العلاقات الباكستانية الأفغانية في ظل الإمارة الإسلامية (قراءة أفغانية)

مرت العلاقات الباكستانية بالإمارة الإسلامية في أفغانستان بمراحل مختلفة، وبقيت هذه العلاقات في حالة شد وجذب. وتُرجع أفغانستان السبب إلى النظرة المصلحية الآنية التي تحكم توجهات الجهات الأمنية الباكستانية وترسم سياستها الخارجية تجاه أفغانستان. وللخروج من الأزمة التي تشهدها العلاقات بين البلدين تبدو الحاجة ملحَّة إلى أن تتولى رسم السياسة الخارجية جهات مدنية ترسم السياسات بناء على المصالح والمشتركات الإستراتيجية.
لاجئون أفغان مرحلون بعد قرار الحكومة الباكستانية بترحيل المقيمين بشكل غير قانوني من أراضيها (أ.ف.ب)

تمر العلاقات الباكستانية-الأفغانية في هذه الفترة بظروف صعبة على خلاف توقعات بعض المحلِّلين، وعلى خلاف توقعات الجهات الباكستانية السيادية في الوقت ذاته. وكانت تلك الجهات قبيل استلام الإمارة الإسلامية لزمام الأمور في أفغانستان قد تبنَّت مقولة تتلخص في أن ذلك سيشجع الحركات المماثلة لها في باكستان على محاولة استنساخ التجربة مما يؤدي إلى تعقيد الأوضاع الأمنية في باكستان.

أظهرت باكستان في بداية تسلم الإمارة الإسلامية للسلطة في أفغانستان أنها ما زالت تمسك بزمام المبادرة في أفغانستان، فأرسلت رئس استخباراتها العسكرية، الجنرال فيض حميد، إلى كابل، وكان أول من قام بالزيارة للعاصمة الأفغانية من الشخصيات الأجنبية رفيعة المستوى. لكن لما انقشع الغبار وبدأت حركة طالبان الباكستانية تلملم شتاتها بعد ما تولى المفتي نور ولي قيادتها، واستعدت للعمليات العسكرية. بدأت العلاقات بين الإمارة الإسلامية في أفغانستان والحكومة الباكستانية تسوء. وعاد السؤال ملحًّا عن سبب بروز المشاكل بين جهات كانت حليفة في الماضي، وهل تسير العلاقات بين الطرفين على نسق واحد؟ وماذا سيكون مستقبل العلاقات بين أفغانستان وباكستان؟ وما السناريوهات المستقبلية لها؟

أسباب الخلافات

برزت قضية العلاقات بين إمارة أفغانستان الإسلامية بقيادة حركة طالبان وبين الحكومة الباكستانية في الآونة الأخيرة، وكانت موضع نقاش حاد في وسائل الإعلام الرسمية، والصفحات الاجتماعية لعدة أسباب، منها:

أولًا: سلسلة الحوادث الأمنية في المناطق المختلفة في باكستان، وكان من أبرز تلك الحوادث حادثة الهجوم على قاعدة جوية باكستانية في إقليم بنجاب الذي يقع في وسط باكستان وتبنَّت الهجوم "حركة الجهاد الباكستانية" التي تتبع حركة طالبان باكستان، في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وكان له صدى واسع في الإعلام الباكستاني والإعلام العالمي على حدٍّ سواء(1).

 كان الهجوم المذكور حلقة ضمن سلسلة من الهجمات المسلحة في طول باكستان وعرضها والتي نفذتها حركة طالبان باكستان خلال السنتين الماضيتين. وتتهم الحكومة الباكستانية الإمارة الإسلامية بأنها تؤوي قيادات وأفراد حركة طالبان باكستان في الأراضي الأفغانية الذين يصل عددهم، حسب بعض تقارير الأمم المتحدة، إلى أربعة آلاف شخص، إلا أن حركة طالبان ترفض وجود قيادات وأعضاء حركة طالبان باكستان على الأراضي الأفغانية، ويؤكدون أن الإمارة الإسلامية ملتزمة باتفاقية الدوحة(2). وتطور الأمر إلى أن اتهمت الحكومة الباكستانية وخاصة رئيس وزرائها المؤقت، أنوار الحق كاكر، الأفغان بأنهم متورطون في الهجمات الانتحارية في باكستان، وصرح بأنه قد ثبت أن خمسة عشر من بين خمسة وعشرين من المهاجمين الانتحاريين في باكستان خلال عام 2023، كانوا من الأفغان(3).

ثانيًا: رد الفعل غير المدروس من قبل الحكومة الانتقالية الباكستانية على هجمات المعارضة الباكستانية المسلحة، والذي تمثل في قرار الحكومة المؤقتة بإجلاء المهاجرين الأفغان من باكستان مع ما يصاحب ذلك من تجاوزات على أموالهم وحقوقهم، ومن غير أي نوع من التنسيق مع الجانب الأفغاني أو مؤسسات الأمم المتحدة. وكان من الواضح جدًّا أن عملية الإجلاء تتم لمعاقبة النظام الحاكم في أفغانستان. وقد تلقت الإمارة الإسلامية الرسالة، فقال رئيس وزراء إمارة أفغانستان الإسلامية في خطاب له مقتضب بمناسبة ما يتعرض له المهاجرون من المآسي في باكستان: "إن كانت لديكم مشكلة مع إمارة أفغانستان الإسلامية فتعالوا نحلها عن طريق الحوار والمحادثات، لا تنتقموا من هؤلاء المساكين الفقراء ولا تنهبوا أموالهم ولا تتسلقوا جدران بيوتهم"(4).

كشفت تصريحات القيادات الباكستانية بصراحة عن أنهم يقومون بإجلاء المهاجرين لأجل الضغط على الإمارة الإسلامية في أفغانستان، يقول أنوار الحق كاكر، رئيس وزراء باكستان المؤقت: "كلما تحدثنا مع الجهات الأفغانية حول القضايا الأمنية، طلبوا منَّا ترتيب أحوالنا وحل مشاكلنا بأنفسنا، وها نحن نهتم بمشاكلنا بأنفسنا في إشارة صريحة إلى إجبار المهاجرين الأفغان على العودة إلى بلادهم"(5). ويرى المحللون أن هذا التصعيد يحدث بقرار من الجيش والاستخبارات الباكستانية، لأن الحكومة المؤقتة لا يمكن لها أن تتخذ قرارات مصيرية بهذا الحجم من غير وقوف الجيش وراءها فيها.

