مقدمة
كشفت الحرب التي شنَّتها إسرائيل على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، عن وجه غير مألوف في تغطية جزء من الإعلام الغربي لمجرياتها وتطوراتها. فقد طغت الرواية الإسرائيلية على هذا الجزء من الإعلام الذي تبنَّى أطروحاتها، مدافعًا عنها تارة ومبررًا إياها تارة أخرى، متجاهلًا بذلك الرواية الفلسطينية عن الحرب وصور القتل الجماعي، خصوصًا الأطفال والنساء، ومتغافلًا عن تقارير الأمم المتحدة(1) حول الوضع في غزة(2). تماهى جانب كبير من الإعلام الرسمي في الغرب مع الطرح الإسرائيلي عن عمد أو عن كسل أو عن جبن، حتى لا يتعارض مع الرأي السائد في وسائل الإعلام(3). فهل ولَّى، حقيقة وإلى غير رجعة، زمن كان يقول فيه الفيلسوف الألماني، هيغل (1770-1831): "قراءة جريدة الصباح هي بمنزلة الصلاة الصباحية للشخص الواقعي"(4)؛ إذ أصبحت وسائل الإعلام غير مغرية للوقوف على الأحداث، محلية كانت أو عالمية، وبات المتلقي يتوخى الحذر من وسائل الإعلام الغربية التقليدية (قنوات التليفزيون ومحطات الراديو، وكبريات الصحف...). وهنا، نلاحظ الهوة التي تتزايد مع مرور الوقت بين المتلقي وهذه الوسائل التي لم يعد يثق بها كثيرًا(5). وظهر ذلك بوضوح في الحرب على غزة؛ إذ أصبح جليًّا عدم اقتناع المواطن الغربي بما يُروِّجه إعلام بلاده عن الحرب(6)، وهو ما يُفسِّر خروج أعداد كبيرة من المواطنين في بلدان غربية مختلفة في مسيرات مساندة لأهل قطاع غزة، رغم القصف الإعلامي المتحيز لإسرائيل، والمنع القانوني والتضييق الإجرائي من طرف السلطات(7).
في هذا السياق، تُقارب الدراسة سؤالًا إشكاليًّا يتناول مظاهر أزمة الخطاب الإعلامي الغربي، خصوصًا الإعلام الفرنسي، في معالجة الحرب على غزة، وتستقصي مستويات هذه الأزمة وأبعادها: هل يُشكِّل منظور المعالجة الإعلامية للحرب على غزة في الخطاب الإعلامي الغربي/الفرنسي أزمة عارضة، نظرًا لسوء فهم الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، أم هو نتيجة أزمة هيكلية لهذا النمط من الخطاب الذي تخلَّى عن مبادئ كونية أَرْسَتها فلسفة الأنوار في القرن الثامن عشر؟
وللإجابة عن هذا السؤال تنطلق الدراسة من فرضيتين. تؤكد أولاهما أن أزمة الحداثة نفسها هي المُهَيْكِلَة لهذا النمط من الخطاب الإعلامي الغربي/الفرنسي الذي كان محكومًا عليه بخيانة مبادئ الحرية والدفاع عن حقوق الإنسان، بغض النظر عن الجنس واللون والدين. وهذا ما سيبحثه المحور الأول من الدراسة ويتحقَّق منه في ضوء أطروحة الفيلسوف الألماني، بيتر سلوتردايك (Peter Sloterdijk)، التي وردت في كتابه: "نقد العقل الكلبي"(8)؛ إذ ينتقد وقاحة الأقوياء ومن يتوسَّل إليهم للوصول إلى مراكز أفضل. فهؤلاء، ومن بينهم جانب من الصحافة الغربية، غيَّروا مواقعهم ليصبحوا من "الواصلين" ضد "المنبوذين"(9). وهذا "الوصول" سيتبيَّن في مواقف العديد من الإعلاميين الغربيين للابتعاد عمن اعتُبِروا "منبوذين"، ومن بينهم الفلسطينيون في حربهم مع الاحتلال الإسرائيلي "الواصل" بامتياز حسب هذا التصنيف.
أما المحور الثاني والثالث، فيتحقق فيهما الباحث من الفرضية الثانية، وهي ترتبط بالأولى وتؤكدها أيضًا، والتي ترى أن بعض الإعلاميين الغربيين والمثقفين الذين يدورون في فلكهم وكوَّنوا رصيدهم الاجتماعي من خلال برامجهم ومقابلاتهم -وهو الجانب الذي يهم الباحث من الإعلام الغربي/الفرنسي في هذه الدراسة- تخلَّوا عن دورهم كسلطة معرفية مُراقِبة للشأن السياسي والاجتماعي وساهرة على التنبيه لاعوجاجهما الأخلاقي. وهذا التخلِّي أو الانسحاب تحقق بسبب العلاقات الوطيدة التي نسجها هذا الصنف من الإعلاميين مع القوى الاقتصادية المهيمنة على السياسة في الغرب. ولذلك قاموا بدور "الواصلين" بامتياز ليصبحوا تابعين لهذه القوى، وفي العديد من الأحيان مدافعين عن مصالحها، التي ترتبط بمصالحهم، بل ومدافعين عن رؤية هذه القوى للعالم على المستوى الداخلي والخارجي أيضًا.
ويستعين المحور الثاني من الدراسة بأطروحة الأكاديمي، سيرج حاليمي (Serge Halimi)، في كتابه: "كلاب الحراسة الجدد"(10)، الذي يُبيِّن فيه العلاقات التي ينسجها بعض كبار الصحفيين والمثقفين الفرنسيين مع عدد من النافذين من نساء السياسة ورجالها، وعالم المال والأعمال، مما يحتِّم عليهم تبنِّي وجهة نظر هؤلاء الأقوياء والترويج لها في صحفهم وقنواتهم. وسيتكرر هذا في الحرب السابعة (السيوف الحديدية/طوفان الأقصى) على قطاع غزة من خلال دفاعهم المستميت عن إسرائيل، وإبراز نضالات الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال بوصفها "إرهابًا وظلامية"، ما دامت مصالح هؤلاء النافذين في عالم السياسة مرتبطة ببقاء إسرائيل وتفوقها في منطقة الشرق الأوسط.
أما المحور الثالث فسيعود إلى أطروحة المفكر وعالم السياسة الفرنسي، باسكال بونيفاس (Pascal Boniface)، في كتابه: "المثقفون المزيفون"(11)؛ إذ يرى أن عددًا من المثقفين المشهورين ودائمي الحضور في القنوات الرسمية، وصفحات كبريات الصحف الفرنسية، لا يتورعون عن استخدام الحجج بسوء نية لترويج الأكاذيب وتزييف الحقائق عن عمد، غير مبالين بالمتلقي الذي يعتبرونه غير مؤهل لفهم بعض الحقائق، من أهمها "ضرورة الدفاع عن إسرائيل" ضد ما يصفونها "همجية يجب القضاء عليها مهما كلف الأمر". وهذا ما سيتبيَّن بوضوح في الحرب على غزة التي أتاحت لهؤلاء المثقفين فرصة أخرى لتأكيد ما قاله بونيفاس في حقهم منذ أزيد من عشر سنوات(12).
وتعتمد الإستراتيجية المنهجية لمقاربة السؤال الإشكالي بشأن أزمة الخطاب الإعلامي الغربي على دراسة حالة لنماذج من الإعلام الفرنسي للوقوف على كلبيته/وقاحته تارة، وتواطئه مع عالم السياسة والمال والأعمال تارة أخرى. وتمثِّل هذه النماذج (عينة قصدية) فيما نشرته محطة "أوروبا 1" (1 Europe)، ومجموعة "تي في 1" (Groupe TF1)، وكذلك كتابات الفيلسوف آلان فينكلكروت (Alain Finkielkraut)، والفيلسوف برنار هنري ليفي (Bernard-Henri Lévy)، والإعلامي دافيد بوجاداس (David Pujadas)، وإريك زمور (Eric Zemmour)، وألكساندر مالافاي (Alexandre Malafaye)، وفيليب فال (Philippe Val)، ومحمد سيفاوي، والأكاديمي فريديريك أونسيل (Frederic Encel)، والمخرج إيلي شوراكي (Elie Chouraqui)، والمحامي والإعلامي الأميركي بن شابيرو (Ben Shapiro).
1. كلبية الإعلام الغربي: ذهنية للذات الحداثية
يستخدم بيتر سلوتردايك مصطلح كلبية (cynicism) في استعماله الحديث للدلالة على الوقاحة؛ إذ يعتبر الأديبَ الساخر، لوقيان السميساطي، المعروف بالمستهزئ (125-180) نموذجًا "للوقاحة التي تُغيِّر مواقعها"(13) وفقًا لمصالحها. وفي المقابل، يقترح إحياء تقليد السخرية بالمعنى الفلسفي القديم، والتي اشتهر بها الفيلسوف اليوناني، ديوجانس الكلبي (Diogenes of Sinope) (نحو 421-323 ق.م)، الذي يعتبره سلوتردايك نموذجًا لانتقاد الأقوى بتهكم لاذع حتى في عصرنا الحديث، مستخدمًا كلمة (kynicism) للدلالة عليها(14). وفي علاقتهما بأصحاب القرار والنفوذ، تتخذ كل فئة موقفًا مغايرًا للتعامل مع هؤلاء. فتتموضع الكلبية القديمة (الساخرة) من خلال ممارستها اليوم خارج المجتمع من أجل انتقاده. وقبل هذا تُوجِّه سهام نقدها إلى تلك النخبة الحاكمة ومن يدور في فلكها، والتي "وسخت يديها لتنقذ نفسها"(15). أما الكلبية الحديثة (الوقحة) فهي مُوَجَّهة لخدمة هذه النخبة المتحكمة في السلطة ومغازلتها(16)، تقرُّبًا منها للاستفادة من الامتيازات التي توفرها لها.
