ظل العالم الغربي طوال العقود الماضية يُقدِّم نفسه "القوة المعيارية" التي تُنتِج القيم والمثل العليا والمبادئ الإنسانية، وتُعزز الديمقراطية عبر الحكم المؤسساتي وسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان والعدالة والحرية. ويُقدِّم نفسه أيضًا "القوة الأخلاقية" التي يلزمها نشر نموذجها المعياري للديمقراطية خارج حدود العالم الغربي بوسائل مختلفة قد تكون أحيانًا صلبة، كما حصل فيما سُمِّي بـ"عملية الحرية الدائمة" في أفغانستان، عام 2001، ثم "عملية تحرير العراق"، عام 2003. وكشفت آثار ونتائج هذه العمليات تآكل، إِنْ لم يكن انهيار، هذه القوة المعيارية التي أدت إلى تدمير البنى السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتلك الدول بدل أن تجعل منها واحة للديمقراطية وحقوق الإنسان. وهذا ما جعل بعض الفاعلين الدوليين يقوم بحملات دبلوماسية، مثل الولايات المتحدة الأميركية، لتحسين صورة "قوته الأخلاقية" بين الجمهور والرأي العام في الدول التي استهدفتها "الفوضى الخلاقة".
وينتقل اليوم اضمحلال القوة المعيارية وتآكل مبادئها إلى البيت الداخلي للمجتمعات الغربية نفسها في سياق الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ إذ لا معنى للحقوق والحريات التي تُنظِّم وتُؤطِّر الاجتماع السياسي والمدني في العالم الغربي. فقد كشفت الحرب أن حرية الرأي والتعبير، والحق في الاختلاف، والحق في التظاهر والتجمع، والتعاطف أو مساندة القضايا الإنسانية، والحق في مقاومة الاضطهاد، وإدانة الإبادة الجماعية، ليست من مشمولات النسق القيمي الغربي؛ إذ تُجرِّف الدول الداعمة لإسرائيل "قوتها الأخلاقية" عبر تدمير المبادئ الحاكمة للنظام الديمقراطي المؤسسي، وتفتيت النظم الموجهة لعلاقات الأفراد بالمؤسسات والوسائط السياسية والاجتماعية. فقد أنتجت مبادئ وأطرًا جديدة، وعزَّزت مقولات كانت سائدة قبل طوفان الأقصى لدعم الجهد الحربي الإسرائيلي ضد حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية وإقامة دولته المستقلة. وأصبحت أُسُس القوة المعيارية للعالم الغربي: "مَنْ ليس مع إسرائيل فهو ضدنا" (ضد العالم الغربي)، و"من لا يُدين حماس فهو إرهابي"، و"من يتعاطف مع أهل غزة فهو يكره إسرائيل" ويدعم الإخوان المسلمين، و"من يتظاهر لوقف الحرب على غزة فهو ضد مصالح الأمن الإسرائيلي"، و"من لا يدعم الحرب ضد الحيوانات البشرية والإبادة الجماعية فهو ضد وجود دولة إسرائيل"، و"من يُدِنْ إسرائيل فهو معاد للسامية"، و"من يُدن الصهيونية فهو ليس منَّا".
في سياق هذه الحالة الاستثنائية، التي تعيشها القوة المعيارية والأخلاقية للدول الداعمة لإسرائيل وإنتاجها لسلسلة من اليقينيات الجديدة (الكوجيتو)، لم يعد مسموحًا للرأي الآخر (المخالف أو المعارض) بالتعبير عن أفكاره ووجهة نظره، بل يُراد له ألا يرى إلا ما تراه الإدارة السياسية الحاكمة في تلك الدول، لذلك تحاصره سياسيًّا وإعلاميًّا وقانونيًّا في المجال العمومي والأكاديمي. فكيف إذن نفهم هذا التهشيم والتدمير للقوة المعيارية والأخلاقية داخل المجتمعات الغربية؟ وما تأثيراته على النموذج الديمقراطي الغربي؟ وهل تمثِّل إسرائيل الخطر الداهم على القوة المعيارية والأخلاقية للدول الغربية والقانون الدولي الإنساني والشرعة الدولية لحقوق الإنسان؟
صَهْيَنَة المجتمع الغربي
نشأت الحرية حقًّا مقدسًا في التراث الفكري والسياسي والحقوقي الغربي؛ إذ ظلت تُعد من الحقوق الطبيعية الثابتة للإنسان، التي لا يمكن سلبها أو انتزاعها منه؛ لأنها تُعد أساس الوجود الإنساني وسابقة أيضًا على الوجود القانوني والسياسي. لذلك تمثِّل الحرية في نظر كثير من الفلاسفة الغربيين "الشيء الوحيد الذي ليس للإنسان الحرية في التخلي عنه" باعتبارها أصل الوجود الإنساني، فهو يكتسبها بالولادة كما أن حمايتها وتعزيزها يُعد أولوية في سياسة الحكومات. وأخذت الحرية بعدًا تعاقديًّا اجتماعيًّا في سياق نظرية العقد الاجتماعي التي تؤسس لسلطة سياسية يحظى فيها الأفراد بحقوقهم الإنسانية كاملة تشمل الحرية والمساواة ومَأْسَسَتها في القوانين والدساتير. وقد اهتمت المواثيق الدولية، وإعلانات الدول الغربية لحقوق الإنسان، بالحرية أكثر من أي شيء آخر، للاعتبارات المذكورة؛ ما يجعلها في نظر البعض "تُؤَلِّه الإنسان الحر".
