توقيع الاتفاق الإطار في السودان: مستقبل التسوية السياسية وتحديات المراحل الانتقالية المقبلة

تجعل تعقيدات المشهد السياسي بالسودان من سقوف الأمل في تحقيق تسوية سياسية نهائية أمرًا بعيد المنال في المدى المنظور، لاسيما بعد فشل الفاعلين الدوليين في فهم سياقات تلك التعقيدات لتجاوزها وعدم الوقوع في شِراك الانحياز وبالتالي تفويت الفرص على إمكانيات تحقيق تسوية.
أشاع التوقيع على ما عُرف بالاتفاق الإطار بين بعض المكونات المدنية والعسكريين في السودان قدرًا كبيرًا من الجدل. (الأناضول).

أشاع التوقيع على ما عُرف بالاتفاق الإطار بين بعض المكونات المدنية والعسكريين في السودان قدرًا كبيرًا من الجدل، كما أثار أيضًا قدرًا من التفاؤل بإمكانية استعادة مسار السياسي نحو الانتقال الديمقراطي بالبلاد والذي كان قد توقف عقب وقوع انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 نتيجة تصاعد الصراع حول السلطة بين شركاء الفترة الانتقالية التي تأسست على الوثيقة الدستورية لعام 2019 بين المكونات المدنية، من جهة، والمكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي، من جهة أخرى.

ورغم التوصل إلى الاتفاق الأخير، ورغم التأييد الدولي والإقليمي الكبير، فإنه على المستوى الداخلي قد ولَّد ردود أفعال متباينة، حيث صدرت مواقف رافضة له من قبل العديد من القوى والمكونات السياسية المعتبرة. ولذلك، فإن إمكانية فشل الاتفاق الأخير، وبالتالي انتكاس البلاد مرة أخرى إلى مربع الفراغ السياسي، تبقى خيارًا مرجحًا إلى حدٍّ كبير.

وبناءً على ما تقدم، تتناول هذه الورقة الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخرًا بين تحالف الحرية والتغيير/المجلس المركزي، والمكون العسكري برعاية الأطراف الدولية المتمثلة في الرباعية الدولية والآلية الثلاثية؛ حيث يحاول التأسيس لعملية انتقالية جديدة بالبلاد بعد فترة من الانسداد السياسي امتدت لأكثر من عام شهدت البلاد خلالها تطورات سياسية وأمنية واقتصادية ألقت بظلالها على حياة المواطنين، وذلك على النحو التالي. 

أولًا: مقدمات التسوية الحالية: سياقات ما بعد انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول

بالتوازي مع الحراك الجماهيري والحزبي المناهض للانقلاب والقطيعة بين المكون العسكري والمجموعات المدنية وتباعد الشُقة بين الأطراف، تركزت الجهود الدولية والإقليمية على إيجاد مخرج من هذا المأزق لإنهاء الانقلاب وإعادة الحكم المدني الدستوري للبلاد بما يسمح بإعادة البلاد إلى المجتمع الدولي، وتشجيع الأطراف ومساعدتها للوصول إلى "اتفاق يقوده ويملك زمامه السودانيون لاستعادة انتقال ديمقراطي مدني ذي مصداقية"(1).

كانت البلاد قد دخلت في فراغ سياسي كبير عقب فشل اتفاق 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 الموقع بين رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي دُفع إلى تقديم استقالته، في 2 يناير/كانون الثاني 2021، بعد أن فشل في التوفيق بين مواقف المجموعات السياسية داخل ائتلاف الحرية والتغيير لتشكيل حكومة بموجب هذا الاتفاق. ونتيجة لذلك اتسمت المرحلة التي تلت ذلك بالصراع الصفري بين المكونين: العسكري من جهة والمجموعات المدنية من جهة أخرى، حيث تمسكت الأطراف المدنية المناهضة للعسكر برفع شعار "لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية". وفي المقابل، فشل العسكر، الذين دبت الخلافات والصراع بين مكونيهما الرئيسين: قوات الشعب المسلحة وقائدها العام، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، ونائبه في ذات المجلس، الفريق محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، في ملء الفراغ السياسي والاستفراد بالحكم بعد إزاحة شركائهم المدنيين من الحرية والتغيير، ليخضعوا نتيجة لذلك لضغوط دولية وإقليمية لاستعادة النظام الدستوري وتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية.

بشكل عام، "ظلت المرحلة الانتقالية في السودان تشهد انتكاسات وتحديات كبيرة"(2). وإزاء ذلك، وفي محاولة لإيجاد أرضية مشتركة عقب انهيار الفترة الانتقالية ولاحقًا انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول، قالت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، والتي أطلقت عملية سياسية جديدة، واستنادًا لتقريرها الذي غطى الفترة بين 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 و20 فبراير/شباط 2020، إنها أجرت في المرحلة الأولى من العملية "110 اجتماعات تشاورية مع أكثر من 800 مشارك -ثلثهم من النساء- من مختلف أنحاء السودان، بالإضافة إلى الآراء ومجالات التقارب والاختلاف الواردة في أكثر من 80 مقترحًا مكتوبًا"(3).

جهود الرباعية الدولية والآلية الثلاثية

لم يكن الاستقطاب والانقسامات المتأصلة بين التيارات السياسية المختلفة، بما في ذلك صعوبة تكوين ائتلافات أو كتل على أساس أجندة وطنية يمكن أن تؤسس عليها عملية انتقالية حقيقية، هو العامل الوحيد في تعقيد التوصل لحل سياسي، بل إن انخراط الفاعلين الدوليين في تعقيدات الأوضاع في البلاد، كان هو الآخر سببًا في تعميق حالة الانسداد التي مرت بها البلاد خلال السنتين الماضيتين. وفي هذا الإطار، وقع ممثلو المجتمع الدولي طوال هذه الفترة في أخطاء جوهرية، منها: اختزال التسوية في تسويات لقسمة السلطة بين مجموعات سياسية لا تتمتع بشرعية حقيقية عدا معيار الشرعية الثورية المدعاة، فضلًا عن الإصرار على الدوران في حلقة مفرغة من المراحل الانتقالية الطويلة والمتجددة مع كل تسوية، علاوة على الإصغاء للجميع، بغض النظر عن الوزن السياسي، من دون القدرة على تجاوز وضعية الاستقطاب عبر تقديم أجندة توافقية يمكن للفاعلين المحليين الحوار بشأنها.

