مقدمة
تمر الحركة الإسلامية في مصر بتحولاتٍ حادة وعنيفة منذ "انقلاب" الثالث من يوليو/تموز 2013. فخلال عشر سنوات صاخبة، تضافرت عدة عوامل محلية وإقليمية في إعادة تشكيل المجال الديني، بتعبيراته الرسمية والمجتمعية، السياسية منها وغير المسيسة، وتغيير الأوزان النسبية والعلاقات البينية والأدوار الوظيفية لمكونات هذا المجال، ولذلك، تهدف هذه الورقة إلى دراسة التحولات البنيوية والأيديولوجية والإستراتيجية التي مرت بها هذه الحركة، وصولًا إلى محاولة استشراف أي مستقبل ينتظر الإسلاميين في مصر.
لكن يجدر بنا أولًا تحديد المقصود بالحركة الإسلامية، لأنه مصطلح إشكالي، يعتريه الغموض، فعادة ما يستخدم بمدلولٍ ضيق للتعبير عن الأحزاب السياسية الإسلامية أو الحركات الإسلامية الاجتماعية التي تمارس سلوكًا حزبيًّا، مثل جماعة الإخوان المسلمين. لكن في هذه الورقة، سوف يستخدم المصطلح بمعناه الواسع، بما يشمل التيار "الإخواني" الذي سبقت الإشارة إليه، بالإضافة إلى التيار السلفي، والتيار الجهادي، والتيار الصوفي، وهذا التعدد والشمول يجعلها أكثر من كونها "حركة"، بل يمكن وصفها كـ"عائلة من الحركات الاجتماعية Social Movement Family"، وهو المصطلح الذي يشير إلى "حركات تشكلت تاريخيًّا داخل الإطار الوطني، والتي -على الرغم من اختلاف أهدافها التفصيلية ومجالات نضالها المباشرة وتفضيلاتها الإستراتيجية– تشترك في رؤيتها الكونية Worldview، كما تظهر عادة تداخلات تنظيمية، وتتحالف أحيانًا في حملات لمناصرة قضايا مشتركة"(1).
الحركة الإسلامية بين المد الثوري وارتداداته
مثَّلت الإطاحة بـ"نظام" الرئيس المصري، حسني مبارك، عام 2011، فرصة تاريخية للحركة الإسلامية في مصر، باعتبارها أوسع القوى المجتمعية انتشارًا وتجذرًا، وأكثر الفاعلين السياسيين تنظيمًا وجاهزية لملء الفراغ الذي نشأ عن إزاحة الحزب الوطني الحاكم من المشهد السياسي، وقد استجابت الحركة الإسلامية بمختلف مكوناتها لهذا الفرصة السياسية(2) بأشكال متباينة.
ففيما يتعلق بالاستجابات المؤسسية، سعى مختلف مكونات الحركة الإسلامية لتأسيس أحزاب سياسية يمكن من خلالها أن تعزز من حضورها في المجال السياسي وتأثيرها في مسار العملية الانتقالية. ولا يقتصر الأمر فقط على جماعة الإخوان المسلمين التي قامت بتأسيس حزب الحرية والعدالة في يونيو/حزيران 2011، بل وصل حتى تيار السلفية الحركية(3)، الذي عمد إلى تأسيس عدد من الأحزاب السياسية، فأسست الدعوة السلفية في الإسكندرية حزب النور، وقام سلفيو القاهرة بتأسيس حزبي الأصالة والفضيلة. وكذلك فعلت حركات التيار الجهادي "المتراجع" Ex-Jihadist، مثل "الجماعة الإسلامية" و"تنظيم" الجهاد، فقد أسست الأولى حزب البناء والتنمية، بينما سعت بعض القيادات المحسوبة على تنظيم الجهاد إلى تأسيس حزب أسمته "حزب الجهاد الديمقراطي"(4).
وامتدت هذه الظاهرة كذلك لتشمل التيار الصوفي، إذ تأسس عدد من الأحزاب الصوفية بعد "ثورة يناير" كان أبرزها "حزب التحرير المصري" المحسوب على الطريقة العزمية، بالإضافة إلى أحزاب أخرى أقل حضورًا مثل "حزب النصر" التابع إلى الطريقة الجعفرية، وحزب "نهضة مصر" الذي ضم أعضاء من الطريقة الرفاعية والتيجانية، وإن لم تتمكن هذه الأحزاب من الانتشار أو يكون لها التأثير الذي تمتعت به الأحزاب الإسلامية الأخرى(5).
ولا تقتصر الاستجابة المؤسسية على تأسيس الأحزاب السياسية، بل سعت التيارات غير المنظمة للسلفية الدعوية، بل وبعض علماء المؤسسة الدينية الرسمية كذلك إلى إنشاء عدة كيانات لتشتبك من خلالها مع الوضع السياسي القائم. فخلال عدة أشهر من بدء المرحلة الانتقالية، ظهر عدد من الكيانات، أهمها: مجلس شورى العلماء الذي ضم رموزًا من الدعاة السلفيين مثل: محمد حسان وأبو إسحاق الحويني ومحمد حسين يعقوب وأسامة عبد العظيم، وبرزت كذلك قيادات من جمعية أنصار السنة المحمدية مثل عبد الله شاكر وجمال المراكبي(6). وبعدها تأسست الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، التي ضمت 119 عضوًا من قيادات جماعة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية ومجلس شورى العلماء، بالإضافة إلى أساتذة بجامعة الأزهر الشريف(7). كما برز من قواعد السلفيين عدة مبادرات لتنظيم العمل السياسي مثل الحملة الرئاسية للمرشح، حازم صلاح أبو إسماعيل، والمعروفة باسم حركة حازمون، أو المبادرة التي قام بها بعض السلفيين من الطبقات الوسطى والتي عُرفت باسم "سلفيو كوستا"(8).
أما التيار الجهادي، فقد وفرت له حالة عدم الاستقرار السياسي التي سادت العملية الانتقالية فرصة للتنظيم وزيادة النشاط؛ إذ نجحت بعض فصائله في التوحد تحت اسم تنظيم "أكناف بيت المقدس"، والذي تركز نشاطه حول استهداف عناصر من "الجيش المصري" أو بعض المرافق مثل خطوط الغاز الطبيعي، وإن ظلت أنشطة التنظيم محصورة في شمال سيناء(9).
هذه الاستجابات المؤسسية صحبها تحولات إستراتيجية مهمة داخل عائلة الحركة الإسلامية، فبشكل عام، حدث تسييس لكافة مكونات هذه الحركة كجزء من تسييس المجال العام خلال المرحلة الانتقالية. فذهب الإخوان المسلمون إلى أبعد من صيغة "مشاركة لا مغالبة" التي كانت تحكم ممارستهم السياسية سابقًا، ليصبح حزب الحرية والعدالة هو حزب الأكثرية في برلمان 2012، ويفوز مرشحهم، محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية، ويكون للجماعة وجود ملحوظ في جهاز الدولة البيروقراطي كوزراء ومحافظين. وكذلك غيَّرت السلفية الحركية من إستراتيجية العزوف السياسي التي كانت تتبعها طوال عقود، لتنخرط أكثر في العمل الحزبي التنافسي، ويأتي أحد أحزابها "حزب النور" في المركز الثاني في البرلمان بعد حزب الحرية والعدالة. كما حقق حزب الجماعة الإسلامية "حزب البناء والتنمية" حضورًا برلمانيًّا قويًّا. وقد أدت هذه المكاسب الانتخابية المتوالية للأحزاب الإسلامية إلى هيمنتها على اللجنة التأسيسية للدستور، وبروزها اللاعب الأهم في المجال السياسي.
