تداعيات انسحاب تحالف دول الساحل من الإيكواس

استمر التوتر بين الإيكواس ودول التحالف الثلاثي التي أعلنت انسحابها من المجموعة وتشكيل كونفيدرالية بينها. ومع جهود الوساطة فقد صمَّمت الدول الثلاث على مواقفها، وأصبح الانسحاب ساري المفعول، وهو أمر سيخلِّف تبعات جسيمة في مجالات مختلفة، فردية وجماعية ووطنية. وهذا ما تحاول الورقة كشفه.
بات التوتر مستمرا بين الإيكواس ودول التحالف الثلاثي التي أعلنت انسحابها من المجموعة وتشكيل كونفدرالية بينها (الفرنسية).

عند تأسيسها عام 1975، كان هدف المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس) التكامل الاقتصادي، ولقد كانت قد نجحت بالفعل في تحقيق إنجازات كبيرة في هذا المجال، ولكن مع تبنيها ميثاقًا للحكم الديمقراطي عام 2001، بدأت تتدخل في السياسة الداخلية للدول الأعضاء، بل وفرض عقوبات على الخارجة عن الحكم الديمقراطي بانقلابات عسكرية، كالعقوبات التي فرضتها على مالي والنيجر وبوركينا فاسو، دون أن تؤثر على الأنظمة العسكرية؛ مما أثار انتقادات واسعة؛ إذ أضرت بالسكان وفاقمت الشعور بالإحباط تجاهها. كما أن تعاملها البطيء مع بعض الأزمات السياسية، مثل التعديلات الدستورية في غينيا وساحل العاج، زاد من فقدان الثقة بها(1).

بدأت هذه التوترات بين دول الساحل والمجموعة الاقتصادية مع الانقلابات العسكرية التي شهدتها الدول الثلاث؛ حيث خلال السنوات الثلاث الماضية، شهدت المنطقة ستة انقلابات: في مالي عامي 2020 و2021، وفي غينيا عام 2021، وفي بوركينا فاسو في شهري يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2022، وأخيرًا في النيجر عام 2023.

فقد فرضت الإيكواس عقوبات على هذه الدول وطالبتها بإعادة النظام الدستوري، لكن القادة العسكريين رفضوا الامتثال لهذه المطالب.

ففي مالي، قررت الإيكواس، في أغسطس/آب 2020، إغلاق الحدود الجوية والبرية وفرض حظر على التبادلات المالية والتجارية، باستثناء المنتجات الأساسية.

وفي بوركينا فاسو، تم تعليق عضويتها في هيئات المنظمة.

أما في النيجر، فقد مُنع القادة العسكريون الذين نفذوا الانقلاب من السفر، كما فرضت عقوبات اقتصادية أدت إلى عزل البلاد عن العديد من شركائها التجاريين التقليديين؛ مما زاد من حدة أزمة الأمن الغذائي(2).

فقد أثارت الانقلابات العسكرية في مالي (2020 و2021)، وغينيا (2021)، وبوركينا فاسو (يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2022) غضب دول الإيكواس، التي تبنَّت على مدى عقدين سياسة عدم التسامح مع الانقلابات العسكرية والاستيلاء غير الدستوري على السلطة.

لكن بدلًا من إجبار الجيش النيجري على التراجع، جاءت العقوبات بنتائج عكسية ضد الإيكواس. فقد أدت إلى نقص حاد في الغذاء والدواء وتباطؤ اقتصادي؛ مما أثار موجة من السخط الشعبي ضد الإيكواس على وسائل التواصل الاجتماعي. واتهم العديد من النيجريين المنظمة بأنها المسؤولة عن معاناتهم. وبما أن مالي وبوركينا فاسو كانتا أيضًا تحت عقوبات الإيكواس بسبب انقلابهما، فقد انضمتا إلى النيجر في موقفها المعادي للمنظمة.

وفي سبتمبر/أيلول 2023، أنشأت حكومات بوركينا فاسو ومالي والنيجر، التي يقودها جميعًا ضباط عسكريون، هيئة تعاون جديدة في مجال الدفاع والأمن سُميت تحالف دول الساحل، وأوضح مسؤول بارز في التحالف لمجموعة أزمات Crisis Group أن التحالف مستوحى من نموذج حلف الناتو، حيث يؤسس ميثاقًا لعدم الاعتداء وتقديم المساعدة المتبادلة في حالة تعرض أي من الدول الأعضاء لهجوم. جاءت هذه الوحدة كرد مباشر على التهديد بتدخل عسكري من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس) بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة المنتخبة ديمقراطيًّا في النيجر، في يوليو/تموز 2023. كان هذا الانقلاب هو السادس في غضون ثلاث سنوات فقط في غرب إفريقيا؛ مما أضاف حلقة جديدة إلى سلسلة التوترات السياسية التي تعصف بالمنطقة، والتي تعاني بالفعل من عنف جهادي شديد منذ أكثر من عقد(3).

اتجه تحالف دول الساحل نحو نهج جديد يتمثل في إنشاء اتحاد أكثر تكاملًا؛ حيث يتمتع السكان بمزيد من الرفاهية. ويكمن جوهر هذا النهج في توحيد القوات الدفاعية والأمنية.

