الأطر الإخبارية لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في الصحافة البريطانية

تُقدِّم الورقة ملخصًا لدراسة موسعة نُشرت في العدد الثالث عشر من مجلة لباب، الصادرة عن مركز الجزيرة للدراسات. وتهدف الدراسة إلى التعرف على أطر المعالجة الإخبارية لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في الصحافة البريطانية، باستخدام تحليل المضمون وتحليل الأطر على عينة تمثَّلت في صحف: "ديلي تلغراف"، و"الغارديان"، و"فايننشال تايمز".
اختلفت الصحف البريطانية في تغطيتها لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بسبب اختلافاتها الأيديولوجية وتوجهاتها السياسية (غيتي)

أثار قرار المملكة المتحدة بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي بعد 47 عامًا من عضويتها فيه، جدلًا وانقسامًا في صفوف البريطانيين بين مؤيدين ومعارضين لهذا الانسحاب، الذي بدأ رسميًّا في الأول من فبراير/شباط 2020 بعد ثلاثة أعوام ونصف من تصويت البريطانيين، الذي بلغ 52% لصالح الانسحاب من الاتحاد مقابل معارضة 48%، في استفتاء أجري عام 2016، وعارضه عدد كبير من النواب المحافظين ونواب الحزب الاتحادي الديمقراطي بسبب الترتيبات التي يتضمنها الاتفاق حول الحدود بين الجمهورية الإيرلندية ومقاطعة إيرلندا الشمالية، ذلك أن منح إيرلندا الشمالية وضعًا مختلفًا يهدد كيان المملكة المتحدة خوفًا من ديمومة هذه الإجراءات. أما مؤيدو الانسحاب فيؤمنون بأن له إيجابيات أهمها الحد من السماح للمهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي بدخول البلاد، والذي شكَّل عبئًا ماليًّا كبيرًا على ميزانية الدولة، يمكن الاستفادة منه في مجالي الصحة والتعليم، إضافة إلى الحد من حركة المواطنين من دول الاتحاد، وبالتالي يحد من الهجمات الإرهابية داخل المملكة المتحدة.

وفي ضوء ذلك، جاءت هذه الدراسة للتعرف على الأطر الإخبارية في الصحف البريطانية التي تناولت قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وتحديد اتجاهاتها المختلفة عبر الإجابة عن التساؤلات الآتية:

  1. ما أكثر الصحف البريطانية تغطية لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي؟
  2. ما المواضيع التي طرحتها الصحف البريطانية عينة الدراسة حول قضية الانسحاب؟
  3. ما اتجاهات الصحف البريطانية عينة الدراسة في تغطية القضية؟
  4. ما الأساليب المستخدمة في تغطية قضية الانسحاب؟
  5. ما الأنماط الصحفية التي تم استخدامها في تغطية القضية؟
  6. ما شكل العبارات المستخدمة في تغطية قضية الانسحاب؟
  7. ما الكلمات الأكثر بروزًا في تغطية الصحف البريطانية لقضية الانسحاب؟
  8. ما الشخصيات المحورية التي ركزت عليها هذه الصحف في تغطية القضية؟
  9. ما الأطر الرئيسية المستخدمة في معالجة الصحف لهذه القضية؟

وتُعد الدراسة من البحوث الأولى التي تناولت تغطية الصحف البريطانية ذات التوجهات المختلفة لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي ستكون مرجعًا للدراسات المستقبلية حول هذا الموضوع.

والهدف الرئيسي من هذه الدراسة هو التعرف على أطر المعالجة الصحفية البريطانية لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وكذلك تحديد:

  1. الموضوعات التي تناولتها عينة الدراسة حول قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
  2. الأنماط الصحفية المستخدمة في تغطية قضية الانسحاب.
  3. اتجاهات عينة الدراسة في تغطية القضية.
  4. الأطر الرئيسية المستخدمة في صحف الدراسة حول قضية الانسحاب.

وتندرج الدراسة في إطار البحوث الوصفية التي تُعرَّف بأنها الطرق التي يتمكن الباحثون من خلالها من وصف الظواهر العلمية والظروف المحيطة بها في بيئتها والمجال العلمي الذي تنتمي إليه، وتحدد العلاقة بينها وبين الظواهر الأخرى المؤثرة فيها والمتأثرة بها، كما تحدد شكل العلاقة بين متغيراتها باستخدام أساليب وأدوات البحث العلمي التي تلائم الأهداف التي يسعى الباحثون إلى تحقيقها من وراء استخدام هذه البحوث. وفي ضوء هذا النوع من الدراسات، تم استخدام منهج المسح ضمن الدراسات الوصفية التي تعتمد على دراسة الظاهرة كما هي في الواقع، والمرتكزة على المسح الميداني للحصول على مصادرها الرئيسية، بهدف وصف وتوثيق الأوضاع الراهنة للتعرف على التغطية الصحفية البريطانية لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، حيث يُعرَّف منهج المسح بأنه "التجميع المنظم للمعلومات من المستقصى منهم بهدف فهم و/أو التنبؤ بسلوك المجتمع محل الدراسة".

