ندوة في الدوحة تناقش الرؤية الإسرائيلية لأحداث 7 أكتوبر من خلال وثائقي "ثمن الحرب"

17 April 2025
المتحدثون في الندوة من اليمين: شفيق شقير، حسام شاكر، إبراهيم الخطيب، عوَّاد جمعة، وأدارها أنس هشام.

نظَّم مركز الجزيرة للدراسات بالتعاون مع منصة الجزيرة 360 ندوة بحثية في العاصمة القطرية، الدوحة، عقب عرض الفيلم الوثائقي "7 أكتوبر: ثمن الحرب"، وهو الجزء الأول من سلسلة وثائقية من إنتاج منصة الجزيرة 360، توثِّق الهجوم الذي نفَّذته حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتتناول التداعيات العميقة التي خلَّفها على إسرائيل، دولةً ومجتمعًا.

يسلِّط الفيلم الضوء على الرؤية الإسرائيلية لعملية "طوفان الأقصى"، من خلال مقابلات مع عدد من الإسرائيليين من خلفيات متنوعة، شملت آباءً لجنود وضباط في الجيش وصحفيين وخبراء. كما تضمَّن الفيلم شهادات فلسطينية ناقدة لهذه السردية. وقد عكست هذه المقابلات حجم الصدمة التي تسبَّب بها الهجوم، والإرباك الذي ضرب المؤسسات العسكرية والأمنية في إسرائيل.

أظهرت الشهادات أن الهجوم المفاجئ على المستوطنات والثكنات في محيط قطاع غزة مثَّل هزَّة أمنية واستخباراتية كبيرة، كشفت عن إخفاقات جوهرية في تقدير تحركات حماس ونواياها. وأشارت إلى أن هذا الإخفاق تسبَّب في تآكل الثقة الشعبية بقدرة الجيش الإسرائيلي وأجهزته الأمنية، التي لطالما وُصفت بأنها لا تُهزم.

كما عرض الفيلم ما وصفه الإسرائيليون بـ"مسؤولية جماعية" لسكان قطاع غزة عما جرى؛ حيث لم تُحمِّل حركة حماس وحدها تبعات الهجوم، بل وُجِّه الاتهام إلى المدنيين أيضًا، بزعم أنهم وفَّروا الحاضنة الشعبية للعملية، أو شارك بعضهم في اجتياح السياج الحدودي. وقد اعتُبر ذلك -من وجهة النظر الإسرائيلية- دليلًا على "تواطؤ جماهيري" يبرِّر المعاقبة الجماعية.

وفي هذا السياق، بيَّن الفيلم أن الرد العسكري الإسرائيلي العنيف كان يهدف إلى استعادة الردع و"معاقبة من نفذوا العملية"، وأن تل أبيب تلقَّت دعمًا سياسيًّا وعسكريًّا كبيرًا من الولايات المتحدة والدول الغربية؛ مما مهَّد الطريق لحملة قصف جوي ومدفعي مكثفة استهدفت البنية التحتية في قطاع غزة، وأوقعت آلاف الضحايا من المدنيين، بينهم نساء وأطفال. وقد رأت بعض الأصوات في الفيلم أن هذا الرد يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، في ظل غطاء دولي وتجاهل واسع النطاق.

في المقابل، قدَّم فلسطينيون استضافهم الفيلم قراءة مغايرة لما جرى، معتبرين أن الحرب الإسرائيلية على غزة تمثِّل إستراتيجية عقاب جماعي تهدف إلى تدمير المقاومة وتهجير السكان، ليس فقط في القطاع بل وفي الضفة الغربية أيضًا. ووفق هذه الرؤية، فإن الدمار الهائل لم يكن عرضيًّا، بل مقصودًا وممنهجًا، في محاولة لجعل غزة غير قابلة للحياة ودفع سكانها إلى النزوح الجماعي، تحقيقًا لأهداف سياسية وديمغرافية بعيدة المدى.

كما تضمَّن الوثائقي شهادة لأحد قادة حركة حماس، الذي أقرَّ بوقوع بعض التجاوزات بعد الهجوم، نتيجة دخول مدنيين من غزة إلى الثكنات الإسرائيلية، لكنه شدَّد على أن تلك التجاوزات فردية وغير ممنهجة، وجاءت في سياق لحظة استثنائية فرضها الانهيار المفاجئ للدفاعات الإسرائيلية والغضب المتراكم من الاحتلال والحصار، مؤكِّدًا أن هذه الأفعال لا تعبِّر عن سياسة الحركة الرسمية.

وعقب عرض الفيلم، شهدت الندوة نقاشًا موسَّعًا شارك فيه باحثون ومختصون، من بينهم أحد منتجي الوثائقي؛ حيث أجمعت المداخلات على أن العمل يشكِّل مساهمة نوعية في بناء سردية فلسطينية مضادة، تقف في وجه السردية الصهيونية المدعومة من الغرب. ورأى المشاركون أن الفيلم لا يكتفي بالتوثيق، بل يسعى إلى ترسيخ رواية بديلة تسلِّط الضوء على الحقيقة كما يرويها من يعيشها، وتعيد الاعتبار للصوت الفلسطيني في فضاء إعلامي عالمي تهيمن عليه الروايات الرسمية.

  • لمشاهدة الفيلم ومتابعة الندوة التي أعقبته (اضغط هنا).