يبدو أن الانتخابات البرلمانية الإيرانية المقبلة في دورتها الحادية عشر ستكون واحدة من أكثر الانتخابات اختلافًا في تاريخ الجمهورية الإسلامية، إذ تأتي لاحقة ومصحوبة بتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية كبيرة، لعل أهمها:
- الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات وانتهاج سياسة الضغط الأقصى ضد إيران.
- تعثر تطبيق الاتفاق النووي وعجز الأوروبين عن تقديم ما من شأنه إنقاذ الاتفاق النووي.
- دخول الاقتصاد الإيراني في أزمة طاحنة مع حظر تصدير النفط.
- اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس ومهندس النفوذ الإيراني الخارجي.
- رد إيران باستهداف قاعدة عين الأسد الأميركية.
- موجات احتجاجية ذات طبيعة معيشية شملت مدنًا إيرانية عديدة.
وبمراجعة تاريخية تجريها الباحثة في هذه الورقة نجد أن الدورات العشرة الماضية، حملت كل واحدة منها خصائص عكست الأوضاع السياسية، وحالة التدافع والصراع السياسي الدائر بين مختلف التيارات السياسية على الساحة الإيرانية. وتكشف المراجعة أيضًا التغيير الذي أصاب معنى وطبيعة المشاركة في انتخابات مجلس الشورى في الجمهورية الإسلامية؛ إذ جاءت ضمن العناوين التالية:
انتخابات المجلس الأول: الانتخابات الأكثر حرية وتعددية واختلافًا.
انتخابات المجلس الثاني: أجواء الحرب مع العراق تلقي بظلالها على الطروحات السياسية.
انتخابات المجلس الثالث: الانقسام وصراع رجال الدين من اليمين واليسار بين (مجمع رجال الدين المقاومين) و(مجتمع رجال الدين المقاومين).
انتخابات المجلس الرابع: (الرقابة الاستصوابية) رقابة مجلس صيانة الدستور، وخلاف بشأن صلاحياته.
انتخابات المجلس الخامس: التعددية وانتشار الطروحات الفكرية الإصلاحية وموجة من الصحافة الناقدة.
انتخابات المجلس السادس: استمرار موجة الإصلاحات مع إخفاقات سياسية واقتصادية.
انتخابات المجلس السابع: 80 نائبًا إصلاحيًّا يعتصمون داخل المجلس، عام 2004، احتجاجًا على عدم تأييد صلاحيتهم.
انتخابات المجلس الثامن: السعي لتوحيد مؤسسات الحكم.
انتخابات المجلس التاسع: غياب المنافسة والتيار الإصلاحي يحجم عن المشاركة.
انتخابات المجلس العاشر: موجة من رد صلاحية مرشحي الحركة الإصلاحية وصعود تيار الاعتدال المتحالف معها بزعامة الرئيس الإيراني، حسن روحاني.
أما انتخابات المجلس الحادي عشر، وستُجرى يوم الجمعة، 21 فبراير/شباط 2020، وبالتزامن معها ستُجرى الانتخابات النصفية لمجلس خبراء القيادة، فتأتي متأثرة بتعثر الاتفاق النووي وضغط العقوبات وفشل وعود تيار الاعتدال وتصاعد التوتر مع الولايات المتحدة الأميركية عقب مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني. وسنقدم من خلال رحلة بحثية إلى إيران قراءة لاحقة في هذه الدورة من الانتخابات.
المجلس الأول: الانتخابات الأكثر حرية
يعتقد كثير من المحللين أن الانتخابات التي جرت في 14 مارس/آذار 1980 كانت الأكثر حرية منذ الثورة في إيران. فقد أُجريت انتخابات مجلس الشورى (وكان حينها يسمى "الوطني" وليس"الإسلامي") في العام نفسه الذي قال فيه غالبية كبيرة من الإيرانيين: "نعم" للجمهورية الإسلامية في أبريل/نيسان، وشاركوا في انتخابات مجلس الخبراء في شهر أغسطس/آب، وجرت المصادقة على دستور الجمهورية الإسلامية في ديسمبر/كانون الأول، وفي يناير/كانون الثاني من العام 1980، جرى انتخاب أول رئيس إيراني(1).
إن تعدد واختلاف المجموعات السياسية المشاركة في الانتخابات، فضلًا عن الحماس الثوري الذي عَمَّ المجتمع، جعل الانتخابات البرلمانية مختلفة تمامًا. كان المكون الحزبي والمجموعات المشاركة في الانتخابات متنوعًا ومتعددًا(2): من حزب الجمهورية الإسلامية، ومجتمع رجال الدين المقاتلين ومنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية، وحركة النساء المسلمات، واتحاد الجمعيات الإسلامية، إلى حركة حرية إيران، والجبهة الوطنية لإيران، وحزب توده (الشعب)، ومؤسسة فدائيي الشعب، ومنظمة مجاهدي خلق، وحركة المسلمين المقاتلة، وحتى مكتب التنسيق الشعبي مع رئيس الجمهورية (أبو الحسن بني صدر).
بلغ عدد الناخبين خلال فترة الانتخابات 20 مليونًا و857 ألف ناخب(3). من هذا العدد، أدلى 10 ملايين و576 ألف ناخب بأصواتهم، أو حوالي 52 في المئة من الناخبين المؤهلين. لكن نسبة المشاركة كانت أقل من نسبة المشاركة في الاستفتاء والانتخابات الرئاسية. من بين المحافظات الـ24 في إيران في ذلك الوقت، كانت نسبة مشاركة الإيرانيين في 10 محافظات تقل عن 50 في المئة.كانت أقل نسبة مشاركة في إقليم كردستان؛ حيث قلَّلت الاحتجاجات فيها ضد الحكومة من المشاركة إلى 22% يشار إلى أن أربع من المحافظات التي تقل مشاركتها عن 50% كانت من بين 10 محافظات هي الأعلى سكانًا في البلاد (أذربيجان الشرقية وأذربيجان الغربية وكرمان وجيلان)(4). كانت هذه الانتخابات هي الانتخابات البرلمانية الوحيدة التي لم تكن مراقبة من قبل "مجلس صيانة الدستور"، وكان تتم مراجعة أسماء المرشحين من قبل وزارة الداخلية.
