أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب: أهداف استراتيجية ورهانات وتحديات

مشروع الأنبوب الغازي بين نيجيريا والمغرب مشروع تنموي عملاق من المفترض أن ينعكس إيجابيًّا على الدولتين بل وعلى الاثنتي عشرة دولة التي سيمر من مجالها لكن أمامه العديد من العقبات السياسية والأمنية وحتى التقنية وهي حيثيات تحاول هذه الورقة توضيحها.
d1e21c0529854bb6be8cb10a5b830624_18.jpg
ملك المغرب ترأس حفل التوقيع على اتفاقية أنبوب الغاز (الجزيرة نت)

بدأت المعالم الأولى لمشروع أنبوب الغاز الضخم الذي قد يربط بين نيجيريا والمغرب تتضح شيئًا فشيئًا؛ فلقد أقدم البَلدان، يوم 15 مايو/أيار 2017، على توقيع مجموعة من الاتفاقيات لبداية إنجاز الدراسات التقنية والفنية وغيرها من النصوص المرتبطة بالمشروع. وقد تستغرق هذه المرحلة ما يقارب السنتين حسب الجهات المختصة. تم التطرق أيضًا في نفس السياق إلى شكل الإطار المؤسساتي الذي قد يتم إنشاؤه للإشراف على المشروع وإلى أنواع ومصادر التمويل التي ستتم تعبئتها للمرور به من مرحلة الحلم إلى بداية تحقيق ما هو ملموس(1)

فلقد أجمع المسؤولون في البلدين على أن هذه هي بداية التنزيل الفعلي لهذا المشروع المُهَيكل والذي سيؤثِّر لا محالة على البنيات الاقتصادية لكل بلدان غرب إفريقيا بما فيها المغرب ونيجيريا إن تم إنجازه. 

يضع المغرب هذا المشروع ضمن رؤيته الاستراتيجية التنموية المشتركة الجديدة لإفريقيا التي ترتكز على الشراكة جنوب-جنوب وعلى منطق رابح-رابح التي يدافع عنها الملك محمد السادس منذ جلوسه على العرش والتي عبَّر عنها في كل تدخلاته في العواصم الإفريقية التي زارها. فبهذا الأنبوب وبمشاريع مماثلة يمكن حسبه فعلًا للقارة أن تتحكم أكثر في مصيرها من خلال خلق وتدعيم مشاريع اقتصادية وطنية وأخرى مشتركة بين بلدان المنطقة في سياق تنزيل وتطوير نموذج جديد للتعاون الاقتصادي يكون مربحًا للجميع(2)

نظرًا لحجمه وأهميته، أثار الإعلان عن هذا المشروع عدة تساؤلات وتعليقات تراوحت بين المرحِّب والمتفائل والمتشائم ولكل تحليله ومرتكزاته التي تبدو كلها منطقية إلى حدٍّ ما. نعود في هذه الورقة إلى بعض الجوانب التي نعتبرها مهمة وأساسية لفهم بعض تلك التحليلات.

الأهداف الاستراتيجية بالنسبة للمغرب

ليست هذه أول مرة يتم فيها التفكير في مد أنابيب لنقل الغاز الإفريقي، النيجيري بالخصوص، لتزويد بلدان غرب القارة ومنها إلى أوروبا؛ ففي سنة 2000 مثلًا فكرت شركة أميركية (Van Dyke)، يوجد مقرها في تكساس، في مشروع مماثل يربط غرب إفريقيا بأوروبا، طواه النسيان ولم يتسنَّ لنا العثور على تفاصيله(3). كان هناك أيضًا مشروع الأنبوب الغازي العابر للصحراء على طول 4000 كلم والذي خُطِّط َ له ليربط بين نيجيريا والجزائر مرورًا بالنيجر ووصولًا إلى أوروبا في مرحلة لاحقة. مشروع توقف أيضًا الحديث عنه في السنين الأخيرة نظرًا للمشاكل التمويلية والأمنية التي واجهته في مجال جغرافي جد مضطرب(4). يُظهر ذلك بشكل مباشر الأهمية الاستراتيجية المبدئية لهذا المشروع الجديد الذي جاء به المغرب ونيجيريا. 

سيقرِّب هذا المشروع بلا شك بلدين مهمين اقتصاديًّا في القارة، المغرب ونيجيريا، ويوطِّد علاقاتهما الاستراتيجية. فمنذ زيارة الملك محمد السادس لأبوجا، في ديسمبر/كانون الأول 2016، تواترت الزيارات وتم التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات في القطاع الطاقي وأيضًا في عدَّة قطاعات أخرى مهمة للبلدين. 

فلقد انخرط المغرب بشكل طوعي ظاهريًّا، ولكن أيضًا مرغمًا، في انتقال طاقيٍّ ووقَّع على ما يُعرف باتفاق باريس. فهو يريد أن ينتج 52? من طاقته الكهربائية من مصادر متجددة، في أفق 2030، علمًا بأن طلبه منها يتزايد سنويًّا بمعدل 6?. يُحتِّم عليه ذلك البحث عن مصادر مختلفة لتحقيق هذا الهدف وتغيير بنيات إنتاجه الطاقي بشكل جذري وإدخال مرونة أكبر عليها. ترمي الاستراتيجية الغازية للمغرب تحديدًا إلى الرفع من استهلاك الغاز من حوالي مليار متر مكعب اليوم إلى 5 ملايين متر مكعب في أفق 2025 تُستعمل بالأساس لإنتاج الكهرباء. لهذا الغرض برمج المغرب بناء محطتين لإنتاج الكهرباء كل منها بطاقة 1200 ميغاواط في كل من الجرف الأصفر جنوب الدار البيضاء وظهر الدوم جنوب طنجة(5). من المفترض أن تستعمل المحطتان الغاز المستورد وسيتم بناء محطة غازية بحرية جديدة لاستقبال السفن الناقلة للغاز الطبيعي المسال وتخزينه قبل تحويله إلى غاز من جديد قبل الاستعمال. الآن مع هذا المشروع، قد تفتح إمكانيات تقنية أخرى بديلة أو مكملة حسب ما قد تسفر عنه الدراسات التي ستُنجز لاحقًا في هذا الباب. 

