هل يُخرج تصدير الغاز الاقتصاد الموريتاني من أزماته الطويلة؟

تبحث هذه الورقة فيما يثيره استخراج الغاز وتصديره بموريتانيا، فهل يُحدث تغييرًا إيجابيًّا على مستوى البنى التحتية والوضع المعيشي، أم أن التعقيدات البيروقراطية وانتشار الفساد والتخبط الاقتصادي ستشكل الصخرة التي ستتحطم عليها آمال الموريتانيين في الخروج من زمنهم الصعب؟
موريتانيا تملك احتياطات ضخمة من الغاز تقدر بـ110 تريليونات قدم مكعب (شترستوك)

في موريتانيا، هذا البلد الذي درج على تقديم نفسه بوصفه بوابة للعالم العربي ولشمال إفريقيا على بلدان غرب القارة الإفريقية، والذي تبلغ البطالة فيه نسبة 10.63%(1) ضمن عدد سكان يقدر بأكثر من 4.7 ملايين نسمة، استيقظ الموريتانيون، في شهر يوليو/تموز 2015، على خبر اقتصادي جديد، أنعش آمالهم في الخروج من جغرافية الفقر وفي تحسين واقعهم المعيشي.

إنه خبر أعلنته شركتا شيفرون وكوسموس الأميركيتان للطاقة، ويتعلق باكتشاف حقل السلحفاة-آحميميم للغاز. وقد شاركت في أعمال هذا الحقل شركة المحروقات والثروة المعدنية الموريتانية وشركة النفط السنغالية، بحكم وجود الحقل في حيز جغرافي ضمن المياه الإقليمية للبلدين الجارين؛ الأمر الذي دفعهما إلى توقيع ثلاث اتفاقيات بينية، كانت الأولى لتقاسم العائدات مناصفة، ووُقِّعت في فبراير/شباط 2018، أما الثانية فكانت في ديسمبر/كانون الأول 2018، وتتركز بنودها حول الاستثمار النهائي للمرحلة الأولى، فيما وُقِّعت الاتفاقية الثالثة عام 2020 وتركزت بنودها حول تسويق الغاز.

هذا الخبر الذي سرعان ما جعل أنظار الشركات العالمية الفاعلة في المجال والحكومات الغربية تتجه إلى موريتانيا، لاسيما بعد ما عرفته فرنسا من رفض شعبي في عديد بلدان إفريقيا جنوب الصحراء من مستعمراتها السابقة. من ذلك مثلًا أن الحكومة البريطانية فتحت سفارة جديدة في نواكشوط، بعد أن أعلنت شركة "بريتش بتروليوم" (BP) البريطانية، ابتداء من ديسمبر/كانون الأول 2016، مشاركتها، بدلًا من شركة شيفرون الأميركية، في استغلال الحقل الكبير(2).

احتياطيات مهمة من الطاقة وانضمام لمؤسسة دولية

يتطلع الموريتانيون في إطار الظرف الدولي الذي تفرضه الأزمة الأوكرانية-الروسية إلى لعب دور مهم في سوق الطاقة العالمية، لاسيما لدى الدول التي ترمي إلى تنويع مصادر طاقتها في إطار البحث عن طاقة نظيفة، خصوصًا إذا أخذنا بعين الاعتبار الاحتياطي الكبير لحقل السلحفاة-آحميميم الذي يقدر بما يناهز 25 تريليون قدم مكعبة من الغاز.

وتتوقع الحكومة الموريتانية أن يدر هذا الحقل دخلًا بقيمة 100 مليون دولار سنويًّا في المرحلة الأولى، ليصل إلى مليار دولار بعد المرحلة الثانية والثالثة، واللتان تمتدان بين عامي 2022 و2027(3).

وتتوقع موريتانيا والسنغال أن تصل عائدات حقل الغاز المشترك خلال عقد من الزمن إلى ما يناهز 14 مليار دولار، إضافة إلى التزامات الشركات القائمة على الإنتاج باستثمارات في مجالات البنى التحتية الصحية والتعليمية؛ إذ التزمت شركة كوسموس الأميركية باستثمارات في هذه المجالات بقيمة 30 مليار دولار في البلدين، ستحظى موريتانيا منها بألف ومئتي مدرسة وثلاثين مستشفى.