وبدا أن آية الله الخميني متوجس من بعض المرشحين؛ إذ قال في رسالة عشية الانتخابات: "إن ما أخشاه هو الدعاية لأشخاص لا يؤمنون بالإسلام والجمهورية الإسلامية وأعمالهم وخطابهم على مدى سنة كاملة شاهدة على ذلك. والآن، من أجل الوصول إلى المجلس والتخريب وإيجاد الفوضى في المحيط المقدس لمجلس الشورى الإسلامي، يضعون أنفسهم في مصافِّ المسلمين ومؤيدي الإسلام، ويؤثِّرون في طبقة من الأمة وفي الشباب الأنقياء لتصب أصواتهم لصالح أشخاص يعملون لنفع الغرب والأجانب. هؤلاء لديهم معارضة جذرية للإسلام والجمهورية الإسلامية"(5).
ومن بين الأعضاء البارزين في المجلس الأول: فخر الدين حجازي وحسن حبيبي وعلي خامنئي وعلي أكبر معين فر ومحمد جواد حجتي كرماني ومهدي بازركان وحسن آيت ومحمد علي رجائي وعلي جلزاده غفوري ومصطفى جمران وأكبر هاشمي رفسنجاني وإبراهيم يزدي وعزت الله سحابي وأعظم طالقاني. وجميعها أسماء بارزة في الساحة السياسية الإيرانية، وكثير منهم تقلدوا أعلى المناصب في الجمهورية الإسلامية من رئاسة الوزراء إلى رئاسة الجمهورية والتصدي لمنصب القيادة(6).
وفي هذا المجلس، فشل مسعود رجوي، أبرز شخصية في مجاهدي خلق في طهران، في دخول البرلمان الأول. رأس المجلس في البداية الدكتور يد الله سحابي بوصفه الأكبر سنًّا، ثم في الجلسة الأولى جرى انتخاب هاشمي رفسنجاني لرئاسته وتم تغيير اسم المجلس من "مجلس الشورى الوطني" ليصبح اسمه "مجلس الشورى الإسلامي"، في يونيو/حزيران عام 1980. يوصف هذا المجلس بأنه امتاز بصفات لم تتكرر من حيث التنوع الحزبي والفكري وأنه جاء ممثلًا لمختلف التوجهات في المجتمع الإيراني، وأن المجالس التي أعقبته لم يكن أيٌّ منها بوزنه السياسي.
كان من أهم القضايا التي تعامل معها المجلس الأول:
- قضية الرهائن الأميركيين.
- بداية الحرب الإيرانية-العراقية.
- تفجيرات استهدفت مؤسسات الدولة وشخصيات من قيادات الصف الأول.
- عزل بني صدر من رئاسة الجمهورية وإعلان عدم جدارته للمنصب(7).
- المصادقة على النظام الأساسي لحرس الثورة الإسلامية ودمج مؤسسة التعبئة "بسيج" ضمن جسم الحرس الثوري(8).
انتخابات المجلس الثاني: ظروف الحرب الضاغطة
جرت انتخابات المجلس الثاني في أبريل/نيسان 1984، وجاءت محكومة بأجواء الحرب مع العراق، ومع موجة الصراع السياسي بين الحكومة والمعارضين السياسيين وهي الموجة التي غيرت بصورة كاملة محتوى هذه الانتخابات؛ إذ لم تشهد مشاركة الأحزاب والمنظمات السياسية المتنوعة على غرار الانتخابات الأولى. تعرضت الجبهة الوطنية الإيرانية للإقصاء واتُّهمت بالخيانة؛ وأُقصي أيضًا مجاهدو خلق بعد أن حملوا السلاح ضد النظام ونفَّذوا الكثير من الهجمات والتفجيرات، وجرى إخراج حزب توده من الساحة السياسية؛ وأعلنت الحرية والتشكيلات المرتبطة بها مقاطعة الانتخابات بحجة غياب الحرية وفقدان الشروط الديمقراطية المطلوبة(9).
ورغم هذه المعطيات التي اصطبغت باغتيال كثير من القيادات الإيرانية مثل آية الله مطهري وآية الله بهشتي ورئيس الجمهورية، محمد علي رجائي، وقيادات أخرى على يد مجاهدي خلق ومجموعات أخرى، وتصاعد التوتر مع الولايات المتحدة الأميركية وفرض عقوبات على إيران، إلا أن الانتخابات جرت في موعدها المقرر(10).
كانت الانتخابات منافسة بين الجماعات المختلفة التي تتبع خط آية الله الخميني(11)، ومن بين ما يقرب من 24 مليونا و143 ألف ناخب، شارك في الانتخابات 15 مليونًا و607 آلاف ناخب في هذه الانتخابات. ووصلت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات إلى 65%. ومن الملاحظ ارتفاع نسبة المشاركة في كردستان بثلاثة أضعاف ما جرى في الانتخابات السابقة، وارتفعت في سيستان وبلوشستان إلى الضعفين.
تعد هذه الانتخابات بداية التنافس بين القوى السياسية التي استقر بها الوضع داخل النظام، ومقدمة لتكوُّن رؤى وتفرعات بين اليسار واليمين(12)، وبروز توجهات أخذت بُعدًا أكثر وضوحًا في الانتخابات اللاحقة. غابت عن هذه الانتخابات شخصيات بارزة مثل مهدي بازركان ويد الله سحابي اللذين لم يتمكنا من دخول المجلس، وخامنئي الذي أصبح رئيسًا، ومصطفى جمران الذي قُتل في تفجير لمجاهدي خلق. لقد تكون المجلس الثاني من فاعلين سياسيين من المؤمنين بولاية الفقيه المطلقة. وتوزعت قائمة المرشحين بصورة أساسية على حزبين، هما: حزب الجمهورية الإسلامية، ومجتمع رجال الدين المقاومين، حيث ترشح في طهران وحدها 25 مرشحًا منهما.
من أبرز الشخصيات التي دخلت هذا المجلس: أکبر هاشمی رفسنجاني، الذي فاز بالمرتبة الأولى من حيث الأصوات في طهران وتصدى لرئاسة المجلس. وجاء مهدي کروبی، في المرتبة الثانية في طهران، وشغل محمد یزدي ومحمد مهدي رباني منصب نواب رئيس المجلس وكانوا من رجال الدين المعروفين.
بقي المجلس الثاني تحت تأثير كاريزما الخميني والظروف التي فرضتها الحرب وغياب مساحة المعارضين السياسيين. وترك الخلاف الذي نشأ بين رئيس الوزراء في ذلك الوقت، مير حسين موسوي، ورئيس الجمهورية، علي خامنئي، تأثيرًا واضحًا على المجلس.