ومع التنافس بين القوى الإسلامية و"العلمانية" من جهة، وبين تيارات عائلة الحركة الإسلامية ذاتها من جهة أخرى، حدثت عدة تحولات ملحوظة في التوجهات السياسية لها. فعلى سبيل المثال، ازداد التوجه السياسي للتيار الإخواني محافظةً بضغط المنافسة الأيديولوجية، خصوصًا مع صعود التيار السلفي، وتبنيه خطابًا متشددًا فيما يخص تطبيق الشريعة. بينما أظهرت بعض أحزاب السلفية الحركية في عدة مواقف مرونة وبراغماتية، مثل الموافقة على الانخراط في العملية الانتخابية على الأسس الديمقراطية، رغم "تحريمها" لهذا النمط من المشاركة السياسية سابقًا. كذلك، خلال الانتخابات الرئاسية، رفض "حزب البناء والتنمية" دعم المرشح الإسلامي "الأكثر تشددًا"، حازم أبو إسماعيل، رغم شعبيته الجارفة بين قواعد الحزب من جمهور السلفية الثورية، بينما دعم حزب النور عبد المنعم أبو الفتوح "مرشحًا توافقيًّا"، عكس المزاج الأيديولوجي لقواعد السلفيين، وذلك بدافع المنافسة مع التيار الإخواني(10).
هذه الفرصة السياسية التي أتاحتها ثورة يناير/كانون الثاني للحركة الإسلامية سريعًا ما تبدلت؛ إذ أثار هذا الصعود السياسي السريع والمفاجئ للإسلاميين حفيظة عدد من الفاعلين المحليين والدوليين، فتحركت القوى والأحزاب السياسية "المدنية"، ومؤسسات "الدولة العميقة" المصرية، وعلى رأسها المجلس العسكري والمؤسسات الأمنية والقضائية، لكبح الحركة الإسلامية. وكانت التحديات المتزايدة للمرحلة الانتقالية، سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا، وكانت طريقة إدارة جماعة الإخوان المسلمين لعلاقاتها مع مؤسسات الدولة، ومع القوى المعارضة غير الإسلامية، بل حتى مع بعض تيارات الحركة الإسلامية ذاتها، سببًا في حراك جماهيري واسع ضدها في الثلاثين من يونيو/حزيران 2013. وهو الحراك الذي انتهي بـ"انقلاب" الثالث من يوليو/تموز، بدعم إقليمي دبلوماسي واقتصادي(11).
وقد سعت السلطات المصرية بعد الانقلاب إلى إعادة السيطرة على المجال الديني بشكل عام، وتفكيك القوى الإسلامية السياسية على وجه الخصوص، واتخذت في سبيل ذلك عدة إجراءات جذرية، مثل: حل بعض الحركات والأحزاب الإسلامية، واعتقال قيادييها وعشرات الآلاف من أعضائها ومناصريها، ومصادرة مؤسساتها وممتلكاتها، وإغلاق قنواتها ومنصاتها الإعلامية، وبسط السيطرة على المساجد، وحظر عدد من الدعاة، ونحو ذلك من إجراءات، كان لها أثر بالغ في تراجع الحضور السياسي للحركة الإسلامية ككل، وعلى البنية المؤسسية والسلوك السياسي لمختلف التيارات المكونة للحركة الإسلامية في مصر.
جماعة الإخوان المسلمين
أصبحت جماعة الإخوان المسلمين منذ العام 2013 الهدف الأول للأجهزة الأمنية، التي عملت على فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة وعلى تفريق الاحتجاجات "المناهضة للانقلاب". بعدها، تم تصنيف الجماعة "منظمة إرهابية"، في ديسمبر/كانون الأول 2013، وحل حزب الحرية والعدالة في أغسطس/آب من العام التالي(12). وقد بلغ تقدير منظمة هيومن رايتس ووتش لعدد المعتقلين من أعضاء ومؤيدي الإخوان المسلمين في عام 2017 نحو 60 ألفًا(13). علاوة على ذلك، بحلول عام 2018، ضمت أصول الجماعة التي صادرتها السلطات المصرية 118 شركة، و1133 منظمة غير حكومية، و104 مدارس، و69 مستشفى، و33 موقعًا إلكترونيًّا وقناة تليفزيونية، بقيمة صافية قدرها 60 مليار جنيه مصري (3.4 مليار دولار)، تم تحويلها مباشرة إلى الخزانة المصرية(14).
وكان لحملة "الإقصاء السياسي" هذه أثر كبير على الجماعة، ومؤسساتها، وإستراتيجياتها، وسلوكها السياسي، ويمكن، إيجازًا، الحديث عن ثلاث مراحل مرت بها الجماعة خلال العقد الماضي.
المرحلة الأولى: كانت مرحلة مواجهة، امتدت من يوليو/تموز 2013 حتى أوائل العام 2016 تقريبًا. خلال هذه المرحلة اشتبكت الجماعة بعنف مع السلطة القائمة، سواء عبر الاحتجاجات و"أعمال العنف" في الداخل أو عن طريق المؤسسات السياسية والحقوقية والإعلامية التي أسستها في الخارج. اتسم السلوك السياسي للجماعة خلال هذه الفترة بتحول راديكالي، نتيجة الإقصاء السياسي العنيف الذي تعرضت له، وصحبه فقدان الجماعة للسيطرة على قواعدها، لاسيما أن هذه الأخيرة أخذت تتشكك في إستراتيجيات القيادة السلمية ومنهجية التغيير للجماعة ككل(15). وقد بدأ بعض أعضاء الجماعة وأنصارها يستخدمون العنف بشكل عفوي، باستخدام بعض الأسلحة البدائية، كالألعاب النارية وزجاجات المولوتوف، في مواجهة قوات الأمن خلال التظاهرات، ليتطور الأمر لاحقًا إلى عنف أكثر منهجية فيتجاوز هدف الدفاع عن المظاهرات إلى إحداث حالة من "الإنهاك والإرباك" للسلطات، وذلك باستهداف مرافق الدولة والبنية التحتية، وكذلك استهداف الضباط العاملين بوزارة الداخلية والأمن الوطني المشتبه بتورطهم في حوادث "قتل أو اغتصاب وهتك العرض" بحق المعتقلين تحت مسمى القصاص. وقامت الهيئة الإدارية العليا، وهي اللجنة التي تم انتخابها لإدارة الجماعة أوائل العام 2014، بتشكيل "لجان ثورية" أو "لجان للعمل النوعي" للقيام بهذه الأنشطة "المقاوِمة" كما تراها، باستخدام أسلحة خفيفة ومفرقعات بدائية. كما قامت بتشكيل لجنة فقهية تسمى "الهيئة الشرعية لعلماء الإخوان المسلمين"، والتي أصدرت كتابًا باسم "فقه المقاومة الشعبية للانقلاب". توضح فيه "الضوابط الفقهية" لـممارسة هذه "الأعمال الثورية"(16)، وهو "التأصيل" الذي استهدف -وفقًا لأحد المشاركين في إعداده- نقل الإخوان من المفهوم الإصلاحي الذي عاشته فترة من الزمن إلى المفهوم الثوري(17).
لكن هذا التحول الراديكالي لم يدم طويلًا، فمن جهة كانت هناك مقاومة لهذا التحول ضمن قطاعات واسعة من أفراد الجماعة، يقودها من يسمون بالقيادة التاريخية وعلى رأسهم القائم بأعمال المرشد، محمود عزت. وقد بدأت هذه القيادة تعمل على استعادة السيطرة على التنظيم عبر عدة قرارات اتخذها عزت ضد الهيئة الإدارية العليا في مايو/أيار 2015(18). من جهة أخرى، لم يحقق التصعيد والعنف الذي اتبعته الجماعة أي مكاسب سياسية، بل تسبب في سياسات أمنية عقابية عنيفة أفضت إلى تراجع الدعم والتعاطف الشعبي مع الجماعة.