إذن، يرى سلوتردايك أن الوقاحة (الكلبية الحديثة) تُعد أسلوب العمل السائد في الثقافة المعاصرة على المستويين، الشخصي والمؤسساتي، بعد أن اختلَّ الإيمان بمبادئ التنوير. ويقول عنها في هذا الصدد: "هي الوعي الزائف المستنير. إنها ذلك الوعي الحديث التعيس الذي أثَّر فيه التنوير بنجاح وبدون جدوى معًا. لقد استفادت من دروس التنوير، لكنها لم تطبقها، وربما لم تكن قادرة على ذلك"(17).
1.1. الواصلون والحق الحصري في الدفاع عن النفس
إن استفادة الكلبية الحديثة، كوعي زائف، من التنوير يكمن في قدرتها على استعمال المفاهيم التي أقرَّ بها فلاسفة الأنوار وأصبحت واقعًا في المجتمعات الحديثة، مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومنها حق تقرير المصير والحق في مقاومة الاحتلال اللذين أقرَّهما القانون الدولي في القرن العشرين. لكن زيف هذا الوعي، الذي وجد مجالًا خصبًا في المجال الإعلامي الغربي، سيظهر تدريجيًّا في استعماله مفاهيم الحداثة الغربية بطريقة انتهج فيها سياسة الكيل بمكيالين. فيُقرُّ بها للبعض ويرفضها للبعض الآخر. وهذا ما ظهر جليًّا في الحربين اللتين كانت كل من أوكرانيا وغزة مسرحًا لهما؛ إذ تعامل هذا "الوعي الزائف" مع أحداث الحرب الأولى انطلاقًا من التزامه بمبادئ الحرية وحقوق الإنسان، مدافعًا عن "حق الأوكرانيين في الدفاع عن أنفسهم"، واعتبر "الروس معتدين" والرئيس فلاديمير بوتين "مجرم حرب". بينما تعامل مع الحرب على غزة بكل كلبية (وقاحة)؛ إذ ستُقدَّم في هذا الإعلام، بوصفها "دفاعًا عن النفس" ليصبح دفاع جزء من الإعلام الغربي عن الرواية الإسرائيلية مبنيًّا على هذه الفكرة.
لذلك تظهر إسرائيل في أغلبية التقارير الصحفية الغربية بمظهر "الضحية المدافعة عن نفسها" أمام هجمات حركة حماس. وهذه الرواية مثلًا يدافع عنها الكاتب والصحفي الفرنسي، إريك زمور، قائلًا: "إن إسرائيل تتمتع بكامل حقوقها في الدفاع عن نفسها". وأضاف: "لذلك، أنا لا أوافق على الهدنة الإنسانية"(18). هكذا تطغى الكلبية الحديثة على هذا النمط من الخطاب الإعلامي الغربي، حينما يتفادى -من دون إحساس بأدنى ذنب- الحديث عن حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم باعتبارهم تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي، حسب الأمم المتحدة(19). فغالبًا ما يبدأ الحديث في هذا النمط من الإعلام الغربي، لاسيما عينة الدراسة، فيما يخص الحرب على غزة، بأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، متجاهلًا تاريخ الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أكثر من سبعة عقود. فيظهر للمتلقي الغربي أن عملية المقاومة الفلسطينية في ذلك اليوم تمثِّل اعتداء على إسرائيل. وهنا، يُبرِّر أحد نجوم الإعلام الغربي وأشهر المدافعين عن الصهيونية في الغرب، وهو المحامي والمحلل السياسي الأميركي، بن شابيرو، ما تقوم به إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول من قتل للمدنيين الفلسطينيين، بـ"حقها في الدفاع عن نفسها". ووصلت كلبية شابيرو إلى حدِّ تحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية قتل هؤلاء المدنيين في غزة(20).
1.2. حروب الواصلين حروب أيديولوجية
هناك نموذج آخر لكلبية الإعلام الغربي في الحرب على غزة يمثِّله الفيلسوف والمنتج الإذاعي الفرنسي، آلان فينكلكروت، في أحد البرامج الحوارية(21) التي يديرها المذيع الفرنسي دافيد بوجاداس؛ إذ يفترض (فينكلكروت) بكلبيته المعهودة أن إسرائيل في هذه الحرب مُهدَّدة من قِبَل الإسلام المتطرف الذي تمثِّله حركة حماس. بينما سيتجنب طوال هذا اللقاء التليفزيوني الحديث عن المجازر التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون جرَّاء القصف الإسرائيلي. إن كل ما يهم فينكلكروت هو إظهار الهجوم الإسرائيلي وكأنه "جزء من حرب أيديولوجية ضد التطرف الإسلامي". وتصل الوقاحة ذروتها عندما يقارن ضيف آخر، وهو المحلل السياسي الفرنسي، فرانسوا هيسبورغ (François Heisbourg)، حركة حماس بـ"الحزب النازي"، مؤكدًا أن "الغرب سينتصر في هذه الحرب ضد حماس، كما انتصر على النازية في الحرب العالمية الثانية". من جهة ثانية، ترتفع لهجة فينكلكروت عندما يتعلق الأمر بدعوته إلى "سحق حركة حماس بشكل كامل كمقدمة للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين"(22).
ولم تظهر إشارة في أي وقت، خلال النقاش في برنامج بوجاداس، إلى عشرات الآلاف من المدنيين الذين قتلوا في غزة. وهنا، يمكن رصد الوقاحة التي تحدث عنها سلوتردايك في سلوك هذه النخبة التي تقف بجانب الأقوياء في هذا العالم؛ إذ تمتلك قدرة التلاعب بالكلمات لتتفوق في احتقار الضحايا (المنبوذين) إلى حد الإقصاء. وبما أن المقاومة الفلسطينية (نموذج المنبوذين) اليوم هي القوة الوحيدة التي تواجه إسرائيل (مثال الواصلين)، فإن آلة الكلبية الوقحة لهذا النوع من المثقفين تهاجمها بلا هوادة، وفي أحسن الأحوال تتجاهل مشروعية دفاعها عن حقها في الوجود.
1.3. ضحك الواصل على المنبوذ
لقد وصلت الكلبية الحديثة في نماذج عينة الدراسة إلى مستوى الضحك التهكمي أمام الكاميرات على مآسي الفلسطينيين وهم وسط الدمار في قطاع غزة. هذا ما قام به على الهواء مباشرة الكاتب والمخرج الفرنسي، إيلي شوراكي، في القناة "إل سي آي" الفرنسية. فخلال استماعه إلى شهادة أحد سكان مخيم جباليا بغزة الذي قصفه الطيران الإسرائيلي مخلِّفًا عشرات القتلى، قال عنه شوراكي: "إنه يتواصل بشكل جيد، أليس كذلك؟ ويتحدث بشكل جيد أمام الكاميرا"، ثم انفجر ضاحكًا على الفلسطيني الذي كان يدلي بشهادته(23). بغض النظر عن نوايا المخرج الفرنسي، إلا أن ضحكته تمثِّل الكلبية الحديثة في أوج وقاحتها. في الواقع، إن ضحكة شوراكي في مثل هذه الظروف تُذكِّر بلوقيان السميساطي، وهو نموذج النخبة الكلبية الوقحة التي غيَّرت مواقعها وانقلبت إلى المعسكر الآخر، معسكر الأقوياء، وقد وصف سلوتردايك مزاجه التهكمي بهذه السمة "يبقى ضحك لوقيان مطبوعًا بالحدة؛ إذ لا يمكن أن يكون مرحًا، فهو يكشف عن الكراهية أكثر من السيادة. وفيه ندرك شر من يشعر بأنه موضع تساؤل"(24).
إن ضحكة شوراكي الساخرة تُقدِّمه بصفته أحد "الواصلين". وقد وصلت مداخلته على شاشة التليفزيون إلى مستوى لا مثيل له من السخرية من معاناة الفلسطينيين الذين يمثِّلون هنا "المنبوذين" بحسب تصنيف الفيلسوفة، حنة آرندت. وهكذا، يُقدِّم شوراكي نفسه واحدًا من أبطال الدفاع عن مذابح الضعفاء على أيدي الأقوياء، ومثل سابقه، لوقيان السميساطي، "لا يتفوَّه بأي قول حسن عن ضحيته"(25) إلا من باب التهكم.
من جهة أخرى، سيتبنَّى هذا الإعلام الرواية الإسرائيلية حول "قتل الأطفال" و"اغتصاب نساء إسرائيليات" من طرف رجال المقاومة الفلسطينية(26). ورغم أن إسرائيل لم تُقدِّم أي أدلة على ذلك، فإن كبريات الصحف والمحطات العالمية استمرت في إعادة بث ونشر أخبار الرواية الإسرائيلية بهدف شيطنة المقاومة الفلسطينية(27). وهنا، تتجلى الكلبية الحديثة في جزء مهم من الإعلام الغربي كما صنَّفها سلوتردايك؛ إذ يحابي هذا الإعلام الأقوياء ضد المستضعفين، بل يتفنَّن -كما أظهرت النماذج السابقة- في تجاهل مآسي هؤلاء المنبوذين. ويُستبعد، في الوقت الحالي على الأقل، أن يصبح هذا الإعلام أكثر إنصافًا في نقل الحقيقة أمام الطرد التعسفي الذي يواجهه العديد من الصحفيين الغربيين الذين أبدوا تعاطفهم مع الرواية الفلسطينية(28). ولذلك تفسيرات أخرى سنناقشها لاحقًا.