فمنذ بدايات التغيير السياسي بالبلاد عقب الإطاحة بالرئيس البشير، في أبريل/نيسان 2019، كانت رؤية الفاعلين الخارجيين تقوم على تقاسم السلطة خيارًا وحيدًا للتسوية؛ حيث "مارست الرباعية الدولية المكونة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية ضغوطها المتسقة على المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير للتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة في وقت سريع"(4)

علاوة على ذلك، لم تكن مواقف الفاعلين الدوليين (أو الشركاء) متوحدة لمساعدة السودانيين بل اتخذت نهجًا منحازًا بشكل سافر، فضلًا عن التنافس والصراع بين الرباعية الدولية من جانب والآلية الثلاثية من جانب آخر. وقد أبدى محمد بعليش، رئيس بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان وممثل رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، خلال تقريره الذي قدمه إلى مجلس السلم والأمن الإفريقي، 8 نوفمبر/تشرين الأول 2022، امتعاضه من سلوك ممثلي الرباعية الدولية الذين "أصبح تدخلهم سافرًا"؛ إذ إن الرباعية الدولية "أصبحت تمثل آلية موازية للآلية (الثلاثية) الرسمية"، فضلًا عن ازدواجية المعايير التي تتبعها. ففي الوقت الذي "تعلن دعمها للآلية الثلاثية بصفتها الحيادية من المعلوم على نطاق واسع أنها تتعاطف مع الحرية والتغيير [مجموعة] المجلس المركزي"(5)

ومما لا شك فيه، أن تزايد وتيرة التدخل الخارجي من أجل التوصل لتسوية بصورة متعجلة مرده إلى الخوف من "عودة النظام السابق"؛ فالخوف من عودة الإسلاميين كان أيضًا عاملًا لتعزيز التفاهمات بين الأطراف الخارجية ممثلة في الرباعية الدولية من جانب، والمكونات المدنية وتحديدًا الحرية والتغيير-المجلس المركزي، من جانب آخر، للتوصل إلى تفاهمات لإنهاء حالة الانسداد السياسي التي تلازم البلاد منذ سقوط البشير وتفاقمت لاحقًا عقب انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول؛ حيث "بدأت عناصر من النظام السابق كانت قد أزاحتها الثورة بالعودة تدريجيًّا إلى المشهد السياسي والإدارة والمجال العام"(6)

بناءً على ذلك، وبالنسبة للأطراف التي تقف وراء التسوية الحالية (الاتفاق الإطار)، فإن صعود تيار "نداء أهل السودان" الذي يقف وراءه الإسلاميون بمختلف تياراتهم، بما في ذلك عناصر النظام السابق، والذي أخذ يسيِّر تظاهرات أسبوعية، وفي بعض المناسبات الأخرى، باسم (مواكب الكرامة)، يهدد المجموعات الحاكمة حاليًّا من العسكريين ومدنيي الحرية والتغيير، للآتي: أولًا: أنه تيار آخذ في التشكل ككتلة سياسية مؤثرة قادرة على تحريك الشارع والتعبئة ضد هذه المجموعات الحاكمة والتي تعتبر جزءًا من شركاء العملية الانتقالية والترتيبات التي تلت سقوط النظام السابق. ثانيًا: أن هذا التيار يقود تعبئة عامة ضد مجموعات التسوية وداعميها الخارجيين مستخدمًا أداتين مهمتين: الإسلام والوطنية. ثالثًا: وعلى مستوى الطرح السياسي يطالب بوضوح بإنهاء التفاهمات الجارية والدعوة لتنظيم انتخابات مبكرة تؤسس لشرعية جديدة قد تصب في صالح هذا التيار، وبالتالي ستكون خصمًا من المكاسب المضمونة من التسوية الحالية بين العسكريين والمدنيين التي تتم برعاية دولية وإقليمية.

عقب الانقلاب انصبت جهود المجتمع الدولي على إطلاق عملية سياسية جديدة تحظى بدعم الشركاء الدوليين. وفي هذا الإطار، قادت الآلية الثلاثية المكونة من الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية (يونيتامس)، فولكر بيرتس؛ وممثل الاتحاد الإفريقي، محمد بلعيش؛ وإسماعيل ويس، ممثل الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية الدولية (إيغاد)، قادت عملية التفاوض. ففي 8 يناير/كانون الثاني، أطلقت بعثة الأمم المتحدة عملية سياسية بين الأطراف السودانية "بهدف دعم الجهات السودانية صاحبة المصلحة في الاتفاق على مخرج من الأزمة السياسية وشق طريق مستدام نحو إرساء الديمقراطية والسلام"(7).

وبينما كانت الجهود تتركز لإيجاد أرضية سياسية بين مختلف الأطراف، تفاجأت الآلية الثلاثية والمشاركون في عملية الحوار الوطني وحتى الأطراف الراعية، بإعلان المكون العسكري الانسحاب من العملية السياسية "لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية... لتشكيل حكومة كفاءات وطنية"(8). وكان من البديهي أن يعيد "انسحاب" العسكر من العملية السياسية خلط الأوراق أمام الجميع، بما في ذلك إرباك المجموعات المدنية والآلية الثلاثية على حد سواء، إذ كانت العقبة أمام الحل السياسي هي كيفية تجاوز معضلة المكون العسكري الذي يعتبر شريكًا بحكم الأمر الواقع لا يمكن تجاوزه في أي ترتيبات سياسية انتقالية.

مرجعية التسوية: الاتفاق الإطار: وثيقة المحامين

بموازاة الجهود التي كانت تحاول التوصل لاتفاق بين الفاعلين المختلفين كانت تمضي عملية موازية؛ حيث رعت أطراف من الرباعية الدولية نقاشات أسفرت عن تبلور ما عُرف لاحقًا بـ"وثيقة نقابة المحامين" والتي جسرت الهوة بين الأطراف السياسية المختلفة، وفي نفس الوقت وضعت حدًّا للحلقة المفرغة التي كان تدور حولها الأطراف الدولية (الرباعية الدولية+الآلية الثلاثية). وعلاوة على ذلك، وضعت هذه الوثيقة، رغم الجدل الذي أثارته بعض المسودات أو البنود الواردة فيها، أساسًا لعملية سياسية جديدة مهدت للتوقيع على الاتفاق الإطار في الخامس من ديسمبر/كانون الأول.

وتأسيسًا على ما سبق، انخرط الطرفان (المكون العسكري والمجلس المركزي) في سلسلة حوارات؛ حيث اتفقا مبدئيًّا على أن "تجرى العملية السياسية على مرحلتين، [الأولى] إطارية قائمة على التفاهمات بشأن [وثيقة] دستور نقابة المحامين لإقامة سلطة مدنية ديمقراطية. و[الثانية] نهائية لتطوير الاتفاق الأولي بمشاركة قوى الثورة وأصحاب المصلحة....."(9). كما تم الاتفاق أيضًا على أربع قضايا لكونها "تحتاج لمزيد من البحث والتدقيق" حيث سيتم إخضاعها للنقاش من خلال عقد "مؤتمر أوسع" للتوصل إلى تسوية دائمة، وهي: "الإصلاح الأمني والعسكري، والعدالة، وتفكيك نظام 30 يونيو/حزيران، ومراجعة واستكمال السلام" و"الترتيبات المناسبة لاستقرار شرق السودان"، والتي ستكون "قضايا الاتفاق النهائي"(10)، بحسب هذا الاتفاق.

بعد صدور تلك المواقف والتصريحات التي تشير إلى القبول بوثيقة المحامين أساسًا لتسوية سياسية جديدة، سارع قادة الآلية الثلاثية لتأييد تلك الخطوة جازمين بأن "تفاهمات أساسية تم التوصل إليها بين العسكريين ومُحاوريهم من قوى الحرية والتغيير"(11)

وعلى هذا المنوال، تضمنت وثيقة الاتفاق السياسي الإطار جملة من القضايا التي تثير الخلاف حتى فيما بين المجموعات التي وقَّعت عليها، كما بدا جليًّا الرغبة في التوصل إلى اتفاق وقبول الأطراف وثيقة المحامين باعتبارها "فرصة يجب اغتنامها على وجه السرعة"(12) بعد أشهر من الانسداد، حيث فَهِمت الأطراف الدولية ذلك "التوافق" على أنه بمنزلة تنازلات متبادلة يجب البناء عليها بغضِّ النظر عن النتائج التي سوف تترتب عليها!