انتخابات المجلس الثالث: صراع رجال الدين وانقسامات
جرت الانتخابات الثالثة لمجلس الشورى في أبريل/نيسان 1988. جاءت الانتخابات بعد أن حُلَّ حزبُ الجمهورية الإسلامية(13) وانشق مجمع رجال الدين المقاتلين عن مجتمع رجال الدين المقاتلين، وتحولت هذه الانتخابات إلى ساحة للتنافس بين مجموعات "اليسار" و"اليمين" في الجمهورية الإسلامية. في السنة التي سبقت الانتخابات، قام عدد من رجال الدين، من أبرزهم: مهدي كروبي، ومحمد موسوي خوئیني ها، ومحمد رضا توسلي، ومهدي إمام جماراني، بأخذ إذن من آية الله الخميني بوصفهم جناح اليسار وخط الإمام في مجتمع رجال الدين، لينشقوا عنه ويعلنوا تأسيس مجمع رجال الدين المقاتلين. في هذه الانتخابات، ومن بين 27 مليونًا و987 ألف ناخب أدلى 16 مليونًا و714 ناخبًا بأصواتهم، بنسبة وصلت إلى 60%. وانخفضت نسبة المشاركة في محافظة طهران إلى 43% بنسبة تراجع وصلت إلى 17% مقارنة بالانتخابات السابقة. وسجلت هذه الانتخابات نسبة مشاركة عالية في محافظات کهکیلویه وبویراحمد لتصل إلى 94% تقريبًا وفي محافظة إيلام التي لحقها الدمار بفعل الحرب إلى 86%. وغاب المعارضون والمنتقدون عن هذا المجلس.
وشهدت الانتخابات خلافًا بين وزارة الداخلية، التي كان وزيرها، على أكبر محتشمي بور، ذو التوجه اليساري، ومجلس صيانة الدستور ذي التوجه اليميني بخصوص إحصاء الأصوات، وتدخل الإمام الخميني ليحسم الخلاف لصالح اليسار وخط الإمام، وكان ذلك أبرز خلاف شهدته هذه الانتخابات. وكان من نتيجته استقالة لطف الله صافي غلبايغاني من مجلس صيانة الدستور بعد أن شغل منصب أمينه العام لمدة 8 سنوات. ويتحدث الراحل آية الله محمد رضا مهدوي کني، رئيس مجلس الخبراء السابق، عضو مجلس صيانة الدستور في ذلك الوقت، عن تطور مهم؛ إذ إنه -وللمرة الأولى- شارك في الرقابة على الانتخابات مكتب القائد (المرشد) بتدخل من أحمد الخميني الذي كان يتصدى لإدارة شؤون والده، آية الله الخميني، إلى جانب رقابة مجلس صيانة الدستور ووزارة الداخلية، ويعتقد مهدوي كني أن إجراء الانتخابات لم يتم بصورة سليمة(14).
وتشكَّل هذا المجلس بصورة أساسية من خط اليسار المؤيد للإمام، وبعد خروج هاشمي رفسنجاني منه بسبب انتخابه رئيسًا للجمهورية، انتقلت رئاسة المجلس إلى مهدي كروبي. وكان من أبرز شخصيات هذا المجلس من خط الإمام: فخر الدین حجازي، ونجفقلي حبیبي، وعبد الواحد موسوي لاري، وهادی غفاري، ومصطفی معین، وإبراهیم أصغر زاده.
وتشير بعض المصادر الإيرانية إلى أن حركة الحرية أبدت رغبة في المشاركة في هذه الانتخابات لكن آية الله الخميني أرسل رسالة تضمنت أمرًا بمنع مشاركتها، وقال في الرسالة المنسوبة له: إن الحركة غير جديرة في المشاركة بأي من شؤون الدولة أو السلطة التشريعية والقضائية(15).
انتخابات المجلس الرابع: الرقابة الاستصوابية (رقابة مجلس صيانة الدستور)
جاءت الانتخابات الرابعة متأثرة بالتحالفات السياسية والتغيرات التي شهدتها الحياة السياسية عقب رحيل آية الله الخميني، فقد تقلد خامنئي منصب القيادة بقرار من مجلس الخبراء، وخرج هاشمي رفسنجاني من رئاسة المجلس إلى منصب رئاسة الجمهورية. جرت هذه الانتخابات في أبريل/نيسان 1992 لتواكب مرحلة إعادة البناء التي قادها هاشمي رفسنجاني بعد الحرب.
مع بداية انتخابات مجلس الشورى الرابعة، جرى تفسير المادة الثالثة من قانون الانتخابات (المصادق عليها في العام 1983)، لتعزز من سلطة مجلس صيانة الدستور، وتتعلق هذه المادة برقابة المجلس على انتخابات المجالس وفق الصلاحيات المعطاة له في المادة 99 من الدستور، وأوضح التفسير بأن هذه الرقابة "عامة وفي جميع المراحل وفي جميع المسائل المتعلقة بالانتخاب"(16)، وأنها لازمة الإجراء من قبل مجلس الصيانة. وقاد هذا التفسير بشأن الرقابة إلى رفض تأييد صلاحية 80 مرشحًا من الطيف اليساري والذين كانون يشكِّلون 40% من نواب المجلس. شهدت هذه الانتخابات رفض ترشح قوى مقربة من مجمع رجال الدين المقاتلين، وهو ما أفرز مجلسًا متوافقًا مع جناح اليمين الحاكم ومجتمع رجال الدين المقاومين، والذي كان إلى ذلك التاريخ مؤيدًا لهاشمي رفسنجاني على خلاف اليسار الذي كان يهاجمه (فيما بعد حدث تحول في المواقف). دخل المجتمع الانتخابات بشعار نصه: "اتباع خط الإمام وإطاعة القائد وتأييد رفسنجاني". وأيدت المجموعات المقربة من المجتمع مثل: جمعية المؤتلفة، ومجتمع الوعاظ، ومجتمع المهندسين الإسلامي، ومجتمع زينب وغيرها، قائمة مرشحي المجتمع.
في هذه الانتخابات ومن بين 32 مليونًا و465 ألف ناخب يحق لهم الاقتراع شارك 18 مليونًا و767 ألف ناخب، ووصلت نسبة المشاركة إلى 58%(17). وجاءت في محافظات طهران وأصفهان بأقل من 50%.
