمر عبد الله، والمتحدث باسمها، محمد كينان، كلاهما من مكتب الرئيس.
5 - BBC Somali Service. (August 7, 2016). Doorashada Soomaaliya oo dib loo dhigay [Elections in Somalia Delayed]. Available at (Accessed September 30, 2016)
http://www.bbc.com/somali/cayaaraha-37004884
6 - أبو بكر عرمان، (2016)، مطاردة طائرات الميراج عبر الصومال، هافينغتون بوست، 3 أكتوبر/تشرين الأول، (تاريخ الاطلاع: 15 أكتوبر/تشرين الأول 2016):
http://www.huffingtonpost.com/entry/chasing-mirages-across-somalia_us_57f273f0e4b07f20daa1105e
ثمة الكثير من التعيينات -آخرها هو وزير الاتصالات ووزير الصحة ووزير التربية والتعليم وعدد من السفراء-. ومن المفارقات، أن اثنين من الوزراء الثلاثة استبدلا باثنتين من النساء الثلاث اللاتي كُنَّ في مجلس الوزراء. وعلاوة على ذلك، تم تعيين عدد من المسؤولين الأمنيين بينهم مدير هيئة نيسا.
7 - التقى أعضاء منتدى القيادة الوطنية في بيدوا ونشروا لائحة الشيوخ التقليديين، وضمَّنوا ذلك عددًا من الشيوخ الجدد. بالإضافة إلى ذلك، حاول المنتدى إضافة أحد الشيوخ الجدد مما أثار جدلًا أدى بهم إلى التخلي عنه. انظر: بيان منتدى القيادات الوطنية، بيدوا، 22 إلى 25 يونيو/حزيران 2016، على الرابط:
http://doorashada2016.so/wp-content/uploads/2016/09/NLF-Communique-Baidoa_June-2016_English.pdf (تاريخ الاطلاع: 30 سبتمبر/أيلول 2016)
8 – H. Maruf. (2016). Popular Somali Newspaper Remains Closed. Voice of America, October 17, http://www.voanews.com/a/somalia-shuts-down-newspaper/3554558.html(Accessed October 18, 2016)
9 – H. Maruf. (2016). Popular Somali Newspaper Remains Closed. Voice of America, October 17, http://www.voanews.com/a/somalia-shuts-down-newspaper/3554558.html(Accessed October 18, 2016)
10 – Katharine Houreld. U.N.-approved weapons imports resold in Somalia, diplomats say. Reuters, October 11, http://www.reuters.com/article/us-somalia-un-exclusive-idUSKCN12B1WF(Accessed October 15, 2016)
11 - Abdi Samatar. (2012). Somalia's fleeting opportunity for hopeful change? Al-Jazeera Online, September 18, 2012, http://www.aljazeera.com/indepth/opinion/2012/09/201291612255832176.html(Accessed October 15, 2016)
12 - حذَّر المجتمع الدولي الزعماء الصوماليين، وندَّد الممثل الخاص للأمين السابق بالرشوة بين البرلمانيين، انظر: رويترز 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، الدول المانحة تحذِّر الصومال من العواقب الوخيمة للخلاف بين الرئيس ورئيس الوزراء على الانتعاش الاقتصادي، 3 نوفمبر/تشرين الثاني، (تاريخ الاطلاع: 15 أكتوبر/تشرين الأول 2016(:
http://www.reuters.com/article/us-somalia-politics-idUSKBN0IN0ZL20141103
13 - President’s Office. (May 22, 2016). Madaxweynaha oo xeer ka soo saaray hannaanka doorashada dadban ee sannadka 2016-ka. Office of the President of Somalia, May 22, http://www.villasomalia.gov.so/madaxweynaha-oo-xeer-ka-soo-saaray-hannaanka-doorashada-dadban-ee-sannadka-2016-ka/(Accessed October 15, 2016)
14 - Communities from Jubba region, Banadir, Puntland, Khatumo, Ahlu-Sunna Wal-Jama’a in Galgadud region, Hiran, Lower Shabelle and Bakool and Gedo regions had issues repeatedly with the government.
15 - Transparency International. (2015). Corruption Perceptions Index 2015: Corruption still rife but 2015 saw pockets of hope, January 27 إضغط هنا,(Accessed October 15, 2016).
16 - See A. Samatar’s speech, “Prof. Samatar Waa in laga Baxo Afduubka Siyaasadeed Duopoly (Daarod & Hawiye)”, https://www.youtube.com/watch?v=3yJssNTKJjU#t=266(accessed October 16, 2016)
17 - Afyare Elmi. (2011). Somalia: Manifestation of stealth trusteeship, Al-Jazeera Online, April 4, http://www.aljazeera.com/indepth/opinion/2011/04/20114473855381140.html(Accessed October 16, 2016)