
دمة
تمتلك الدول قوتين رئيسيتين لتحقيق أهدافها، إحداهما القوة الصلبة التي تتمثَّل في القوة العسكرية وأدواتها المختلفة، والأخرى القوة الناعمة التي تشمل الأدوات الاقتصادية والثقافية والإعلامية(1). وقد شكَّلت وسائل الإعلام منذ ظهورها مصدرًا مهمًّا من مصادر القوة التي تمتلكها الدول، ومع مرور الزمن تعاظمت أهمية هذه الوسائل، وازدادت المنافسة بين الدول للسيطرة على صناعة الإعلام. ويُعَد الإعلام مجالًا حيويًّا للتواصل السياسي مع الجمهور، ووسيلة لتشكيل صور نمطية عن الأفراد والمؤسسات والدول، ونقل الأفكار إلى الفئات المجتمعية المستهدفة، كما يُمثِّل نافذة يطِّلع من خلالها الفرد على العالم وكل ما يدور من حوله. وفي الوقت نفسه، تُشكِّل وسائل الإعلام أداة فعَّالة في سياسات الدول، وأيضًا المؤسسات والهيئات المختلفة، تُمكِّنها من تحقيق أهدافها، وذلك من خلال التأثير في الرأي العام. وقد دفع تطوُّر هذه الوسائل وتزايد انتشارها الدولَ إلى توظيفها وسيلةً للتحكُّم في اتجاهات الرأي المحلي والدولي، ومحاولة القيام بدور فاعل في صيرورة الأحداث وموازين القوى الدولية.
وفي هذا السياق، يؤكد الأكاديمي مارك ديوز (Mark Deuze)، أستاذ الدراسات الإعلامية بجامعة أمستردام، أن "الإعلام لا يعيش معنا فقط، بل نعيش من خلاله"، مشيرًا إلى قوة هيمنة الإعلام على حياة الأفراد؛ إذ يتدخل في جميع مجالات الحياة اليومية(2).
ويرى عالم الاتصال مارشال ماكلوهان (Marshall McLuhan) أن الوسيلة الإعلامية تؤثر على الرسالة؛ ما يعني أن الكيفية التي تُنقل بها المعلومات لا تقلُّ أهمية عن المضمون ذاته(3)؛ إذ تُسهِم الوسيلة وطريقة الاتصال مع المتلقي في تشكيل الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي، خاصة أن الطريقة التي يُفكِّر بها الأفراد ويتفاعلون بها مع العالم من حولهم تتغيَّر بتغيُّر طريقة الاتصال والوسيلة الإعلامية.
أما عالم الاجتماع، ديفيد ألثيدي (David Altheide)، والأكاديمي روبيرت سنو (Robert Snow)، فقد ناقشا مفهوم "منطق الإعلام" الذي يُبيِّن كيفية تأثير الإعلام على صياغة الرسائل(4)؛ إذ تحمل الرسائل الإعلامية مجموعة من القيم والأيديولوجيات التي تُشكِّل وعي المجتمع تجاه القضايا السياسية والاجتماعية المختلفة، بما يتناسب مع أجندات مالكي تلك الوسائل.
ويُعرِّف الأكاديمي برهان شاوي، في كتابه: "الدعاية والاتصال الجماهيري عبر التاريخ"، الإعلام بـ"رسالة تحتوي على مضامين وأهداف تسعى لمخاطبة الفرد عبر وسائل مختلفة، سواء كانت مقروءة أم مسموعة أم مرئية"(5). في حين يرى الباحث جورج لندبرغ (George Lindberg) أن الإعلام يُمثِّل تفاعلًا بين الرموز، مثل الحركات أو الصور أو اللغة أو أي وسيلة أخرى، وذلك بهدف إنتاج سلوك معين من قِبَل الفرد(6)؛ إذ إن مزج مجموعة من العناصر البصرية واللغوية والحركية في رسالة واحدة يُعزِّز العملية الاتصالية، ومن ثم يُسهم في التأثير على الجمهور.
أما في مجال الإعلام والحرب، فقد بيَّن السيناتور الأميركي، هيرام جونسون (Hiram Johnson)، عام 1917، أن "الحقيقة تُعَد أول الضحايا حين تقع الحروب"(7). وقد أدت التطورات الهائلة في التكنولوجيا إلى توسيع نطاق الوصول إلى المعلومات وإزالة الحدود؛ مما أسهم في تسريع نقل ونشر الأخبار، خاصة خلال فترات النزاعات(8). وذكرت "موسوعة ليستر" (Lester Dictionary) أن الإعلام الحديث عبارة عن مجموعة من تكنولوجيا الاتصالات التي تمَّ توليدها من التزاوج بين أجهزة الكمبيوتر والوسائل التقليدية للإعلام، مثل الطباعة والتصوير والصوت والفيديو. ويمكن أن يُعرَّف الإعلام أيضًا بأنه تسخير وتطويع التكنولوجيا في عملية نشر الأخبار والمعلومات والمعارف بواسطة عملية دمج وسائل الإعلام التقليدية مع الأدوات الرقمية الحديثة وشبكة المعلومات العالمية بما يُحقِّق اتصالًا تفاعليًّا بين المرسل والمستقبل، وبسرعة فائقة من خلال تكنولوجيا الإنترنت والمواقع الشبكية التي تستخدم تقنية الويب(9).
ولمواكبة تلك التطورات التكنولوجية التي تُسهِم في زيادة الانتشار والتأثير، تُحاول وسائل الإعلام التقليدية المختلفة (الصحف، المحطات الإذاعية، والقنوات التليفزيونية) أن يكون لها حضور رقمي على منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك الشبكات والمؤسسات الإعلامية الدولية، مثل "قناة الجزيرة" التي تتميز بحضور مكثف عبر جميع المنصات الاجتماعية تقريبًا، وكذلك "بي بي سي عربي"، وغيرهما من القنوات، التي أصبح لها وجود رقمي على منصات التواصل الاجتماعي لتعزيز انتشار رسائلها الإعلامية، ومن ثم تأثيرها على الجمهور، وتشكيل الرأي العام.
في هذا السياق، وبالنظر إلى الدور الذي قامت به وسائل الإعلام الدولية في تغطية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحاول الدراسة تحليل طبيعة هذا الدور وخصوصيته، لاسيما في بعض الروايات التي قدَّمها موقعا "الجزيرة نت" و"بي بي سي عربي".
1. اعتبارات منهجية ونظرية
إشكالية الدراسة
كان لوسائل الإعلام دور محوري في تغطية الحروب والنزاعات التي عرفها التاريخ الحديث والمعاصر لتوثيق الانتهاكات وجرائم الحروب والجرائم ضد الإنسانية. وقد أسهم ذلك في التأثير المباشر على الرأي العام وتغيير اتجاهاته إزاء القضايا الداخلية وكذلك السياسة الخارجية، سواء كان هذا الرأي العام محليًّا أو إقليميًّا أو دوليًّا، مثل تغطية وسائل الإعلام الأميركية للحرب في فيتنام. فقد تمكنت هذه الوسائل من كشف الانتهاكات التي ارتكبها الجيش الأميركي خلال الحرب، والتأثير في الرأي العام الذي خرج للاحتجاج ضد سياسات الإدارة الأميركية في فيتنام. وهنا، تحاول الدراسة، في إطار الحرب التي تشنُّها إسرائيل على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، الإجابة على هذا السؤال المحوري: ما الدور الذي تقوم به التغطية الإعلامية للحرب الإسرائيلية على غزة من خلال المنظور الإخباري لموقعي "الجزيرة نت" و"بي بي سي عربي"؟
ويتفرع عن هذا السؤال الإشكالي عدد من الأسئلة الفرعية:
- ما سمات مضمون التغطية الإعلامية للحرب الإسرائيلية على غزة في موقعي "الجزيرة نت" و"بي بي سي عربي"؟
- ما أبرز الأطر الإخبارية للخطاب في تغطية "الجزيرة نت" و"بي بي سي عربي" للحرب على غزة؟
- ما تأثير التغطية الإخبارية في موقعي "الجزيرة نت" و"بي بي سي عربي" على المتلقي؟
الإستراتيجية المنهجية
تعتمد الدراسة أسلوب تحليل المضمون في مقاربة المنظور الإخباري لتغطية الحرب على غزة في موقعي "الجزيرة نت" و"بي بي سي عربي". ويُعَد تحليل المضمون أداة عملية منهجية لدراسة المحتويات الإعلامية، سواء كانت نصية مكتوبة أو محتويات مرئية، والتي يتم من خلالها تحديد الأنماط والاتجاهات الظاهرة في المحتوى الإعلامي، وهو الأمر الذي يُساعد في فهم كيفية تأثير وسائل الإعلام على الجمهور من خلال الرسائل التي تحملها الوسائط الإعلامية تجاه موضوعات معينة(10).
