دور الصحافة القطرية في تغطية انتخابات مجلس الشورى (أكتوبر/تشرين الأول 2021): دراسة تحليلية لعينة من صحيفتي "الراية" و"الشرق"

تهدف الدراسة إلى تحليل دور الصحافة القطرية في تغطية انتخابات مجلس الشورى، التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2021، من حيث مضمون الرسائل الإعلامية المختلفة وكيفية تغطيتها لتلك الانتخابات. كما تسعى إلى تحليل التغطية الإخبارية للانتخابات عبر مؤشرات كمية وكيفية تسهم في تحديد أبعاد مشكلة الدراسة وتوافر البيانات الكافية للإجابة عن تساؤلاتها. وسلَّطت الضوء على مميزات سياسة الاتصال المناسبة في تغطية الانتخابات أثناء الحملات الانتخابية وتلك المتعلقة بالرأي العام في قطر.
عرضت الصحف الآراء وردود الأفعال المنتقدة لبعض الإجراءات الانتخابية ما يشير إلى حيوية في التفاعل مع هذه الإجراءات (الأناضول)

تمثِّل انتخابات مجلس الشورى القطري، التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2021، تحولًا سياسيًّا وتشريعيًّا مؤثرًا في المشهد الإعلامي، فهي أول انتخابات لمجلس الشورى في تاريخ البلاد؛ ما يستدعي دراسة وتحليل نتائجها وكيفية توظيف الصحافة القطرية للتأثير في الرأي العام ومدى اعتماد المرشحين عليها في الترويج لبرامجهم الانتخابية في ظل النمو المتسارع لصحافة الإنترنت والوسائط الإعلامية التفاعلية.

وتهدف الدراسة إلى تحليل دور الصحافة القطرية الوطنية في تغطية انتخابات مجلس الشورى من حيث مضامين الرسائل الإعلامية المختلفة، والطريقة التي غطت بها ذلك الحدث عبر مجموعة من الفئات التي تشمل نوع الموضوعات والقضايا، والمساحات المخصصة للانتخابات، والمصادر الصحفية، والقوالب الصحفية، وموقع المادة الصحفية، وعناصر الإبراز التي استُخدمت لإظهار المادة الصحفية للانتخابات. إن من أهم السمات التي تميز هذه الدراسة هو السياق الجديد الذي يرتبط بتغطية انتخابات غير مسبوقة، شهدت تفاعلًا إعلاميًّا، كما تكمن أهميتها في محاولة تحديد ملامح السياسة الاتصالية المناسبة في تغطيات الانتخابات في بيئة الحملات الانتخابية وعلاقتها بالرأي العام في قطر.

1. الإطار المنهجي والنظري للدراسة

أ- إشكالية الدراسة وتساؤلاتها

يُعد صندوق الاقتراع أحد الوسائل التي تعبِّر الشعوب من خلالها عن إرادتها، فمن خلال التصويت يختار الناس من يمثِّلهم، ويحمل قضاياهم، وآمالهم وتطلعاتهم، ويطمئنهم على مستقبل بلدهم ومستقبل الأجيال. وتحظى الانتخابات بأهمية كبرى، باعتبارها مصدر قوة الجمهور الذي مصيره بيده عبر انتخاب ممثليه. ولا ينفصل دور الإعلام عن مجمل العملية الانتخابية؛ إذ يحتاج الجمهور إلى التعرف على كل ما يتعلق بالعملية الانتخابية: فمن جانب يحتاج الجمهور إلى التعرف على آليات الانتخاب والترشح، والإجراءات المصاحبة لذلك من مواعيد مهمة، وأماكن، وشروط وغيرها، ومن جانب آخر -وهو الأهم- يحتاج إلى التعرف على المرشحين وبرامجهم، مما يساعدهم على اتخاذ قرارهم بشأن من ينتخبون. 

وتمثِّل انتخابات مجلس الشورى القطري، التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أول انتخابات تشريعية في تاريخ البلاد، وقد عُدَّت تلك الانتخابات خطوة مهمة تعبِّر عن توجهات قطر الحديثة لإيجاد آليات للتمثيل الشعبي في المؤسسة. لذا، لا توجد أدبيات في الموضوع نظرًا لحداثة التجربة القطرية في الانتخابات، وهذا ما يشكِّل تحديًا معرفيًّا عن دور الصحافة القطرية في تغطية انتخابات مجلس الشورى وفهم طبيعة وظائفها في الترويج لبرامج مرشحي انتخابات مجلس الشورى، وكشف المحتوى المقدم في الحملات الانتخابية، وهو ما تسعى الدراسة إلى فهمه وتقديم تحليل مفصل حوله من فهم الكيفية التي غطَّت بها الصحافة القطرية كل جوانب الموضوع، من حيث التنوع في الموضوعات المتعلقة بالانتخابات، والمساحة التي أفردتها لها، والفنون الصحفية المستخدمة في التغطية، وموقع المادة الصحفية وعناصر الإبراز بمختلف أنواعها، والمساحات المخصصة للحملات الانتخابية. كما يحاول البحث فهم لجوء المرشحين المتنافسين إلى الصحافة دون غيرها أو العكس. وفي ضوء ذلك، تحاول الدراسة الإجابة عن الحقل الاستفهامي الآتي:

1. كيف عالجت عيِّنة الدراسة أول انتخابات لمجلس الشورى في تاريخ البلاد، منذ الإعلان عن تنظيمها بمرسوم أميري، وإلى ما بعد إعلان النتائج؟

2. ما مستوى اهتمام هيئات التحرير في صحيفتي "الراية" و"الشرق" بانتخابات مجلس الشورى مقارنة بالقضايا الأخرى؟

3. ما تصنيف الموضوعات ذات العلاقة بانتخابات مجلس الشورى التي تناولتها "الراية" و"الشرق" قبل الانتخابات وخلالها؟

4. ما القوالب الصحفية المستخدمة في معالجة انتخابات مجلس الشورى، وكيف استخدمت عينة الدراسة عناصر الإبراز في تلك القوالب؟

5. هل تنوعت المصادر الصحفية التي اعتمدتها "الراية" و"الشرق"؟ وما دلالة ذلك؟

6. ما أوجه الشبه والاختلاف بين عينة الدراسة في معالجتها لانتخابات مجلس الشورى؟ وما تفسير ذلك؟

ب- أهمية الدراسة وأهدافها

تهدف هذه الدراسة، بشكل أساسي، إلى تحليل مضامين صحيفتي "الراية" و"الشرق" لتبيين الكيفية التي عالجت بها أول انتخابات مجلس شورى في تاريخ الدولة. كما تهدف إلى تحديد دور الصحيفتين في الترويج للحملات الانتخابية والأدوات المستخدمة للتأثير في الرأي العام، وكذلك فهم درجة اعتماد مرشحي انتخابات مجلس الشورى على الصحف في الوصول إلى الرأي العام وطبيعة محتوى الخطاب الموجه إليه.