وفي هذا المجلس، الذي كان متماشيًا مع مجتمع رجال الدين المقاتلين، فاز ناطق نوري برئاسة المجلس وكان حسن روحاني من بين نوابه. وكان من الأمور اللافتة في هذه الانتخابات أن أعلى الأصوات في العاصمة ذهبت لعلي أكبر موسوي الحسيني، وهو رجل دين كان يقدم برنامجًا تليفزيونيًّا حول الأخلاق والأسرة، وكان من قائمة مجتمع رجال الدين؛ إذ فاز بعدد من الأصوات يقارب المليون، في حين فشلت شخصيات محسوبة على اليسار وجرى تأييد صلاحيتها للانتخابات في الفوز، ومن أبرزها: مهدی کروبي، ومحمد موسوي خوئیني ها (الذي قاد الطلبة الذين اقتحموا السفارة الأميركية)، وعلي أکبر محتشمي پور، وعبد الواحد موسوي لاري، وسعید حجاریان (أبرز منظِّري التيار الإصلاحي)، وفاطمة کروبي (زوجة مهدي كروبي)، وعدد آخر.
وصف آية الله خامنئي هذا المجلس بالقول: "المجلس الرابع، مزج السياسة بالأخلاق بحمد الله، ولم يضع السياسة في مواجهة الأخلاق".
انتخابات المجلس الخامس: سعي لاستعادة التعددية
جرت الانتخابات الخامسة، في مارس/آذار 1996، بمشاركة أربعة أطياف سياسية، هي: ائتلاف خط الإمام، ومجتمع رجال الدين المقاتلين، وتجمع كوادر البناء (المحسوب على رفسنجاني)، وجمعية الدفاع عن قيم الثورة الإسلامية.
وتزامنت هذه الانتخابات مع بدء الخلاف بين الأصوليين التقليديين وهاشمي رفسنجاني الذي كان يشغل منصب رئيس الجمهورية ومعاونيه في المجموعة حديثة التأسيس من "كوادر البناء" وجرت في فضاء اجتماعي مختلف عن الانتخابات التي سبقت.
بلغ عدد الناخبين الذي يحق لهم التصويت في هذه الانتخابات 34 مليونًا و716 ألف ناخب، وتقول المصادر الرسمية: إن عدد من شاركوا في الانتخابات وصل 24 مليونًا و682 ناخبًا بنسبة مشاركة تجاوزت 71%(18). وهي النسبة الأعلى في انتخابات المجلس التي جرت في الجمهورية الإسلامية؛ حيث زادت نسبة المشاركة مقارنة بالانتخابات التي سبقتها بنسبة 14%. ولم تُسجِّل أي من محافظات إيران نسبة تصويت تقل عن 50%. وسجلت محافظات کهکیلویه وبویر أحمد أعلى نسبة مشاركة وصلت إلى 96%، وإیلام بنسبة 90%، وسمنان بنسبة 88%.
وتصدر قائمة الفائزين في العاصمة علي أکبر ناطق نوري، عضو المجلس المركزي لمجتمع رجال الدين المقاتلين، وفائزة هاشمي رفسنجاني، ابنة هاشمي رفسنجاني، وفاز نواب يمثلون أطيافًا مختلفة بعضوية هذا المجلس. فضلًا عن دخول شخصيات غير معروفة في الساحة السياسية ومن أحزاب صغيرة.
كانت تركيبة المجلس تتنوع لتشمل نوابًا من رجال الدين التابعين لليمين التقليدي، وشخصيات محسوبة على الأحزاب الأصولية وأخرى محسوبة على اليسار، وغيرها من كوادر البناء. وعلى الرغم من أن حسن روحاني كان من المقربين لهاشمي رفسنجاني، إلا أنه رجَّح أن ينأى بنفسه عن صراع الأجنحة فيما يتعلق برئاسة المجلس بين ناطق نوري وعبد الله نوري.
كان من اللافت في هذه الانتخابات تأييد ترشيح شخصيات من التيار المعروف بـ(التيار الوطني-المذهبي) وهو التيار المقرب من حركة الحرية، مثل: عزت الله سحابي، وغلام عباس توسلي، وأبو الفضل بازركان، لكنهم -وبسبب رفض ترشح عدد آخر من طيفهم- أعلنوا انسحابهم من المشاركة(19).
انتخابات المجلس السادس: استمرار الإصلاحات مع عثرات
جرت الانتخابات السادسة في رئاسة محمد خاتمي، في فبراير/شباط من العام 2000، ومن بين 38 مليونًا و726 ألف ناخب يحق لهم التصويت شارك 26 مليونًا و82 ألف ناخب في التصويت لتصل النسبة إلى (%67 تقريبًا). وتراجعت نسبة المشاركة 4% عن الانتخابات السابقة إلا أن جميع المحافظات باستثناء طهران، زادت مشاركتها عن 50%، وجاءت أيضًا محافظة کهکیلویه وبویر أحمد في المرتبة الأولى من حيث نسبة المشاركة (%96).
جرت هذه الانتخابات في فضاء ساده تأثير فوز الإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية السابعة، مع غلبة لخطاب الإصلاحات وفعالية غير مسبوقة من قبل الصحف الإصلاحية(20)، وفي مقطع زمني كان يتدافع فيه الإصلاحيون ومعارضوهم، وأعقبت حوادث هزت إيران مثل حوادث القتل المتسلسل التي طالت سياسيين ومثقفين إيرانيين، وكذلك احتجاجات جامعة طهران، وفازت قائمة الإصلاحيين في مختلف محافظات إيران.
رأس المجلس مهدي كروبي، وكان محمد رضا خاتمي وبهزاد نبوي نائبيْن له، وعُرف المجلس بأنه مجلس حكومة الإصلاحات. ولم يتمكن عبد الله نوري -بسبب وجود ملف قضائي يخص مطبوعات تابعة له- من دخول المجلس، لكن أخاه، علي رضا نوري، حصل على أعلى الأصوات إلى جانب شخصيات من حزب المشاركة، وحزب كوادر البناء ومنظمة مجاهدي الثورة. ولم ينجح الطيف الأصولي المتمثل في مجتمع رجال الدين والأحزاب المؤيدة له مثل المؤتلفة ومجتمع المهندسين في هذه الانتخابات.
ورغم أنه مجلس الإصلاحات، إلا أن الرقابة حالت دون ترشح شخصيات إصلاحية معروفة، مثل: هاشم آقاجري، وحمید رضا جلایي بور، وعباس عبدي، لكن تم تأييد صلاحية شخصيات محسوبة على الطيف (الوطني-المذهبي).
في هذه الانتخابات قام مجلس صيانة الدستور بإبطال نتائج عدد من الصناديق التي جرى استبدالها في بعض الدوائر، وفي طهران جرى إبطال 700 ألف صوت، ليدخل الأصولي، غلام حداد عادل، المجلس بدلًا من علي رضا رجائي(21). وفي آراك، أبطل مجلس صيانة الدستور 31 صندوقًا. وجرى خلاف حاد بشأن الانتخابات بين وزارة الداخلية ممثَّلة برئيس هيئة الانتخابات، مصطفى تاج زاده، ومجلس صيانة الدستور ممثَّلًا بأمين عام المجلس، أحمد جنتي، ووصل الخلاف إلى القضاء الذي حكم لصالح جنتي في الدعوة المرفوعة من قبله.