شكل (1): تمثلات الخطاب الإعلامي الغربي للذات الفلسطينية والإسرائيلية
2. الصحافة والمال والسياسة: العلاقات الخطرة
باستعادته عنوان كتاب الفيلسوف الفرنسي، بول نيزان (Paul Nizan) (1905-1940)، "كلاب الحراسة"، الذي صدر عام 1932، يؤكد سيرج حليمي أن دور كلاب حراسة الطبقة النافذة في المجتمع انتقل من الفلاسفة (عند بول نيزان) إلى الإعلاميين والمحلِّلين والخبراء الذين أصبحوا حراس النظام الاجتماعي والسياسي القائم لصالح الأقوياء، مبررين ما يقوم به هؤلاء. يقول حليمي عن هؤلاء الإعلاميين والخبراء الجدد: "إن لديهم خبرة تجميل، وميكروفونًا، وفي كثير من الأحيان أكثر من كرسي علمي. وكمخرجين للحقائق الاجتماعية والسياسية، الداخلية والخارجية، فإنهم يُشوهِّونها بالتعاقب. إنهم يخدمون مصالح أسياد العالم. إنهم كلاب الحراسة الجدد"(29). وإذا كان الفيلسوف الفرنسي، جوليان باندا (Julien Benda) (1867-1956)، كتب عمن أسماه بالكاتب العملي الذي يمتلك الرغبة في إرضاء البرجوازية التي تحيطه، مقابل ذلك، بهالة الشهرة وتوزع عليه الأوسمة(30)، فإن حليمي يؤكد: "فَهِمْنا أنه يكفي إبدال كلمة "برجوازية" التي تعتبر قديمة جدًّا، بكلمة صنَّاع القرار"(31). بمعنى آخر، كان هناك دائمًا طائفة من المثقفين الذين يدورون في فلك الأقوياء، وينسجون علاقات وطيدة معهم، فيبررون لهم قراراتهم، مهما كلَّف ذلك من تماد في الكذب وقلب الحقائق ضد مصالح طبقات المجتمع الأخرى. ويندِّد حليمي، خصوصًا بنادي "القرن" باعتباره مكانًا للتواطؤ بين السياسيين والصحفيين(32)، وفيه تجتمع النخبة السياسية والاقتصادية والإعلامية، فهو يمثِّل لها فرصة حقيقية للحصول على معلومات قيمة من النافذين في عالمي المال والسياسة، ولزيادة التقرب منهم.
2.1. السلطة الرابعة: علاقة مركبة بين المؤسسات الإعلامية والصحفيين
يمكن القول: إن العلاقة بين الإعلاميين من جهة، ورجال السياسة وعالم الصناعة والمال من جهة أخرى، هي أكثر من تواطؤ، بل علاقة أرباب محطات (مُشغِّل) وإعلاميين (مُوظَّفين). وإذا كان أرباب المحطات يملكون أيضًا شركات كبيرة تربطها بإسرائيل علاقة وطيدة، فإنه من الصعب على الإعلامي الخروج عن الخط التحريري الذي تضعه الشركة نفسها. على سبيل المثال، تنشط مجموعة لاغاردير (Groupe Lagardère) في مجالات الإعلام والنشر والترفيه، وتُعد في الواقع إمبراطورية إعلامية تسيطر على محطات تليفزيونية وصحف ومجلات ودور نشر عديدة(33). لكن هذه المجموعة تنشط أيضًا في مجال تجارة السلاح مع الشركة الأوروبية للدفاع الجوي والفضاء (الاتحاد العسكري الرئيسي في أوروبا) التي تتعاون بشكل وثيق مع شركة صناعة الطائرات الإسرائيلية المتخصصة في تصنيع الطائرات بدون طيار. كما أن التعاون العسكري، وخاصة على المستوى النووي، بين فرنسا وإسرائيل هو مُؤَطَّر من طرف هذه الإمبراطورية(34). من هذا المنطلق، يمكن فهم الخط الإعلامي والتحريري للقنوات والمجلات التابعة لمجموعة "لاغاردير". فعلى سبيل المثال، تُوَجِّه قناة "أوروبا 1" نقدًا لاذعًا لحركة حماس في العديد من برامجها، بينما يكون الحديث عن قصف إسرائيل للمدنيين في حدود نقل المعلومة، ثم العودة إلى تحميل حماس مسؤولية الحرب على غزة وقتل المدنيين(35).
وهناك مثال آخر حول هذه العلاقة بين الإعلام والمجموعات التي تديره. فأحد الوجوه المألوفة في الإعلام البصري في فرنسا، وخصوصًا على أمواج إذاعة "أوروبا 1"، هو الكاتب والإعلامي الفرنسي، ألكسندر مالافاي، الذي يدافع عن حرب إسرائيل في غزة معتبرًا إياها "حربًا غربية"(36). وما يميز مالافاي في العديد من مداخلاته الإعلامية هو المنظور المتناقض الذي ينطلق منه؛ إذ يضع إسرائيل وأوكرانيا في خانة المظلومين، في مقابل روسيا ومجموع المسلمين الذين يصف دوافعهم في مواجهة إسرائيل باعتبارها "سياسية وعنصرية ومعادية للسامية وللصهيونية وللغرب، وتعود إلى أصول قيام إسرائيل"(37).
ونجد هذا الموقف عند الفيلسوف والإعلامي، برنار هنري ليفي، الذي يرى أن حركة حماس لا تساوي شيئًا لولا مساندة إيران وروسيا لها(38). في الواقع لا يهم ليفي تحليل الوضع في الأراضي المحتلة، بل الترويج لفكرته التي يكررها منذ نهاية السبعينات من القرن الماضي بشأن عداوات الغرب الآتية من ثقافات أخرى(39). لذلك فالمقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ليست في نظره إلا أحد وجوه هذا العداء الحضاري للغرب وقيمه، الذي تنتمي إليه إسرائيل كما يتصوره. بمعنى أن أي خسارة لإسرائيل هي خسارة للغرب. من جهة أخرى، إذا كان بعض الإعلاميين والمثقفين قد نسجوا علاقات مع رجال الأعمال والسياسيين النافذين، فالأمر يختلف إلى حد ما مع برنار هنري ليفي. فهو نفسه فيلسوف وإعلامي ومن كبار رجال الأعمال الفرنسيين؛ إذ فاقت قيمة ثروته 200 مليون يورو(40). فاجتمعت فيه البورجوازية، والإعلام الذي يدافع عنها. ودفاع ليفي عن الأقوياء ضد المستضعفين ليس بغرض "الوصول" بعيدًا عن "المنبوذين"، بل هو دفاع فيلسوف برجوازي عن طبقته، "بنى حياته المهنية من خلال ممارسة الكذب بلا خجل"، كما يقول عنه باسكال بونيفاس، منتقدًا "وقاحته الأسطورية"(41).
2.2. الإعلام في خدمة العائلات البرجوازية
إن العلاقات بين الإعلام وعالم المال نجدها أيضًا في أقوى صورها في بلد مثل بلجيكا. فهناك عدد من العائلات البرجوازية الكبيرة التي تمتلك مجموعات إعلامية مهمة وتمتد إلى هولندا ولوكسمبورغ. فمثلاً، تمتلك عائلة "فان ثيلو" (Van Thillo) مجموعة "دي بي جي ميديا غروب" (DPG Media Group)، وعائلة "ليسن" (Leysen) تمتلك مجموعة "كوريليو" (Corelio)، وعائلة "بارت" (Baert) تمتلك مجموعة "كونسنترا" (Concentra). وهذه العائلات لها علاقات تاريخية مع بنك "كي بي سي" (KBC)(42)، وهو من أكبر الشركات المصرفية في أوروبا، ورد اسمه في تقرير لأحد التحقيقات الدولية(43)؛ إذ يُعد من البنوك البلجيكية والأوروبية الممولة للشركات الإسرائيلية الناشطة في هدم منازل الفلسطينيين، وبناء المستوطنات الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتوفير معدات المراقبة، والاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية الفلسطينية...إلخ. السؤال هنا: كيف يمكن لهذا النوع من الإعلام أن تكون له حرية في إبراز الرواية الفلسطينية حتى لو أراد ذلك؟ إن هذه العلاقات القوية بين العائلات والبنوك تُحدِّد الخط التحريري للإعلام التابع لها، وهو في الواقع وُجِد للدفاع عن هذه العلاقات. ومن ثم، من العبث انتظار تغيير موقف هذا الإعلام من القضية الفلسطينية. إن هذا النوع من الإعلام، وهو الذي يمتلك القاعدة الأكبر بتشعباته في كل أنواع الصحافة (المكتوبة والمسموعة والمرئية) لا يملك إلا أن يكون كلبيًّا وقحًا في دفاعه عن الرواية الإسرائيلية.
