استراتيجيات قطر في إفشال الحصار الاقتصادي

أدى الحصار الاقتصادي على قطر إلى نتائج عكسية حيث زاد اعتمادها على الذات، وتنويع مصادر ووسائط وارداتها، ووسَّع من دائرة شركائها التجاريين والماليين، واستثماراتها الخارجية ماديًّا وجغرافيًّا وجيوسياسيًّا.
a19b81cd394247649c7ef29dbb9550ad_18.jpg
توسعة ميناء حمد نموذج للاعتماد على الذات (رويترز)

في الخامس من يونيو/حزيران 2017 فرضت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين حظرًا على حركة الأفراد ونقل وعبور البضائع بينها وبين قطر، وأغلقت مجالها الجوي أمام الطيران القطري، كما فرضت مصر مقاطعة اقتصادية على قطر. لا شك أن هذه الإجراءات أخذت بعدًا أكبر من المقاطعة، فالمقاطعة التجارية تكون عندما يوقف بلد ما التبادل التجاري مع بلد آخر. ولكن عند منع حركة عبور الأفراد والبضائع من دول أخرى، وإغلاق المنفذ البري الوحيد الذي يربط شبه جزيرة قطر بالعالم، وتُمنع حركة الأفراد والبضائع من المملكة العربية السعودية وعبرها من دول العالم الأخرى إلى قطر، فهذا نوع من أنواع الحصار. فكون هذه الدول لا تستطيع إغلاق المياه أو الأجواء الدولية، هذا لا يعني أنها لا تحاصر قطر من كل الجهات الممكنة وبكل ما أوتيت من قوة. بل إن هذه الإجراءات في أوجه منها تعدَّت الحصار إلى حرب اقتصادية تستهدف زعزعة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وتهجير رؤوس الأموال، وما لذلك من تبعات سلبية قد تمس حياة الناس وتمثِّل كارثة على مدخراتهم وممتلكاتهم.

لقد أُرِيد بهذا الحصار الضغط على قطر للرضوخ والتسليم لطلبات غير منطقية، تمس بالسيادة والكرامة. ولم يكن متوقعًا أن تقبل بها الحكومة القطرية ولا أن يتقبلها الشعب القطري. فهدف الحصار بدا واضحًا وهو الضغط على قطر للتخلي عن السيادة، والاستقلال في قرارها السياسي، والخضوع للهيمنة السعودية والإماراتية، وزعزعة استقرار النظام في قطر وإضعافه تمهيدًا لسقوطه أو إسقاطه. ويمكن القول إن الحصار فشل في تحقيق أهدافه، بل وأدى إلى نتائج عكسية لثلاثة عوامل هي: أ) محدودية انكشاف الاقتصاد القطري على دول الحصار، ب) خصائص الاقتصاد القطري وقوته الذاتية، ج) السياسات المضادة التي اتبعتها قطر لمواجهة الحصار. وهذا ما نحاول تحليله في هذه الورقة.

1- الضعف البنيوي لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي 

إن محدودية انكشاف الاقتصاد القطري على دول الحصار تعود لأسباب تتعلق بضعف التركيبة البنيوية لاقتصادات دول المجلس بشكل عام. فدول الحصار ليست مصنِّعة، واقتصاداتها ليست متنوعة، ولا منتجة زراعيًّا. فهي لا تصدر لقطر الآلات ولا المعدات ولا السيارات ولا الأجهزة الطبية ولا الإلكترونية، ولا سلع أساسية كالقمح والذرة والشعير، ولا لحوم حية ولا ميتة (1). ومع ذلك راهنت تلك الدول على أن تصبح أسواق قطر خاوية مع فرض الحصار، وتضطر إما للرضوخ لشروطها أو تضطر للاستيراد من أسواق خارجية بديلة وبتكاليف قد تكون مرتفعة تستنزف خزينتها، وهو ما سيدفعها، في تقديرهم، للرضوخ عاجلًا أم آجلًا لشروط تلك الدول. كما أن دول الحصار ليس لديها الحق ولا القدرة على إغلاق المياه الدولية وفرض حصار خانق على قطر من كل الجهات الجوية والبرية والبحرية، وبالتالي التحكم في الاستيراد، كما تصنع إسرائيل والنظام المصري مع قطاع غزة لأكثر من عقد من الزمن.