لكن هذا التراث الفكري والسياسي والحقوقي للحريات السياسية والمدنية بدأ يتفكَّك ويتهشم في سياق الحرب الإسرائيلية-الأميركية على قطاع غزة، ويميل بشدة نحو ما يمكن تسميته بـ"صَهْيَنَة الرأي والتعبير" بدل الحرية المقدسة للرأي والتعبير، التي لا يمكن التخلي عنها والتفريط فيها من أجل دعم الاضطهاد والإبادة الجماعية. وتتجسد هذه الصَّهْيَنَة للرأي والتعبير في اللازمة الجديدة/القديمة: "مَن ليس مع إسرائيل فهو ضدنا"، و"من يُدِن إسرائيل فهو معاد للسامية". وتُعد حالة النائبة الديمقراطية، رشيدة طليب، كاشفة لهذه اللازمة؛ إذ جرى توجيه اللوم لخطابها في الكونغرس الأميركي بعد أن انتقدت الحرب على غزة، واتهمت الرئيس الأميركي، جو بايدن، بدعم "الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني". وهو اللوم الذي يجعل إسرائيل دولة فوق النقد، بل تتحول إلى "مقدس" يجب عدم المساس بها، ولا التعريض بها، ولا إدانة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي التي يجرِّمها القانون الدولي الإنساني.
وهنا، يصبح انتقاد الاحتلال الإسرائيلي وجرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية، التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني، معاداة للسامية؛ إذ يُراد للرأي الآخر المخالف أو المعارض للإدارة السياسية الأميركية والغربية عمومًا أن يكون معتقدًا ومؤمنًا بحق هذا الاحتلال في القضاء على المقاومة الفلسطينية ومحوها من على خريطة القطاع والضفة الغربية، واجتثاث أصحاب الأرض وتهجيرهم والقضاء على تاريخهم وثقافتهم. ولذلك لا يُشترط -كما قال جو بايدن- أن يكون المرء يهوديًّا ليصبح صهيونيًّا، بل إن الأساس في الصهيونية هو الاعتقاد بحق إسرائيل في الاستعمار الاستيطاني/الإحلالي، الذي يسمى اليوم "الدفاع عن النفس"، ونزع الصفة الإنسانية عن السكان الأصليين وارتكاب جرائم الإبادة في حقهم باعتبارهم حيوانات بشرية. وهو المنظور الذي يُؤسِّس لصَهْيَنَة المجتمع الغربي سياسيًّا وقانونيًّا وإعلاميًّا دون النظر إلى جذور وجوهر المشكلة التي تتمثَّل في الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية لنيل حقوقه كما تقر بها الشرعة الدولية.
لقد بدأت قيود التضييق على حرية الرأي والتعبير تتمدد وتشتد بشكل غير مسبوق، وهو ما جعل عددًا من وسائل الإعلام والشبكات الدولية تُقرر التحقيق في منشورات الصحفيين الذين نشروا تغريدات حول العدوان الإسرائيلي على غزة، وتُصدر قرارًا بوقفهم عن العمل. وكذلك أوقفت إحدى القنوات الأميركية ثلاثة من مذيعيها المسلمين من برامج الشبكة منذ الهجوم الواسع الذي شنَّته كتائب القسام في عمق التجمع الاستيطاني "غلاف غزة". ولم تستطع صحيفة الغارديان البريطانية أن تتحمل كاريكاتيرًا واحدًا للرسام ستيف بيل، ينتقد ممارسات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الذي ظهر في الكاريكاتير يرتدي قفازات ملاكمة يحدد جزءًا من خريطة تمثِّل قطاع غزة (تمهيدًا لاقتطاعه) وهو يقول: "يا سكان غزة اخرجوا الآن"، في إشارة إلى أن إسرائيل تطلب من أهالي غزة النزوح جنوبًا قبل غزو بري متوقع. فقررت الصحيفة إقالة بيل من عمله بتهمة معاداة السامية. ولم تستطع السلطات البريطانية أيضًا أن تتحمَّل رأي الإعلامي المصري، معتز مطر، الذي أعلن دعمه للمقاومة الفلسطينية وتنديده بالحرب الإسرائيلية على غزة؛ فألغت تأشيرة دخوله إلى الأراضي البريطانية. هذا ناهيك عن التمييز الرقمي والتضييق الواسع الذي تمارسه شبكات التواصل الاجتماعي ضد الرواية الفلسطينية بالتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي. فذلك يحتاج إلى دارسة مفصلة.