فالمغرب يريد أن يعتمد على الغاز الطبيعي بشكل متزايد في هذا الانتقال لكن إنتاجه منه لا يزال جد ضعيف لحد الآن. فهو يقوم حاليًّا باستيراد الكميات التي يحتاجها من جارته الجزائر بالخصوص مع ما لذلك من مشاكل بالنظر إلى العلاقات دائمة التوتر بين البلدين. يأخذ المغرب تلك الكميات كمقابل لمرور أنبوب غازي يربط بين الجزائر وإسبانيا فوق ترابه ويستعمله لإنتاج الكهرباء في محطتين. للإشارة، ينتهي العقد الذي يربط الجزائر بالمغرب بحلول نهاية سنة 2021(6)، وسيكون على البلدين الدخول في مفاوضات جديدة لتجديده وقد تكون تلك المفاوضات عسيرة؛ فمشروع الأنبوب الغازي بين نيجيريا والمغرب يدخل وينسجم كليًّا مع هذه الاستراتيجية التي وضعها المغرب ويسعى جاهدًا إلى تنزيلها بشكل مُعقْلَن. 

زيادة على ما سبق، وبالنظر إلى الاحتياطيات الغازية التي تم اكتشافها مؤخرًا بين السنغال وموريتانيا سيتمكن المغرب من الضغط أكثر على الجزائر في مفاوضات لاحقة لمراجعة أسعار الغاز الذي يستفيد منه مقابل مروره من الآبار الجزائرية إلى إسبانيا. 

إذا نجح المغرب في إنجاز هذا المشروع الضخم فسيكون بذلك قد حقق أهدافًا عدة: سيكون وجد حلًّا مهمًّا لاستقلاله الطاقي عن البترول والفحم أساسًا، وبدأ كذلك انتقاله إلى طاقة تُعتبر أنظف من الطاقات الأحفورية الأخرى. سيقوِّي المغرب أيضًا من خلال هذا المشروع دوره الريادي في تنمية القارة الإفريقية وقد يتربع بشكل أكثر راحة على كرسي الزعامة، على الأقل جهويًّا، أكثر مما هو عليه اليوم مكرِّسًا موقفه المحوري في كل العلاقات بين الشمال والجنوب. 

فلقد عرف التوجه الجديد للدبلوماسية المغربية حكامة غير تلك التي كانت سائدة قبل تولي الملك محمد السادس مقاليد الحكم، تميزت بانعطاف إفريقي واضح ضمن خيار استراتيجي مصرَّح به، وإيجابي قد يكون جوابًا لضرورات اقتصادية تنموية أو سياسية فرضت نفسها. يدخل المشروع بشكل واضح ضمن الاستراتيجية الإفريقية التي انتهجها المغرب في السنوات الأخيرة والمتمثلة في التواجد المكثف خصوصًا في بلدان غرب إفريقيا. يظهر ذلك في عدد زيارات الملك المغربي إلى تلك البلدان والذي فاق الأربعين خلال فترة حكمه، نصفها إلى تلك الجهة تحديدًا. 

فخلال العقدين الأخيرين ثبَّت المغرب إلى حدٍّ كبير دوره الريادي على المستوى الاقتصادي في المنطقة من خلال شركاته البنكية والائتمانية والفلاحية والسكنية والطاقية والاتصال وغيرها وأصبح بذلك قوة اقتصادية جهوية يُحسب لها حسابها. 

فإقامة أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا خطوة إضافية على نفس النسق مع بلد أكثر تأثيرًا وأكثر قوة جهويًّا على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية، وسيسهل الوصول إلى مجالات أخرى بالنسبة للمغرب وضمنها انضمامه المحتمل إلى المجموعة الاقتصادية لبلدان غرب إفريقيا(7). 

هناك بطبيعة الحال أرباح سياسية قد يجنيها المغرب من خلال هذا المشروع وعلى رأسها تدعيم ومناصرة موقفه من قضيته الأولى، أي قضية الصحراء، التي طال النزاع حولها وأثَّر بشكل واضح على كل المشاريع الإنمائية في شمال وغرب إفريقيا. فبإنجاز هذا المشروع وتبنيه من طرف نيجيريا بالأساس سيضمن للمغرب إلى حدٍّ كبير الحياد السياسي لهذا البلد العملاق والمؤثِّر قاريًّا. يمكن أن نقول نفس الشيء بالنسبة لبلدان أخرى في غرب القارة والتي قد يمر عبرها الأنبوب الغازي (مصدِّرة أو مستورِدة) رغم أن تأثيرها قد يكون أقل مقارنة بتأثير نيجيريا. 

تاريخيًّا، أقام المغرب علاقات دبلوماسية مع نيجيريا منذ سنة 1960، أي مباشرة بعد استقلالها. عرفت هذه العلاقات تذبذبًا وتأرجحًا ومدًّا وجزرًا وتشنجًا خصوصًا أن نيجيريا كانت قد كوَّنت مع الجزائر وجنوب إفريقيا الثالوث المناوئ لقضية الوحدة الترابية للمغرب. فلقد ساندت نيجيريا الأطروحة الانفصالية التي يدافع عنها البوليساريو وبذلك عرفت العلاقات الاقتصادية، مثل العلاقات السياسية، قطيعة لعدة سنوات ولم تعد إلى الانتعاش إلا في بداية الألفية الحالية. ولقد تسارعت اللقاءات والزيارات مؤخرًا في محاولة لاستدراك الوقت الضائع. سيساعد الوضع الجديد أيضًا على تدليل الصعاب أمام التوسع الاقتصادي للمغرب داخل إفريقيا وهذا ربح استراتيجي معتبر(8). 