خرجت الدراسة بعدد من النتائج بناءً على تساؤلات الدراسة:

أولًا: نتائج الدراسة التحليلية الكمية

  1. تباين تغطية الصحف البريطانية عينة الدراسة لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، حيث جاءت صحيفة "ديلي تلغراف" كأكثر الصحف تغطية لهذه القضية؛ إذ قامت بتغطية 59 موضوعًا خلال فترة الدراسة، ثم جاءت صحيفة "الغارديان" في المرتبة الثانية بتغطية 56 موضوعًا، بينما جاءت صحيفة "فايننشال تايمز" في المرتبة الأخيرة، إذ لم يتجاوز عدد المواضيع التي غطتها حول القضية 18 موضوعًا.
  2. تبيَّن أن أهم المواضيع التي ركزت عليها عينة الدراسة حول قضية الانسحاب، كان موضوع المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بشأن الانسحاب من عضويته، وهو ما اهتمت بتغطيته بشكل متقارب صحيفتا "ديلي تلغراف" و"الغادريان"، بينما لم تهتم صحيفة "فايننشال تايمز" بتغطية هذا الموضوع إلا بنسبة متدنية، وركزت بشكل كبير على تغطية موضوع الآثار الاقتصادية للانسحاب، في حين لم تهتم صحيفتا "ديلي تلغراف" و"الغارديان" كثيرا بهذا الموضوع وجاءت تغطيتهما له بنسب متدنية.
  3. اختلفت اتجاهات تغطية عينة الدراسة لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، حيث تبيَّن أن اتجاه تأييد الانسحاب كان لصحيفة "ديلي تلغراف" في المرتبة الأولى، بينما جاء تأييد صحيفة "فايننشال تايمز" متوسطًا. أما صحيفة "الغارديان" فقد جاء التأييد فيها بنسبة متدنية، حيث كان توجهها المعارض للانسحاب واضحا، في حين لم تقم صحيفة "فايننشال تايمز" بتغطية قضية الانسحاب بشكل محايد نظرًا لاختلاف توجهات الصحف السياسية.
  4. كانت الأساليب التحليلية من أكثر الأساليب استخدامًا في عينة الدراسة، وجاءت لصالح صحيفة "الغارديان" التي استخدمته بشكل كامل، وتلتها صحيفة "فايننشال تايمز" في المرتبة الثانية، بينما جاءت صحيفة "ديلي تلغراف" في المرتبة الأخيرة. ويدل ارتفاع نسبة استخدام هذا الأسلوب على الاهتمام بعرض القضية وشرحها لتحقيق النهايات والنتائج. من جهة أخرى، لم تستخدم الصحف عينة الدراسة الأساليب الحوارية باستثناء تغطية واحدة لصحيفة "ديلي تلغراف"، التي استخدمت أيضًا أسلوب إملاء الآراء والاتجاهات، تلتها صحيفة "فايننشال تايمز"، أما صحيفة "الغارديان" فلم تستخدم نهائيًّا هذا الأسلوب في تغطيتها لقضية الانسحاب.
  5. غلب استخدام التقارير الإخبارية على تغطية قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وجاءت الأخبار في المرتبة الثانية بنسب متدنية، بينما أهملت الصحف عينة الدراسة استخدام التحقيقات أو المقالات أو الروبورتاجات كأحد الأنماط الإعلامية المهمة التي يجب استخدامها في تغطية هذه القضية، باستثناء صحيفة "ديلي تلغراف" التي استخدمت المقال مرة واحدة فقط خلال فترة الدراسة.
  6. استخدمت صحيفتا "ديلي تلغراف" و"الغارديان" عبارات الحقائق المؤكدة بشكل واضح كأحد أنواع العبارات التي تستخدم لتأكيد القضية من خلال بنائها اللغوي، في حين لم تستخدم صحيفة "فايننشال تايمز" هذا النوع من العبارات في أي مادة صحفية أثناء تغطية قضية الانسحاب.

ثانيًا: نتائج الدراسة التحليلية الكيفية

كشفت نتائج الدراسة التحليلية الكيفية أن الصحف البريطانية عينة الدراسة اختلفت في تغطيتها لقضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بسبب اختلافاتها الأيديولوجية وتوجهاتها السياسية، إذ تباينت في طريقة معالجة الأطر الرئيسية التي تناولتها في التغطية. وتبين ما يأتي:

  1. ركزت "الغارديان" على كل من الإطار السياسي والإطار القانوني والإطار الاقتصادي، لأن توجهات هذه الصحيفة اليسارية الليبرالية هي بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي.
  2. اهتمت صحيفة "فايننشال تايمز" بكل من الإطار الاقتصادي والإطار السياسي، لأنها ذات توجه سياسي محايد حول قضية الانسحاب.
  3. ركزت "ديلي تلغراف" على كل من الإطار السياسي والإطار القانوني والإطار الاقتصادي، لأن توجهاتها السياسية المحافظة كانت مع الانسحاب من الاتحاد.

نشرت هذه الدراسة في العدد الثالث عشر من مجلة لباب، للاطلاع على العدد كاملًا (اضغط هنا)

ABOUT THE AUTHOR