انتخابات المجلس السابع: اعتصام النواب
جرت الانتخابات السابقة في فبراير/شباط 2004، مع استقالة عشرات من نواب المجلس السادس المحسوبين على التيار الإصلاحي، الذي اعتصموا داخل المجلس احتجاجًا على قرار مجلس صيانة الدستور برفض ترشح أكثر من 360 شخصًا من بين 8150 تقدموا للترشح، وزادت نسبة رفض المرشحين بحدود 500% مقارنة بالمجلس السابق(22). في هذه الدورة، كانت السلطة التنفيذية بأيدي الإصلاحيين الذين اعترضوا من خلال وزرائهم ومسؤوليهم وحكامهم الإداريين بشدة على رقابة مجلس صيانة الدستور. ولم تقم الأحزاب الإصلاحية بتقديم مرشحين ووصل الاحتجاج إلى وزارة الداخلية التي تشرف على الانتخابات. وانسحب ما يقرب من ألف شخص من المحسوبين على التيار الإصلاحي من الانتخابات بعد المصادقة على ترشيحهم(23). وعلى الرغم من موجة المقاطعة هذه إلا أن أحزابًا وتجمعات سياسية من بين 18 هم أعضاء في تحالف الثاني من خرداد الإصلاحي، شاركت في الانتخابات تحت اسم (التحالف من أجل إيران) ومن أبرزها: حزب كوادر البناء وبيت العمال واتحاد المهندسين الإسلامي، وفازت بـ47 من مقاعد المجلس(24).
من بين ما يقرب من 46 مليونًا و351 ألف ناخب يحق لهم التصويت شارك 23 مليونًا و735 ألف ناخب، بنسبة مشاركة وصلت إلى 51%، وبتراجع بنسبة 16% عن الانتخابات التي سبقتها. وكانت هي النسبة الأقل في انتخابات المجلس التي جرت في إيران. وقد وصف مجلس صيانة الدستور في بيان له هذه الانتخابات بأنها: "الحماسة الأكبر والأجمل من قبل"، وسجلت محافظة طهران أقل نسبة مشاركة بحدود 37%، وتراجعت نسبة المشاركة في محافظات أخرى كثيرة، وبقيت کهکیلویه وبویر أحمد الأعلى من حيث نسبة المشاركة بواقع 89%.
في هذه الانتخابات، قدمت أحزاب أصولية تقليدية مثل مجتمع رجال الدين وحزب المؤتلفة الإسلامي، الدعم لتجمعات جديدة التأسيس، مثل: "ائتلاف معمري إيران الإسلامي"، التي فازت في الانتخابات ودعمت وصول أحمدي نجاد ليكون عمدة طهران.
أوجدت انتخابات المجلس السابعة أرضية لتغيير واسع في بنية السلطة السياسية، مع سعي لتوحيد مؤسسات الحكم من حيث التوجه السياسي، لتجاوز الفجوة التي حدثت خلال الفترة الإصلاحية. وشهد هذا المجلس تحول عدد من نوابه الأصوليين من دعم أحمدي نجاد إلى نقده بشدة ومهاجمته، ورأس المجلس حداد عادل من التيار الأصولي.
انتخابات المجلس الثامن: استمرار توحيد مؤسسات الحكم لتكون صوتًا واحدًا
جرت الانتخابات الثامنة في مارس/آذار 2008، في الفترة الرئاسية الأولى لأحمدي نجاد، في هذه الانتخابات استمر مجلس صيانة الدستور برفض ترشح الشخصيات الإصلاحية، وقبول ترشح عدد محدود منهم، وسادت أجواء من الاعتراض على رفض الترشيحات الإصلاحية على غرار الانتخابات التي سبقت، وأحجمت أحزاب مثل "حزب مشاركت" عن المشاركة في الانتخابات(25). وكان حضور التيار الإصلاحي في المجلس باهتًا مع غلبة الطيف الأصولي عليه. جرت انتخابات المجلس الثامن وسط أجواء محكومة برفض ترشح شخصيات إصلاحية، وحصر التنافس بين القوة المؤيدة لولاية الفقيه المطلقة والمجموعات المنضوية في التيار الأصولي، والتي فازت بـ198 مقعدًا بنسبة قاربت 70%(26).
ومن بين 43 مليونًا و824 ألف ناخب، شارك 22 مليونًا و350 ألف ناخب في هذه الانتخابات بنسبة مشاركة وصلت إلى 51% تقريبًا. وسجلت طهران أقل نسبة مشاركة (%30)، وكذلك أصفهان وكردستان ويزد وقم. وبقيت محافظة کهکیلویه وبویر أحمد هي الأعلى بنسبة مشاركة وصلت إلى 90%.
جاءت تركيبة المجلس مشابهة للمجلس السابق، مع تغيير بدخول شخصيات مثل علی لاریجانی الذي فاز برئاسة المجلس. وشهد المجلس أيضًا ظهور أصوات ناقدة بشدة لأداء أحمدي نجاد ونائبه، رحيم مشائي، مثل النائب علي مطهري وكذلك النائب أحمد توكلي، اللذين أوجدا صوتًا مختلفًا داخل المجلس المؤيد لولاية الفقيه المطلقة. مثَّلت هذه الانتخابات سعيًا واضحًا لتوحيد نواة السلطة من حيث التوجه لكن شيئًا فشيئًا كان المجلس يختلف مع السلطة التنفيذية خاصة في الفترة الرئاسية الثانية لأحمدي نجاد، وهو ما أوجد مواجهة بين النواب الأصوليين والطيف المؤيد لأحمدي نجاد، الأمر الذي أحدث فجوة جديدة في بنية السلطة في الجمهورية الإسلامية.
انتخابات المجلس التاسع: غياب المتنافسين الكبار
جرت انتخابات المجلس التاسعة، في مارس/آذار 2012، متأثرة بالأحداث التي وقعت بعد انتخابات رئاسة الجمهورية عام 2009، والاحتجاجات التي جرت عقب إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد.
بلغ تعداد من يحق لهم التصويت وفق سجلات وزارة الداخلية الإيرانية ما يزيد عن 48 مليونًا و288 ألف ناخب، صوَّت منهم 30 مليونًا و905 الآف ناخب بنسبة مشاركة وصلت إلى 64% وفق السجلات الرسمية، لكن روايات أخرى منها رواية حسين قاضيان الإصلاحي تعارض ذلك وتقول: إن النسبة هي في أحسن الحالات 54.6%.