وبالتزامن مع المواجهات المحتدمة في الداخل، قامت قيادات الجماعة التي تمكنت من الخروج من مصر بعد "الانقلاب" بتأسيس مكتب لإدارة الأزمة في الخارج، ترأَّسه في البداية الأمين العام للجماعة، محمود حسين، ثم انتُخب لرئاسته أحمد عبد الرحمن. وقد قام المكتب بالتعاون مع رابطة المصريين بالخارج برئاسة إبراهيم منير بتنظيم نشاط الجماعة المعارض في المنفى، والذي تضمن التواصل مع ممثلي المؤسسات الدولية والحكومات الأجنبية، وتنظيم المظاهرات والفعاليات في العواصم الغربية، والمشاركة في تأسيس الجبهات السياسية مع بعض الرموز من القوى السياسية الأخرى، مثل ائتلاف المصريين في الخارج (تأسس في نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، والمجلس الثوري (تأسس في إسطنبول في أغسطس/آب 2014)، كما تم تأسيس عدد من المحطات الفضائية، ومراكز الأبحاث، والمراكز الحقوقية(19).
المرحلة الثانية: مرحلة احتدام الصراع الداخلي وامتدت من منتصف 2015 حتى أوائل العام 2022. تراجع خلالها نشاط الجماعة كثيرًا في الداخل والخارج. فقد عصفت الخلافات والانقسامات بتماسك الجماعة، وكان أهمها، بين عامي 2015-2016، الخلاف بين ما تسمى بالقيادات التاريخية من جهة، وقيادات الهيئة الإدارية العليا من جهة أخرى، حول سؤال العنف وما الإستراتيجية الأنسب لمواجهة الانقلاب. نتج عن ذلك خروج مجموعة من الإخوان سميت "بمجموعة محمد كمال"، وهو رئيس الهيئة الإدارية العليا الذي قتلته عناصر الأمن، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، ثم عُرفت هذه المجموعة لاحقًا باسم "الإخوان المسلمون-المكتب العام"، و"الإخوان المسلمون-تيار التغيير". اندلع لاحقًا، الخلاف بين إبراهيم منير، رئيس مكتب الرابطة، والأمين العام السابق للجماعة، محمود حسين، وذلك عقب اعتقال القائم بأعمال المرشد العام، محمود عزت، في أغسطس/آب 2020. وقد حدث الخلاف هذه المرة لأسباب متعلقة باللوائح التنظيمية للجماعة، خاصة حول إجراء الانتخابات الداخلية، وصلاحيات القائم بأعمال المرشد. وأدى هذا الخلاف إلى انقسام أعمق في الجماعة، بين تيار يقوده إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد العام في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، والذي خلفه عقب وفاته المفاجئة صلاح عبد الحق. والفصيل الآخر بقيادة محمود حسين، وأعضاء من مجلس شورى الجماعة. والجدير بالذكر أن هذا الفصيل الأخير، أعلن بعد أيام قليلة من وفاة إبراهيم منير أن محمود حسين هو القائم الجديد بأعمال المرشد(20).
هذا التراجع في نشاط الجماعة السياسي خلال المرحلة الثانية تسبب فيه عاملان آخران مهمان، أولهما: تشديد السلطات المصرية القبضة الأمنية في الداخل، وتطوير آلياتها لملاحقة المعارضين في الخارج، مثل: مطاردتهم عبر البوليس الدولي، ورفض تجديد جوازات سفرهم، أو إصدار أي أوراق رسمية لهم ولعائلاتهم، أو الضغط على عائلاتهم المقيمة في مصر، بالإضافة إلى التجسس الإلكتروني والرقمي، وحملات التشويه الإعلامي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي(21). العامل الآخر، أن الجماعة فقدت تدريجيًّا التأييد الذي كانت تتلقاه من بعض القوى الإقليمية مثل تركيا وقطر، واللتان بدأتا في اتخاذ خطوات للتقارب مع النظام المصري، وهو ما صحبه بعض الإجراءات للحد من الأنشطة المعارضة بالخارج(22).
المرحلة الثالثة: وكانت منذ الانقسام الأخير الذي ترسخ أوائل 2022، وبها دخلت الجماعة طورًا جديدًا عنوانه الانكفاء على الداخل وترتيب البيت الداخلي؛ إذ تكررت الإشارة من جماعة الإخوان "إبراهيم منير/صلاح عبد الحق"، الفصيل الأكبر والمعترف به من قبل التنظيمات الأخرى المرتبطة بجماعة الإخوان دوليًّا، بما يفيد برغبة الجماعة في تخفيف صبغتها السياسية، مثل الإعلان أن الجماعة ستتوقف عن المنافسة على السلطة لما يتسبب فيه ذلك من انقسامات مجتمعية، وأن أولويات الجماعة حاليًّا هي "لم الشمل" لإنهاء الانقسامات داخل الجماعة، والعمل من أجل الإفراج عن المعتقلين. كما أعلن حلمي الجزار، رئيس المكتب السياسي، أن الجماعة قد بدأت مراجعات موسعة ومنهجية لتقييم أدائها السياسي، وأن النشاط السياسي للجماعة يبدو أنه قد طغى على أدوار الجماعة الأخرى، كونها في الأصل جماعة دعوية(23).
التيار السلفي
تسبب انقلاب الثالث من يوليو/تموز في انقسامات حادة داخل التيار السلفي في مصر؛ إذ يمكن التمييز بين ثلاثة مواقف مختلفة داخل هذا التيار: الموقف الأول داعم للانقلاب، اتخذته الدعوة السلفية وذراعها الحزبية، حزب النور، كما كان هذا موقف "السلفية المدخلية" بطبيعة الحال. الموقف الثاني رافض ومقاوم للانقلاب، اتخذته عدة جماعات وأحزاب سلفية، أهمها: الجماعة الإسلامية وحزبها حزب البناء والتنمية، وحزب الوطن الذي انشق عن حزب النور، بالإضافة إلى ما يسمى بالسلفية الثورية التي تعد "حركة حازمون" أبرز رموزها. أما الموقف الثالث، وهو الانسحاب من المشهد والوقوف على الحياد، وهو ما كان بالمجمل موقف السلفية الدعوية، ويعد مجلس شورى العلماء الكيان المعبر عنها(24).
بخصوص الموقف الأول، فإن دعم السلفية المدخلية للانقلاب كان أمرًا بديهيًّا، كونها تؤمن بالطاعة المطلقة لولي الأمر، وأنها ترى جماعة الإخوان المسلمين من الخوارج. لكن الدافع لتبني الدعوة السلفية وحزب النور الموقف ذاته، وحضور ممثل الحزب أثناء إلقاء وزير الدفاع، عبد الفتاح السيسي، بيان الانقلاب، مسألة تعددت فيها التفسيرات: منها توتر العلاقة بين حزب النور والإخوان المسلمين، خصوصًا خلال الفترة الأخيرة من فترة حكم الرئيس محمد مرسي، بسبب شعور الحزب بالتهميش وأن حصته في السلطة لا تتناسب مع ثقله السياسي والمجتمعي، أو بسبب شعور الدعوة السلفية بالتهديد من بعض الإجراءات التي اتخذتها وزارة الأوقاف، والتي تضع قيودًا على الخطابة في المساجد. كذلك فقد أشار البعض إلى أن ذلك التأييد كان بتأثير من الأجهزة الأمنية التي يُتهم الحزب والدعوة السلفية بأنهما وثيقا الصلة بها، أو بتأثير من "السعودية" باعتبارها تعد حليفًا إقليميًّا للسلفية في مصر(25).