فبعد أكثر من نصف قرن من تصدير النفط، فشلت دول المجلس في تنويع اقتصاداتها. فهي تستخرج موردًا واحدًا (النفط) وتصدره للعالم الخارجي وتستورد في المقابل معظم ما تحتاجه من سلع استهلاكية ورأس مالية وعمالة من الخارج. ولذلك لا يوجد لديها الكثير مما يمكن أن تتبادله فيما بينها. وظلت التجارة البينية في دول مجلس التعاون تراوح مكانها عند 10% لعقود طويلة. لذلك لا يوجد هنا مجال كبير للضغط على قطر من خلال الحصار التجاري. وبالتالي سيبقى أثر الحصار محدودًا على الطرفين بسبب محدودية التبادل التجاري والتعامل المالي، لأن هذه الاقتصادات تفتقد إلى دورة إنتاج داخلية حقيقية. فهي اقتصادات ريعية تستمد دخلها من مصدر خارجي، وطالما أن تصدير النفط وأسعاره لم تتأثر بهذه الأزمة، فإن أثرها على أداء الاقتصادات يبقى محدودًا، مع تحييد العوامل الأخرى. 

2- قوة الاقتصاد القطري وخصائصه

إن قوة الاقتصاد القطري وخصائصه، وبعض الميزات النسبية التي يتمتع بها، تمكنه من الصمود في وجه الحصار وتحييد أثره على المدى المتوسط إلى الطويل، مع تحييد العوامل الأخرى. فقطر لديها موانئ ومطارات مفتوحة على المياه والأجواء الدولية، وهذا يمكنها من تجاوز الحصار، وتعويض النقص في الاستيراد من وعبر دول الحصار من مصادر بديلة بمرونة. وبفضل السياسات الاقتصادية السليمة التي اتبعتها في فترات الرواج، استطاعت قطر استغلال الموارد الطبيعية الضخمة لتوليد دخل مستقر للبلاد إلى حد مقبول، وتطوير بنية تحتية حديثة، ومراكمة واستثمار عوائد تلك الموارد لتشكل واقيًا يُستخدم لمواجهة الركود والأزمات، ولتنويع مصادر الدخل وحفظ مدخرات الأجيال. 

لقد أصبحت قطر، في فترة وجيزة نسبيًّا، المنتج والمصدر الأول للغاز الطبيعي المسال في العالم، من ثالث أكبر احتياطي للغاز عالميًّا. وأصبح للاقتصاد القطري دخل مستقر إلى حد مقبول من إنتاج الغاز عبر الفترات والأزمات المالية والاقتصادية السابقة وكذلك خلال هذه الأزمة. وأصبح الاقتصاد القطري أسرع الاقتصادات نموًا في المنطقة وربما حول العالم (بمعدل 12% نمو حقيقي سنوي خلال عشر سنوات حتى عام 2015). وأصبحت قطر صاحبة أعلى دخل للفرد في العالم، وتمتلك احتياطات سيادية كبيرة، ولديها الملاءة المالية الكافية لدعم الاستقرار والاستدامة في القطاع المالي وقطاع الاستيراد في التجارة الخارجية لفترات طويلة. كما أن بنية اقتصادها الإنتاجية تمكِّنها من الاستمرار في ذلك والتكيف مع الأوضاع التي يفرزها الحصار لفترات طويلة (مع تحييد العوامل الأخرى). ولديها بنية تحتية حديثة (مطار وموانئ ذات طاقة استيعابية عالية وشبكة مواصلات واتصالات حديثة، ومدن إمداد لوجستية واقتصادية) تمكِّنها من الالتفاف على الحصار والوصول إلى مصادر الاستيراد الأصلية. لقد حققت قطر في السنوات الماضية مستويات مقبولة من التنويع (الرأسي) في مجال الصناعات المصاحبة للقطاع الهيدروكربوني، وقطاعها المالي قوي تدعمه أسس الاقتصاد القطري المتينة، والنمو الاقتصادي القوي الذي تحقق خلال الفترات السابقة. وهو محصن بفضل السياسات الائتمانية والاحترازية المعاكسة للدورة المالية التي تبناها المصرف المركزي مع بداية الدورة النفطية خلال عامي 2003–2004. شكَّلت تلك التحصينات درعًا واقيًا ضد الصدمات وحدَّت من الانكشاف والتوسع المفرط في الاقتراض محليًّا وخارجيًّا مع التوسع الاقتصادي وارتفاع الفوائض. وحدَّت من تراكم الاختلالات والهشاشة المالية فيه (2). كما أن العملة القطرية قوية؛ إذ تدعمها أسس الاقتصاد القطري المتينة، والاحتياطيات النقدية والسيادية الضخمة، ولا يوجد مجال للمضاربة عليها خارجيًّا لمحدودية عرضها، ومحدودية تداول السندات السيادية. 

فيما يلي، سنتناول القنوات التي يؤثر من خلالها الحصار على الاقتصاد القطري، وهي القطاع الحقيقي، والقطاع المالي، وعامل الثقة، مع شرح مصادر القوة والانكشاف في كل منها والسياسات المضادة للحصار التي اتبعتها قطر في الأجل القصير. 