مجتمع الدراسة وعينته
يتمثَّل مجتمع الدراسة في عينة من الأخبار التي نُشِرَت في موقعي "الجزيرة نت" و"بي بي سي عربي"، خلال الفترة الممتدة من 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 19 يناير/كانون الأول 2025، وهو تاريخ تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، برعاية الوساطة القطرية والمصرية والأميركية، لكن سرعان ما انهار هذا الاتفاق بعد حوالي شهرين عندما استأنفت إسرائيل الحرب على غزة، في 18 مارس/آذار 2025. ويشمل المجال الزمني المذكور للعينة العشوائية المنتظمة ما يقارب 16 شهرًا من الحرب التي استمرت بدون انقطاع، وقد اختارت الباحثة خبرًا واحدًا فقط خلال كل شهر من كلا الموقعين، بمجموع بلغ 32 خبرًا وبمعدل 16 خبرًا لكل موقع (انظر ملحق وحدات العينة العشوائية المنتظمة للدراسة، في نهاية المراجع).
الإطار النظري
يُجادل العديد من المنظرين، ومنهم عالم الاتصال، مارشال ماكلوهان، حول أهمية دور الوسيط في التأثير على الرسالة. فالوسيط أداة تُستَخدم لنقل المعلومات، وتؤثر بشكل كبير على مضمون الرسالة وكيفية فهمها، ومن ثم على المتلقي. وقد صاغ ماكلوهان هذا المفهوم بقوله: "الوسيلة هي الرسالة"، مشيرًا إلى أن الوسيلة التي تُنْقَل من خلالها الرسالة تُشكِّل جزءًا مهمًّا من معناها، وتؤثر على كيفية استقبالها(11).
وتوالت عقب ذلك اجتهادات الباحثين في إنتاج المعرفة فيما يتعلق بمجال الإعلام والاتصال وتأثير الإعلام على المجتمع، وتشكيل الرأي العام والاتصال الجماهيري، وتحديدًا في أعقاب الحرب العالمية الثانية. فقد أدركت الدول المتحاربة بشكل متزايد تأثير وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام(12)؛ مما أدى إلى ظهور العديد من النظريات في هذا المجال، والتي تُسهِم بدورها في فهم وتبسيط آلية اشتغال الإعلام وتأثيره على الجمهور.
ومن أبرز هذه النظريات نظرية المنطق الإعلامي، التي تعود إلى عام 1979، والتي تناولها ديفيد ألثيدي، وروبيرت سنو، في كتابهما "منطق الإعلام" (Media Logic)؛ إذ ركَّز المؤلِّفان على أهمية دور الإعلام، مشيرين إلى ضرورة النظر إلى الوسائل الإعلامية باعتبارها كيانات لها منطق؛ تتجسَّد أُسُسه ومرتكزاته في العملية التي يتم من خلالها نقل وتقديم المعلومات. وتشتمل هذه العملية على عناصر متعددة، مثل: أنواع الوسائط المختلفة والتنسيقات التي تستخدمها، وكيفية تنظيم المحتوى وتقديمه، والأسلوب الذي تُعرَض به المعلومات مع التركيز على خصائص معينة للسلوك وقواعد الاتصال الإعلامي؛ إذ يصبح التنسيق إطارًا أو منظورًا يُستَخدم لعرض وتفسير الظواهر(13).
وتُبيِّن هذه النظرية أن وسائل الإعلام لا تعكس الواقع فقط، وإنما تُعيد تشكيله وفقًا لقواعد وأساليب خاصة بها، مما يعني أن الطرق التي يُقدَّم بها المحتوى الإعلامي تؤثر في كيفية فهم المتلقي للواقع بغض النظر عن دقة المحتوى. فعلى سبيل المثال، تقوم بعض القنوات والشبكات الإعلامية الدولية بتضخيم قضية على حساب أخرى في تغطية بعض الأحداث والوقائع، بينما تقوم قنوات فضائية أخرى بحجب تلك القضايا وإبراز أخرى. كما يتم انتقاء الأخبار ووضع بعضها في مقدمة النشرات الإخبارية، والتعامل مع بعضها الآخر باعتبارها أخبارًا ثانوية، ولذلك يؤثر المنظور الإخباري للوسيلة الإعلامية في التعامل مع الأحداث، وكذلك أولويات الأجندة الإخبارية، في الجمهور.
انطلاقًا من نظرية المنطق الإعلامي، وضع إليهو كاتز (Elihu Katz) عام 1984، أربع وظائف أساسية للإعلام في المجتمع. أولها: المنفعة؛ إذ يتوجَّه الفرد لهذه الوسيلة بهدف الانتفاع منها، أو تحقيق عائد من المحتوى المعروض. ثانيًا: الدفاع عن الذات؛ إذ تعكس الوسيلة الإعلامية رأي الفرد في الدفاع عن الصورة التي كوَّنها عن نفسه. ثالثًا: التعبير عن القيم، فكلما كانت وسائل الإعلام داعمةً للقيم المجتمعية السائدة زاد رضا الفرد عن تلك الوسائل. رابعًا: المعرفة، وتتمثَّل في حاجة الفرد للتزود بالمعرفة لبناء إدراكه وفهمه للعالم. ويبدو من خلال هذه الوظائف أن العلاقة بين وسائل الإعلام والجمهور هي علاقة تفاعلية؛ إذ يتأثر كل منهما بالآخر. فالإعلام لا يعمل بمعزل عن الجمهور، بل يتفاعل معه بشكل مستمر، مما يُعزِّز دور الإعلام في تشكيل الرأي العام والاستجابة لاحتياجات الأفراد وتوقعاتهم(14).
وفي هذا السياق، يتناول الأكاديمي صمويل بيكر (Samuel Becker) وظائف وسائل الإعلام المجتمعية، التي يراها تصب في خدمة النظام السياسي بطرق متعددة، بعضها يكون بشكل مباشر والآخر غير مباشر. ففي الولايات المتحدة الأميركية، لا يمكن للقادة الاتصال مع الشعب دون الاستعانة بوسائل الإعلام، كما لا يمكن للمرشحين الوصول إلى جمهورهم بدون وسائل الإعلام والاتصال(15)، وهو ما يُشير إلى أهمية وسائل الإعلام في العمليات السياسية، وكذلك العسكرية.
وفي إطار علاقة المنطق الإعلامي بالسياسة، يمكن تفسير مصطلح "المنطق الإعلامي السياسي"، كما شرحه يسبر سترومباك (Jesper Strömbäck)، أستاذ الصحافة والاتصال السياسي بجامعة غوتنبرغ، وقد ربطه بالقواعد التي تفرضها الحكومات للهيمنة على وسائل الإعلام. ويُشير أيضًا إلى هيمنة قيم الأخبار وتقنيات سرد القصص، التي تستخدمها وسائل الإعلام المملوكة للحكومات، على العمليات المجتمعية للاستفادة من تلك الوسائل في التنافس والعمل المستمر لجذب انتباه الناس(16).