وربما كان الدافع الأهم وراء تأييد حزب النور للانقلاب هو أن الحزب كان يتطلع إلى أن يكون جزءًا من النظام الجديد الذي يتشكل، وأن يملأ الفراغ الذي ستخلفه الإطاحة بالإخوان المسلمين في المجالين، السياسي والديني، وإن صاغ ذلك لقواعد الحزب وأنصاره وفق موازنة المصالح والمفاسد، بهدف التصدي للهجمة العلمانية الشرسة التي واكبت الانقلاب، و"حماية الهوية الإسلامية في الدستور، وضمان وجود حزب إسلامي قادر على صون مكاسب التيار الإسلامي ككل"(26).
لكن مع تطور الأوضاع، جرى تهميش الحزب سياسيًّا؛ إذ لم يمثَّل في الحكومة الانتقالية، ولم يكن ممثلًا في لجنة الخمسين لتعديل الدستور بأكثر من عضو واحد. كما تراجع تمثيله في البرلمان من 112 عضوًا في برلمان 2012، إلى 12 عضوًا فقط في برلمان 2015، ثم إلى 7 أعضاء فقط في برلمان 2020. كما لم يتمكن الحزب من دخول مجلس الشيوخ، وجرى تعيين نائب واحد فقط من أصل 100 نائب يحق لرئيس الدولة أن يعينهم حسب القانون(27).
بل حتى في المجال الديني، لم يتح للدعوة السلفية أن تستفيد من الإطاحة بالإخوان؛ إذ تدخل الأزهر ووزارة الأوقاف -اللذان هما في خصومة حادة مع التيار السلفي- لتعزيز سيطرتهما على المساجد. ففي مارس/آذار 2014، اشترطت وزارة الأوقاف عبر عدد من المراسيم أن يكون أئمة المساجد من خريجي الأزهر، بينما على الدعاة من غير خريجي الأزهر أن يحصلوا على ترخيص بعد اجتيازهم امتحانات تنظمها الوزارة. هذه القرارات استهدفت رموز السلفية الدعوية بالأساس، كما تم استخدامها للتضييق على شيوخ الدعوة السلفية(28)، وفي ذات السياق، تم إصدار قرارات واستصدار أحكام قضائية بغلق عدد من المحطات الفضائية السلفية(29).
علاوة على ذلك، فقد رأت قطاعات واسعة من أعضاء حزب النور ومناصريه أن اختياراته بعد الانقلاب تعد تنازلات غير مقبولة، مثل موقفه الذي بدا "متخاذلًا" من الفض "العنيف" لاعتصامي رابعة والنهضة، أو قبوله وترويجه للتصويت بنعم على دستور 2014، والذي كان "أقل إسلامية" بوضوح من دستور 2012، أو "اضطراره" إلى ترشيح غير المسلمين على قوائمه في انتخابات 2015 ليكون متوائمًا مع القانون الانتخابي. وقد أدى ذلك إلى موجة من الانشقاقات داخل الحزب، بل وإلى انسحاب بعض مشايخ الدعوة السلفية، لكن يظل بقاء الحزب في المجال السياسي بوصفه فاعلًا، ولو هامشيًّا، والحماية النسبية التي تتمتع بها الدعوة السلفية في المجال الديني، مكسبًا يسوغ -من وجهة نظر قيادات الحزب والدعوة- هذه "التنازلات"(30).
هذا الطرح تدعمه حالة الاستهداف والإقصاء التي نالت الجماعات والأحزاب السلفية التي عارضت الانقلاب واصطفت مع الإخوان المسلمين في التحالف الوطني لدعم الشرعية، وهو التحالف الذي ضم عددًا من الحركات والأحزاب السلفية، مثل: الدعوة السلفية، وحزب البناء والتنمية، وحزب الأصالة، وحزب الفضيلة، وحزب وطن. وقد استهل هذا التحالف أنشطته باعتصامي رابعة والنهضة، ثم بتنظيم سلسلة من الفعاليات والتظاهرات الحاشدة خلال عامي 2013 و2014، لكن هذا التحالف سريعًا ما تفكك بعد انسحاب بعض مكوناته، مثل حزب الوسط وحزب وطن والجبهة السلفية، خصوصًا بعد تحفظها على لجوء الإخوان إلى التصعيد والعنف، وكذلك بسبب استهداف قيادات التحالف بالاعتقال أو إجبارهم على الخروج من مصر. وفي ديسمبر/كانون الأول 2014، صدر حكم قضائي بحظر أنشطة التحالف(31)، كما تم استهداف كافة الأحزاب المنضوية في هذا التحالف بدعاوى قضائية مماثلة تطالب بحلها، وإن لم يصدر قرار نهائي بالحل إلا في حالة حزب البناء والتنمية، في مايو/أيار 2020(32).
التيار الجهادي
شهدت السنوات التي تلت انقلاب 2013 حالة صعود كبيرة للتيار الجهادي؛ إذ أسهمت عدة عوامل محلية وإقليمية مجتمعة في حالة الصعود هذه، أهمها: إخفاق التيار الإخواني والسلفية الحركية اللذين التزما بقواعد العمل السياسي السلمي في الحفاظ على مكتسباتهما السياسية خلال المراحل الانتقالية. وصعود التيار الجهادي في الإقليم، بعد أن تمكن تنظيم الدولة "داعش" من التمدد والانتشار وتحقيق مكاسب سريعة في عدد من الدول كالعراق وسوريا وليبيا، والسياسات القمعية والإقصائية التي مارستها الأجهزة الأمنية ضد أعضاء الحركة الإسلامية ومناصريهم، والتي أدت إلى تحولات راديكالية عنيفة في مختلف مكونات الحركة. ومنها كذلك وجود بؤر هشة أمنيًّا، مثل سيناء، التي تتسم العلاقة بين أهلها والسلطات المصرية بالتوتر المزمن، أو في الصحراء الغربية المفتوحة على حدود ليبيا، وهو ما سمح باستيطان عدد من التنظيمات الجهادية في هذه البؤر، ووفر لها خطوط دعم وإمداد(33).
ومن أهم مظاهر صعود التيار الجهادي في مصر خلال العشرية الماضية زيادة عدد التنظيمات التي تبنَّت الفكر الجهادي، وزيادة عدد المنضوين تحت مظلة هذا التيار، علاوة على زيادة غير مسبوقة في عدد العمليات "الإرهابية" في مصر، واتساع مداها الجغرافي بما يتجاوز حدود سيناء ليصل إلى القاهرة الكبرى والدلتا وصولًا إلى الصحراء الغربية.
ويمكن التمييز بين نمطين مختلفين من التنظيمات التي مارست العنف السياسي بعد انقلاب 2013، الأول يمثله التنظيمات التي تتبنى الفكر السلفي الجهادي، والتي تتسم بصلاتها بالتنظيمات العابرة للحدود الوطنية، مثل تنظيم الدولة والقاعدة، ورفضها للانخراط في السياسة الرسمية والعمليات الانتخابية، في مقابل تركيزها شبه الحصري على العمل المسلح. ومن أهم أمثلة هذه التنظيمات جماعة أنصار بيت المقدس، والتي أعلنت، في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بيعتها لتنظيم الدولة، وأعادت تسمية التنظيم بولاية سيناء، وتواصل تمردها ضد الجيش المصري في هذه المنطقة. كما أعلن تنظيم الدولة أيضًا مسؤوليته عن هجمات خارج سيناء، لكن يبدو أن التنظيم لم يكن لديه خارج سيناء سوى عدد قليل من الخلايا قصيرة العمر. كذلك يدخل ضمن هذا النمط تنظيمات أخرى تأسست بعد انقلاب 2013، وتعد أقرب فكريًّا وتنظيميًّا للقاعدة، مثل أجناد مصر، والمرابطون، وهو التنظيم الذي انشق عن جماعة أنصار بيت المقدس وقاده هشام عشماوي، الضابط السابق في الجيش المصري(34).
