الحسابات الإستراتيجية التركية في آسيا الوسطى مزيج من الثقافة والسياسة والاقتصاد

عملت تركيا على تعميق وتأطير علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول آسيا الوسطى عبر مؤسسات متعددة الأطراف. ففي عام 1992، انعقدت للمرة الأولى قمة لرؤساء الدول الناطقة باللغة التركية، ثم استمر انعقاد القمم الرئاسية بشكل دوري لتسفر عن تأسيس مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية "المجلس التركي" في عام 2009، والذي تغير اسمه في عام 2021 إلى "منظمة الدول التركية"، وهي منظمة تضم تركيا وكازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان وأذربيجان فضلًا عن تركمانستان التي انضمت بصفة مراقب نظرًا لتبنِّيها الحياد في سياساتها الخارجية.
مجلس الدول الناطقة بالتركية تحول إلى منظمة دولية لها غايات اقتصادية وسياسية (الأناضول)

إثر نهاية الحرب الباردة، وتفكك الاتحاد السوفيتي، وجدت أنقرة فرصة سانحة لتبنِّي سياسات جديدة تهدف لتعزيز موقع تركيا في الساحة الدولية، وذلك عبر إعادة اكتشاف جذورها التاريخية في الفضاء العثماني السابق. فسارعت تركيا، في عام 1992، للاعتراف باستقلال أربع دول من بين دول آسيا الوسطى الخمس من ذوات العرق التركي، شملت كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان وقيرغيزستان بخلاف طاجيكستان ذات العرق الفارسي. وفي ظل القرب الثقافي والديني واللغوي بين تلك الدول وتركيا، بدأ الحديث عن توحيد العالم التركي(1)، بما في ذلك أذربيجان التي تقع ضمن جنوب القوقاز الرابط بين تركيا وآسيا الوسطى. كما برز ملف موارد الطاقة في آسيا الوسطى على الأجندة التركية في ظل حاجة أنقرة لتنويع مواردها لتجنب الاعتماد المفرط على وارادات الغاز الطبيعي من روسيا وإيران، فضلًا عن التحول إلى مركز لنقل الطاقة من آسيا الوسطى وبحر قزوين إلى الأسواق الأوروبية عبر طرق بديلة تتجاوز الأراضي الروسية مما يُعزز من دور أنقرة قائدًا لمنطقة أورآسيا التركية(2).

1
خريطة آسيا الوسطى المصدر (Silk Road briefing)

أولًا: أهمية آسيا الوسطى لتركيا، والإستراتيجية التركية تجاهها

ركزت تركيا خلال حقبة التسعينات على الهوية القومية مدخلًا لتعزيز العلاقات مع دول آسيا الوسطى، كما طرحت نفسها أخًا أكبر يمثل نافذة لتلك الدول على الغرب، ويدفع باتجاه تبني نموذج الحكم التركي القائم على المزج بين العلمانية والديمقراطية واقتصاد السوق في دولة مسلمة. ولكن واجهت تركيا عزوفًا من دول آسيا الوسطى لأسباب تتعلق بتركيبة الحكم المطلق في المنطقة، والرغبة في عدم استبدال الأخ الأكبر التركي بالأخ الأكبر الروسي، وتفضيل دول المنطقة اتباع سياسات خارجية مستقلة(3)

تغيرت السياسات التركية نحو آسيا الوسطى مع وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة، عام 2002،  لتصبح أكثر براغماتية، كما تضافرت عدة عوامل جعلت تركيا تولي اهتمامًا متزايدًا للمنطقة التي تتمتع باحتياطيات وفيرة من النفط والغاز، وتقع على خطوط النقل التاريخية بين الصين وأوروبا، وهي الخطوط التي ظلت مغلقة طوال الحقبة السوفيتية؛ وذلك بالتزامن مع صعود الصين لاعبًا اقتصاديًّا عالميًّا بارزًا، ومماطلة الاتحاد الأوروبي في ضم تركيا لصفوفه، وبروز خلافات متعددة بين أنقرة وواشنطن كما في ملف الدعم الأميركي لقوات قسد في سوريا، ورفض تسليم أميركا لفتح الله غولن على خلفية اتهامه بتدبير انقلاب 2016.