وليست هي المرة الأولى التي تحدث فيها خلافات وتوتر بين الجيش الباكستاني وحركة طالبان (إمارة أفغانستان الإسلامية)، فقد مرت هذه العلاقات بفترات مختلفة، ورأت مدًّا وجزرًا في مختلف المراحل من تاريخ تلك العلاقات. وترى أفغانستان السبب أن باكستان تنظر إلى علاقة البلدين نظرة أمنية، وأن إستراتيجية العلاقة تصاغ تحت إشراف الجهات الأمنية وخاصة الجيش الباكستاني واستخباراته (ISI)، وأن وزارة الخارجية الباكستانية مستبعدة عن التدخل في صياغتها أو الإشراف على تنفيذها.

وتتهم أفغانستان الجهات الأمنية الباكستانية بأنها تتعامل مع الجهات الأفغانية عامة وحركة طالبان خاصة بنظرة دونية، وتريد إخضاع حركة طالبان أو إمارة أفغانستان الإسلامية لقراراتها، وهذا النوع من التعامل يستفز الجانب الأفغاني.

محطات تاريخية

مرَّت العلاقات بين الجهات الأمنية الباكستانية أو ما تسمى بالجهات السيادية في باكستان وحركة طالبان (إمارة أفغانستان الإسلامية) بمحطات عدة من تحسن أو تدهور وفق ما اقتضتها المصالح الباكستانية من وجهة نظر الجهات الأمنية.

المحطة الأولى: نشأة حركة طالبان

وُلدت حركة طالبان في تسعينات القرن الماضي من رحم معاناة الشعب الأفغاني وتحت تأثير ظروف اجتماعية وسياسية للمجتمع الأفغاني في تلك الفترة. ولما رأت باكستان أن لها مستقبلًا، وأنها تستطيع أن تلعب دورًا فعالًا في أفغانستان، ساعدتها ضد الأحزاب الجهادية السابقة وخاصة الحزب الإسلامي التابع لحكمتيار، وهي الأحزاب التي كانت تعتبر حليفة لباكستان في أفغانستان في فترة الجهاد ضد الاتحاد السوفيتي والفترة التي تلت الانسحاب السوفيتي من أفغانستان(6). واستمرت العلاقات الحسنة بين الطرفين في تلك الفترة التي استولت فيها حركة طالبان على السلطة في أفغانستان، واستمرت كذلك  بعد استقرارها في السلطة مع وجود خلافات بين فترة وأخرى.

المحطة الثانية: بعد حوادث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول

عندما وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، عام 2001، اقتضت المصالح الباكستانية الوقوف مع الولايات المتحدة الأميركية فقدم الجيش الباكستاني نظام طالبان كبش فداء لعلاقاته بالولايات المتحدة الأميركية، ووفر كل أنواع الدعم اللوجستي والعسكري والقواعد الجوية للجيش الأميركي لأجل القضاء على نظام طالبان، ولتدمير قدراته وقتل أفراده والمنتسبين إليه، وتسليمهم للأميركان لينقلوهم إلى غوانتنامو أو معتقل باجرام في أفغانستان، وتم ذلك بحجة حماية المصالح الباكستانية(7).

المحطة الثالثة: إحياء العلاقات بعد سقوط نظام طالبان الأول

بعد سقوط نظام طالبان واستقرار القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان اقتضت المصالح الباكستانية، من وجهة نظر الجيش الباكستاني واستخباراته، إحياء العلاقات القديمة بينها وطالبان والتي كانت قد دمرها وقوف الحكومة العسكرية الباكستانية بقيادة الجنرال برويز مشرف مع الولايات الأميركية المتحدة في حربها المزعومة على الإرهاب لإسقاط نظام طالبان.

رأت الجهات السيادية الباكستانية في الجيش واستخباراته أن استقرار قوات حلف شمال الأطلسي وقوات الولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان خطر على باكستان، وعلى برنامجها النووي، كما أنها كانت تعتبرها خطرًا على المشروع الاقتصادي الكبير الذي كانت باكستان تستعد للبدء به بالاشتراك مع الصين والذي سُمي بعد ذلك بالممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (China Pakistan Economic Corridor)، وبدأ العمل به عام 2013 بعد التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم حول المشروع في العاصمة الباكستانية، وكانت باكستان تعلق عليها آمالًا اقتصادية كبيرة جدًّا(8).

ومن هنا قررت باكستان أن تعارض وجود القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي على مقربة من أراضيها في أفغانستان، وقررت أن تزيل هذا الخطر، وكان الطريق الوحيد للوصول إلى هذا الهدف هو تنظيم المعارضة الأفغانية المسلحة ضد تلك القوات الأجنبية، وكانت حركة طالبان تشكل نواة تلك المعارضة المسلحة. التقت مصالح باكستان بمصلحة حركة طالبان، وتمكنت حركة طالبان من لملمة شتاتها في السنوات الأربع الأولى من الهجوم الأميركي على أفغانستان، وأعادت تنظيم صفوفها في المناطق القبلية التابعة لباكستان، وفتحت لها مراكز التدريب في تلك المناطق، وتغاضت باكستان عن كل ذلك، بل وسمحت بأن تكون تلك المناطق مرتعًا لكل الحركات المسلحة والجهادية بما فيها الجماعات الجهادية الباكستانية لمساعدة حركة طالبان في أفغانستان في مقاومتها ضد القوات الأميركية(9).