والنمط الثاني من التنظيمات، وهو الأكثر عددًا والأقل تنظيمًا، تمثله تلك التنظيمات التي خرجت من عباءة السلفية الثورية، ومن تثوير قواعد وأنصار جماعة الإخوان المسلمين. وهي إن تبنَّت الأفكار الراديكالية والممارسات العنيفة، إلا أنها لا يمكن اعتبارها بشكل نموذجي من السلفية الجهادية. وقد تطورت هذه التنظيمات عبر ثلاث مراحل: بداية بالتنظيمات محدودة القدرة والتسليح، مثل حركة مولوتوف وحركة ولَّعْ وغيرهما. نشطت هذه وأمثالها خلال الفترة من خريف 2013 إلى منتصف 2014، واقتصرت أنشطتها في البداية على إلقاء قنابل المولوتوف، وإقامة حواجز على الطرق بالإطارات المشتعلة، وإشعال النار في المركبات أو مراكز الشرطة وغيرها من البنى التحتية للدولة. ومن ثم أصبحت أكثر تسليحًا وتدريبًا مثل كتائب الشهداء وحركة إعدام والمقاومة الشعبية والعقاب الثوري وكتائب حلوان. وقد ظهرت هذه خلال الفترة من خريف 2014 إلى ربيع 2015، والتي امتد عملها ليشمل الاغتيالات لضباط الشرطة والأمن الوطني. وظهرت من ثم تنظيمات أكثر تطورًا من حيث الهيكلية والقدرات التسليحية والمهارات العملياتية، مثل لواء الثورة وحركة حسم (ظهرت في منتصف 2016)(35).
نتيجة لذلك، شهدت مصر زيادة غير مسبوقة في الأعمال "الإرهابية" وأنشطة العنف السياسي؛ إذ تقدر العمليات التي جرت بين 3 يوليو/تموز 2013 و25 يناير/كانون الثاني 2017 حوالي 1225 عملية(36)، وقُدِّر عدد ضحايا هذه العمليات بأكثر من 3270 وفق تصريح لرئيس الجمهورية، في أبريل/نيسان 2022(37). وقد شملت قائمة الاستهداف عناصر من الجيش والشرطة، وتجاوز عدد ضحاياهم في يناير/كانون الثاني 2017 أكثر من 900 قتيل، علاوة على عدد من القضاة، وأهمهم النائب العام، هشام بركات، والذي تم اغتياله في يونيو/حزيران 2015(38). كما كان الأقباط بشكل خاص في دائرة الاستهداف؛ إذ تعرض العديد من الكنائس، وكذلك المنازل والشركات المملوكة للمسيحيين للهجوم، خصوصًا في الفترة أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2013، والتي تعرض المسيحيون خلالها إلى نحو 80 هجومًا(39). وكذلك كان الصوفيون هدفًا لإحدى كبرى العمليات "الإرهابية"؛ إذ تم استهداف أحد مساجدهم في سيناء من قبل عناصر من تنظيم الدولة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وأسفر الهجوم عن أكثر من 300 قتيل(40).
لكن، منذ العام 2018، بدأت العمليات "الإرهابية" في الانحسار، سواء على مستوى عدد العمليات أو على المستوى الانتشار الجغرافي؛ إذ عادت هذه العمليات لتنحصر في نطاق سيناء كما كانت الأوضاع قبل 2013(41). يرجع ذلك إلى السياسات الأمنية المتشددة التي انتهجتها السلطات المصرية، والتي تمكنت من تفكيك الغالبية العظمى من التنظيمات المسلحة التي نشأت بعد الانقلاب، وإن شابت هذه السياسات العديد من التجاوزات مثل الاعتقالات العشوائية، والتعذيب الممنهج، والقتل خارج القانون. وهذه الممارسات وإن نجحت في السيطرة على الأوضاع الأمنية حاليًّا، إلا أن هناك خشية من أن يكون لها تبعات خطيرة، من أهمها انتشار الفكر الجهادي والتكفيري داخل السجون المصرية(42).
التيار الصوفي
خلال العقد الماضي، احتضنت السلطات المصرية التيار الصوفي لملء الفراغ في المجال الديني الذي خلَّفه الإقصاء التام للتيار الإخواني، والإقصاء الجزئي لتيارات السلفية العلمية والحركية، خصوصًا أن التيار السلفي الذي كان نظام ما قبل 2011 يعتمد عليه في توازن القوى مع الإخوان المسلمين، أثبت عدم قدرته على القيام بهذه الوظيفة من جهة، وبراغماتيته وقابليته للتسييس من جهة أخرى، فكان خيار النظام ما بعد الانقلاب هو "احتضان ورعاية المدرسة الأشعرية-الصوفية غير السياسية"(43).
أما سياسيًّا، فرغم تطلع بعض القيادات الصوفية للتمثيل السياسي للتيار الديني، وتصريحهم أنه قد "آن الأوان لننجز ما خسرناه من سنوات طويلة"، لكن يبدو أن هذا التيار لم يكن قادرًا أو أن السلطة لم تكن راغبة في أن يتنامى دوره السياسي بخلاف توظيفه في الحملة على التيارات الجهادية والإخوانية والسلفية، وحشده لأنصاره للتصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لصالح السلطة. لذلك ظلت الأحزاب الصوفية غير فاعلة في المشهد السياسي، وإن تم تصعيد بعض الرموز الصوفية سياسيًّا، مثل نقيب الأشراف، السيد الشريف، الذي تم انتخابه وكيلًا لمجلس النواب، 2016، ورئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، عبد الهادي القصبي، الذي تم انتخابه رئيسًا لائتلاف الأغلبية في المجلس، عام 2018(44).
أسهم في تنامي هذا التيار في المجال الديني عدة عوامل، أهمها دعم المؤسسات الدينية الرسمية "الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء"، والتي بدأت في استعادة فاعليتها الدعوية عبر عدة مبادرات مثل مبادرة أروقة الأزهر، والتي نجحت في جذب عدد كبير من المتابعين باستضافتها ثلة من مشايخ الأزهر ذوي المكانة المرموقة، وعبر تنامي نشاطها في الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي(45). والعامل الثاني هو دعم الشبكات الصوفية الإقليمية والدولية، من أهمها: "طابة" التي تأسست عام 2005، ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة ومجلس حكماء المسلمين اللذان تأسسا في عام 2014. وهذه المؤسسات تتداخل عضويًّا مع المؤسسات الدينية الرسمية في مصر، فشيخ الأزهر هو رئيس مجلس حكماء المسلمين، والذي تضم عضويته كذلك الشيخ حسن الشافعي، من كبار علماء الأزهر، ووزير الأوقاف الأسبق، الشيخ محمود زقزوق، كما أن الشيخ علي جمعة، مفتي مصر السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر، هو عضو الهيئة الاستشارية لمؤسسة طابة، بينما مفتي مصر الحالي، الشيخ شوقي علام، هو عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم(46).
لكن، مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن السلطة المصرية لم تتسامح مع بعض المبادرات المجتمعية المستقلة، التي تنتمي إلى نفس المدرسة الأشعرية المتصوفة، مثل مبادرة شيخ العمود، والتي تعد إحدى أبرز مؤسسات التعليم الديني الشبابية، والتي كان يقوم عليها الشيخ أنس السلطان، إذ تم اعتقاله عام 2015، ثم مرة أخرى عام 2021(47).