وقد رأت أنقرة في مشاريع مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية فرصة تمكن تركيا من توظيف موقعها الجغرافي للربط بين الشرق والغرب عبر تقديم الخدمات اللوجستية وربط البنية التحتية للسكك الحديدية والطرق مع جنوب القوقاز وآسيا الوسطى عبر بحر قزوين.

تضافرت العوامل السابقة لتجعل أوراسيا وفي القلب منها آسيا الوسطى تمثل بديلًا لاعتماد تركيا على الغرب حليفًا إستراتيجيًّا، وهو ما يسهم في الدفع باتجاه تعدد الأقطاب في النظام الدولي مما يتيح لأنقرة ممارسة سياسة خارجية أكثر استقلالية(4)، وبالأخص مع تزايد تناقض المصالح التركية مع حلفائها الغربيين(5).

 

كازاخستان

أوزبكستان

قيرغيزستان

تركمانستان

طاجيكستان

عدد السكان

19 مليون

34.9 مليون

6.6 ملايين

6.2 ملايين

9.5 ملايين

احتياطي النفط

12 عالميًّا

-

-

-

-

احتياطي الغاز

16 عالميًّا

-

-

4 عالميًّا

-

مؤشر مدركات الفساد لعام 2021

102 عالميًّا

140 عالميًّا

144 عالميًّا

169 عالميًّا

150 عالميًّا

بيانات جمعها المؤلف من مؤشر مدركات الفساد لعام 2021، وتقرير مركز أبحاث الكونجرس (آسيا الوسطى: الخلفيات والعلاقات مع الولايات المتحدة) لعام 2021.

ثانيًا: أشكال وأبعاد الوجود التركي في آسيا الوسطى

1-مأسسة التعاون السياسي والاقتصادي

عملت تركيا على تعميق وتأطير علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول آسيا الوسطى عبر مؤسسات متعددة الأطراف. ففي عام 1992، انعقدت للمرة الأولى قمة لرؤساء الدول الناطقة باللغة التركية، ثم استمر انعقاد القمم الرئاسية بشكل دوري لتسفر عن تأسيس مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية "المجلس التركي" في عام 2009، والذي تغيَّر اسمه في عام 2021 إلى "منظمة الدول التركية"، وهي منظمة تضم تركيا وكازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان وأذربيجان فضلًا عن تركمانستان التي انضمت بصفة مراقب نظرًا لتبنيها الحياد في سياساتها الخارجية.

يُعد "المجلس التركي" أول تجمع رئاسي للدول التركية التي تضم نحو 160 مليون نسمة، ويهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول التركية في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة(6). ويضيف حضور رؤساء الدول الأعضاء ثقلًا لاجتماعات المنظمة التي تركز في كل قمة على موضوع محدد، وقد تناولت في القمة الأخيرة المنعقدة في عام 2021 "التقنيات الخضراء والمدن الذكية في العصر الرقمي"(7).

تضم "منظمة الدول التركية"، مجلس الأعمال التركي الذي يهدف إلى تعزيز الاستثمارات بين الدول الأعضاء عبر التنسيق بين ممثلي القطاع الخاص، وقد بلغ إجمالي حجم التجارة الخارجية للدول الأعضاء بالمنظمة خلال عام 2020 نحو 560 مليار دولار مما يمثل قرابة 3٪ من حجم التجارة العالمية(8). وبجوار المجلس التركي، توجد الجمعية البرلمانية للدول الناطقة بالتركية (Turk PA)، والتي تأسست في عام 2008، وتهدف إلى تنسيق التشريعات وتبادل الخبرات بين اللجان البرلمانية بالدول الأعضاء.