الأهداف الاستراتيجية بالنسبة لنيجيريا ولبلدان غرب القارة 

تعتبر جمهورية نيجيريا الاتحادية قوة اقتصادية قارية مهمة؛ فهي أكبر البلدان الإفريقية من حيث عدد السكان، الذي يبلغ حوالي 180 مليون نسمة أي ما يقارب سدس سكان القارة. يفتخر النيجيريون بكونهم ينتمون إلى أكبر بلد إفريقي عملاق اقتصادي قاري يطالب بمقعد دائم له في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ينشط في نيجيريا عدد مهم من الفاعلين الاقتصاديين بمؤهلات كبيرة في عدة قطاعات ومنها ينحدر الرجل الأكثر ثراء في إفريقيا (إليكو دانغوت). 

تتوفر نيجيريا على موارد طبيعية ومنجميه وطاقية هائلة ويشكِّل البترول أهم مصدر لعائدات البلاد؛ حيث تمثل مساهمته في الناتج الداخلي الإجمالي حوالي 70?. 

بين سنتي 2005 و2013 سجَّل الاقتصاد النيجيري نسبة نمو متوسطة في حوالي 6.8? أوصلتها إلى الرتبة الأولى أو الثانية إفريقيًّا حسب الظرفية وطرق القياس المعتمدة دوليًّا والسنة المرجعية للأسعار. لكن وبعد الهبوط الحاد الذي عرفته أسعار النفط تراجعت نسب النمو المسجلة وانكمش الناتج الداخلي الإجمالي في الربع الأول لسنة 2016 مثلًا. فبالنسبة لنيجيريا إذن يأتي هذا المشروع في ظروف صعبة يواجه فيها البلد عدة صعوبات اقتصادية. 

في سياق آخر، تحتل نيجيريا الرتبة 22 عالميًّا والثالثة إفريقيًّا على مستوى إنتاج الغاز والخامسة عالميًّا والأولى إفريقيًّا على مستوى التصدير. فهي تستحوذ على أكثر من 30? من الاحتياطي الإفريقي. فرغم المشاكل الأمنية وغيرها بلغ إنتاج هذا البلد ما يفوق 50 مليار متر مكعب من الغاز سنة 2016(9). 

يتم تصدير الغاز حاليًّا عبر البحر أساسًا وكذلك عبر أنبوب غازي يربط كلًّا من نيجيريا، وبنين، وتوغو، وغانا. لكن نظرًا لمخزونها واحتياطيِّها يمكن لنيجيريا أن تصدِّر أحجامًا أكبر بكثير وهذا ما قد يتم من خلال هذا المشروع الذي قد يربط بين نيجيريا والمغرب ثم أوروبا في الأفق وهذا هو الهدف الاستراتيجي من ورائه بالنسبة لنيجيريا. فبهذا الأنبوب ستصبح هذه الأخيرة منافسًا في نفس الوقت وبشكل مباشر للجزائر ولروسيا في السوق الأوروبية للغاز. 

يتعدى الرهان الاستراتيجي المرتبط بهذا المشروع المستويين الوطنيين لكل من المغرب ونيجيريا. فهو في الواقع أنبوب غاز قد يمر ويربط عدة بلدان من غرب إفريقيا، بعضها منتِج وبعضها الآخر مستهلك للطاقة وطالِب لها بل وقد يصل إلى أوروبا في مرحلة لاحقة؛ فهو بالفعل مشروع ببُعد استراتيجي كبير بالنسبة لكل المنطقة. 

من المفترض أن تستفيد كل البلدان التي قد يمر عبرها أنبوب الغاز بشكل مباشر أو غير مباشر كمصدِّرة لهذه الطاقة أو كمستعملة جديدة لها في مشاريع التصنيع والكهربة أو غيرها. فبالرغم من أن بلدان غرب إفريقيا تتوفر على أكثر من ثلث احتياطي الغاز في القارة لكن معظم سكانها، أي حوالي 200 مليون نسمة، لا يتوفرون على الكهرباء حسب آخر الإحصائيات. فعلى سبيل المثال لا تتعدى نسبة الكهربة الحضرية 10? في بلد مثل نيجيريا الغنية طاقيًّا، وهذه مفارقة تنموية يجب حلُّها وقد يكون لهذا المشروع دور أساسي في تنزيل ذلك الحل. من جانب آخر، تعاني الصناعة في هذه البلدان من نقص حادٍّ في الوصول إلى الطاقة اللازمة مع ما لذلك من آثار سلبية على القطاعات الأخرى كالسياحة والفلاحة وغيرها. فزيادة على الرفع من كهربة بلدان المنطقة من المتوقع أن يخلق المشروع سوقًا تنافسية للكهرباء قد يتم ربطها لاحقًا بالشبكة الأوروبية ومنه تطوير مجموعة من الصناعات كانت وما زالت غير ممكنة لحدِّ اليوم(10). 