أي مستقبل ينتظر الإسلاميين في مصر؟
رغم اختلاف سياسات السلطات المصرية في العقد الأخير إزاء مكونات الحركة الإسلامية بين الإقصاء الكلي مثل سياساته إزاء التيار الإخواني والجهادي والسلفية الحركية، أو الاحتواء الجزئي/الإقصاء الجزئي مثل الموقف من السلفية الدعوية والمدخلية، بالإضافة إلى الدعوة السلفية وحزب النور من السلفية الحركية، وانتهاء بالاحتواء الكلي للتيار الصوفي، إلا أن كافة هذه المكونات وبعد عقد كامل يبدو أنها لم تزل في حالة من التيه وإن اختلفت الأسباب.
فالتيار الإخواني ما زال مطاردًا في الداخل، منقسمًا في الخارج، غير قادرٍ على إيجاد صيغة فعالة لمواجهة خصومه محليًّا وإقليميًّا. والتيار السلفي لم يكن قادرًا على استغلال الفراغ الذي خلَّفه إقصاء الإخوان من المجالين، الدعوي والسياسي، بسبب انقسامه حول الموقف من النظام القائم، وبسبب السياسات الإقصائية التي تمارَس ضده، ولو بدرجات متفاوتة، وكذلك لم ينجح حزب النور والدعوة السلفية في الحفاظ على شعبيته لدى جمهور من الإسلاميين بسبب براغماتيته المفرطة. وبالمثل، فإن التيار الصوفي، وإن حصل على دعم النظام والمؤسسات الدينية الرسمية، ما زال غير قادر على أن يكتسب مصداقية واسعة عند جمهور الإسلاميين بسبب توظيفه السياسي من قبل النظام. أما التيار الجهادي، فيبدو أنه قد عاد من حيث بدأ، معزولًا مجتمعيًّا، ومحاصرًا في بؤر محدودة، وإن ظل من المحتمل أن يشهد تمددًا آخر من مخزون المعتقلين الذين تحولوا إلى الفكر الجهادي في السجون المصرية.
هذا التيه الذي تعيشه حاليًّا هذه التيارات أدى إلى انكماش الحركة الإسلامية وجمهورها بشكل عام، كما سمح ببروز ظواهر جديدة في المجال الديني مثل ظاهرة الدعاة "المؤثرين" على وسائل التواصل الاجتماعي، أو بعض المبادرات الشبابية الخدمية والتثقيفية ذات الطابع المحافظ دينيًّا، والتي وإن أبقت على قدر من النشاط الإسلامي في المجتمع المصري، خصوصًا في الأوساط الشبابية، إلا أنها ما زالت محدودة من حيث قدرتها على الانتشار والتأثير.
في ظل هذا الواقع، يبقى مستقبل الحركة الإسلامية في مصر مثارًا للتساؤل: إلى أي مدى يمكن للحركة الإسلامية أن تستعيد فاعليتها السياسية والدعوية في المستقبل القريب؟ وهو سؤال يحتاج إلى تحرير؛ إذ إن المنافسة -التي تصل إلى حد الخصومة- بين مختلف مكونات الحركة الإسلامية تجعل تمدد بعضها أحيانًا على حساب البعض الآخر.
ويمكن الزعم بأن سؤال مستقبل الإسلاميين في مصر لا يرتبط بالتيار الجهادي، الذي اتضح من تراجعه السريع بعد فترة التمدد القصيرة بين عامي 2013-2018 أنه بلا حاضنة مجتمعية، كما لا يرتبط بالتيارات السلفية غير السياسية أو الصوفية، والتي تشهد تمددًا نسبيًّا في الوقت الراهن، لكن يبدو أنه قد بلغ مداه، وأنه غير مرشحٍ لمزيد من التمدد. وبالتالي، فإن هذا السؤال يتعلق بالأساس بقدرة التيار الإخواني تحديدًا على التغلب على التحديات التي تواجهه حاليًّا، والإجابة تراوح في الوسط بين طرفين: بين الإجابة التي تجزم بـ"نهاية الإسلام السياسي"، وتلك التي تؤمن بـ"العنقاء الإسلامية"، القادرة على أن تنبعث من جديد في أي وقت؛ إذ لا أحد يمكنه أن ينكر ما لجماعة الإخوان من إمكانات تنظيمية، وموارد مادية وبشرية، وخبرات وعلاقات إقليمية ودولية، لكن ذلك كله ليس ضمانة بذاته، ما لم تستطع الجماعة أن تفعِّل عناصر قوتها لاستعادة فاعليتها وتأثيرها، وهو الأمر الذي يتوقف على عدة عوامل، أهمها:
- قدرة النظام الحالي على الإبقاء على سيطرته على المجالين، السياسي والديني، خصوصًا مع تصاعد الأزمة الاقتصادية، واتخاذ السلطات مؤخرًا لبعض الإجراءات التي تشي بفتح المجال السياسي، ولو بشكل محدود. فمع عودة السياسة التنافسية، ولو تنافسية مقيدة، سيكون جمهور الإسلاميين عامة، وقواعد الجماعة وأنصارها خاصة، موضع تنافس بين الفاعلين السياسيين، وهو ما قد يفتح للجماعة بابًا للتأثير في الشأن السياسي.
- قدرة الجماعة على تجديد مؤسساتها وأجندتها السياسية، بما يتلاءم مع احتياجات المجتمع الملحة. فتركيز الجماعة على "الانتهاكات" التي تمارس ضدها، أو الاكتفاء بالخطاب النقدي الاحتجاجي فقط، دون أن تطور رؤى تشتبك فيها مع الأزمات التي تمس المواطنين، أو تصدِّر قيادات جديدة تستطيع إلهام الشرائح الشبابية لن يمكِّنها من استعادة ثقة الجمهور كأحد الفاعلين السياسيين محل التقدير.
- لم تجد الجماعة صيغة فعالة للتعامل مع أزمتها المزمنة مع الدولة في مصر، فعبر أكثر من سبعة عقود، دخلت الجماعة في صراعات ممتدة مع الدولة، أثَّرت سلبًا على الجماعة، وتطورها الفكري والتنظيمي، وكذلك على طبيعة النظام السياسي، وتطور الديمقراطية في مصر. ويبدو أن ما سيشغل الجماعة في نهاية المطاف، هو أن تبني علاقة صحية مع الدولة ومؤسساتها: لا تسقط بموجبها في حبائل التبعية والتوظيف السياسي، بما يفقدها مصداقيتها واستقلاليتها، ويفرِّغ مشروعها الإصلاحي من مضمونه، وبالمقابل لا تعقِّد العلاقة بينهما لتصل إلى درجة الصراعات الصفرية ومعارك الوجود.
- Jérôme Drevon, “The reconfiguration of the Egyptian Islamist social movement family after two political transitions” in Hendrik Kraetzschmar and Paola Rivetti (eds.), Islamists and the Politics of the Arab Uprisings: Governance, Pluralisation and Contention (Edinburgh: Edinburgh University Press, 2018), Pp. 258-259.
- تُعرَّف الفرصة السياسية بأنها أي تغير في سمات الأنظمة والمؤسسات السياسية القائمة التي قد تسهل أو تعوق العمل الجماعي للفاعلين السياسيين.
Sidney Tarrow and Charles Tilly, "Contentious politics and social movements", in Carles Boix and Susan C. Stokes (eds.), The Oxford Handbook of Comparative Politics (New York: Oxford University Press, 2009), P. 440.
- يمكن تقسيم التيار السلفي في مصر إلى عدد من التيارات الفرعية، أهمها:
- السلفية الدعوية/العلمية، وهي السلفية التقليدية، التي تتمحور حول رموز من العلماء/الدعاة السلفيين، يحيط بهم الطلاب أو الأتباع، وتركز نشاطها على نشر العلم الشرعي، بالإضافة إلى الأنشطة الدعوية الوعظية.