عمومًا، جاءت أهم بنود الاتفاق الإطار على النحو التالي(13):

- رئيس الدولة سيكون القائد العام للجيش.

- اختيار رئيس وزراء انتقالي من قبل قوى الثورة.

- تنظيم انتخابات في نهاية الفترة الانتقالية المحددة بعامين.

- الفترة الانتقالية تحدد بعامين منذ لحظة تعيين رئيس وزراء.

- تعيين مدير جهاز المخابرات من صلاحية رئيس الوزراء.

- إطلاق عملية شاملة لكشف الجرائم ومحاسبة مرتكبيها.

- التأكيد على جيش وطني موحد مهني.

- دمج قوات الدعم السريع ضمن الجيش.

- قوات الأمن تتبع لوزارة الداخلية.

- الالتزام بمبدأ تجريم الانقلابات العسكرية.

- يمنع على الجيش والأمن والمخابرات ممارسة الأعمال الاستثمارية.

- الاهتمام بقضية الشرق والحرص على المشاركة السياسية.

- تنفيذ اتفاق جوبا للسلام.

- اعتماد سياسة خارجية متوازنة تلبي مصالح البلاد.

- وقف التدهور الاقتصادي في البلاد.

وأما على صعيد هيكل السلطة الانتقالية، فقد تم الاتفاق بين الأطراف على أن يكون كالتالي(14):

  1. المجلس التشريعي الانتقالي.
  2. المستوى السيادي الانتقالي.
  3. مجلس الوزراء الانتقالي.
  4. المجلس العدلي والمفوضيات المستقلة.

بينما كان الاتفاق على هياكل الأجهزة النظامية على أن تكون وفق التالي:

1- القوات المسلحة.

2- قوات الدعم السريع.

3- الشرطة.

4- جهاز المخابرات العامة.

وتفسيرًا لما تم من توافق، يمكن القول: إنه لا مشاحة، من حيث المبدأ، في أن تتحكم أحزاب المجلس المركزي بالسلطة التنفيذية، غير أن الأمر الأكثر مدعاة للقلق، ليس تمكين الأحزاب من الاستفراد بتشكيل الحكومة والسلطة فحسب وإنما تمكين هذه الأحزاب من تشكيل المؤسسات القضائية والمحكمة الدستورية والنيابة العامة، والتي تعتبر ركيزة لحكم القانون واحترام الدستور وتقييد السلطات الانتقالية بموجبهما ومبدأ الفصل بين السلطات. وبحسب الاتفاق الإطار، ستقوم مجموعات المجلس المركزي بترشيح أعضاء "مجلس عدلي مؤقت" يتكون من 11 عضوًا "دون محاصصة حزبية"! والذي يفترض أن يكون من "الكفاءات الوطنية القانونية" يقوم هذا المجلس بدوره بـ"اختيار رئيس القضاء ونوابه، والنائب العام ومساعديه، ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية"(15)

وفي واقع الأمر، ورغم التشديد على ضرورة تأسيس "سلطة مدنية كاملة"، وكذلك الحديث عن "الكفاءات المستقلة"، فضلًا عن "البعد عن المحاصصات الحزبية"، فإن مثل هذه البنود حمالة الأوجه ستفتح الباب لصراعات بين المدنيين حول مغانم السلطة وليس إرساء أسس الديمقراطية، كما حدث في التجربة الانتقالية الأولي بين 2019 و2021، إذ ليس هناك من ضامن بالتزام هذه الأحزاب بالانحياز لقضايا الثورة والانتقال الديمقراطي، على الأقل خلال الفترة الانتقالية الجديدة التي ستتولى خلالها إنجاز هذه المهام. 

ثانيًا: الصراعات والتحولات في خريطة التحالفات والتكتلات

تشهد الساحة السياسية حالة واسعة من السيولة؛ الأمر الذي يفسر الانقسامات وبروز التكتلات والتحالفات والخطوط الرفيعة التي تفصل وتميز مواقف التيارات السياسية المتصارعة. ومن ذلك انقسام تحالف قوى إعلان الحرية التغيير(16) الذي قادة الثورة والفترة الانتقالية عقب سقوط البشير في أبريل/نيسان 2019، وحتى انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول، إلى ثلاث مجموعات متصارعة ومتنافرة: الأولى: مجموعة المجلس المركزي، والثانية: التغيير الجذري، والثالثة: مجموعة التوافق الوطني.

ونتيجة لذلك، بدلًا من أن يؤسس الاتفاق الإطار الأخير لقاعدة سياسية أوسع لتنهض بمهام الانتقال وتعقيداته، على العكس من ذلك، عمق من حدة الانقسامات والاستقطاب في "ساحة سياسية مجزأة ومضطربة"(17) كالسودان منذ سقوط البشير في أبريل/نيسان 2019، وهو ما يمكن تناوله في التالي:

الموقِّعون على اتفاق جوبا للسلام: الجبهة الثورية

منذ توقيع سلام جوبا في أكتوبر/تشرين الأول 2020، أصبحت "الجبهة الثورية" التي تم تشكيلها في 2011 كتحالف معارض آنذاك، إحدى مكونات العملية الانتقالية. ولاحقًا، ومع احتدام الصراع بين المكون العسكري وشركائه في العملية الانتقالية والوثيقة الدستورية لعام 2019 على السلطة، انحازت الجبهة الثورية التي كونت آنذاك (تحالف الحرية والتغيير-التحالف الوطني) إلى المكون العسكري الذي قام بالانقلاب في 25 أكتوبر/تشرين الأول.

وعقب التوقيع على اتفاق جوبا أو نموذج "سلام الرتب" انخرط المتمردون السابقون وحلفاؤهم في مساومات "سوق السياسة في السودان" الذي يقوم، كسلوك حاكم للطبقة السياسية في الحكم أو المعارضة، على استخدام المال السياسي لشراء الولاءات؛ حيث يتم اختزال "السلام" فقط في حصول القادة على "الرتب والوصول إلى المال". وعليه، سرعان ما تحول هؤلاء إلى "موزعي وظائف"(18) بهدف بناء قاعدة سياسية لهم.

عزز الاتفاق الإطار الحالي من الانقسام بين المجموعات المتمردة الرئيسية؛ حيث انقسمت الجبهة الثورية حيال الاتفاق الإطار بشكل كبير. ففي حين أعلنت مجموعة منها تأييد التوقيع على الاتفاق كمجموعة مسار دارفور والمنطقتين (الهادي إدريس ومالك عقار)، ومجموعة مسار الشرق (خالد إدريس وأسامة سعيد)؛ عارضت الاتفاق حركتا "العدل والمساواة" و"تحرير السودان"، واللتان انضويتا تحت مظلة تحالف جديد باسم (الكتلة الوطنية).