من ناحية ثانية، هناك مثال آخر يخص دعم ألمانيا الثابت لإسرائيل. وإذا افترضنا أن هذا الدعم يرد في سياق عقدة الذنب الألمانية تجاه اليهود وما حصل لهم في الحرب العالمية الثانية، فإنه أضحى في الحرب الإسرائيلية على غزة طاغيًا بحماس منقطع النظير. ولم يسلم منه حتى كبار مفكري ألمانيا، مثل يورغن هابرماس (Jürgen Habermas) ونيكول ديتلهوف (Nicole Deitelhoff)، وراينر فورست (Rainer Forst)، وكلاوس غونتر (Klaus Günther)، الذين وقَّعوا على "بيان مبادئ التضامن" مع إسرائيل في حربها على غزة، وتبرير قتلها للمدنيين بشكل غير مقنع(44). فالدعم الألماني لإسرائيل يحظى بإجماع الفاعلين السياسيين والإعلام دون استثناء(45). وهنا يمكن أن نفهم لماذا سارعت عشرات الشركات الألمانية لإدانة حركة حماس ودعم إسرائيل، ومن بينها شركات صناعة السيارات والبنوك والمجموعات الإعلامية الكبيرة، مثل مجموعة "برتلسمان" (Bertelsmann)(46) التي تمتلكها بشكل أكبر العائلة البرجوازية "موهن" (Mohn)، وهي عائلة بروتستانتية عريقة. وقد كان بيان المجموعة شديد اللهجة، ويؤكد علاقة هذه الإمبراطورية الإعلامية بدولة إسرائيل، رغم أنها من الإمبراطوريات الإعلامية النادرة التي لا يمتلكها يهود عبر العالم. يقول البيان: "تدين برتلسمان الهجمات الإرهابية على إسرائيل بأشد العبارات الممكنة. إننا نقف بثبات إلى جانب أصدقائنا وشركائنا الإسرائيليين، وكذلك إلى جانب دولة إسرائيل. على مدى العقود الماضية، طورت برتلسمان وإسرائيل علاقات صداقة وثيقة ومستقرة، تمتد من مشاركة عائلة موهن للمساهمين ومشاريع برتلسمان ستيفتونغ إلى أعمال برتلسمان واستثماراتها في إسرائيل. إن تضامننا مطلق مع شعب إسرائيل"(47).
في فرنسا أيضًا، تعتبر عائلة "بويغ" (Bouygues)، المالكة بشكل أكبر للمجموعة الصناعية "بويغ إس أي" (Bouygues S.A.)، من أكبر العائلات التي تدافع عن إسرائيل، وتستثمر في مجال البنية التحتية الإسرائيلية(48). تمتلك بويغ وتدير أيضًا مجموعة "تي إف 1" (Groupe TF1) المساندة للرواية الإسرائيلية. كما وجدت في الصحفي، دافيد بوجاداس، تجسيدًا للكلبية اللازمة لتقديم إسرائيل في صورة "الضحية"، فيما الفلسطينيون "جلادون"، و"المدنيون منهم مختلفون عن المدنيين الإسرائيليين في هذه الحرب". ففي أحد أسئلته في برنامجه على قناة "إل سي آي" التابعة لمجموعة "تي إف 1"، يتساءل بوجاداس عما إذا كان لدى البعض إحساس بأن المدنيين في غزة هم شركاء (مع حماس)؟ ويضيف: "فهل نقول: إن المدني في غزة يساوي المدني في إسرائيل؟"(49).
في الواقع، إن هذه العلاقات الخطرة(50) بين الأقوياء في مجال السياسة والمال من جهة، والإعلام من جهة أخرى، ليست بالجديدة. فالنافذون في السياسة عملوا على مر التاريخ الحديث على تدجين الصحافة بكل أنواعها. وفي حوار متخيَّل للكاتب والصحفي الفرنسي، موريس جولي (Maurice Joly) (1829-1879)، بين المفكر الإيطالي، نيكولو مكيافيلي (Niccolò Machiavelli) (1469-1527)، والفيلسوف الفرنسي، شارل لويس دي سيكوندا (Charles Louis de Secondat) (1689-1755)، المعروف باسم مونتسكيو، يقول المفكر الإيطالي لفيلسوف السياسة الفرنسي: "في البلدان البرلمانية، دائمًا تهلك الحكومات من خلال الصحافة. حسنًا، إنني أرى إمكانية تحييد الصحافة من خلال الصحافة نفسها. وبما أن الصحافة قوة عظيمة، هل تعرف ماذا ستفعل حكومتي؟ ستصبح صحفية، وستكون تجسيدًا للصحافة"(51).
إن ما تنبَّأ به جولي على لسان مكيافيلي قد حصل بالفعل في الغرب الحديث؛ إذ إن واقع الديمقراطية لا يترك مجالًا لرجال السياسة كي يُلجِموا صحافة بلدانهم، احترامًا للدستور والقوانين(52)، لكن بإمكانهم خلق صحافة تابعة لهم، خادمة لمصالح النافذين في عالم المال والأعمال والسياسة، نظرًا لارتباط هذه العوالم بعضها ببعض، كما تبيَّن آنفًا في محاور الدراسة.
شكل (2): نمط العلاقة بين الإعلام الغربي وإسرائيل
3. الفكر الوقح في خدمة الأقوياء
في الواقع، هذه الخدمة لا يُقدِّمها الإعلاميون فقط إلى هؤلاء النافذين، بل هناك فئة أخرى من المثقفين تلعب هذا الدور. وعن هؤلاء يقول باسكال بونيفاس: "الجميع يدرك أنهم على النقيض تمامًا من الصدق الفكري، ولا يهتمون به لسببين. الأول: أن الغاية تبرر الوسيلة بالنسبة لهم؛ إذ يعتبرون أن عامة الناس ليسوا ناضجين بما يكفي لفهم الأمور، لذلك من المناسب توجيههم حتى ولو بطرق لا علاقة لها بالضمير. والثاني: ما داموا يدافعون عن الأطروحات السائدة، لن يعاقبوا أبدًا على أساليبهم البغيضة. فلماذا سيهتمون إذن بتأنيب الضمير؟ إن قول الحقيقة يتطلب جهدًا إضافيًّا من الاقتناع أما الكذب فلم يعد يُشوِّه السمعة. يجب أن تكون أحمق حتى لا تستفيد من ذلك"(53).
إن هؤلاء "المثقفين الزائفين" -رغم تجاهلهم للحقائق التي أصبحت معلومة للمتلقي بفضل وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المنابر الإعلامية التي تغرد خارج سرب الإعلام الرسمي والتابع والخادم لمصالح الأقوياء- ما زالوا يصولون ويجولون في المشهد الإعلامي الغربي، رغم "وقاحتهم". لهذا، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: من أين لهؤلاء هذه القدرة على البقاء رغم خطابهم الكاذب والمتهافت في أغلب الأحيان؟ الجواب نستقيه أيضًا من عند باسكال بونيفاس الذي يقول في هذا الخصوص: "على الرغم من الإنترنت، الذي يجعل العثور على التصريحات السابقة أسهل من ذي قبل (ومن ثم عداء معظم "المزورين" لهذه الوسائط التي لا يسيطرون عليها)، فإن من النادر أن يكون هناك عمل بحثي. إنه يتطلب وقتًا وينطوي على خطر تكوين أعداء أقوياء. ومن يستنكر أكاذيب المثقفين الإعلاميين لن يتمكن دائمًا من الوصول إلى وسائل الإعلام؛ لأن هؤلاء لا يريدون انتقاد أنفسهم!"(54).
لننظر إذن إلى بعض نماذج من هؤلاء المثقفين لمقاربة مواقفهم من الحرب في غزة ومناقشتها في ضوء تقربهم من الأقوياء ودفاعهم عن الرواية الإسرائيلية باعتبارها الأطروحة السائدة.
3.1. محمد سيفاوي: "المسلم الديمقراطي والعلماني واليساري" الموالي لإسرائيل
اشتهر محمد سيفاوي منذ سنوات بأحاديثه الإعلامية على القنوات الفرنسية في كل ما يتعلق بالإسلام، وخصوصًا بما يُسمِّيه الإسلام السياسي، الذي يُشبِّهه بـ"النازية" ويسانده في نظره 20% من المسلمين حول العالم. وهؤلاء، في نظره، يجب إعادة تثقيفهم، بل محاربتهم سياسيًّا وأيديولوجيًّا وعسكريًّا(55). وعن القضية الفلسطينية، يؤكد سيفاوي أنه مع الحق الفلسطيني في إقامة الدولة، لكنه يساند الجيش الإسرائيلي فيما يقوم به. وفي هذا الصدد كتب في تقديمه لكتاب صدر عام 2009 عن أحداث غزة في تلك الفترة: "في الحرب بين إسرائيل وحماس أدعم مطلقًا الجيش الإسرائيلي في معركته المشروعة ضد هذه المنظمة الإرهابية التي تحمل هذه الأيديولوجية الفاشية، عقيدة الإخوان المسلمين"(56).
إن موقف سيفاوي من الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، لا يبدو متناقضًا بالنسبة له على الأقل. فهو يفصل بين مساندته لقيام دولة فلسطينية وتأييده للجيش الإسرائيلي ضد حركة حماس. وهنا، يجب التذكير أن سيفاوي يتفادى دائمًا الحديث عن كل ما يقوم به هذا الجيش الإسرائيلي من قتل للمدنيين بشكل منهجي ودوره في قطاع غزة منذ بدء إخلائه المستوطنات الإسرائيلية، أو ما يُسمى بخطة فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية في 2005، إلى الحرب الأخيرة 2023-2024. وهكذا، يحمِّل حركة حماس مسؤولية عدم قيام الدولة الفلسطينية، وهو ما يؤكده أيضًا باسكال بونيفاس(57).