ويمكن إيجاز أهمية الدراسة في النقاط الآتية:

- تكتسب قضية الانتخابات أهميةً كونها تأتي في سياق سعي دولة قطر إلى تطوير آليتها التشريعية من التمثيل الشعبي، في إطار رؤية قطر الوطنية 2030. 

- ستساعد الدراسة في التعرف على الطريقة التي تناولت بها الصحيفتان أول انتخابات مجلس شورى، في ضوء الرؤية المذكورة، وستحلِّل مدى قدرة عينة الدراسة على الإحاطة بمختلف الجوانب المتعلقة بموضوع الانتخابات بطريقة متوازنة وعادلة، ووفقًا للمعايير المهنية والأخلاقية لتغطيات الانتخابات.

- ستساعد الدراسة الأكاديميين والباحثين والصحفيين والمسؤولين في المؤسسات الإعلامية على فهم دور الصحافة في تغطية الانتخابات، كما ستساعد الدراسة الباحثين على قراءة هذا "النموذج" من العلاقة بين الصحافة والانتخابات في منطقة الخليج التي تعد تجربتها فتية في هذا المجال.  

ج- منهج الدراسة

اعتمدت الدراسة المنهج التحليلي الوصفي ومزجت بين الأسلوب الكمِّي والنوعي في مقاربتها لأبعاد المشكلة، واهتمت بجمع المعلومات الكافية والشاملة ذات العلاقة وتحليلها(1) للوصول إلى نتيجة عن دور الصحافة القطرية في تغطية انتخابات مجلس الشورى وتقديم وصف تحليلي لهذا الدور. ولكي يتحقق هذا اختار الباحثون أداة "تحليل المضمون" من خلال تصميم استمارة تفصيلية تحتوي على جميع جوانب تحليل محتوى عينة الدراسة(2)، ويعتقد الباحثون أن هذا هو الأسلوب الأنسب لتحليل وفهم طبيعة معالجة "الراية" و"الشرق" لهذه القضية. كما سعى الباحثون إلى جمع مزيد من المعلومات من خلال البيانات والتصريحات وذلك لتعميق فهم نتائج التحليل الكمي الذي ستتوصل إليه النتائج، وسيشمل ذلك مدى تطبيق الصحيفتين للقواعد المهنية والأخلاقية المتعارف عليها في تغطية الصحافة للانتخابات(3). ومما تجدر الإشارة إليه أن استمارة تحليل المضمون عُرضت على محكَّمين مختصين في التحليل الكمي لمضمون الصحافة.

وتتضمن استمارة تحليل المحتوى الفئات الآتية:

1. فئة موضوعات وقضايا الانتخابات: وهي كل الموضوعات والقضايا المتعلقة بانتخابات مجلس الشورى التي تشمل البيانات والإعلانات الرسمية، والتفاعلات الداخلية والخارجية، والحملات الانتخابية، والعملية التنظيمية، ونزاهة الانتخابات وجهود إنجاحها، والمعارضة، والاحتجاج، وغيرها.

2. فئة المساحات المخصصة: ويقصد بها المساحات التي خصصتها عينة الدراسة لمعالجة انتخابات مجلس الشورى وتقاس بسنتيمتر/عمود.

3. فئة المصادر الصحفية: وتشمل مصادر الأخبار بأنواعها المختلفة: المندوبين والمراسلين، والمصادر الخارجية، وهي وكالات الأنباء والصحف، والترجمات، والكتاب، وغيرها.

4. فئة القوالب الصحفية: وتشمل القوالب الصحفية التي استخدمتها عينة الدراسة، وهي الأخبار والتقارير والمقابلات والمقالات والتحقيقات الصحفية.

5. فئة موقع المادة الصحفية: وهي الفئة التي توضح موقع المادة الصحفية لانتخابات مجلس الشورى داخل الصحيفة وتشمل الصفحات الأولى والأخيرة والصفحات الداخلية.

6. عناصر الإبراز: ويقصد بها العناصر التي استُخدمت لإبراز المادة الصحفية عن انتخابات مجلس الشورى، وتشمل: العنوان العريض والممتد والعمودي والتمهيدي والصور الخبرية والشخصية والرسوم المعلوماتية (إنفوغرافيك) والكاريكاتير.

- عينة الدراسة والحدود الزمنية ووحدات وأسلوب القياس

تشمل عينة الدراسة صحيفتي "الراية" و"الشرق" القطريتين اليوميتين وقد وقع عليهما الاختيار باعتبارهما من أهم الصحف القطرية والأكثر انتشارًا وانتظامًا في الصدور في دولة قطر. واعتمدت الدراسة أسلوب العينة العشوائية المنتظمة لمدة ثلاثة شهور تبدأ من 22 أغسطس/آب 2021، وهو تاريخ إصدار المرسوم الأميري بتحديد موعد انتخابات مجلس الشورى، وتنتهي في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أي بعد ثلاثة أسابيع من تاريخ الانتخابات وإعلان النتائج. وقد تقرَّر اختيار عددين من كل أسبوع بنظام "الأسبوع الصناعي"؛ إذ كان العدد الأول من الأسبوع الأول يوم الاثنين، 1 يونيو/حزيران 2021، ثم الخميس، 4 يونيو/حزيران 2021، والأسبوع الذي يليه يوم الثلاثاء، 9 يونيو/حزيران 2021، ثم الجمعة، 12 يونيو/حزيران 2021، وهكذا. وبذلك يكون عدد العينة 48 عددًا وهي عينة كافية لتمثيل تلك الفترة.

واعتمد البحث على وحدة القياس وهي الوحدة الطبيعية للمادة الصحفية، وتشمل التقارير والأخبار والمقالات وسواها. أما أساليب القياس، فقد تم اعتماد سنتيمتر/عمود لقياس المساحة، وهي الأكثر مناسبة لهذا النوع من دراسات تحليل المضمون.