القطاع الحقيقي

  • مصادر القوة: الموارد الطبيعية الضخمة والسياسات الاقتصادية السليمة

‌أ. سياسات الإنتاج الهيكلية: بفضلها أصبحت قطر المنتج والمصدر الأول من ثالث أكبر احتياطي للغاز في العالم.

‌ب. سياسات تطوير بنى تحتية حديثة: شبكة اتصالات ومواصلات حديثة ومطار وميناء ذات طاقات استيعابية عالية، ومدن لوجستية واقتصادية وصناعية وغيرها تمكن من تخطي دول الحصار، وتوفير مخزون استراتيجي لأغراض الأمن الغذائي والإمداد اللوجستي بالمواد الأولية والأساسية.

‌ج. سياسات التنويع الرأسي: تنمية قطاع صناعات مصاحبة كالبتروكيماويات والأسمدة بالإضافة إلى صناعة الحديد والصلب وغيرها لتنويع مصادر الدخل.

‌د. السياسات الاستثمارية: مراكمة واستثمار عوائد القطاع الهيدروكربوني وتوزيعها جغرافيًّا وجيوسياسيًّا وماديًّا عبر الأصول، لتستخدم لدعم الاقتصاد في أوقات الركود والأزمات، ولتنويع مصادر الدخل ولحفظ حقوق الأجيال من خلال صندوق قطر السيادي الذي كانت احتياطاته تبلغ 340 مليار دولار قبل الأزمة، بنسبة 225% من الناتج المحلي لعام 2016، منها ما يقارب 180 مليار دولار في حالة شبه سائلة وكانت تشير التوقعات إلى أن احتياطاته تكفي لـ25 عامًا مقبلة عند مستويات الأسعار والإنفاق المنظورة. 

  • مصادر الانكشاف

التجارة الخارجية: الانكشاف محدود بسبب قلة تنوع اقتصادات دول المجلس ومحدودية الاستيراد منها. فتبلغ نسبة الاستيراد من إجمالي واردات قطر من الإمارات حوالي 9% (معظمها تجارة إعادة تصدير من خلال ميناء دبي وتبلع 4% من أكبر اقتصاد في المنظومة وهو الاقتصاد السعودي (3). إلا أنها متركزة في بعض السلع الأساسية للمستهلك كمنتجات الألبان وبعض منتجات الخضراوات والدواجن ومواد البناء. وهذه سلع معظمها غير معقدة الإنتاج ويمكن تحقيق قدر جيد من إنتاجها محليًّا، كما يمكن استيرادها بيسر من مصادر أخرى وتعويض النقص منها بالأسواق بمرونة عالية، وهذا ما جرى بالفعل. ولكن كان الاعتقاد السائد سابقًا أن دول المجلس هي منظومة واحدة ودولها مكملة لبعضها البعض، لذلك فلا ضير من الاعتماد على بعضها البعض في تلبية احتياجاتها السوقية. بل إن تكامل الأسواق وحرية حركة البضائع وعوامل الإنتاج والأفراد هدف أساسي من أهداف مجلس التعاون، وقد نصت عليها الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدوله، ولم يخطر ببال أحد أن يأتي يوم يحظر فيه دخول منتجات أساسية إلى أحد أعضائه، كمنتجات الألبان والحليب والأدوية وغيرها من سلع أساسية، من دولة جارة شقيقة. بإيجاز تتمثل مصادر الانكشاف وتبعاته في التالي:

‌أ. انكماش محدود في حجم التجارة الخارجية: تراجع مؤقت للاستيراد في أول شهر من الحصار (40% على أساس سنوي ومعاودة الارتفاع في شهر أغسطس/آب بعد تحويل مصادر الاستيراد ووسائطه (4).

‌ب. ارتفاع محدود في الأسعار: ارتفاع تضخم المواد الغذائية في أول شهرين من الحصار (إلى 4.5% على أساس سنوي) وتراجعه في أغسطس/آب (إلى 2.8%) مع بقاء التضخم العام في منطقة السالب (5).

‌ج. منفذ ومعبر بري واحد (سلوى)، وتركز كبير للاستيراد في إعادة التصدير من ميناء إقليمي واحد (دبي).

قطاع السياحة: خدمات النقل والسياحة ستكون الأكثر تأثرًا بالحصار السياحي–الاجتماعي وحظر النقل والطيران، وهي صناعة يقدر حجمها بـ15 مليار دولار في العام 2016 (6). 