وقد أعلنت الحكومة الموريتانية في وقت سابق أن عائدات الغاز سوف سيتم ضخها في صندوق المحروقات الذي أنشئ عام 2008، بعد اكتشاف احتياطيات نفط ظهر فيما بعد أنها ليست كبيرة بدرجة يمكن التعويل عليها في تغيير الوضع الاقتصادي للبلد. وقد أكدت الحكومة على أن هذه العائدات ستوجه إلى تمويل عجز ميزانيتها، بينما سيوجه الباقي إلى الاستثمار في السوق الدولية، وهو الأمر الذي انتقده بعض الاقتصاديين، معللين ذلك بأن البلاد بحاجة إلى ترميم وضعها الاقتصادي الصعب بعجالة، واستثمار عائدات الغاز في ذلك الهدف الملحِّ.

وفي إطار زيارة الرئيس السنغالي، باسيرو يوماي فاي، في 18 فبراير/شباط 2024، لموريتانيا كأول محطة زيارة له بعد انتخابه، كان ملف الغاز على طاولة النقاش؛ إذ قرر البلدان إجراء تدقيق مالي عاجل بشأن حقل الغاز المشترك بينهما، والذي تأخر استغلاله عن موعده الأصلي بـ28 شهرًا.

والتصريحات الرسمية الموريتانية-السنغالية أكدت على أفق تصدير أول كمية من الغاز والتي ستكون في النصف الثاني من هذه السنة، فخلال مؤتمر صحفي مشترك في دكار بين وزيري الطاقة في البلدين، في 19 يناير/كانون الثاني 2024، تم التأكيد على تطوير حقل السلحفاة-آحميميم، وأكد الوزيران خلال المؤتمر الصحفي عزمهما على العمل من أجل بدء الإنتاج في الحقل خلال الربع الأخير من العام الجاري 2024، وهو ما صرَّح به سابقًا وزير البترول الموريتاني(4).

وكانت الحكومة الموريتانية قد وقَّعت مع شركتي "بريتش بتروليوم" و"كوسموس" عقدًا للبدء في استكشاف وإنتاج حقل غاز ضخم جديد يدعى "بير الله"، والذي أعلن اكتشافه بالفعل عام 2019، ويقع في المياه الإقليمية الموريتانية على بعد 60 كيلومترًا شمال حقل السلحفاة-آحميميم، وتقدر احتياطياته بـ80 تريليون قدم مكعبة، وقد توقع وزير البترول والمعادن والطاقة الموريتاني، الناني ولد إشروقة، أن تتخذ الحكومة الموريتانية القرار النهائي بشأن الإنتاج في هذا الحقل العام القادم 2025(5).

وتنويعًا لاقتصادها في مجال الطاقة النظيفة، تطمح الحكومة الموريتانية إلى الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر؛ حيث تمتلك ما يقدر بأربعة آلاف غيغاوات من بينها خمسمئة غيغاوات قابلة للتطوير؛ مما جعل الشركات العالمية الكبرى تقبل على دراسة الاستثمار في هذه الطاقة.

وقد تم توقيع مذكرات واتفاقيات بين الحكومة الموريتانية وشركات بريطانية وفرنسية لتطوير ما يزيد على 80 غيغاوات من هذه الطاقة لحد الساعة لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بالإضافة إلى دراسات جارية تهدف إلى معرفة مدى إمكانية خلق صناعة للصلب الأخضر(6).