- الصدق وثبات المحتوى

استخدمت الدراسة وسيلة صدق المحكَّمين للتأكد من صدق البيانات وثبات المحتوى وقدرة الاستبانة على قياس الظواهر المتعلقة بالبحث، فقد تم استخدام صدق المحكمين وهو أحد أهم أساليب القياس للتحقق من الصدقية وعرضت الاستبانة على ثلاثة محكمين من الباحثين والأكاديميين في الإعلام(4) بهدف التأكد من مناسبة المقياس لأهداف الدراسة، وسلامة صياغة الفئات. وبلغت نسبة الاتفاق بين المحكمين ما يزيد على 97%؛ ما يؤكد أن المقياس يتمتع بدرجة صدق عالية وأن الاستبانة تؤدي الغرض البحثي المطلوب. وقد أوصى المحكمون بإدخال تعديلات طفيفة من بينها زيادة فئة واحدة على استبانة البحث.

د- سياق الدراسة والأدبيات

1. قطر والانتخابات

حدَّد الدستور القطري الدائم الصادر عام 2004 في مادته السادسة والسبعين مهام مجلس الشورى بتولي سلطة التشريع وإقرار الموازنة العامة للدولة والرقابة على السلطة التنفيذية(5). ويتكون المجلس من خمسة وأربعين عضوًا، يتم انتخاب ثلاثين منهم فيما يتم تعيين خمسة عشر الآخرين من قبل أمير دولة قطر(6). وعلى الرغم من إقرار الدستور، عام 2004، لهذه المواد إلا أن انتخابات مجلس الشورى، التي جرت في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2021، تعد الأولى في تاريخ البلاد. تأتي هذه الانتخابات ضمن رؤية دولة قطر "نحو تعزيز دور مجلس الشورى في تطوير عملية التشريع وتوسيع المشاركة الوطنية، والحرص على استكمال الإجراءات الدستورية المطلوبة والتي تتضمن إصدار العديد من القوانين والأدوات التشريعية الهامة"(7)، كما أوضح رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، خالد بن خليفة آل ثاني، الذي أشاد بنجاح أول تجربة لاختيار أعضاء مجلس الشورى من خلال اقتراع عام وسري.

لقد شهدت الانتخابات تنافس 284 مرشحًا للفوز بـ30 مقعدًا في مجلس الشورى(8). ويأتي موضوع الانتخابات في قطر ضمن سياق أكبر وهو تعزيز الحريات العامة والمشاركة السياسية وأيضًا دور المواطن في الحياة العامة. 

لا توجد بحوث كثيرة ودراسات تعالج موضوع الانتخابات في قطر نظرًا لحداثة التجربة الانتخابية فيها وفي منطقة الخليج العربي على وجه العموم. فعلى الرغم من أن انتخابات مجلس الشورى هي الأولى في تاريخ البلاد، إلا أن انتخابات سابقة عُقدت في البلاد لمؤسسات مختلفة، وقد شكَّلت منعطفات مهمة في تاريخ قطر المعاصر. ففي العام 1999، جرت أول انتخابات لاختيار أعضاء المجلس البلدي المركزي عن طريق الاقتراع المباشر، والتي شارك فيها المواطنون رجالًا ونساء(9). ويُعد المجلس البلدي الذي يتألَّف من 29 عضوًا يمثِّلون 29 دائرة انتخابية تضم أكثر من 242 منطقة من مناطق دولة قطر، مجلسًا مستقلًّا يقوم بمسؤولياته من دون تدخل. ويعمل وفقًا لأحكام القانون رقم (12) لسنة 1998 بتنظيم المجلس البلدي المركزي وتعديلاته، ويعبِّر عن آرائه في شكل توصيات وقرارات.

في العام 2003، جرى الاستفتاء على الدستور القطري الدائم وبعد أن حظي بموافقة المواطنين القطريين من خلال تصويت عام(10) أصبح الدستور الجديد نافذًا(11). وقد صدر الدستور بعد إجراء الاستفتاء الشامل لأول مرة في تاريخ قطر(12).

ومن الانتخابات المهمة التي شهدتها قطر، انتخابات غرفة تجارة قطر، عام 1998، التي تُعد من أقدم غرف التجارة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فقد تأسست في 1963 بموجب القانون رقم (4)، وتهدف إلى تنظيم الأعمال التجارية وتمثيل القطاع الخاص، ودعم وتطوير الفاعليات الاقتصادية والإنتاجية للدولة. وظل تشكيل مجلس إدارة الغرفة عبر التعيين المباشر حتى 1998، فأُجريت أول انتخابات بموجب مرسوم أصدره أمير البلاد آنذاك، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وتضمَّن القرار تشكيل لجنة برئاسة رجل الأعمال، ناصر سريع الكعبي، لتنظيم الانتخابات. ونظرًا لأهمية قطاع الأعمال في قطر فقد كانت تلك الخطوة ذات أهمية كبرى في توسيع المشاركة ومنح رجال الأعمال حق اختيار ممثليهم منذ ذلك التاريخ.  

2. الإعلام والانتخابات

لا تزال الصحف المطبوعة تشارك وسائل الإعلام المختلفة الأهمية في التغطية الإخبارية والتفاعل بين أطراف العملية الاتصالية خاصة في الانتخابات(13)، فهي نافذة المواطن للاطلاع على التطورات السياسية والمجتمعية وكذلك تمثِّل المنبر الذي يمكِّنه من إبداء رأيه في مجمل العملية الانتخابية مما يؤدي في النهاية إلى تكوين رأي عام راشد وسليم في العملية الانتخابية بكاملها.

وحيث إن الانتخابات هي أحد أهم مظاهر الديمقراطية، فإن حرية الإعلام لا تنفصل عن هذا السياق؛ إذ يمكن اعتبار وسائل الإعلام أحد مظاهر حماية الديمقراطية من خلال تغطياتها النزيهة والشفافة والمتوازنة، وإن غياب دور وسائل الإعلام عن المشهد الانتخابي قد يساعد في التلاعب بها أو تزويرها.

ويشير "دليل رصد الإعلام لبعثات مراقبة الانتخابات"، الصادر عن مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، إلى أن وسائل الإعلام تقوم بدور مهم في تعزيز الديمقراطية، وينبع ذلك من مسؤولية وسائل الإعلام نفسها في القيام بدورها في تغطية الانتخابات باستقلالية تامة للصحفيين، واحترام الحق في التعبير لكل المشاركين في العملية الانتخابية(14). ويشير الدليل إلى مجموعة من القواعد المرتبطة بالنزاهة والشافية الخاصة بعمل وسائل الإعلام وعلاقتها بأطراف العملية الانتخابية.

