السودان ومواجهة تحدي البقاء

تتناول هذه الورقة ما يواجهه المشهد السوداني من تحديات لا تقتصر على عملية التفاوض بين المجلس العسكري وبين قوى التغيير والحرية بل هي تحديات تمس الجيش والفاعلين السياسيين جميعا خصوصا وذلك في أزمة اقتصادية خانقة ومحاولة إقليمية للتأثير على الشأن الداخلي السوداني.
0d2451cb6f5c4596be8d7712fc67a1e4_18.jpg
جانب من جلسات المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير (الجزيرة)

تجري الآن في السودان مفاوضات عسيرة ومساومات متقلبة بين عدة أطراف، هي: المجلس العسكري الانتقالي، الذي يتولى مقاليد السلطة، من جهة، وقوى الحرية والتغيير، التي تقف خلف الثورة، من جهة أخرى، وطرف ثالث هو: مكونات هذه الأخيرة السياسية وتلك العسكرية الممثَّلة بالجبهة الثورية، والهدف عند الجميع هو الوصول إلى تسوية تشرع بها البلاد في الفترة الانتقالية المفضية إلى تحول ديمقراطي عبر صناديق الاقتراع.

وتحدث تلك المفاوضات في ظل نشاط ثوري مواز يطالب بنقل السلطة إلى المدنيين، نشاط تعرض لفضِّ اعتصامه الجماهيري من أمام القيادة العامة للجيش السوداني، في الثالث من يونيو/حزيران 2019، ما أفضى إلى أكثر من مئة قتيل وعشرات الجرحى والمفقودين.

وكان آخر تلك الاحتكاكات ما حدث يوم الاثنين، 29 يوليو/تموز 2019، بالأبيض؛ حيث قُتل ثمانية طلاب متظاهرين ما دفع بقوى الحرية والتغيير إلى تعليق التفاوض مع المجلس العسكري إلى أن يتم القبض على عناصر قوات الدعم السريع المتهمة بقتل المتظاهرين والمطالبة بإخراجها من المدن والمواقع السكنية. ولا شك في أن تأجيل التفاوض بين المجلس العسكري وبين قوى الحرية والتغيير قد يؤدي إلى انفراد المجلس العسكري بتكوين حكومة مدنية من طرفه كما قد يعجِّل بالانتخابات دون أخذ موافقة قوى الحرية والتغيير.

وقد ظلت تلك المفاوضات تجري في ظل أوضاع أمنية شديدة التوتر، أعلن المجلس العسكري الانتقالي خلالها عن خمس محاولات انقلابية، قاد آخرها الفريق أول هاشم عبد المطلب، رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، برفقة عدد من كبار الضباط ورؤساء الأفرع العسكرية، وبدعم من الحركة الإسلامية، حسب إعلان رئيس هيئة الأركان المكلَّف، الفريق أول محمد عثمان الحسين. وقد نفت الحركة أية علاقة لها بالمحاولة مشكِّكة في حدوثها، كل هذا يتم في سياق أوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة. 

فما دوافع هذه المواجهات الموسومة بالتوتر بين قوى السودان السياسية والعسكرية؟ ولماذا فتح فراغ السلطة والأوضاع الاقتصادية الهشة أبواب البلاد على النفوذ الخارجي وخاصة الإقليمي الإفريقي والعربي؟ وكيف سيواجه السودان هذه التحديات؟

ما بعد الإطاحة بالبشير: شركاء متشاكسون

عندما اندلعت ثورات الربيع العربي في أواخر سنة 2010، كان السودان مهيأ بحكم أوضاعه الاقتصادية والسياسية لتزامن ثورته مع الثورة العربية، وبالرغم من أنها قد تأخرت إلا أن موجتها الأولى، التي اندلعت في سبتمبر/أيلول 2013، لم تستكمل شروط القدرة على الإطاحة بالنظام أو الاستمرار في حالة الانتفاضة، غير أن الموجة الثانية للثورة السودانية، التي اندلعت في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، كانت الأقوى والأكثر تنظيمًا، والأطول نَفَسًا؛ وهو ما مكَّنها من استكمال دورة نصرها على نظام حكم دام ثلاثين عامًا. غير أنه من الواضح أن القوى التي اجتمعت تحت مسمى (ميثاق الحرية والتغيير) لم يكن في كامل وعيها مسار الأحداث وإدارتها، بعد تحقق الهدف الأكبر وهو الإطاحة بالبشير.