وفي هذا الإطار، أوضح الجنرال سليفو مودي: "في هذا الفضاء المشترك، يمكن لقواتنا الآن التدخل معًا"، مشيرًا إلى أن هذه القوة الموحدة جاهزة تقريبًا. كما أكد أن هذا التكتل العسكري سيكون لديه موارد بشرية، ووسائل جوية وبرية، وأجهزة استخبارات، ونظام تنسيق فعال. جاء ذلك خلال مقابلة على التليفزيون الحكومي النيجري، موضحًا أن القوة المشتركة ستصبح جاهزة للعمل في غضون أسابيع قليلة(4).

وهكذا استمر التوتر بين المجموعة الاقتصادية ودول التحالف إلى أن أعلنت انسحابها من المجموعة، في 28 يناير/كانون الثاني 2024، وتشكيل كونفيدرالية بينها، في 6 يوليو/تموز 2024. فاستمرت جهود الوساطة والمفاوضات التي قادها الرئيس السنغالي، باسيرو ديوماي فاي، مع نظيره التوغولي، فور انياسيمبي، من أجل إعادة الدول الثلاث إلى حظيرة المجموعة الاقتصادية، ولكن دون جدوى، فأمهلت المجموعة الدول الثلاث سنة كاملة لمراجعة مواقفها ولكنها بقيت مصممة على مواقفها، فانتهت المهلة في 28 يناير/كانون الثاني 2025، فانسحبت الدول الثلاث من المجموعة بالفعل، في 29 يناير/كانون الثاني 2025.

والآن، وبعد أن أصبح الانسحاب ساري المفعول، فلا شك أنه يخلِّف تبعات جسيمة في مجالات مختلفة، فردية وجماعية ووطنية. وهذا ما سنحاول التعرض له واستكشاف هذه الجوانب قبل حدوثها، في هذا البحث المتواضع.

تداعيات الانسحاب من الإيكواس

كانت العقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضتها الإيكواس على الدول الثلاث، ردًّا على الانقلابات العسكرية في كل منها، صبًّا للزيت على النار؛ إذ كانت شعوب المنطقة مستاءة أصلًا من تصرفات المجموعة الاقتصادية التي أثَّرت عقوباتها سلبيًّا على السكان المدنيين؛ مما زاد من شعور الظلم والإحباط داخل الدول الأعضاء في تحالف دول الساحل، فقد أجَّجت نار العداء والكراهية ضد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

استغل القادة العسكريون الفرصة لاعتماد خطابات شعبوية محرضة ضد المجموعة الاقتصادية، فكان ذلك بمنزلة إعداد نفسي للشعوب لتقبل القرارات التي سيتخذها القادة ضد المجموعة، وبالفعل فقد نادت الشعوب أولًا بانسحاب دولهم من الإيكواس قبل قرار القادة بالانسحاب، وعندما صدر القرار لقي قبولًا وترحيبًا كبيرًا من الشعوب إلى يومنا.

علاوة على ذلك، أسهم غياب التضامن الفعلي من جانب الإيكواس في مكافحة الإرهاب الذي يعصف بالمنطقة الساحلية في تدهور العلاقات بين الطرفين. فقد عابت دول الساحل على الإيكواس خذلانها لها أمام تحدٍّ أمني كبير يهدد استقرار المنطقة بأكملها.

كما لعب الشعور بالتدخل الأجنبي، خاصة من فرنسا، دورًا مهمًّا في قرار دول التحالف؛ إذ إنها اتهمت المنظمة بأنها تُستخدم من قبل قوى خارجية للدفاع عن مصالحها على حساب تطلعات الشعوب الإفريقية(5).

تشعر مالي وبوركينا فاسو والنيجر بأن طموحاتها لم تعد تتماشى مع أهداف المجموعة، وتسعى الآن لتحقيق استقلال أكبر عن النفوذ الاستعماري الفرنسي(6).

أولًا: الآثار السياسية

تشكل الدول الثلاث مساحة جغرافية تبلغ 2.7 مليون كيلومتر مربع، تمثل 52.84% من إجمالي مساحة الإيكواس. كما تضم حوالي 70 مليون نسمة، أي 17% من إجمالي سكان الإيكواس، لكنها تسهم فقط بـ7% من الناتج المحلي الإجمالي (50.65 مليار دولار من أصل 723 مليار دولار)(7).

فقد أكد رئيس بوركينا فاسو، إبراهيم تراوري، في تصريح سياسي أن تشكيل تحالف دول الساحل ناتج عن الحاجة إلى تمديد وتوسيع هيكل تحالف يرغب أعضاؤه في تعميق العلاقات في مجالات تتجاوز المجال العسكري، فتتناول بشكل خاص الاقتصاد والموارد والتنمية الاجتماعية والثقافية. وهذا يأتي من رغبة الدول الثلاث في توحيد الموارد التي تعتبر حاسمة في هذه المنطقة المغلقة من الساحل، وكذلك من رغبتها في التخلص من التأثيرات الاستعمارية القديمة، مثل فرنسا. يتم هذا الانفصال بشكل رئيسي من خلال تقليل العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا والولايات المتحدة وتعزيز اللغات المحلية في وسائل الإعلام.

