إيران.. تدافُع سياسي لرسم مشهد ما بعد خامنئي

لا يمكن إلى الآن القول بوجود سيناريو واحد متفق عليه في إيران بشأن خلافة خامنئي، وكذلك الحال بشأن الأسماء، لكن المؤكد أن هذه القضية تُلِحُّ على مرشد الثورة الإسلامية كما تلح على المؤسسات الإيرانية الأخرى فضلًا عن مراكز القوة والنفوذ.
24 January 2019
a487430788844ba59e697e89ffde6555_18.jpg
خامنئي تحدث مرارا عن الحوزة الثورية (الأناضول)

لا تقابل شخصية سياسية إيرانية لا تتحدث بشأن العقوبات ومستقبل الاتفاق النووي، لكن الباحث الزائر لطهران سرعان ما يلاحظ أن حراكًا مستترًا، يتخذ من العقوبات والاتفاق النووي غطاءً فشل في أن يخفي حقيقة تدافع سياسي يريد كل طرف من القائمين عليه أن يحجز له موقعًا يؤهله كمؤثر في تقرير مستقبل إيران وخلافة خامنئي.

في هذا التدافع وعلى وقع رحيل عدد من رموز الجيل الأول من الثورة من أمثال آية الله هاشمي رفسنجاني وآية الله هاشمي شاهرودي وغيرهما من رجال الدين المؤثرين في الساحة السياسية الإيرانية، تُطرح أسماء وتُسقط أخرى، وتبرز وجوه أصغر سنًّا مقارنة بجيل آباء الثورة المؤسسين، من أمثال آية الله صادق لاريجاني (57 عامًا) وآية الله إبراهيم رئيسي (59 عامًا)، المرشح بقوة لمنصب رئيس السلطة القضائية.

وإن كان لاريجاني "يرضع الحليب يوم كان من أنجزوا الثورة يقبعون في سجون الشاه"، كما قال مهدي كروبي منتقدًا تعيين لاريجاني رئيسًا لمجمع تشخيص مصلحة النظام، وعضوًا في مجلس صيانة الدستور، فإنه اليوم من أبرز المرشحين لخلافة خامنئي، وقد يتجاوز عقبة "العمامة السوداء"(1) التي ترجح كفة الولي الفقيه، إن استطاعت دائرة نفوذه أن تبني له قاعدة جيدة في مجلس الخبراء، وهي نفس العقبة التي تعترض روحاني.

ورغم أن فرصة إبراهيم رئيسي سادن العتبات المقدسة في مشهد وعضو مجلس الخبراء في خلافة خامنئي قد تراجعت بعد خسارته الانتخابات الرئاسية أمام حسن روحاني، إلا أن اسمه يعود إلى القائمة، مدعومًا بوجهة نظر تقول: إن خسارة الانتخابات لاتعني عدم الصلاحية للمنصب، وتدلِّل على أسماء كثيرة عينها مرشد الثورة في مناصب مختلفة بعد خسارتها في الانتخابات(2)، كما يجري الحديث عن تحالف بين رئيسي ومجتبى خامنئي، ولا يغيب عن القائمة أيضًا الرئيس الإيراني، حسن روحاني، وأسماء أخرى، مثل: حسن الخميني، ومصباح يزدي، ومجتبى خامنئي، ومحقق داماد، وأحمد خاتمي.

يجري تعداد نقاط قوة وضعف الأسماء المطروحة، ولا يمكن إلى الآن القول بوجود سيناريو متفق عليه، وكذلك الحال بشأن الأسماء، لكن المؤكد أن هذه القضية تلح على خامنئي نفسه كما تلح على المؤسسات الإيرانية الأخرى فضلًا عن مراكز القوة والنفوذ، فالمرحلة التي سيأتي فيها المرشد القادم تختلف بصورة كبيرة عن تلك التي أتى فيها خامنئي. ويشكِّل التغيير الاجتماعي الذي شهدته إيران، فضلًا عن تراجع الخطاب السياسي المتعلق بقيم الثورة، وما يمكن وصفه بتراجع الدور السياسي لرجال الدين، ومحاولتهم لاستعادة التأثير تحديات بارزة أمام من سيتحمل مسؤولية تشكيل ملامح المرحلة القادمة، ومع ذلك لا يمكن القول بأن العقبات التي واجهتها إيران عقب رحيل آية الله الخميني كانت أقل خطورة مما هي عليه اليوم، ومع ذلك استطاعت النخبة الفقهية والسياسية أن تعيد ترتيب بيت الجمهورية الإسلامية، بولي فقيه جديد كان خصومه يشككون بقدرته على الاستمرار.

صورة تجمع الرئيس حسن روحاني ورئيس مجلس الخبراء آية الله جنتي ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام آية الله صادق لاريجاني ورئيس مجلس الشورى علي لارجاني (رويترز) 

أبعاد صناعة المشهد القادم

تبدو مسألة تعيين المرشد شديدة الوضوح في الدستور الإيراني، وجاء تأسيس مجلس الخبراء الذي يجري انتخابه كل ثماني سنوات لهذه المهمة تحديدًا، لكن هذا الوضوح لا يحول دون تدخل مؤثرات بأبعاد كثيرة في هذه القضية، بصورة لا يمكن معها الاستهانة بتأثير أي منها، مع الإقرار باختلاف شدة التأثير من بعد إلى آخر، وإن كنا سنركز هنا على أبعاد بعينها بالنظر إلى طبيعة تأثيرها ومركزيتها في الحالة السياسية الإيرانية.

الدستور: الضمانة القانونية لولاية الفقيه

أخذت "ولاية الفقيه" مكانًا بارزًا في الدستور الإيراني (3)؛ حيث نصت المادة الثانية منه على الإيمان بالإمامة (4)، وأكدت المادة الثانية عشرة من الدستور الإيراني على أن الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الاثنا عشري، وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير.

ونصَّت المادة الخامسة منه، على أن منصب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، والقائد لإيران، منوط به "في زمن غيبة الإمام المهدي تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر، الشجاع القادر على الإدارة والتدبير"، وذلك وفقًا للفصل الثامن من الدستور والمادة (107)، وهو الفصل الذي فصَّل في موضوع القائد (5).

وفق المادة (107) من الدستور، توكل مهمة تعيين القائد إلى الخبراء المنتخبين من قِبل الشعب، وهؤلاء الخبراء يدرسون ويتشاورون بشأن كل الفقهاء الجامعين للشرائط المذكورة في المادتين الخامسة بعد المئة والتاسعة بعد المئة، ومتى ما شخَّصوا فردًا منهم باعتباره الأعلم بالأحكام والموضوعات الفقهية، أو المسائل السياسية والاجتماعية، أو حيازته تأييد الرأي العام، أو تمتعه بشكل بارز بإحدى الصفات المذكورة في المادة التاسعة بعد المئة انتخبوه للقيادة، وإلا فإنهم ينتخبون أحدهم ويعلنونه قائدًا، ويتمتع القائد المنتخَب بولاية الأمر ويتحمل كل المسؤوليات الناشئة عن ذلك. وينص الدستور على مساواته مع كل أفراد البلاد أمام القانون (6).

شروط المرشد

وحددت الشروط اللازم توفرها في القائد وصفاته، وهي:

• الكفاءة العلمية اللازمة للإفتاء في مختلف أبواب الفقه.

• العدالة والتقوى اللازمتان لقيادة الأمة الإسلامية.