فعلى سبيل المثال، تُعد الصراعات ذات أهمية إخبارية؛ إذ يعمل السياسيون الذين يرغبون في التأثير على الرأي العام، من خلال وسائل الإعلام، على مراعاة أساليب التعبئة والاهتمام بالدعاية وسيلةً للوصول إلى فئات واسعة من المتلقين، وكذلك الاهتمام بالجزء الذي يتعلق بلعبة إنتاج الأخبار للهيمنة على الخطاب العام والتأثير في اتجاهات الجمهور.
وفي إطار التطورات الإعلامية وتأثيرها على المجتمعات، يمكن فهم ظهور نظرية الأَعْلَمَة ((Mediatization باعتبارها تطورًا طبيعيًّا لنمو الوسائط الإلكترونية والتفاعلية، خلال النصف الثاني من القرن العشرين. وقد ناقش هذا المفهوم الأكاديمي كنوت لوندبي Knut Lundby))، أستاذ الدراسات الإعلامية بجامعة أوسلو؛ إذ يرى أن "الأعلمة عملية وصفية مستمرة طويلة المدى تَحْدُث فيها تغييرات اجتماعية مع تغيُّر وسائل الاتصال". ويُشير لوندبي إلى أن الأعلمة ليست مجرد عملية تلقائية، بل هي من صُنع الإنسان، لذلك يختار الناس استخدام وسائل الإعلام الجديدة، باعتبارهم الأشخاص المسؤولين عن هذه التغييرات؛ إذ تؤثر بشكل كبير على الطريقة التي يتواصل بها الناس؛ لأن الوسائط الجديدة تُتيح إمكانيات تواصلية مبتكرة. ونتيجة لذلك، بدأ الناس في استخدام هذه الوسائل بطرق غيَّرت الطريقة التي يبنون بها عالمهم التواصلي؛ الأمر الذي يُسهِم في تغييرات في العلاقات والسلوكيات، مما يؤدي في النهاية إلى تحولات في المؤسسات، والمنظمات، وحتى المجتمع برمته(17).
وعلى غرار ذلك، تمت إعادة صياغة مفهوم الأعلمة؛ إذ يتمثَّل في التحكَّم والتأثير الإعلامي في إطار أوسع يشمل الوسائط القديمة والجديدة، وهذه الفكرة تركز على كيفية تنظيم المحتوى والأسلوب الذي يُقدَّم به، مما يجعل التنسيق الإعلامي منظورًا يُستَخدم لفهم الظواهر. فيُنْظَر إلى الأعلمة الآن باعتبارها مفهومًا يُعبِّر عن التطورات طويلة المدى، ويمكن مساواته بعمليات، مثل العولمة والتحديث والتصنيع؛ مما يعكس تأثير الإعلام العميق على تشكيل العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية(18)، ومن ثم تحديد وتوجيه مواقفهم تجاه الأحداث من حولهم بما يخدم الأجندات الإعلامية.
وفي هذا الصدد، ناقش بعض الباحثين مفهوم الأعلمة بوصفها هيمنة الأخبار من خلال أساليب سرد القصص التي تؤثر على القيم المجتمعية، ويتعزَّز هذا التأثير مع نمو الوسائط الإلكترونية ليشمل الوسائط التي تتمتَّع بمنطق خاص بها، وذلك نتيجة للتغيرات في وسائل الإعلام وظهور الإعلام الجديد. ويُشير المفهوم أيضًا إلى التغيرات الاجتماعية الناتجة عن تطور الوسائط الإعلامية، لاسيما بعد ظهور الإنترنت خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وقد تمَّ تأطير السياسة في هذا السياق لعبةً إستراتيجيةً تُعرَض على مستوى الخطاب الإعلامي؛ إذ يركز على كيفية تقديم الأخبار بطريقة تجذب انتباه الجمهور. ومن بين هذه التقنيات التي استعرضها الأكاديمي سترومباك هناك التبسيط والاستقطاب والتكثيف والتخصيص والتصور والقَوْلَبَة، التي تُستَخدَم أساليب لإيصال الرسالة بفاعلية وتحقيق تأثير أكبر في المتلقي(19).
وفي هذا السياق، يُقدِّم الباحث وينفريد شولتز Winfried Schulz)) تفسيرًا لنظرية الأعلمة التي يراها عملية نشأت نتيجة للتغيرات الاجتماعية المرتبطة بوسائل الاتصال، وقد حدَّد أربعة عناصر لعملية الأعلمة. أولها: أن تعمل وسائل الإعلام على توسيع قدرات الاتصال البشري مكانيًّا وزمانيًّا عبر الفضاء؛ مما يسمح للناس بالتواصل عبر مسافات جغرافية واسعة، وتَلَقِّي رسائل فورية. ثانيًا: استبدال التواصل بالوسائل الحديثة بالتواصل الوجاهي، مثل عقد اجتماعات عبر الشاشات باستخدام البرامج الرقمية الجديدة. ثالثًا: دمج وسائل الإعلام في الحياة اليومية. على سبيل المثال، مشاهدة مقاطع عبر التليفزيون والجلوس مع الأصدقاء في الواقع ومقابلتهم وجهًا لوجه. رابعًا: التكيُّف مع آليات عمل وسائل الإعلام؛ إذ يعتمد السياسيون بشكل كبير على وسائل الإعلام لتحقيق الاعتراف والتقدير، ويقومون بتصميم حملاتهم وفقًا لمتطلبات وسائل الإعلام، مع التركيز على ما يجذب الانتباه وينال التغطية الإعلامية المطلوبة. من هنا، يمكن اعتبار الأعلمة عملية تغيير اجتماعي تعتمد على وسائل الإعلام وتشمل أربع مكونات، هي: الامتداد، والاستبدال، والدمج، والتكيف(20).
ووفقًا لذلك، يمكن القول: إن هذه المكونات تُسهِم في صياغة السرديات العامة للحروب وفقًا لمنطقها الخاص الذي تعمل به. فعلى سبيل المثال، تركز بعض القنوات على الجانب الإنساني، والبعض الآخر يركز على تبرير العمليات العسكرية والدمار الذي تُخلِّفه وتربط ذلك بـ"الدفاع عن النفس". لذلك تحاول كل قناة، أو وسيلة إعلامية، استخدام الإعلام من خلال أولويات وكذلك أطر إخبارية معينة تتلاءم مع توجهاتها وأجنداتها، مثل الإعلام الإسرائيلي الذي كان يُبرِّر العمليات العسكرية ويقدمها للمتلقي باعتبارها "دفاعًا عن النفس".
ويرى الأكاديمي ستيغ هارفارد (Stig Hjarvard)، أستاذ الاتصال في جامعة كوبنهاغن، أن الأعلمة تُعَد عملية يصبح فيها المجتمع معتمدًا بشكل متزايد على وسائل الإعلام وخاضعًا لتأثيرها. وتتميز هذه العملية ببعدين أساسيين، فمن جهة تصبح وسائل الإعلام مؤسسة اجتماعية مستقلة، ومن جهة أخرى، تعتمد المؤسسات الأخرى على الموارد التي تتحكَّم فيها وسائل الإعلام؛ مما يضطرها إلى الخضوع لبعض القواعد للوصول إلى الجمهور(21).