على الرغم من أن إنشاء التحالف يمكن أن يُنظر إليه كأداة جيوستراتيجية تهدف إلى استقرار المنطقة، إلا أن أسباب هذا الاتحاد لها جذور أعمق؛ حيث تُدافع الدول الأعضاء في الكونفيدرالية عن هذه المقاربة لإنهاء ما تصفه بالتدخل الأجنبي في سياساتها.

يسعى التحالف إلى إظهار فشل العمليات العسكرية الغربية لمكافحة الجماعات الجهادية في منطقة "ليفتاكو غورما" بالإضافة إلى زيادة العنف وانعدام الأمن الناتج عنها، ويعزز تقاربه مع روسيا، التي ترسل مقاتلين لتأمين المنطقة. قد يؤدي تشكيل تحالف دول الساحل وخروجه من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، إلى تغيير التوازن التاريخي للتأثيرات في المنطقة لصالح القوى الناشئة المتحررة من النفوذ الغربي(8).

وقد يؤدي الانسحاب إلى عزلة دبلوماسية على الساحة الدولية؛ حيث كانت هذه الدول تحصل على دعم لمناصبها في المنظمات الدولية. فتخاطر هذه الدول بفقدان دعم الكتلة الإقليمية في الهيئات الدولية مثل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة. وقد تقل فرص مواطنيها في الحصول على مناصب قيادية في المنظمات الدولية(9).

وفي مواجهة الوضع الأمني المتدهور، تعمل دول التحالف على إعادة النظر في شراكاتها الدولية. فقد طلبت بوركينا فاسو ومالي والنيجر من القوات الفرنسية مغادرة أراضيها، ومؤخرًا طلبت النيجر أيضًا انسحاب القوات الأميركية، وقد استبدلت بها قوات روسية مقاتلة، فتشهد المنطقة تراجع النفوذ الغربي في الوقت الذي تعرف فيه تناميًا للنفوذ الروسي(10).

ويعتقد سيديك أبا، رئيس مركز الدراسات الدولية حول الساحل، أن هذا الانسحاب لا يعني بالضرورة نهاية الإيكواس كمنظمة إقليمية؛ حيث إن بعض المكتسبات، مثل حرية التنقل، ستظل قائمة ولن تختفي فجأة. ومع ذلك، ستواجه الإيكواس تداعيات إدارية ومؤسساتية فورية، مثل رحيل الموظفين الماليين والبوركينابيين والنيجريين من مكاتبها، إلى جانب مراجعة المشاريع الممولة عبرها، والتي قد تتعطل جزئيًّا(11).

كما يفتح انسحاب دول الساحل من الإيكواس الطريق أمام آفاق جديدة للمنطقة الساحلية. يُعتبر إنشاء منظمة إقليمية جديدة، أكثر استقلالية وقادرة على مواجهة التحديات الخاصة بالمنطقة، خيارًا محتملًا(12).

وبخصوص الإيكواس، يتفق العديد من المراقبين، على أن انسحاب هذه الدول الثلاث يمثل خسارة كبيرة لـلمجموعة الاقتصادية، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية، فستواجه المنظمة أزمة شرعية مستقبلًا؛ ما يتطلب إعادة التفكير في دورها ومهامها.

ومع بدء المرحلة الجديدة اعتبارًا من 29 يناير/كانون الثاني 2025، ستواجه الإيكواس تحديات غير مسبوقة في إعادة توازنها الإقليمي(13).

ثانيًا: الآثار الاقتصادية

يقول إبراهيم أمادو لوشي، محلل اقتصادي: "العواقب ستكون كبيرة وقد تكون كارثية، نظرًا للاعتماد المتبادل بين الدول الأعضاء". قد يؤدي ذلك إلى فرض حصار فعلي يمنع حركة الأشخاص والبضائع، مما قد يتسبب في نقص حاد في السلع الأساسية وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.

ومن المتوقع أن يؤدي الخروج من منطقة التجارة الحرة إلى زيادة الرسوم الجمركية ورسوم النقل؛ حيث يشير حما حميدو ديالو، اقتصادي مستقل، إلى أن 80% من السلع التي يستهلكها النيجر تأتي من الخارج عبر ميناء كوتونو وميناء لومي. وبالتالي، فإن أي تغييرات في تكاليف النقل والتجارة ستؤثر بشكل مباشر على المستهلكين(14).

وبخصوص التجارة، فإن دول التحالف تمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي للإيكواس؛ مما سيؤدي إلى تقليل حجم السوق ويعطل التجارة بين الدول الأعضاء.

وقد يؤدي إلى قيود على الواردات والصادرات ويزيد من التحديات الاقتصادية.

وبخصوص الآثار المالية، فإن كلفة المشاريع الإقليمية في هذه الدول هي 321.634.253 دولارًا أميركيًّا؛ مما يعني أن انسحابها سيؤثر سلبيًّا على تنفيذ هذه المشاريع.

كما سيؤدي الانسحاب أيضًا إلى إغلاق عدة وكالات إقليمية وتأثير سلبي على وظائف حوالي 130 موظفًا من الإيكواس(15).