فبتواجد الطاقة (الغاز ثم الكهرباء) قد تتطور أقطاب صناعية جديدة في عدة بلدان سيمر عبرها الأنبوب الغازي الجديد، سواء تعلق الأمر بالصناعات الفلاحية أو الغذائية أو تحويل الفوسفات أو موارد البحر، كلها مشاريع جاذبة للاستثمارات الأجنبية وقد تصبح منتوجاتها قابلة للتصدير أو تحل محل الواردات. وعليه، قد يساعد المشروع على صياغة سياسة تصنيعية متجددة محددة الأهداف تنتقل ببعض الدول من مجرد ممونين للمواد الأولية إلى مصنِّعين لأنواع متعددة منها مخفضين بذلك تبعيتهم للخارج بالنسبة لبعض السلع على الأقل. فهذا المشروع من الأفارقة وإلى الأفارقة، يكرِّس الاستراتيجية التنموية الجديدة التي يقترحها المغرب على جميع شركائه في القارة السمراء وقد يستفيد منه ما يناهز 300 مليون مواطن. قد يسهم المشروع في تقوية العلاقات الاقتصادية وزيادة الاندماج بين بلدان المنطقة وخلق مناصب للشغل وسيصبح بذلك رافعة حقيقية للنمو وللتنمية في غرب إفريقيا. فالمشروع بكل تأكيد من نوع رابح-رابح للجميع. فلقد بدأ يُنظر إليه -ولو في هذه المرحلة غير الملموسة- كعمود فقري مستقبلي لهيكلة غرب وشمال القارة الإفريقية كما حدث في ظروف مشابهة بالنسبة لغرب القارة الأوروبية حول الفحم والصلب لكن أكثر بعد من 60 سنة. فقد يكون هذا المشروع في الحقيقة تحقيقًا لحلم راود مسؤولي دول غرب إفريقيا لعدة عقود(11). 

في هذا السياق، تم الإعلان خلال سنة 2016، عن اكتشاف احتياطي غازي بحري جد مهم في عرض الحدود السنغالية-الموريتانية قُدِّر محتواه بما يزيد عن 450 مليار متر مكعب وقد يكون بذلك أكبر مخزون مكتشَف في غرب القارة الإفريقية. وعليه، فمن المحتمل أن يبدأ إنتاج الغاز في هذه المنطقة في سنة 2021؛ وهذا ما قد يساعد ويدفع بالبلدين، السنغال وموريتانيا، إلى الانخراط بشكل جدي في هذا المشروع لضمان تصدير إنتاجهما المتوقع بتكلفة أقل. ويمكن أن نتصور إنجاز الأنبوب الجديد في قطع متوالية مكمِّلة لبعضها البعض تكون إحداها بين السنغال وموريتانيا والمغرب تحديدًا(12). 

في سياق آخر لكن متصل، بالرغم من أن الملك محمد السادس تحدث في كلمته أمام قمة الاتحاد الإفريقي الأخيرة عن الأنبوب الغازي الأطلسي، فليس من الواضح من أين سيمر هذا الأنبوب تحديدًا ولا حتى هل سيكون بحريًّا أو بريًّا أو هما معًا. للإشارة، تُقدَّر المسافة بين لاغوس وطنجة بحوالي 5000 كلم. وعليه، فطول الأنبوب سيكون بين 4000 و6000 كلم وسيشكِّل بذلك أكبر مشروع للبنيات التحتية في إفريقيا كلها. 

فمن المتوقع أن ترتبط بالأنبوب عدَّة دول أخرى منتجة للغاز (دون نيجيريا والسنغال وموريتانيا)؛ يتعلق الأمر بكوت ديفوار وغينيا على سبيل المثال. قد يجعل الأمر هذه الدول تدفع في الاتجاه الصحيح من أجل تحقيق المشروع لتتمكن من تصدير إنتاجها إلى بلدان الجوار أو إلى أوروبا في المستقبل مستعمِلة هذا الأنبوب. 

لضمان انخراط الجميع أو على الأقل أكبر عدد من المتدخلين المحتملين، يحاول المغرب ونيجيريا إشراك الجميع في الدراسات القبْلية التي انطلقت شهر مايو/أيار 2017 وتبقى الغاية في الأخير هي توسيع دائرة المستفيدين. فالظاهر أنه من السهل أن يُبرهَن على الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع الضخم على مستوى بلدان شمال وغرب إفريقيا طاقيًّا أولًا وعلى مستوى دعم الاستقلال الغذائي لسكانها بشكل غير مباشر؛ وهذا هدف استراتيجي من الأهمية بمكان، هناك من اعتبره كخطة مارشال للغرب الإفريقي، وهذا موقف ورأي المتفائلين(13). 

في أفق أبعد على المستوى الاستراتيجي، قد ترى أوروبا مصلحة لها في إنجاز هذا المشروع وقد تساعد بشكل أو بآخر على إخراجه إلى حيز الوجود؛ فهي ما فتئت تبحث عن تنويع مصادرها للطاقة، الغاز بالخصوص. فوصول هذا الأنبوب إلى بابها الجنوبي فرصة سانحة لها خصوصًا أنه سينقل غاز عدَّة دول، أي عدة مُموِّنين في نفس الوقت، مما سيساعدها على الاستقلال ولو نسبيًّا عن الغاز الروسي بالأساس(14). 

التكلفة المالية ومصادر التمويل 

على المستويين: المالي والتقني، يتفق الجميع على أن تكلفة أنبوب يمر عبر أو بجوار كل بلدان إفريقيا الغربية ستكون جد عالية خصوصًا إذا كان بحريًّا. لكن، وكيفما كان الحال، يجب أن تبقى هذه التكلفة أقل بكثير من المنافع التي قد تجنيها تلك الدول ويجب أن تقتنع هذه الأخيرة بذلك وبسرعة. 

فحتى كتابه هذه السطور، وبارتباط مع الغموض الذي يلف المسار الذي سيسلكه هذا الأنبوب، لم تُتَحْ أي تقديرات للتكلفة المالية للمشروع. يرجع للجنة المختصة إعطاء هذه المعلومات ولو بشكل تقريبي ارتكازًا على المعطيات التقنية الأولية التي سيتم استنتاجها قريبًا(15). 