3. مسؤولية وسائل الإعلام في الانتخابات

تضطلع وسائل الإعلام بالعديد من الأدوار والمسؤوليات خلال العملية الانتخابية وقبلها وبعدها(15). وتأتي هذه الأدوار من موقع المسؤولية الاجتماعية للصحافة في أداء دورها تجاه المجتمع(16)؛ إذ يعتمد الجمهور على وسائل الإعلام خلال العملية الانتخابية لمساعدته في رسم صورة واضحة عن المرشحين وبرامجهم الانتخابية، وما إذا كانت تلك البرامج تلبي طموح الجمهور(17). ويمكن تلخيص مسؤولية وسائل الإعلام خلال الانتخابات في العملية الانتخابية في ثلاثة محاور أساسية، وهي: المسؤولية تجاه الجمهور، والمسؤولية تجاه المرشحين، ومسؤولية مراقبة العملية الانتخابية.

وتتمثَّل المسؤولية تجاه الجمهور في تزويده بكافة المعلومات التي تساعده على ممارسة حقه في العملية الانتخابية، ويشمل هذا تقديم كافة المعلومات، سواء أكانت تتعلق بالعملية الانتخابية نفسها والنواحي الإجرائية، حتى يحصل الجمهور على فرصة عادلة في ممارسة حقه في الانتخاب، أم تلك المتعلقة بالمرشحين وبرامجهم. فوسائل الإعلام هي القناة التي تربط الناخبين بالمرشحين(18).

وأما المسؤولية تجاه المرشحين والأحزاب فتتمثَّل في منحهم حقهم في التواصل مع جمهورهم عبر وسائل الإعلام بشكل متوازن ودون تحيز. ويحكم وسائل الإعلام في هذا السياق قواعد ومعايير للممارسة المهنية خلال العملية الانتخابية لأداء دورها باستقلالية كاملة، وذلك من خلال مواثيق شرف وقواعد سلوك "تضبط توازن التغطية الإعلامية في الانتخابات"(19).

وترتبط المسؤولية الثالثة بالرقابة على العملية الانتخابية برمتها وضمان نزاهتها. وهذا الدور هو مكمل لأدوار الصحافة الأخرى تجاه جمهور الناخبين والمرشحين، وهذا الدور يتعلق أساسًا بدور الصحافة ومسؤوليتها الاجتماعية تجاه نزاهة الانتخابات عبر "وسائل التحقق والمتابعة التي تحمي استقامة العملية الانتخابية، وتعزِّز من مشاركة الأحزاب السياسية والمرشحين والناخبين ومختلف شركاء العملية الانتخابية، فهذه الرقابة تعزِّز من الالتزام بالإطار القانوني للعملية الانتخابية وتسهم في منع الممارسات غير القانونية"(20).

2. نتائج الدراسة التحليلية

تشمل الدراسة التحليلية الفئات الآتية:

1. فئة موضوعات وقضايا الانتخابات

وهي كل القضايا والموضوعات المتعلقة بانتخابات مجلس الشورى التي تشمل البيانات والإعلانات الرسمية، والتفاعلات الداخلية، والتفاعلات الخارجية، والحملات الانتخابية، والعملية التنظيمية، ونزاهة الانتخابات وجهود إنجاحها، والمعارضة، والاحتجاج، وغيرها.

 جدول (1): توزيع نسب الموضوعات والقضايا الانتخابية في عينة الدراسة

 

م

الموضوعات والقضايا

الراية

الشرق

ك

%

ك

%

1

البيانات والإعلانات الرسمية

   8

2

16

3.8

2

التفاعلات الداخلية

39

8

69

16.3

3

التفاعلات الخارجية

4

1

7

1.6

4

الحملات الانتخابية

291

62

207

49.1

5

العملية التنظيمية

12

2.5

24

5.7

6

نزاهة الانتخابات وجهود إنجاحها

20

4.2

27

6.4

7

المعارضة والاحتجاج

1

0.2

1

0.2

8

موضوعات تحريرية غير انتخابية

93

19.8

70

16.6

المجموع

468

100

421

100

كشفت استمارة فئة موضوعات وقضايا الانتخابات عن تنوع كبير في اهتمامات الجمهور؛ إذ شملت العديد من الموضوعات المتمثلة في البيانات والإعلانات الرسمية والتفاعلات الداخلية والخارجية زيادة على الحملات الانتخابية والإجراءات التنظيمية للعملية الانتخابية، والجوانب المتعلقة بالنزاهة والعدالة والحياد. وشملت الاستمارة الجهود التنظيمية والإجرائية لسلامة العملية الانتخابية إلى جانب المعارضة والاحتجاجات على الإجراءات بما في ذلك حالات المطالبة بإعادة عدِّ الأصوات كما حدث في إحدى الدوائر. وبلغت البيانات الحكومية الرسمية عن الانتخابات 2% في صحيفة "الراية"، و3.8 % في "الشرق"، وتشير النسبة إلى حرية المرشحين في إدارة الحملات الانتخابية والشأن الانتخابي. وارتفعت التفاعلات الداخلية مع موضوعات الانتخابات؛ إذ بلغت 8% في "الراية" مقابل 16.3% في "الشرق". وجاءت نسبة ردود الفعل الخارجية قليلة بمعدل 1% في "الراية" مقابل 1.6% في "الشرق". وارتفعت نسبة الحملات الانتخابية في عينة الدراسة، وبلغت 62% في "الراية" مقابل 49% في "الشرق"، وفقًا لإحصاءات الدراسة.

وبلغ المنشور من موضوعات البيانات والإجراءات التنظيمية المتعلقة بالانتخابات والمقصود بذلك البيانات الصادرة من لجنة الانتخابات أو من وزارة الداخلية، 2.5% في "الراية" مقابل 5.7% في "الشرق"؛ ما يعني أن صحيفة "الشرق" كانت أكثر اهتمامًا بنشر بيانات الإجراءات التنظيمية المتعلقة بالانتخابات، وهو ما يمثِّل الجانب الإجرائي والتوعوي وفقًا لإحصاءات الدراسة.

ونشرت عينة الدراسة عددًا من الموضوعات التي عالجت قضايا النزاهة الانتخابية بنسية 4.2% في "الراية" مقابل 6.4% في "الشرق"، وتدل المؤشرات على اهتمام الصحف بالنقد كما أن فرص إبداء الرأي الآخر متاحة عن نزاهة الانتخابات وسلامة الإجراءات وفقًا للنسبة المذكورة.

وكانت نسبة معارضة الإجراءات الانتخابية والاحتجاجات عليها وعلى عملية فرز الأصوات ضئيلة؛ إذ بلغت 0.2 % في صحيفة "الراية" مقابل 0.2% في "الشرق". وبلغ متوسط نشر الموضوعات المتعلقة بالانتخابات 82% مقارنة ببقية الموضوعات خلال فترة الدراسة؛ ما يشير إلى تركيز شديد للصحف المحلية على قضية الانتخابات طيلة فترة الدراسة، وهي الفترة الممتدة من بداية الإجراءات الانتخابية وحتى إعلان النتيجة.  