2-المحور الثقافي والقوة الناعمة

برز العالم التركي مفهومًا ثقافيًّا أكثر من كونه مصطلحًا سياسيًّا، ورغم اتساعه ليشمل الشعوب التركية من البلقان إلى سيبيريا إلا أنه يتجذر بشكل أساسي في تركيا وآسيا الوسطى. وفي عام 1993، تأسست المنظمة الدولية للثقافة التركية "TURKSOY" لتضم تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وتركمانستان وأوزبكستان. وتعمل المنظمة على توظيف الدبلوماسية الثقافية لتعزيز التضامن بين العالم التركي بالأخص في آسيا الوسطى التي عانت من فرض ثقافة سوفيتية بالقوة على حساب الثقافات المحلية(9).

وكذلك بدأت المدارس التركية في الانتشار بآسيا الوسطى منذ عام 1992 حتى وصل عددها إلى عشرات المدارس، وهو ما أسهم في بناء جسر ثقافي بين تركيا ودول آسيا الوسطى حيث تميزت المدارس التركية بجودة التعليم، وانضمام أبناء النخب وقادة الأجهزة الحكومية للدراسة بها مما أسهم في بناء نخب جديدة تركية الثقافة بدلًا من النخب السوفيتية القديمة(10). كما أسست تركيا، في عام 1992، وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" لتشرف على تقديم المساعدات الإنمائية التركية لدول المنطقة(11).

ولكن تعرَّض الوجود الثقافي التركي لعدة عقبات من قبيل إغلاق الحكومة الأوزبكية جميع المدارس التركية على أراضيها، في عام 2000، على خلفية رفض أنقرة تسليم زعماء المعارضة الأوزبكية إثر لجوئهم إلى تركيا، فيما برزت الأزمة الثانية عقب محاولة الانقلاب العسكري، في عام 2016، حيث طلبت أنقرة إغلاق المدارس التابعة لفتح الله غولن في آسيا الوسطى وتسليمها إلى وقف المعارف التركي، وهو ما رفضته قيرغيزستان بحجة عدم سماحها بالتدخل في شؤونها الداخلية(12).

3- مبادرات الشراكة والتعاون الإستراتيجي

تُعد كازاخستان أكبر دولة في آسيا الوسطى من حيث المساحة، وقد أسست معها تركيا شراكة إستراتيجية في عام 2009 تحولت إلى مجلس تعاون إستراتيجي رفيع المستوى في عام 2016، وهو ما أسهم في جعل كازاخستان ثاني أكبر دولة تستضيف جالية تركية بعد ألمانيا، كما تم ربط شبكات السكك الحديدية بين البلدين عبر جورجيا، فيما تقدم السفارات التركية في أميركا اللاتينية وإفريقيا خدمات التأشيرة لمواطني الدول التي لا يوجد فيها تمثيل دبلوماسي لكازاخستان(13).

أما أوزبكستان التي تضم أكبر كتلة سكانية في آسيا الوسطى، فقد شهدت علاقاتها مع تركيا طفرة بعد رحيل الرئيس السابق، إسلام كريموف، عام 2016؛ حيث تبنَّى خَلَفه سياسة خارجية أكثر انفتاحًا، فانضمت أوزبكستان للمجلس التركي، في عام 2019، وأعادت فتح فرع مؤسسة تيكا التركية، فيما أصبح ملف مكافحة الإرهاب أحد أهم مجالات التعاون بين البلدين، وبالأخص إثر ضلوع أحد المواطنين الأوزبك في الهجوم على مطار إسطنبول، في عام 2016، مما أسفر عن مقتل 42 شخصًا، وضلوع مواطن أوزبكي آخر في هجوم على ملهى ليلي  في إسطنبول، عام 2017، مما أسفر عن مقتل 39 شخصًا(14).