• الرؤية السياسية الصحيحة، والكفاءة الاجتماعية والإدارية، والتدبير والشجاعة، والقدرة الكافية للقيادة.

وعند تعدُّد من تتوفر فيهم الشروط المذكورة، يُفضِّل من كان منهم حائزًا على رؤية فقهية وسياسية أقوى من غيره.

عجز المرشد وعزله

عند عجز القائد عن أداء وظائفه القانونية أو فَقْده أحد الشروط المذكورة في المادة الخامسة بعد المئة والمادة التاسعة بعد المئة، أو عُلم فقدانه لبعضها منذ البدء، فإنه يُعزل عن منصبه، وفق ما تنص عليه المادة (111) من الدستور. ويعود تشخيص هذا الأمر إلى مجلس الخبراء المذكور في المادة الثامنة بعد المئة.

مجلس الخبراء ومهمة تعيين المرشد القادم (رويترز) 

صلاحيات المرشد

وقد حددت المادة (110) من الدستور الإيراني صلاحيات المرشد (7). وتشير هذه النصوص صراحة إلى أن منصب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، هو المنصب الأول والأعلى والأكثر تأثيرًا ونفوذًا في الجمهورية الإسلامية، وتمتد صلاحياته، التي يضمنها الدستور، لكل السلطات، ولكل مفاصل الدولة؛ فالوليُّ الفقيه هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمسؤول عن إعلان الحرب والسلام، وهو من يعيِّن ويعزل رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، وقائد الحرس الثوري، وقادة الأمن وأصحاب المناصب العليا في المؤسسات الأمنية (8). وتمتد صلاحياته لتشمل تعيين وعزل رئيس مجلس صيانة الدستور، ورئيس مؤسسة الإذاعة والتليفزيون في الجمهورية. ولا يقف الرئيس الإيراني المنتخَب من قِبل الشعب بعيدًا عن سلطة المرشد، حيث يصادق المرشد على انتخابه، ويملك صلاحية عزله والحد من سلطته، وكانت تجربة محمود أحمدي نجاد خير دليل على ذلك. وتتولى "مؤسسة القائد" التحضير والمتابعة لأنشطة الولي الفقيه، من لقاءات وخطب ومحاضرات وبيانات. وله آلاف الممثلين ينتشرون في جميع مؤسسات الدولة الاقتصادية والثقافية والسياسية والعسكرية والأمنية، مع حضور قوي في الجامعات، فضلًا عن ممثلين له في عدد من الدول.

مجلس الخبراء: "يجب أن يظل ثوريا"

يعكس تاريخ هذا المجلس أنه كان محل تجاذب سياسي؛ فقد اجتمع مجلس الخبراء لأول مرة سنة 1983 واختار فقهاء المجلس حسين علي منتظري كخليفة للإمام الخميني، ثم ما لبث أن عزله الخميني عقب خلافات عميقة بينهما. ولمنع تكرار ذلك، لم يعيِّن مجلس الخبراء خليفة آخر. وبعد وفاة الخميني اجتمع المجلس، في يونيو/حزيران 1989، وعيَّن علي الخامنئي كولي فقيه. وكان إبعاد هاشمي رفسنجاني عن رئاسة المجلس في عام 2009 واحدًا من أبرز تجليات الخلاف السياسي بينه وبين المرشد، على خلفية إعادة انتخاب أحمدي نجاد. يتكون مجلس الخبراء من الفقهاء، وطغى على تركيبة المجلس في دوراته المختلفة الخط الأصولي، وتوالى على رئاسته رجال مقربون من آية الله خامنئي، وفق ما يوضحه الجدول التالي:

دورات المجلس /الفترة الزمنية /عدد الجلسات  الرئيس عدد الأعضاء
الدورة الأولى
(1990-1983)
11 جلسة
آية ‌الله مشكيني 82
الدورة الثانية
(1990- 1998)
آية ‌الله مشكيني 83
الدورة الثالثة
(2006-1998) 
16 جلسة
آية ‌الله مشكيني  86
الدورة الرابعة
(2014-2006)
11 جلسة
في العام الأول آية الله مشكيني. من 2007- 2010 آية الله هاشمي رفسنجاني، من 2010- 2014 آية الله الله مهدوي كني، وبعد وفاته، تولى آية الله محمد يزدي رئاسة المجلس حتى نهاية الدورة.  86
الدورة الخامسة (2015) آية الله جنتي  88

يتضح قلق آية الله خامنئي من تبعات هذا الانتقال، في حديثه حول مجلس الخبراء في دورته الخامسة بقوله: "يجب أن يظل مجلس الخبراء ثوريًّا؛ يجب أن يفكروا بشكل ثوري وأن يعملوا ثوريًّا، عند اختيار قائد المستقبل، وأن يراعوا الله في ذلك. من المحتمل أن يُبتلى هذا المجلس بهذا الامتحان، وعندما يحين وقت الاختيار يجب أن توضع جانبًا المشاحنات، وأن يراعوا الله، وأن يراعوا واجبهم، وحاجة البلاد. على هذا الأساس، سيتم اختيار الزعيم؛ ومن وجهة نظري فهذا أهم واجب في هذه المرحلة وأن لا يتم التقصير في أداء هذا الواجب. وإلا فسيكون هناك مشكلة في أساس هذه المهمة العظيمة"(9)، ويمكن أن يكون حديث خامنئي مؤشرًا على أن اسم المرشد القادم قد أصبح معلومًا لدى المجلس بانتظار لحظة انتخابه التي ستكون بوفاة خامنئي.

الأحزاب والتيارات السياسية 

يتقدم التيار الأصولي خاصة بطيفه الراديكالي على غيره من التيارات السياسية في إيران اليوم، من حيث الإيمان بولاية الفقيه المطلقة، ويرى هذا التيار أن ولاية الفقيه ليست قضية انتخابية يكون للناس دور وتأثير فيها، وإنما هي قضية تشخيصية، ويرى أن الولي الفقيه يُكتشف اكتشافًا بمعنى أنه موجود في المجتمع، واكتشافه منوط بالخبراء. وينظر هذا التيار إلى الولي الفقيه بنوع من القداسة، ويؤمن بأن قائد الثورة "ظاهر بالمدد الإلهي" (10)، كما أن جميع المؤسسات تستمد شرعيتها من الولي الفقيه.