في هذه الانتخابات، جرى رفض ترشح أكثر الشخصيات الإصلاحية التي برز اسمها في الاحتجاجات من قبل الهيئات التنفيذية المسؤولة عن الانتخابات، كما أن كثيرًا من الأحزاب أعلنت مقاطعتها الانتخابات على خلفية فرض الإقامة الجبرية على مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وصدور أحكام قضائية بالسجن ضد شخصيات إصلاحية، وأعلن حزب كوادر البناء المقرَّب من رفسنجاني، ومجمع مدرسي حوزة قم العلمية مقاطعة الانتخابات وعدم إعلان تأييدهم لأي مرشح. وكانت الاعتقالات قد حالت دون قدرة الإصلاحيين على تقديم مرشحين وأن يقرروا المشاركة. ولذلك جرت هذه الانتخابات في غياب رموز الحركة الإصلاحية، لكن مجموعة شابة وغير معروفة قررت المشاركة تحت اسم "الجبهة الشعبية للإصلاحات"؛ وذلك بالتحالف مع عدد قليل من الشخصيات الإصلاحية المعروفة في "جبهة حكم الشعب" بقيادة مصطفى كواكبيان وبيت العمال(27).
ولعبت مجريات العام 2009 دورًا في حدوث انقسام في التيار الأصولي أيضًا؛ حيث خرج تلاميذ مصباح يزدي وبعض أعضاء مجموعة عمار وعدد من وزراء حكومة أحمدي نجاد بشعار "العقلانية والروحية والعدالة.. حول محور الولاية" وكوَّنوا ما عُرف بـ"جبهة الثبات/پایداری"، مبتعدين عن "الجبهة المتحدة للأصوليين"، وقال رموز هذه الجبهة إن موقفهم من هذه الشخصيات جاء بسبب سكوتها في 2009 وعدم اتخاذها موقفًا واضحًا ضد ما أسمته بـ"الفتنة ورموزها"(28). قام محسن رضائي بتشكيل جبهة المقاومة الإسلامية، وأعلن علي مطهري وعدد من منتقدي أحمدي نجاد تأسيس جبهة "صوت الأمة"(29). أما مناصرو أحمدي نجاد -وبعد خلافهم مع الأصوليين- فقد أسسوا جبهة "التوحيد والعدالة". وجاءت النتائج لتضع أغلب مقاعد المجلس تحت تصرف الأصوليين كما في المجلس السابق(30).
انتخابات المجلس العاشر: صعود تيار الاعتدال
جرت انتخابات المجلس العاشر في فبراير/شباط 2016، وتزامنت مع إجراء انتخابات مجلس الخبراء، وجاءت في ظروف حكمها توقيع إيران على الاتفاق النووي مع مجموعة 5+1، ودخل موضوع الاتفاق في التنافس والاستقطاب السياسي بين مؤيد للاتفاق ومخالف له(31). في هذه الدورة سجل للترشح عدد غير مسبوق من المرشحين وصل إلى 12123 شخصًا من أجل التنافس على 290 مقعدًا، لكن مجلس صيانة الدستور صادق على ترشيح 42% منهم(32).
تركزت المنافسة في هذه الانتخابات بين ثلاثة أطياف، هي: معارضو حكومة روحاني وغالبيتهم من الأصوليين، والتحالف المؤيد للحكومة (الاعتدال+الإصلاحيون) والمستقلون. وغابت الشخصيات الإصلاحية الكبيرة عن هذه الانتخابات إما لأنها أحجمت عن المشاركة، وإما لأن مجلس صيانة الدستور لم يصادق على أهليتها. تقدم الطيف المؤيد للحكومة بقائمة (الأمل/ أميد) وقد تقدم في مدن كبرى بصورة واضحة كما أن قائمته في طهران، وبلغت 30 اسمًا، فازت جميعها، ولم تستطع شخصية أصولية معروفة مثل حداد عادل الفوز في طهران. ولكن على الرغم من فشل التيار الأصولي في طهران إلا أنه حقق تقدمًا في المحافظات.
وكان من الأمور اللافتة في هذا المجلس، زعم التيار الإصلاحي أن 90% من مرشحيه قد تم رفض ترشيحهم ثم عاد وقت إعلان النتائج ليقول إنه متقدم فيها، وقد ادَّعى كل طيف أنه حاز أغلب المقاعد، في تنازع واضح للفوز، لكن المؤكد أن أيًّا من الفريقين مع وجود عدد جيد من المستقلين لم يحرز التقدم بصورة كلية. وما زال كل طرف إلى اليوم يقدم رواية تنقضها رواية الآخر بخصوص عدد المقاعد التي حصل عليها(33).
واقتربت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات من 62%، وشارك فيها ما يزيد عن 33 مليونًا و956 ألف ناخب من بين ما يزيد عن 54 مليونًا و915 ألف ناخب يحق لهم التصويت. وبقيت محافظة کهکیلویه وبویر أحمد هي الأعلى بنسبة مشاركة وصلت إلى 80% وكذلك محافظة جلستان. وسجلت محافظة طهران نسبة مشاركة وصلت إلى 50%. وإلى اليوم، جاءت أعلى نسبة للمشاركة في محافظة طهران في المجلس الأول والثاني، وأقل نسبة مشاركة في السابع والثامن.
خلاصات عامة من الدورات السابقة
- في المجلس الأول، تعدد الأطياف الفكرية والسياسية المشاركة في الانتخابات وتنافست الأطياف ذات التوجه الإسلامي مع أخرى من توجهات فكرية يسارية وليبرالية، وتفوق التيار المقرب من مؤسس الجمهورية الإسلامية، آية الله الخميني.
- مع المجلس الثاني، كان الصراع السياسي يُحسَم لصالح القوى ذات التوجه الإسلامي على غيرها، وجرى إقصاء أحزاب يسارية وليبرالية من الساحة، وانتهجت حركة مجاهدي خلق مسارًا عنيفًا تجاه نظام الحكم عبر عمليات اغتيال وتفجيرات، وحُسمت المواجهة في النهاية لصالح النظام.
- من المجلس الثاني وحتى الخامس، كانت الانتخابات ساحة تنافس بين اليمين واليسار داخل الإطار الإسلامي، لتنشأ لاحقًا الحركة الإصلاحية والتيار الأصولي، وكانت الانتخابات في هذه الدورات مجالًا للانقسامات، التي عبَّرت عن نفسها لاحقًا بأشكال مختلفة.