2. فئة المساحة المخصصة للحملات الانتخابية

ويقصد بها المساحات التي خصصتها عينة الدراسة لمعالجة انتخابات مجلس الشورى وتقاس بسنتيمتر/عمود.

جدول (2): توزيع نسب المساحات المخصصة للحملات الانتخابية في عينة الدراسة

 

م

المساحات المخصصة للحملات الانتخابية

الراية

الشرق

المساحة

%

المساحة

%

1

الموضوعات المتعلقة بانتخابات مجلس الشورى

496

18%

518

21%

2

الموضوعات الأخرى

2751

82%

2450

79%

المجموع

3247

100%

2968

100%

يُعد عامل المساحة المخصصة من أهم العوامل التي تشكِّل الإبراز وجذب الانتباه وزيادة المقروئية، ومن ثم إحداث التأثير في الرأي العام. ووفقًا لمؤشرات هذه الفئة خصصت جريدة "الراية" 496 سنتيمترًا من الموضوعات لتغطية الانتخابات بنسبة بلغت 18% مقارنة ببقية الأحداث الأخرى السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية المحلية والعالمية التي حدثت في فترة الانتخابات. بينما بلغت النسبة المخصصة لموضوعات الانتخابات بجريدة "الشرق" 21% مقابل 79% للموضوعات الأخرى. وتشير النسب إلى تخصيص مساحات كبيرة للحملات الانتخابية خلال الفترة التي حددتها اللجنة العليا للانتخابات، وخصصتها للدعاية الانتخابية وفقًا للشروط التي نص عليها القانون. ويبلغ المتوسط العام للمساحات المخصصة لانتخابات مجلس الشورى أكثر من 20% وهي نسبة عالية تؤكد مشاركة الصحف محل الدراسة في إدارة الحملات الانتخابية، وتدل على أن الاهتمام بشبكات التواصل الاجتماعي لم يقلل كثيرًا من دور الصحافة المطبوعة في الترويج للمرشحين والتعريف بالبرامج الانتخابية والتوعية بالإجراءات والضوابط المتبعة في إجراء الانتخابات.

3. فئة المصادر الصحفية

وهي مصادر الأخبار بأنواعها المختلفة: المندوبون والمراسلون، والمصادر الخارجية، وهي وكالات الأنباء والصحف، والترجمات، والكتاب وغيرها.

جدول (3): توزيع نسب فئة المصادر الصحفية للمحتوى الانتخابي في عينة الدراسة

 

م

 

المصادر الصحفية للمحتوى الانتخابي

الراية

الشرق

ك

%

ك

%

1

وكالات الأنباء الدولية وشبه الدولية

0

0

2

1

2

وكالة الأنباء القطرية

8

4.4

16

6.8

3

المراسلون والمندوبون

111

61.6

155

66

4

مصادر حكومية رسمية

19

10.5

18

7.6

5

الكتاب                              

42

23.3

44

18.7

المجموع

180

100%

235

100%

تدل فئة المصادر الصحفية المتمثلة في وكالات الأنباء العالمية والمحلية ومنصات الخدمات الإخبارية المختلفة والمتخصصة، علاوة على شبكات المراسلين والمندوبين والكتاب والمصادر الحكومية الرسمية، على أهمية مؤشرات قوة الوسائل الإعلامية وقدرتها على الوصول إلى الجمهور، ومدى فاعليتها في التأثير عليه وتشكيل الرأي العام. وباعتبار أن انتخابات مجلس الشورى القطري تقع ضمن المحتوى المحلي بالدرجة الأولى لذلك تقل المصادر العالمية المهتمة بها. ويشير الجدول رقم (3) إلى الدور الذي لعبته المصادر الإعلامية المختلفة في الاهتمام بانتخابات مجلس الشورى القطري. وجاءت مساهمة وكالة الأنباء القطرية، وهي الوسيلة الإعلامية الرسمية للدولة، قليلة في نقل الشأن الانتخابي واكتفت بنقل القرارات والبيانات الحكومية فحسب؛ إذ بلغت نسبة مشاركتها في نقل أخبار الانتخابات 4.4% في صحيفة "الراية" مقابل 6.8% في "الشرق". وتشير هذه النسبة إلى عدم تدخل الوزارات والمؤسسات الحكومية في الشأن الانتخابي بينما بلغت نسبة المراسلين والمندوبين 61% في جريدة "الراية" مقابل 66% في جريدة "الشرق". وهذا يشير بوضوح إلى أن الصحف مارست دورها بحرية كبيرة في نقل أحداث الانتخابات والتعريف بها طيلة فترة الدعاية الانتخابية حتى إعلان النتائج وهي الفترة المحددة في عينة الدراسة.

وبلغت نسبة البيانات الحكومية الرسمية الواردة من اللجنة المنظمة للانتخابات الموجهة للرأي العام، 11% في صحيفة "الراية" مقابل 8% في صحيفة "الشرق". وتدل النسبة على اهتمام جريدة "الراية" بالأخبار التي ترد من اللجنة المنظمة للانتخابات، وهي جهة رسمية معتمدة وموثوقة عند الجمهور.

ونشط كتَّاب المقالات القطريون في التعليق على السباق الانتخابي في الصحف موضوع الدراسة، فبلغت نسبة المقالات المنشورة في صحيفة "الراية" 42 مقالًا، أي 23% مقارنة بالموضوعات المنشورة، مقابل 44 مقالًا نشرتها صحيفة "الشرق" عن الانتخابات بنسبة 19% من جملة المنشور عنها.

وتكشف هذه النسب تفاعل الكتَّاب الكبير مع قضايا الانتخابات وما أفرزته من نقاش وجدل وسط المجتمع القطري. ومن الملاحظ أن محتوى المقالات التي رصدتها الدراسة كانت في الغالب تحمل محتوى توعويًّا تعريفيًّا يتعلق بالإجراءات والبيانات والضوابط الانتخابية، فضلًا عن مؤهلات العضو المناسب الذي يستحق أصوات الناخبين. ودعا الكتَّاب إلى إعلاء قيمة المواطنة على الاعتبارات الشخصية أو القبلية.

4. فئة القوالب الصحفية

تشمل القوالب الصحفية المستخدمة في عينة الدراسة، وهي: الأخبار والتقارير والمقابلات والمقالات والتحقيقات الصحفية.