مظاهرة في ذكرى انتصار الثورة الإسلامية (الأناضول) 

ونجد توضيحًا لأبعاد هذا التوجه لدى الراحل، آية الله محمد رضا مهدوي كني، الذي رأس حتى وفاته مجلس الخبراء وكان أمينًا عامًّا (11) لمجتمع رجال الدين المقاتلين؛ إذ يبين أن: ولاية الفقيه ليست مسألة انتخابية، وإنما هي مسألة تشخيصية، وإذا كان هناك من يقوم بالأمور الإجرائية فإنه لا يحق له التدخل في المسائل الفقهية والاجتهادية (12). وتبدو هذه المسألة أكثر قطعية لدى رضا استادي، العضو في مجتمع مدرسي حوزة قم العلمية، عندما يقول مؤكدًا: إن الولاية، وتحت أي أوضاع، لا تستمد مشروعيتها من الناس، فموافقة الناس أو مخالفتهم ليس لهما أي تأثير في ولاية الفقيه (13). ويحذر مجتمع رجال الدين المقاتلين من مغبة الوقوف في وجه القائد والولي الفقيه: في النظام الإسلامي، وفي زمن الغيبة، يكون للولي القول الفصل. وإذا كان هناك من يريد أن يدلي بدلوه، ولديه ما يقوله، ويعطي لنفسه حق الوقوف في مواجهة القائد، فهو -أولًا- يضع علامات استفهام على التزامه ولايةَ الفقيه المطلقة، وثانيًا: سيقود ذلك إلى غياب الإنجاز وشيوع الهرج والمرج في المجتمع (14). ويعتقد رموز هذا التيار من الفقهاء أن نموذج الحكم الإسلامي، وقبل أن يقوم على دعامة الجمهورية، يجب أن يقوم على دعامة الأصول العقائدية الإسلامية، فآية الله كني يقول: إن "أي حكومة منصوص عليها ويتم تنصيبها من الله هي حكومة قانونية، حتى إن لم يقبل جميع الناس، وعلى العكس، فإن أي حكومة لا يتم تعيينها وإجازتها من الله، هي حكومة غاصبة وغير قانونية، حتى إن قبلها الناس.. وعلى الرغم من أن الحكومة يجب أن تقوم على الحق والحقيقة فإنها في المقابل يجب أن تحوز، في الإجراء والعمل، القبولَ والدعم من الناس، ولا طريق أمام الحكومة الدينية القائمة على اعتقادات الناس سوى ذلك.. لكن المشروعية والقبول لدى الناس ليسا كافيين وحدهما، بل يصبحان كاملين بإعمال أصل الولاية (15). ولا يخرج الأمين العام لمجتمع مدرس الحوزة العلمية في قم، آية الله محمد يزدي، عن هذا السياق؛ إذ يرى أن "سياسة الولي الفقيه وحكومته هما من شأن الفقيه الجامع للشرائط، وعندما يوجد ذلك الفقيه فلا حق للآخرين في التدخل في مسائل الحكم"(16). ويعطي هذا التيار رجالَ الدين الحق في الإمساك بزمام أمور المجتمع، ورجال الدين، كما يصفهم ناطق نوري، العضو البارز في مجتمع رجال الدين المقاتلين، هم ورثة الأنبياء والأئمة المعصومين الذين يحملون مسؤولية تبليغ الناس دينَ الله (17).

وإذا كان هذا التيار لا يخالف التحزب، كما يرى نوري الذي ينفي عن "رجال الدين المقاتلين" صفة الحزب، لأن الدولة التي تعتمد الانتخابات تحتاج بالضرورة إلى النظام الحزبي (18)، فإن مهدوي كني عارض تحزب رجال الدين لأنهم "أب الناس، والتشكيلات الحزبية المعاصرة تضع رجلًا في مقابل الناس.. وأنا أؤمن بالعلاقة مع الناس من خلال المساجد والمراكز الدينية.. ورجال الدين يجب أن يكون لهم علاقات بالجميع، وهذا الارتباط المتبادل هو الأفضل للعمل الجمعي والديني"(19). أما المشاركة السياسية، فهي حق للناس وتكليف لهم في الوقت ذاته، فالناس مكلفون شرعًا بالمشاركة في الانتخابات، ومن واجبهم شرعًا أن يقدموا على ذلك من دون أدنى تردد (20)، لكن هذه المشاركة مشروطة باحترام النظام بشكل لا يتم فيه التشكيك في الأصول الأساسية (21).

لكن مشكلة هذا التيار أنه لم يطور في مجال الخطاب والتنظير ما يمكن أن يجعله مواكبًا للتحولات الاجتماعية التي حدثت في إيران، والإجابة على أسئلة الأجيال الشابة خاصة فيما يتعلق بالمشكلات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك العلاقة مع الدين والتدين، فهذه الأحزاب والجمعيات والتجمعات في طروحاتها مجتمعة، لا تغادر حدود "الخطاب الأصولي"، وهو الخطاب الذي يعطي صبغة قداسة لـ"الإسلام السياسي"، وتواظب على تقديمه كحقيقة دائمة وغير قابلة للتغيير، تستمد جذورها من الأحكام الإسلامية الشيعية(22)، ولذلك، فإن مساحة التغيير وإعادة البناء فيه تبدو محدودة، وأي تغيير يجب أن يتم داخل الإطار الفقهي المسيطر. 

ومن هنا، يمكن فهم أهمية رجال الدين في أي تغيير منشود، لأنه يخضع لتفسيرهم وتمحيصهم، وبدون مباركتهم ستصل أية محاولة على هذا الصعيد إلى طريق مسدود. ويمكن القول: إن "خطاب الإسلام السياسي الأصولي"، هو الممثل الأبرز للإسلام السياسي في إيران بعد الثورة(23). ويستمد هذا الخطاب قوته من بعده المذهبي، ودعم رجال الدين له، وارتباطه بالعامة، وسيطرته على مؤسسات النظام فضلًا عن نصوص الدستور التي تعد ظهيرًا قويًّا لهذا الخطاب. ورغم قصوره الاجتماعي المشار إليه إلا أنه الأكثر تأثيرًا في المؤسسات وبؤر النفوذ التي سيكون لها دور كبير في رسم ملامح المستقبل.

ولاية الفقيه: القول بالمحدودية

على عكس التيار الأصولي، يرى اليسار الحداثي، الذي خرجت الحركة الإصلاحية من رحمه، أن ولاية الفقيه تستمد مشروعيتها من أحكام الدستور، وبناء عليه، فإن الولي الفقيه يكون مسؤولًا أمام الناس، بحيث يصبح في الإمكان من خلال مجلس الخبراء عزل الولي الفقيه. ويعتقد اليسار الحداثي أن ولاية الفقيه المطلقة لها جانب موضوعي لا شخصي، بمعنى أن الدولة الإسلامية بصورة مطلقة لها حق التدخل والتصرف في جميع أمور الحكم، لكن هذا الإطلاق لا يمنع تقسيم وظائف السلطات المتعددة وصلاحياتها.. وولاية الفقيه المطلقة لا تعني -بأية حال من الأحوال- الحكم الفردي المطلق (24). ويؤكد أنه لم يكن مقررًا من الأساس أن يقوم الولي الفقيه بالتفكير نيابة عن المجتمع بالكامل (25)، وهو يدافع عن "ولاية الفقيه الانتخابية"، بمعنى أن الولي الفقيه في زمن الغيبة يجب أن يكون منتخبًا من طرف الناس، فأساس الحكومة الإسلامية يقوم على رأي الناس واختيارهم (26)، وهو ما يعبّر عنه آية الله أسد الله بيات، عضو الشورى المركزية في مجمع محققي ومدرسي حوزة قم العلمية، بقوله: تكون أعمال ولاية الفقيه العادل، مشروعة عندما تأتي بموافقة الناس وقبولهم. وفي إجابته عن سؤال أحد مقلديه عن ولاية الفقيه يقول: أصل ولاية الفقيه هو أمر سياسي وفقهي، وفيه اختلاف بين الفقهاء، وإن كان العمل به يعد صحيحًا إلا أنه ليس أصلًا من أصول الدين، ولا يُعدُّ إنكاره كفرًا أو فسوقًا، والعالِم الذي يقول بذلك فاقد للعدالة ولا تجوز الصلاة خلفه (27). وفي وقت كان اليسار يؤمن بولاية الفقيه المطلقة في فترة حكم الخميني، صار كثيرون من رموزه يعبِّرون عن قناعة بأن الحَكَم في مسألة ولاية الفقيه يجب أن يكون الدستور، وصاروا أكثر ميلًا إلى الترويج لولاية الفقيه المقيدة والقائمة على الانتخاب. ويؤكد عباس عبدي أهمية رأي الناس في إدارة شؤون حياتهم، حتى إن كان هذا الرأي في غير مصلحة المجتمع (28). ويعتقد هذا التيار أن الجمهورية الإسلامية تقوم على ثلاثة أركان، هي: الجمهورية، والإسلامية، والإيرانية، وأن هذه الأصول الثلاثة يجب المحافظة عليها.