  • السياسات المضادة للحصار التجاري والسياحي:

‌أ. تدخلت الحكومة بسرعة عندما تعطلت آليات استيراد الأسواق في بعض السلع بفعل الحصار، ولعبت دورها كمستورد وموزع وكمحافظ على الأسعار. ونوعت مصادر ووسائط الاستيراد، وفتحت مصادر وخطوط إمداد جوية وملاحية جديدة واستخدمت البنى التحتية ذات الطاقات الاستيعابية العالية (مطار حمد وميناء حمد) لتخطي دول الحصار، والوصول إلى مصادر الاستيراد الأصلية مباشرة، لضمان تدفق السلع والحفاظ على الأسعار لتبقى في حدودها التنافسية، فكان هناك تنوع أكبر مع جودة في السلع وبأسعار مناسبة.

‌ب. توسعت الطاقات التخزينية لأغراض الأمن الغذائي والإمداد اللوجستي بالمواد الأولية وتطوير مدن لوجستية وصناعية واقتصادية لذلك الغرض.

‌ج. زيادة إنتاج الغاز بنسبة 30% إلى 100 مليون طن سنويًّا، وقد شكَّل ذلك مصدرًا لتعزيز استقرار واستمرارية القطاعين الحقيقي والمالي وعزَّز من عامل الثقة في الاقتصاد، وعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية والتعويض عن الانخفاضات المحتملة في الاحتياطات الأجنبية بفعل الحصار وتبعاته.

‌د. تبنت الدولة سياسات محفزة للمنتج المحلي وداعمة للقطاع الخاص في مجال الإنتاج الحيواني والزراعي.

‌ه. تبني حزمة من السياسات لجذب السياحة العالمية.

‌و.اللجوء للقانون الدولي لفتح مسارات للطيران القطري. 

بناء على هذه السياسات، يمكن توفير المزيد من عوامل القوة في الاقتصاد القطري في صورة اتخاذ مجموعة من الإجراءات مثل:

  1. الاستمرار في تنويع مصادر ووسائط الاستيراد والشركاء التجاريين والاستثمارات الخارجية.
  2. زيادة توسيع الطاقات التخزينية لتصل إلى سنتين على أقل تقدير (لأغراض الأمن الغذائي والإمداد اللوجستي بالمواد الأولية وغيرها).
  3. مكافحة الممارسات الاحتكارية.

القطاع المالي

  • مصادر القوة

‌أ. أسس الاقتصاد القوية والنمو الاقتصادي القوي خلال الفترات الماضية.

‌ب. الاحتياطات الأجنبية الضخمة لدى المصرف المركزي والحكومة وصندوقها السيادي.

‌ج. الجهاز المصرفي: محصن وقوي بفضل السياسات الائتمانية والاحترازية المعاكسة للدورة المالية التي اتبعها المصرف المركزي مع بداية الدورة النفطية في العام 2003 للحد من التوسع المفرط في الاقتراض داخليًّا وخارجيًّا، مع التوسع الاقتصادي وارتفاع الفوائض، والتي حدت من انكشافه وتراكم الاختلالات والهشاشة المالية في القطاع المالي (7)، حيث كان الجهاز المصرفي القطري الأقل انكشافًا وتأثرًا بالأزمات التي ضربت المنطقة خلال العقد والنصف الماضيين (فقاعة أسواق الأسهم في عام 2006، والأزمة المالية العالمية في عام 2008).

‌د. فقد أظهرت مؤشرات القطاع المصرفي لعام 2016 أن نسب الربحية جيدة (صافي الربح لمتوسط حقوق المساهمين 14.5%) وأن السيولة مريحة (الموجودات السائلة إلى إجمالي الموجودات 30%)، وأن كفاية رأس المال مرتفعة (16%)، وأن الديون المتعثرة منخفضة (1.33%) (8).

‌ه. العملة: تدعمها أسس الاقتصاد القطري القوية والاحتياطات الكبيرة النقدية والسيادية لدى المصرف المركزي والحكومة وصندوقها السيادي، ولا يوجد مجال للمضاربة عليها خارجيًّا لمحدودية العرض. وتاريخيًّا أثبت نظام سعر صرف الريال القطري أنه الأكثر استقرارًا ومصداقية خلال العقود الماضية وعبر الأزمات الاقتصادية والحروب التي شهدتها المنطقة حتى الأزمة الخليجية الأخيرة. 

  • مصادر الانكشاف

الانكشاف محدود، حيث تتراوح ودائع دول الحصار بين 15-20 مليار دولار من مجموع 52 مليار دولار ودائع غير المقيمين وبنسبة 25% من إجمالي ودائع القطاع المصرفي مع بداية الحصار. وتقدر وكالة ستاندرد اند بورز خروج رؤوس الأموال بـ8 مليار دولار و15مليار دولار في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2017 معظمها ودائع لدول الحصار. في حين تقدر أصول القطاع المصرفي القطري في دول مجلس التعاون بـ27% من مجموع أصوله (9). 