وفي ضوء ذلك، تم تطبيق مفهوم الأعلمة السياسية لأول مرة من قِبَل الباحث كينت أسب (Kent Asp)، الذي تناول عملية تأثير وسائل الإعلام على التواصل السياسي، وأطلق عليها مصطلح "أعلمة الحياة السياسية"، ويُشير في ذلك إلى أن النظام السياسي يتأثر بشكل كبير بمتطلبات وسائل الإعلام؛ إذ يُحاول السياسيون التكيُّف مع هذه المتطلبات بصياغة تصريحاتهم بطريقة تجذب التغطية الإعلامية عبر "شخصنة" القضايا لمنحها الفرصة الأكبر للوصول إلى الجمهور. ويُبيِّن أن نمو وسائل الإعلام أدى إلى استقلالية أكبر في المصادر السياسية، مما يعكس تحكُّم وسائل الإعلام في المحتوى الذي يتم عرضه(22).
ويعترف الباحث غودموند هيرنز (Gudmund Hernes)، الذي صاغ فكرة "الإعلام حوَّر المجتمع"، بأن وسائل الإعلام لها تأثير قوي على جميع المؤسسات الاجتماعية وعلاقاتها ببعضها البعض، مُشيرًا إلى أن هذا التأثير يُشكِّل تحديًا لقدرة المؤسسات التعليمية والسياسية على الوصول إلى المعرفة، ووضع الأجندات السياسية. ويؤكد هيرنز أن وسائل الإعلام أسهمت في التحول من ندرة المعلومات إلى وفرتها؛ مما خلق منافسة قوية لأي شخص يسعى لإيصال رسالته(23).
وفي سياق الحروب والنزاعات، تقوم وسائل الإعلام بدور مهم في تشكيل آراء الجمهور واتجاهاته؛ إذ تتأثر التغطية الإعلامية بالضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى حجب الأخبار أو تقديمها بطريقة مُوَجَّهَة بما يخدم أجندات مالكي الوسائل الإعلامية. وعلى سبيل المثال، فقد تركز وسيلة إعلامية على جانب معين من الحرب فقط دون غيره، مثل عدد الضحايا المدنيين وحجم الدمار، في حين تتجنب تغطية جوانب أخرى، فيتم توجيه الرأي العام لتشكيل قناعاته في هذا الاتجاه.
2. الحروب الإسرائيلية على غزة والتغطيات الإعلامية
في سياق التحولات الإعلامية وتأثيرها على الصراعات السياسية، يمكن تسليط الضوء على التغطيات الإعلامية، خاصة في الحروب التي شهدتها غزة، لاسيما حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لاستكشاف دورها في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وقد مرَّ القطاع بالعديد من المحطات؛ إذ شهد منذ عام 2005 توترات حادة في أعقاب انسحاب الجيش الإسرائيلي في إطار خطة "فك الارتباط". ففي مطلع 2006، اشتد الانقسام الفلسطيني بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وأدى فوز حماس في الانتخابات التشريعية وتشكيلها الحكومة(24) إلى زيادة حدة التوترات مع الاحتلال الإسرائيلي. وفي ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية واستهداف المدنيين الفلسطينيين، برز دور الإعلام التقليدي في نقل الأحداث، معتمدًا في تغطيته على التقارير الرسمية والبيانات الصحفية للأطراف المتنازعة. وتوالت بعد ذلك العمليات العسكرية الإسرائيلية، مثل: "الرصاص المصبوب"، عام 2008، ثم "عامود السحاب"، عام 2012، التي ردَّت عليها المقاومة الفلسطينية بمعركة "حجارة السجيل"، ثم عملية "الجرف الصامد"، في 2014، التي ردَّت عليها المقاومة الفلسطينية بمعركة "العصف المأكول". وقد أسفرت هذه العمليات العسكرية عن خسائر بشرية كبيرة، وكان الإعلام التقليدي في هذه المرحلة هو المصدر الرئيسي للتغطية الإخبارية.
وشكَّلت الحرب التي شنَّتها إسرائيل على غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحولًا في الصراع وتداعياته العسكرية والأمنية والإنسانية بعد هجوم حركة حماس على مستوطنات إسرائيلية في غلاف القطاع في عملية سُمِّيت "طوفان الأقصى". وقد وُصِف الهجوم بأنه الأخطر الذي تعرَّضت له إسرائيل منذ عملية "فك الارتباط"، عام 2005(25). وكان ردُّ الفعل الإسرائيلي سريعًا وشاملًا؛ إذ شنَّت قوات الاحتلال عمليات انتقامية واسعة استهدفت قطاع غزة، وتطورت هذه العمليات إلى ما يمكن اعتباره إبادة جماعية؛ إذ تمَّ تدمير جميع المرافق الضرورية للحياة، واستهداف الوجود الفلسطيني عبر القتل الواسع والممنهج للمواطنين(26)؛ الأمر الذي أثار إدانات واسعة من الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية التي وصف بعضها ما يتعرض له الشعب الفلسطيني بـ"الإبادة الجماعية".
من الناحية الإعلامية، شهدت تغطية هذه الحروب تغيرات كبيرة نتيجة التطور السريع في وسائل الإعلام وتكنولوجيا الاتصال. ففي حرب 2006، التي سُمِّيت بعملية "أمطار الصيف"، كانت وسائل الإعلام التقليدي الأكثر حضورًا وتأثيرًا؛ إذ اعتمدت التغطية على القنوات التليفزيونية والصحف والإذاعات بشكل رئيسي، ثم أصبح لهذا الإعلام في ظل الحروب الموالية حضور على شبكة الإنترنت من خلال مواقع الويب وشبكات التواصل الاجتماعي، التي نقلت الأحداث بالصوت والصورة عبر حساباتها على شبكة الإنترنت؛ مما سهَّل الوصول إلى المعلومات وسرَّع انتشارها(27). وفي هذا السياق، يمكن القول: إن الحرب على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، شهدت تغيرًا جوهريًّا في كيفية استخدام الإعلام الجديد أداة قوية في الصراع. وأصبح هذا الإعلام بوصفه ظاهرة مركبة ومعقدة نتاجًا للتطورات التكنولوجية في مجال الاتصال، والذي سعت وسائل الإعلام التقليدية لمواكبته، مؤثرًا في تطور الأحداث وتفاعلات الرأي العام الدولي مع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
3. التحولات الإعلامية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي
في إطار الاهتمام الصهيوني المتزايد بالإعلام والدعاية، عبَّر ثيودور هرتزل (Theodor Herzl)، الصحافي اليهودي النمساوي الأصل، ومؤسس الصهيونية السياسية المعاصرة، عن أهمية الإعلام في تحقيق الأهداف الصهيونية، بقوله: "لكي نقيم وطنًا لليهود في فلسطين، يلزمنا الكثير من الضوضاء". وقد تمَّ تأسيس قسم خاص يُسمَّى "دائرة الدعاية"، بعد الحرب العالمية الأولى، ومنذ ذلك الحين أولت المنظمات الصهيونية اهتمامًا كبيرًا للإعلام والدعاية أداة رئيسية للترويج لمشروعها(28). ويُبرهن هذا الأمر على أهمية وسائل الإعلام والتغطيات الإعلامية أثناء الحروب.
وفي ضوء تطور الإعلام وتزايد نفوذه في تشكيل الرأي العام، يُعَد والتر ليبمان (Walter Lippmann) الباحث والصحفي الأميركي، أول من طرح فكرة تحديد أولويات القضايا المختلفة التي تهمُّ المجتمع؛ إذ يختار القائم بالاتصال المواضيع ويركز عليها وفقًا لأجندة معينة بهدف تكوين الرأي العام(29). وجاء برنارد كوهين (Bernard Cohen) ليؤكد فكرة ليبمان، مُشيرًا إلى أن وسائل الإعلام لا تنجح دائمًا في إبلاغ الجمهور بكيفية التفكير (الاتجاهات)، ولكنها تنجح في تحديد ما يجب أن يُفكِّروا فيه (المعلومات)(30).