فقط للمقارنة والاستئناس، بلغت تكلفة مدِّ أطول أنبوب للغاز في العالم والذي يربط شرق تركمانستان بغرب الصين بطول 8700 كلم حوالي 22 مليار دولار، أي بمعدل 5‚2 مليون دولار للكيلومتر الواحد. وبافتراض أن أنبوب نيجيريا-المغرب سيمتد على طول 6000 كلم، فإن تكلفته الاجمالية لن تقل عن 15 مليار دولار بارتباط مع الصعوبات التقنية التي ستواجهه. فحسب بعض المصادر غير الرسمية، يُتوقع أن يكون الجزء الأكبر من الأنبوب بحريًّا وقد يصل طوله إلى حوالي 5000 كلم. ارتكازًا على ذلك، تشير نفس الجهات إلى أن التكلفة قد تتجاوز 20 مليار دولار(16). 

للمساهمة في تعبئة التمويل اللازم للمشروع وضبط تركيبته التي لا يمكن إلا أن تكون معقدة، ويُفهَم ذلك بسهولة، وقَّع صندوقان سياديان للثروة وللاستثمار، أحدهما مغربي والثاني نيجيري، على اتفاق تشاركي استراتيجي لمساندة وتدعيم المشروع في كل مراحله؛ فالجميع واع في الحقيقة بجسامة المهمة المرتبطة بقيادة مشروع لا مثيل ولا سابق له على مستوى القارة الإفريقية. 

في ذات السياق ولذات الغرض، وقَّعت نيجيريا على الخطوات الأولى لانضمامها، من خلال صندوقها السيادي (NSIA)(17) على مبادرة النمو الأخضر الإفريقية (GGIF)(18) التي أطلقها البنك الدولي وصندوق الاستثمار المغربي خلال مؤتمر المناخ المنعقد بمراكش في نوفمبر/تشرين الثاني 2016. وقد يكون لهذه المبادرة الدولية دور في تعبئة جزء من تمويل هذا المشروع بالرغم من أن ذلك غير واضح تمامًا في الوقت الراهن؛ فالدراسات التي ستنطلق لتحدد كل هذه الجوانب تتكلف بها لجنة مختصة خلقت لهذا الغرض(19). ففي شهر أبريل/نيسان 2017، كان الملك المغربي قد وجَّه طلبًا للمؤسسات المالية العربية والإسلامية التي التأمت في اجتماعاتها السنوية بالرباط حاثًّا إياها على المساهمة في تمويل هذا المشروع المهم والمهيكِل والذي يعتبر مثالًا للمشاريع جنوب-جنوب التي ينادي بها الجميع. 

يظهر أيضًا أن المغرب مسانَد من طرف ثلاثة من بلدان الخليج، وهي: السعودية والإمارات وقَطر والتي قد تسهم بطريقة أو بأخرى في تمويل هذا المشروع من خلال قروض أو استثمارات لصناديقها للثروات السيادية لتتخطى المساندة الخطاب إلى الفعل المؤثِّر عمليًّا. 

المخاطر والتحديات 

يتفق الجميع على المنافع الكبيرة الاستراتيجية والاقتصادية المتوقعة التي قد تتولد من هذا المشروع بشكل مباشر أو غير مباشر لكنها منافع مشروطة أي غير مضمونة ويبقى هامش عدم اليقين واسعًا مع الأسف؛ فالتحديات والمخاطر التي تحيط بالمشروع كبيرة ومن عدة أنواع حتى إن هناك بعض الخبراء الدوليين المتشائمين الذين يجزمون بأن هذا المشروع لن يرى النور حتى بعد عشر سنوات. أكثر من ذلك، هناك من يقول إنه قد لن يتحقق إطلاقًا، كما صرَّح بذلك جون ماركس (Jon Marks) مدير المكتب اللندني (African energy) الذي يتعامل مع البنك الإفريقي للتنمية في إطار العلاقة الطاقية بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا(20). 

للاستئناس على هذا المستوى، فلقد عرف الجزء الذي يربط بين نيجيريا وغانا مرورًا من بنين وتوغو (دخل حيز الاستغلال سنة 2010) عدَّة مشاكل قد تكون مُقدِّمة للتحديات التي قد يعرفها توسيعه وإيصاله إلى المغرب. يمكن لهذا الجزء أن يصبح قطعة من المشروع الجديد إن تم الاحتفاظ به تقنيًّا للتخفيف من التكاليف علمًا بأن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا سبق وأن صادقت على توسيعه ليصل إلى كل من كوت ديفوار والسنغال. فحتى الساعة لم يؤكد أي مسؤول أو ينفي هذه الفرضية(21). 

فمن بين المشاكل المتوقعة نجد، أولًا، المخاطر الأمنية المرتبطة بالمشروع والتي لا يخفيها أحد؛ فالأنبوب قد يمر من حوالي 12 بلدًا يعرف بعضها عدَّة مشاكل أمنية وعدم استقرار؛ فالمصدر الأساسي للغاز الذي من المتوقع أن يُضخ في هذا الأنبوب يوجد في دلتا النيجر وهي منطقة بعيدة عن أن تكون آمنة تعرف بانتظام عدة هجمات تقوم بها الجماعات الانفصالية وتستهدف بالخصوص المنشآت البترولية. تتوعد تلك الجماعات بتركيع نيجيريا اقتصاديًّا وتهدد كل مشاريعها طالما لم تستجب السلطات المركزية لمطالبها. ففي كل مرة تندلع فيها الاحتجاجات والمواجهات يطفو شبح دخول البلاد في فترة مجهولة يطغى عليها عدم اليقين مليئة بالأخطار التي قد تهدد حتى الوحدة الترابية لنيجيريا التي وصلت في بعض الأحيان إلى حافة التقسيم وهذا تهديد وتحد واضح لهذا المشروع الطموح. يرفع هذا الوضع المتردي في بعض الأحيان درجة عدم اليقين أمام مستثمرين مطالبين بإيجاد ما بين 15 و20 مليار دولار ونصادف هنا إلى حدٍّ كبير أحد أسباب فشل الأنبوب العابر للصحراء بين نيجيريا والجزائر والذي وُضِع في المجمِّد إلى حين. 