  • الحرب الاقتصادية على قطر: مراحلها وأدواتها

لقد كان واضحًا للمراقبين لحملة التحريض والكراهية التي تقودها دول الحصار ضد قطر وما رافقها من مؤامرات تنسجها ضدها يومًا بعد يوم أن الجبهة الاقتصادية ستكون هدفًا في هذا الصراع، وأن تكون العملة الوطنية في قلب الاستهداف، فهي الخاصرة اللينة التي يمكن من خلالها، ولو نظريًّا، إلحاق أكبر ضرر ممكن بقطر وتدمير اقتصادها عن بعد وبأقل تكلفة ممكنة. والهدف النهائي المرجو من ذلك هو زعزعة استقرار النظام في قطر بهدف إضعافه وإسقاطه. إن التخطيط والسعي لزعزعة استقرار عملة واقتصاد دولة ذات سيادة من دولة أخرى يُعدُّ من أعمال الحرب الاقتصادية. 

لقد بدأ استهداف الريال القطري مبكرًا مع بداية الأزمة واشتد ذلك خلال أسبوعيها الأول والثاني في سوق الصرف الآنية المحلية قبل أن يتحول إلى الأسواق الخارجية في أواخر شهر يونيو/حزيران 2017. ففي بداية الأزمة، كان هناك تأثير الصدمة وعامل التوتر السياسي، رافقه قطع مفاجئ في الإمداد بالدولار الأميركي من دبي (عن كثير من شركات الصرافة في قطر التي تستورده من دبي) في فترة ذروة الطلب السنوي على الدولار مع بداية إجازة نهاية العام وفترة الأعياد (ويبدو أن هذا التوقيت قد اختير بعناية لإحداث أكبر أثر سلبي ممكن). وقد رافق ذلك حملة إعلامية شديدة من دول الحصار للتشكيك في قيمة ومصداقية العملة وإثارة الهلع والارتباك والدفع نحو التخلص من الريال القطري وهروب رؤوس الأموال، وذلك بغرض كسر نظام سعر الصرف في قطر والدفع نحو انهياره أو إضعاف قيمة العملة (وما لذلك من آثار كارثية ممكنة على الاقتصاد الوطني)، وزعزعة استقرار النظام المالي والاقتصادي. ولكن شيئًا من ذلك لم يحدث، وفشل إعلام الحصار في إقناع الداخل القطري بالتخلص من الريال القطري لصالح العملات الأخرى نظرًا لانعدام مصداقيته ولتحيزه وافتقاره للمهنية والموضوعية واستخفافه بالعقول منذ اندلاع الأزمة. 

كانت تلك مرحلة وجيزة ولكنها كانت أخطر مراحل الحرب الاقتصادية على قطر التي حبكتها دول الحصار. بعد ذلك انتقلت الحملات على الريال القطري إلى خارج قطر، وكان ذلك إيذانًا بفشلها، لأن حَمَلَة الريال القطري هُمْ داخل قطر وليس خارجها. فقد كانت هناك محاولات في أواخر شهر يونيو/حزيران 2017 لمنع تداول الريال القطري في بعض الأسواق الخارجية، مثل بريطانيا، يقودها الملياردير الهندي شتي (Shetty) المرتبط بعلاقات وثيقة مع حكومة أبو ظبي، ويمتلك جزئيًّا شركة صرافة الإمارات بالإضافة إلى شركة صرافة ترافلكس (Travelex) المعروفة والتي تقدم خدمات صيرفة (بيع وشراء للعملات الأجنبية) في بريطانيا وغيرها من الدول (10). بعد ذلك تعرض الريال للتلاعب في أسواق بعض دول الحصار (في الإمارات على وجه الخصوص) بالإضافة إلى محاولات التلاعب بالسندات السيادية لدولة قطر لإظهارها في موقع ضعف والإيحاء بأن الاقتصاد في مأزق وأن الدولة تتعرض لأزمة سياسية حادة، وبالتالي إثارة الهلع والتوتر والتشكك في مصداقية نظام سعر صرف العملة والدفع نحو تخلص الجمهور من الريال القطري والمستثمرين من السندات السيادية والأصول القطرية. وبالتالي الدفع نحو خروج رؤوس الأموال وما يتبع ذلك من ضغط على قيمة العملة وارتفاع في معدلات التضخم واستنزاف الاحتياطات السيادية. قاد عمليات التلاعب بالسندات السيادية القطرية الملياردير البريطاني دافيد رولند (David Rowland) مالك بنك هافيلاند (Havilland) في لكسمبورغ لصالح حكومة أبو ظبي (11). 