ويربط طيف واسع من التيار الإصلاحي ولاية الفقيه والمشروعية الشعبية؛ إذ رأى أن ولاية الفقيه أصل من أصول النظام، لكنه سعى لإزاحة القدسية عن هذا الأصل، وتقديمه ضمن قراءة حداثية ديمقراطية. وولاية الفقيه ضمن هذه الرؤية تنسجم مع المجتمع المدني، والتعددية السياسية، وحكم الشعب، ويمكن أن تصبح نموذجًا للمجتمع الإنساني (29). وفي إطار هذا الخطاب، فإن وصف "مطلقة" في ولاية الفقيه، ترتبط بالحكومة الإسلامية، وليس شخص الولي الفقيه (30). وضمن هذه الرؤية، فالحكومة منذ البداية قائمة على رأي الناس، ولا يجوز الوقوف في وجه مطالب الناس تحت أية ذريعة، ولا يمكن للحاكم أن يحمل الناس ويجبرهم على القبول به.

تكمن مشكلة التيار الإصلاحي في أنه خيَّب أمل الشباب في تحقيق أهداف كانوا يأملونها مقابل التأييد الذي قدموه، وهو ما قاد إلى تراجع القاعدة الاجتماعية للإصلاحيين (31)، ورافق ذلك إقصاء سياسي ممنهج من قبل النظام جعل وصول الإصلاحيين إلى مجلس الشورى ورئاسة الجمهورية عملية بالغة الصعوبة، وانتهج مجلس صيانة الدستور سياسة عدم تأييد صلاحية عدد كبير من الشخصيات الإصلاحية خلال العمليات الانتخابية المتتالية. وأصبح دور التيار مقتصرًا على دعم مرشح وترجيح كفته، حتى وإن لم يكن هذا المرشح من حملة الفكر الإصلاحي كما حدث مع روحاني في انتخابات 2013 و2017.

ومما يقلِّل من نصيب التيار الإصلاحي في حلقة مخططي وراسمي مرحلة ما بعد خامنئي، ما أصاب التيار على صعيد التنظير، فقد بدأ الأفول يتسارع مع العام 2000 حيث غاب عن التيار الزخم التنظيري الذي رافق سنواته الأولى. لقد قادت عوامل عدة إلى انقطاع تنظيري، وغياب النسق والاستمرارية، ولعل ما يعمِّق أزمة التيار على هذا الصعيد أن المراجعات التي جرت كانت سياسية، ولم تكن فكرية سياسية، وهو ما أوجد حالة من الاضطراب في التوجهات والأهداف، وبقيت القيادة السياسية للحركة الإصلاحية تتحرك ضمن حدود الدستور والقانون، وهو ما جعلها أسيرة للإسلام الفقاهتي (المعتمد على الفقه كمرجعية في الحكم، وسائر شؤون الدولة) المسيطر، ولم تُبدِ من جانبها رغبة في كسر احتكار هذا الفقه للساحة السياسية. لعب الانحياز إلى هذا الخيار دورًا كبيرًا في الحيلولة دون تطوير المقولات المتعلقة بالمجتمع المدني، والتنمية السياسية والديمقراطية. ومع فشل التيار سياسيًّا كان من الواضح أنه عاجز عن تقديم نظرية اقتصادية واجتماعية منسجمة، لقد صرف التيار الكثير من الجهد والوقت ملاحقًا مقولة: "تعزيز المشاركة السياسية" في وقت كان فيه المجتمع الإيراني يتحدث عن أولويات أخرى، تضع الأمن والاقتصاد والرفاه والحريات الاجتماعية في مرتبة متقدمة على المشاركة (32).

الاعتدال: قبول بظل الولاية 

أما تيار الاعتدال، فلم يتوان عن التأكيد على التزامه بولاية الفقيه، لكن موقفه من هذه القضية وتأثيره في مستقبلها، لا ينفصل عن الإشكاليات التي رافقت تعريف التيار، والمفردات اللازمة ليصار إلى القول بأنه خطاب مكتمل بملامح تميزه عن الأصوليين والإصلاحيين، ولا يمكن بحث "تيار الاعتدال" الذي يتزعمه حسن روحاني اليوم بدون العودة إلى الأرضيات المؤسسة لطروحاته. ولعل أبرز وأهم هذه الأرضيات هي تلك التي تعيد نشأة هذا التيار للفترة التي أخذت اسم "الإعمار"، وهي فترة هاشمي رفسنجاني بامتياز، وقام على هذه الفترة طبقة من التكنوقراط بسوابق تعود إلى ما قبل الثورة، وكانت ثمرتها الأولى أول حزب تنشئه الحكومة وهو حزب "كارگزاران سازندگي"/ كوادر البناء. لقد نقل فوز روحاني برئاسة الجمهورية -في 2013- الاعتدال، من مفهوم يجري تداوله بصورة محدودة في أوساط النخب السياسية، إلى مفهوم رائج يكثر الجدل بشأنه في المجتمع السياسي الإيراني، ورافق ذلك التحاق شخصيات ذات وزن وجدت فيه مخرجًا من تعقيدات وإخفاقات التيار الأصولي والتيار الإصلاحي على حد سواء، وإن كانت نواته تعود إلى الانشقاق الكبير في صفوف جبهة الثورة وما كان يُعرف بـ"خط الإمام" عقب وفاة الخميني مولِّدًا اليمين واليسار الإيراني، ولاحقًا (الإصلاحيين والأصوليين)؛ حيث سعى تيار ليقف بين هذين التيارين، مطلقًا على نفسه اسم "المعتدلون" أو "الوسطيون".

ودراسة هذا التيار لابد أن تنطلق من مفردتي "الاعتدال" و"التنمية"، اللتين تشكلان الأساس الفكري والنظري الذي يقوم عليه هذا التيار، ولذلك، فإن تأثيره في مجال هندسة مرحلة ما بعد خامنئي لا يأتي من طروحاته الفكرية وإسهامه النظري بقدر ما هو مستمد من شخصية روحاني وتأثيرها السياسي، كرجل تولى أعلى منصب سياسي بعد المرشد، لكنه في الوقت ذاته معمَّم مرَّ من قم، وهو عضو في مجلس الخبراء، ويجيد عقد التحالفات، وملاعبة الخصوم.

رجال الدين وأصحاب التأثير في حوزة قم العلمية

قبل أشهر، أثارت خطبة لرحيم بور أزغدي، عضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية في إيران، ألقاها بدعوة من تجمع الأساتذة في فيضية قم، حنق عدد من مراجع التقليد المعروفين لما تضمنته من نقد صريح لدور الحوزة في المجال العام واتهامها بالعلمنة، في محاضرة قالت دعوتها: إن عنوانها تطبيق العدالة الاقتصادية.