ثانيًا: وعلى المستوى الاقتصادي تعرف نيجيريا عكس المغرب عجزًا في المصداقية أمام المستثمرين الأجانب وتعمل الآن جاهدة على ترميم ما يمكن ترميمه على هذا المستوى حتى بالنسبة للمشاريع التي انطلق العمل فيها داخل البلاد، مثل بناء محطات لتوليد الكهرباء أو مصفاة لتكرير البترول. فإذا لم تنجح نيجيريا في ذلك وفي طمأنة المستثمرين وبقيت الأزمة المالية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط قائمة فسيكون من الصعب إنجاز هذا المشروع الضخم. 

في نفس الإطار، وإن كان الأمر ظرفيًّا أكثر من أن يكون بنيويًّا، فإن سعر الغاز في الأسواق منخفض حاليًّا، ولعل لزيادة إنتاج الولايات المتحدة الأميركية ولرفع عرضها في الأسواق دورًا كبيرًا في ذلك، ولو بقيت الحال كما هي عليه فسيكون من الصعب البرهنة على الجدوى التجارية والمالية للمشروع حسب الاختصاصيين نظرًا لتكلفته العالية من جهة ومداخيله غير المضمونة من جهة ثانية. فالمشروع يهدف في النهاية إلى إيصال الغاز الإفريقي والنيجيري بالخصوص إلى أوروبا، لكن الطلب على الغاز في هذه السوق، رغم ضخامته، لا يعرف أي نمو منذ عدة سنوات ويبقى هدف عدة مصادر متنافسة، الكلاسيكية منها مثل الجزائر وروسيا أو الجديدة مثل أذربيجان وشرق المتوسط بل وحتى الغاز الأميركي في بعض الحالات. 

على المستوى التجاري دائمًا، وبعد الإنجاز إن كُتب للمشروع أن يتحقق، سيمر الأنبوب الغازي عبر عدة دول تطلب الغاز لكنها فقيرة وقد يحدث أن تعجز عن تأدية وتسديد فواتير استهلاكها منه كما يحدث حاليًّا مع الجزء الذي شُغِّل منذ سنة 2010 (يربط نيجيريا وبنين وتوغو وغانا) والذي يعرف من وقت لآخر مثل هذه المشاكل التي تؤثر على فعَّالية اشتغاله واستغلاله. يؤدي هذا بالبعض لنعت المشروع بالفاقد للواقعية بالنظر لعدد الدول التي قد يمر منها ومستوى تقدمها الاقتصادي والتزامها التجاري؛ فكل بلد يعبره الأنبوب قد يصبح مصدرًا للخلاف وللتفاوض التجاري (الرسوم والواجبات) مع عدم اليقين البيروقراطي الذي يرافق ذلك في كل مرة وفي كل بلد في المنطقة(22). 

ارتكازًا على ما سبق، تُثار بعض التساؤلات حول الجدوى والمردودية المالية للمشروع. وعليه، ولتمريره، يجب أن تكون مردوديته الاقتصادية والاجتماعية عاليتين وكافيتين لتغليب منافعه على النقص الذي قد تُظهره مردوديته المالية المشكوك في مستواها المتوقع والذي قد يكون منخفضًا. 

فلتجاوز الحديث عن المخاطر المالية والتجارية المباشرة للمشروع، يركِّز السياسيون في المغرب ونيجيريا على روزنامة الأرباح الاقتصادية والاجتماعية للمشروع تحديدًا. فأهميته، حسب قولهم، توجد بالأساس في تأثيراته التنموية على كل بلدان الجهة أي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي قبل المالي أو التجاري. فحسبهم يمكن تبني خط للأنبوب بتكلفة أعلى ماليًّا، يكون أطول إذا كان ذلك يسمح بتوسيع الاستفادة إلى بلدان أو مناطق في غرب القارة وتكون بذلك المصلحة والنفع الاقتصاديان الحكميْن في هذه الحالة. 

ثالثًا: هناك تحديات سياسية سيواجهها المشروع؛ حيث إن بعض البلدان التي قد يمر عبرها هذا الأنبوب أعطت موافقتها بسرعة لكن أخرى تتلكأ ارتكازًا على معطيات سياسية وضغوطات مختلفة قد تتطلب تدخلات حاسمة لتجاوزها. 

فهناك، كما يلاحظ الجميع، برودة في العلاقات المغربية-الموريتانية التي أصبحت متوترة خلال السنوات الأخيرة؛ حيث توقف الحوار بين البلدين نظرًا لعدة أسباب لا مجال للخوض فيها هنا. فسيكون من الصعب ظرفيًّا إقناع موريتانيا بالسماح بعبور الأنبوب لأراضيها إلا إذا فهمت ورأت مصلحتها في ذلك. فقد تحتاج لاحقًا لهذا الأنبوب لتصدير الغاز الذي ستشرع في إنتاجه مستقبلًا بتشارك مع السنغال. 

