المملكة العربية السعودية: السياسات الداخلية والدور الإقليمي

نظم مركز الجزيرة للدراسات حلقة نقاشية مغلقة حول "تعقيدات المشهد السوري وآفاق المستقبل"، وشارك فيها د. أحمد موفق زيدان الباحث والإعلامي في شبكة الجزيرة، والأستاذ تيسير علوني الإعلامي في شبكة الجزيرة، والأستاذ الحواس تقية الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، وعدد من الباحثين والمهتمين بالشأن السوري.
19 March 2015
2015319113555776734_20.jpg
(الجزيرة)

نظَّم مركز الجزيرة للدراسات حلقة نقاشية مغلقة حول "تعقيدات المشهد السوري وآفاق المستقبل"، ناقشت مواقف الدول الفاعلة (إيران وأميركا) في الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس، وخريطة القوى والفصائل العسكرية التي تقاتل النظام السوري، كما تناولت مستقبل الأزمة والسيناريوهات المحتملة لحل الصراع وآفاقه. وشارك في مناقشة هذه المحاور الدكتور أحمد موفق زيدان الباحث والإعلامي في شبكة الجزيرة، والأستاذ تيسير علوني الإعلامي في شبكة الجزيرة، والأستاذ الحواس تقية الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، وعدد من الباحثين والمهتمين بالشأن السوري.

وأشار أحد المتدخلين، إلى أن المشهد السوري أُريد له أن يكون مُعقَّدًا بسبب إصرار ما سمَّاها "عصابة الحكم" على تقتيل الشعب السوري وتصفية كل الطوائف، ودَعْشَنَةِ الثورة كي تبدو "ثورة المتطرفين والدواعش". واعتبر المتحدث أن جوهر المشكلة السورية ثقافيٌّ؛ لأن النخبة هي من أقام دعائم الاستبداد ورسَّخ ركائزه، ولا تزال حتى اليوم تمارس هذا الدور. ورغم هذا التقتيل للشعب السوري باستخدام جميع الأسلحة المحرَّمة، حسب رأي الباحث، فالنظام السوري محصَّن من قبل إيران وأميركا، وهو ما تؤكده تصريحات بعض مسؤولي الإدارة الأميركية التي تعتقد بإمكانية الحوار مع بشار الأسد. ومن ثم يبدو موقفها مُتخبِّطًا، فلا يمكن فصل ذلك عن صفقة الملف النووي الإيراني؛ معتبرًا أن طهران ما كان لها أن تتدخل في الأزمة السورية لولا التواطؤ الأميركي، وشدَّد على أن إيران تحتل سوريا اليوم، ولا يمكن لهذا الاحتلال أن ينهار إلا إذا انهارت الدولة المحتلة، أو تحركت الدول العربية رسميًّا لمواجهته، أو كانت هناك انتفاضة شعبية لطرد الاحتلال.

إزاء هذا الوضع تتواصل الانقسامات في صفوف الجماعات المسلحة ويتحول الصراع من قتال للنظام إلى تقاتل بين قوى المعارضة ذاتها، وفي هذا السياق أوضح أحد الباحثين المختصين في شؤون التنظيمات المسلحة بسوريا أن خريطة القوى الفاعلة على الأرض تضم حاليًا أربعة فصائل، وهي: تنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة، وأحرار الشام، ثم الفصائل التي تنضوي تحت الجيش الحر، مشيرًا إلى انحسار تأثير تنظيم الدولة في الشمال السوري وتركُّز نفوذه في المنطقة الشرقية بعد المواجهات التي خاضها مع التنظيمات المسلحة في المناطق الشمالية، ثم بسب ما كان يخطط له التنظيم من السيطرة على الموصل في يونيو/حزيران 2014. بينما انشغلت جبهة النصرة بالمواجهة مع بعض الفصائل المسلحة الصغيرة، مثل: جبهة ثوار سوريا، ومجموعة يوسف الحسن وغيرهما.. وعزا الباحث تراجع نفوذ الجيش الحر وتأثيره في المشهد العسكري إلى عقلية الضابط التي تعوق حركيته ومبادرته للفعل؛ فضلاً عن انتظار هؤلاء الضباط للعون من الخارج لخوض أية معركة خلافًا لإرادة وعقيدة القتال لدى الفصائل الأخرى التي تعمل وتقاتل بما هو متاح لديها. وأشار المتحدث إلى أن الائتلاف السوري لم ينجح حتى الآن في إقامة رابط حقيقي مع القوى الفاعلة على الأرض لغياب سياسيين محترفين، كما أن ضعف الإمكانيات والخلافات التي تعصف بالائتلاف تحول دون أداء دوره المطلوب.

وفي ظل هذه المسارات، تدخل الأزمة السورية -حسب أحد الباحثين- مرحلة "استنزاف بلا أفق سياسي"؛ حيث تختلف أجندات الأطراف المتصارعة على سوريا، لكنها تتعاون للقضاء على أي بديل يرجح وقف الصراع ويقوِّي حظوظ التوافق السياسي، وما يرجح وجهة الاستنزاف العوامل الثلاثة الآتية:

  1. لا توجد مخارج سياسية للصراع.
  2. لا يوجد حسم عسكري.
  3. توجد رغبة في القتال تغذِّيها ديناميات خارجية وداخلية؛ فتطيل في أمده وتتضرر الأطراف المتصارعة أكثر من وقفه.

وأبرز المتحدث أن الثورة مرَّت بمرحلتين متمايزتين؛ حيث كان الهدف في المرحلة الأولى محصورًا في تغيير رموز النظام وشرعية السلطة مع الحفاظ على الهوية السورية الوطنية والدولة بحدودها الجغرافية وطابعها الجمهوري، وانتهت هذه المرحلة لعدة أسباب، منها: بروز تنظيم الدولة والتحاق النُّصرة بالقاعدة، ثم الخلافات بين مكونات المعارضة الداخلية والخارجية، والصراعات بين الداعمين العرب للمعارضة، فضلًا عن تخوف أميركا من الجهاديين. ومن ثم انتقل الصراع في المرحلة الثانية من تغيير شرعية النظام السياسي إلى صراع سياسي واجتماعي على أساس مذهبي، أي صراع طائفي.

وخلص الباحث إلى أن الفاعلين المتصارعين على سوريا يشتركون في فقدان البديل السياسي والعجز عن الحسم العسكري مع الرغبة في مواصلة القتال، وتوقع أن يتواصل الاستنزاف لكن على أساس طائفي وديني، فتستمر عملية التطهير لتتشكَّل جغرافيا مذهبية ودينية، ويستمر النزاع على الموارد والمواقع الاستراتيجية التي تضمن ميزة أمنية، وهو ما سيؤدي إلى حالة أشبه بالصومال، فتتغير الحدود بين مختلف الفاعلين داخل سوريا حسب كُلفة القتال والعائد منه لكن دون أن تصير حدودًا سياسية معترَفًا بها.