- كانت الدورات الخمس الأولى من الناحية العمرية أكثر شبابًا من الدورات التي أعقبتها.
- رفضُ ترشح الإصلاحيين من قبل مجلس صيانة الدستور صفة رافقت الانتخابات من المجلس السادس وإلى اليوم.
- تعرض المجلس السادس بصورة أساسية إلى نقد بسبب أدائه خاصة على الصعيد الاقتصادي وانسحب ذلك على المجالس اللاحقة.
- ظهور الأصوات التي تطالب بمقاطعة الانتخابات مع تعاظم الدور الممنوح لمجلس صيانة الدستور.
- ارتفع متوسط عمر النواب في الدورات الخمس الأخيرة مقارنة بالخمس الأولى وفق ما يظهره الرسم البياني.
- سجل المجلس العاشر أعلى فوز للنساء طوال انتخابات المجلس حيث وصل عدد المقاعد التي فازت بها نساء 17 مقعدًا.
- تزايد أعداد النواب الذين يحملون درجة الدكتوراه في الدورات الخمس الأخيرة بصورة كبيرة مقارنة بالدورات الخمس الأولى.
- من الملاحظ تراجع وجود رجال الدين في المجلس في الدورات الخمس الأخيرة مقارنة بالخمس الأولى
ويمكن تفسير ذلك بـ: ميل الناس إلى انتخاب المتخصصين، وإحجام رجال الدين عن المنافسة، والتراجع النسبي في شعبية رجال الدين داخل المجتمع.
ماذا عن المجلس القادم؟
عاد النقاش بشأن صلاحيات مجلس صيانة الدستور فيما يتعلق بالمصادقة على أهلية المرشحين للانتخابات إلى واجهة الجدل مجددًا مع رفض ترشيح عدد كبير من الشخصيات المعروفة من بينها عدد كبير من نواب المجلس الحالي مثل علي مطهري ومحمود صادقي وفاطمة سعيدي، وهو ما دفع عددًا من الإصلاحين إلى توقع أن تتراجع نسبة المشاركة بصورة كبيرة وتصل إلى أدنى مستوى. وتقول هذه التوقعات بأن نسبة المشاركة ستتراوح بين 50-60%؛ وذلك يعتمد على إقبال الشباب على التصويت. وبناء على الأرقام المرسلة من مجلس صيانة الدستور إلى وزارة الداخلية المسؤولة عن تنفيذ الانتخابات، فقد تم تأييد صلاحية 7148 مرشحًا في جميع أنحاء إيران، من بين 16145 شخصًا تقدموا بطلبات الترشيح، أي بنسبة 56%. وقال المجلس العالي للتشريع التابع للتيار الإصلاحي: إن 90 من مرشحيه رُفِض ترشيحهم.
وقد انتقد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ما أسماه بانتخابات اللون الواحد وانتقد مجلس صيانة الدستور مرات عدة، ولكن انتقاد مجلس صيانة الدستور لقي رد فعل مباشر من قبل مرشد الثورة الإسلامية، آية الله علي خامنئي، الذي وجَّه نقدًا مقابلًا لروحاني دون أن يذكر اسمه، واعتبر خامنئي أن "مهاجمة مجلس صيانة الدستور من أقبح الأعمال"؛ إذ إن المجلس "يتشكل من ستة فقهاء عدول وستة قانونيين بارزين اختارهم مجلس الشورى الإسلامي". وذكَّر بأن مجلس صيانة الدستور "له منزلة في الدستور ومؤسسة يوثق بها". وأضاف خامنئي "ينبغي أن يحذر فلان، كاتب أو ناشط على الفضاء الافتراضي ونائب بالبرلمان وفلان مسؤول حكومي بارز"، من دون تسمية هذا المسؤول، وقال بصيغة لا تخلو من التحذير: "لا ينبغي أن نتصرف بطريقة ندعو الناس إلى المشاركة في الانتخابات، لكن في الوقت نفسه نتحدث بطريقة نحبطهم عن المشاركة فيها".
على الجبهة المقابلة للإصلاحيين، لا يبدو أن التيار الأصولي يسير بصفوف موحدة نحو الانتخابات، فما يخرج عن الأطياف المنضوية تحت مظلة هذا التيار يقول بانقسامات ليست هيِّنة، ولعل النقد الذي يُوجَّه لأدائهم هو تعدد القوائم، وهو ما يدفع إلى القول بأن الأصوليين وإذ خلت الساحة من منافسهم التقليدي (الإصلاحيين) فقد اندفعوا للتنافس فيما بينهم.
ويبدو التشتت سمةً تُرافق الأصوليين مع بداية الدعاية الانتخابية، فقد اشتبك التحالف الأصولي الذي يرأسه حداد عادل مع جبهة الثبات، وتبادلا الاتهامات ليقدم كل طرف لائحة منفصلة. وقرر عدد من المسؤولين خلال فترة الرئيس، أحمدي نجاد، تقديم لائحة منفصلة تحت اسم "ائتلاف الشعب".
ورغم الحديث الواسع عن غياب الإصلاحيين وتقديمهم لائحة موحدة إلا أن الصحف الإيرانية نشرت أن ثمانية تشكيلات سياسية تابعة للتيار الإصلاحي ستشارك في الانتخابات، من أبرزها أحزاب: "مردم سالاري/حكم الشعب)، وبيت العمال وحزب العمل الإسلامي، وحزب الوحدة وحزب التعاون الوطني وغيرها مقدمة قائمة من 30 شخصًا، فیما تحدثت أخرى عن قائمة باسم "رفقاء هاشمي" يتصدرها حزب كوادر البناء التابع لتيار هاشمي رفسنجاني. ومن أبرز الشخصيات الإصلاحية التي ستشارك في الانتخابات: مجيد أنصاري ومصطفى كواكبيان.
وأيًّا يكن من أمر القوائم الانتخابية: إصلاحية كانت أو أصولية؛ فإن المؤشرات تقول بأن المجتمع الإيراني يتحرك بعيدًا عن هذه الثنائية، ويتحدث عباس عبدي، وهو سياسي وكاتب إصلاحی، عن استطلاعات للرأي نُفِّذت مؤخرًا في طهران، ومن خلالها فإن 11% يعرِّفون أنفسهم بأنهم أصوليون و14% يعرِّفون أنفسهم بأنهم إصلاحيون فيما 75% من المستطلعة آراؤهم قالوا بأنهم لا يعرِّفون أنفسهم ضمن هذين التيارين. وقال 49% من الذين يعتبرون أنفسهم أصولييين إنهم سيشاركون في الانتخابات بصورة قطعية وجاءت النسبة فيما يتعلق بالإصلاحيين 23% فيما تراجعت النسبة في صفوف الفريق الثالث إلى 15% فقط.