وبالفعل، فقد بدأت المجموعة الاقتصادية في تسريح موظفي الدول الثلاث العاملين في مؤسساتها؛ إذ أُعلن الجمعة، 7 فبراير/شباط 2025، أن 135 موظفًا من الدول الثلاث تلقوا إشعارًا بانتهاء عقودهم بانتهاء شهر سبتمبر/أيلول المقبل؛ الأمر الذي يعني إحالتهم على البطالة، وقد اشتكوا من تبعات قرارات غدوا ضحاياها ولم يُستشاروا في اتخاذها(16).

ومن المتوقع أن يؤدي خروج تحالف دول الساحل إلى تقليص عدد سكان الإيكواس بنحو 70 مليون نسمة، مما يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للمنظمة. كما أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية قد يفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة لسكان الساحل. ومع ذلك، لا يعني هذا الانفصال بالضرورة نهاية العلاقات الاقتصادية؛ حيث من المرجح أن يتم التفاوض على اتفاقيات تعاون مستقبلية بين الجانبين.

فإذا أعيد فرض الضرائب الجمركية والتأشيرات وغيرها من القيود، فقد تتأثر التجارة الإقليمية بشكل كبير. كما تعتمد دول تحالف الساحل بشدة على الإيكواس في كل من الواردات والصادرات، وتشكل هذه التبادلات مصدر دخل مهمًّا للإيكواس أيضًا(17).

فعندما كانت هذه الدول جزءًا من الإيكواس، كانت تستفيد من المزايا الاقتصادية المشتركة مع 12 دولة أخرى في المجموعة. لكن بعد إعلانها الانسحاب، في يناير/كانون الثاني 2024، قد تتغير الأوضاع. فبالإضافة إلى المشاريع الاقتصادية المشتركة وخطة إطلاق عملة موحدة، هناك قطاعات اقتصادية عديدة معرضة للخطر بسبب هذا الانفصال. بعض الاقتصاديين يحذرون من أن خروج دول التحالف قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة تمتد إلى الدول المجاورة(18).

وحذَّر رئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس)، عمر أليو توري، من أن خروج دول الساحل من الاتحاد قد يُكلفها خسارة تمويل مشاريع اقتصادية تزيد قيمتها عن 500 مليون دولار، قادمة من المؤسسات المالية الإقليمية مثل بنك الاستثمار والتنمية للإيكواس والبنك الغرب إفريقي للتنمية والتي قد يتم تعليقها أو إيقافها بالكامل(19).

العلاقة مع الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا

على الرغم من انسحابها من الإيكواس، فإن الدول الثلاث ستظل أعضاء في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا (UEMOA)؛ مما يتيح لها الاستمرار في الاستفادة من حرية الحركة والتجارة. ولكن ثمة مخاوف استثمارية، فالمستثمرون المحليون والأجانب قد يصبحون أكثر حذرًا بسبب حالة الشك والتذبذب الناتجة عن الانسحاب غير المُفاوض؛ مما يؤثر على الاستثمارات في المنطقة(20). 

وتستمر الأنظمة العسكرية في تحالف دول الساحل في انتقاد ما يعتبرونه استغلالًا للمجموعة الاقتصادية من قبل القوة الاستعمارية السابقة (فرنسا). فيسعون جاهدين للتحرر من السيطرة الفرنسية ويخططون لإنشاء عملة مشتركة بديلة عن الفرنك الإفريقي تُعرف بـ"الساحل"، يعبِّرون عن رغبتهم دومًا في قطع جميع الروابط مع فرنسا؛ مما يجعل الانسحاب من الفرنك الإفريقي خطوة محتملة، لكنها ستكون أيضًا أكثر خطورة؛ إذ سيتطلب ذلك مغادرة الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب إفريقيا (UEMOA)، وبالتالي التخلي عن الضمانات التجارية والإنسانية التي يوفرها هذا الفضاء اليوم(21).

ومن المهم أن ندرك أن الانسحاب من الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب إفريقيا سيكون له عواقب أكثر خطورة من مغادرة الإيكواس. ويعود السبب في ذلك إلى أن الاتحاد يمثل إطارًا للتكامل النقدي والاقتصادي العميق والقديم، بالإضافة إلى الروابط الإنسانية القوية التي تشكلت على مرِّ الزمن، كما يتضح من وجود مجتمعات كبيرة من مواطني بوركينا فاسو ومالي والنيجر في ساحل العاج(22).

ثالثًا: الآثار الأمنية

سيؤثر الانسحاب على التعاون في مجال الأمن وتبادل المعلومات الاستخباراتية، مما قد يضعف الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب(23)؛ إذ تُعد بوركينا فاسو ومالي والنيجر دولًا أساسية في عملية التكامل الغرب إفريقي، وخاصة في جهود تحقيق الاستقرار في منطقة تعاني بشدة من الإرهاب، فيُخشى أن يؤدي هذا الانسحاب "المتسرع" إلى تهديد الجهود الرامية لاستعادة الديمقراطية والمساهمة في استقرار منطقة أصبحت أكثر هشاشة. وحذَّر القادة الغربيون من التحديات الإضافية التي قد تواجه جهود مكافحة الجريمة العابرة للحدود والهجرة غير الشرعية والإرهاب في منطقة الساحل(24).