وفي سياق الحروب الإسرائيلية على غزة، يظهر الانحياز الإعلامي واضحًا لصالح طرف على حساب طرف آخر، لاسيما في الإعلام الغربي؛ إذ تُسيطر القوة المالية على السردية الإعلامية. ويُعَد الآباء المُمَوِّلون الأثرياء الصهاينة، مثل تريفور تشين (Trevor Chinn)، وجيرالد رونسون (Gerald Ronson) وغيرهما، من أبرز الشخصيات التي دعمت المنظمات المناصرة لإسرائيل منذ ثمانينات القرن الماضي، واستخدمت نفوذها لعرقلة عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين(31). وكان من أهم سمات التغطيات الإعلامية للحرب الإسرائيلية على غزة هو الانحياز في اختيار المواضيع، وفي استخدام لغة تُحرِّض على الفلسطينيين، فضلًا عن حجب الانتهاكات التي ترتكبها قوات الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين كي تبدو الحرب "نظيفة" من الجرائم. كما فرضت إسرائيل قيودًا مشددة على حركة الصحفيين أثناء هجومها على غزة، عام 2006، واشترطت إصدارَ بطاقات صحفية خاصة، وانتماءَهم إلى مؤسسات معتمدة، وعدم توجيه انتقادات سابقة لإسرائيل، والرقابة على أية تقارير إعلامية تتناول "الشؤون الأمنية والدفاعية" لإسرائيل، وفي حال إصابة الصحفي تكون هناك استمارة تنازل تُعفي إسرائيل من أية مسؤولية. وقد وُضِعت هذه الشروط لعرقلة عمل الصحفيين وحركتهم، ومن ثم التأثير على نوعية الأخبار التي يتم تداولها في تلك الفترة(32). ويُظهِر ذلك كيفية توجيه الصحفيين والمؤسسات الإعلامية وتأثير الجيش في التغطية الإخبارية لسيرورة الحروب؛ مما يُشير إلى محاولة الهيمنة على وسائل الإعلام من أجل الترويج للرواية الإسرائيلية.
لقد استمر انحياز الإعلام الغربي للرواية الإسرائيلية في تغطية الحروب التي شنَّها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة. ففي العام 2006، نشر موقع "بي بي سي عربي" خبر أسر الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط، من قِبَل مقاتلين فلسطينيين، وتلاه هجوم مدفعي لقوات الاحتلال الإسرائيلي على شاطئ غزة؛ مما أدى إلى استشهاد أفراد عائلة بكاملها؛ إذ جاء الخبر الأول مبررًا لردَّة الفعل الثانية(33). وقد أشار الأكاديمي غريغ فيلو (Greg Philo)، أستاذ الإعلام بجامعة غلاسكو في بريطانيا، والأكاديمي والخبير الإعلامي، مايك بيري (Mike Berry)، إلى درجة الضغط التي تتعرَّض لها مؤسسة "بي بي سي" من طرف اللوبي الصهيوني ومن السفارة الإسرائيلية في لندن، نقلًا عن أحد المحررين في قسم أخبار الشرق الأوسط قوله: "جميعنا نخشى اتصالًا هاتفيًّا من السفارة الإسرائيلية"(34). بينما نقل موقع "الجزيرة نت" هذا الخبر بتسلسل ومنظور إخباري يختلف عن "بي بي سي"؛ إذ قبل أَسْرِ الجندي شاليط فرضت إسرائيل حصارًا عسكريًّا على قطاع غزة، وأقدمت على اغتيال القائد العام للجان المقاومة الشعبية ومراقب عام وزارة الداخلية، جمال عطايا أبو سمهدانة، ثم جاء ردُّ فعل المقاومة بأَسْرِ جلعاد شاليط(35)، وهو الأمر الذي يُظهِر اختلاف وتباين السياسات التحريرية من مؤسسة إعلامية إلى أخرى بحسب الأولويات التي تتبنَّاها الوسيلة، وأيضًا وفقًا إلى منظورها للأحداث وتسلسلها، ومحاولة تأطيرها في سياقات معينة حتى يكون لها معنى ودلالة على حقيقة الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني الذي لم يبدأ لحظة أَسْر الجندي شاليط.
ويقول جوناثان كوك (Jonathan Cook)، الذي عمل مراسلًا للشؤون الإسرائيلية-الفلسطينية من مدينة الناصرة: "منذ بداية الاحتلال (عام 1967) تكرَّرت الحالات التي تمَّ فيها منع نشر أي مواد تُشير إلى أن إسرائيل تُمارس نظامًا من الفصل العنصري في الأراضي المحتلة، وهناك ما يُسمَّى "السياج الكهربائي" يُغْلِق أي نقاش ينتقد إسرائيل"(36). وفي هذا السياق "لم يَعُد الرأي العام الغربي الذي طالما تبنَّى الرواية الصهيونية قادرًا أخلاقيًّا على الاستمرار في قبول ما تُمارِسه الحكومات الإسرائيلية. كما أن صنَّاع القرار الأوروبي فقدوا القدرة على تبرير سياسات إسرائيل التي تجاوزت كل القوانين والمواثيق الدولية"(37). وكشفت استطلاعات للرأي العام أُجريت بين عامي 2005 و2012، من قِبَل مؤسسات إعلامية، مثل "بي بي سي"، وشركات متخصصة في قياس الرأي العام، مثل "يوغوف" (YouGov)، عن تغيُّر ملموس في ميول الرأي العام البريطاني لانتقاد إسرائيل والدعوة بشكل صريح إلى السلام والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، واتجه نحو المزيد من السلبية بين عامي 2006 و2007(38). وهذا يعني أن مواقف الجمهور تخضع لتأثير وسائل إعلامية وسياساتها التحريرية.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك، حادثة مستشفى المعمداني، التي تُعَد جريمة بموجب القانون الدولي الإنساني أو قانون النزاع المسلح الذي يُحرِّم استهداف المستشفيات. ففي هذه الحادثة، ادَّعت الرواية الإسرائيلية أن حماس تُعَد المسؤولة عن قصف المستشفى الذي أسفر عن سقوط 470 شهيدًا، وقد روَّجت "سي أن أن" (CNN) لهذا الادِّعاء من خلال تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي حمَّل فيه المسؤولية عن الهجوم لمن أسماهم بـ"الإرهابيين الهمجيين في غزة" وليس الجيش الإسرائيلي(39). كما أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانًا أكدت فيه أن الأضرار نجمت عن صاروخ أطلقته حركة الجهاد الإسلامي باتجاه إسرائيل؛ مما أدى إلى سقوطه على المستشفى.
في المقابل، نقل الدكتور فضل نعيم، رئيس قسم جراحة العظام بمستشفى المعمداني شهادته لـ"الجزيرة نت"، وأكد أن "الأحداث بدأت قبل ثلاثة أيام من القصف الأخير، حين أُطلِقت قذيفتان نتج عنهما إصابات بليغة"، وبيَّن أن القنابل المستخدمة من نوع خاص، وكان القصد منها قتل أكبر عدد من الأفراد. وشبَّه الدكتور فضل الآثار التي تنتج عن عملية القصف وكأنها "سكاكين انفجرت وقطَّعت أجساد وأطراف المصابين"؛ مما يُفَنِّد الرواية الإسرائيلية حول الهجوم(40). ويُلاحَظ من هذه الأمثلة -وغيرها كما ذُكِر آنفًا- أن طريقة معالجة الأخبار وتأطيرها في سياقات معينة تختلف باختلاف الوسيلة الإعلامية الناشرة لها.
