تأثير النزاع السوري على ميزان القوى في الشرق الأوسط

(الجزيرة)

مقدمة

تسعى هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على النزاع في سوريا ومدى تأثيره على موازين القوى الإقليمية والدولية، من خلال تنافس القوى الإقليمية والقوى الدولية لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط، وذلك، خلال الفترة ما بين 2011، تاريخ بداية الانتفاضة السورية، إلى سنة 2019. وتكمن حيثيات وأهمية هذه الدراسة في معرفة طبيعة النزاع السوري وأسبابه وخلفياته وانعكاساته على البيئة الداخلية، وكذلك، البيئتين الإقليمية والدولية. حيث انطلقنا من تساؤل رئيسي يتعلق بعنوان ومحتوى الدراسة وهو: كيف يمكن أن يؤثر النزاع في سوريا على ميزان القوى الشرق أوسطية وشبكة التحالفات الإقليمية والدولية؟

تركز الدراسة على الجمع بين العوامل الداخلية والإقليمية والدولية للنزاع السوري، والتي كان لها تأثير مباشر في تصاعد حدة العنف في المنطقة، في ظل التدخلات العسكرية المباشرة وغير المباشرة من قبل الأطراف الخارجية، وما انجرَّ عنه من حروب بالوكالة متعددة المستويات، وتأجيج النزعات والانقسامات الطائفية، وازدياد التطرف، وأزمة لجوء إنساني، وبروز تهديدات جديدة تجلَّت في جهات فاعلة غير حكومية ساهمت في تعقيد الوضع بشكل كبير ولافت.

وقد اعتمدت الدراسة على مقاربتين نظريتين، هما: المقاربة الواقعية الجديدة والمقاربة البنائية، لمحاولة فهم طبيعة النزاع السوري ومدى تأثيره على ميزان القوى في الشرق الأوسط، إضافة إلى عدة مقاربات أخرى؛ كمقترب تحول القوة، والمقترب الجيوسياسي، وتحليل الدور، ومنهجين، هما: منهج دراسة الحالة والمنهج التاريخي.

خاتمة

تمحورت إشكالية هذه الدراسة حول تأثير النزاع السوري على ميزان القوى في الشرق الأوسط وشبكة التحالفات الإقليمية والدولية، ومن خلال الدراسة والتحليل ومحاولة التأكد من صحة الفرضيات المطروحة تم التوصل إلى مجموعة من النتائج، أهمها:

- أحدث النزاع السوري اختلالا في توازن القوى الإقليمي والدولي، حيث أسهم في حدوث تغير أدوار الفاعلين على الساحة الإقليمية والدولية، ولم تبق الولايات المتحدة القوة الوحيدة على المستوى الدولي، فقد برزت قوى جديدة تحاول جاهدة استعادة مكانتها ودورها في الساحة الدولية إلى جانب الولايات المتحدة، كذلك، برزت قوى إقليمية جديدة حاولت استغال الفراغ الذي خلفه النزاع السوري للبحث عن دور ومكانة في النظام الإقليمي العربي.

-إن النزاع السوري له القدرة على تغيير ميزان القوى الإقليمي بشكل ملحوظ حيث يتطلع جميع اللاعبين إلى المكاسب والخسائر في وضعهم الإقليمي وقوتهم والاستجابة لذلك.

-شبكة التحالفات معقدة ومتغيرة وفقًا للمصالح وتقلبات الوضع في سوريا؛ بمعنى أن الكثير من الجهات الفاعلة ربما تنتظر نتيجة النزاع لإعادة تشكيل مصالحها وتحالفاتها وعلاقاتها.

-التغير في ميزان القوى الإقليمي، تميز بإضعاف محتمل لمحور طهران-دمشق-حزب الله، وتقليص قدرة إيران على إبراز تأثيرها.

- أصبحت سورية ميدان للمنافسات الدولية والإقليمية، حيث تسعى القوى الخارجية إلى تعدد المصالح والبرامج الأمنية المتضاربة.

 -فشل المعارضة في تنظيم وتوحيد صفوفها، وجهودها في إيجاد برنامج مشترك، وتعددها وضعفها، وحصولها على الدعم من الخارج، أدى إلى إطالة أمد النزاع وتعقده وخدمة مصالح القوى والأطراف الداعمة لها.

-النزوح الخارجي ولجوء المدنيين السوريين إلى دول الجوار تسبب بانعكاسات سلبية من ناحية البنية التحتية والخدماتية وإرهاق الاقتصاد الوطني في الدول المستضيفة للاجئين السوريين، وهو ما ينبئ عن تغيرات كبيرة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لدول الجوار الإقليمي، بالتالي يؤثر على توجهاتها الخارجية.

-تفاقم الطائفية مما ساهم في توتر بالعلاقات التركية العراقية، وكذلك التركية الإيرانية، التي يمكن أن تزعزع التوازن الطائفي الهش في لبنان، وتعمق الانشقاقات المجتمعية في العراق، وتغذي التطرف العربي السني.

-أدت الانتفاضة السورية وما تبعها من أحداث إلى تأجيج النزعات الكردية الانفصالية وتهديد ، وحدة وسلامة أراضي كل من العراق وتركيا، ناهيك عن سورية نفسها.

-استمرار الحرب بالوكالة أدى إلى تصاعد العنف وزيادة أعداد القتلى المدنيين ونزوح السكان وخلق أزمة لاجئين وتغير في البنية الاجتماعية جراء النزوح الداخلي واللجوء الخارجي.

 - تبدو الدول العربية -في لعبة الصراع الإقليمي والدولي- غير قادرة على المبادرة.

- محاولة حل الصراع في سوريا لن تكون بمعزل عن الإرادة الإقليمية والدولية، والاتفاق بين المعارضة والنظام.

-إن خصوصية الحالة السورية وتعقدها واختلافها عن حالات الانتفاضات العربية الأخرى، بالإضافة إلى موقع سوريا الجيوسياسي وتأثيرها في توازن القوى.. جعل منها عاملا مرجحا في ميزان القوى والصراع الإقليمي والدولي، وهذا من شأنه أن يكون له أثر حاسم في تحديد مآلتها والمسارات التي يمكن أن تسلكها مستقبلا.

تنويه:

  • الآراء الواردة في هذه الدراسة تُعبِّر عن كاتبها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي مركز الجزيرة للدراسات.
  • للاطلاع على النص الكامل للدراسة (اضغط هنا)
  • يمكن للباحثين الراغبين في نشر رسائلهم وأطروحاتهم مراسلتنا على العنوان التالي:   ajcs-publications@aljazeera.net

ABOUT THE AUTHOR