ويمثل الوضع الأمني تحديًا حاسمًا في ظل الأزمة المستمرة في منطقة الساحل، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب. بينما تعيب دول تحالف الساحل على الإيكواس دورها الهامشي في معالجة هذه القضية؛ حيث اعتمدت المنظمة بشكل كبير على التمويل الخارجي أو نشر قوات أجنبية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أعلن تحالف دول الساحل عن إنشاء قوة عسكرية مشتركة خاصة به. ومع استمرار الانقسامات الإقليمية، يحذر المحللون من أن هذا التشرذم قد يزيد من زعزعة استقرار المنطقة، خاصة أن عام 2023 كان الأكثر دموية في تاريخ النزاع، وفقًا لمجموعة الأزمات الدولية(25).

رابعًا: الآثار الاجتماعية

تتمثل العواقب الاجتماعية الرئيسية في مسألة حرية حركة السلع والأشخاص ورؤوس الأموال للدول الثلاث، والتي تفتقر إلى الوصول إلى البحر؛ إذ تضمن الإيكواس للمواطنين من الدول الأعضاء إمكانية التنقل بدون تأشيرات والبقاء في الدول الأعضاء للعمل أو الإقامة. ولكن مع خروج دول الساحل من المنظمة، فإن جميع القطاعات، بما في ذلك النقل، مهددة، خاصة أن مالي وبوركينا فاسو والنيجر تعد نقاط عبور رئيسية للنقل البري في غرب إفريقيا.

نظرًا لوضعها كدول غير ساحلية، تعتمد هذه الدول بشكل كبير على السلع القادمة من دول أخرى. قد تكون الوضعية أكثر تعقيدًا بالنسبة للنيجر، التي تحدها نيجيريا ولديها اقتصاد يعتمد بشكل كبير على التبادلات مع هذا الجار(26).

وبخصوص مالي، فإن سكان مناطق البلاد الجنوبية الحدودية قد تعودوا على مشاهدة طوابير الشاحنات المحملة بالموز السكري والزيتي والتوت وكل أنواع البضائع الأخرى. ومع السنغال غربًا، فإن الشاحنات المحملة بالإسمنت والحديد تعبر الإقليم الإداري الأول للبلاد يوميًّا، ومن جهة غينيا كوناكري، فإن بضائع مالي التي تصل عبر الموانئ، يأتي أكثرها من ميناء كوناكري، كما تصل من ميناء أبيدجان ودكار، وحتى نواكشوط، ولقد كانت هذه الدول قد تضررت بدورها من العقوبات التي فرضتها الإيكواس على مالي بعد الانقلاب مما يعني صعوبة أو استحالة استغناء إحدى هذه الدول عن الأخرى.

ويجدر بالذكر، أنه يستطيع مواطنو الإيكواس حاليًّا التنقل بحرية باستخدام بطاقتهم الوطنية فقط، على غرار نموذج منطقة "شنغن" في أوروبا. إلا أن بعض العوائق، مثل الفساد والممارسات غير القانونية على الحدود، لا تزال قائمة(27).

إجراءات لصالح مواطني الإيكواس

قرر قادة تحالف دول الساحل اتخاذ تدابير جديدة لتعزيز حرية التنقل لمواطني الإيكواس داخل أراضيهم، ومن بين هذه الإجراءات:

  1. فتح حدود مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر أمام جميع مواطني دول الإيكواس بدون تأشيرة.
  2. يحق لمواطني الإيكواس التنقل والإقامة في دول التحالف بحرية.
  3. يُمنع أي شخص يُعد "مهاجرًا غير مقبول" من التنقل أو الإقامة داخل الاتحاد.
  4. يُسمح بدخول المركبات الخاصة والتجارية ومركبات النقل إلى أراضي التحالف، وفقًا للقوانين الوطنية المعمول بها في الدول الثلاث(28).

جوازات السفر

وفقًا لبيان الرئيس الدوري لدول الساحل، الجنرال عاصيمي غويتا، تبقى جوازات سفر الإيكواس القديمة صالحة حتى تاريخ انتهاء صلاحيتها. يمكن لحاملي هذه الجوازات استبدال جوازات سفر جديدة بها من "تحالف دول الساحل". وتظل جوازات سفر الإيكواس للمواطنين من هذه الدول صالحة، مما يمنحهم حق التنقل والإقامة دون تأشيرة في دول الإيكواس حتى إشعار آخر(29).

ولكن قد يتعرض المواطنون في هذه الدول لمشاكل في التنقل والإقامة؛ حيث سيفقدون حقوقهم بموجب اتفاقيات الإيكواس(30). فقد صرح رئيس مفوضية الإيكواس، عمر عليو توري، بأن مواطني الدول الثلاث (مالي، النيجر، بوركينا فاسو) قد يضطرون إلى الحصول على تأشيرات للسفر إلى دول الإيكواس؛ مما سيحد من حرية التنقل والإقامة والعمل.

هذا التغيير قد يؤثر بشكل خاص على الجاليات الكبيرة من الماليين والبوركينيين المقيمين في دول مثل ساحل العاج. ومع ذلك، لم يتم اتخاذ أي قرارات رسمية بشأن فرض التأشيرات حتى الآن، وقد يتم التوصل إلى اتفاقات تضمن استمرار حرية التنقل(31) علمًا بأنه عندما سيتعطل حرية تنقل الأفراد والبضائع، سيجعل ذلك التبادل التجاري أكثر صعوبة.