وكان أبرز ما قيل في المحاضرة التي شنَّ عدد من حاضريها هجومًا على حكومة روحاني والاتفاق النووي والوعود التي لم تتحقق، الحديث الناقد للحوزة، فالحوزة وفق توصيف أزغدي "أميَّة، يقولون: إن العلمانية متجذرة في الجامعات، العلمانية لها جذور في الحوزة... الفقه لا علاقة له بالحياة، والحياة لا علاقة لها بالفقه، ودروس الخارج في الحوزة تنشئ فقهًا علمانيًّا، بدلًا من التنظير في مجال الحكومة والتمدن الديني.. ينشئون فقهًا فرديًّا يختص بالطهارة والنجاسة، لكنهم لا يقدمون شيئًا فيما يتعلق بالاقتصاد والسياسة والبنوك والعلاقات الدولية.. العلمانية هي هذه"(33). يذكر أن المنظر الإصلاحي، سعيد حجاريان، سبق وأن تحدث في حلقة كيان الفكرة في فترة صعود الإصلاحيين، عن اتجاهات علمانية فيها. 

وتصاعد استنكار ما قيل في فيضية قم خاصة مع الشعارات التي طالت رئيس الجمهورية (الموت لروحاني) وجاء النقد واضحًا على لسان آية الله مكارم شيرازي الذي تساءل عن دور الحرس الثوري في السماح لمثل هذه الفعاليات التي ترفع شعارات تهدد رئيس الجمهورية المنتخب بالموت، وآية الله نوري همداني، الذي اعتبر اتهام الحوزة بالعلمانية جهلًا: "إنهم يحضرون متحدثين جاهلين بالحوزة"، وهو ما دفع الحرس الثوري إلى إصدار بيان يبرِّئ فيه منتسبيه ويؤكد أنه لا علاقة لهم بالشعارات واللافتات التي رُفعـت. ولم يوقف ذلك موجة الانتقادات داخل الحوزة حيث أصدر مجتمع مدرسي حوزة قم العلمية بيانًا وصف فعالية الفيضية بأنها "إجراءات غير لائقة، جاهلة، ومغرضة"(34).

جرى قراءة الخطبة على أنها تكشف بوضوح عن اتساع الشقة بين الحوزة والنظام، ورغم أنها قراءة لا تخلو من مبالغة، إلا ما تمثله شخصية أزغدي وموقعه داخل النظام الإيراني، تفتح المجال أمام الحديث عن مواقف فكرية لمرشد الثورة الإسلامية تحمل تقييمًا ناقدًا للدور السياسي للحوزة، وحاجتها إلى إيجاد تغييرات في داخلها؛ فقد سبق لخامنئي أن تحدث عن "الحوزة العلمانية": "الحوزة لا يمكنها أن تكون علمانية.. والقول بأنه لا علاقة لنا بعمل النظام ومسائل الحكومة هو علمانية"(35)، وسبق له أيضًا أن اقترح تغيير المناهج الدراسية في الحوزة وهو ما لاقى معارضة داخلها (36).

ومنذ نشوء الجمهورية الإسلامية وإلى اليوم، لم تكن المواقف والرؤى الفكرية والسياسية داخل حوزة قم العلمية على سوية واحدة، وهذا التباين هو المسؤول عن انقسامات حدثت بين تجمعات رجال الدين لتوجد مجتمع رجال الدين المقاتلين وجمعية رجال الدين المقاتلين.

ولعل العقد الثاني من عمر الجمهورية الإسلامية، قد شهد تفكيكًا واضحًا بين المرجعية والقيادة، أوجدته وفاة آية الله الخميني، حيث بدأ الحديث عن عدم كفاءة خطاب "الإسلام الفقاهتي". ورغم استمراره ظاهريًّا كحاكم في ساحة الخطاب، إلا أن حوزة قم لم تكن بعيدة عن الجدال الذي بدأ يأخذ حيزًا اجتماعيًّا وفكريًّا واسعًا بشأن عدد من القضايا، أهمها:

- الإدارة العلمية والإدارة الفقهية: أظهرت إدارة إيران وفق الإطار الفقهي عجزها، ووصلت إلى طريق مسدود، ولأن السياسة والاقتصاد والإدارة هي علوم، لابد من الاستفادة من محاسن هذه العلوم الجديدة، وإدارة إيران يجب أن تقوم على العلم وليس الفقه (37).

- الدين على نطاق واسع والدين على نطاق ضيق: ويتعلق هذا التحدي بمساحة الدين في الحياة الخاصة (38) للأفراد وكذلك دوره في المجال العام، وإدارة النظام الاجتماعي. وتقول وجهة النظر القائمة على مساحة للدين على نطاق واسع بأن البشر في جميع مجالات حياتهم الشخصية والاجتماعية، بدءًا من الطعام واللباس والنوم والحركة وصولًا إلى العمارة والسياسة وتشكيل الحكومة وتعيين الموظفين، وإدارة الدولة .. وغيرها، يجب أن تلتزم بالتعاليم الدينية وتخضع لأمرها. في حين ترى وجهة النظر القائلة بحد أدنى للدين في حياة الإنسان، بأن حياة الإنسان مقسمة إلى جزءين (الدنيا والآخرة)، وأن الأنسان يلجأ إلى الدين فيما يتعلق بأمور الآخرة، ويدير أموره الدنيوية بالطريقة التي يراها مناسبة.

- الإسلام والديمقراطية: شهدت هذه الفترة سعيًا فكريًّا من جانب المنضوين تحت عنوان التجديد الديني لتبين علاقة الإسلام بالديمقراطية، وكان من الواضح أن طروحاتهم تتعارض مع قراءة الفقه التقليدي للمسألة، وتصدى مراجع كبار في قم مثل آية الله مصباح يزدي، وآية الله جواد آملي لمهاجمة هذه التوجهات. 

- المجتمع المدني والدين: أوجدت التطورات السابقة حالة من التساؤل حول جميع التعاليم الدينية التي تعارض الحقوق الفردية وارتفعت الأصوات المطالبة بإعادة النظر جذريًّا في المعارف الدينية المتعلقة بالردَّة والرجم وأحكام الإرث والدِّية، والتعيين وتعارضه مع حق الانتخاب الحر، والمجال العام والخاص، وفرض الحجاب ونمط الحياة.

وطالت النقاشات ولاية الفقيه وتعيين الولي الفقيه، وهل الولي الفقيه خاضع للقانون أم هو فوق القانون، وطالت أيضًا الحكومة الدينية ودور الفقه (39).

وإن كان ما يمكن تسميته بـ"التدافع الفكري وتدافع الطروحات السياسية" داخل الحوزة ليس حديثًا، إلا أن ما يستحق التوقف عنده هو الجهة التي دعت أزغدي للحديث، ونقصد بها "تجمع الأساتذة"، الذي خرج من رحم الحوزة ناقدًا لأدائها، ويميل فريد مدرسي، وهو صحفي متخصص في شؤون الحوزة، إلى القول بوجود تحرك لصناعة "حصان طروادة"؛ في ثلاث خطوات: التجمع في داخل الحوزة، والتحدث ضد الحوزة من داخلها، وتحويل التجمع إلى تظاهرات، تشكل أرضية لمخططات مستقبلية للحوزة(40). في السنوات القليلة الماضية ، شُكِّل التجمع بالنسبة للبعض ليقدم نفسه كمقدم لـ"الحوزة الثورية"، لكن مدرسي يرى أن خلف هذا الشعار، مشروع يهدف إلى بناء "سلطة داخل الحوزة"(41). ولا يمكن النظر إلى "بناء وتعزيز السلطة داخل الحوزة" بمعزل عن مسألة خلافة خامنئي، فأي مرشد قادم لا يمكنه تثبيت شرعيته بدون دعم الحوزة والكبار فيها. والحوزة، وفق تعبير آية الله جوادي آملي، ليست لاعبًا ولا يمكن التلاعب بها، هي من المُحْكَمات وغيرها من المتشابهات، ولابد للمتشابهات أن تعود إلى المحكمات.