ومما زاد المشهد تعقيدًا أن انتصار الثورة بالإطاحة بالرئيس البشير كان فعلًا مشتركًا بين الثوار، الذين أشعلوا الفضاءات بالثورة، ولجنة أمن البشير، التي قررت الاستيلاء على السلطة بعد أن أعياها إيجاد سبيل للسيطرة على الثورة من ناحية، أو الإصلاح السياسي في ظل نظام الإنقاذ من الناحية الأخرى، فقررت إطاحة النظام تماهيًا مع الثورة.

هذه الشراكة وضعت كثيرًا من العراقيل أمام مسيرة الثورة لتباين الخلفيات الفكرية والسياسية والمهنية للشركاء، وتعدد اختلاف الأسبقيات بين أطراف لم تجتمع إلا لحظة ارتطام النظام بواقعه الصلد، ومصرعه بين يدي ثورة شعبية وإسناد عسكري هو من المكون الصلب للماضي الذي استند عليه البشير في الاستمرار في السلطة.

وبالرغم من التشظي الواسع للقوى السياسية السودانية، التي تجاوزت أحزابها وعناوين كياناتها السياسية المئات، إلا أنه يمكن وضعها جميعًا في أربع كتل، على الرغم مما بين مكونات هذه الكتل من تنوع بل تباين واختلاف:

1. المجلس العسكري الانتقالي: وهو الكتلة الأهم؛ فهو صاحب السلطة والشوكة الأمنية وكان دوره حاسمًا في إطاحة النظام السابق.

2. كتلة قوى الحرية والتغيير: وهي القوى السياسية التي وقفت خلف الثورة، وأدارت شأنها، حتى أطاحت بالنظام، وأهم مكوناتها: نداء السودان، والإجماع الوطني، والجبهة الثورية. وبالرغم من أن هذه الأخيرة جزء من الحرية والتغيير، إلا أن خصائصها النوعية باعتبارها مفجِّر الكفاح المسلح في مواجهة النظام، سواء في دارفور 2003 أو في جبال النوبة والنيل الأزرق 2011، هذه الخصائص العسكرية منحتها ميزة نوعية لا يكفي معها الاتفاق السياسي فقط، بل لابد من ترتيبات أمنية ينتهي بها التمرد المسلح.

3. تنسيقية القوى الوطنية: تجمع أكثر من 120 حزبًا وحركة، وكانت تقف خلف الحوار الوطني مع النظام السابق، وأهم مكوناتها: المؤتمر الشعبي، وحركات دارفور الموقِّعة على اتفاقيات سلام مع النظام السابق، والقوى الإسلامية السلفية.

4. كتلة المؤتمر الوطني: تستند على إرث سلطة الإنقاذ ودولتها العميقة.

قوات الدعم السريع والارتهان الإقليمي

بالرغم من سعة التمدد الثوري وفخر السودانيين بجسارة شبابهم في مواجهة عنف النظام، إلا أن هواجس مصير الربيع العربي ظلت ساكنة في كل قلب وعقل، فالخوف من الاختطاف الخارجي للثورة وتطويعها لمصلحة التيار الإقليمي المضاد للربيع العربي سبق كل المخاوف الداخلية في ظل اقتصاد هش وأوضاع معيشية قاسية.