ولا تزال وسائل الإعلام الغربية مثل "بي بي سي"، و"فوكس نيوز" (FOX NEWS) و"سكاي تي في" (Sky tv) و"سي أن أن"، تُروِّج للرواية الإسرائيلية وتُهمِّش الرواية الفلسطينية(41). ويؤثر هذا المنظور الإخباري -بحسب نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام- في الجمهور، خاصة عندما يتزايد اعتماده على وسائل إعلامية معينة تتبنَّى رسائل ومضامين إعلامية محددة لفهم ما الذي يجري حوله من أحداث سياسية وأزمات. ومن ثم يكون للوسيلة الإعلامية دور كبير في التأثير على معتقدات الجمهور وسلوكياته وأحاسيسه تجاه قضايا معينة(42).
4. سمات المضمون وأطر التغطية للحرب على غزة
يعتمد موقع "الجزيرة نت"، في تغطيته للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، منظورًا إخباريًّا يأخذ بعين الاعتبار سياقات الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني وجذوره التاريخية، التي تُظهِر إسرائيل دولة احتلال تستخدم قوتها العسكرية لفرض هيمنتها وسيطرتها على الأراضي الفلسطينية منذ العام 1948، ومحاولة إنهاء القضية الفلسطينية باستبعاد أي حلٍّ سياسي. ولذلك تُؤطِّر التغطية الحرب على غزة بهذا البعد التاريخي السياقي؛ إذ لا يمكن النظر إلى الصراع بمعزل عن وجود قوة احتلال للأراضي الفلسطينية، وما يترتب على ذلك من حقوق للشعب الفلسطيني في مواجهة المحتل. ومن هذا المنظور تُلاحظ الباحثة أن من أهم خصائص التغطية في الجزيرة نت:
- اعتماد عبارة "طوفان الأقصى" تسميةً خاصةً في تغطية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتطورات الصراع، وهي التسمية التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في الهجوم الذي نفَّذته يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على عدد من المستوطنات الإسرائيلية في غلاف القطاع.
- تصف التغطيةُ الإخبارية الأعمالَ العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة بـ"الحرب على غزة"، وهي عبارة تُشير إلى الوضع القائم، أو الحالة التي فرضها الجيش الإسرائيلي على القطاع، وتتمثَّل في الاعتداء والعدوان على غزة من خلال حرب غير مسبوقة دمَّرت جميع مرافق ومقومات الحياة في القطاع (المساكن، المرافق الصحية والتعليمية والأكاديمية والثقافية، المؤسسات الاقتصادية والتجارية، شبكة الطرق، شبكة الاتصالات، الميناء...).
- تستخدم التغطية الإخبارية مصطلح "جيش الاحتلال الإسرائيلي" للتعبير عن وجود قوة عسكرية تحتلُّ أراضي فلسطينية، وهو ما يجعلها من منظور القانون الدولي قوة غير شرعية يمكن مواجهتها بكل الوسائل والسبل حتى إجلائها عن الأراضي الفلسطينية.
- التركيز على الأخبار التي تتناول الهزيمة المعنوية والخسائر العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي أمام فصائل المقاومة الفلسطينية، وهو ما قد يُشير إلى حق الشعب الفلسطيني في مواجهة قوات الاحتلال العسكري الإسرائيلي.
- استعمال مصطلح "المقاومة الفلسطينية"، وهو مصطلح يُشير إلى عدد من المعاني، منها شرعية العمل الذي تقوم به فصائل المقاومة الفلسطينية -بحسب القانون الدولي وشرعية القانون الدولي الإنساني- في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن الوجود الفلسطيني.
- تركز التغطية الإخبارية على الأبعاد الإنسانية فيما يتعرَّض له الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وذلك من خلال إبراز تبعات الحرب التي تُدمِّر الوجود الفلسطيني سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وتعليميًّا وثقافيًّا وروحيًّا.
- تناول أخبار ترفع معنويات المقاومة الفلسطينية، مثل التركيز على الإمكانيات القتالية الجيدة للمقاومة وقدراتها في مواجهة قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي رغم آلته العسكرية التي لا تُقارَن بما تملكه فصائل المقاومة، وهو ما يُشير أيضًا إلى أن الحرب في قطاع غزة لن تكون عملًا عسكريًّا سهلًا لا يُكلِّف إسرائيل أية أثمان أو خسائر في القوات وترسانتها العسكرية.
- تركز التغطية الإخبارية للحرب على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ضد المواطنين الفلسطينيين (القتل الجماعي الممنهج)، وتدمير مقدراته الاقتصادية وتدمير مرافق الخدمات الصحية والتعليمية والجامعية والثقافية...إلخ.
- تُسلِّط التغطية الضوء على الإنجازات التي حقَّقتها فصائل المقاومة من خلال الضربات والعمليات التي تستهدف قوات الجيش الإسرائيلي وآلياته ومعداته العسكرية رغم ما يتمتع به أفراد هذا الجيش من التدريب والاستعداد باعتباره جيشًا نظاميًّا.
- تستخدم التغطية الإخبارية مصطلح "شهيد" لوصف حالة المواطنين الفلسطينيين الذين يلقون حتفهم على أيادي قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
- تستخدم التغطية الإخبارية مصطلح "جيش الاحتلال الإسرائيلي" للتعبير عن وجود قوة عسكرية تحتلُّ أراضي فلسطينية، وهو ما يجعلها من منظور القانون الدولي قوة غير شرعية يمكن مواجهتها بكل الوسائل والسبل حتى إجلائها عن الأراضي الفلسطينية.
- استخدام لغة مخففة لوصف وطأة الحرب والانتهاكات وجرائم الحرب التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين ومقدراتهم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
- استخدام مصطلح "حرب غزة"، الذي يُشير إلى أن الحرب معنية بقطاع غزة دون أن يكون هناك أي دور للاحتلال الإسرائيلي في العدوان والهجوم على القطاع، وهو ما يعني أن مسؤولية هذه الحرب يتحمَّلها الفلسطينيون دون سواهم.
- حجب مصطلح "المقاومة الفلسطينية" في التغطية، وهو ما قد يكون فيه دلالة على عدم الاعتراف بحق المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن الأرض أو النفس.
- غياب مصطلح "طوفان الأقصى" أثناء التغطية عند الإشارة للحرب الإسرائيلية على غزة والاكتفاء بتسميتها "حرب غزة".
- تستخدم التغطية مصطلح "قتلى" في وصف المدنيين الذي يلقون حتفهم جرَّاء انتهاكات الجيش الإسرائيلي وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
- تستخدم التغطية مصطلح "الجيش الإسرائيلي" بوصفه جيشًا نظاميًّا يقوم بدوره وواجباته ومسؤولياته بحسب الأعراف العسكرية، ويحجب ذلك الواقعَ الفعلي الذي يُكرِّس احتلال الجيش الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والسيطرة على ثرواتها وفرض الحصار عليها برًّا وجوًّا وبحرًا. كما أن استخدام هذا المصطلح (الجيش الإسرائيلي) ينفي عن إسرائيل النزعة الاستعمارية.
- تكرار استخدام مصطلح "هجوم حماس على إسرائيل" لوصف أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفيه دلالة على أن الاعتداء كان بسبب العمل العسكري الذي شنَّته كتائب القسام على مستوطنات إسرائيلية في غلاف قطاع غزة. وهذا يُغيِّب حقيقة الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني وتأطيره في سياق مخصوص هو الهجوم على إسرائيل، بينما في الواقع تُعَد حماس حركة مقاومة وتحرير وطني.
- استخدام لغة أثناء التغطية ترفع الروح المعنوية لدى قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
- تحجب التغطية الإخبارية الضربات التي يتعرَّض لها جيش الاحتلال الإسرائيلي من فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وإظهار حجم قوته التدميرية للمرافق الخدماتية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية؛ ما يعطي الانطباع عن أسطورة الجيش الذي لا يُهزم.