لكن "حصان طروادة" لم يؤد غرض المختبئين داخله على ما يبدو إذ إن أبرز المنتقدين لفعاليته المثيرة للجدل، هم من رجال الدين المدافعين عن "ثورية الحوزة" من أمثال شيرازي وهمداني، فضلًا عن مجتمع مدرسي حوزة قم العلمية، وهو تجمع أصولي، عقد مؤخرًا مؤتمرًا كبيرًا تحت عنوان: "دور الحوزة الثوري في بقاء الجمهورية الإسلامية"، ووجد الحرس الثوري أيضًا نفسه ملزمًا بإصدار بيان يرفض فيه إجراء ربط بين مؤسسة الحرس والتجمع وكذَّب وجود العلاقة، وأرسل وفدًا للاجتماع مع آية الله شيرازي على خلفية ذلك.

وسط هذا النقاش الدائر، تَبرز ثنائيات، واستقطابات، تميل التحليلات خارج إيران غالبًا وداخل إيران أحيانًا، إلى تصنيفها في باب معارضي ومؤيدي النظام؛ لكن فريد مدرسي في مدونة له على تليغرام يصفها بالفقاعات التي يراد استغلالها سياسيًّا من قبل تيارات وأفراد، والتي جرى تضخيمها بفعل غياب الاطلاع الدقيق ومعرفة شؤون الحوزة. وثنائية القطبية هذه تتخذ أسماء عدة: الحوزة الثورية/الحوزة غير الثورية، الحكومية/التقليدية. ويعلِّل مدرسي موقفه هذا بالقول: داخل الحوزة العلمية يوجد خط أحمر هو "الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، وحتى المنتقدون للنخبة الحاكمة وكذلك المنتقدون للنظرية الأيديولوجية للنظام لم يحدث أن تجاوزوا هذا الخط، وحتى في محافلهم الخاصة لا يسمحون بتخطيه.

لكن السؤال الذي لا يغفله مدرسي وهو ينكر هذه القطبية، يتعلق بخطاب آية الله خامنئي نفسه؛ إذ إنه كثيرًا ما استخدم تعبير "الحوزة الثورية"، ويرى مدرسي أن ذلك دليل على استحكام علاقة الحوزة والنظام وليس العكس، فمرشد الثورة يرى الحوزة بكليتها على أنها ثورية، وهو ما جعل من استمرارية الجمهورية الإسلامية خطًّا أحمر بالنسبة للحوزة، لكن بعض التيارات داخل الحكومة بسبب غياب المعرفة، وبعضها خارج إيران بسبب المواجهة مع الجمهورية الإسلامية، يميل إلى تقوية وتعزيز هذا التقسيم. وهذا من الممكن أن يطيل عمر الفقاعة لبعض الوقت لكن لا يمكنه إدامتها. 

وأيًّا يكن من شأن قراءة ما يحدث إلا أن دور الحوزة في بناء ملامح المرحلة القادمة أمر لا يمكن إنكاره بصورة تتعدى حدود اختيار الشخص الذي يحل محل خامنئي، كما أن القول بـ"علمانية الحوزة"، الذي يشكِّل في وجه من وجوهه توقع عودة سيادة النظرية السكونية(42) التي مثَّلها الفقه الشيعي التقليدي، يبدو أمرًا مستبعدًا وفق معطيات النقاش القائم في حوزة قم اليوم.

الحرس الثوري: وصفة المرشد المطلوبة 

تقف مجموعة من المحددات التي تحكم توجهات الحرس الثوري فيما يتعلق بخيار خليفة خامنئي، ويأتي في مقدمتها الأمن الداخلي لإيران، وهذا يعني أن الشخصية المطلوبة يجب أن تحظى بتوافق جماعي يشكِّل ضمانة استقرار تحول دون انزلاق إيران في فوضى الصراع السياسي.

ولكن هذا المحدد لا يعني تراجع أهمية محدد آخر، كان على الدوام نقطة شد وجذب بين الحرس والرؤساء الإيرانيين الذين تعاقبوا على كرسي رئاسة إيران، وهو المنافع الاقتصادية للحرس الثوري والمؤسسات الاقتصادية التابعة له، والتي تتوزع على قطاعات مختلفة أهمها النفط والصناعات البتروكيماوية والإنشاءات (43).

ويتحرك الحرس الثوري في المجال السياسي مستغلًّا نصًّا دستوريًّا أعطى له وظيفة الدفاع عن الثورة الإسلامية ومنجزاتها، وهو ما نجده في المادة 150 والتي تنص: تبقى قوات حرس الثورة الإسلامية، التي تأسست في الأيام الأولى لانتصار هذه الثورة، راسخة ثابتة من أجل أداء دورها في حراسة الثورة ومكاسبها. ويحدد القانون وظائف هذه القوات ونطاق مسؤوليتها بالمقارنة مع وظائف ومسؤوليات القوات المسلحة الأخرى مع التأكيد على التعاون والتنسيق الأخوي فيما بينها (44).

وبالعودة إلى النظام الأساسي (45) للحرس الثوري، يمكن قراءة ملامح الدور السياسي بصورة واضحة من خلال المهام التي وردت في الفصل الثاني، ومن أهمها: 

- مواجهة الجهات والتيارات التي تسعى إلى التخريب، والإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية، أو القيام بأعمال ضد الثورة الإسلامية في إيران.

- المواجهة القانونية للقوى التي تستخدم العنف بهدف نفي حاكمية قوانين الجمهورية الإسلامية. 

- التعاون مع قوات إنفاذ القانون، عند الضرورة، من أجل الحفاظ على النظام والأمن وحكم القانون في البلاد.

- تربية وتعليم أعضاء مؤسسة الحرس الثوري وفقًا للتعاليم والمبادئ الإسلامية والتبعية لمبادئ ولاية الفقيه في المجالات العقائدية والسياسة والعسكرية، وإكسابهم القدرات اللازمة للقيام بهذه المهام (46).

إن الحديث عن سيناريو انتقال السلطة من يد "رجال الدين" إلى "الحرس"، أو بمعنى آخر سيطرة الحرس على السلطة في إيران هو أمر مرتبط بصورة أساسية بفشل التوافق على اسم للمرشد القادم بصورة تُجنِّب إيران حدوث الصدام، وفي حالة حدوث ذلك سيتحرك الحرس للإمساك بزمام الأمور، وهو خيار المضطر بالنسبة لمؤسسة مثل الحرس الثوري، بفعل معطيات عدة، أهمها:

- لا توجد إشكالية حقيقية في علاقة الحرس مع رجال الدين، ولم يقف رجال الدين بصورة جذرية أمام سلطة الحرس، بل على العكس، حظيت المؤسسة بدعم واضح من رجال الدين، ولذلك فالحرس لا يبدو معنيًّا بمواجهة لا مبرر لها، خاصة مع النظر إلى إضفاء الشرعية على نشاط المؤسسة وقوتها بجهد لا يُنكَر من رجال الدين. 