(1) علي زارعي ويحيى فوزي، تحلیل بافت سیاسی، اجتماعی و تخصصی نماینذگان مجلس شورای اسلامی؛ ادوار اول تا پنجم "تحليل للنسيج السياسي والاجتماعي والتخصصي لنواب مجلس الشورى الإسلامي الدورات من الأولى إلى الخامسة"، دورية "جستارهاى سياسي معاصر"، العدد الرابع، شتاء 1395 ش، ص 99.
(2) وزارت ارشاد اسلامی، بررسی مستندی از مواضع گروهها در قبال انقلاب اسلامی تهران، "بحث توثيقي لمواقف المجموعات مقابل الثورة الإسلامية في طهران"، ط 1 (وزارت ارشاد اسلامی، 1361)، ص 26-27.
(3) علي أحمدي؛ انتخابات در ایران "الانتخابات في إيران"، ط 1 (تهران، میزان، 1389)، ص 98.
(4) هادي سجادي بور؛ مجلس شورای اسلامی دورهی چهارم"مجلس الشورى في دورته الرابعة"، ط 1 (تهران، مرکز اسناد انقلاب اسلامی، 1388)، ص 23-22.
(5) روح الله خميني، صحیفهی امام "صحيفة الإمام"، (تهران، موسسهی تنظیم و نشر آثار امام خمینی: 1378)، ط1، المجلد 12، ص 177-179.
(6) أكبر خوشزاد، مجلس شورای اسلامی دورهی اول، "مجلس الشورى الإسلامي في دورته الأولى"، ط 1 (تهران، مرکز اسناد انقلاب اسلامی، 1386)، ص76.
(7) محمد علی زندی، مجلس شورای اسلامی دوره ی اول(مجلس الشورى الإسلامي في دورته الأولى)، موقع كلية باقر العلوم، 24 آبان 1393(تاريخ الدخول: 13 فبراير/شباط 2020)، https://bit.ly/2HhHGyj
(8) يحيى فوزی؛ تحولات سیاسی- اجتماعی بعد از انقلاب اسلامی در ایران 1357- 1380 "التغييرات السياسية-الاجتماعية بعد الثورة الإسلامية في إيران 1357- 1380"، (تهران، نشر عروج، 1384)، ص 349- 350.
(9) هاشمي رفسنجاني، به سوى سرنوشت "نحو المصير"، مذكرات هاشمي رفسنجاني، (دفتر نشر معارف انقلاب: 1385 ش)، ص 36.
(10) عباس آقایی جیرهنده؛ ورضا بسطامی ؛ مجلس شورای اسلامی دورهی دوم، "مجلس الشورى الإسلامي في دورته الثانية"، ط 1 (تهران، مرکز اسناد انقلاب اسلامی، 1387)، ص 41.
(11) المرجع السابق، ص 76.
(12) يحيى فوزي، تحولات سياسي، مرجع سابق، ص 106.
(13) علي زارعي ويحيى فوزي، تحلیل بافت سیاسی، مرجع سابق، ص 105.
(14) مرتضى كاظميان، بازخوانی هشت دوره انتخابات مجلس در جمهوری اسلامی"إعادة قراءة لثماني دورات لمجلس الشورى الإسلامي"، بي بي سي فارسي، 23 ديسمبر/كانون الأول 2011، (تاريخ الدخول: 13 فبراير/شباط 2020)، https://bbc.in/2SE8RsF
(15) علي زارعي ويحيى فوزي، تحلیل بافت سیاسی، مرجع سابق، ص 106.
(16) حميد رضا ظريفي نيا، كالبدشكافي جناح سياسى در ايران 1357 تا 1378 "تشريح للأجنحة السياسية في إيران 1357- 1378 ش" (تهران، انتسارات ازادى انديشه، 1378)، ص 120.
(17) محمد رحيم عيوضي، مشاركت سياسى در جمهورى اسلامى ايران "المشاركة السياسية في الجمهورية الإسلامية"، (تهران، مركز اسناد انقلاب إسلامي، 1385 ش)، ص 140.
(18) عيوضي، مشاركت سياسى در جمهورى اسلامى ايران، مرجع سابق، ص 141.
(19) أمير عظيمي دولت آبادي، منازعات سياسي نخبگان وثبات سیاسی در جمهوری اسلامی ایران، النزاع السياسي للنخبة والاستقرار السياسي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ط 1 (تهران، مركز اسناد انقلاب إسلامي، 1387)، ص 113.
(20) يحيى فوزي وعلي زارعي، تحلیل بافت سیاسی، اجتماعی و تخصصی نماینذگان مجلس شورای اسلامی؛ ادوار ششم تا دهم، "تحليل للنسيج السياسي والاجتماعي والتخصصي لنواب مجلس الشورى الإسلامي، الدورات من السادسة إلى العاشرة"، دورية "جستارهاى سياسي معاصر"، العدد الرابع، شتاء 1396، ص 86.
(21) يحيى فوزي وعلي زارعي، المرجع السابق، ص 87.
(22) منوجهر نظري، رجال ومقامات نظام تقنيني جمهورى اسلامى ايران "رجال ومقامات النظام التشريعي للجمهورية الإسلامية الإيرانية"، (مجلس شوارى نگهبان"مجلس صيانة الدستور"، 1359- 1395)، (تهران، موزه ومركز اسناد مجلس شوارى اسلامي، 1395)، ص 214.
(23) يحيى فوزي وعلي زارعي، مرجع سابق، ص 89.
(24) المرجع السابق، ص 89.
(25) نظري، رجال ومقامات نظام تقنيني جمهورى اسلامى ايران، مرجع سابق، ص 248.
(26) فوزي وزارعي، مرجع سابق، ص 91.
(27) غلامرضا خواجه سروري، ومحمد محسن شارعي، تاريخ تحولات سياسي مجلس شوارى إسلامي "تاريخ التغيرات السياسية لمجلس الشورى الإسلامي"، (تهران: انتشارات سرو انديشه، 1394 ش)، ص 275-277.
(28) فوزي وزارعي، مرجع سابق، ص 922.
(29) غلام رضا خواجه سروري، ومحسن شارعي، مرجع سابق، ص 268-274.
(30) المرجع السابق، ص 90.
(31) نظري، رجال ومقامات نظام تقنيني جمهورى اسلامى ايران، مرجع سابق، ص 318.
(32) فوزي وزارعي، مرجع سابق، ص 93.
(33) المرجع السابق، ص 93.