الخوارزميات وهندسة تفضيلات مستخدمي الإعلام الاجتماعي

تقدم الورقة ملخصًا لدراسة موسعة نُشرت في العدد الخامس من مجلة لباب، الصادرة عن مركز الجزيرة للدراسات، وتهتم بإشكالية الغموض السائد حول طبيعة عمل الخوارزميات وعلاقتها باختيارات الجمهور ووظائفها المختلفة داخل بيئات التواصل الرقمية.
هندسة تفضيلات مستخدمي منصات التواصل تبدو نتيجة حتمية لتزاوج تكنولوجيا الخوارزميات مع مصالح أصحاب الأعمال والنفوذ السياسي (الجزيرة)

أصبحت الخوارزميات أمرًا واقعًا في بيئات عمل البيانات الرقمية المتداولة عبر محركات البحث ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. وتدور تساؤلات كثيرة حول تأثير حركة هذه الخوارزميات عبر الأحجام الضخمة من البيانات التي ترتبط حيويًّا بمعلومات خاصة بالجمهور المستخدِم لتكنولوجيا الاتصال وبرامجها المختلفة. وتهتم هذه الدراسة بإشكالية الغموض السائد حول طبيعة عمل الخوارزميات وعلاقتها باختيارات الجمهور ووظائفها المختلفة داخل بيئات التواصل الرقمية. ويستهدف البحث تقديم إجابات على التساؤلات التالية:

- ما المقصود بمفهوم "هندسة الجمهور"؟ وما علاقته بالخوارزميات؟

- ما أهم وظائف الخوارزميات داخل بيئات الاتصال الرقمي؟

- ما حدود الدور الذي تلعبه ظاهرة "فقاعة الترشيح" في توجيه الرأي العام؟ وكيف يتأثر الرأي العام مع خاصية الأكثر تداولًا "الترند"؟

- ما أهم الإشكاليات الأخلاقية المرتبطة بعمل الخوارزميات؟ وهل هناك آفاق ممكنة لحلها؟

وتتمثَّل أهمية هذه الدراسة في توضيح حجم التدخل والسيطرة التي تمارسها الخوارزميات في بيئات التواصل الرقمية، ومن ثم يمكن للباحثين والدارسين المهتمين بقضايا الإعلام والاتصال بل والجمهور غير المتخصص تشكيل معرفة واقعية حول هذا الموضوع. وتُعَدُّ المعرفة بآليات عمل الخوارزميات وأدوارها الممكنة في تشكيل توجهات الجمهور ذات أهمية خاصة –كما ترى الدراسة- ليس فقط لفهم وتحليل الظاهرة، ولكن كذلك للنظر فيما يمكن القيام به عمليًّا للتخفيف من الآثار السلبية المترتبة على عملها ومحاولة تجنب الإشكاليات الأخلاقية التي ظهرت نتيجة الاعتماد عليها دون تطبيق فعَّال لإجراءات رقابية أو محاسبية تحفظ للجمهور حقوقه وتدعم القيم الإنسانية الأساسية.

ويعتمد هذا البحث منهجية التحليل الكيفي (Qualitative Analysis) للدراسات المهمة التي نُشرت في دوريات علمية محكَّمة خلال خمس سنوات من 2015-2019، وتم الوصول إليها باستخدام قواعد البيانات الرقمية التالية:

  • EBSCOhost’s Academic Search Premier
  • Gale Academic OneFile
  • Gale General OneFile
  • Google Scholar

ويبلغ عددها قرابة الخمسين دراسة بالإضافة إلى الاستعانة بمواد صحفية ذات صلة بالموضوع كتبها متخصصون في مؤسسات إعلامية عالمية، مثل: الجارديان (The Guardian) والبي بي سي (BBC) والإيكونوميست (Economist)، وأخرى نشرتها صحف عربية متنوعة. كما تشمل المصادر بعض الكتب التي تُؤَصِّل للمفاهيم النظرية الواردة في البحث إلى جانب بعض الرسائل العلمية الجامعية ذات الصلة بالموضوع. وقامت الباحثة باختيار الدراسات التي قدَّمت معلومات تفصيلية معمقة عن المحاور الرئيسية للدراسة، والتي تم التوصل إليها من خلال تطبيق مناهج كمية وكيفية ومسوح جمهور خلال الفترة الزمنية محل البحث. وبلغت نسبة المصادر التي تم الاعتماد عليها 90% للدراسات باللغة الإنجليزية و10% للدراسات باللغة العربية. وصنَّفت الباحثة محتوى الدراسات حسب فئات التحليل الرئيسية، والتي شملت: "فقاعة الترشيح"، و"وظائف الخوارزميات والمحتوى الرقمي"، و"هندسة الجمهور والخوارزميات"، و"الرأي العام وشبكات التواصل الاجتماعي"، و"الرأي العام وخاصية الأكثر تداولًا"، و"الخوارزميات والقيم الأخلاقية". ثم تناولت الباحثة المحتوى المصنَّف من خلال رؤية نقدية لفهم الأبعاد الحقيقية للظاهرة ومحاولة رسم صورة واضحة للتحديات التي تفرضها الخوارزميات وآليات عملها على محتوى شبكات التواصل وجمهورها بشكل عام واستنباط الآفاق الممكنة لتجاوز الإشكاليات التي تطرحها.

وخلصت الدراسة إلى أن هندسة تفضيلات مستخدمي منصات التواصل تبدو نتيجة حتمية لتزاوج تكنولوجيا الخوارزميات، وهي اللغة التي تستخدمها المنصات للتحكم في الأحجام الضخمة لمعلومات المستخدمين، مع مصالح أصحاب الأعمال والنفوذ السياسي بحيث تتحوَّل بياناتهم ومشاركاتهم إلى ميدان مفتوح للتسويق الاجتماعي والسياسي. ويبدو أيضًا أن خاصية الأكثر تداولًا ليس لها تأثير مباشر على توجيه الرأي العام إلا في حالة ما إذا كانت الحملات ذات توجه عام وتماس مع القيم المطلقة وبعيدًا عن المطالب الفئوية أو الاهتمامات الخاصة. وعلى الرغم من فقاعة الترشيح التي تصنعها الخوارزميات فلا يزال أمام المستخدِمين فرصة للاستفادة من نصائح المتخصصين في اجتياز آثارها والانطلاق نحو آفاق معرفية أكثر رحابة وإبداعًا.

للاطلاع على النص الكامل للدراسة (اضغط هنا) وللاطلاع على عدد المجلة كاملًا (اضغط هنا)

ABOUT THE AUTHOR