أما قيرغيزستان، ففي ظل صراعها الحدودي المتجدد مع طاجيكستان،، وعدم تلبية الدعم الروسي لاحتياجاتها العسكرية، فقد طلبت مؤخرًا الحصول على مساعدة عسكرية تقنية من تركيا مبدية الرغبة في تعزيز العلاقات السياسية والأمنية مع أنقرة#a15.

وفي ظل تبني تركمانستان للحياد في سياستها الخارجية، يقتصر التعاون التركي معها على الجانب الاقتصادي، وتأمل تركيا في أن تتمكن من نقل الغاز التركماني إلى أوروبا عبر أراضيها. بينما تقتصر العلاقات التركية مع طاجيكستان، ذات العرق الفارسي، على العلاقات الاقتصادية والتعاون الأمني في مكافحة تهريب المخدرات والإرهاب عبر الحدود الطاجيكية الأفغانية.

وفي المجمل، تأمل سياسة التكامل الإقليمي لتركيا تجاه آسيا الوسطى في اتخاذ مواقف مشتركة ضد المشاكل الإقليمية وتعزيز التعاون الاقتصادي، وهو ما تجلَّى في تدشين عمل خط سكة حديد (باكو-تبليسي-قارس)، في عام 2017، والذي يتيح لتركيا وجورجيا وأذربيجان تجنب المرور بروسيا في تصدير البضائع إلى آسيا الوسطى.

2
مسار خط سكة حديد باكو-تبليسي-قارس، المصدر: Recent Developments in the Baku-Tbilisi-Kars Railway Project, Eurasian Research Institute

وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، وصل أول قطار ينقل البضائع من تركيا إلى الصين بعد أسبوعين من مغادرته إسطنبول، بدلًا من الرحلة التي تستغرق فترة تتراوح بين 15 إلى 20 يومًا عبر روسيا أو 45-60 يومًا عبر قناة السويس.

3
مسار السكة الحديد بين تركيا والصين عبر بحر قزوين وكازاخستان، المصدر:  (Turkey’s Central Asia policy, Strategic Comments, IISS, Vol 27, N: 3, 24 May 2021)

وقد ظل ملف نقل الطاقة من آسيا الوسطى إلى الأسواق الغربية دون المرور بإيران أو روسيا يمثل هدفًا لأوروبا، وهو ما تحقق نسبيًّا عبر خط أنابيب النفط باكو-تبليسي-جيهان، الذي ينتهي بميناء جيهان التركي ليتم نقل النفط منه بواسطة ناقلات الشحن، وهو ما استفادت منه تركيا بتلقي نحو 300 مليون دولار رسومَ مرور في المتوسط سنويًّا(16)، فضلًا عن نقل الغاز الطبيعي من بحر قزوين عبر خط (باكو-تبيليسي-أرضروم)، والذي أسهم في نقل الغاز الآذري لتركيا للمرة الأولى.

الدولة المصدِّرة

الكمية المصدَّرة إلى تركيا

روسيا

1.69 مليار متر مكعب

إيران

855 مليون متر مكعب

أذربيجان

729.4 مليون متر مكعب

استيراد الغاز في تركيا خلال يونيو/حزيران 2022 (17)

ثالثًا: تأثيرات الملف الأفغاني

تُعد أفغانستان جزءًا من آسيا الوسطى الكبرى؛ حيث يعيش في الشمال الأفغاني سكان من الأوزبك والتركمان والقرغيز ذوي الأصول التركية، ولذا تمثل أفغانستان في المنظور التركي حلقة وصل مع الدول الناطقة بالتركية في آسيا الوسطى والأتراك في تركستان الشرقية(18).

مع عودة طالبان للحكم مجددًا، وتخوف أميركا والصين وروسيا ودول آسيا الوسطى من تحول أفغانستان إلى منطلق للجماعات الإسلامية المسلحة التي قد تهدد دول الجوار، برزت فرصة سعت تركيا لاستثمارها في ظل المشترك الديني والمذهبي بينها وبين الأفغان، وذلك عبر لعب دور في الوساطة بين المجتمع الدولي وطالبان، وهو دور يعزز وضع تركيا التفاوضي مع موسكو وواشنطن وطهران في قضايا أخرى مثل سوريا وليبيا وقرة باغ.