يمكن حصر الأثار السلبية التي أرادتها دول الحصار والسيناريوهات المحتملة (نظريًّا) من وراء الحرب الاقتصادية على قطر في التالي:

  1. ارتفاع أسعار فائدة الإقراض لقطر.
  2. ارتفاع قيم التأمينات على السندات السيادية القطرية.
  3. انخفاض التقييم الائتماني لقطر.
  4. صعوبة الاقتراض على قطر.
  5. خروج رؤوس الأموال.
  6. الضغط على قيمة العملة وزعزعة مصداقية واستقرار نظام سعر الصرف ومن ثم إثارة الهلع والارتباك.
  7. انهيار نظام سعر الصرف أو إضعاف قيمة العملة وارتفاع حاد في معدلات التضخم ما قد يؤدي إلى تذمر شعبي داخلي، وبالتالي إمكانية زعزعة الاستقرار الاقتصادي، ومن ثم الاجتماعي، والسياسي وصولاً إلى تهديد الأمن القومي، وزعزعة استقرار النظام في أسوأ الحالات، والاحتمال الآخر والأكبر هو:
  8. استنزاف الاحتياطات السيادية لقطر في الدفاع عن العملة وتعزيز استقرار نظام سعر الصرف والنظام المالي، وإنهاك القدرة المالية للدولة مع مرور الوقت. وهذا أحد أهداف إطالة أمد الحصار، وبالتالي إخلال قطر بالتزاماتها بمشاريع البنى التحتية وتنظيم بطولة كأس العالم، وفي أسوأ الحالات قد يصل الأمر إلى عدم القدرة على تغطية تكاليف الواردات من سلع رأس مالية ومعدات وغيرها من وسائل مواصلات ومواد بناء لتطوير البنية التحتية ومشاريع كأس العالم، بل حتى الواردات السلعية من مواد غذائية وأساسية لأشهر معدودة حسب المعايير الدولية.

 

3- السياسات المضادة للحرب الاقتصادية

لمواجهة هذه التهديدات اتخذت دولة قطر الاحتياطات اللازمة والإجراءات الاحترازية لحماية العملة، فضخت ودائع وسيولة في الجهاز المصرفي تقدر بـ23 مليار دولار في أول شهرين من الأزمة للتعويض عن خروج رؤوس أموال معظمها ودائع لدول الحصار، وكذلك لتعزيز استقرار العملة والاستقرار المصرفي والمالي. وضخت أيضًا مبلغ 38.5 مليار دولار في الاقتصاد ككل لتعزيز الاستقرار الاقتصادي. ويجب الإشارة هنا إلى عاملين أساسيين لهما أكبر الأثر في فشل الحرب الاقتصادية على قطر وعملتها، والحملات الإعلامية المصاحبة لها. فالمضاربة على الريال القطري، كما أسلفنا، غير مجدية لأنه غير متداول خارجيًّا، والمضاربة على السندات السيادية القطرية كذلك لا فائدة منها لأنها غير سائلة نظرًا لمحدودية تداولها في أسواق المال العالمية لأنها مقتناه من قبل بنوك عالمية تحتفظ بها لتصنيفها الائتماني المرتفع (AA-) ومردودها الجيد. والعامل الآخر هو فشل الحملات الإعلامية التي استهدفت تقويض الثقة وزعزعة استقرار العملة والنظام المالي، نظرًا لانعدام المصداقية في هذا الإعلام كما تقدم ذكره. وأخيرًا فإن مستوى الاحتياطات النقدية والسيادية الضخمة لدى المصرف المركزي والحكومة وصندوقها السيادي يجعل من نجاح محاولات استهداف العملة والسندات القطرية أمر صعب وينكسر عند حائط الاحتياطات المنيع الذي يرفده اقتصاد حقيقي قوي لأكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن محاولة كسر نظام سعر الصرف في أفضل الاقتصادات الخليجية أداء هو سلاح ذو حدين، وقد يرتد على من استخدمه، ويؤدي إلى انتشار العدوى إلى بقية الأعضاء وإشعال أزمة سعر صرف في منظومة تشكل منطقة عملة موحدة مع الولايات المتحدة الأميركية من خلال ارتباطها بالدولار الأميركي، وهي تعاني أساسًا من ضغوطات مالية وصعوبات اقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط (12). فالبحرين على سبيل المثال، المصنفة عالية المخاطر، ربما كانت الأكثر عرضة بين أعضاء المجموعة؛ إذ كانت، بحسب تقرير لوكالة بلومبرغ صدر في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017، في ضائقة مالية وتعاني من انخفاض في الاحتياطات الأجنبية ما يعرض سعر صرفها لمخاطر قد تؤدي إلى إضعاف أو تخفيض قيمة عملتها. وبحسب التقرير فإن البحرين حذرت بعض دول المجلس الأخرى من مخاطر انتشار العدوى إذا ما اضطرت لخفض قيمة عملتها. وتجدر الإشارة إلى أن أزمة بلدان شرق آسيا المالية في أواخر التسعينات من القرن الماضي قد بدأت بأزمة سعر صرف في تايلاند ثم سرعان ما انتشرت إلى بقية دول شرق آسيا المجاورة. ولمزيد تقوية عوامل المتانة في القطاع المصرفي والمالي ينبغي اتخاذ الإجراءات التالية:

1. الاستمرار في الرقابة وتحصين القطاع المالي.