- استخدام عناوين في التغطية توحي بأن إسرائيل تُبادر إلى الهدنة وتحرص عليها.
تُلاحظ الباحثة من خلال سمات مضمون التغطية الإخبارية للحرب على قطاع غزة أن موقع "بي بي سي عربي" يركز على بعض الأطر الإخبارية التي تنحاز للرواية الإسرائيلية، مثل "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" ضد عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو الأمر الذي يُعَد بمنزلة تشريع لعملياتها العسكرية. كما لوحظ الانحياز على مستوى استخدام المصطلحات التي تُبرِّر عمليات الجيش الإسرائيلي. بينما تستخدم تغطية موقع "الجزيرة نت" مصطلحات تُبرِّر حق الجانب الفلسطيني في المقاومة ضد قوة عسكرية تحتلُّ الأراضي الفلسطينية، ويُسهِم هذا النمط من المعالجة الإعلامية في تشكيل مواقف المستخدمين تجاه الأحداث بما يتناسب مع السياسات التحريرية لهذه الوسائل ومنظورها للأحداث وأطرها الإخبارية.
ويَبْرُز التأطير الإخباري للأحداث من خلال الصورة التي تُقدِّمها التغطية لأطراف الصراع وبناء هويتهم، في موقعي "بي بي سي عربي" و"الجزيرة نت"؛ إذ يبدو الجيش الإسرائيلي مالكًا للقوة والطرفَ المنتصر في الحرب كما يظهر في تغطية "بي بي سي"، في حين يركز موقع "الجزيرة نت" على الأعمال البطولية للمقاومة الفلسطينية ضد الجيش الإسرائيلي، وقدرتها على إلحاق الخسائر بقوات هذا الجيش والحيلولة دون تحقيق أهدافه العسكرية. كما لوحظ أن الأخبار التي يتم تناولها والمواضيع التي تُناقشها التغطية في كلا الموقعين تنعكس على كيفية سرد أحداث الحرب في أذهان المتلقين.
خاتمة
تَبرُز التغطيات الإعلامية أثناء النزاعات والحروب أدوات قوية ومؤثرة في توجيه وتشكيل الرأي العام ومسارات الأحداث، ففي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أدَّت وسائل الإعلام دورًا رئيسيًّا في نقل الأحداث والروايات من خلال اتباع سياسات تحريرية تتوافق مع السياسة العامة للجهة التي تتبع لها تلك الوسائل، وهو الأمر الذي أثَّر على كيفية فهم الجمهور المحلي والدولي للصراع الذي مضى على اندلاعه أكثر من عام ونصف. وتظل التغطيات الإعلامية أحد المواضيع التي يجب أن تُعطى مزيدًا من الاهتمام والبحث والدراسة، خاصة أثناء الحروب والنزاعات، لأن مفاعيلها تؤثر بشكل مباشر في الرأي العام، وفي العلاقات بين الدول، وكذلك مستقبل الصراعات، وهو الأمر الذي يفرض على المؤسسات الإعلامية مسؤوليات أخلاقية وقانونية في نقل الأحداث بشكل حيادي وموضوعي.
نُشِرت هذه الدراسة في العدد السادس من مجلة الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام، للاطلاع على العدد كاملًا (اضغط هنا)
(1) علي شقرة، التضليل الإعلامي في الحرب، ط 1 (عمَّان، دار أسامة للنشر والتوزيع، 2017)، ص 5.
(2) Mark Deuze, "Media Life", Media Culture & Society, Vol. 33, No. 1, (2011),139-142.
(3) منال المزاهرة، نظريات الاتصال، (عمان، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، 2017)، ص 389.
(4) Stig Hjarvard, "The Mediatization of Society: A Theory of the Media as Agents of Social and Cultural Change," Nordicom Review, Vol. 29, N. 2, (2) (January 2008): 107.
(5) برهان شاوي، الدعاية والاتصال الجماهيري عبر التاريخ، (بيروت، دار الفارابي، 2009)، ص 18-19.
(6) المرجع السابق، ص 19.
(7) داود إبراهيم، دليل الصحافة الحساسة للنزاعات، (معهد صحافة الحرب والسلام، ب.ت)، ص 7.
(8) صبرينة مزياني، مفهوما إعلام العنف وإعلام السلام في النزاعات، (الموسوعة السياسية، 2023)، ص 1.
(9) عمرو واصل، "نظريات الإعلام الجديد والمشاركة السياسية للشباب الجامعي: رؤية تحليلية"، مجلة الدراسات الإفريقية (جامعة القاهرة، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، مصر، المجلد 46، العدد 3، يوليو/تموز 2024)، ص 186.
(10) نعيم بوعموشة، "تقنية تحليل المضمون في العلوم الاجتماعية، مجلة دراسات في علم اجتماع المنظمات"، (جامعة الجزائر 2، مخبر علم اجتماع المنظمات والمناجم، المجلد 10، العدد 1، يونيو/حزيران 2022)، ص 66-68.
(11) منال المزاهرة، نظريات الاتصال، (الأردن، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، 2018)، ص 379.
(12) المرجع السابق، ص 151.
(13) Niels Finnemann, "Mediatization Theory and Digital Media," Communications Vol. 36, No. 1, (March 2011): 70.
(14) المزاهرة، نظريات الاتصال، مرجع سابق، ص 73-74.
(15) المرجع السابق، ص 77.
(16) Finnemann, "Mediatization Theory and Digital Media," :71.
(17) Knut Lundby, Mediatization: Concept, Changes, Consequences, (Peter Lung Publishing, 2009), 3-5.
(18) Ibid, 10-13.
(19) Finnemann, "Mediatization Theory and Digital Media," :70.
(20) Winfried Schulz, "Reconstructing Mediatization as an Analytical Concept," European Journal of Communication, Vol. 19, No. 1, (March 2004): 87-101.
(21) Hjarvard, "The Mediatization of Society a theory,": 106.
(22) Kent Asp, Mediatization: Rethinking the Question of Media Power," in Mediatization of Communication, ed. Knut Lundby, (Walter de Gruyter, 2014), 349-373.
(23) Hjarvard, "The Mediatization of Society a theory,": 106-114.
(24) عثمان أبو مسامح، المساءلة الجنائية الدولية عن الجرائم الإسرائيلية (غزة أنموذجًا): دراسة تحليلية، ط 1 (مصر، مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع، 2019)، ص 36-38.
(25) "الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة: قراءة في موقف القانون الدولي الإنساني"، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 29 مارس/آذار 2024)، https://tinyurl.com/3wcrms5a.
(26) تُعَرِّف "اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" جريمة "الإبادة الجماعية" -كما جاء في القرار المؤرخ في ديسمبر/كانون الأول 1946- بالأفعال التي تُرْتَكَب بقصد "التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه: أ- قتل أعضاء الجماعة. ب- إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة. ج- إخضاع الجماعة عمدًا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليًّا أو جزئيًّا. د- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة، ه- نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى".
انظر: "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها"، ohchr.org، (ب.ت)، (تاريخ الدخول: 29 مارس/آذار 2024)، https://tinyurl.com/4sapyfzk.
(27) كيت أورتن جونسون، نيك بريور، علم الاجتماع الرقمي: منظورات نقدية، عالم المعرفة (المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 484، يوليو/تموز 2021)، ص 189-200.
(28) نواف التميمي، "اللوبي الصهيوني في بريطانيا: النشأة والنشاط"، سياسات عربية (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، المجلد 4، العدد 21، يوليو/تموز 2016)، ص 60.
(29) المزاهرة، نظريات الاتصال، ص 311.
(30) Bernard Cohen, The Press and Foreign Policy, (Princeton: Princeton University Press, 1963) ,13.
(31) التميمي، "اللوبي الصهيوني في بريطانيا"، مرجع سابق، ص 69.