- سبق للحرس الثوري أن اصطدم مع تيارات سياسية ورؤساء إيرانيين على غرار ما حدث مع محمد خاتمي والتيار الإصلاحي، وما حدث مع أحمدي نجاد خاصة في دورته الرئاسية الثانية، لكن لم يحدث أن اصطدم الحرس أو خالف مرشد الثورة الإسلامية الذي بادل الحرس الوفاء وقربهم وعزز من نفوذهم، ولذلك فإن وصفة نجاح المرشد القادم يجب أن تمر من خلال علاقة وطيدة مع الحرس.

- جاء إنشاء الحرس ومأسسته وتوسع نشاطه تحت مظلة ولاية الفقيه، بما تحمله من أبعاد سياسية وعقائدية واضحة، ولذلك فالحرس -وفق عقيدته- معني بالحفاظ على ولاية الفقيه ومؤسسة المرشد، ولكن وفي الوقت ذاته فإن اسم الخليفة يجب أن يأتي مقبولًا من قبل هذه المؤسسة.

من الانتقال السلس إلى الفوضى: سيناريوهات متعددة

1- انتقال سلس، وتعيين مرجع ديني معروف بوصفه مرشدًا أعلى، وذلك يعني استمرار "ولاية الفقيه" كنظرية حاكمة، إضافة إلى استمرار بناء السلطة وتقسيمها بين المؤسسات السياسية على شكله القديم. وقد يسهم آية الله خامنئي نفسه في اختيار خليفته. ويدعم هذا التوجه بصورة كبيرة التيار الأصولي اليوم الذي يُعدُّ وليدًا لتيار اليمين الإيراني، ويخالف بشدة القول بأولوية الجمهورية على الإسلامية، ويدافع عن دور كبير لرجال الدين في إدارة شؤون الدولة (47).

2- نهاية ولاية الفقيه: وصول "ولاية الفقيه" إلى خاتمتها، وإلغاء منصب "المرشد الأعلى"، وهذا السيناريو يعني خللًا كبيرًا سيصيب بناء السلطة في شكله الحالي، خاصة أن البديل عن ذلك سيكون "لجنة" مكوَّنة من عدد من رجال الدين المعروفين والمشهود لهم قد يصل عددهم إلى خمسة أشخاص. ويعزِّز من هذا الطرح أن فئات كثيرة داخل إيران اليوم تحمل موقفًا ناقدًا لولاية الفقيه، وبعض هذه الفئات ترى أنه منحصر بشخصية الإمام الخميني، وأنه منصب انتهى معه. ومع أن هذا السيناريو هو عينه ما تم طرحه بعد وفاة الخميني، إلا أن المؤسسات التي كانت تحكم إيران في ذلك الوقت أبدت قدرة كبيرة على الدفع بمرشد جديد، لكن ما يجب أخذه بعين الاعتبار، أن مؤيدي الولاية والمعتقدين بكفاءتها كنظام حكم هم الممسكون بزمام السلطة في إيران اليوم، ويوجدون -على وجه الخصوص- في مجلس الخبراء، ومجلس الشورى، والحرس الثوري، وحتى في التيار الإصلاحي.

3- تعديلات دستورية: تأخذ عددًا من الصلاحيات الواسعة للمرشد وتضيفها إلى الرئيس المنتخب، لكن هذا السيناريو سيخلق صدامًا مع المدافعين عن ولاية الفقيه المطلقة، وخاصة بين المراجع الدينية، كما أنه سيضع تساؤلات بخصوص مستقبل مجلس الخبراء ووظيفته، وقد يقود ذلك إلى إلغائه، ومن المؤيدين لهذا التوجه: تيار اليسار الإيراني، الذي بات يأخذ اليوم اسم التيار الإصلاحي، والبعض داخل التيار ينادي بـ"وكالة الفقيه" بدلًا من ولاية الفقيه، وبعض منظِّريه لا يؤمن أساسًا بولاية الفقيه، ويقدِّم الجمهورية على الإسلامية.

4- الدمج وانتخاب المرشد: وربما يتم إلغاء منصب الرئيس ودمجه مع منصب المرشد، ليتمَّ انتخاب شعبي، لكن انتخاب المرشد باقتراع شعبي يتصادم مع نصوص دستورية واضحة حول طريقة اختيار المرشد، كما يتصادم مع موقف رجال الدين القائلين بأنه قائم على التعيين.

5- فشل تعيين المرشد والفوضى: وهو السيناريو الذي قد ينتج عن الفشل في تعيين مرشد جديد، والسعي لإلغاء منصب المرشد، ومحاولة المعارضة استغلال خلوِّ المنصب للبدء بالاحتجاج، وإذا ما حدث ذلك -رغم أنه لا يمكن الحديث اليوم عن معارضة صلبة في إيران تسعى لتحقيق هذه الأهداف- فإن الحرس الثوري سيسارع للإمساك بزمام السلطة في إيران، وهو قادر على ذلك بفعل ما يتمتع به من نفوذ وفاعلية على الأرض، وهذا الخيار لا يفضِّله حتى المعارضون لولاية الفقيه.
تتنوع زوايا المشهد بين انتقال سلس للسلطة، وآخر يضع بقاء موقع المرشد وصلاحياته كما هي عليه الآن موضع الشك، وهناك من يقول بخلافات واسعة لن يتمكن الفرقاء من جسرها؛ مما يدفع الجهة الأقوى في إيران اليوم -وهي الحرس الثوري- إلى إحكام السيطرة على الأمور. ومن الملاحظ أن المرجعيات في قُمْ تتعدد توجهاتها ومواقفها تجاه هذه القضية، ومن رَحِم قُمْ نفسها تخرج أصوات تطالب بمراجعة شاملة لنظرية ولاية الفقيه، وطريقة اختيار الولي الفقيه. وإن كان دور رجال الدين قد تراجع في الحياة السياسية مقارنة بالعقد الأول من الثورة، وفي الموازاة تعاظم تأثير الحرس، إلا أنهم عماد مجلس الخبراء صاحب الكلمة الفصل على هذا الصعيد. يبدو سيناريو التوافق على مرشد جديد، هو الأرجح، فلا أحد رغم الصراع السياسي يريد أن تخرج الأمور عن السيطرة، لكن ذلك لا يعني بالضرورة الاستمرار بالشكل القديم ولا ينفي إمكانية تعديلات دستورية جديدة توجد مخارج لإشكالات عدَّة تصاحب قضية خلافة المرشد. وتقتضي طبيعة المصالح بين المتنافسين تجسير الخلافات والوصول للتوافق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*د. فاطمة الصمادي، باحث أول في مركز الجزيرة للدراسات متخصصة في الشأن الإيراني.

ABOUT THE AUTHOR

References

(1)  نسبة إلى من يعود بنسبة إلى آل البيت.

(2)  يستند هذا التحليل إلى مناقشات خاصة أجرتها الباحثة في طهران وقم في زيارة بحثية جرت في الفترة (15-25 ديسمبر/كانون الأول 2018).

(3)  الدستور الإيراني، المادة 150، انظر: دستور إيران الصادر عام 1979 شاملًا تعديلاته لغاية عام 1989، ترجمة المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات؛ تحديث مشروع الدساتير المقارنة:https://www.constituteproject.org/constitution/Iran_1989.pdf?lang=ar

(4)  الدستور الإيراني، المادة الثانية.