استحقاقات وآفاق دولية أمام البلد المغاربي الصغير

من المنتظر أن تصبح موريتانيا بعد بدء إنتاج الغاز بشكل فعلي وتصديره في الربع الأخير من العام الجاري، دولة إقليمية منتجة للغاز، وهو ما يعني دخولها في نادي الفاعلين في مجال ملف ذي طابع إستراتيجي، ويتأكد ذلك بعد انضمامها لمنتدى الدول المصدرة للغاز "GECF"؛ إذ يتوقع أن يبلغ الطلب على الغاز ذروته في أفق 2030، بينما يقدر العمر الافتراضي لاستغلال حقل السلحفاة-آحميميم بـ30 عامًا.

وقد انضمت موريتانيا رسميًّا إلى منتدى الدول المصدرة للغاز بوصفها العضو رقم 13، خلال الاجتماع الوزاري الاستثنائي المنعقد في الجزائر، في إطار جهودها الرامية إلى تقديم نفسها كإحدى الدول الإفريقية المصدرة للغاز، بعد انضمامها عضوًا مراقبًا العام الماضي. ويقع مقر المنتدى، الذي تأسس عام 2008، في العاصمة القطرية، الدوحة، والتي تربطها علاقات قوية وتاريخية بنواكشوط.

هذا الوضع قد يدر على موريتانيا عائدات مالية كبيرة، إذا تمكنت الدول المصدرة من امتلاك رؤية إستراتيجية ومن فرض كلمتها فيما يخص تسعيرة الغاز في السوق العالمي؛ الشيء الذي سينعكس على التنمية في البلد.

وكما نشاهد عالميًّا، امتد تأثير بعض الدول إلى أبعد من قدرتها العسكرية نتيجة قدرتها المالية المتأتية أساسًا كفوائض مالية من تصدير الغاز، هذا الواقع قد نجد موريتانيا تلعبه ولو على الأمد البعيد، خاصة أنها عضو في تجمع دول الساحل التي تتميز بالاضطراب السياسي والعسكري.

ويتوقع المحللون أن يكون امتلاك موريتانيا لاحتياطي مهم من الغاز سبيلًا لتعزيز موقعها الإقليمي في غرب إفريقيا وفي المنطقة المغاربية، ويعول عليها عند امتلاكها لعوائد مالية ضخمة، أن تكون قادرة على رفع الكثير من التحديات التنموية المحلية، وحتى مواجهة التحديات الإقليمية.

ومع أن الأوضاع الأمنية في موريتانيا والسنغال مستقرة، إلا أن الأوضاع غير المستقرة على الحدود الشرقية في مالي تحديدًا قد تؤثر على أمن موريتانيا واستقرارها على الأمد المتوسط والبعيد، إضافة إلى تدفق اللاجئين المستمر، وما يسبِّبه من ضغط على الاقتصاد الموريتاني والعملية التنموية بشكل عام. وهو تحد يشغل أكثر من أي وقت مضى النظام الموريتاني، الذي يحتاج إلى وضع إقليمي مستقر، ليجد مناخًا مناسبًا لتطوير بنياته التحتية ومشاريعه التنموية في حالة ما إذا تطور ملف الطاقة الواحد.

وهناك معطى دولي وإقليمي، وقد يبدو أقل حدة، إلا أنه قد يشكل مأزقًا جديًّا في الأمد القريب، ونعني هنا افتقار النظام السياسي السنغالي للخبرة في إدارة الأمور الإستراتيجية، وإن بدت ردود الفعل تجاه موريتانيا مطمئنة إلى درجة كبيرة، لكن الوعود الانتخابية التي أطلقها الرئيس السنغالي المنتخب ورئيس حكومته، والتي تمثلت في مراجعة العقود المبرمة من طرف حكومة الرئيس السابق قد تثير بعض المخاوف لدى موريتانيا، وقد تخلق جوًّا غير مستقر مع الشركات المطورة للغاز.