كان الجيش الباكستاني يتذرع أمام المطالب الأميركية بتصفيتها من المعارضين، بأن هذه المناطق خارج سيطرته، وأنه لا يستطيع التحكم فيها إلا إذا ساعدته واشنطن بالميزانيات والسلاح والعتاد، فكانت باكستان تساعد حركة طالبان في أفغانستان التي كانت تقاوم القوات الغربية هناك، وفي نفس الوقت توفر كل التسهيلات اللوجستية اللازمة لتلك القوات التي كانت تقاتلها حركة طالبان في أفغانستان من الممرات الآمنة لأسلحتها وتموينها لقواتها في أفغانستان إلى توفير القواعد الجوية للاستفادة منها من قبل القوات الأميركية عند الحاجة. وكانت الاستخبارات العسكرية الباكستانية تلقي القبض على مجموعات وأفراد من طالبان أفغانستان وأفراد تنظيم القاعدة المتحالف مع حركة طالبان وتسلمهم لأميركا، وكانت تتذرع أمام طالبان بأنها مضطرة لهذا النوع من التعامل؛ لأنها إن رفضت المطالب الأميركية ستعرض بذلك سلامة باكستان للخطر! أو أن الهند ستوفر هذه التسهيلات المطلوبة لأميركا وستعرض بذلك سلامة باكستان للخطر(10).

كانت الاستخبارات العسكرية الباكستانية توفر ملاذًا آمنًا لحركة طالبان، فكانت لها مكاتبها في عدة مدن باكستانية كبيرة مثل كراتشي وبيشاور وكويتا إلى جانب مراكز التدريبات العسكرية في المناطق القبلية(11)، بل وساعدت في إنشاء مجموعات من حركة طالبان باكستان، وكانت تلك المجموعات تعمل داخل حركة طالبان باكستان لصالح الاستخبارات الباكستانية، وقد قُتل كثير من قادة تلك المجموعات في هجمات الطائرات الأميركية من غير طيار.

بقيت باكستان تتعامل بهذه الطريقة لفترة طويلة، فكانت تساعد حركة طالبان، وفي نفس الوقت تتقاضى مبالغ ضخمة من الولايات المتحدة الأميركية مقابل مساعدتها لها في حربها ضد طالبان في أفغانستان، وكانت في نفس الوقت تحصل على مراعاة من الحكومة الأفغانية والأميركية بحجة أن لها تأثيرًا على حركة طالبان، وأنها تستطيع أن تضغط عليها لقبول الحوار والمحادثات لحل الأزمة الأفغانية، لكنها كانت في حقيقة الأمر تعارض استقرار القوات الأجنبية في أفغانستان وإنشاء قواعد دائمة لها داخل أفغانستان، لأنها كانت تعتبر ذلك خطرًا على أمنها القومي.

عمدت باكستان إلى انشاء مجموعات لحركة طالبان باكستان في المناطق القبلية للتغطية على الأنشطة العسكرية لحركة طالبان أفغانستان في المناطق التي كانت توفر قاعدة انطلاق لعملياتها العسكرية ضد القوات الأجنبية داخل أفغانستان.

في نفس الوقت كانت باكستان تتقاضى مبالغ ضخمة من الإدارة الأميركية بحجة أنها تريد أن تحارب الحركات المسلحة في المناطق القبلية، وأنها شريك لواشنطن في الحرب المزعومة على الإرهاب، وأنها لا تستطيع أن تقوم بذلك من غير أن تتلقى مساعدات أميركية وأسلحة متطورة ومناظير ليلية وغيرها، وبذلك تلقت أموالًا ضخمة وأنواعًا من الأسلحة الأميركية(12)، وكانت طالبان أفغانستان أو الإمارة الإسلامية تتفهم هذا الوضع(13).

المحطة الرابعة: مرحلة فتح مكتب الدوحة لحركة طالبان

كانت الاستخبارات الباكستانية تعتبر نفسها وصية على حركة طالبان، فكانت تتحدث باسمها، وتتعامل مع الولايات المتحدة الأميركية ودول حلف الناتو على أساس أن لها تأثيرًا على الحركة، وتتقاضى حيال ذلك مساعدات من الولايات المتحدة الأميركية. ولما اشتد لدى حركة طالبان أو إمارة أفغانستان الإسلامية الشعور بتلك الوصاية الباكستانية عليها بدأت تبحث عن مخرج لها، وشعرت بالحاجة إلى أن يكون قرارها السياسي مستقلًّا، وغذَّت الشعور باستقلالية القرار لديها رغبة دول أوروبية والولايات المتحدة الأميركية في المحادثات المباشرة مع حركة طالبان دون وساطات باكستانية، فطرحت فكرة فتح مكتب حركة طالبان في الدوحة، عام 2011، وتم فتحه بالفعل يوم 18 يونيو/حزيران 2013(14).

شعرت الاستخبارات الباكستانية بأنها ستخسر بذلك ورقة رابحة في تفاوضها مع الولايات المتحدة الأميركية وحكومة أفغانستان، فبدأت تضغط على حركة طالبان للتخلي عن هذا القرار، فألقت القبض على العديد من الشخصيات القيادية في الحركة؛ حيث توفي العديد منهم في المعتقلات الباكستانية أو قُتلوا فيها تحت التعذيب، وبدأ التضييق على أسرهم في المدن الكبيرة مثل كويتا وكراتشي وبيشاور(15). تصاعد الضغط إلى درجة أن حركة طالبان بدأت تفكر بجدية في نقل مكاتبها ومراكزها العسكرية إلى إيران التي استعدت لاستقبالها، وقد فتحت بالفعل بعض معسكرات التدريب في المناطق الحدودية بين إيران وأفغانستان لتدريب عناصر حركة طالبان، ووصل التنافر بين الجهتين ذروته، وكان لتلك المعاملة تأثير كبير في تغيير نظرة طالبان إلى باكستان وخاصة المنتمين منهم إلى المناطق الجنوبية الغربية، والذين كانوا يعيشون في كويتا وما جاورها، لأنهم تعرضوا لتنكيل أشد بيد الاستخبارات الباكستانية، وما زالت مرارة تلك الأيام تحركهم في علاقاتهم مع باكستان.