وفي سياق الحرب السابعة على غزة، يؤيد سيفاوي ما تقوم به إسرائيل التي يجب -في نظره- أن تحقق جميع أهدافها الحربية. وعن قتل المدنيين بهذه الأعداد الكبيرة، ينفي سيفاوي أن يكون ذلك إبادة جماعية، مؤكدًا ضرورة قتل أكبر عدد ممكن من مقاتلي المقاومة الفلسطينية. وقال: "من السخافة تمامًا الحديث عن الإبادة الجماعية"(58). في الواقع، يظل دفاع سيفاوي عن قتل إسرائيل للمدنيين لازمة في أحاديثه وكتاباته. فهو يقول في تقديمه للكتاب المذكور أعلاه: "منذ أن وجدت الحروب دفع السكان المدنيون ثمنًا باهظًا. وهذا لا يجعل بالضرورة من يقوم بالقصف مجرم حرب"(59). وهنا، تتجلى كلبية سيفاوي، وهو يُبرر بوقاحة "المثقفين الزائفين" قتل آلاف الأطفال والنساء في غزة. فخطابه يتمحور في مجمله حول الدفاع عن إسرائيل "الديمقراطية" المهددة، في نظره، من طرف الإسلام السياسي الذي تمثلِّه حركة حماس في غزة، وكما جسده تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سوريا والعراق، والذي يهدد أيضًا الديمقراطيات الغربية، وعلى رأسها فرنسا(60).
3.2. فريديريك أونسيل: "الصهيوني اليميني المتطرف" المؤيد لحروب إسرائيل
يُعد فريديريك أونسيل من الوجوه المألوفة في المشهد الإعلامي، التي تعود إليها الصحافة بكل أنواعها لشرح الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط، وخصوصًا القضية الفلسطينية. ويُقدَّم أونسيل في الإعلام كأحد المتخصصين الأكاديميين في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي(61). لكن خلف هذه المعرفة الأكاديمية التي يُشكِّك فيها العديد من الأكاديميين(62) -إذ يفترض أن يتحلى صاحبها بالحياد والموضوعية- هناك وجه آخر لأونسيل اكتسبه من خلال انخراطه في الفرع الفرنسي لحركة "بيتار" (Betar)، وهي حركة شبابية صهيونية أسسها فلاديمير جابوتينسكي (Vladimir Jabotinsky) (1880-1940)(63)، عام 1923، في ريغا عاصمة لاتفيا. وقد أصبح أونسيل أحد زعماء "بيتار" في فرنسا(64)، ولا يُخفي إعجابه الشديد بأفكار جابوتينسكي؛ إذ أعلن في أحد المؤتمرات: "لقد فهم جابوتينسكي، أحد كبار أصحاب الرؤى في الصهيونية السياسية الذين أود أن أشير إليهم، شيئًا واحدًا على الأقل، وهو أنه لن يكون من الممكن أبدًا تحويل عرب فلسطين إلى الصهيونية. من بين مئات الفلسطينيين والعرب الذين التقيت بهم أثناء بحثي للدكتوراه، لم يعترف واحد منهم، ولا حتى نصف واحد، بالصهيونية. لذلك دعونا نتأكد بصدق، أنها مشكلة شرعية. ولذلك، فإنك ملزم بأن تكون الأقوى بشكل منهجي، وأن تستخدم ما أوصى به جابوتينسكي، أي أن تكون جدارًا من الفولاذ"(65).
وهذا بالفعل ما أكده أونسيل في مداخلاته الإعلامية خلال الحرب الإسرائيلية على غزة. فمهما كان سؤال الصحفي حول الحرب الدائرة على أرض غزة، يعود أونسيل إلى عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ليسلط الضوء على قوة حركة حماس وقدرتها على الدخول إلى العمق الإسرائيلي، مما يشكل خطرًا على قوة إسرائيل في المنطقة(66). يحاول أونسيل قراءة هذه الحرب من المنظور الإستراتيجي والجيوسياسي الإسرائيلي فقط. وعلى غرار محمد سيفاوي، فعندما ينتقد إسرائيل، فإنه يقوم بذلك باعتبارها ديمقراطية يجب انتقادها لتحسين أدائها، وهي وسط كل هذه العداوات المناوئة للديمقراطية (الفلسطينيون، إيران، سوريا. وكل الفصائل الموالية لهما) في نظره. في مداخلاته التي تمثِّل مجرد عينة، لا يهتم أونسيل إلا بقوة إسرائيل في الحرب، حتى إذا كان السؤال حول عدد القتلى الفلسطينيين، فإنه يركز على القتلى الإسرائيليين للحديث عن اختراق حماس للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وهو ما يراه تهاونًا من الحكومة الإسرائيلية التي يطالبها بتدمير كلي لحركة حماس في غزة مهما كلَّف ذلك من أرواح المدنيين الفلسطينيين. إذن، خلف غطاء "الأستاذية" و"العمق الأكاديمي"، يُقدِّم أونسيل الحرب على غزة تحت شعار الموضوعية العلمية. ولكن، كما يقول باسكال بونيفاس، فإن "الموضوعية بالنسبة لليهودي، بحسب أونسيل، هي دعم غير مشروط لإسرائيل"(67).
3.3. فيليب فال: إقامة محاكم التفتيش للرأي الآخر
يُقدِّم باسكال بونيفاس، الصحفي الفرنسي، فيليب فال بهذه الكلمات: "مزوِّر يحاول إخفاء ما أصبح عليه، حفاظًا على صورة ما كان عليه. يسعى فيليب فال اليوم للحصول على التكريم، والتواصل مع الأقوياء والمشاهير، وهو حريص على أن يحظى باعتراف رسمي"(68. لقد ذاع صيت فيليب فال صحفيًّا، وهو الكاتب والفكاهي وكاتب الأغاني الفرنسي، عندما توَّلى إدارة صحيفة شارلي إبدو (Charlie Hebdo) لمدة سبعة عشر عامًا: رئيسًا للتحرير من (1992-2004) ثم مديرًا للنشر من (2004-2009). بعد ذلك ترأس فال المحطة الإذاعية "فرانس إنتر" (France Inter) من 2009 إلى 2014. فهو، إذن، رجل إعلام بامتياز رغم تخليه عن الدراسة في سن 17 عامًا(69). يُعرف فال بشراسته ضد من يخالفه الرأي. وقد طرد العديد من الصحفيين الذين لم تُعجبه آراؤهم(70)، ورغم ذلك يستمر في تولي المناصب والحضور الدائم بسبب علاقاته مع النافذين في ميدان السياسة والمال(71).
لقد تحوَّل المتكلم البارع، فيليب فال، في السنوات الأخيرة إلى مناهض للإسلام السياسي الذي يراه خطرًا حقيقيًّا على العالم الديمقراطي، وأضحى من أكبر المثقفين الإعلاميين المدافعين عن إسرائيل وحروبها، محمِّلًا كل من يعاديها مسؤولية الفتنة في الشرق الأوسط والعالم. يقول باسكال بونيفاس عن علاقة فال بإسرائيل: إن فال تحوَّل إلى مثقف "لا يرحم أي شخص يجرؤ على التشكيك في مزايا السياسة الإسرائيلية"(72).
لهذا السبب، سيجد فال في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للدفاع عن إسرائيل؛ إذ يعتبر هجوم حماس حربًا على الروح الأوروبية، التي كانت قد هبَّت على إسرائيل(73)، وتجسيدًا لإرادة الإسلاميين وتصميمهم على محو الذاكرة الجماعية الغربية(74). يعبِّر فال في أحاديثه الإعلامية المتعددة عن شعور وطني تجاه إسرائيل، ويرى أن هجوم حماس لا علاقة له بالصراع الإسرائيلي، بل يدخل في إطار صراع الحضارات(75) ويُماثِل الهجمات التي تعرضت لها مدن مثل "نيويورك" و"مدريد" و"باريس" في السنوات السابقة. وحسب هذا الرأي الشائع الذي يمثِّل الحجر الأساس في الدفاع عن إسرائيل وتبرير ما تقوم به في حروبها ضد المدنيين الفلسطينيين، فإن إسرائيل تنتمي إلى الرقعة الحضارية الغربية. وهذه الفكرة جرى التمهيد لها في الفكر الغربي منذ الأنوار(76)، وتم تكريسها عندما ألغت الكنيسة الكاثوليكية -في عهد البابا بولس السادس (Paul VI) (1897-1978)- فكرة القتل الديني اليهودي للسيد المسيح، وهو الاعتقاد المسيحي الذي كان سائدًا من قبل بأن الشعب اليهودي هو المسؤول عن "صلب المسيح"(77). لذلك، فإن فال يدافع عن فكرة انتماء إسرائيل للمجال الغربي، وبهذا الطرح "يصبح قتلها للمدنيين مبررًا؛ لأنها تدافع عن مبادئ الديمقراطية الغربية"، حسب رأيه، بل إن فال لا يبدي أي تفاعل مع قتل آلاف الأطفال المدنيين الفلسطينيين؛ إذ ينصب اهتمامه على إظهار إسرائيل، ببلاغة كلبية، "ضحية لأعدائها الذين هم، بالتعريف، كارهون للحرية والديمقراطية". ولهذا فهي مستهدفة، حسب رأي فيليب فال.