إن استغلال هذه الثروة بقدر ما يمنح من فرص اقتصادية وسياسية، فإنه أيضًا سيفرض تحديات أمنية وبيئية، خاصة فيما يتعلق بالبيئة البحرية، وضرورة وجود رقابة دائمة ودراسات منتظمة حول الآثار البيئية المحتملة لهذا الاستغلال، وهي تحديات لا يستهان بها في ظل التوجه العالمي للحفاظ على البيئة والحد من الاحتباس الحراري، والذي تلعب فيه دول الشمال الصناعية دورًا مركزيًّا من جهة إنتاج الغازات وتلويث البيئة، رغم أن انعكاساته على دول الجنوب أكثر وخامة لضعف بنياتها الاقتصادية وتأخرها في المجالين، الصناعي والتكنولوجي، إضافة إلى محاولة الدول الصناعية التملص من مسؤوليتها الأولى في مواجهة هذه المخاطر المحدقة.

تحديات وعوائق: هل ترفعها موريتانيا؟

على الرغم مما يمنحه تصدير الغاز بهذه الكميات المهمة لموريتانيا من فرص اقتصادية، قد تشكل رافعة تنموية تسمح بتحسين اقتصادها وتحسين مستوى عيش المواطنين، إلا أن هناك جملة من العوائق والتحديات البنيوية على مستوى وجود أيدي عاملة مؤهلة، وكذلك تحديات أخرى ذات صلة بـ"الحكامة الرشيدة" وبالوضع الاقتصادي الهش للبلد، قد تحد من الاستفادة المثلى من هذه الفرص، ويمكن تلخيص أبرزها في النقاط التالية:

- يتوقع صندوق النقد الدولي أن تسهم عائدات المحروقات في الناتج المحلي الإجمالي للبلد بنسبة بين 0,5% إلى 3% مع بدء الإنتاج في حقل السلحفاة-آحميميم، بينما يتوقع أن تبلغ مساهمة هذه العائدات في رفع إجمالي الإيرادات الحكومية بنسبة تتراوح بين 6% و16%(7)

- تحديات التعامل مع الشركات التي تتولى عملية الإنتاج، فهي على الرغم من أن التعاقد واضح في تحملها لتكاليف الإنتاج، إلا أن التدقيق الأخير الذي كُلِّف به مكتب دراسات تونسي أثبت وجود تكاليف لم تكن مبرمجة أو مدرجة في العقود. مثل هذه الأمور الطارئة تخلق جوًّا متوترًا مع الشركات المطورة للمشروع، وقد تضع موريتانيا في موقف صعب أمام شركات متمرسة في المجال.

- ضعف الخبرة كذلك، وقلة الكوادر المتخصصة، وهي معطيات تخلق بدورها تحديات كبيرة أمام موريتانيا، مما قد يضطرها لتحمل تكاليف مالية كبيرة، كما حدث مع المكتب التونسي المسؤول عن التدقيق الأخير. ثم إن ضعف الخبرة قد يترك المجال للشركات المطورة للمشروع لخداع موريتانيا، أو لنقُلْ: لإيجاد ثغرات قانونية تستطيع من خلالها الحصول على ميزات لم تكن لتحصل عليها في ظل وجود الخبرة والتجربة.

- التسيير المعقلن لعائدات تصدير الغاز؛ ذلك أنه لم يتم حتى الساعة وضع خطة واضحة المعالم لاتباعها في تسيير هذه العوائد على عكس السنغال التي وضعت خطة إستراتيجية تقسم هذه العوائد وفق برامج محددة. بل إن تصريحات سابقة لوزير اقتصاد موريتاني كان يستشف من خلالها عدم رفع سقف طموحات وأحلام الموريتانيين بشأن عائدات الغاز في المديين، القريب والمتوسط، كما أكد على ذلك وزير الاقتصاد الحالي، عبد السلام ولد محمد صالح، في أحد المؤتمرات المعقبة على اجتماع مجلس الوزراء، مؤكدًا أن ريع السنوات الأولى سيكون مخصصًا تقريبًا لدفع كلفة الاستثمارات الهائلة كما وصفها، مضيفًا أن الأمر قد يتطلب عدة سنين(8).

- وفيما يتعلق بالاستهلاك، يواجه موريتانيا تحدي دمج الغاز في الدورة الاقتصادية للبلد، في ظل غياب الآلية التي تمكن من ذلك لحد الساعة؛ إذ لم تضع الحكومة بعد أية خطة -معلنة على الأقل- لكيفية استخدام الغاز في مجال النقل ولا التصنيع.