- السلفية الحركية، وهي أقرب إلى الحركات الاجتماعية؛ إذ تتمتع بقدر أعلى من المؤسسية، وناشطة أكثر منهجيًّا في المجال الدعوي والاجتماعي، مثل الدعوة السلفية، كما يمكن اعتبار الجماعة الإسلامية (عقب تخليها عن الأيديولوجيا الجهادية) ضمن هذا التصنيف كذلك.
- السلفية المدخلية، وهي على الجانب الآخر، ترفض العمل السياسي، وتشدد على أهمية الطاعة لولاة الأمر، وتتهم المنخرطين في العمل السياسي المعارض كالإخوان المسلمين أو حتى السلفية الحركية بأنهم خوارج، من أهم رموزها في مصر الشيخ محمد سعيد رسلان.
- السلفية الثورية، وهي على الحدود بين التيار السلفي والتيار الجهادي؛ إذ تنخرط في العمل السياسي لكنها تتبنى أجندة راديكالية، وتتبع آليات أكثر صدامًا مع السلطة القائمة مثل التظاهرات والاعتصامات الاحتجاجية، لكنها لا تذهب في ذلك إلى حد العمل المسلح. وقد تبلور هذا التيار خلال المرحلة الانتقالية. ويعد تيار حازمون الذي تشكل حول المرشح الرئاسي، حازم صلاح أبو إسماعيل، المثال الأبرز لهذا التيار.
راجع: محمد أبو رمان، "السلفيون بعد عقد على الربيع العربي: انحيازات الهوية ورهانات موازين القوى وسؤال الدور السياسي"، تحرير محمد أبو رمان وعبد الله الجبور وعبد الله محمد الطائي، الإسلاميون بعد عقد على الربيع العربي: أسئلة الثورة واختبار السلطة، مؤسسة فريدريش إيبرت، عمان، 2021، ص209-211.
محمد علي محمد، "من الاعتزال إلى العزل، محمد حسين يعقوب وأزمة السلفية المصرية"، ميدان، 19 يونيو/حزيران 2021، (تاريخ الدخول: 17 سبتمبر/أيلول 2023): http://www.t.ly/SLPZF
- محمد أبو رمان، السلفيون بعد عقد على الربيع العربي: انحيازات الهوية ورهانات موازين القوى وسؤال الدور السياسي، في الإسلاميون بعد عقد على الربيع العربي، تحرير محمد أبو رمان وعبد الله الجبور وعبد الله محمد الطائي، مؤسسة فريدريش إيبرت، عمان، 2021، ص213.
- ولاء حسين، للمرة الأولى... صوفي يتربع على عرش الأغلبية السياسية في مصر، المونيتور، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 17 سبتمبر/أيلول 2023): https://www.al-monitor.com/ar/contents/articles/originals/2018/10/egypt-sufism-leader-islamic-political-current.html
- الصفحة الرسمية لمجلس شورى العلماء، (تاريخ الدخول: 18 سبتمبر/أيلول 2023): https://www.facebook.com/shora.alolamaa
- رامي نوار، الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح اللاعب الأساسي بساحة الإسلاميين، الإخوان والسلفيون والجماعة الإسلامية ينتظرون دعمها وتضم 119 قياديًّا إسلاميًّا والشاطر والزمر وحجازي وأبو إسماعيل أبرز أعضائها، 3 يناير/كانون الثاني 2013، (تاريخ الدخول: 18 سبتمبر/أيلول 2023): https://www.youm7.com/896217
- Drevon, “The reconfiguration of the Egyptian Islamist social movement family after two political transitions”, P. 262.
ملحوظة: "سلفيو كوستا" يشير إلى اسم أحد المقاهي الشهيرة بوسط القاهرة.
- أحمد كامل البحيري، العمليات الإرهابية: المسارات والخصائص منذ يناير 2011، مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، 25 يناير/كانون الثاني 2017، (تاريخ الدخول: 18 سبتمبر/أيلول 2023) https://acpss.ahram.org.eg/News/5669.aspx
- ستيفان لاكروا، مصر: السلفيون البراغماتيون، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 2016، ص13.
Drevon, “The reconfiguration of the Egyptian Islamist social movement family after two political transitions”, Pp. 264-265.
- Azzam Tamimi, “From Democracy to Military Dictatorship: Egypt 2013 = Chile 1973”, Insight Turkey 16 (1), 2014: P. 45.
- عبد الرحمن أبو الغيط، حل الحرية والعدالة تصعيد ضد المعارضة بمصر، الجزيرة، 10 أغسطس/آب 2014، (تاريخ الدخول: 18 سبتمبر/أيلول 2023):www.t.ly/Lwtwb
- Human Rights Watch, “Egypt: Torture Epidemic May Be Crime Against Humanity”, 6 September 2017 https://www.hrw.org/news/2017/09/06/egypt-torture-epidemic-may-be-crime-against-humanity (accessed on 20 September 2023).
-
Khaled Mahmoud, “Sisi’s Grab for Brotherhood Assets”, Sada, 5 October 2018,https://carnegieendowment.org/sada/77427 (accessed on 20 September 2023).
- عمار فايد، التغيرات الإقليمية والدولية وأثرها على الإسلاميين، في الإسلاميون بعد عقد على الربيع العربي، تحرير محمد أبو رمان وعبد الله الجبور وعبد الله محمد الطائي، مؤسسة فريدريش إيبرت، عمان، 2021، ص471.
- Mokhtar Awad and Mostafa Hashem, “Egypt's Escalating Islamist Insurgency”, Carnegie Middle East Center Publications, October 2015, Pp. 9-10, 16.
- أحمد زغلول شلاطة، التنظيم في مواجهة الدولة، في الإسلاميون بعد عقد على الربيع العربي، تحرير محمد أبو رمان وعبد الله الجبور وعبد الله محمد الطائي، مؤسسة فريدريش إيبرت، عمان، 2021، ص76.
- ياسر فتحي، الإخوان المسلمون وثورة يناير- الجزء الثالث، المعهد المصري للدراسات، سبتمبر/أيلول 2019، ص17-18.
- المعهد المصري للدراسات، خريطة المصريين في الخارج: الانتشار والتأثير، 9 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 18 سبتمبر/أيلول 2023): https://bit.ly/3UOxHFS
Mohamed Mandour, ‘A Homeland Lives Within Us, But We Cannot Live in It: Egyptian Organizing and Activism from Exile’, Tahrir Institute for Middle East Policy, 23 Mar 2022 https://timep.org/commentary/analysis/a-homeland-lives-within-us-but-we-cannot-live-in-it-egyptian-organizing-and-activism-from-exile/ (21 September 2023).
- George Fahmi, ‘What remains of the Muslim Brotherhood?’, Chatham House, 18 November 2022, https://kalam.chathamhouse.org/articles/what-remains-of-the-muslim-brotherhood (accessed on 21 September 2023).
الجزيرة نت، من هو صلاح عبد الحق الذي انتُخب قائمًا بأعمال مرشد الإخوان في مصر؟، 19 مارس/آذار 2023، (تاريخ الدخول: 21 سبتمبر/أيلول 2023): https://bit.ly/3JNsQzI
- Nate Schenkkan and Isabel Linzer, ‘Out of Sight, Not Out of Reach: The Global Scale and Scope of Transnational Repression’, Freedom House, February 2021, pp. 50-51.
Tamara Kharroub, ‘Mapping digital authoritarianism in the Arab world’, Arab Center Washington DC. 3 February 22 https://arabcenterdc.org/resource/mapping-digital-authoritarianism-in-the-arab-world/ (accessed on 21 September 2023).