أما المكون الآخر من الجبهة الثورية، والأكثر نفوذًا، وهو الحركة الشعبية قطاع الشمال، ورغم ما يعرف عن قادته، وتحديدًا ياسر عرمان من براعة في المناورة، إلا أنه شهد بدوره انشقاقًا جديدًا على خلفية تباين المواقف حول انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول بين رئيس الحركة (مالك عقار) ونائبه (ياسر عرمان) ليعلنا في 18 أغسطس/آب "الانقسام بشكل ودي"(19). ومن المفارقات، أنه رغم وقوع هذا الانشقاق بين تيارين، الأول بقيادة ياسر عرمان واختار أن يطلق على نفسه "الحركة الشعبية-التيار الثوري الديمقراطي"، بينما التيار الثاني بقيادة مالك عقار عضو مجلس السيادي الانتقالي باسم "الحركة الشعبية-شمال"، فإن كلا التيارين قد وقعا على الاتفاق الإطار رغم اختلافاتهما الجذرية متخلين بذلك عن رفقائهما الآخرين في الجبهة الثورية ومن مسار دارفور تحديدًا

رافضو اتفاق جوبا للسلام: الحلو/عبد الواحد نور

وضمن "قضايا ومهام الانتقال"، أشار الاتفاق الإطار، إلى ضرورة "تنفيذ اتفاق سلام جوبا بعد تقييمه وتقويمه بين الموقعين على الاتفاق السياسي وأطراف سلام جوبا، وأن السلطة التنفيذية الانتقالية التي ستشكَّل وفق هذا الاتفاق ستتولى "مهام التفاوض والوصول لاتفاقات سلام نهائية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، بناءً على إعلان المبادئ الموقع في مارس/آذار 2021، والتفاوض مع حركة وجيش تحرير السودان وبقية حركات الكفاح المسلح غير الموقِّعة"(20).

فضلًا عن ذلك، تضمن الاتفاق الإطار الإشارة إلى استكمال السلام، خاصة مع غير الموقعين، ففي الفقرة الثالثة من "قضايا الاتفاق النهائي" جرى النص على: "تنفيذ اتفاق سلام جوبا، مع تقييمه وتقويمه بين الموقعين على الاتفاق السياسي وأطراف سلام جوبا، مع التزام صميم بالحفاظ على مكتسبات المناطق المتأثرة بالنزاع.. التي تضمنها اتفاق جوبا لسلام السودان" (21)

كذلك، وفي إطار العملية السياسية التي تيسرها الآلية الثلاثية للتوصل إلى "اتفاق وسلام دائم في السودان"(22)، وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول 2022، أجرى ممثلو الأخيرة بجوبا (عاصمة دولة جنوب السودان) مشاورات منفصلة مع قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، ومع حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد أحمد النور؛ حيث شدَّدت الحركتان على "الحاجة إلى انتقال يعالج القضايا السودانية الأساسية"(23)

في الوقت الذي انقسمت مكونات الجبهة الثورية حيال التوقيع على الاتفاق الإطار، وفي ظل الانتقادات المتزايدة ضد اتفاق جوبا للسلام الذي "لم يستفد منه بعد السكان الأكثر تضررًا من النزاع في دارفور والمنطقتين"(24)، لاسيما أنه، كتسوية تهدف لإحلال السلام، "لا تدعمها أية موارد حقيقية"(25) فيما تفتقر البلاد إلى الموارد لمقابلة تكلفة تنفيذها حاليًّا، فيما يُحجم المانحون الدوليون عن تقديم هذا الدعم، وهو ما يجعل هذا الاتفاق لا يصمد أمام المطالبات بإعادة النظر فيه ومراجعته.

وتأسيسًا على ذلك، فإن أكبر التحديات في ملف السلام، هي كيفية إقناع المجموعات المتمردة الرافضة لعملية سلام جوبا كقطاع الشمال بزعامة عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد أحمد النور، اللتين ستزدادان تعنتًا برفض الدخول في مفاوضات سلام مع المجموعات الحاكمة في الفترة الانتقالية الجديدة؛ وذلك للأسباب التالية:

  1. لدى الحلو/عبد الواحد نور موقف عدائي من قوات الدعم السريع وقائدها (الفريق محمد حمدان دقلو) باعتبارها "ميليشيات"، بالتالي ليست مستعدة للجلوس معه على طاولة للتفاوض؛ حيث ترى أنه خصم لها في أية تسوية ستتم نظرًا للوضعية الحالية لهذه القوات (قوات الدعم السريع)، لاسيما بعد إضفاء الشرعية عليها سواءً إبان حكم نظام السابق، باعتبارها قوات مخصصة لمكافحة التمرد، أو في مراحل ما بعد إسقاط البشير باعتبارها شريكًا في "التغيير"، أو الاعتراف بها كيانًا مستقلًّا ضمن تشكيلات "الأجهزة النظامية" الأربعة بالبلاد في الاتفاق الإطار حتى "يتم دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة وفق الجداول الزمنية المتفق عليها".
  2. كما يراهن تحالف الحلو/عبد الواحد أيضًا على أن إيلاء ملف السلام إلى الحكومة المدنية من شأنه تعزيز مكاسبهما. وخلال المرحلة السابقة، وفي مسعى لتقويض اتفاق جوبا وفرض معادلات جذرية أمام الجهود التي تبذل في سياق بناء السلام بالبلاد، وقَّع الحلو مع رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، اتفاقيتي مبادئ تحملان نفس الملامح، في 3 سبتمبر/أيلول 2020 و28 مارس/آذار 2021، بهدف دق إسفين بين المكون العسكري الذي تولى ملف السلام مع الجبهة الثورية، وتيار رئيس الوزراء الذي كان هو المسؤول نظريًّا عن هذا الملف. بينما أعلن عبد الواحد إرسال مبعوثين عنه كما ظل يردد مواقفه المعروفة عنه لسنوات لتحقيق السلام.
  3. وكذلك لدى عبد العزيز الحلو أيضًا خصومة سياسية مع الحركة الشعبية-شمال؛ حيث قام في 7 يونيو/حزيران 2017، وهو نائب رئيس الحركة، بعزل رئيس الحركة (مالك عقار)! كما أقال أيضًا أمينها العام، ياسر عرمان. وعلاوة على ذلك، يرى -بجانب عبد الواحد نور أيضًا- أن التراجع الكبير للحركات التي وقَّعت اتفاق سلام جوبا يجعلهما أكثر مشروعية للتوصل لصفقة تكون راديكالية لإعادة هيكلة الدولة السودانية وفق رؤيتهما للصراع بين ما يسمى بالمركز والهامش.
  4. علاوة على ذلك، ومما يجعل من تحقيق السلام الشامل أمرًا صعبًا خلال المرحلة الانتقالية الجديدة وفق هذا الاتفاق الإطار، أن اتفاقية جوبا التي وقَّعها تحالف الجبهة الثورية، كما سبقت الإشارة، ينظر إليها كل من الحلو وعبد الواحد نور على أنها قد أضعفت مواقفهما؛ حيث أصبحا مرغميْن على تقديم تنازلات جوهرية بينما كانا يعتبران الأقوى بين كافة مجموعات التمرد؛ ما يعزز من مواقف الداعين لمراجعة هذا الاتفاق. وهذه الدعوات ستجد مقاومة من الموقِّعين على الاتفاقية.

المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة

تم تأسيس هذا المجلس الأعلى، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، في خضم الفراغ الذي نشأ عقب سقوط النظام السابق وتزايد الصراع بين المكونات المحلية لملء هذا الفراغ، والتنافس حول تمثيل الشرق(26) في مستقبل السلطة التي تتشكل على مستوى المركز والأقاليم. ونتيجة لذلك، وَقَعَت تلك المكونات على جانبي خطوط الصدع المتفجرة بين المعارضة والحكومة داخل الإقليم وعلى مستوى الحكومة الفيدرالية.