- أما على مستوى حقل "بير الله" للغاز فهناك تحد تواجهه موريتانيا، فمنذ أسابيع قليلة أبرمت اتفاقية مع تجمع شركات إماراتية-مصرية لتطوير هذا الحقل، فيما وعد هذا التجمع بالبحث عن التمويل لتنفيذ الإستراتيجية الموريتانية الخاصة بهذ الحقل، والمتمثلة في إنتاج الكهرباء انطلاقًا من الغاز، لكن تجربة الشركات الأربع التي تولت الحقل قبل تجمع شركات "جو غاز" الأخير يثير المخاوف حول فشل هذا المسعى.

- ارتفاع البطالة في صفوف الشباب وهجرة الآلاف من الطاقات العاملة إلى أميركا خلال السنوات الثلاث الماضية؛ وهو أمر قد يخلق أزمة في البلد من ناحية توافر الأيدي الوطنية العاملة والمؤهلة، لاسيما أن نسبة كبيرة من المهاجرين من حملة الشهادات، إضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر في أوساط الموريتانيين، والاختلالات البنيوية والاجتماعية، وأسئلة العدالة الاجتماعية وموضوع الرق، وما يعرف بملف الإرث الإنساني وتصفية الزنوج، كلها تشكل تركة ثقيلة تتطلب رؤية واضحة وأساليب مبتكرة لحل معضلتها، والتي لا يمكن حل المعضلة التنموية دون أخذها ضمن الأولويات.

- إن قضية "الحكامة الرشيدة" و"ملف الفساد" تطرح نفسها، فترتيب موريتانيا هو 134 من أصل 180 حسب تقرير مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية(9). وحتى وإن تمكنت موريتانيا من تجاوز مجموعة التحديات الأخرى يبقى الإفلات من العقاب ونهب المال العام أحد التحديات الأكثر إلحاحًا والذي تعذر التغلب عليه منذ سنوات، دون الحديث عن جدية التغلب عليه من عدمها.

- نسبة التضخم والديون المرتفعة(10)، وعدم وضوح وشفافية السياسات النقدية للبنك المركزي، وسياسة الخوصصة التي تجعل الحكومة بمعزل في سياساتها الاقتصادية عن ابتكار حلول جذرية للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية عبر مشاريع تنموية كبرى؛ مما أدى إلى تغول القطاع الخاص في بلد تتعثر فيه القوانين وتنتشر الرشوة، كما أدت هذه السياسات إلى اتساع هوة أقلية تملك كل شيء (الموظفون الكبار والتجار والسماسرة) وأغلبية تعيش ظروفًا غاية في الصعوبة(11) تطبعها غياب البنى التحتية والخدمات وعدم صعود الطبقات الفقيرة وتآكل الطبقة المتوسطة أو اختفاؤها، إضافة إلى غلاء المعيشة وتدني الأجور(12).

خاتمة

بعد 64 عامًا من الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي، وتعثر التنمية في موريتانيا واستشراء الفساد، يحلم الموريتانيون بفتح صفحة جديدة في تاريخهم المعاصر، وبتحسين أوضاعهم المعيشية، بناء على ما سيوفره استغلال ثرواتهم الطبيعية (خاصة الغاز والهيدروجين الأخضر). غير أن المستقبل يبدو محاطًا بتعقيدات وتحديات كبيرة؛ إذ وصف صندوق النقد الدولي الآفاق الاقتصادية بأنها ما زالت "محفوفة بعدم اليقين"(13)، متوقعًا أن يصل النمو الاقتصادي للبلد إلى 4.3% العام الجاري (2024) مقابل 3.4% عام 2023، غير أن أسئلة المختصين بهذا الشأن ما زالت تتمحور حول تأثير هذه الأرقام على واقع يومي يبدو صعبًا للغالبية من المواطنين العاديين.