- “Egypt: Opposition channel to leave Turkey amid Cairo-Ankara rapprochement”, Middle East Eye, 30 April 2022 https://www.middleeasteye.net/news/egypt-turkey-rapprochement-opposition-channel-stops-broadcasting (accessed on 21 September 2023).
- موقع الإخوان المسلمين (إخوان سايت)، القائم بأعمال المرشد العام: نرفض العنف تمامًا وهو خارج فكر جماعة الإخوان المسلمين، 29 يوليو/تموز 2022، (تاريخ الدخول: 21 سبتمبر/أيلول 2023): https://ikhwan.site/p-222506
موقع الإخوان المسلمين (إخوان سايت)، لقاء المتحدث الرسمي الإخوان لـعربي 21: أزمة الجماعة ستنتهي قريبًا، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021، (تاريخ الدخول: 21 سبتمبر/أيلول 2023): https://ikhwan.site/p-192506
د. حلمي الجزار في حوار حصري للشارع المصري حول مستقبل الجماعة والانتخابات الرئاسية، قناة الشرق، 19 سبتمبر/أيلول 2023، (تاريخ الدخول: 21 سبتمبر/أيلول 2023): https://www.youtube.com/watch?v=oWQkIMMCrWU
- محمد علي محمد، "من الاعتزال إلى العزل.. محمد حسين يعقوب وأزمة السلفية المصرية"، ميدان، 19 يونيو/حزيران 2021، (تاريخ الدخول: 21 سبتمبر/أيلول 2023):www.t.ly/LdZvm
- لاكروا، مصر: السلفيون البراغماتيون، ص15، 25.
شلاطة، التنظيم في مواجهة الدولة، ص66.
- لاكروا، مصر: السلفيون البراغماتيون، ص19.
- محمد يسري أبو هادور، الدعوة السلفية السكندرية: مسارات التنظيم ومآلات السياسة، الميادين، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2017، (تاريخ الدخول: 22 سبتمبر/أيلول 2023): www.t.ly/7tHcs
أبو رمان، السلفيون بعد عقد على الربيع العربي، ص215-216.
- رصد، ممنوعون من الدعوة.. أبرز 5 شيوخ وعلماء يواجهون استبداد السيسي، 16 يوليو/تموز 2015، (تاريخ الدخول: 22 سبتمبر/أيلول 2023): https://rassd.com/150030.htm
وليد عبد الرحمن، «معركة المنابر» تتجدد في مصر بعد منع أبرز شيوخ الدعوة من الخطابة، الشرق الأوسط، 21 ديسمبر/كانون الأول 2015، (تاريخ الدخول: 22 سبتمبر/أيلول 2023): www.t.ly/qCqsw
لاكروا، مصر: السلفيون البراغماتيون، ص20-21.
- العرب، إغلاق قناة الرحمة.. ضربة للإعلام السلفي في مصر، يونيو/حزيران 2022، (تاريخ الدخول: 23 سبتمبر/أيلول 2023):www.t.ly/LkOvH
- لاكروا، مصر: السلفيون البراغماتيون، ص21-22.
- عربي 21، اعتقال ثلاثة من قادة "تحالف دعم الشرعية" في مصر، 14 يوليو/تموز 2014، (تاريخ الدخول: 23 سبتمبر/أيلول 2023): www.t.ly/9N6ZU
حسين محمود، تحالف دعم الشرعية.. 30 شهرًا في شوارع "الرفض" بمصر، الأناضول، 30 ديسمبر 2015، (تاريخ الدخول: 23 سبتمبر/أيلول 2023): www.t.ly/FP6Wv
عبد الرحمن أبو الغيط، حظر تحالف الشرعية.. تحصيل حاصل أم ضربة للإخوان؟، الجزيرة، 6 ديسمبر/كانون الأول 2014، (تاريخ الدخول: 23 سبتمبر/أيلول 2023): www.t.ly/JsEtv
- الجزيرة، حكم نهائي بحل حزب الجماعة الإسلامية في مصر، 31 مايو/أيار 2020، (تاريخ الدخول: 23 سبتمبر/أيلول 2023):www.t.ly/elpiP
- البحيري، العمليات الإرهابية: المسارات والخصائص منذ يناير/كانون الثاني 2011.
- وليد بدران، ما هي الجماعات المسلحة في مصر؟، BBC عربي، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، (تاريخ الدخول: 23 سبتمبر/أيلول 2023): https://www.bbc.com/arabic/middleeast-42122233
Baudouin Long, “In the shadow of the Islamic State: political violence in post-revolutionary Egypt, 2013–2020”, The Journal of North African Studies 28,5 (2023): 1073, 1078.
- Awad and Hashem, “Egypt's Escalating Islamist Insurgency”, 12-14.
Long, “In the shadow of the Islamic State”, 1082-1086.
- البحيري، العمليات الإرهابية: المسارات والخصائص منذ يناير/كانون الأول 2011.
- محمد عبد الناصر، السيسي: 3277 شهيدًا جراء الإرهاب منذ 2013، مصراوي، 26 أبريل/نيسان 2022، (تاريخ الدخول: 23 سبتمبر/أيلول 2023): https://www.masrawy.com/ramadan/reports/details/2022/4/26/2215624/
- البحيري، العمليات الإرهابية: المسارات والخصائص منذ يناير/كانون الأول 2011.
- Long, “In the shadow of the Islamic State”, 1078.
- الجزيرة، تفاصيل هجوم مسجد الروضة بسيناء، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، (تاريخ الدخول: 24 سبتمبر/أيلول 2023): www.t.ly/LVZQ3
- الأناضول، مصر: "الإرهاب يحتضر" وعام 2018 شهد 8 عمليات، 1 يناير/كانون الثاني 2019، (تاريخ الدخول: 24 سبتمبر/ أيلول 2023): www.t.ly/EDCF7
- نون بوست، السجون المصرية.. بؤر تجييش لجماعات التطرف العنيف، 11 مايو/أيار 2019، (تاريخ الدخول: 24 سبتمبر/أيلول 2023): https://www.noonpost.com/27717/
- حسن أبو هنية، "السلفية الهادئة والسياسة الدينية في العالم العربي"، عربي 21، 2 أبريل/نيسان 2023، (تاريخ الدخول: 25 سبتمبر/أيلول 2023): www.t.ly/J55_S
- أحمد عرفة، بالصور..السيد الشريف "وكيل مجلس نواب 2016"..له باع طويل في العمل البرلمانى.. فاز 4 دورات متتالية منذ برلمان 1990 وحتى مجلس 2005.. عين نقيبًا للأشراف 2008..تولى نائب زعيم الأغلبية واختير ضمن أفضل 10 نواب، اليوم السابع، 11 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 25 سبتمبر/أيلول 2023): https://www.youm7.com/2532609
ولاء حسين، للمرة الأولى... صوفي يتربع على عرش الأغلبية السياسية في مصر. - محمد فتوح، من يملأ الفراغ؟ الكيانات الدينية والثقافية في مصر بعد الثورة، مركز نهوض للدراسات والبحوث، 2021، ص33-35
- محمد عماشة، الإمارات والصوفية في مصر: خرائط الفكر والحركة، المعهد المصري للدراسات، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2018، (تاريخ الدخول: 25 سبتمبر/أيلول 2023): www.t.ly/DhPWm
- فتوح، من يملأ الفراغ؟، ص38-40.
العربي الجديد، مصر: إعادة اعتقال أنس السلطان، 23 فبراير/شباط 2021، (تاريخ الدخول: 25 سبتمبر/أيلول 2023): www.t.ly/VizOa