بالموازاة مع تشديد قيود التضييق على حرية الرأي والتعبير، يواجه حق التظاهر والتضامن مع الشعب الفلسطيني إجراءات تقييدية بشكل غير مسبوق، وهو ما دفع فرنسا وبريطانيا وألمانيا ودولًا أخرى إلى إصدار تعليمات تحظر المظاهرات التي تُعبِّر عن إدانتها لجرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وتؤيد حقه في نيل حريته وإقامة دولته المستقلة. في هذا السياق، أصدر وزير العدل الفرنسي تعميمًا لتوسيع نطاق القيود المفروضة على حرية التعبير فيما يتعلق بالمسألة الإسرائيلية-الفلسطينية؛ إذ يرى أن تصوير هجوم حركة حماس على إسرائيل باعتباره شكلًا من أشكال المقاومة المشروعة يمثِّل دعمًا "للإرهاب". واعتبرت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة، سويلا برافرمان، أن "التلويح بالعلم الفلسطيني أو ترديد هتاف يدعو إلى حرية العرب في المنطقة قد يكون جريمة جنائية". وحثت الشرطة على "قمع أي محاولات لاستخدام الأعلام أو الأغاني لمضايقة أو ترهيب الجالية اليهودية".
يشير هذا الواقع الجديد إلى اتجاه المنظومة السياسية الغربية إلى فرض خطاب أحادي وصهينة الرأي والتعبير، ومنع الاختلاف في الرأي، والحيلولة دون وصول وجهات النظر المخالفة والمعارضة إلى الرأي العام وتداول أفكارها وتصوراتها عن القضية الفلسطينية في المجال العام التقليدي والرقمي. لذلك تتقلص مساحة النقاش العقلاني والحر؛ إذ يبدو الإعلام الغربي مشغولًا بإدانة حماس والمقاومة الفلسطينية، سواء في البرامج الإخبارية أو الحوارية، ولا يسأل عن قانونية الجرائم التي يرتكبها الاحتلال أو إدانة أعماله التطهيرية وسياسته الممنهجة في الإبادة الجماعية عبر تدمير البيوت على رؤوس سكانها وقصف المستشفيات دون أي اعتبار لأخلاقيات الحروب. وقد يتطور هذا التضييق على الحريات إلى قوانين تُجرِّم الرأي المخالف والمعارض للإدارة السياسية في المسألة الفلسطينية، وهو ما يحتاج إلى تعديلات دستورية لصهينة الحريات السياسية والمدنية في الدول الغربية إشباعًا للاحتياجات الإسرائيلية في قضم الأراضي الفلسطينية والتطهير العرقي للسكان الأصليين وإحلال المهاجرين مكانهم في المستوطنات والكيبوتسات.
وهناك أمثلة كثيرة أيضًا على تآكل حرية الاجتماع والتظاهر السلمي للمطالبة بوقف الحرب على غزة كما حصل في الجامعات الأميركية، والفضاء العام بعدد من الدول الغربية. فقد قامت إدارة جامعة كولومبيا الأميركية بتعليق أنشطة جمعية "الصوت اليهودي من أجل السلام"، وجمعية "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، فصل الخريف بكامله؛ إذ رأت أن تنظيم حدث غير مصرح به داخل الحرم الجامعي للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة أفضى إلى خطاب تهديد وترهيب. بينما أكدت الجمعيتان أن تصرفهما كان وفقًا لأخلاقيات واضحة تدين الحرب وتحاول إنقاذ أرواح من خلال الدعوة إلى وقف إطلاق النار.
في ظل هذا الدعم السياسي والعسكري والمالي والقانوني والإعلامي للاحتلال الإسرائيلي وشرعنة سياساته الإجرامية، لاسيما التطهير العرقي والإبادة الجماعية، ضد الشعب الفلسطيني، يبرز السؤال عن الخطر الداهم الذي يمثله هذا الدعم الغربي غير المشروط لإسرائيل، وتأثيره في قوته المعيارية والأخلاقية.