كما توجد لتركيا تقاطعات مباشرة مع الملف الأفغاني في ملف الهجرة غير الشرعية التي تزداد في أجواء عدم الاستقرار، وملف مكافحة الإرهاب في ظل نشاط داعش في أفغانستان، والتي تبنَّت عدة هجمات على الأراضي التركية نفذها عناصر من آسيا الوسطى. وفي المحصلة، يسهم انخراط تركيا في الملف الأفغاني في حضورها لاعبًا فاعلًا في السياسة العالمية، وبالأخص في قضية يمتد تأثيرها إلى آسيا الوسطى، ولكن نظرًا لتعقد الصراع في أفغانستان وانخراط عدة أطراف دولية وإقليمية فيه، تحرص تركيا على العمل ضمن نهج إقليمي تتعاون فيه مع عدة دول، من أبرزها: باكستان وقطر.

خاتمة

رغم الخطوات المتنوعة لتعزيز الحضور التركي والشراكات مع دول آسيا الوسطى، إلا أن أنقرة تواجه عقبات جيوسياسية واقتصادية وسياسية بارزة ترتبط بمدى قدرتها على تعميق دورها في آسيا الوسطى في ظل وجود قوتين عالميتين تتنافسان على النفوذ في المنطقة، فروسيا تعتبر آسيا الوسطى بمنزلة عمق إستراتيجي لها ضمن رؤيتها للجوار الروسي وفضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي الذي ترفض أن تتنازل عنه لقوى أخرى، فضلًا عن الاعتماد التركي على موارد الطاقة الروسية بشكل يحد من قدرتها على مصادمة المصالح الروسية.

وتملك موسكو من الأدوات العسكرية والاقتصادية ما يمكِّنها من فرض أجندتها على دول المنطقة، فلديها قواعد عسكرية في طاجيكستان وقيرغيزستان، كما أن كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان أعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة روسيا، وقد تدخلت قوات التدخل السريع التابعة للمنظمة، مطلع عام 2022، لدعم الحكومة الكازاخية في مواجهة الاضطرابات التي واجهتها، بينما لم يكن لتركيا أو منظمة الدول التركية أي دور ملموس في ذلك، كما تشكِّل تحويلات العمال المهاجرين من آسيا الوسطى في روسيا قدرًا كبيرًا من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي في قرغيزستان وطاجيكستان(19).

من جانبها، تعمل الصين على توظيف مبادرة الحزام والطريق لنشر نفوذها تجاه الغرب وليس العكس، وبالتالي تعمل بكين على ترسيخ نفوذها الاقتصادي في المنطقة، وهو ما لا تستطيع تركيا أن تنافسها فيه في ظل المعضلات الداخلية التي تواجه الاقتصاد التركي من قبيل ارتفاع نسبة التضخم، وانخفاض قيمة العملة، وزيادة فاتورة استيراد موارد الطاقة، وكذلك يعيق الانخراط التركي في عدة ملفات خارجية قدرة أنقرة على تخصيص المزيد من الموارد المالية والاستثمارات بشكل يقارب الاستثمارات الروسية أو الصينية في آسيا الوسطى.

وأخيرًا، توجد عقبة تتمثل في سياسات دول آسيا الوسطى نفسها؛ حيث تنخرط في شراكات مع تركيا من باب تنويع علاقاتها السياسية وموازنة علاقاتها مع روسيا والصين، لكنها في المحصلة لا تلتزم بالتوجهات التركية، وهو ما يتجلى في رفض الدول الأعضاء في "منظمة الدول التركية" ضم دولة شمال قبرص التركية لعضوية المنظمة أو حتى قبولها بصفة مراقب، والاكتفاء بحضورها بصفة ضيف، وذلك لتجنب أي توتر في العلاقات مع روسيا والغرب. وبالتالي، ستظل تركيا لاعبًا فاعلًا في آسيا الوسطى لكن في درجة تلي روسيا والصين.