جدول (4): توزيع نسب الأشكال التحريرية للمحتوى الانتخابي في عينة الدراسة

 

م

الأشكال التحريرية للمحتوى الانتخابي

الراية

الشرق

ك

%

ك

%

1

الخبر

91

20

87

16.5

2

التقرير

11

2.4

11

2

3

المقال

42

9.1

44

8

4

التحقيق

8

1.7

7

1.3

5

الحديث

16

3.4

70

13.2

6

الإعلان المؤدَّى عنه (الحملة الانتخابية)

280

61.1

308

58

المجموع

 448

100%

527

100%

يعالج الجدول رقم (4) فئة القوالب الصحفية، ويعطي دلالات عن الأشكال التحريرية المستخدمة للمحتوى الانتخابي وتأثيرها في الرأي العام ومدى تفاعل الجمهور معها. ففي الوقت الذي تفيد فيه الأخبار دلالة الرغبة في التوعية ونشر الإجراءات التنظيمية عن الانتخابات، فإن التقارير تعطي دلالة اهتمام الجمهور بالمحتوى المنشور والتوسع فيه ومعرفة المزيد من البيانات عن الأحداث الجارية. ويدل انتشار المقالات على التفاعل وتبادل الأفكار، في حين أن التحقيق يعطي دلالات واضحة بوجود مشكلات بحاجة إلى حلول. بينما تُعد المقابلات الصحفية والمناظرات هي الأداة الأبرز في الترويج للبرامج الانتخابية والحملات التعريفية بالمرشحين. ووفقًا لدلالات البيانات الإحصائية الواردة في الجدول رقم (4)، فقد بلغت نسبة الأخبار 20% من المنشور في صحيفة "الراية" عن الانتخابات مقابل 16.5% في صحيفة "الشرق"؛ ما يعني أن صحيفة "الراية" كانت أكثر اهتمامًا بنشر الأخبار عن مسيرة الانتخابات. بينما تساوت الصحيفتان في نشر التقارير الإخبارية بنسبة 2%. وبلغت نسبة المقالات الصحفية 9% و8% على التوالي؛ إذ نُشر خلال فترة الدراسة 86 مقالًا صحفيًّا عن الانتخابات. ونشرت الصحف محل الدراسة ما مجموعه 15 تحقيقًا عن الانتخابات، وهي نسبة جيدة تشير إلى القضايا الخلافية والسعي إلى إيجاد حلول لها وعرضها على الرأي العام. وبلغ عدد المقابلات الصحفية في الصحيفتين 86 مقابلة ما يدل على تفضيل المرشحين هذه الوسيلة لشرح برامجهم الانتخابية.

وكانت الحصة الأكبر في التوزيع الكمي لما نُشر عن الانتخابات للحملات الإعلانية المؤدَّى عنها وبلغت في الصحيفتين 588 موضوعًا من جملة الموضوعات المنشورة والبالغ عددها 985 شكلًا تحريريًّا مختلفًا عن الانتخابات تنوعت بين الخبر والتقرير والمقال والمقابلة الصحفية والتحقيق والحملات الإعلانية المباشرة مدفوعة الثمن.

5. فئة موقع المادة الصحفية

وهي الفئة التي توضح موقع المادة الصحفية لانتخابات مجلس الشورى داخل الصحيفة وتشمل الصفحات: الأولى والأخيرة والصفحات الداخلية.

جدول (5): توزيع نسب المحتوى الانتخابي على الصفحات في عينة الدراسة

 

م

المحتوى الانتخابي على الصفحات

الراية

الشرق

ك

%

ك

%

1

الصفحات الداخلية

450

91

444

88

2

الصفحة الأولى

35

7

53

10

3

الصفحة الأخيرة

9

2

8

2

المجموع

494

100

505

100

يُعد معيار تبويب الموضوعات في الصفحة الأولى والصفحات الداخلية من أهم المعايير التي تدل على درجة الاهتمام والرغبة في التأثير، وقد دلَّ الكثير من الدراسات الإخراجية على أن الصفحة الأولى تمثِّل مركز الاهتمام والأولوية والإبراز، ثم الصفحة الأخيرة. وتأتي بعد ذلك الصفحات الداخلية المفردة التي تقع على اليسار في المركز الثاني من الأهمية حتى الصفحة السابعة. ويدل الجدول رقم (5) على اهتمام الصحافة القطرية بنشر أخبار انتخابات مجلس الشورى على الصفحة الأولى، وبنسبة 10% في صحيفة "الشرق" و7% في صحيفة "الراية" من إجمالي الموضوعات المنشورة، وهو ما يعني درجة عالية من الاهتمام. بينما بلغت نسبة النشر في الصفحات الداخلية 91% من الصفحات في "الراية" و88% في "الشرق". ونشرت 10 موضوعات عن الانتخابات في الصفحة الأخيرة من "الراية" و"الشرق" معًا.

وعلى الرغم من أن فترة الدراسة تمثِّل ذروة الحملات الانتخابية والاهتمام، لكن اتضح من خلال نسب الإبراز اهتمام المرشحين بترويج برامجهم الانتخابية عبر الصحف القطرية المختلفة والاعتماد عليها في تغطية أخبار الانتخابات. وأشارت الإحصاءات إلى وجود حملات إعلامية مشتركة قام بها المرشحون لانتخابات مجلس الشورى ونُشرت بالتزامن في كل الصحف وعلى المساحة نفسها بغرض الوصول إلى الناخبين وتوفير بيانات رئيسية لمناقشتها في إطار صناعة المحتوى لشبكات التواصل الاجتماعي.

وحفلت الصفحات الأولى في الصحف القطرية بإعلانات ترويجية للبرامج الانتخابية طيلة فترة الانتخابات ودون انقطاع. وهي إعلانات مؤدَّى عنها ولا تقع في إطار الموضوعات الصحفية التحريرية العامة ذات المدلول العام والبعيد عن الترويج للحملات الانتخابية للمرشحين.

6. عناصر الإبراز

ويقصد بها العناصر التي استُخدمت لإبراز المادة الصحفية عن انتخابات مجلس الشورى وتتكون من: العنوان العريض والممتد والعمودي والتمهيدي والصور الخبرية والشخصية والرسوم المعلوماتية (إنفوغرافيك) والكاريكاتير.