في نفس المجال الجغرافي، من المفترض أن يمر الأنبوب عبر الصحراء في الجنوب المغربي والتي يعتبر خصوم الوحدة الترابية للمغرب أنها أرض محل نزاع وقد يحاول البوليساريو ومن معه عرقلة إنجاز المشروع إلا إذا تدخلت نيجيريا، البلد الوازن والشريك الأساسي، وألقت بثقلها القاري لإسكات الأصوات المحتجة وهذا جد محتمل. 

على الصعيد الدولي، من الطبيعي أن يثير هذا المشروع أيضًا غضب بعض الأطراف؛ لأنها ترى فيه مساسًا بمصالحها؛ فهناك أولًا الجزائر التي تعتبر أن نيجيريا تجاوزتها وتخلَّت نوعًا ما عن المشروع المسمَّى خط الأنابيب العابر للصحراء الذي كان مخططًا له أن يربط بين نيجيريا والجزائر. وقد عبَّرت هذه الأخيرة عن ذلك من خلال تصريحات بعض المسؤولين في الجزائر العاصمة وتطلَّب الأمر تطمينات نائب الرئيس النيجيري الذي زار الجزائر مؤخرًا. مع ذلك، ولحدِّ الساعة، لم يصدر أي رد فعل سلبي رسمي عن تطور هذا الملف إلا من خلال الدفع بعناصر البوليساريو للتسويق والتلويح ببعض التهديدات كما حدث مؤخرًا بمنطقة الكركرات الحدودية مع موريتانيا والتي استلزمت تدخل الأمين العام للأمم المتحدة شخصيًّا لإعادة المياه إلى مجاريها(23). 

البلد الثاني الذي يرى في المشروع مصدر تهديد لمصالحه هو روسيا الاتحادية؛ ففي الأفق، كما أشرنا سابقًا، قد يصل الغاز النيجيري أو النابع من بلدان الغرب الإفريقي التي قد يخترقها الأنبوب إلى أوروبا لينافس بشكل مباشر الغاز الروسي المموِّن لأوروبا والذي تحاول هذه الأخيرة الاستقلال عنه تحديدًا ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا. ولقد قام بعض المسؤولين الروس بزيارة الرباط للتعرف على خلفيات وخبايا هذا المشروع. لكن تخوف موسكو توقف عند هذا الحد في الظرف الراهن؛ لأن حصتها في السوق الأوروبية للغاز غير مهدَّدة على المدى القصير بل حتى على المدى المتوسط على ما يبدو(24). 

خاتمة 

يعتبر مشروع أنبوب الغاز الضخم، الذي قد يربط بين نيجيريا والمغرب، استراتيجيًّا بكل المقاييس. فهو كذلك بالنسبة للمغرب، ولنيجيريا، ولبلدان غرب القارة الإفريقية بل حتى لأوروبا إلى حدٍّ ما. فالمغرب ونيجيريا سيستفيدان منه بشكل كبير استراتيجيًّا واقتصاديًّا عند تحقيقه. يهدف المشروع إلى بناء وتدعيم تكتل اقتصادي قوي على المستوى الجهوي يُعوَّل عليه لخلق وتنمية سوق كهربائية تنافسية وفعالة تربط غرب إفريقيا بأوروبا في أفق لاحق. 

سيمر الأنبوب عبر أكثر من اثنتي عشرة دولة ستستفيد كلها منه على عدة مستويات من خلال مشاريع اندماجية وتشاركية. يتفق الجميع إذن على المنافع الكبيرة المتوقعة والتي قد تتولد عنه بشكل مباشر أو غير مباشر. قد يسهم المشروع في خلق وضع سياسي جديد وتحالفات تجعل بلدان غرب إفريقيا مجتمعة في قطب مركزي حول المغرب ونيجيريا في مواجهة الأقطاب الأخرى قاريًّا ودوليًّا. 

فانطلاقًا حتى من مرحلة إنجازه وقبل بداية استغلاله، سيغير المشروع، بلا شك، موازين القوى على المستوى السياسي لصالح المغرب وسياسته الإفريقية وقد يخلق وضعًا جديدًا في ما يتعلق بقضية الصحراء؛ حيث قد ينجح المغرب من خلال هذا المشروع في تكسير محور الجزائر-أبوجا-بريتوريا الذي كان دائمًا معارضًا لوحدته الترابية ومؤيدًا لأطروحة الانفصاليين؛ وهذا رهان مهم بالنسبة لهذا البلد العربي. 

لكن وبالمقابل، من المتوقع أن يواجه المشروع عدة مشاكل قد تحول دون إنجازه بكل بساطة أو تؤثِّر سلبًا على استغلاله إن كُتب له أن يرى النور. يتعلق الأمر بالخصوص بالمشاكل التمويلية قبل وعند الإنجاز والمرتبطة بالتكلفة الباهظة للمشروع ثم بتنوع وتعدد المخاطر الأمنية والمشاكل السياسية التي تعرفها بعض البلدان التي قد يعبرها الأنبوب.

_____________________________________

التهامي عبد الخالق- أستاذ باحث بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي.

References

1– انظر: "الملك يترأس بالرباط توقيع اتفاقيتي الأسمدة وأنبوب الغاز النيجيري"، هسبريس، (تاريخ الدخول: 1 يونيو/حزيران 20177):

http://www.hespress.com/economie/350292.html

2– Voir: “Le Roi Mohammed VI pour une coopération Sud-Sud "forte et solidaire" entre les pays africains”, Atlas Eco, (Visité le 1er juin 2017):

http://www.atlasinfo.fr/Le-Roi-Mohammed-VI-pour-une-cooperation-Sud-Sud-forte-et-solidaire-entre-les-pays-africains_a77278.html#2tZ67Z7gJ7E78TVC.99

3– Voir: “Gazoduc Nigéria-Maroc: le new deal ouest-africain”, TelQuel, (visité le 2 join 2017):

http://telquel.ma/2016/12/12/gazoduc-nigeria-maroc-new-deal-ouest-africain_1527099

4- Voir: Gazoduc Nigéria-Maroc. Op. Cit.