كما يمكن أن يؤدي هذا الانسحاب بهذه الدول إلى أن تفقد مزايا السوق المشتركة للإيكواس، التي تضم أكثر من 400 مليون نسمة(32).

ومن جانبهم، فقد اجتمع خبراء تحالف دول الساحل في باماكو، يومي 1 و2 فبراير/شباط 2025، لمناقشة وضع سياسة تأشيرة موحدة للدول الأعضاء. تأتي هذه المبادرة بعد الإطلاق الأخير لجواز السفر البيومتري الموحد للتحالف؛ ما يمثل خطوة بارزة نحو تعزيز التكامل الإقليمي. تهدف التأشيرة المجتمعية المستقبلية للتحالف، والتي ستحمل اسم "تأشيرة ليبتاكو"، إلى تسهيل دخول مواطني الدول غير الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إلى البلدان الثلاث الأعضاء: بوركينا فاسو ومالي والنيجر. ومن المتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز السياحة والتبادلات التجارية والاستثمارات في المنطقة. ويعمل خبراء التحالف حاليًّا على إعداد مقترح لملصق تأشيرة آمن. وسيتم تقديم هذا المقترح، إلى جانب نتائج مناقشاتهم، إلى وزراء الأمن في الدول الأعضاء لدراسته والموافقة عليه(33).

موقف روسيا

رحَّبت روسيا بإنشاء كونفيدرالية دول الساحل وأعلنت نيتها التعاون اقتصاديًّا وعسكريًّا معها، فتخشى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس) من "تفكك" ناتج عن إنشائها. تعتمد مخاوف التفكك التي تعبِّر عنها المجموعة الاقتصادية على قلقها من رؤية ظهور انقسام جديد داخلها. بالإضافة إلى الانقسامات بين الدول الناطقة بالإنجليزية والفرنسية، فإن إيكواس معرضة لخطر وجودي يمثل نقطة انقسام جديدة بين الدول الموالية لروسيا والمعادية للغرب وتلك المتجهة نحو الغرب، وقد يؤدي ذلك إلى تحويل بعض الدول من إيكواس لصالح الكونفيدرالية. كما ستتأثر الإيكواس أيضًا بضعف مصداقيتها على الساحة الدولية، بسبب عجزها عن تجنب هذا التفكك الداخلي. وكانت حتى الآن المنظمة الإقليمية الوحيدة المعترف بها دوليًّا قادرةً على التدخل بسرعة وفاعلية في قضايا المنطقة، وهذه الوضعية الجديدة (انسحاب دول الساحل وتأسيس كونفيدرالية) قد تؤدي إلى فقدان هذا الاعتراف، فتراجع النفوذ الغربي على المستوى القاري لصالح روسيا، بالإضافة إلى تراجع نفوذ الإيكواس المحسوب على النفوذ الغربي، ويعد ذلك تراجعًا تدريجيًّا للهيمنة الغربية على القارة لصالح تأكيد الهويات الوطنية(34).

وبالفعل، فقد استطاعت روسيا أن تحل محل القوى الغربية التي أصبحت قوى غير مرغوب فيها على التراب الإفريقي، لسوابقها الاستعمارية والمتهمة باستنزاف ثروات القارة المعدنية وبالتخطيط لإطالة أمد النزاعات في القارة والاستفادة منها.

ففي مواجهة الاضطرابات المستمرة في دول الساحل، تبدو روسيا شريكًا أمنيًّا جذابًا. وتسعى موسكو إلى سد الفراغ الذي خلَّفته القوات الغربية من خلال تقديم حلول عسكرية ودبلوماسية، وتستخدم روسيا عمليات التأثير، لاسيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعة فاغنر شبه العسكرية، لتعزيز وجودها في المنطقة. وتُعد هذه الأخيرة أداةً لتوسيع النفوذ الروسي واستغلال الأزمات السياسية المحلية، فقد أعربت روسيا عن دعمها للأنظمة العسكرية التي استولت على السلطة في هذه الدول، مؤكدة أن انسحابها من الإيكواس هو بحث عن أشكال جديدة من التعاون. كما حذرت من أي تدخل ضدها، معتبرة أن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم التهديد الإرهابي في المنطقة. وقد وقَّعت اتفاقيات تتعلق بتدريب الجيوش في دول الساحل وإمكانية نشر المزيد من القوات شبه العسكرية الروسية في المنطقة، بالإضافة إلى مشاريع في مجال الطاقة وحتى مبادرات فضائية. وتقدم روسيا نفسها شريكًا بديلًا لا يشترط مساعدته بمطالب سياسية صارمة، وهو ما يجذب بعض دول الساحل التي سئمت التدخل الغربي(35).