(32) شقرة، التضليل الإعلامي في الحرب، مرجع سابق، ص 21-22.
(33) "خمس حروب خاضها نتنياهو في غزة منذ انسحاب إسرائيل من القطاع، فماذا نعرف عنها؟"، بي بي سي عربي، 4 ديسمبر/كانون الأول 2023، (تاريخ الدخول: 29 مارس/آذار 2024)، https://tinyurl.com/y4ywtfux.
(34) التميمي، "اللوبي الصهيوني في بريطانيا"، مرجع سابق، ص 70.
(35) "مسار الأحداث بغزة منذ الانسحاب الإسرائيلي عام 2005"، الجزيرة نت، 28 ديسمبر/كانون الأول 2008، (تاريخ الدخول: 29 مارس/آذار 2024)، https://tinyurl.com/3pwzw9fa.
(36) التميمي، "اللوبي الصهيوني في بريطانيا"، مرجع سابق، ص 71.
(37) المرجع السابق، ص 172.
(38) المرجع السابق، ص 147.
(39) "أول تصريح لنتنياهو عن مستشفى الأهلي المعمداني في غزة"، arabic.cnn.com، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023، (تاريخ الدخول: 10 أبريل/نيسان 2024)، https://tinyurl.com/4tku9t9r.
(40) أحمد حافظ، "مجزرة المعمداني.. القصة الكاملة كما يرويها للجزيرة نت دكتور فضل نعيم أحد أطباء المستشفى"، الجزيرة نت، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023، (تاريخ الدخول: 10 أبريل/نيسان 2024)، https://tinyurl.com/2dsz5ksr.
(41) التميمي، "اللوبي الصهيوني في بريطانيا"، مرجع سابق، ص 74.
(42) نادية عبد الحافظ، تأثير الاعتماد على وسائل الإعلام التقليدية والجديدة في نشر الثقافة الصحية، المجلة المصرية لبحوث الرأي العام (جامعة القاهرة، كلية الإعلام، مركز بحوث الرأي، المجلد 15، العدد 2، يونيو/حزيران 2016)، ص 409.
ملحق
وحدات العينة العشوائية المنتظمة للدراسة
أخبار الجزيرة نت (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 – 19 يناير/كانون الثاني 2025)
م |
الخبر |
التاريخ |
الرابط |
1 |
"طوفان الأقصى".. أكبر هجوم للمقاومة الفلسطينية على إسرائيل |
أكتوبر/تشرين الأول 2023 |
|
2 |
طوفان الأقصى.. أسقط أقنعة الغرب وتخاذل العرب |
نوفمبر/تشرين الثاني 2023 |
|
3 |
الهدنة الإنسانية المؤقتة في غزة 2023 |
ديسمبر/كانون الأول 2023 |
|
4 |
100 يوم على ملحمة "طوفان الأقصى" |
يناير/كانون الثاني 2024 |
|
5 |
"معركة طوفان الأقصى" كتاب يزخر بالتحليلات السياسية والإستراتيجية |
فبراير/شباط 2024 |
|
6 |
الحرب على غزة مباشر.. 16 مجزرة جديدة وجيش الاحتلال في صدمة بسبب خسائره |
مارس/آذار 2024 |
|
7 |
أبو عبيدة: العدو عالق في غزة ولن يحصد إلا الخزي والهزيمة |
أبريل/نيسان 2024 |
|
8 |
قائمة بعمليات المقاومة الفلسطينية خلال الـ24 ساعة |
مايو/أيار 2024 |
|
9 |
لأول مرة منذ النكبة.. حرب غزة تحرم الطلبة من امتحان الثانوية العامة |
يونيو/حزيران 2024 |
|
10 |
أبو عبيدة: قدراتنا البشرية بخير وجندنا آلاف المقاتلين خلال الحرب |
يوليو/تموز 2024 |
|
11 |
أبو عبيدة: مجندان مكلفان بحراسة أسرى العدو قتلا أسيرًا وأصابا أسيرتين |
أغسطس/آب 2024 |
|
12 |
عمليات مؤلمة لتل أبيب.. مقتل 15 إسرائيليًّا وإصابة أكثر من 10 في 11 يومًا |
سبتمبر/أيلول 2024 |
|
13 |
بضاعتكم ردت إليكم.. القسام توقع قوة إسرائيلية راجلة بكمين محكم في جباليا |
أكتوبر/تشرين الأول 2024 |
|
14 |
المقاومة تدمر آليات للاحتلال بغزة وحصيلة الشهداء ترتفع |
نوفمبر/تشرين الثاني 2024 |
|
15 |
صحف عالمية: غزة حركت العالم في 2024 وأدلة توثق جرائم إسرائيل فيها |
ديسمبر/كانون الأول 2024 |
|
16 |
أبرز المسؤولين العسكريين الإسرائيليين الذين أطاح بهم طوفان الأقصى |
يناير/كانون الثاني 2024 |
أخبار "بي بي سي عربي" (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 – 19 يناير/كانون الثاني 2025)
م |
الخبر |
التاريخ |
الرابط |
1 |
حرب غزة: كيف أثار تفجير المستشفى المعمداني الغضب عربيًّا وعالميًّا؟ |
أكتوبر/تشرين الأول 2023 |
|
2 |
البيت الأبيض يعلن بدء إسرائيل تطبيق هدنة لأربع ساعات يوميًّا شمال غزة والجيش الإسرائيلي يداهم مخيم جنين ويوقع 15 قتيلًا |
نوفمبر/تشرين الثاني 2023 |
|
3 |
حرب غزة: ملياردير التكنولوجيا الإسرائيلي يأمل بالسلام رغم مقتل ابنته |
ديسمبر/كانون الأول 2023 |
|
4 |
إسرائيل تتوقع أن تستمر الحرب في غزة طيلة عام 2024 |
يناير/كانون الثاني 2024 |
|
5 |
نصف المباني على الأقل "دُمِّرت بالكامل أو تضرَّرت" في غزة |
فبراير/شباط 2024 |
|
6 |
مسؤول أممي لبي بي سي: "المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب" |
مارس/آذار 2024 |
|
7 |
الحرب في غزة: من الحاكم المستقبلي للقطاع؟ |
أبريل/نيسان 2024 |
|
8 |
إسرائيل تعتزم توسيع الاجتياح العسكري لرفح والجيش يواصل غاراته على جباليا ويحاصر مستشفى العودة |
مايو/أيار 2024 |
|
9 |
مقابر جماعية وأكياس جثث: هذا ما وُجد في مستشفى الشفاء بعد سحب إسرائيل قواتها |
يونيو/حزيران 2024 |
|
10 |
معارِض لحماس يتعرض للضرب على يد ملثمين في غزة |
يوليو/تموز 2024 |
|
11 |
في اليوم العالمي للإخفاء القسري: مؤسسات فلسطينية توثق "جرائم مروعة وصادمة" في حق السجناء الفلسطينيين |
أغسطس/آب 2024 |
|
12 |
حرب غزة: كيف تؤثر الحرب الدائرة في مستقبل جيل من الأطفال؟ |
سبتمبر/أيلول 2024 |
|
13 |
"دول عربية شاركت إسرائيل الدفاع الجوي خلال عام من حرب غزة" |
أكتوبر/تشرين الأول 2024 |
|
14 |
فتوى دينية من غزة تدين هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر |
نوفمبر/تشرين الثاني 2024 |
|
15 |
مقتل 40 شخصًا على الأقل في غزة والجيش الإسرائيلي يقتحم مدرسة تؤوي نازحين شمال القطاع ويجبرهم على الإخلاء |
ديسمبر/كانون الأول 2024 |
|
16 |
تحديات داخلية تنتظر الحكومة الإسرائيلية في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار |
يناير/كانون الثاني 2024 |