2. التأكيد على التقيد بالتعليمات الاحترازية وتقويتها.

3. المراقبة المستمرة لسوق سندات الدين القطرية- حركات البيع والشراء ومن يشتري ومن يبيع.

4. المحافظة على العمالة الماهرة في القطاع المصرفي والمالي.

وعند الحاجة يمكن: 

5. الانفصال عن السياسة النقدية للولايات المتحدة الأميركية (13).

6. دعم البنوك بالمزيد من الودائع ورؤوس الأموال.

7. ضمان ودائع العملاء.

8. وضع قيود على تحويل رؤوس الأموال.

معركة الثقة

  • مصادر القوة: الأصول الحقيقية (فوق الأرض وتحتها) والمالية الضخمة المتوفرة للاقتصاد القطري والسياسات المضادة التي اتخذتها قطر لمواجهة الأزمة الاقتصادية والدبلوماسية على كافة الأصعدة. فقد اتبعت سياسات اقتصادية سليمة وسياسات دبلوماسية وإعلامية فعالة أكسبتها ثقة وتأييد الداخل، ومصداقية واحترام في الخارج. فقد أعلنت مثلًا عن زيادة إنتاج الغاز بنسبة 30% وهو ما سينجر عنه:

‌أ. تعزيز الثقة في الاقتصاد القطري.

‌ب. جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

‌ج. زيادة دخل القطاع الهيدروكربوني ستعوض عن انخفاض النمو في القطاع غير الهيدروكربوني، وترفع نمو الناتج المحلي حسب التوقعات إلى ما يفوق 3% في عام 2018 مع بدء الإنتاج من حقل برزان العملاق للغاز.

‌د. التعويض عن الانخفاض في الاحتياطات السيادية، بسبب دعم القطاع المالي وقطاع الاستيراد أو غيرهما بسبب الحصار.

‌ه. تعزيز حصة قطر في أسواق الغاز العالمية. 

  • مصادر الانكشاف

‌أ. من الطبيعي أن يكون لاستمرار الحصار والتوتر السياسي آثار سلبية على عامل الثقة تنعكس سلبًا على بيئة الأعمال والاستثمارات والودائع والتمويل، وبالتالي تنعكس سلبًا على نمو القطاع غير الهيدروكربوني، حيث من المتوقع أن ينخفض بنسبة 1.3% من 5.3% قبل الأزمة إلى 4% لعامي 2017، و2018 (14). لكن القطاع الهيدروكربوني لن يتأثر بالحصار وهناك خفض طفيف في توقعات نمو هذا القطاع بـ0.2 ليصبح  ? 0.5 نتيجة الالتزام بحصة قطر في منظمة أوبك وتقليص الإنفاق ليصبح توقع النمو العام 1.8-2% لعام 2017 و4% لعام 2018 حسب تقديرات البنك الدولي.

‌ب. بث الإشاعات والتحريض.

‌ج. التآمر لمحاولة زعزعة استقرار العملة والقطاع المالي. 

  • السياسات المتخذة لتعزيز عامل الثقة

‌أ. توظيف الآلة الإعلامية المؤثرة لقطر، مع بروز نخبة من الكفاءات الوطنية، لتثقيف الجمهور وتعزيز الثقة والدفاع عن قطر في المحافل الإقليمية والدولية.

‌ب. تدخل الحكومة بزيادة إنتاج الغاز (من 77 إلى 100 مليون طن)، وهذا سيدعم القطاعين الحقيقي والمالي وسيعزز عامل الثقة.

‌ج. افتتاح بعض مشاريع البنى التحتية (ميناء حمد، المدن اللوجستية، وغيرها)، والاستمرار في برامج البنى التحتية وكأس العالم وتنويع الاقتصاد كما كان مخططًا له، وهذه تعطي إشارات إيجابية للمستثمرين.

‌د. خطط ومشاريع التنويع متوسطة الأجل والإفصاح عنها.

لدعم هذه السياسات ينبغي اتخاذ جملة من الإجراءات الإضافية:

  1. الإفصاح والشفافية في طرح المشاكل والحلول ورسم وتنفيذ السياسات.
  2. تصميم سياسات الإصلاح الهيكلية طويلة الأجل لتنويع الاقتصاد والإفصاح عنها.
  3. أية سياسات أو مشاريع تحمل رسائل إيجابية للمستثمرين.
  4. العمل على التوظيف الأمثل لوسائل الإعلام والكفاءات القطرية لشرح الموقف القطري والدفاع عن حقوق قطر في المحافل المحلية والإقليمية والدولية.
  5. العمل على تنويع الشركاء التجاريين والماليين والاستثمارات الخارجية في دول مؤثرة اقتصاديًّا وسياسيًّا على الساحة العالمية مع الإفصاح والشفافية.