ولم تلبث الأحداث أن تسابقت لتأكيد هذه المخاوف؛ إذ سرعان ما أعلنت قوى إجهاض الربيع العربي تأييدها للمجلس العسكري الانتقالي الذي أطاح بالبشير، وأعلنت السعودية والإمارات دعمًا بلغ ثلاثة مليارات دولار على شكل قروض سلعية ومالية. بل عاجلت الإمارات بالاتصال ببعض مكونات قوى الحرية والتغيير التي استضافتها أبوظبي، بما قدَّر المراقبون أنها محاولة مكشوفة لاحتواء الثورة، وتزامن ذلك مع ما تردد من رفض المجلس العسكري استقبال وزير الخارجية القطري.

وبالرغم من حاجة البلاد إلى العون السعودي/الإماراتي الذي خفَّف كثيرًا من غلواء الضغط الاقتصادي، إلا أن الشعور طغى بأنه عون مغموس في التآمر بما يجهض الثورة ويقطع طريق بلوغ أهدافها، على قاعدة التناقض الاستراتيجي بين هذه الدول وأهداف الثورة الساعية إلى إقامة نظام ديمقراطي تعددي، تتخذ فيه القوى السياسية المختلفة صناديق الاقتراع سبيلًا أوحد للوصول إلى السُّلطة.

وأخطر تجليات التدخل الخارجي، في رأي كثيرين، تغذية حالة التوتر والتململ بين الجيش وقوات الدعم السريع، فلم يعد محل جدال أن حالة المواجهة التي عبَّرت عنها محاولات الانقلاب المتعددة أو التلاسن الخشن والمشادات التي لم تعد خافية على عامة الناس، والتي تجري في كواليس العلاقة بين قادة الجيش وقادة الدعم السريع، تؤجج أوارها استخبارات محسوبة على دولة ناشطة في مواجهة ثورات الربيع العربي.

وتتم المواجهة تحت دفع شعور الجيش بتمدد نفوذ وأهمية قوات الدعم السريع واستحواذها على القوة الكافية لترجيح معادلة السيطرة لها، وشعور قوات الدعم السريع بعرقلة الجيش مشروع استكمال القوة بما يمكِّن لها من السيطرة الأتَمِّ على المقادير الأمنية في البلاد. وهذه حالة مرشحة للتفاقم ليس فقط بين الجيش وقوات الدعم السريع بل ربما بين الجيش والمجلس العسكري الانتقالي، باعتباره الواجهة السياسية للبلاد ويجلس فيه قائد الدعم السريع في الموقع الأكثر تأثيرًا في مجريات الأحداث، بل ربما استمرت المواجهة حتى في حالة تطور المجلس العسكري إلى مجلس سيادي بشراكة قوى الحرية والتغيير.

الديناميات المؤثِّرة في مستقبل السودان

خلَّفَ تطاولُ فترات التفاوض التي امتدت لما يقترب من أربعة أشهر منذ سقوط النظام، في 11 أبريل/نيسان الماضي (2019)، عددًا من الاتفاقات المجهَضة؛ سواء بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، أو بينه وبين قوى أخرى مثل تنسيقية القوى الوطنية، أو بينه والجبهة الثورية، أو بين هذه الأخيرة وقوى الحرية والتغيير في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. ومهما يكن فإن هذا كله انتهى إلى وثيقة دستورية، إن تمت الموافقة عليها من قبل المجلس العسكري كما قدمتها قوى الحرية والتغيير فإنها ستمكِّن الأخيرة من تحقيق حلمها السياسي بسلطات مدنية كاملة إبان الفترة الانتقالية التي تزيد على السنوات الثلاث. 

ومن المتوقع أن تثير الوثيقة خلافات حادة بين طرفيها حول نصوص تُمكِّن مجلس الوزراء من تعيين السلطة القضائية، وحكام الولايات، والقيام بالتشريع، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية. وهناك قضايا أخرى استحوذ عليها مجلس الوزراء يرى المجلس العسكري أنها ذات طابع سيادي.