ABOUT THE AUTHOR

References

1- Bal, İdris, “The Turkish model and the Turkic republics”, PERCEPTIONS: Journal of International Affairs, (Volume 3, No: 3, September - November 1998), p:7.

2 - İpek, Pinar, “Turkey’s energy security in Eurasia: trade-offs or cognitive bias?” in Erşen, Emre, Köstem, Seçkin(ed). Turkey’s Pivot to Eurasia: Geopolitics and Foreign Policy in a Changing World Order, (Routledge, New York, 2019), p. 198.

3- Tutumlu, Assel, “Turkey -Central Asia relations: a strategic overview” , (Near East Institute, Nicosia,  2020),  p:1.

4- Erşen, Emre, Köstem, Seçkin. Turkey’s Pivot to Eurasia: Geopolitics and Foreign Policy in a Changing World Order, (Routledge, New York, 2019), p. 28.

5-Contessi, P., Nicola,  “Turkey and the Shanghai Cooperation Organization: common values, economics or pure geopolitics?”, in Erşen, Emre, Köstem, Seçkin(ed). Turkey’s Pivot to Eurasia: Geopolitics and Foreign Policy in a Changing World Order, (Routledge, New York, 2019), p. 157.

6- Baghirov, Orkhan, “The Organization of Turkic States’ Economic Potential and Cooperation Prospects among its Members”, PERCEPTIONS: Journal of International Affairs, (Volume 27, No: 1, Spring-Summer 2022), p: 55.

7 - انطلاق قمة زعماء المجلس التركي في إسطنبول، الأناضول، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، (تاريخ الدخول: 11 سبتمبر/أيلول 2022)  https://cutt.us/0Siec

8 –  Baghirov, p:58.

9- Purtaş, Fırat, “Cultural Diplomacy Initiatives of Turkic Republics”, PERCEPTIONS: Journal of International Affairs, (Volume 27, No:1, 2017), p: 91.

10- Balci, Bayram, “Fethullah Gu¨len's Missionary Schools in Central Asia and their Role in the Spreading of Turkism and Islam”, Religion, State & Society, (Volume 32, no:2, 2003), p:165.

11 - Tutumlu, p: 5.

12 - تركيا تتلقى ردودًا إيجابية بشأن إغلاق مدارس غولن في عدد من الدول، ترك برس، 5 أغسطس/آب 2016، (تاريخ الدخول: 11 سبتمبر/أيلول 2022)، https://cutt.us/WC9Qg.

13- Tutumlu, p:(16-18).

14- YALINKILIÇLI, EŞREF, “Uzbekistan as a Gateway for Turkey’s Return to Central Asia”, Insight Turkey, (Vol. 20, No. 4, 2018), p: 36.

15- Mashrab, Fozil, “Border Conflict Compels Kyrgyzstan and Tajikistan to Look for Foreign Weapons”, Eurasia Daily Monitor, (Volume: 18, No: 98, 21 June 2021), , (access, 11 September 2022), https://cutt.us/i2pYR

16 - Babal, Tuncay, “Implications of the Baku-Tbilisi-Ceyhan Main Oil Pipeline Project”, PERCEPTIONS: Journal of International Affairs, (Volume  10,  No:4, Winter 2005), p: 46.

17 - Türkiye's gas imports down 5.6% in June 2022, Anadolu Agency, 30 August 2022, (access, 11 September 2022), https://cutt.us/656mJز

18- Hajimineh, Rahmat, Mohammadkhani, Fariborz , “Explaining Turkey's Cultural Diplomacy in Afghanistan during the AKP Era”, Iranian Review of Foreign Affairs (Vol. 11, No. 1, Winter- Spring 2020), p: 145.

19 - Blackwood, Maria, “Central Asia: Background and U.S. Relations”, (Congressional Research Service, USA, 24 September 2021), p:16.