جدول (6): توزيع نسب العناصر الطبوغرافية للمحتوى الانتخابي في عينة الدراسة

 

م

العناصر الطبوغرافية للمحتوى الانتخابي

الراية

الشرق

ك

%

ك

%

1

العنوان العريض

89

19.7

134

27

2

العمودي

11

2.4

24

4

3

التمهيدي

18

4

16

3

4

الرسوم المعلوماتية (إنفوغرافيك)

5

1

8

1.5

5

الصور الإخبارية

153

34

103

20

6

الصور الشخصية

171

38

222

44

7

الكاريكاتير

4

0.8

3

0.5

المجموع

451

100%

510

100%

يمثِّل الجدول رقم (6) مركز ثقل الدراسة من حيث تفسير معطيات العناصر التحريرية وعناصر المحتوى التحريري والأشكال التحريرية المستخدمة في الحملات الانتخابية، مثل العنوان الرئيسي والعنوان العريض والعمود والعناوين التمهيدية والرسوم المعلوماتية والصور الإخبارية والصور الشخصية زيادة على الكاريكاتير والتصميم الإيضاحي. وتُعد هذه العناصر الوسائلَ الرئيسة والأبرز في التحرير الصحفي، ويمثِّل حشدها جميعًا في أية تغطية أعلى درجات الرغبة في التأثير في الرأي العام. وهذا ما عكسته نتائج الدراسة والإحصاء الميداني لاستخدامات عناصر الإبراز في السياسة التحريرية التي اتبعتها عينة الدراسة. وكشفت الإحصاءات المتعلقة بالإبراز عن تنوع استخدام الأشكال التحريرية بنسبة 20% للعنوان الرئيسي العريض في جريدة "الراية"، وهو أعلى درجات الإبراز في الأخبار، مقابل 27% في "الشرق".

وكانت نسبة استخدام العنوان العمودي أقل في الإبراز والاهتمام؛ فلم تتجاوز 2% في "الراية" و4% في "الشرق"؛ ما يعني أن عينة الدراسة جعلت قضية الانتخابات محورًا رئيسًا في سياساتها التحريرية واهتمت بالحدث وأبرزته وأسهمت في تنشيط الرأي العام في شأن الانتخابات. وتجنبت استخدام العناصر التي تضعف إبراز الشكل الفني أو التحريري للموضوعات في كل ما ينشر عن انتخابات مجلس الشورى القطري.

ويُعد العنوان التمهيدي من العناصر التي تشير إلى الرغبة في الإبراز وتفسير المحتوى؛ إذ يبيِّن الجدول رقم (6) أن الصحف لجأت إلى العنوان التمهيدي بنسب تتراوح بين 4% و3% في الصحيفتين محل الدراسة.

ويبيِّن الجدول أيضًا استخدام الرسوم المعلوماتية في التغطية الانتخابية لانتخابات مجلس الشورى بنسب محدودة تقل عن 2%. ولأن الصور الصحفية من أهم عوامل الإبراز فقد استُخدمت في الصحف موضوع الدراسة بنسبة كبيرة تصل إلى 34% في الشرق و20% في "الراية"، وهي نسبة عالية جدًّا وتنسجم مع بقية الإحصاءات المتعلقة باستخدام العناصر الطبوغرافية والتحريرية المختلفة في حشد البيانات ولفت الانتباه والعمل على التأثير في الرأي العام.

واهتمت الصحف كذلك بالصور الشخصية، ويفسر ذلك رغبة المرشحين في التعريف بأنفسهم؛ لأن من المعروف أن صور وتقارير عرض الشخصية من أهم الأشكال التحريرية التي تناسب الانتخابات. وبلغت نسبة استخدام الصور 38% في "الراية" و44% في "الشرق".

ولم تتعد نسبة استخدام الكاريكاتير في الصحف القطرية عن انتخابات مجلس الشورى أقل من 1% في عينة الدراسة. وهي نسبة تنسجم مع الإحصاءات الأخرى والتي تشير إلى ضعف النقد الموجه إلى الإجراءات الانتخابية، كما أن النصوص في مجملها ترويجية، ومن ثم لا تناسب فن الكاريكاتير الذي يميل إلى النقد والتقويم.

استنتاجات

كشفت دراسة مؤشرات بعض الإحصاءات التي تفسر الظواهر الانتخابية جملة من الاستنتاجات. فالانتخابات تُعد ساحة خصبة للسجال الفكري والسياسي الذي يشير إلى حقائق متعددة عن سلوك الجماهير تجاه الرسائل الاتصالية وعلاقتها بالأنظمة الاتصالية السائدة في المجتمع. وقد تبيَّنت الحقائق الآتية:

1. دلَّت الإحصاءات على قوة تفاعل المجتمع القطري مع عينة الدراسة بدليل تنوع المحتوى المنشور ودرجة الاهتمام بالمحتوى في الإبراز وتنوع المحتوى.

2. ما زال كتَّاب الرأي يلعبون دورًا مؤثرًا في تكوين الرأي العام بواسطة الصحف؛ إذ مثَّلت مقالات الرأي نسبة 9% من محتويات الشأن الانتخابي.

3. شكَّلت الأخبار نسبة عالية في المحتوى الانتخابي ما يشير إلى تفاعل المجتمع مع الأحداث الانتخابية وتطوراتها.

4. شكَّلت الإعلانات الانتخابية المؤدى عنها أعلى نسبة نشر لبرامج المرشحين، 61%، وهي دلالة على الالتزام المهني بالقيم الإخبارية التي يحبذها الجمهور بعيدًا عن الدعاية الانتخابية.

5. اهتمت الصحف بإجراء المقابلات الصحفية مع السياسيين والمرشحين وفي ذلك دلالة على الاهتمام بتعدد الرأي والحوار في شأن الإجراءات الانتخابية.

6. بلغ المحتوى المنشور من مصادر خاصة 66%؛ ما يعني أن التأثير الحكومي على الفعل الانتخابي كان محدودًا، وهي دلالة مهمة تشير إلى درجة من الاستقلالية الإعلامية في معالجة القضايا الانتخابية.

7. نشرت الصحف عددًا من الشكاوى وعرضت الآراء وردود الأفعال المنتقدة لبعض الإجراءات الانتخابية ما يشير إلى حيوية في التفاعل مع الإجراءات الانتخابية.  

8. كانت نسبة الموضوعات الصادرة عن الدوائر الحكومية في تنظيم وإدارة الحملات الانتخابية منخفضة، وهو مؤشر على درجة عالية من الحرية للصحف في ممارسة دورها الانتخابي.