5– انظر: "الطاقات المتجددة.. رهان المغرب من أجل النهوض بممارسة مستدامة في مجال النجاعة الطاقية"، أخبارنا، (تاريخ الدخول: 31 مايو/أيار 20177):

http://www.akhbarona.com/economy/83735.html

6– انظر: "أنبوب الغاز الجزائري وتعزيز التعاون بين الجزائر والمغرب"، مغرس، (تاريخ الدخول: 1 يونيو/حزيران 20177):

http://www.maghress.com/oujdia/5394

7– انظر: "عبد الخالق التهامي: الاستثمارات المغربية متواجدة في أكثر من 20 دولة إفريقية"، موقع ميديا 1، (تاريخ الدخول: 2 يونيو/حزيران 20177):

http://www.medi1tv.com/ar/%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%84%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%AC%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D9%85%D9%86-20-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-19251

8– انظر "الشيخ اليوسي: المغرب ونيجيريا يقتربان من طيِّ صفحة الخلاف بعد سنوات جفاء"، هسبريس، (تاريخ الدخول: 30 مايو/أيار 20177):

http://www.hespress.com/politique/314230.html

9- See: Antonia Opiah, “Why Nigeria’s Economic Potential Matters”, Huffington post, (visited on 31 May 2017):

http://www.huffingtonpost.com/antonia-opiah/why-nigerias-economic-potential-matters_b_5186973.html

10– See: “African countries will benefit from Morocco-Nigeria Trans Sahara pipeline”, The Sun News Online, (visited on 2 June 2017):

http://sunnewsonline.com/african-countries-will-benefit-from-morocco-nigeria-trans-sahara-pipeline/

11– See: “Morocco’s Leadership in Africa: A Partner for Progress and Peace”, The Morocco In the move, (visited on 3 June 2017):

file:///C:/Users/ouldl/AppData/Local/Microsoft/Windows/INetCache/IE/27NBAUX7/FS_MoroccoinAfrica.pdf

12– See: “Kosmos Energy advances drilling offshore Mauritania, Senegal”, Offshore, (visited on 4 June 2017):

http://www.offshore-mag.com/articles/2017/03/kosmos-energy-advances-drilling-offshore-mauritania-senegal.html

13– Voir: Joan Tilouine et Charlotte Bozonnet, “Gazoduc Maroc-Nigeria : l’avenir de l’Afrique de l’Ouest ou chimère?” le Monde, (visité le 1 juin 2017):

http://www.lemonde.fr/afrique/article/2017/05/17/gazoduc-maroc-nigeria-l-avenir-de-l-afrique-de-l-ouest-ou-chimere_5129337_3212.html

14– See: “Nigeria, Morocco wealth funds sign pipeline deal to bring natural gas to Europe”, The Platts, (visited on 31 May 2017):

https://www.platts.com/latest-news/natural-gas/london/nigeria-morocco-wealth-funds-sign-pipeline-deal-26612643

15– Voir: “Gazoduc Nigéria-Maroc: les premiers éléments du méga-projet”, Afrique Media 24, (visité le 1 juin 2017):

https://afrique.medias24.com/MAROC/ECONOMIE/ECONOMIE/169081-Gazoduc-Nigeria-Maroc-les-premiers-elements-du-mega-projet.html

16– انظر: "راشد أبانمي: خط أنابيب "نابوكو".. اللعبة الجيوسياسية الكبرى حول الطاقة"، جريدة العرب الاقتصادية الدولية، (تاريخ الدخول: 31 مايو/أيار 2017):

http://www.aleqt.com/2009/07/25/article_255824.html

17- Nigeria Sovereing Investment Authority.

18- Green Grouth Infrastructure Facility for Africa.

19– See: “Ithmar Capital and the World Bank Announce Creation of Green Growth Infrastructure Facility, the First Green Fund Dedicated to Africa”, The News Wire, (visited on 3 June 2017):

http://www.newswire.ca/news-releases/ithmar-capital-and-the-world-bank-announce-creation-of-green-growth-infrastructure-facility-the-first-green-fund-dedicated-to-africa-601484435.html

20– Voir: “Coopération Sud-Sud: Gazoduc Nigéria-Maroc.. l’emballement médiatique au sujet d’un financement arabe”, Le Desk, (visité le 3 juin 2017):

https://ledesk.ma/enoff/gazoduc-nigeria-maroc-lemballement-mediatique-au-sujet-dun-financement-arabe/

21– Voir: “Le gazoduc ouest-africain sous pression”,  Jeune Afrique, (visité le 3 juin 2017):

http://www.jeuneafrique.com/196002/archives-thematique/le-gazoduc-ouest-africain-sous-pression/

22– Voir: Fahd Yata, “Les véritables enjeux du Gazoduc Africain Atlantique”, la Tribune, (visité le 4 juin 2017):

https://lnt.ma/veritables-enjeux-gazoduc-africain-atlantique-2/

23– Voir: “Maroc Algérie Afrique de l’Ouest: la géostrategie des gazoducs”, Afrique le 360, (visité le 4 juin 2017):

http://afrique.le360.ma/maroc-algerie-mauritanie-senegal-autres-pays/economie/2017/03/14/10320-maroc-algerie-afrique-de-louest-la-geostrategie-des

24– Voir: “Questions autour du projet du gazoduc Nigéria-Europe via le Maroc”, Agora Vox, (visité le 1 juin 2017):

http://www.agoravox.fr/tribune-libre/article/questions-autour-du-projet-du-187259