شكل (3): المنظور الكلبي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي
خاتمة
بيَّنت الدراسة، من خلال أطروحة سلوتردايك حول الكلبية الحديثة السائدة في الثقافة المعاصرة، أن الخطاب الإعلامي الغربي، كما تمثِّله العينة البحثية، خان مبادئ التنوير، وانتهج في ذلك سياسة الكيل بمكيالين، عندما دافع عن البعض؛ لأنه ينتمي إلى مجاله الحضاري الغربي، واتخذ من الآخر المختلف أخلاقيًّا عدوًّا له. وفي حربه هذه يغازل الأقوياء، وهو يقوم بهذا تقرُّبًا منهم وحرصًا على الامتيازات التي يجنيها من هذا التقرب، لينتمي بذلك إلى فئة "الواصلين" ويبتعد ما أمكن عن فئة "المنبوذين"، حسب تصنيف حنة آرندت.
وأكدت الدراسة أيضًا التواطؤ القائم بين السياسيين والصحفيين من جهة، والعلاقة التي تربط مالكي المؤسسات الإعلامية الكبرى والصحفيين العاملين فيها من جهة أخرى. وأظهر التحليل أن هذا النمط من الإعلام لا يملك القدرة على الخروج عن الخط التحريري الذي ترسمه الشركات المالكة؛ إذ تربطها بإسرائيل علاقات وطيدة ومتشعبة في مجالات اقتصادية وعسكرية. فجاء هذا الإعلام منسجمًا مع ما يطلبه مالكوه من دفاع مستميت عن إسرائيل وتجاهل وقح لمآسي الفلسطينيين. ويُظهر هذا الواقع تواطؤ الإعلاميين والمثقفين مع الأقوياء والنافذين في عالم السياسة والاقتصاد، وأيضًا تهافت الخطاب الإعلامي الغربي الذي يستخدم مفاهيم المجال التداولي الحداثي ليدافع بها عن إسرائيل باعتبارها جزءًا من الغرب. وفي المقابل، يهاجم كل من يعاديها، متجاهلًا الحديث عن جرائم إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين، بل يقوم بتبرير هذه الجرائم باسم القانون الدولي تارة، أو باسم الدفاع عن الديمقراطية الغربية التي ترعاها إسرائيل في المنطقة، تارة أخرى.
وهنا، نستحضر ما قاله المفكر الفلسطيني، إدوارد سعيد (1935-2003)، عن علاقة المثقف بجمهوره وبالسلطة: "لكل مثقف جمهور ومناصرون. والقضية هي: هل عليه أن يُرضي ذلك الجمهور، باعتباره زبونًا وعليه أن يُسعِده، أم أن عليه أن يتحدَّاه، ومن ثم يُحفِّزه إلى المعارضة الفورية أو إلى تعبئة صفوفه للقيام بدرجة أكبر من المشاركة الديمقراطية في المجتمع؟ أيًّا كانت الإجابة على هذا السؤال، فإنه لابد من مواجهة السلطة، ولا مناص من مناقشة علاقة المُثقف بها. كيف يُخاطب المُثقف السلطة: هل يُخاطبها باعتباره محترفًا ضارعًا إليها، أم باعتباره ضميرها الهاوي الذي لا يتلقى مكافأة عما يفعل؟"(78).
يبدو أن الصحفيين والمثقفين الذين يملؤون الفضاء الإعلامي الغربي الرسمي يخاطبون من يتحكمون في السلطة السياسية والاقتصادية باعتبارهم "محترفين ضارعين" إلى هؤلاء، موظفين لديهم أو راغبين في عطاياهم. فهم، إذن، بلغة سعيد، ليسوا ضمائر هذه السلطة، ويتلقون مكافآت كثيرة عما يقولون ويفعلون. كما أنهم غير مستعدين ولا قادرين على انتقاد أصحاب هذه السلطة المتشعبة في السياسة والاقتصاد على نهج الفيلسوف اليوناني، ديوجانس الكلبي، أي انتقادًا للتصحيح عن طريق قول الحقيقة دون محاباة الأقوياء. إن هذا يتطلب، كما قال بونيفاس، جهدًا كبيرا وقدرًا من الالتزام، المُعرَّض للانهيار أمام إغراءات تلك السلطة. وهذا لا يعني أنه ليس هناك من يقوم بهذا الدور في وجه السلطة ومن يواليها. لكن هذه الأخيرة أحكمت قبضتها بالفعل، كما جاء على لسان مكيافيلي المتخيل من قِبَل جولي. وهي لا تترك مجالًا للرافضين لأطروحاتها في قنواتها الرسمية، ليتحركوا على الهامش أو في الحيز الرقمي رغم عدم خضوعه للمعايير الأخلاقية لتداول المعلومة والفكرة. أما الكتب والأبحاث الجادة الناقدة للسلطة وتزوير الحقيقة، فهي موجودة لكن المطلعين عليها قليلون، ليظل ديوجانس الكلبي في صيغته الحديثة على الهامش أيضًا.
نشرت هذه الدراسة في العدد الرابع من مجلة الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام، للاطلاع على العدد كاملًا (اضغط هنا)
(1) قائمة بتقارير الأمم المتحدة حول الوضع المتدهور بشكل تدريجي في قطاع غزة، موقع الأمم المتحدة، (تاريخ الدخول: 21 فبراير/شباط 2024)، https://bit.ly/49EtRoX.
(2) لقد بلغ مستوى التعتيم إلى حد تجاهل كبريات المحطات الإعلامية الغربية حجج جنوب إفريقيا، بينما بثت على الهواء مباشرة دفاع إسرائيل في محكمة العدل الدولية، في 12 يناير/كانون الثاني 2024، على سبيل المثال:
Pauline Bock, "Israël-Gaza : Plaidoirie sudafricaine et silence médiatique," Arrêts sur image, January 13, 2024, "accessed January 15, 2024". http://bit.ly/48v36SJ.
(3) نستعير هذا التقسيم من الصحفي الفرنسي، دوني سيفير (Denis Sieffert)، في حواره بعنوان "هل وسائل الإعلام موضوعية أمام إسرائيل؟" في:
Michel Collon et L., Israël, parlons-en!, (Bruxelles: Investig’Action, 2011), 209.
(4) Terry Pinkard, Hegel: A Biography, (Cambridge: Cambridge University Press, 2000), 242.
(5) على سبيل المثال، في استطلاع للرأي أعدته مؤسسة "غالوب" نجد أن 34% من الأميركيين فقط يثقون في وسائل الإعلام لنقل الأخبار:
Megan Brenan, “Americans’ Trust in Media Remains Near Record Low,” Gallup, Politics, October 18, 2022, "accessed January 15, 2024". https://bit.ly/3wwEzzo.
أما في فرنسا، فيرى نحو 57% من الفرنسيين أنه ينبغي الحذر مما تقوله وسائل الإعلام بشأن القضايا الكبرى، وفقًا للطبعة السابعة والثلاثين من الباروميتر "لاكروا" (La Croix-Kantar Public) حول ثقة الشعب الفرنسي في وسائل الإعلام:
"Plus de la moitié des Français ne font pas confiance aux médias sur les sujets d’actualité, selon le nouveau baromètre La Croix," Radio France, November 22, 2023, "accessed January 15, 2024". https://bit.ly/42MamUo
(6) Tasneem Tayeb, "Gaza siege: Western media bias and crumbling public trust," The Daily Star, October 21, 2023, "accessed January 17, 2024". https://bit.ly/3uJFAUq.
(7) لقد وصل منع المظاهرات المساندة لفلسطين العديد من الدول الأوروبية:
Astha Rajvanshi, "In Europe, Free Speech Is Under Threat for Pro-Palestine Protesters," Time, October 20, 2023, "accessed January 17, 2024". https://bit.ly/3UPatBi.
(8) Peter Sloterdijk, Critique of Cynical Reason, (Minneapolis: University of Minnesota Press, 1987), 600.
(9) "المنبوذ" (Pariah) و"الواصل" (Parvenu) فئتان مستوحيتان من التمييز الذي أقامه بيتر سلوتردايك لتحليل المجتمع الحديث الذي ينقسم إلى فئة مذمومة وفئة مباركة. وقد تميزت بهذا التقسيم حنة آرندت (Hannah Arendt) (1906-1975) في دراسة لها حول حالة اليهود في أوروبا. وميزت الفيلسوفة الألمانية-الأميركية بين فئتين: "منبوذ" و"واصل" داخل الشتات اليهودي، أو بين أغلبية مستبعدة من الحقوق وأقلية تمكنت من الاقتراب من رجال السلطة لتحقيق النجاح في المجتمع الغربي، مع الحفاظ على مسافة بينها وبين تلك الأغلبية التي جاءت منها، أو حتى انتقادها بشدة:
Hannah Arendt, The Jew as Pariah: Jewish Identity and Politics in the Modern Age, (New York: Grove Press, Inc., 1978), 288.
(10) Serge Halimi, Les nouveaux chiens de garde, (Paris: Raisons d’agir, 2005), 170.
وكانت الطبعة الأولى للكتاب صدرت سنة 1997.
(11) Pascal Boniface, Les Intellectuels Faussaires: Le triomphe médiatique des experts en mensonge, (Paris: Jean-Claude Gawsewitch Éditeur, 2011), 240.