ولما رأت باكستان جدية حركة طالبان في المضي قدمًا في استقلال القرار السياسي وفتح مكتبها السياسي، أعادت تقييم الحالة وحاولت أن ترمِّم علاقاتها بإمارة أفغانستان الإسلامية، فتحسنت العلاقات إلى حد ما لكنها لم تعد إلى سابق عهدها.

المحطة الخامسة: قبيل تسليم أميركا السلطة لحركة طالبان

بقيت العلاقات بين باكستان وحركة طالبان أفغانستان مستقرة إلى حد كبير، إلى أن قررت الولايات المتحدة الأميركية سحب قواتها من أفغانستان بعد العام 2018، فقد اقتضت المصالح الباكستانية ألا تعود طالبان إلى السلطة بمفردها، بل أن تكون جزءًا من حكومة تشاركية، فتصبح قطبًا من أقطاب النظام في أفغانستان، وبذلك ستمنع النفوذ الهندي داخل الحكومة الأفغانية، وتكون بحاجة لمساعدة باكستان في تقوية موقعها داخل النظام، وبذلك ستكون ورقة رابحة بيد الجهات الباكستانية. إلى جانب ذلك، خشيت باكستان من استفراد حركة طالبان بالسلطة في أفغانستان؛ لأن استفرادها بالسلطة في أفغانستان سيؤدي إلى تقوية طالبان باكستان، التي ستحاول استنساخ التجربة في باكستان.

وللأسباب السابقة، وقفت باكستان مرة أخرى ضد مصالح طالبان في أفغانستان، وحاولت أن تمنع الاتفاقية بين حركة طالبان والولايات المتحدة الأميركية، واقتربت من حكومة محمد أشرف غني كثيرًا على حساب طالبان حليفتها القديمة، فقد سافرت وفود كثيرة من الجيش الباكستاني واستخباراته(16)، ووفود من الحكومة السياسية المتمثلة في عمران خان، رئيس الوزراء الباكستاني حينذاك، إلى كابل(17). كان الغرض من كل تلك الزيارات تحصيل تنازلات من قبل حكومة محمد أشرف غني، الرئيس الأفغاني السابق، بخصوص الاعتراف العملي بخط ديوراند المتنازع عليه بين البلدين في مقابل الضغط الباكستاني على حركة طالبان للقبول بالمحادثات مع الحكومة الأفغانية حينذاك والحيلولة دون توقيع اتفاقية إحلال السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، وقد حصلت باكستان على تنازلات كبيرة من الحكومة الأفغانية، وضغطت على حركة طالبان، وقد أدى هذا الموقف الباكستاني مرة أخرى إلى تدهور العلاقة مع إمارة أفغانستان الإسلامية.

المحطة السادسة: مرحلة ما بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة

تسلمت حركة طالبان السلطة في أفغانستان نتيجة الاتفاقية التي تم توقيعها يوم 29 فبراير/شباط 2020، في الدوحة، بعد محادثات مطولة بين الولايات الأميركية المتحدة وحركة طالبان، وكان ذلك في ظروف لم تكن العلاقات بين باكستان وبين حركة طالبان على ما يرام. حاولت باكستان إعطاء صورة بأن أفغانستان في ظل الإمارة الإسلامية تحت تأثيرها، وتحت سيطرتها، ومن هنا كان من أوائل من قام بزيارة كابل بعد استيلاء حركة طالبان عليها، الجنرال فيض حميد، رئيس الاستخبارات الباكستانية العسكرية (ISI)، وظهرت صوره في وسائل الإعلام وهو يرفع كوب الشاي في فندق بكابل(18). وتحدث وزير الشؤون الخارجية الباكستاني، بلاول بوتو، على المنصات العالمية أكثر من مرة نيابة عن حكومة طالبان، وطالب دول العالم بالتعامل معها(19).

كانت المشكلة الأساسية التي ظهرت للعلن والتي أدت إلى تدهور العلاقات بين الطرفين حاليًّا، تتمثل في "حركة طالبان باكستان" (TTP)؛ حيث بدأت تنفيذ عملياتها العسكرية في الأراضي الباكستانية بعد استيلاء الإمارة الإسلامية على السلطة في كابل. وكما كان متوقعًا أرادت أن تستنسخ تجربة حركة طالبان أفغانستان في باكستان، وكان أعضاء إمارة أفغانستان الإسلامية يشعرون بأنهم مدينون لهم لوقوفهم معهم خلال الأيام الصعبة أثناء سنوات المقاومة ضد القوات الأجنبية في أفغانستان، وإيوائهم لهم في بيوتهم ومناطقهم، ومن هنا بدأت الضغوط الباكستانية على الإمارة الإسلامية في أفغانستان لتحارب "حركة طالبان باكستان" نيابة عنها، تنوعت تلك الضغوط، وحاولت الاستخبارات العسكرية الباكستانية أن تستفيد من الوسائل التالية:

  1. تحسين العلاقات عن طريق تنشيط مؤسسات الإغاثة الإنسانية، وقد شكلت الحكومة الباكستانية للتنسيق بين المؤسسات الإغاثية مؤسسة سمتها "Pak-Afghan-Cooperation Forum" (منتدى التعاون الباكستاني الأفغاني) برئاسة أحد كبار موظفي الحكومة الباكستانية "السيد حبيب الله ختك"(20)، وحاولت أن تُدخل المساعدات إلى أفغانستان تحت لافتة المؤسسة المذكورة، وعن طريق مؤسسات إغاثية أخرى تابعة لبعض الأحزاب السياسية الإسلامية الباكستانية التي كانت لها علاقات طيبة مع حركة طالبان أفغانستان أثناء وجودها في باكستان، وأرسلت بالفعل قوافل للمساعدات وبعضها سُلمت لمؤسسات الإمارة الإسلامية، وتم توزيع بعض تلك المساعدات من قبل المؤسسات الباكستانية بصورة مستقلة(21) لتحسين صورة باكستان لدى الشعب الأفغاني ولدى أفراد حركة طالبان، لكنها لم يكن لها تأثير كبير على موقف طالبان.
  2. الضغوط عن طريق إرسال الوفود العسكرية والاستخباراتية إلى كابل، فقد أرسلت الحكومة الباكستانية وفودًا عسكرية ومدنية عالية المستوى بعد تولي حركة طالبان السلطة في أفغانستان، فقد سافر جنرالات الجيش والاستخبارات العسكرية إلى كابل عدة مرات خلال السنتين والنصف الماضيتين لمناقشة قضية "حركة طالبان باكستان" مع قيادات إمارة أفغانستان الإسلامية. وتحدث رئيس الوزراء الباكستاني للحكومة الانتقالية، أنوار الحق كاكر، عن ذلك في أكثر من لقاء له مع وسائل الإعلام الباكستانية والأجنبية. ويبدو أن نتائج هذه الزيارات لم تكن كما أرادت باكستان، فقد صرح كاكر بأن حكومته أبلغت حكومة طالبان صراحة عن طريق رئيس الاستخبارات العسكرية أن يختاروا أحد الأمرين: إما الانحياز إلى الحكومة الباكستانية أو الوقوف مع قوى الإرهاب(22).
  3. إرسال وفود للعلماء الذين لهم دالَّة على قيادات حركة طالبان إلى كابل، فقد نظمت الاستخبارات العسكرية الباكستانية عدة وفود من العلماء المؤثرين على الشخصيات القيادية في إمارة أفغانستان الإسلامية، وكان أحد تلك الوفود مشتملًا على شخصيات كبيرة ومؤثرة من أمثال الشيخ محمد تقي عثماني الذي يعتبر المفتي الأعظم في باكستان، وكان يرافقه مجموعة كبيرة من العلماء من مختلف أنحاء باكستان، فقد زار الوفد المذكور العاصمة الأفغانية، يوم 26 يوليو/تموز عام 2022، واستمرت اللقاءات بين وفد العلماء وبين قيادات حركة طالبان باكستان لعدة أيام، وكان الهدف المعلن لزيارتهم هو اللقاء بقيادات حركة طالبان باكستان، وإقناعهم بترك المعارضة المسلحة، وبقي الوفد لعدة أيام في كابول، والتقى أعضاؤه بقيادات حركة طالبان باكستان عدة لقاءات في كابول إلا أنهم لم يقتنعوا بما كان يطرحه العلماء الباكستانيون عليهم(23).
  4. الاغتيالات: قامت الاستخبارات الباكستانية باغتيال عدد كبير من القيادات الميدانية لحركة طالبان باكستان في مختلف الولايات الأفغانية المتاخمة للحدود الباكستانية.
  5. القصف الجوي: قصفت القوات الجوية الباكستانية مخيمات اللاجئين الباكستانيين في ولايتي باكتيا وخوست، وقد قُتل في تلك الهجمات مجموعة كبيرة من العزل، كما أنها قصفت أو ضربت بالصاروخ فندقًا في ولاية باكتيا(24).

أعادت حركة طالبان أفغانستان أو إمارة أفغانستان الإسلامية تأكيد موقفها المعلن أثناء الاحتلال الأميركي عندما كانت تطالب بالتوقف عن دعم المعارضة الأفغانية المسلحة. تقول الإمارة الإسلامية: إن حل المشاكل الأمنية في باكستان مسؤولية الحكومة الباكستانية، نحن لسنا مسؤولين عما يحدث داخل باكستان، ونحن لا نساعد حركة طالبان باكستان في عملياتها داخل الأراضي الباكستانية.

مستقبل العلاقات بين الطرفين

لا يخفى على المتابع أن السياسة الخارجية الباكستانية تجاه أفغانستان ترسمها القوات الأمنية وخاصة الجيش والاستخبارات العسكرية الباكستانية مثل رسم سياستها تجاه الهند. ومن هنا تتحكم في تحسنها وتدهورها النظرة المصلحية الآنية والرؤية الأمنية، ولو تم ترسيم هذه السياسات وفق المصالح الإستراتيجية للبلدين، لما كانت تتأثر بتغير المصالح الآنية. ويبدو أن الرؤية الأمنية ستبقى مؤثرة في ترسيم السياسات الباكستانية تجاه إمارة أفغانستان الإسلامية كما هي إلى الآن، لأن تأثير الجيش واستخباراته في السياسة الباكستانية يزداد يومًا بعد يوم، وفي هذه الحالة هناك عدة قضايا عالقة بين البلدين، ستعلب دورًا أساسيًّا في رسم السياسة الخارجية الباكستانية تجاه النظام الحاكم في أفغانستان أيًّا كان ذلك النظام، وهذه القضايا هي:

  • قضية خط ديوراند: فهي قضية ورثها البلدان من الاستعمار البريطاني، وهي وراء كثير من المشاكل بين البلدين.
  • علاقات الحكومات الأفغانية بالهند التي تعتبرها باكستان عدوها الأساسي في المنطقة: فباكستان ليست مستعدة أن تكون للحكومات الأفغانية علاقات سياسية وتجارية بالهند أيًّا كانت تلك الحكومات، وتريد أن تكون في سياساتها الخارجية تابعة للمصالح الباكستانية، مع أن باكستان بنفسها تقوم بالتجارة معها، وتحاول أن توطد علاقاتها بها، لكن الجيش الباكستاني لا يرضى بأن تكون لدول المنطقة علاقات حسنة بالهند!
  • قضية المياه: إذ لا تسمح باكستان بالاستفادة من مياه الأنهار الأفغانية التي تصب في الأراضي الباكستانية مثل نهر كابول، ونهر كونر وغيرها.
  • قضية الانفصاليين من البلوش والبشتون داخل باكستان: تظن باكستان أن الحكومات الأفغانية تساعد هذه الحركات الانفصالية، ومن هنا تحاول الاستخبارات الباكستانية دائمًا أن تكون بيدها مجموعات أفغانية مسلحة للضغط على الحكومات الأفغانية، وهذه السلسة متواصلة منذ أكثر من نصف قرن تقريبًا.
  • قضية الحركات الجهادية مثل حركة طالبان باكستان وعلاقاتها بإمارة أفغانستان الإسلامية: وتعتبر باكستان والجيش الباكستاني واستخباراته وجود حركة جهادية خطرًا على أمنهم الوطني، حتى وإن لم تهدد الأمن القومي في المدى القريب، فإنهم يرون أن العمليات العسكرية إذا استمرت فإنها ستوجه ضربة كبيرة للمشروع الاقتصادي الكبير المتمثل في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني.
  • قضية التقارب في العلاقات بين الصين وأفغانستان، وفتح ممر "واخان": ترى باكستان أن الاستقرار في أفغانستان سيؤدي إلى التقارب بين الصين وأفغانستان، كما أنها ترى أن هذا التقارب سيضر بالمصالح الاقتصادية الباكستانية؛ لأن الصين ستجد ممرًّا بديلًا لميناء "غوادر" الباكستاني لتصدير بضائعها للعالم، وذلك عن طريق ممر "واخان" الأفغاني إلى إيران وتركيا ومن ثم إلى إفريقيا وأوروبا، وهذا يهدد من وجهة نظر الجهات السيادية الباكستانية مشروع (CPEC) العملاق.
  • ترغب باكستان في احتكار سوق أفغانستان لتكون سوقًا لبضائعها دون غيرها من الدول، كما أنها تحاول بطرق شتى أن تكون العلاقة التجارية من جهة واحدة، بأن تكون أفغانستان هي الجهة المستوردة، وتكون باكستان هي المصدِّرة، وتفتعل دائمًا المشاكل على الحدود في مواسم قطاف الفواكه والخضار لتعطيل تصدير الفواكه والخضار الأفغانية إلى الأسواق الباكستانية والأسواق الهندية، كما أنها تعرقل تصدير الفواكه الأفغانية إلى الهند عن طريق البر كذلك.

السيناريوهات المستقبلية

إذا استمرت النظرة الأمنية تحكم بناء السياسة الخارجية الباكستانية تجاه أفغانستان فالسيناريوهات الممكنة للعلاقات بين البلدين يمكن وضعها في التالي:

السيناريو الأول: أن تخضع حكومة طالبان في أفغانستان للمطالب الباكستانية تمامًا، وترجح رعاية المصالح الباكستانية على مصالحها، وتتنازل عن مصالح الشعب الأفغاني، وتتنازل عن الموقف التاريخي للدولة في قضية الحدود وغيرها، فإذا قبلت الإمارة الإسلامية المطالب الباكستانية ستتحسن الصلات، وستتوطد العلاقات، لكن هذا يتطلب التنازل عن الكثير من مصالح الشعب الأفغاني.

 ولدى باكستان بعض الوسائل للضغط على حكومة طالبان للسير بهذا الاتجاه، فهي أقوى من الناحية العسكرية والتقنية، كما أن بيدها بعض الأوراق داخل نظام طالبان؛ إذ إن مجموعة كبيرة من قيادات طالبان عاشت في باكستان، ولدى بعضهم مصالح شخصية وبعض الشخصيات في حكومة طالبان ما زال يحمل جنسية باكستانية، ويتنقلون بجوازات سفر باكستانية، وهي تستطيع أن تملي بعض شروطها وتحصل على بعض مصالحها عن طريق صياغة العلاقات بطريقة معينة بين الطرفين من خلال هذه الشخصيات المؤثرة. ويقع قادة إمارة أفغانستان الإسلامية تحت تأثير العلماء الباكستانيين؛ لأنهم تتلمذوا على أيديهم ودرسوا في مدارسهم.

ويمكن استبعاد هذا السيناريو؛ لأن التيار العام في داخل الإمارة الإسلامية يعارض النفوذ الباكستاني في أفغانستان، ويعتبر ذلك جزءًا من عقيدتهم، وهم لا يفرِّقون بين حكومة أفغانستان السابقة التي كانوا يقاتلونها وبين الحكومة الباكستانية الحالية، فكلتا الحكومتين منحرفتان وتجب مقاتلتهما في نظرهم.

تؤيد مجموعة من مقاتلي الإمارة الإسلامية حركة طالبان باكستان في قتالها ضد الجيش الباكستاني والحكومة الباكستانية، وقد غُذُّوا بهذه الأفكار خلال عشرين سنة ماضية، فصار ذلك جزءًا من معتقدهم. وترك التعامل المصلحي للحكومة الباكستانية مع قضايا أفغانستان خلال الأربعين سنة الماضية ظلالًا سيئة في أذهان الكثيرين من مقاتلي إمارة أفغانستان الإسلامية تجاه باكستان، فضلًا عن الحساسية الشديدة لدى الكثيرين من عامة الشعب تجاه باكستان. لقد أثارت الجهات الباكستانية الحساسية بسبب تعاملها السيء مع المهاجرين في كثير من الأحيان، وبسبب التصورات التي كان الساسة الباكستانيون يطرحونها في الماضي من أن أفغانستان هي الولاية الخامسة لباكستان، أو أنها تمثل العمق الإستراتيجي لباكستان، وقد عمَّق هذا الإحساس بعض التجاوزات التي حصلت على الخط الحدودي بين أفغانستان وباكستان؛ حيث أقام الجيش الباكستاني مراكزه داخل الحدود الأفغانية. ويدرك قادة إمارة أفغانستان الإسلامية أنها إن اختارت سياسة الانحياز إلى باكستان على حساب المصالح الشعب الأفغاني، أو قبلت بالنفوذ الباكستاني فسيكون ذلك بداية نهايتهم.

السيناريو الثاني: أن يذهب البلدان نحو مزيد من الشد في العلاقات بينهما، فيصر الطرفان على مصالحهما، ويحاول كل واحد منهما الضغط على الآخر عن طريق الأوراق التي يمتلكها، وهذا هو المتوقع في المدى القريب، لكنه ليس في صالح البلدين، فالشد في العلاقات يتضرر به شعبا البلدين كلاهما، فالشعب الأفغاني بحاجة لأنواع من الخدمات الصحية والتعليمية والسفر وغيرها وهي غير متوافرة في أفغانستان حاليًّا، وستتضرر باكستان من الناحية الاقتصادية؛ إذ ستخسر سوق أفغانستان إلى جانب سوق دول آسيا الوسطى، وهي حاجة لأنواع من المواد الخام التي تتوافر في أفغانستان ودول آسيا الوسطى.