وقد بدأت هذه الاتفاقيات تؤتي ثمارها بالفعل، فقد حصلت هذه الدول بموجب هذه الاتفاقيات على أسلحة ما كان لها أن تمتلكها وهي في المحور الفرنسي؛ إذ كانت توقِّع اتفاقيات لشراء الأسلحة مع الدول الإفريقية وخاصة مستعمراتها السابقة، فلا سلاح تعطي ولا مال تُرجع، وكانت تتدخل حتى لدى الدول الكبرى الأخرى الصانعة للأسلحة لإفشال صفقات شراء الأسلحة، وتبقى هذه الدول الإفريقية تحت رحمة الجماعات الإرهابية، وتبقى هي -أي فرنسا- المرجعية الوحيدة لحل هذه النزاعات حسب مصالحها الوطنية.

واليوم مع روسيا، تبيع روسيا لهذه الدول ما أرادت من الأسلحة، فقد حصلت مالي على طائرات حربية ومدرعات وعربات ودبابات ورادارات ومسيرات ورشاشات متطورة للغاية وحتى ذخائر، ما مكَّنها من قلب موازين القوى وتحقيق نجاحات في حربها ضد الجماعات الجهادية والإرهابية في شمال ووسط البلاد، فيختلف التعاون مع روسيا عن فرنسا في ذلك بالواقعية والمصداقية؛ الأمر الذي أدى ويؤدي بالدول الإفريقية إلى فسخ اتفاقيات التعاون مع فرنسا وإجلاء قواتها وإغلاق قواعدها، حتى من خارج دول التحالف، مثل تشاد والسنغال وساحل العاج.

خاتمة

إن انسحاب دول الساحل من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا اليوم حقيقة واقعة وملموسة، وتعكف الدول الثلاث على وضع آليات الاتحاد على كل الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والصحية والإعلامية وحتى الرياضية. وسواء اعتُبر هذا الانسحاب قطيعة أو تطورًا ضروريًّا، فإنه يعيد رسم معالم التعاون الإقليمي في غرب إفريقيا. وبالنسبة للإيكواس، يطرح هذا القرار تحديات كبيرة تتعلق بالوحدة والفاعلية، في حين ترى دول الساحل أنه خطوة نحو تحقيق مشروع طموح وجريء(37).

ويسعى تحالف دول الساحل من خلال مشاريع في طور الإعداد إلى تحقيق وحدة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتربوية وإعلامية معتمدة في ذلك على التعاون مع شركاء جدد في كل هذه المجالات، تتميز شراكتها بالواقعية والمصداقية.

ABOUT THE AUTHOR

References

1)- La Cedeao ne souhaite pas s’inscrire dans une confrontation avec l’AES, Le Point du 15 décembre 2024 (Vu le 7 février 2025): https://search.app/GcKR4FWs3EyZFdBL9

2)- Ce que les dirigeants de l’AES décident pour les citoyens de la CEDEAO, BBC du 30 janvier 2025 (Vu le 6 février 2025): https://search.app/hdCeRxaKWBjYFM1d8

Voir aussi :

Vers un divorce inédit entre la Cedeao et l’Alliance des États du Sahel, Le Point du 15 décembre 2024 (Vu le 7 février 2025): https://search.app/Lk5VSQFDsfckah4Y9

3)- Alliance des Etats du Sahel : le divorce avec la Cedeao peut-il être évité ?Crisis Group du 05 December 2024 (Vu le 7 février 2025): https://search.app/7RyDw3uQv9jW8c5f6

4)- Retrait de la CEDEAO : Le Burkina, le Mali et le Niger claquent la porte de l’organisation régionale, L’Opinion du 27 Janvier 2025 (Vu le 9 février 2025): https://search.app/m8zoEQScAHxgNupE7

5)- Le retrait de l’AES de la CEDEAO : une rupture historique aux implications profondes, MaliActu du 5 février 2025 (Vu le 7 février 2025): https://search.app/Vi1UPVRmb8txBXby9

6)- Trois pays quittent la CEDEAO, quelles conséquences, Major Prepa du 12 février 2024, (Vu le 7 février 2025): https://search.app/VMcWdRecZRWFo1f9A

7)- Retrait des pays du Sahel de la CEDEAO: les conséquences dépendront de la nature de la séparation, Le 360 Afrique du 06 février 2024 (Vu le 8 février 2025): https://search.app/FLsfNAwFzsLPZkqG

8)- Perspective Monde, D’alliance militaire à confédération : le cas de la Confédération des États du Sahel, du 8 octobre 2024 (Vu le 6 février 2025): https://search .app/KREJf8EZYkWm9A497

9)- La CEDEAO expose les conséquences du retrait des pays du Sahel, Afrique SUR7 du 26 février 2024, (Vu le 7 février 2025): https://search.app/zv4wwAe98VUgUbBTA

Voir aussi :

Les conséquences du retrait de l’AES de la CEDEAO, Seneplus International, du 8 juillet 2024 (Vu le 9 février 2025): https://search.app/uuLXATZzQuZz9bnh6

10)- AES : situation actuelle et perspectives d’avenir, DW du 29 mars 2024 (Vu le 6 février 2025): https://shorturl.at/OsKJx

11)- La Cedeao ne souhaite pas s’inscrire dans une confrontation avec l’AES, Le Point du 15 décembre 2024 (Vu le 7 février 2025): https://search.app/GcKR4FWs3EyZFdBL9

12)- Le retrait de l’AES de la CEDEAO : une rupture historique aux implications profondes, MaliActu du 5 février 2025 (Vu le 7 février 2025): https://search.app/Vi1UPVRmb8txBXby9