(12) نستثني هنا العديد من المثقفين اليهود الفرنسيين الذين أدانوا الهجوم الإسرائيلي، وطالبوا بوقف فوري لإطلاق النار متهمين إسرائيل بتطهير عرقي في غزة.
"Frappes sur Gaza: Vous n’aurez pas le silence des juifs de France," Libération, October 31, 2023, "accessed January 17, 2024". https ://bit.ly/3UkaW82.
ونضيف أيضًا الموقع الفرنسي المستقل "ميديا بارت" (Mediapart) الذي أسسه ويترأس تحريره رئيس التحرير السابق لصحيفة "لوموند"، إيدوي بلينيل (Edwy Plenel) المساند للرواية الفلسطينية. لكن تجدر الإشارة إلى أن هؤلاء قلة.
(13) Sloterdijk, Critique of Cynical Reason, 169.
(14) Ibid, 156.
(15) Ibid, 143.
(16) Ibid,110.
(17) Ibid, 5.
(18) "Israël-Hamas: Je ne suis pas d’accord avec la trêve humanitaire," explique Eric Zemmour, Eupope 1, October 29, 2023, "accessed January 17, 2024". http ://surl.li/qwowg.
(19) "Israeli occupation of Palestinian territory illegal: UN rights commission," United Nations, October 20, 2022, "accessed January 20, 2024". https ://shorturl.at/kps14.
(20) Ben Shapiro, "about Israel vs Hamas and why he would never support Biden over Trump," The Oxford Union, November 1, 2023, "accessed January 20, 2024". http ://surl.li/qxlij.
(21) Alain Finkielkraut, "Sur la guerre Israël-Hamas," LCI, October 11, 2023, "accessed January 20, 2024". https ://shorturl.at/pIMOW.
(22) نشير إلى أن فينكلكروت سيستدرك ما قاله عندما سأله بوجاداس منبِّهًا: هل الأمر يتعلق بالضفة الغربية أيضًا؟ فردَّ قائلًا: "إن لحركة حماس الأغلبية في جنين". هنا، لا يهتم فينكلكروت بتفاصيل أكثر، ولا بإقناع المتلقي بطرحه. فهذا تكفَّل به بوجاداس في مقدمة البرنامج حينما قدَّمه للمشاهدين بوصفه الفيلسوف والكاتب الذي يتابع مجريات الأحداث بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ سنوات. وتظل الكيفية التي قدم بها بوجاداس فينكلكروت -بقدر من الابتهاج والخشوع- كفيلة بإقناع المشاهد بما يقوله أحد أهم فلاسفة الحداثة الفرنسيين في الوقت الراهن.
(23) Daniel Schneidermann, "Les deux blagues d’Elie Chouraqui," Arrets sur image, November 3, 2023, "accessed January 20, 2024". https://shorturl.at/dtAHJ.
(24) Sloterdijk, Critique of Cynical Reason, 174.
(25) Ibid,173.
(26) Jamal Kanj, “Western media: an accessory in Israeli war crimes," Middle East Monitor, October 18, 2023, "accessed January 20, 2024". https ://bit.ly/3UTPj5k.
(27) على سبيل المثال:
- Adam Sella, "Israeli Rape-Crisis Group Report Finds ‘Systematic’ Sexual Violence on and After Oct. 7," The New York Times, February 21, 2024, "accessed February 22, 2024". https://bit.ly/4bJBVGZ.
- Lauren Izso, "Sexual assaults carried out ‘systematically’ during Hamas attack, Israeli report says," CNN, February 21, 2024, "accessed February 22, 2024". https://bit.ly/49KeRpr.
ورغم أن التقرير الإسرائيلي الذي اعتمده الصحفيان في المقالين المقدمين في هذا الشاهد كعينة، لم يحدد عدد الحالات التي وثَّقها ولا هويات الضحايا، فإن الصحفيين لم يلقيا بالًا للإشارة إلى ذلك كنوع من التوازن في نقل الخبر. لكن نشير أيضًا إلى أن بعض المنابر الإعلامية الغربية قد تنبَّهت إلى التهويل والكذب في الرواية الإسرائيلية قصد الحصول على الدعم الدولي. وهذا ما أكدته صحيفة "ليبراسيون" (Libération) الفرنسية في تقرير طويل حول المسألة، وخلصت إلى أن بعض الفظائع المزعومة، والتي تم نقلها أحيانًا على عجل وعلى أعلى المستويات للحصول على الدعم الدولي، لم تَحْدُث أصلًا:
Cédric Mathiot et al., "Israël, 7 octobre: un massacre et des mystifications," Libération, December 11, 2023, "accessed January 23, 2024". https://shorturl.at/npGX3.
(28) قائمة بأسماء الصحفيين المطرودين في الولايات المتحدة في الأسابيع الثلاثة الأولى فقط من بدء الحرب، بسبب إبدائهم آراء تخالف الرواية الإسرائيلية عن الحرب في غزة:
Aleks Phillips, "Full List of Journalists Fired Over Pro-Palestinian Remarks," Newsweek, October 25, 2023, "accessed January 23, 2024". https://bit.ly/49skhpB.
بينما في أوروبا، واجه العديد من الصحفيين ضغوطًا، كما حصل في "الغارديان" و"بي بي سي"، و"دويتشه فيله"، وكذلك في الصحف الأقل شهرة، بل واجه صحفيون آخرون الطرد، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بسبب عدم تبنيهم للرواية الإسرائيلية:
"Liberté d’expression en Occident: des journalistes pro-palestiniens licenciés," TRT Français, October 17, 2023, "accessed January 23, 2024". https://shorturl.at/akGJ8.
(29) Halimi, Les nouveaux chiens de garde, 11.
(30) Julien Benda, La Trahison des clercs, (Paris: Grasset, 1975), 205.
(31) Halimi, Les nouveaux chiens de garde, 12.
(32) Ibid, 135-136.
يضم "القرن"، باعتباره ناديًا نخبويًّا، عدة قيادات سياسية واقتصادية وثقافية وإعلامية فرنسية، من أمثال مشاهير الإعلام، باتريك بوافر دارفور (Patrick Poivre d’Arvor)، وديفيد بوجاد، وكريستين أوكرنت (Christine Ockrent)، ومشاهير السياسية مثل جاك لانج (Jack Lang)، ونيكولاس ساركوزي، ودومينيك شتراوس كان (Dominique Strauss-Kahn).
(33) تسيطر "لاغاردير" على محطات التلفزيون مثل "إم سي إم" (MCM)، ومحطات الراديو مثل "أوروبا 1"، و"آر إم إف" (RMF)، والصحف مثل "فرانس ديمانش" (France Dimanche)، و"جورنال دي ديمانش" (Journal du Dimanche)، ومجلات "باري ماتش" (Paris Match)، وماري كلير (Marie-Claire)، ودور النشر مثل "هاشيت" (Hachette)، و"غراسيت" (Grasset) و"كالمان ليفي" (Calmann Lévy).
(34) Jean Feyder, "European military cooperation with Israel," European Coordination Of Committees And Associations For Palestine, July 30, 2015, "accessed January 23, 2024". https://shorturl.at/jvAK8.
(35) Philippe Val, "Le crime des boucliers humains," Europe 1, December 11, 2023, "accessed January 23, 2024". https://shorturl.at/ouvFO.
(36) Alexandre Malafaye, "Israël: pourquoi leur guerre est aussi la nôtre," L’Opinion, November 7, 2023, "accessed January 25, 2024". https://shorturl.at/dhtG7.
(37) Ibid.
نلاحظ مع هذا الطرح تعميمًا لا يمت للواقع بصلة. فمن هي هذه الجموع المسلمة التي تقف ضد إسرائيل؟ فالكاتب لا يهتم بالتدقيق في المصطلحات التي يستخدمها، رغم أنه يُقدَّم في الإعلام الفرنسي كاتبًا ورجل أعمال والرئيس المؤسس لمركز فكر "سينوبيا" (Synopia). ويحاول تأطير الحرب الإسرائيلية على المدنيين في غزة في إطار حرب حضارية بين الغرب ومن يكرهه من الشرق (الروس، المسلمون... إلخ).
(38) Bernard Henri Lévy, "Le Hamas n’est pas grand chose sans l’Iran et la Russie," Europe 1, November 18, 2023, "accessed January 25, 2024". http://surl.li/rbwgm.
(39) على سبيل المثال، أحد كتبه الصادرة حديثًا:
Bernad-Henri Levy, L’Empire et les cinq rois, (Paris: Grasset, 2018), 288.
(40) Jade Lindgaard and Xavier de la Porte, The Impostor: BHL in Wonderland, (London: Verso, 2012), 45-54
والكتاب مترجم من أصله الفرنسي:
Jade Lindgaard, Xavier de la Porte, Le B.A. BA du BHL: Enquête sur le plus grand intellectuel français, (Paris: La Découverte, 2004), 267.
(41) Pascal Boniface, Les Intellectuels Faussaires, 201-202.
(42) للمزيد من المعلومات عن هذه العلاقات، انظر:
Marco Van Hees, "Qui possède les médias en Belgique," Solidaire, February 12, 2009, "accessed January 25, 2024". https://shorturl.at/fRTUX.
(43) La Libre, "Guerre Israël-Hamas: ces banques européennes financent des entreprises actives dans les colonies," La Libre, December 12, 2023, "accessed January 27, 2024". https://shorturl.at/gqFIL.