السيناريو الثالث: هو أن يحافظ كل من البلدين على مصالحه، ومن الطبيعي أن تتعارض المصالح لكن يجب أن يضعا نصب أعينهما أن التصعيد ليس في صالح أحد، وأن العلاقات الحسنة في صالح البلدين كما أنها في صالح شعوب المنطقة، والأفضل للطرفين أن يختارا وسائل سلمية لحل كل أنواع الخلاف بين البلدين، وأن تُستبدل بالنظرة المصلحية الآنية النظرة الإستراتيجية الدائمة بخصوص العلاقات بين البلدين، وأن تترك باكستان ما تعودت عليها خلال خمسين سنة ماضية من النظرة الاستعلائية تجاه أفغانستان، ويجب أن تقتنع باكستان بأن الظروف قد تغيرت وأنه ليس في صالحها أن تعود الاضطرابات والقلاقل إلى أفغانستان، وألا تسعى إلى تسليح مجموعات أفغانية مرة أخرى لإيجاد المشاكل في أفغانستان، والاستفادة منها كورقة ضغط ضد الإمارة الإسلامية. ولا شك أن قضية طالبان باكستان قضية مقلقة لباكستان، لكن من الممكن البحث عن حل لها عن طريق الحوار، وليس عن طريق الضغط السياسي والعسكري، وخاصة إذا اطمأنت إمارة أفغانستان الإسلامية للسياسات الباكستانية، وأنها لن تسعى لممارسة الضغوط عليها. والسيناريو الثالث هو الأفضل وهو الذي يسعى لتطبيقه عقلاء البلدين، لكن العائق الأساسي أمام تطبيق هذا النوع من الحلول هو السيطرة المطلقة للجيش الباكستاني واستخباراته على مقاليد الأمور السياسية والأمنية في باكستان، وإقصاء كل القوى السياسية عن مراكز صنع القرار.