ومهما كانت درجة التوافق بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي فإن هنالك الكثيرَ مما سيعرقل سلاسة وهدوء الفترة الانتقالية بما يفضي إلى تحول ديمقراطي. وهناك العديد من الديناميات المعقدة الحاكمة للفترة الانتقالية، أهمها:

• ميزان القوى داخل الجيش السوداني: تبقى العلاقة بين الجيش السوداني بمكوناته التقليدية وبين قوات الدعم السريع معطى مهمًّا سيحدد تطوره مستقبل العملية السياسية السودانية كلها. إن العلاقة بين هذين الطرفين بلغت حدًّا من الاحتدام يمكن أن يفضي الى مواجهة ينفرط بها عقد الأمن، وتدخل بها البلاد في أتون فوضى شاملة؛ خاصة وأن الشأن متجاوز للمستوى الوطني، ومؤْذن بتدخلات خارجية نقلت عنها مصادر استخبارية رغبتها في إضعاف الجيش لمصلحة الدعم السريع؛ بحيث تنتهي العملية إلى إبدال حقيقي لجهاز عسكري آخر بالقوات المسلحة الوطنية. والدافع في ذلك الاعتقاد بأن الحركة الاسلامية كانت قد استحوذت على مفاصل القوة في الجيش السوداني. والحقيقة أن هذه الرغبة تصادف أخرى داخلية يعلن عنها متبنُّوها باستمرار، وهي ضرورة تصفية الجيش من القوى الإسلامية. ولا شك في أن أزمة قوات الدعم السريع يمكن التغلب عليها من الناحية الفنية؛ حيث يمكن دمج هذه القوة في الجيش السوداني دون تعقيدات كبيرة، كما يمكن أن يحدث ذلك لقوات الجبهة الثورية التي ظلت تقاتل الحكومة لسنوات. بيد أن ما يعقِّد موضوع دمج قوات الدعم السريع هو مصير قائدها، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، المرتبط بهذه القوة؛ إذ بفقدانها يفتقد أوراق القوى الرئيسية بل الوحيدة لاستمراره في واجهة المشهد السياسي. ولهذا، فالعنصر الأكثر تعقيدًا ليس علاقة الجيش بقوات الدعم السريع وإنما علاقة قائد هذه القوات ومجمل المكون السياسي السوداني. فإن أُريد لها أن تندمج في الجيش الوطني فلابد من الإجابة على سؤال مصير قائدها الذي يتمتع بإمبراطورية مالية ضخمة، موردها الأساسي استحواذه على القوة العسكرية من خلال قوات الدعم السريع.

• الاختلاف حول تقاسم المغانم والمغارم: هناك عدد من التحديات، طبيعة مواجهتها ستحدد طبيعة الفترة الانتقالية بين السلاسة والاضطراب؛ فإن حازت قوى الحرية والتغيير على السلطة المدنية إبان الفترة الانتقالية فإن عليها مواجهة عدد من التحديات ستؤثِّر على أسلوب إدارتها في نهايات الفترة الانتقالية وتحقيق أهدافها، ومن ذلك:

- الأوضاع الاقتصادية الهشة: وخاصة ندرة المواد الاستهلاكية الضرورية التي تسبَّبت ندرتها في إشعال ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، والتي يعتمد السودان فيها على العون الخارجي، ومن ذلك الوقود والخبز. ذلك أن عجز سلطة الإنقاذ المطاح بها عن ضمان وجود هذه السلع، فضلًا عن فساد إدارتها أدى الى تفاقم الأزمة. فهذه السلع تتمتع بدعم حكومي كبير يصعب جدًّا معه استمرار القدرة على الوفاء بتوفيرها، وبدونها تصبح حياة الناس جحيمًا لا يطاق. فهل بإمكان حكومة الثورة القادمة دفع الفاتورة السياسية لمواجهة الواقع الاقتصادي الذي ربما يقود إلى ثورة شوارع مطلبية ومطالبات وإضرابات نقابية في مواجهة خزينة خاوية؟ كما أن العون السلعي والمالي في هذه السلع مربوط باشتراطات سياسية تزري باستقلال الدولة الذي نصَّت الوثيقة الدستورية على صيانته.