أدى توقيع اتفاق جوبا للسلام وتخصيص مسار للشرق، من بين خمسة مسارات إقليمية تضمنها الاتفاق، إلى تفجير الصراعات في هذا الإقليم الذي يتكون من ثلاث ولايات (البحر الأحمر، القضارف، كسلا). وفي يوليو/تموز 2020، تم توقيع مسار الشرق بين ممثلي الحكومة الانتقالية في ذلك الحين وممثلي الشرق بالجبهة الثورية (خالد شاويش-أسامة سعيد). ومنذ ذلك الحين تصاعد الصراع بين الرافضين للاتفاق والمؤيدين له(27).

مؤخرًا، ومع اقتراب التسوية بعد الإعلان عن التوافق حول الاتفاق الإطار، احتدمت حدة التنافس السياسي مجددًا على ملف الشرق. وفي حين اصطف رئيس المجلس، محمد الأمين ترك، مع الحرية والتغيير-التحالف الديمقراطي، سارعت مجموعات مناوئة بانتقاد تحالفه مع مكونيْن رئيسين من الموقِّعين على اتفاق سلام جوبا الذي أسس لما تُعرف بـ"المسارات"(28) وتتمسك بمسار الشرق بينما يضع المجلس إلغاء هذا المسار شرطًا لتسوية قضية شرق السودان. وفي الوقت الذي أكد فيه مناهضو خطوة ترك "تمسكهم بإلغاء مسار شرق السودان وإعلان منبر تفاوضي تنفيذًا لمقررات مؤتمر سنكات"، شددوا أيضًا على أنه "لن يكون البجا والإقليم جزءًا من أية تسوية أو عملية لا تتبني حلًّا جذريًّا لقضية الإقليم"(29).

سارع الموقعون على مسار الشرق (أسامة سعيد وخالد شاويش) للتوقيع على الاتفاق الإطار، وبالتالي أصبحا فاعلين جديدين محتملين في المشهد السياسي، رغم انزواء أبرز مجموعات مسار دارفور (العدل والمساواة وحركة تحرير السودان) الرافضة للمساس باتفاق سلام جوبا، بما في ذلك مسار الشرق، والتي تحالفت مؤخرًا مع أبرز مناهضي المسار الأخير.

قبل ذلك، وفي إطار الصراع السياسي، وظَّف قادة المكون العسكري في إطار صراعهما على السلطة التوتر في شرق السودان لتقويض شركائهم المدنيين وحكومة رئيس الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك. وفي الوقت الذي نسجوا فيه علاقات مع المجلس الأعلى لنظارات البجا وزعيمه (ترك) كذلك بذلوا وعودًا بإلغاء مسار الشرق، كما احتفظوا أيضًا بخيوط التواصل مع الموقعين عليه والمتمسكين به. وفضلًا عن ذلك استخدم العسكر شراء الوقت للإبقاء على الأوضاع المتفجرة في شرق البلاد تحت السيطرة. وفي هذا الإطار، وفي "16 ديسمبر/كانون الأول، أعلن نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، تعليق مسار الشرق ضمن اتفاق جوبا للسلام". ومن جانبه، "وفي 28 ديسمبر/كانون الأول، شكَّل الفريق البرهان لجنة لحل قضايا الشرق برئاسة الفريق أول دقلو"(30).

ووفقًا لما سبق، فإن هدف مجموعة الكتلة الديمقراطية من وراء التحالف مع بعض المكونات التقليدية، وتحديدًا الإعلان عن اختيار محمد الأمين ترك -رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة- رئيسًا عليها(31)، يمكن تفسيره بالعوامل التالية: الأول: قطع الطريق لتوظيفه ورقة رابحة ضد مصالح ومكاسب مجموعات سلام جوبا، سواء من قبل المكون العسكري أو المجموعات المدنية (المجلس المركزي) التي ستتولى السلطة "المدنية" خلال الفترة الانتقالية المرتقبة. الثاني: وفي نفس الوقت، يمكن أن توظفه مجموعات الكتلة الديمقراطية في مواجهة مكونات السلطة الانتقالية الجديدة على غرار ما جرى من إغلاق الشرق الذي مهد لوقوع انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول الذي قاده المكون العسكري ضد شركائه من الحرية والتغيير أو مجموعة رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك.

وكذلك، من الضرورة الإشارة إلى أن من تداعيات اختيار ترك نائبًا لتحالف الكتلة الديمقراطية انقسام مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة، الذي كان قد توحد قريبًا بعد إنهاء الخلافات(32) بين مكوناته نتيجة الوساطة التي قادها والي البحر الأحمر الأسبق، محمد طاهر أيلا، وهو ما سيزيد من عوامل الاحتقان في الإقليم خلال المرحلة المقبلة. 

تحالف قوى التغيير الجذري 

يقود هذا التحالف الحزب الشيوعي السوداني الذي اختار مبكرًا التمايز عن بقية مكونات ائتلاف الحرية والتغيير على خلفية الموقف من التسوية السياسية ودور المكون العسكري خلال الفترة الانتقالية، ويضم هذا التحالف كافة "الأحزاب السياسية المؤمنة بفكرة التغيير الجذري والنقابات ولجان المقاومة والتنظيمات المدنية التي حملت السلاح دفاعًا عن قضايا مناطقها"(33). كما يضم أيضًا "لجان المقاومة بالعاصمة والولايات، واتحادات المزارعين وتنظيماتهم، وتنسيقيات النازحين، والتجمعات الثورية بمواقع العمل، والأجسام الثورية النوعية والفئوية"(34)

وبعد أن غادر الحزب الشيوعي تحالف الحرية والتغيير، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، رمى الحزب بكل ثقله وراء لجان المقاومة التي أصبحت ترمز للزخم الشعبي للثورة من خلال الاستمرار في تسيير التظاهرات والاحتجاجات، وتوقيع سلسلة من "الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب"(35) وكان آخرها في 28 سبتمبر/أيلول 2022. 

فضلًا عن ذلك، ومع استمرار التمزق في صفوف قوى الثورة، خطا الحزب الشيوعي خطوة إلى الأمام عبر السعي لتكوين تحالف يضم القوى والمجموعات المؤمنة بالتغيير الجذري وضد التسويات السياسية أو "الهبوط الناعم"، فكان تأسيس تحالف القوى الجذرية. وبالإضافة الى الفرع الموالي للحزب الشيوعي من "تجمع المهنيين السودانيين"، يضم هذا التحالف كذلك مجموعات تنطلق من نفس الموقف الجذري، منها: "ميثاق الشهداء والثوار، وضباط وصف وجنود شرطة مفصولين، والتحالف الاقتصادي، وتحالف مزارعي الجزيرة والمناقل، والاتحاد النسائي السوداني، ولجنة القضايا المطلبية، واللجنة القومية للمفصولين، وهيئة محاميي دارفور وتحالف جند الوطن (...) لإسقاط الانقلاب العسكري، واستلام السلطة في المركز والولايات"(36).

بجانب الرهان على استمرار حراك الشارع وكذلك مجاراة ظاهرة موجة التحالفات والتكتلات التي تغزو الساحة السياسية في ظل السيولة التي تمر بها البلاد، كذلك سعى الحزب الشيوعي للتحالف مع غير الموقِّعين على اتفاق جوبا للسلام (الحلو/عبد الواحد)، وهو تحالف مركب يحقق له النتائج التالية: أولًا: يضفي شرعية على السرديات المناهضين للتسوية التي تضم القوى التقليدية وقوى "الهبوط الناعم" التي تؤيد استمرار النظام القديم حتى لو تدثرت بعباءة الثورة. ثانيًا: توظيف الرافضين ضد تحالف الموقعين من الجبهة الثورية والذين اصطفوا إلى جانب تيار التسوية من العسكر وشركائهم من الحرية والتغيير. ثالثًا: توظيف الرافضين ورقة ضغط عسكرية فعالة ضد المكون العسكري وضد الدعم السريع على وجه التحديد إن اقتضت التطورات مثل هذا الخيار.