 خاتمة

بيَّنت الدراسة حقائق ذات دلالات موضوعية تجيب عن أسئلة ملحَّة تتعلق بدور الصحافة المطبوعة ومقدار تأثيرها في ظل الانتشار الواسع لصحافة المجتمع بمنصاتها التفاعلية المختلفة. وأوضحت الدراسة اهتمام المرشحين والناخبين بما تنقله الصحافة المطبوعة وفقًا لما جاء في عينة البحث، من أخبار وآراء وتقارير ومقابلات ومستوى التفاعل معها. وسلَّطت الدراسة الضوء على جوانب بحاجة إلى مزيد من الدراسة، مثل دور وسائل الاتصال التقليدية في صناعة المحتوى وتوفير البيانات والآراء لمنصات التواصل الاجتماعي، فثمة علاقة تبادلية بين المنصات الإعلامية المختلفة في صناعة المحتوى وإعادة تقديمه إلى الجمهور وفقًا لأهداف القائم بالاتصال. فضلًا عن أهمية الإشارة إلى البيئة المثالية التي يتيحها الصراع الانتخابي لدراسة دور وسائل الاتصال وقوة تأثيرها في الرأي العام، ومدى تفاعلها مع المؤسسات الحكومية الرسمية ودرجة استجابتها لتلك الرسائل. ومن شأن مثل هذه الدراسات أن توفر بيانات موثوقة تربط بين دراسات القائم بالاتصال والجمهور في بيئة تفاعلية وعن قضية ذات تأثير مثل انتخابات مجلس الشورى أو غيرها من القضايا التي تهم الرأي العام وتتفاعل معها جميع وسائل الاتصال.

نُشرت هذه الدراسة في العدد الخامس عشر من مجلة لباب، للاطلاع على العدد كاملًا (اضغط هنا)

ABOUT THE AUTHOR

References

(1) عامر قنديلجي، البحث العلمي واستخدام مصادر المعلومات التقليدية والإلكترونية، (الأردن، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، 2008)، ص 87.

(2) بلقاسم سلاطنية، حسان الجيلاني، المناهج الأساسية في البحوث الاجتماعية (القاهرة، دار الفجر للنشر والتوزيع، 2012)، ص 55.

(3) عبد العزيز خالد الشريف، أخلاقيات الإعلام، (الأردن، دار يافا للنشر والتوزيع، 2014)، ص 69.

(4) يتكون فريق التحكيم من الدكتور محمود قلندر، أستاذ الإعلام بكلية المجتمع في قطر، والدكتور عاهد العاسمي، أستاذ الاتصال الجماهيري بكلية المجتمع في قطر، والدكتور ياسر محجوب، باحث في الإعلام بالمملكة المتحدة.

(5) الدستور القطري المادة 76.

(6) المرجع السابق.

(7) "رئيس الوزراء القطري الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني، رئيس الوزراء: انتخابات الشورى قناعة صاحب السمو.. والدولة لا تدعم أشخاصًا بعينهم"، الراية، 20 يونيو/حزيران 2021، (تاريخ الدخول: 1 أبريل/نيسان 2022)،  https://bit.ly/39PxO0B.

(8) "قطر: الحملات الانتخابية لمجلس الشورى تختتم غدًا والاقتراع السبت القادم"، الجزيرة نت، 30 سبتمبر/أيلول 2021، (تاريخ الدخول: 1 أبريل/نيسان 2021)، https://bit.ly/38irE8u.

(9) وسام أحمد العثمان، "انتخابات المجلس البلدي والتنمية السياسية في المجتمع القطري"، مجلة الإنسانيات والعلوم الاجتماعية، (قطر، جامعة قطر، العدد 25، 2002).

(10) إسماعيل محمد صادق، الديمقراطية الخليجية: إنجازات وإخفاقات، (مصر، العربي للنشر والتوزيع، 2010).

(11) حسن بن عبد الرحيم السيد، وقفات دستورية: محاولة لنشر الثقافة الدستورية في المجتمع القطري، (بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2008)، ص 23.

(12) جاء في ديباجة الدستور: "نحن حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر، تحقيقًا لأهدافنا في استكمال أسباب الحكم الديمقراطي لوطننا العزيز، بإقرار دستور دائم للبلاد، يرسي الدعائم الأساسية للمجتمع، ويجسد المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، ويضمن الحقوق والحريات لأبناء هذا الوطن المعطاء، وإدراكًا منَّا لأهمية انتمائنا العربي والإسلامي الذي نعتز به، وبعد الاطلاع على نتائج الاستفتاء على الدستور الدائم لدولة قطر الذي أُجري في اليوم التاسع والعشرين من شهر أبريل سنة 2003، وموافقة الغالبية العظمى من المواطنين على هذا الدستور، وعلى المادة (141) من الدستور الدائم، أصدرنا هذا الدستور. وينشر في الجريدة الرسمية بعد سنة من تاريخ صدوره، يتم خلالها استكمال المؤسسات الدستورية واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك قانونًا". انظر: "إصدار الدستور الدائم لدولة قطر"، الميزان: البوابة القانونية القطرية، 8 يونيو/حزيران 2004، (تاريخ الدخول: 1 أبريل/نيسان 2021)، https://bit.ly/3aDZJ3Q.

 (13)Yasha Lange, Media and Elections Handbook, )Mass Media Files Series, Council of Europe, 1999(, 7.

(14) دليل رصد الإعلام لبعثات مراقبة الانتخابات، (منشورات مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، 2012)، (تاريخ الدخول: 1 أبريل/نيسان 2021)، https://bit.ly/3aHejaC.

(15) علي كنعان، الإعلام البرلماني والسياسي، (الأردن، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، 2019)، ص 89.

(16) رامي عطا صديق، فاطمة شعبان محمد حسن، "الإعلام والانتخابات: دراسة ميدانية لأخلاقيات المعالجة الإعلامية للانتخابات من وجهة نطر الإعلاميين"، المجلة العلمية لبحوث الصحافة (جامعة القاهرة، مصر، العدد 4، 2015)، ص 299- 358.

(17) سامــح حسانين أحمــد، "التغطية الصحفية للانتخابات البرلمانية في الصحافة المصرية خلال عامي 2011-2012"، المجلة العلمية لبحوث الصحافة (جامعة القاهرة، مصر، المجلد 2017، العدد 10، ربيع 2017)، ص 513-535.

(18) خالد الهمداني، "دور وسائل الإعلام في الانتخابات"، دراسات يمنية (مركز الدراسات والبحوث، العدد 57، 1998)، ص 240- 263.

(19) محمد شومان، "دور الإعلام في الانتخابات"، مجلة الديمقراطية (مؤسسة الأهرام، المجلد 14، العدد 55، 2014)، ص 101-103. 

(20) أيمن ولاش، "دور الإعلام في الانتخابات: الأطر التشريعية والممارسة المهنية"، آفاق سياسية (المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد 14، 2015)، ص 94-102.