- غياب الثقة بين المتحاورين: إن الطريقة التي تتأسس بها العلاقة العملية في شراكة السلطة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير من شأنها حقن الفترة الانتقالية بعوامل الاضطراب أو الاستقرار، فإن استطاع الطرفان ردم فجوة الثقة بينهما بما يمكِّن من التزام منهج توافقي في إدارة البلاد ربما يساعد ذلك في إنجاز مهام الفترة الانتقالية بسلاسة نسبية، وإن استمر نهج المواجهة والتشكيك فإنهما سيعيدان إلى الممارسة السياسية تجربة العلاقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الجنوبية في تطبيقات اتفاقية نيفاشا 2005 -2011، والتي انتهت الى انفصال الجنوب.

- تصفية الحسابات داخل المشهد السياسي: إن طبيعة العلاقة بين قوى الحرية والتغيير وجهازها التنفيذي والتشريعي وبين القوى الأخرى خارج ميثاق الحرية والتغيير، سواء ما اجتمع تحت عنوان تنسيقية القوى الوطنية، أو مع حزب المؤتمر الوطني ودولته العميقة، معطًى أساسي لتحديد مسار ومصير الفترة الانتقالية فلو قامت العلاقة بين هذه المكونات السياسية على قدر من التهدئة والروح التصالحية المتجاوزة نسبيًّا لمرارات الماضي فإن ذلك سيُفضي إلى استقرار نسبي للفترة الانتقالية، بما يحقق نسبية العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية. وإن استحوذت بدلًا من ذلك حالة المواجهة وتصفية الحسابات، فإن ذلك سيقود حتمًا إلى إهدار طاقات الفترة الانتقالية في صراع لا يفتقر طرف فيه إلى القوة الضرورية لتغذيته.

- تهديد أمن البلاد: لا يمكن حصر العامل الأهم في إنجاز مهام وخيارات الفترة الانتقالية فقط، بل لابد من التفكير في الوجود المادي للبلاد بجغرافيتها المعلومة. وهذا يعني استقرار وانسجام المنظومة الأمنية وخاصة الجيش، الذي ينتظر إعادة هيكلة تضمنتها الوثيقتان، الدستورية والاتفاق السياسي. إن الدوائر الاستخبارية، ذات الخبرة بالشأن السوداني، تحذِّر من صراع مشروعات متناقضة داخل القوات المسلحة، سواء بدفع إقليمي أو وطني تقوده بعض القوى. على أن نقل الصراع السياسي إلى المنظومات الأمنية، من شأنه إدخال البلاد في حالة من الاضطراب والزعزعة الأمنية التي قد تهدد كيانها الوطني؛ إذ إن موضوعة إعادة هيكلة الجيش السوداني بما يؤسِّس لعلاقة جديدة بينه وبين قوات الدعم السريع، أو قوات الحركات المسلحة التابعة للجبهة الثورية تقتضي نظرًا حكيمًا وحذرًا يكتنف كل خطوة، فوحدة واستقرار الجيش السوداني هي الملاذ الوحيد لوحدة وبقاء البلاد.

خاتمة

إن المسار العام للعلاقات بين القوى السودانية المتدافعة يلفُّه الكثير من الغموض؛ فقراءة المشهد العام وتتبع تشابكات الفاعلين به سواء أكانوا عسكريين أم مدنيين لا توحي بأنه يمكن حسم الأزمة في المستقبل القريب، وذلك في ظل تشبث الفاعلين بمواقفهم من جهة والتدخلات الخارجية في البلد الغارق في أزمة اقتصادية خانقة. ومع أن الحراك السوداني ظل -ولا يزال- يرفع باستمرار شعار المطالبة بحكم مدني في السودان فإن المستقبل سيحدد ما إذا كان اتفاق تقاسم السلطة الذي وُقِّع بين المجلس العسكري وقوى التغيير خطوة حقيقية نحو تحقيق هذا المطلب الثوري أم مجرد مناورة جديدة وترحيل آخر لقضية أساسية.