خاتمة

لقد بدا واضحًا أن هدف الحصار والإجراءات المصاحبة له هو الضغط على قطر للتخلي عن سيادتها واستقلال قرارها السياسي والخضوع لهيمنة دول الحصار. وقد بدا واضحًا أيضًا استحالة الاستجابة لمطالب دول الحصار التعجيزية والتي بدت وكأنها شروط المنتصر في الحرب، تذكر بشروط التي فرضها الحلفاء على ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى. فكأنها صممت لترفض ولتبرر بعد ذلك دول الحصار إجراءات تصعيدية أكثر عدوانية تصل إلى حد شن أعمال عسكرية ضد قطر. لقد واصلت دول الحصار ضغوطها على قطر بكل السبل والوسائل الممكنة، من حصار اقتصادي إلى حرب اقتصادية ودبلوماسية وإعلامية إلى تآمر وتهم لقطر بدعم الإرهاب، وكأن هدف الحصار والحرب الاقتصادية على وجه الخصوص، هو زعزعة استقرار الاقتصاد القطري وتدميره دفعًا نحو زعزعة استقرار النظام في قطر وسقوطه. ولكن شيئًا من ذلك لم يحدث. فلم ينهر الاقتصاد، ولم يسقط النظام، وفشلت الحرب الاقتصادية والحصار في تحقيق أهدافهما، بل وأديا إلى نتائج عكسية. فبدلًا من أن يضعف الحصار الاقتصاد القطري ازداد قوة، وزاد اعتماده أكثر على الذات، وعلى تنويع مصادر ووسائط وارداته، ووسع من دائرة شركائه التجاريين والماليين، واستثماراته الخارجية ماديًّا وجغرافيًّا وجيوسياسيًّا. فكان الحصار بمثابة جرعة تحصين لإكساب الاقتصاد القطري المناعة والقوة اللازمتين، ومعالجة بعض أوجه القصور فيه.

__________________________________

د.خالد بن راشد الخاطر، خبير في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي

ABOUT THE AUTHOR

References

1- هذان الصنفان الأخيران، بالإضافة إلى قائمة تطول من أصناف الإنتاج الحيواني والنباتي، هي أساسًا ممنوع تصديرها من أكبر اقتصاد في المنطقة "الاقتصاد السعودي" قبل الحصار، مع أن الاتفاقية الاقتصادية الخليجية الموحدة قامت من أجل ضمان حرية حركة الأفراد وتدفق السلع وتكامل عوامل الإنتاج والأسواق بين دول المجلس.

 2 - International Monetary Fund (IMF)، “Economic Diversification in the GCC: Past, Present, and Future”، Author/Editor Callen et. al., Staff Discussion Notes, 2014.

Institute of International Finance (IIF, 2017).

4 - “Qatar Crisis Sends Tremors through Banking in the Gulf, Special Report: Arab World Banking and Finance.” Financial Times, 13 October 2017, (Visited on 31 May 2018)

https://www.ft.com/content/8a1dc1dc-87df-11e7-8bb1-5ba57d47eff7

 5 - National Bank of Kuwait, 2 October 2017.

 6- Institute of International Finance (2017)، “Qatar Research Note: GCC Rift Weights on the Outlook”، www.iif.com

7 - International Monetary Fund (IMF)، “Economic Diversification in the GCC: Past, Present, and Future”، Author/Editor Callen et. al., Staff Discussion Notes, 2014.

8 - Qatar Central Bank, Financial Stability Review 8, 2016.

9- Institute of International Finance (2017)، “Qatar Research Note: GCC Rift Weights on the Outlook”، www.iif.com

10- للمزيد من التفاصيل انظر تقرير للمؤلف حول الحرب الاقتصادية على قطر بعنوان: "الحرب الاقتصادية على قطر.. أدواتها وأهدافها، الجزيرة نت، 4 ديسمبر/كانون الأول 2017، (تاريخ الدخول: 25 مايو/أيار 2018):

http://www.aljazeera.net/news/ebusiness/2017/12/4/الحرب-الاقتصادية-على-قطر-أدواتها-وأهدافها

11 -  للمزيد حول هذا الموضوع انظر تقرير المؤلف المشار إليه أعلاه.

12- Reuters Interview with the author, “Qatar could adopt more independent monetary policy if needed”، Reuters, 26 July 2017, (Visited on 25 May 2018):

https://reut.rs/2IYxyhe

13- Ibid.

 14National Bank of Kuwait, 2 October 2017.