تدمير النموذج الديمقراطي الغربي
يمثِّل مسار صهينة المجتمع الغربي الخطر الداهم على القوة المعيارية والأخلاقية للدول الغربية، والتي تُجسِّد أُسُس نموذجه الديمقراطي. فلم تعد اليوم حرية الرأي والتعبير مكفولة بقوة القانون، كما أن حق الاجتماع والتظاهر السلمي في المؤسسات الجامعية، أو في الفضاءات العامة، أصبح مخالفًا للقوانين واللوائح التنظيمية. أما التضامن والمطالبة بوقف الحرب على غزة، وإدانة الاضطهاد والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني والتنديد بسياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية، فكل ذلك يُعد دعمًا للإرهاب ومعاداة للسامية. لهذا تمثِّل صهينة المجتمع الغربي تهديدًا للديمقراطية الغربية التي تشكَّل نموذجها خلال القرنين الماضيين عبر مسار طويل من التغيير والثورات والتحرر الفكري والإصلاح الديني والسياسي. لذلك، فإن تهشيم وتدمير التراث الفكري والسياسي والحقوقي للقوة المعيارية والأخلاقية للغرب، كما لاحظنا، سينعكس سلبيًّا على منظومة الحكم المؤسسي وفاعليتها. فحركة التاريخ تشير إلى أن السقوط الفكري والأخلاقي والرمزي يستتبعه سقوط الموقع واضمحلال المكانة بين الأمم والشعوب.
إذن، يؤشر هذا الواقع الجديد الناشئ عن صهينة المجتمع الغربي إلى تحول النموذج الديمقراطي الغربي نحو مظاهر السلطوية التنافسية، أو الأنظمة الهجينة، كما حدَّدها الأكاديميان، ستيفن ليفيتسكي (Steven Levitsky)، ولوكان واي (Lucan Way)، في نظريتهما عن السلطوية التنافسية التي تعتبر النظام الهجين واقعًا بين الديمقراطية والاستبداد الشامل، أي نظامًا يجمع بين أدوات الدَّمَقْرَطة ومبادئ الاستبداد.
ويُظهِر هذا النوع من السلطوية الاستبدادية التي تعيشها بعض الدول الغربية اليوم أن القيم الديمقراطية يمكن الدوس عليها بأحذية الشرطة والأمن في الشوارع والساحات، والاستعانة أيضًا بالقانون كلما كان الأمر يتعلق بالدفاع عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والسكوت على جرائمه في التطهير العرقي للشعب الفلسطيني وإبادته جماعيًّا. وتبدو الدول الغربية مستعدة للعودة إلى منطق القوة والإكراه والإذعان لسلب الحقوق الطبيعية من الناس، والاستناد إلى الولاء للصهيونية في التضييق على هذه الحقوق من أجل تحقيق المصلحة الإسرائيلية في استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية. وهنا، تظهر هذه الدول الغربية أشبه ببعض الأنظمة السلطوية والديكتاتورية في العالم الثالث، التي تُحْكِم قبضتها على المجال العام وتفرِّغ الديمقراطية من قيمها السياسية وتُبقي على إجراءاتها الشكلية. فالديمقراطية تتنافى مع التَّحكُّم السلطوي في القوى المجتمعية، وعزل الإنسان عن محيطه السياسي والاجتماعي والثقافي والتفاعل الإنساني مع القضايا التي تمس إنسانيته. فلا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية مع مظاهر السلطوية التنافسية والاستبداد والتحكم.
وكانت المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، عبَّرت عن مخاوفها من التعامل المتهور مع المنجزات الديمقراطية في سياق المشهد السياسي المحلي. ولاحظت اعتداءات على ثوابت راسخة، مثل حرية الصحافة وإثارة الكراهية بين قطاع من الرأي العام عبر الأكاذيب والمعلومات المُضَلِّلَة، وهو ما يُعرِّض الديمقراطية للهجوم. ويكاد هذا الوضع الذي رصدته ميركل يكون عامًّا اليوم في معظم الدول الغربية التي تشن هجومًا كاسحًا على المكتسبات الديمقراطية من خلال صهينة المجتمع السياسي والمدني الغربي. وهو ما يُشكِّل الخطر الداهم الذي قد يعصف بالنموذج الديمقراطي الغربي بعد تفكيك مرتكزاته الفكرية والسياسية والحقوقية. ليس ذلك فحسب، بل إن سلوك الاحتلال الإسرائيلي، وسياساته الإجرامية في التطهير العرقي والإبادة الجماعية بدعم من الولايات المتحدة الأميركية والعالم الغربي، تمثِّل الخطر الداهم على القانون الدولي الإنساني والشرعة الدولية لحقوق الإنسان؛ إذ ستصبح الآلة العسكرية والقنابل المحرمة دوليًّا والتطهير العرقي والإبادة الجماعية هي الأدوات البديلة لحل النزاعات والصراعات في العالم.