13)- Vers un divorce inédit entre la Cedeao et l’Alliance des États du Sahel, Le Point du 15 décembre 2024 (Vu le 7 février 2025): https://search.app/Lk5VSQFDsfckah4Y9

14)- Conséquences économiques d’une sortie du Niger de la Cédéao, DW du 29 janvier 2024 (Vu le 4 février 2025): https://search.app/Wp6driqugyo3xY8q9

15)- Le dilemme monétaire de l’alliance des Etats du Sahel, Revue Politique du 11 mars 20024 (Vu le 2 février 2025): https://search.app/qUYJoS832UtsLfKt8

16)- Les conséquences du retrait de l’AES de la CEDEAO, Seneplus International, du 8 juillet 2024 (Vu le 9 février 2025): https://search.app/uuLXATZzQuZz9bnh6

17)- Vers un divorce inédit entre la Cedeao et l’Alliance des États du Sahel, Le Point du 15 décembre 2024 (Vu le 7 février 2025): https://search.app/Lk5VSQFDsfckah4Y9

18)- AES : situation actuelle et perspectives d’avenir, DW du 29 mars 2024 (Vu le 6 février 2025): https://shorturl.at/OsKJx

19)- Ce que les dirigeants de l’AES décident pour les citoyens de la CEDEAO, BBC du 30 janvier 2025 (Vu le 6 février 2025): https://search.app/hdCeRxaKWBjYFM1d8

20)- Retrait des pays du Sahel de la CEDEAO: les conséquences dépendront de la nature de la séparation, Le 360 Afrique du 06 février 2024 (Vu le 8 février 2025): https://search.app/FLsfNAwFzsLPZkqG

21)- Trois pays quittent la CEDEAO, quelles conséquences, Major Prepa du 12 février 2024, (Vu le 7 février 2025): https://search.app/VMcWdRecZRWFo1f9A

22)- Le dilemme monétaire de l’alliance des Etats du Sahel, Revue Politique du 11 mars 20024 (Vu le 2 février 2025): https://search.app/qUYJoS832UtsLfKt8

23)- La CEDEAO expose les conséquences du retrait des pays du Sahel, Afrique SUR7 du 26 février 2024, (Vu le 7 février 2025): https://search.app/zv4wwAe98VUgUbBTA

24)- Trois pays quittent la CEDEAO, quelles conséquences, Major Prepa du 12 février 2024, (Vu le 7 février 2025): https://search.app/VMcWdRecZRWFo1f9A

25)- Vers un divorce inédit entre la Cedeao et l’Alliance des États du Sahel, Le Point du 15 décembre 2024 (Vu le 7 février 2025): https://search.app/Lk5VSQFDsfckah4Y9

26)- Trois pays quittent la CEDEAO, quelles conséquences, Major Prepa du 12 février 2024, (Vu le 7 février 2025): https://search.app/VMcWdRecZRWFo1f9A

27)- La Cedeao ne souhaite pas s’inscrire dans une confrontation avec l’AES, Le Point du 15 décembre 2024 (Vu le 7 février 2025): https://search.app/GcKR4FWs3EyZFdBL9

28)- Ce que les dirigeants de l’AES décident pour les citoyens de la CEDEAO, BBC du 30 janvier 2025 (Vu le 6 février 2025): https://search.app/hdCeRxaKWBjYFM1d8

29)- Mali, Burkina Faso, Niger, le départ effectif de la CEDEAO, DW du 29 janvier 2025 (Vu le 6 février 2025): https://shorturl.at/njbGa

30)- Retrait des pays du Sahel de la CEDEAO: les conséquences dépendront de la nature de la séparation, Le 360 Afrique du 06 février 2024 (Vu le 8 février 2025): https://search.app/FLsfNAwFzsLPZkqG

31)- Cedeao-AES: les néfastes conséquences socioéconomiques d’une séparation sont-elles évitables? Le 360 Afrique du 15 juillet 2024 (Vu le 9 février 2025): https://search.app/nGBEcyafKR8j9CTB6

32)- Les conséquences du retrait de l’AES de la CEDEAO, Seneplus International, du 8 juillet 2024 (Vu le 9 février 2025): https://search.app/uuLXATZzQuZz9bnh6

33)- Visa communautaire au sein de l'AES : Les experts examinent la question, L’essor de Bamako, du 01 février 2025: (Vu le 6 février 2025): https://shorturl.at/sHpkd

34)- Perspective Monde, D’alliance militaire à confédération : le cas de la Confédération des États du Sahel, du 8 octobre 2024 (Vu le 6 février 2025): https://search .app/KREJf8EZYkWm9A497

35)- Coup d’Etat au Niger : pourquoi la Russie séduit-elle tant dans les pays du Saheldu 3 aout 2023, (Vu le 5 février 2025): https://shorturl.at/upIsr

36)- Sommet des chefs d’Etat de l’AES : Le traité instituant la « Confédération AES » adopté. (Vu le 8 février 2025): https://search.app/3iYyxFFjLu7EEnEK8

37)- Retrait des pays de l’AES de la CEDEAO : Un sommet historique à Abuja le 15 décembre 2024, (Vu le 8 février 2025): https://search.app/h5hwbwPiyRj9h9vk9