فهل سيشكِّل استخراج الغاز وتصديره بعد أشهر قليلة نقلة نوعية في وضع البلد وحياة الناس، ويُحدث تغييرًا إيجابيًّا على مستوى البنى التحتية والوضع المعيشي، أم أن التعقيدات البيروقراطية وانتشار الفساد والتخبط الاقتصادي عوامل ستشكل في مجموعها الصخرة التي ستتحطم عليها آمال الموريتانيين في الخروج من زمنهم الصعب، كما حدث الأمر مع الثروة السمكية ومناجم الحديد؟

أسئلة شائكة، قابلة لأكثر من جواب بحسب موقع المجيب عليها، ومدى قربه من الخطاب الرسمي أو من المعارضة أو مدى استقلاليته عن هذين القطبين، وفي انتظار ما تكشف عنه الأيام فإن السيناريوهات جميعها حتى الآن تبدو واردة، والمستقبل وحده وإرادة الموريتانيين من سوف يعطي الجواب النهائي خلال السنوات القليلة القادمة.

ABOUT THE AUTHOR

References

1) بحسب أرقام تريدينغ أكونوميكس Trading economics لعام 2023، (تاريخ الدخول: 15 مايو/أيار 2024)، https://tradingeconomics.com/mauritania/balance-of-trade

2- انظر: موريتانيون يحلمون بتوديع الفقر بعد بدء بلادهم تصدير الغاز 2024، جريدة الشرق الأوسط، 3 يناير/كانون الثاني 2024، (تاريخ الدخول: 17 مايو/أيار 2024)، https://shorturl.at/ABMuO

3- حقل السلحفاة-آحميميم، موقع معرفة، 19 يناير/كانون الثاني 2024، (تاريخ الدخول: 16 مايو/أيار 2024)،  https://shorturl.at/0kFLN

4- انظر: موريتانيا تتجه لتكون ثالث بلدان إفريقيا المصدرة للغاز بعد الجزائر ونيجيريا، موقع القدس العربي، 21 يناير/كانون الثاني 2024، (تاريخ الدخول: 17 مايو/أيار 2024)، https://shorturl.at/VdHNU

5- انظر: "آخر القطع الكبيرة".. منصة تفريغ الغاز قريبًا بحقل بين موريتانيا والسنغال، موقع أصوات مغاربية، 7 مايو/أيار 2024، (تاريخ الدخول: 19 مايو/أيار 2024)،  https://shorturl.at/4Jk8i

6- المصدر نفسه.

7- خضر عبد العزيز، موريتانيا.. إمكانات هائلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر واهتمام الشركات العالمية، الجزيرة نت، 16 أبريل/نيسان 2023، (تاريخ الدخول: 19 مايو/أيار 2024)،  https://shorturl.at/N2eoN

8- وزير الاقتصاد: مرحلة مشروع الغاز الأولى لن تكون بالمستوى المُنتظر (فيديو)، وكالة الأخبار، 3 يناير/كانون الثاني 2024، (تاريخ الدخول: 14 مايو/أيار 2024)،  https://alakhbar.info/?q=node/51802

9- نتائج العلامات: مؤشر مدركات الفساد، موقع مدار، 31 يناير/كانون الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 13 مايو/أيار 2024)،  https://shorturl.at/pPFHz

10- تبلغ المديونية الخارجية نسبة 41.8% من إجمالي الناتج المحلي البالغ 9.78 مليارات دولار (2022) بحسب بيانات البنك الدولي.

11- تعيش نسبة 31% من الموريتانيين تحت خط الفقر (وفق بيانات رسمية 2023).

12- يبلغ الحد الأدنى للأجور في البلد حوالي 115 دولارًا.

13- صندوق النقد الدولي: آفاق الاقتصاد الموريتاني ما تزال محفوفة بعدم اليقين، وكالة الأخبار، 8 مارس/آذار 2024، (تاريخ الدخول: 20 مايو/أيار 2024)،  https://alakhbar.info/?q=node/53020