(44) في محاضرة لعزمي بشارة بعنوان "الحرب على غزة: السياسة والأخلاق والقانون الدولي"، يوتيوب، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023)، https://shorturl.at/bwK16.
(45) Alexandre Robinet-Borgomano, "Le soutien indéfectible de l’Allemagne à Israël”, Institut Montaigne," November 20, 2023, "accessed January 27, 2024". https://shorturl.at/qHLU9.
(46) Sharon Wrobel, "106 grandes entreprises allemandes condamnent le Hamas et soutiennent Israël," The Times of Israël, October 23, 2023, "accessed January 28, 2024". https://shorturl.at/vBL34.
(47) نص البيان على الصفحة الأولى للموقع الرسمي للمجموعة، bertelsmann، (تاريخ الدخول: 28 يناير/كانون الثاني 2024)، https://shorturl.at/jAQY1.
(48) هناك العشرات من الشركات الفرنسية الموجودة في إسرائيل وتبلغ إيراداتها مجتمعة 534 مليون دولار:
Alberta Nur, "Israël criminal, France complice. Carrefour: comment l’entreprise française soutient Israël?," Révolution permanente, November 3, 2023, "accessed January 30, 2024". https://shorturl.at/aevP0.
(49) David Pujadas, "Question de à propos des civils de Gaza," 24H Pujadas, LCI, October 11, 2023, "accessed January 30, 2024". https://shorturl.at/jyS03
(50) نستوحي هذه العبارة من رواية بنفس العنوان للكاتب الفرنسي بيير دي شودرلو لاكلو (Pierre Choderlos de Laclos) (1741-1803).
(51) Maurice Joly, Dialogue aux enfers entre Machiavel et Montesquieu (Paris: Éditions Allia, 1987), 190.
(52) يجب التذكير هنا بأن التضييق على الصحفيين المدافعين في الغرب عن الرواية الفلسطينية في الحرب على غزة، يجري بموجب قوانين مكافحة العنصرية ومعاداة السامية التي يطوِّعونها لإدانة هؤلاء الصحفيين. ويحدِّثون هذه القوانين دائمًا من أجل تجريم كل ما من شأنه معاداة كل ما هو يهودي. على سبيل المثال، بعد أسابيع من بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، طرح أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي مشروع قانون يهدف إلى "تجريم معاداة الصهيونية". وينص مشروع القانون بشكل خاص على معاقبة "مَن يشككون بوجود دولة إسرائيل" بالسجن لمدة عام وغرامة قدرها 45 ألف يورو، وبالسجن سنتين وغرامة 75 ألف يورو على "الإهانة المرتكبة ضد دولة إسرائيل"، والسجن خمس سنوات وغرامة قدرها 100 ألف يورو "لأولئك الذين يثيرون، بنفس الوسائل، الكراهية أو العنف بشكل مباشر ضد دولة إسرائيل". وإذا نجح التصويت على مشروع هذا القانون، ستكرس المساواة القانونية بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية.
Kursad Kaan Arikan, "Nouvelle proposition de loi: 5 ans de prison et 100.000 euros d’amende si vous êtes antisioniste," TRT Français, November 1, 2023, "accessed February 2, 2024". https://shorturl.at/fJQRU.
(53) Boniface, Les Intellectuels Faussaires, 9.
(54) Ibid. 11.
تفيد ندرة العمل البحثي الذي يتحدث عنها بونيفاس هنا أن البحوث العلمية التي توثِّق كذب وزيف هؤلاء المثقفين تبقى نادرة، للأسباب التي ذكرها.
(55) Mohamed Sifaoui, "I Consider Islamism to Be Fascism", Middle East Quarterly, Vol. 15, No. 2, (Spring 2008), 13-17.
(56) Boniface, Les Intellectuels Faussaires, 123-124.
والكتاب الذي قدَّم له سيفاوي هو:
Claude Moniquet, Gaza, le grand mensonge: Quand la démocratie européenne capitule face à l'islamisme, (Aizy-Jouy: Editions L'Arbre, 2009), 189.
(57) Ibid, 124.
(58) وردت هذه التصريحات لمحمد سيفاوي في لقاء له على راديو للجالية اليهودية في فرنسا "راديو ج" (Radio J):
Mohamed Sifaoui, "journaliste, écrivain et réalisateur, au micro de Frédéric Haziza," Radio J, 7 Janvier 2024, "accessed February 2, 2024". http://surl.li/rkwno.
(59) Boniface, Les Intellectuels Faussaires, 125.
(60) Sifaoui, journaliste, écrivain et réalisateur, op. cit.
(61) قدَّم أونسيل أطروحة دكتوراه بعنوان: "الجغرافيا السياسية للقدس: تمثيلات وإستراتيجيات ووجهات نظر حول مدينة مقدسة" تحت إشراف الجغرافي والجيوسياسي الفرنسي إيف لاكوست (Yves Lacoste)، وحصل عليها عام 1997، وبعدها ستتوالى كتب ومقالات عديدة حول إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.
(62) يحاول أونسيل دائمًا تقديم نفسه بالأستاذ الجامعي المتخصص في الجغرافية السياسية لمنطقة الشرق الأوسط. لكن في الواقع ليس أستاذًا مداومًا، بل يحصل على بعض ساعات التدريس خلال السنة الدراسية في بعض المعاهد والجامعات الفرنسية. لهذا تُسحب في المؤتمرات الجادة تلك الألقاب التي يضفيها عليه الإعلام الذي يقدِّمه في البرامج بصورة تُبهر المشاهد العادي، وتجعله أكثر قبولًا للأطروحات التي يدافع عنها أونسيل. للمزيد من التفاصيل:
Boniface, Les Intellectuels Faussaires, 151-156.
(63) فلاديمير جابوتينسكي من أكبر منظري الصهيونية وفكرة إقامة دولة إسرائيل الكبرى بين النهرين:
Hillel Halkin, Jabotinsky. A Life, (New Haven: Yale University Press, 2014), 36-63.
(64) Jean-Claude Lefort, "Pour Frédéric Encel nous méritons l’asile psychiatrique!," Association France Palestine Solidarité, September 27, 2013, "accessed February 2, 2024". https://shorturl.at/egkVW.
- Pierre Lurçat, "Réponse à Frédéric Encel, qui accuse Israël d’être une "voyoucratie", et au CRIF qui cautionne ses propos," Tribune Juive, January13, 2023, "accessed February 2, 2024". https://shorturl.at/fwH56.
(65) Boniface, Les Intellectuels Faussaires, 157-158.
(66) على سبيل المثال لا الحصر:
- Frédéric Encel, "Les Israéliens pensent que personne ne les comprend," LCI, November 17, 2023, "accessed February 16, 2024". http://surl.li/rlygg.
- Frédéric Encel, "C'est pire que le 11-Septembre pour Israël," Europe 1, October 9, 2023, "accessed February 16, 2024". http://surl.li/rlykw.
- Frédéric Encel, "Guerre Israël-Hamas : "Une des pires catastrophes des renseignements dans l'Histoire"," Radio J, October 9, 2023, "accessed February 2, 2024". http://surl.li/rlymr.
(67) Boniface, Les Intellectuels Faussaires, 157.
(68) Ibid, 181.
(69) Jean-Luc Hees, "Arrivée controversée de Philippe Val à France Inter," La Tribune, July 1, 2009, "accessed February 19, 2024". http://surl.li/rmtpo
(70) Boniface, Les Intellectuels Faussaires, 186-190.
(71) على سبيل المثال، ارتبط فال بعلاقة وثيقة مع برنارد هنري ليفي الذي ساعده على نشر العديد من الكتب حول ما يسميانه "الخطر الإسلامي" عند ناشره "غراسيت" (Grasset)، وفُتحت له أبواب عالم الأقوياء بعد ذلك.
Ibid, 198.
(72) Ibid.
(73) Philippe Val, "Attaque du Hamas contre Israël: "C’est une guerre contre l'esprit européen"," Europe 1, October 9, 2023, "accessed February 20, 2024". http://surl.li/rmwou.
(74) Aziliz Le Corre, "Philippe Val pour le JDD: Les islamistes veulent l’effacement de notre mémoire collective", Le Journal du Dimanche, October 16, 2023, "accessed February 20, 2024". http://surl.li/rmwqi.
(75) Philippe Val, "Il n’y a pas de "mais" au terrorisme!," Europe 1, October 16, 2023, "accessed February 20, 2024". http://surl.li/rmyzn.
(76) Shmuel Feiner, The Jewish Enlightenment, (Pennsylvania: University of Pennsylvania Press, 2002), 105-138.
(77) ينكر القسم الرابع من إعلان "نوسترا إيتات" (Nostra Aetate)، لعام 1965، تهمة "قتل الإله" التي استمرت قرونًا ضد جميع اليهود، ويؤكد على الرابطة الدينية المشتركة بين اليهود والكاثوليك، وعلى العهد الأبدي بين الله وشعب إسرائيل من جديد، كما يرفض اهتمام الكنيسة بمحاولة تعميد اليهود.
Nostra Aetate, "Declaration on the relationship of the church to non-Christian religions," Second Vatican Council, October 28, 1965, "accessed February 24, 2024". http://surl.li/rmynr
(78) Edward Said, Representations of the Intellectual: The 1993 Reith Lectures, (New York: Vintage Books, 1994), p. 83.