(5)  الدستور الإيراني، المادة الخامسة.

(6)  الدستور الإيراني، المادة 107.

(7)  الدستور الإيراني، المادة 110.

(8)  كريم سجادبور، في فهم الإمام الخامنئي: رؤية قائد الثورة الإسلامية الإيرانية، مؤسسة كارنيغي للسلام، 2008، تاريخ الدخول 10 مارس/آذار 2015:

(9)  رهبر انقلاب در ديدار اعضاي مجلس خبرگان: مجلس خبرگان بايد انقلابي بماند (قائد الثورة في لقائه بأعضاء مجلس الخبراء: المجلس يجب أن يبقى ثوريًّا)، وكالة فارس، 20/12/1394 ش (تاريخ الدخول: 20 يناير/كانون الثاني 2019): اضغط هنا

(10)  علي دارابي، "جريان شناسى سياسى در ايران" ("علم التيارات السياسية في إيران")، (تهران: سازمان انتشارات پژوهشکاه فرهنگ وانديشه اسلامي، الطبعة السابعة، 1389)، ص 122.

(11)  توفي محمد رضا مهدوي كني في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2014.

(12)  حجت مرتجي، "جناح‎ هاى سياسى در ايران امروز"("التيارات السياسية في إيران اليوم")، (تهران: ناشر نقش ونگار، چاپ اول، 1377)، ص 8.

(13)  صحيفة كار وكارگر ( العمل والعمال)، 21/5/ 1375 ص 4 نقلًا عن دارابي.

(14) "ويژه نامه روحانيت مبارز تهران"("عدد خاص لرجال الدين المقاتلين/ طهران بمناسبة الانتخابات البرلمانية الخامسة")، 24/1/1375، ص 32.

(15)  صحيفة "رسالت" ("الرسالة")، 27/1/1376، ص 5.

(16)   صحيفة "سلام"، 26/4/1376، ص 2.

(17)  صحيفة "رسالت" 27/12/1374، ص 2.

(18)  دورية "عصر ما" ("عصرنا")، العدد 30، 22/9/1374، ص 1.

(19)  مقابلة مع آية الله مهدوي كني، مجلة حوزه "فروردين وارديبهشت"، "خرداد وتير 1375"، شماره(العدد) 73 و74، (تاريخ الدخول:20 يناير/كانون الثاني 2019):http://www.hawzah.net/hawzah/Magazines/MagArt.aspx?MagazineNumberID=4530&id=32560

(20)  بيان لمجتمع رجال الدين المقاتلين/ طهران، 12/11/1374.

(21)  "شهرية صبح"، العدد 67، اسفند 1375، ص 6.

(22)    حسيني زاده، مرجع سابق، ص 398

(23)    المرجع السابق، ص 399

(24)  دورية "عصر ما"، العدد 66، 19/10/1375، ص 5.

(25)  "حوار مع محمد سلامتي، الأمين العام لمنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية"، دورية "عصر ما"، العدد 1، 27/7/1373، ص 3.

(26)  دارابي، "جريان شناسى سياسى در ايران"، مصدر سبق ذكره، ص 263.

(27)  في إجابة لآية الله بيات عن سؤال يتعلق بما إذا كانت ولاية الفقيه أصلًا من أصول الدين، وقد نشرت الإجابة على الموقع القديم لآية الله بيات زنجاني في 23/10/1388ش (تاريخ الدخول: 13 يناير/كانون الثاني 2010):http://bayatzanjani.net/fa/faq/question-1062.html

(28)  صحيفة "سلام"، 17/1/1376، ص 9.

(29)  محمد علي حسيني زاده، اسلام سياسى در ايران("الإسلام السياسي في إيران")، (تهران، انتشارات دانشگاه مفيد، 1386)ط 1،، ص 404

(30)  المرجع السابق، ص 405

(31) عماد آبشناس، التيار الثالث في إيران: الهوة بين الشباب وأجيال الثورة الأولى، مركز الجزيرة للدراسات، 22 يناير/كانون الثاني 2018، (تاريخ الدخول 30 يناير/كانون الثاني 2018):http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2018/01/180122062429347.html

(32)  حسيني زاده، مرجع سابق.

(33)  رحيم‌پور ازغدي در مدرسه فيضيه چه گفت؟ (ماذا قال رحيم بور أزغدي في فيضية)، وكالة أنباء ايسنا، 30 مرداد 1397(تاريخ الدخول: 8 يناير/كانون الثاني 2019): اضغط هنا

(34)  المصدر السابق.

(35)   «سکولاريسم در حوزه» و لزوم تغيير و تحول در حوزه هاي علميه از زبان رهبري("العلمانية في الحوزة" وضرورة التغيير في الحوزات بلسان القائد)، موقع رجاء نيوز، 29 مرداد 1397 (تاريخ الدخول: 7 يناير/كانون الثاني 2019): اضغط هنا 

(36)  «سکولاريسم در حوزه» و لزوم تغيير و تحول در حوزه هاي علميه از زبان رهبري("العلمانية في الحوزة" وضرورة التغيير في الحوزات بلسان القائد)، مرجع سابق

(37)  باقي، عماد الدين، گفتمان ديني معاصر (" الخطاب الديني المعاصر")، (تهران، نشر سرايى، 1382)، ط 1،ص 253

(38)    عبدالکريم سروش دين اقلي و اکثري ("الدين الأقل والأكثر") ، (تهران نشرية کيان العدد 41 السنة 1377)، ص 3-9

(39)  باقي، مصدر سابق.

(40)   فريد مدرسي، داستانِ زيرزمينِ فيضيه ( قصة قبو فيضية)، صحيفة إيران، 3 شهريور 1397، العدد 6859

(41)    مدرسي، المصدر السابق.

(42)   تتعلق هذه النظرية بموقف الفقه التقليدي في المذهب الشيعي، ومشاركة رجال الدين في قضايا الحكم، وتتعارض مع فكر الخميني المتعلق بولاية الفقيه والحكومة الدينية، وتقول بالفصل بين مسائل الدين والمسائل السياسية.

(43)  Ali Alfoneh, The Revolutionary Guards' Role in Iranian Politics,Middle East Quarterly,Fall 2008, pp.3-14

(44)  الدستور الإيراني، المادة 150، انظر: دستور إيران الصادر عام 1979 شاملًا تعديلاته لغاية عام 1989، ترجمة المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات؛ تحديث مشروع الدساتير المقارنة:https://www.constituteproject.org/constitution/Iran_1989.pdf?lang=ar

(45)    يتضمن النظام الأساسي لمؤسسة الحرس الثوري 49 مادة، و16 مذكرة وجرت المصادقة عليه من قبل مجلس الشورى وقت كان يرأسه هاشمي رفسنجاني، ومن قبل مجلس صيانة الدستور في 15 شهريور ماه 1361 شمسي، الموافق 4 سبتمبر/أيلول 1982.

(46)  اساسنامه سپاه پاسداران انقلاب اسلامي (النظام الأساسي لحرس الثورة الإسلامية)، مركز الأبحاث التابع لمجس الشورى الإسلامي، (تاريخ الدخول: 15 يناير/كانون الثاني 2019): http://rc.majlis.ir/fa/law/show/90595

(47)  الصمادي، فاطمة، "التيارات السياسية في إيران"، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط1، بيروت، ص340.