ABOUT THE AUTHOR

References
  1. : Ayaz Gul بعوان: (Militants Raid Pakistani Air Force Base After Killing 17 Soldiers Elsewhere) موقع صوت أميركا باللغة الإنكليزية، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 26 ديسمبر/كانون الأول 2023)، (https://2u.pw/39gOUVQ)
  2.  "شورای امنیت سازمان ملل: هزاران عضو تحریک طالبان پاکستان در افغانستان فعالیت دارند" (مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: آلاف من أعضاء حركة طالبان باكستان ينشطون من داخل أفغانستان) موقع إذاعة الحرية بالفارسية، 9 جوزا، 1401ه ش الموافق 30 مایو/أيار 2022، (تاريخ الدخول: 26 ديسمبر/كانون الأول 2023)، (https://2u.pw/wOP7vCS).
  3. تصريح رئيس وزراء باكستان أنوار الحق كاكر: "نكران وزير اعظم: طالبان حکومت آنے کے بعد پاکستان میں خودکش حملوں میں 500 فیصد اضافه هوا"، (رئيس الوزراء المؤقت: لقد ازدادت الهجمات الانتحارية بعد مجيء حكومة طالبان (في أفغانستان) 500%) موقع (DAWN NEWS)  8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 26 ديسمبر/كانون الأول 2023)، (https://2u.pw/VZvnOhr)
  4. تصريح رئيس وزراء إمارة أفغانستان الإسلامية، "ملا محمد حسن اخوند: پاکستان حکومت دي أفغان كدوال په عزتمندانه دول خپل هيواد ته راستانه كري" (ملا محمد حسن: يجب على باكستان إعادة المهاجرين الأفغان إلى بلادهم بشكل محترم) موقع التلفزيون الوطني الأفغاني، 13 عقرب، 1402ه ش، الموافق 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 27 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://2u.pw/c43cHai.
  5. تصريح رئيس وزراء باكستان، "غیرقانونی تارکین کے حوالے سے قومی سلامتی پر مزید سمجھوتہ نہیں کرسکتے: نگران وزیراعظم" (رئيس الوزراء المؤقت: لا يمكن المساومة على الأمن القومي أكثر من ذلك بخصوص المهاجرين غير الشرعيين) موقع فضائية (جيو نيوز) الباكستانية باللغة الأردية، 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، (تاريخ الدخول: 27 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://2u.pw/EmD8V49.
  6. حفيظ الله حقاني، طالبان أفغانستان من حلم الملا إلى إمارة المؤمنين، ص 96، معهد الدراسات السياسية القسم العربي، إسلام آباد، باكستان، الطبعة الأولى 1997.
  7. سيد ظفر، "کیا امریکه نے پاکستان کو ’پتهر کے دور میں پهنچانے‘ کی دهمکی دی تهی؟"(هل هددت أمريكا باكستان بإرجاعها إلى عصر الحجر) موقع (Independent Urdu)، 14 سبتمبر/أيلول 2021، (تاريخ الدخول: 27 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://2u.pw/RcmUKfn. وقد سجل الجنرال مشرف، الرئيس الباكستاني آنذاك، هذه القضايا بالتفصيل في كتابه (On the line of Fire).
  8.  (China Pakistan Economic Corridor) على موقع ويكيبيديا بالإنكليزية، تم تعديل المقال في 2023، (تاريخ الدخول: 31 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://2u.pw/X7CWAHe.
  9. راجع لمعرفة التفاصيل: الشيخ أبو جرير الشمالي، مقال بعنوان: "قاعدة وزيرستان ـ شهادة من الداخل) على موقع محظور (https://justpaste.it) باللغة العربية، نشر المقال يوم 4 يناير/كانون الثاني 2015، (تاريخ الدخول: 31 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://justpaste.it/iqhc، وتوجد مقالات كثيرة جدًّا تتحدث عن التعاون بين حركة طالبان والجهات الباكستانية خلال سنوات مقاومة حركة طالبان ضد القوات الأجنبية في أفغانستان.
  10. تحدث الجنرال مشرف بالتفصيل حول هذه القضايا في كتابه (In The Line of Fire)  وخاصة الجزء الخامس  من كتابه تحت عنوان (The War on Terror)  والتي تشتمل على الفصول من (20 إلى 26)، طبعة: Simon & Schuster (Landon -New York – Toronto) A CBS Company.  سنة النشر 2006م.
  11. سرتاج عزيز: طالبان أفغاني بر ضد پاکستان نیستند (سرتاج عزيز (مستشار الأمن القومي الباكستاني): طالبان أفغانستان ليسوا ضدنا) وهو يتحدث عن مبررات عدم التعرض لمراكز حركة طالبان أفغانستان في المناطق القبلية الباكستانية خلال العمليات العسكرية للجيش الباكستاني، على موقع وكالة بزواك الإخبارية بالفارسية، 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، (تاريخ الدخول: 31 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://2u.pw/7jLD1NX
  12. راجع للتفاصيل:  Moeed W. Yusu، (The U.S-Pakistan Relationship and Finding an End State in Afghanistan) المنشور على موقع (Combating Terrorism Center) باللغة الإنكليزية، سبتمبر/أيلول 2010، المجلد 3، العدد 9، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2024)، https://2u.pw/uL8lbRU.
  13. راجع لقصة العلاقات بين باكستان وأميركا بخصوص القضية الأفغانية، عديل أحمد: (افغان جنگ، پاکستان اور ڈو مور) الحرب الأفغانية، باكستان ومطالبة المزيد، المنشور على موقع صوت أميركا بالأردية، 1 مارس/آذار 2020، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2024)، https://2u.pw/bkJARHY
  14. مصباح الله عبد الباقي: افتتاح مكتب طالبان في الدوحة: المواقف والنتائج، المنشور على موقع مركز الجزيرة للدراسات، 1 يوليو/تموز 2013، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2024)، https://2u.pw/eLrmFHF.
  15. راجع تحليل  (قتل های مرموز رهبران طالبان در هاله ای از ابهام) حوادث اغتيال قيادات طالبان في هالة من الإبهام، على موقع الإذاعة الحرة باللغة الفارسية، 13 ثور 1391ه ش الموافق 2 مايو/أيار 2012، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2024)،  https://2u.pw/WDmvvzr
  16. أياز جول، (Pakistan’s Army Chief Visits Afghanistan Amid Renewed Peace Push)  (قائد الجيش الباكستاني يزور أفغانستان وسط تجدد جهود السلام، المنشور على موقع صوت أميركا باللغة الإنكليزية، 12 يونيو/حزيران 2018، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2024)،  https://2u.pw/5lYMjKf.
  17. شهزاد ملك: (عمران خان اور اشرف غنی کی ملاقات، دونوں ملکوں کے درمیان تعلقات میں بہتری کیسے ممکن؟) اللقاء بين عمران خان وأشرف غني: كيف يمكن تحسين العلاقات بين البلدين؟، المنشور على موقع بي بي سي بالأردية، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، (تاريخ الدخول:  1 يناير/كانون الثاني 2024)، https://2u.pw/POTup37
  18. راجع لقصة زيارة الجنرال فيض حميد، رئيس الاستخبارات العسكرية الباكستانية، ملك مدثر، (کابل ڈا‎یری: اٹھو، اٹھو جنرل فیض آرہے ہیں) "مذكرة كابل: انهض الجنرال فيض في الطريق"، المنشور صفحة بي بي سي بالأردية، 5 سبتمبر/أيلول 2021، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2024)، https://2u.pw/GU7TZw3.
  19. محمد فرشاد داريوش، (وزارت خارجه پاکستان خواهان تعامل جامعه جهانی با امارت اسلامی شد) وزارة الشؤون الخارجية الباكستانية تطالب المجتمع الدولي أن تتعامل مع الإمارة الإسلامية، المنشور على موقع فضائية "طلوع نيوز" باللغة الفارسية، يوم 24 قوس 1401ه ش الموافق 15 ديسمبر/كانون الأول 2022، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2024)، https://2u.pw/nIzmeye.
  20. أنشؤوا موقعًا لهذه المؤسسة على العنوان التالي: (http://www.pacf.pk/) لكنهم ألغوه بعد ذلك، وهذا الرابط لا يعمل حاليًّا، لكن صفحة المؤسسة على الفيس بوك لا تزال نشطة على الرابط التالي: https://2u.pw/pd3cp1t.
  21. خبر بعنوان: ( Pak-Afghan Forum hands over 310 tons of emergency aid)  على موقع أريانا نيوز باللغة الإنكليزية، 9 فبراير/شباط 2022، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2024)، https://2u.pw/xD1CUky.
  22. أياز جل، (Pakistan to Taliban-Ruled Afghanistan: choose Bilateral Ties or Support for Militants) باكستان لطالبان التي تحكم أفغانستان: اختاروا إما العلاقات الثنائية أو دعم المسلحين، المنشور على موقع صوت أميركا باللغة الإنكليزية، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2024)، https://2u.pw/E69wp68.
  23. إطهار الله، (پاکستانی علما ٹی ٹی پی کو موقف میں نرمی پر قائل نہ کرسکے) "لم يتمكن العلماء من إقناع حركة طالبان باكستان بتليين موقفها" المنشور على (Independent Urdu) ، 27 يوليو/تموز 2022، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2024)، https://2u.pw/jZUysty.
  24. شفيق الله مشال، (تیره شپه د خوست ولایت په سپرې ولسوالۍ کې پاکستاني الوتکو د وزیرستاني کډوالو په کلیو هوایي بمبار کې لسګونه کسان وژل شوي دي) "قتل البارحة عشرات الأشخاص في قصف جوي باكستاني على قرى المهاجرين الوزيرستانيين في مديرية سبره بولاية خوست" المنشور على موقع (Asvaka News) بالبشتو، 16 أبريل/نيسان 2022، (تاريخ الدخول: 1 يناير/كانون الثاني 2024)، https://2u.pw/sUPkwzX.