قوى الحرية والتغيير (اللجنة المركزية)

رغم اعتبار هذا التحالف ائتلافًا يمثل تيار المدنيين الذي سيتولى إدارة الفترة الانتقالية التي يجب أن تكون مدنية بالكامل دون أية شراكة مع المكون العسكري، فقد قاطعت ورفضت أحزاب كانت تعتبر جزءًا من مجموعة المجلس المركزي كالبعث العربي الاشتراكي (الأصل)، كما أعلن الحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري تجميد عضويته في المجلس المركزي، وبالتالي بات حزب الأمة القومي والمؤتمر السوداني، وجناح من تجمع المهنيين السودانيين، أبرز الباقين داخل الحرية والتغيير الموقعة على الاتفاق الإطار.

في ذات الإطار، ومنذ الوهلة الأولى، بات من الواضح أن الصراع والخلاف بشأن تفسير بنود الإعلان السياسي قد بدأ يطفو على السطح حتى بين الموقعين على الاتفاق الإطار؛ حيث ينقسمون إلى فريقين غير متساويين على صعيد اتخاذ القرارات وصنع السياسات المتعلقة بتطبيق بنود الاتفاق أو أجندة المرحلة اللاحقة(37): المجموعة الأولى، تعرف بـ"قوى الثورة" وهي تضم مكونات المجلس المركزي باعتبارها وريثة الثورة، بينما تعرف المجموعة الثانية بـ"قوى الانتقال" وتضم المؤتمر الشعبي، والاتحادي (الأصل)، وجماعة أنصار السنة المحمدية، وهي التي كانت لها مواقف مؤيدة للثورة، خاصة انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول، وإن لم تكن جزءًا من الأولى.

لاحقًا، ومع تواتر المواقف الدولية المؤيدة لتوقيع الاتفاق الإطار، في وقت تراهن فيه القوى السياسية على اكتساب الشرعية والدعم من الخارج أكثر من الداخل، وخاصة بعد ما أعلنته الإدارة الأميركية "لن نتردد في استخدام سياستنا الموسعة ضد المفسدين في عملية الانتقال الديمقراطي في السودان تمامًا كما استخدمنا [سابقًا] سياسة القيود على منح التأشيرات ضد من قوضوا الحكومة الانتقالية السابقة بقيادة مدنية"(38)، أعلنت مجموعات معارضة(39) تأييدها له ورغبتها في التوقيع عليه. وهي تطورات لن تغير من حقيقة أن التسوية الراهنة تثير المزيد من الانقسامات السياسية بالبلاد.

الحزب الاتحاد الديمقراطي (الأصل)

تزايدت وتيرة الانقسامات وسط التيارات الاتحادية (الوحدوية). وانقسم الحزب الاتحادي الديمقراطي، وهو أحد أعرق الأحزاب بالبلاد، كغيره، حيال الاتفاق الإطار، والذي يعتبر أيضًا، بجانب حزب الأمة القومي، من الأحزاب التقليدية الطائفية؛ حيث دعا الحزب، ردًّا على إعلان بعض قياداته عزمهم التوقيع على الاتفاق الإطار، إلى "التعامل مع مؤسسات الحزب الرسمية"(40)، واعتبر قرار أصدره مكتب المراقب العام للحزب برئاسة مولانا محمد عثمان الميرغني، تجميد عضوية نجل زعيم الحزب، محمد الحسن، الذي وقَّع على الاتفاق الإطار إلى جانب مجموعة اللجنة المركزية "لخروجه عن خط الحزب". بينما تمسك نجل زعيم الحزب الأصغر، جعفر الميرغني، بوجوده رئيسًا على "الكتلة الديمقراطية"(41) التي تضم "العدل والمساواة" بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة "تحرير السودان" برئاسة مني أركو مناوي.

في دوائر الأحزاب الأخرى، تبرأ المؤتمر الشعبي (إسلامي)، ممثلًا في اللجنة المفوضة لتنفيذ قرارات هيئة الشورى داخل الحزب، من التوقيع على الاتفاق "يمثلون أنفسهم"(42). كما أعلن الحزب الجمهوري بقيادة حيدر الصافي، أيضًا رفضهم التوقيع على الاتفاق الإطار(43)، بينما رفض "التيار الإسلامي العريض" الاتفاق أيضًا، والذي "استبعد جُل أهل السودان وتنكر لهوية الإسلام"(44)

ثالثًا: مسارات البناء: تحديات المرحلة الانتقالية "الجديدة"

رغم أن الاتفاق الإطار هو مرحلة أولى نحو مراحل تالية معقدة، فإنه في واقع الأمر يفتح الباب لمزيد من الصراعات والاستقطاب على الساحة السياسية؛ فالتنازع حول حصص التمثيل في السلطة التنفيذية أو المفوضيات أو حتى المجلس التشريعي كلها عوامل مشجعة على الانقسام والصراع وليس التوافق حول قضايا الانتقال أو الديمقراطية، لاسيما أن الفترة الانتقالية الجديدة بموجب الاتفاق الإطار ستكون طويلة نسبيًّا، مرة أخرى، حيث تم الاتفاق على مدة 24 شهرًا تبدأ من تعيين رئيس الوزراء. 

وبشكل عام، فإن ما يجعل عمليات الانتقال السياسي بالبلاد أقرب للفشل والتعثر والانكسار أنها هدفت -نظريًّا على الأقل- لإنجاز مهام جسام تتطلب ليس فقط وجود نخب سياسية قادرة على تكوين كتلة وطنية، بل أيضًا تكون ملتزمة بذلك دون الوقوع في شِراك المساومات أو المحاصصات أو الصراعات الحزبية الضيقة، وفي ذات الوقت تنأى هذه النخب بنفسها عن التدخلات الخارجية الضارة. وهذه المهام تمضي عبر أربعة مسارات متوازية، وهي:

  1. مسار بناء (أو إعادة بناء) الدولة: شكلت المراحل الانتقالية السابقة فرصة مهدرة للتوافق على مشروع وطني لإعادة بناء الدولة الوطنية على أسس جديدة تشكل قطيعة مع إرث الفشل الذي امتد على مدى أكثر من خمسة عقود بعد استقلال البلاد، والعمل لضمان عدم تكرار تجارب العقود الماضية. ويشمل ذلك معالجة قضايا كبرى كالهوية الوطنية ونظام الحكم الأمثل والدستور الدائم والعلاقات المدنية العسكرية.
  2. مسار الانتقال إلى الديمقراطية: وذلك بالقطيعة مع أنماط الحكم العسكري وكافة أشكال الحكم غير الديمقراطي، بجانب الانتقال من نظام الحزب الواحد، أو بالأحرى أحزاب الأقلية التي تفتقر إلى الديمقراطية الداخلية، إلى نظام متعدد الأحزاب يقوم على شرعية تمثيلية حقيقية عبر صندوق الاقتراع وإجراءات الشفافية والنزاهة الديمقراطية. علاوة على إعادة بناء الأحزاب نفسها وتدريبها على الديمقراطية الداخلية، إذ إنها بحالتها الراهنة غير مؤتمنة على إرساء الديمقراطية في البلاد بينما هي تفتقر إليها في هياكلها الداخلية.
  3. مسار الانتقال من الحرب إلى السلام: كذلك شكلت مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق فرصة لإنهاء دورة الحروب والصراعات المسلحة التي نتج عنها الدمار، وبالتالي هي أيضًا كانت فرصة لإدماج مجموعات التمرد بأطراف البلاد في العملية السياسية الجديدة، من خلال مساعدة وتشجيع هذه المجموعات للتحول إلى أحزاب شرعية، فضلًا عن استدامة السلام الشامل بالبلاد.
  4. مسار تحويل الثقافة السياسية: في ضوء الانخراط المتزايد في الحراك الجماهيري مثلت الفترة الانتقالية فرصة لتغيير الثقافة السياسية الراهنة بالبلاد؛ حيث بدا جليًّا أن الأحزاب، وكذلك الحركات المسلحة، بصيغتها التقليدية كحامل وحيد للتعبير عن المطالب والحقوق السياسية تبتعد عن فكرة الرقابة والمساءلة، كما أصبحت فارغة المضمون والبرامج، وأن الثقافة السياسية المتمركزة حول السلمية والنضال من أجل الحقوق والمطالب العامة يمكنها تجاوز الحزبية الضيقة وافتراع طرائق جديدة للتعبير عن الإرادة الشعبية، وكذلك بناء مواطنة متجاوزة للأطر الضيقة كالجهوية والعرقية. وينطبق الأمر نفسه على الثقافة السياسية في مناطق الهامش التي تغذت على العنف والصراع، بما يمكِّن من تحويل تلك الثقافة إلى روح جديدة. 

رابعًا: أهم السيناريوهات المتوقعة

كما أسلفنا، رغم أن التوصل لاتفاق بين الأطراف قد كسر حالة الجمود مؤقتًا فإن فرص نجاحه مشكوك فيها. وفي ضوء كل ما تقدم، نحاول فيما يلي رسم أهم السيناريوهات المتوقعة، وذلك على النحو التالي:

السيناريو الأول: وهو السيناريو الأرجح، هو فترة انتقالية مضطربة؛ حيث ستكون فيها حكومة هشة قد تنهار في نهاية المطاف تحت وطأة الفشل وعدم القدرة على الاضطلاع بمهامها نتيجة الصراعات الداخلية والفوضى، سواءً داخل المكون العسكري نفسه أو المجموعات المدينة، فضلًا عن تصاعد المعارضة والحراك المناهِض لهذه الحكومة المدنية الانتقالية.

السيناريو الثاني: تصاعد التوتر في شرق السودان، الذي سيصبح مركز الصراع الرئيس في البلاد، وهو سيناريو مرجح ليس فقط نتيجة لمناهضة الاتفاق الإطار، ولكن نتيجة الصراع حول مسار الشرق ضمن اتفاقيات جوبا للسلام بين مختلف الفاعلين ولعوامل متعددة، في الوقت الذي انقسمت فيه أكبر المجموعات (المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة). كما أن بدخول التيار الداعي للتمسك بهذا المسار السلطة الانتقالية طرفًا رئيسًا ستكون هناك ثلاثة دوافع للتصعيد: الدافع الأول: نشاط مناهضي الاتفاق الإطار والحكومة التي ستشكل على أساسه، والثاني: الصراع بين المكونات المحلية واحتمالات تجدد الصراعات القبلية مرة أخرى داخل الاقليم. والثالث: تلاعب المكون العسكري بتوظيف صراعات المجلس أو السعي للتحالف مع مجموعات محلية متنافسة، وهنالك أيضًا احتمالات توظيف مجموعات مسار دارفور لورقة الشرق في حال خسرت مكاسبها الحالية في السلطة.

السيناريو الثالث: دور كبير ومتزايد للضامنين الدوليين كالآلية الثلاثية والرباعية الدولية لتوفير أشكال الدعم للحكومة المدنية الانتقالية التي ستتشكَّل بموجب الاتفاق الإطار، بجانب حشد المزيد من التأييد المحلي للاتفاق الإطار، وهو سيناريو مرجح إلى حدٍّ ما، بجانب العمل على حمل الأطراف الموقعة على الاتفاق على الالتزام ببنوده وإكمال المرحلة التالية للنقاش حول القضايا الأربع المبينة أعلاه وغيرها قبل التوصل إلى تسوية نهائية يشارك فيها أكبر عدد من المكونات. لكن، ورغم ذلك فإن المجتمع الدولي لا يستطيع التحكم في كافة وتائر التفاعلات المحلية.

السيناريو الرابع: تعقيدات مسار السلام؛ حيث سيعمل المجتمع الدولي "لإلحاق" غير الموقعين، وهو احتمال ضعيف، ولكن سيحافظ على قنوات تواصل معهم لمنع أي شكل من أشكال التصعيد العسكري، بينما يعمل المكون العسكري، من جانبه، على مسارين متوازيين لإضعاف حركتي "العدل والمساواة" و"تحرير السودان": الأول: تشجيع الرافضين وغير الموقعين على الدخول في عملية سلام برعاية وضمانات دولية، وهي عملية سينخرط فيها المدنيون والعسكر على حد سواء بهدف الحصول على دعم وتأييد هذه المجموعات وتوظيفها أوراقًا في الصراع السياسي. والمسار الثاني: فتح اتفاق جوبا للسلام لمراجعته ليستوعب غير الموقعين، وربما يؤدي ذلك لإلغائه. وفي ضوء هذا السيناريو وحيال ذلك فإن خيار لجوء بعض المكونات في مسار دارفور للحرب مرة أخرى يظل خيارًا مستبعدًا لكون الأطراف الدولية ستمارس عليها ضغوطًا لمنعها من ذلك، وللتغيرات التي طرأت على البيئة الإقليمية التي كان توفر لها الدعم في السابق.

خاتمة

رغم الآمال العريضة التي تُعقد على توقيع الاتفاق الإطار الأخير فإن تعقيدات المشهد السياسي بالبلاد، على نحو ما تم شرحها أعلاه، تجعل من سقوف الأمل في تحقيق تسوية سياسية نهائية شاملة متدنية وأمرًا بعد المنال في المدى المنظور على الأقل، لاسيما بعد فشل الفاعلين الدوليين في فهم سياقات تلك التعقيدات لتجاوزها وعدم الوقوع في شِراك الانحياز وبالتالي تفويت الفرص على إمكانيات تحقيق تسوية.

كذلك، وفي ضوء الدور الكبير للرباعية الدولية، خاصة تحركات سفير الولايات المتحدة في السودان وبدء تحركات مماثلة للسفير الروسي، فإن الفترة الانتقالية المرتقبة قد تشهد تنافسًا أكبر بين القوى الكبرى، وهو ما ينعكس سلبًا على جهود التسوية السياسية لتحقيق الاستقرار الدائم في البلاد.

ABOUT THE AUTHOR

References

1. مجلس الأمن، تقرير الأمين العام، الحالة في السودان وأنشطة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية في السودان، 898S/2022/،01، ديسمبر/كانون الأول 2022، ص 10.

2. مجلس الأمن، تقرير الأمين العام الحالة في السودان وأنشطة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية في السودان، S/2022/172،22، مارس/آذار 2022، ص 1.

3. بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، ورقة تلخيصية، مشاورات حول عملية سياسية للسودان، عملية شاملة بين السودانيين نحو المضي قدمًا نحو الديمقراطية والسلام، 28 فبراير/شباط 2022، ص 3-4.

4. جان بابتيست جالوبين وإدوارد توماس؛ وأليكس دي دوال، سوق السودان السياسي في عام 2021 المال العام والسياسة العامة، واتفاقية جوبا والتنافس على الموارد، برنامج الأبحاث في مجال النزاعات، مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، مايو/أيار 2021، ص 18.

5. Moussa Faki’s special envoy takes on the “Quarter”, African intelligence, 08/11/2022, p 1.

6. إحاطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، أمام مجلس الأمن، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، (تاريخ الدخول: 2 ديسمبر/كانون الأول 2022)،  https://bit.ly/3Pbd2sS

7. Moussa Faki’s special envoy takes on the “Quarter”, Op.

8. مجلس الأمن، تقرير الأمين العام، الحالة في السودان وأنشطة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية في السودان، /2022/ 667 S 02، سبتمبر/أيلول 2022. ص 3.

9. مشاورات بين الحرية والتغيير وقوى سياسية للتوافق على الاتفاق الإطار، سودان تربيون، 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، (تاريخ الدخول: 2 ديسمبر/كانون الأول 2022)،  https://bit.ly/3izi6uQ

10.  انظر، وثيقة الاتفاق السياسي الإطار، ص 5.

11. محمد بعليش، فولكر بيرتس، إسماعيل وايس، السودان.. بارقة أمل سياسي، نُشر على موقع بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، (تاريخ الدخول: 2 ديسمبر/كانون الأول 2022)،  https://bit.ly/3Hh5frx

12.  مجلس الأمن، تقرير الأمين العام، الحالة في السودان وأنشطة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية في السودان، S/2022/172، مصدر سابق.

13. أبرز بنود الاتفاق الإطار في السودان، الشرق الأوسط، 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، (تاريخ الدخول: 5 ديسمبر/كانون الأول 2022)، https://bit.ly/3Ba9rWb

14. وثيقة الاتفاق السياسي الإطار، مصدر سابق، ص2.

15. نفس المصدر، ص3.

16. عمرو حمزاوي: تحالف التغيير الجذري، جريدة الأيام، 27 يوليو/تموز 2022، (تاريخ الدخول: 2 ديسمبر/كانون الأول 2022)،  https://bit.ly/3VMBC5h

17. سوق السودان السياسي في عام 2021، مصدر سابق، ص 2.

18. نفس المصدر، ص 31.

19. مجلس الأمن، تقرير الأمين العام، الحالة في السودان وأنشطة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية في السودان، S/2022/172، مصدر سابق، ص3.

20. سوق السودان السياسي في عام 2021، مصدر سابق، ص 2.

21. بتصرف: وثيقة الاتفاق السياسي الإطار، ص 5.

22. الحساب الرسمي لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية على تويتر، 1 ديسمبر/كانون الأول، https://bit.ly/3WfElnZ

23. نفس المصدر.

24. مجلس الأمن، تقرير الأمين العام، الحالة في السودان وأنشطة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية في السودان، S/2022/172، مصدر سابق، ص 16.

25. سوق السودان السياسي في عام 2021، مصدر سابق، ص 31.

26. حول التفاعلات المحلية والأبعاد الإقليمية الأخيرة الأوسع لشرق السودان، ينظر: سلطان بركان، مني هداية، مركزية إقليم الشرق في سلام السودان: التوترات القائمة والوقاية من تصاعد النزاع، سياسات عربية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، العدد 52، المجلد 9، يوليو/تموز 2021.

27. حول "المسارات"، راجع: سوق السودان السياسي في عام 2021، مصدر سابق، ص 42.

28. الخلافات تضرب مجلس البجا مجددًا بسبب (ترك)، سودان تربيون،  ديسمبر/كانون الأول 2022، (شُوهد في 2/12/2022) على الرابط:  https://bit.ly/3FpEpea. أما بشأن "مقررات مؤتمر سنكات"، راجع: مؤتمر سنكات الثاني يمهل الحكومة أربعة أشهر لحل قضية شرق السودان وفقًا لمقررات المؤتمر الأول، راديو دبنقا، 1 آب/أغسطس 2022، (شُوهد في 4/12/2022)، على الرابط:https://bit.ly/3HyPWKM

29. الخلافات تضرب مجلس البجا مجددًا بسبب (ترك)، مصدر سابق.. وبشأن فكرة "المسارات" راجع، سوق السودان السياسي في عام 2021، مصدر سابق، ص 31.

30. مجلس الأمن، تقرير الأمين العام الحالة في السودان وأنشطة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية في السودان، S/2022/172، 22، مصدر سابق، ص 3.

31. "الكتلة الديمقراطية" تختار زعيمًا أهليًا نائبًا لرئيسها، سودان تربيون، 30/11/2022، (تاريخ الدخول: 2 ديسمبر/كانون الأول 2022)،  https://bit.ly/3OZGTUP

32. الخلافات تضرب مجلس البجا مجددًا بسبب (ترك)، مصدر سابق. 

33. عبد الحميد عوض، الإعلان عن تحالف جديد لـ"قوى التغيير الجذري" في السودان، العربي الجديد، 24 يوليو/تموز 2022، (تاريخ الدخول: 2 ديسمبر/كانون الأول 2022)،  https://bit.ly/3VQCbuK

34. انظر: البيان التأسيسي لتحالف قوى التغيير الجذري الشامل، 24 يوليو/تموز 2022، على صفحة الحزب الشيوعي السوداني على الفيسبوك، الرابط: https://bit.ly/3B3pLYr

35. مجلس الأمن، تقرير الأمين العام، الحالة في السودان وأنشطة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية في السودان، S/2022/172، مصدر سابق، ص2.

36. بتصرف، انقسامات داخل تحالف التغيير الجذري، موقع المراسل، 4 أغسطس/آب 2022، (تاريخ الدخول: 2 ديسمبر/كانون الأول 2022)،  https://bit.ly/3UtFkjk

37. لا يوجد تعريف متفق عليه حول مصطلحي "قوى الانتقال" و"قوى الثورة" ولكن ورد استخدامهما بشكل مكثف في سياق تصريحات قيادات المجلس المركزي في سياق تبريرها لأحقيتها بتشكيل الحكومة المدنية الانتقالية واختيار رئيس الوزراء.

38. الخارجية الأميركية، توسيع نطاق سياسة حظر منح التأشيرات للأفراد الذين يقوضون الانتقال الديمقراطي في السودان، 7 ديسمبر/كانون الأول 2022، الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الأميركية، على الرابط: https://bit.ly/3v94M3r

39. مسؤول سيادي: نرفض انضمام مؤيدي البشير لـ"الإطار" احترامًا لشهداء الثورة، سودان تربيون، 13 ديسمبر/كانون الأول 2022، (تاريخ الدخول: 14 ديسمبر/كانون الأول 2022)، https://bit.ly/3VZYrD2

40. محمد أمين ياسين، الميرغني يعلن مقاطعة حزبه "العملية السياسية" في السودان، الشرق الأوسط، 4 ديسمبر/كانون الأول 2022، (تاريخ الدخول: 4 ديسمبر/كانون الأول 2022)، https://bit.ly/3VUiAKi

41. المصدر السابق.

42. قوى سودانية تختلف سياسيًّا تتفق على معارضة الاتفاق الإطار، سودان تربيون، 7 ديسمبر/كانون الأول 2022،  https://bit.ly/3Y5tApY

43. المصدر السابق.

44. المصدر السابق.