المصدر (الجزيرة) |
ملخص |
في العقد الماضي، كانت هناك زيادة حادة في هجرة الرعايا الأجانب إلى جنوب إفريقيا. وكان الوجود الأمريكي بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول وعدم الاستقرار السياسي منذ ذلك الحين الدوافع الرئيسية وراء الهجرة الجماعية للمسلمين وغير المسلمين، المواطنين العرب وغير العرب من دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط إلى جنوب إفريقيا. وفي الآونة الأخيرة أضافت الثورات العربية ونتائجها المزعزعة للاستقرار الاقتصادي الضغط على المواطنين للهجرة إلى أقصى نقطة في الطرف الجنوبي من القارة.
وقد قصدها أيضا رعايا دول أخرى، أبرزهم الصوماليون والإثيوبيون والباكستانيون، واستقروا في المركز الاقتصادي الرئيسي لإفريقيا. هذا هو عصر "الهجرة الكبرى" في إفريقيا. إنه أمر لا مفر منه وعلى ما يبدو لا يمكن السيطرة عليه. وقد رافق ذلك العديد من التغيرات غير المسبوقة، بعضها إيجابي، والبعض الآخر سلبي، ولكن هذه التغيرات كانت ملموسة على جميع المستويات من قبل الدولة والمواطنين و"غير المواطنين في جنوب إفريقيا". هذه المقالة هي الأولى من سلسلة مقالات مخصصة دوافع كل مجموعة للهجرة وتجاربها الشخصية في جنوب إفريقيا. لا يمكن إنكار أن الباكستانيين والمصريين والتونسيين والجزائريين والإثيوبيين والصوماليين يساهمون في تغيير المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في جنوب إفريقيا، وتجاهل هذه الحقيقة قد يكون، في الواقع، مضرا بمحاولة جنوب إفريقيا إقامة علاقات أقوى مع الدول ذات الأهمية الاستراتيجية.
والهدف من هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر للغاية والمكلفة والقاتلة في بعض الأحيان إلى جنوب إفريقيا هو بسيط وملخص في بيان حكومة المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC) بعد عام 1994: "حياة أفضل للجميع".(1) ومن خلال الإعلان، "حياة أفضل للجميع" وأيضا أن "جنوب إفريقيا ملك لجميع الذين يعيشون فيها"، يكون حزب المؤتمر الوطني الإفريقي قد كرر لفتاته الكريمة. ومع ذلك، فإن المثير للإعجاب بمثل هذا الوعد أنه لا يزال يطرح السؤال: هل يمكن لحركة تحرر مثل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الجديدة نسبيا في الحكم أن توفر حقا "حياة أفضل للجميع" الذين يعيشون في جنوب إفريقيا،(2) ولكنهم ليسوا جنوب إفريقيي المولد؟ خطا حزب المؤتمر الوطني الإفريقي خطوات كبيرة في تحسين حياة مواطني جنوب إفريقيا منذ عام 1994 ولكن لا يزال هناك العديد من المشاكل الهيكلية والتي تبدو مستعصية ويكافح الحزب الحاكم للتغلب عليها؛ وهي أنظمة الصحة والتعليم المتداعية الذي تفاقمت بفعل البطالة والفقر وعدم المساواة.
في ضوء هذه التحديات؛ كم من الممكن لجنوب إفريقيا أن تحمل على عاتقها من إفريقيا والشرق الأوسط، خصوصا أنها تحمل، بالفعل، عبئا ثقيلا من قبل مواطنيها؟
ثمة سبب آخر وهو أن المصريين والليبيين والباكستانيين وغيرهم كثيرا ضحوا بجنسياتهم، وأصبحوا عديمي الجنسية في جنوب إفريقيا بسبب القوانين التي تنظم حرية وحقوق الإنسان. وقد تمت الإشادة بدستور جنوب إفريقيا وما يضمن حقوق باعتباره الأكثر ديمقراطية وتقدمية وحفاظا على كرامة الإنسان في العالم. وبالنسبة للأشخاص الذين قضوا حياتهم في حماية أنفسهم من قوانين الدول الصارمة والأنظمة القمعية بدلا من الاستمتاع في حماية هاتين المؤسستين، وضحوا بأوطانهم وشعورهم بالانتماء الذين ينبغي أن يكونا تحصيل حاصل، قد يكون الحل الوحيد المعقول تركهم هذه الأوطان. إن استبدال مواطنتهم التي تحول بينهم وبين فرص التعليم والعمل لمدة بـ"لا مواطنة" تعود عليهم بقدر معقول من الأمن التعليمي والصحي وفرص العمل يبدو وكأنه صفقة عادلة.
وبالمقارنة مع بلدان إفريقية أخرى، لا يمكن أن تكون حدود جنوب إفريقيا مهلهلة ويسهل اختراقها، ولكن بالتأكيد هناك ثغرات في السياج الحدودي كانت ولا تزال تستغل. وتعكس هذه الهجرة تجاوزا لقوانين الهجرة وللسلطات في جنوب إفريقيا، لكن ذلك الأمر يعد نزرا إذا ما علمنا أن هذه الهجرة أصبحت أيضا تجارة مربحة للأشخاص الذين يسهلون هذه الممارسات عالية المخاطر.
المتورطون في إدخال الأجانب إلى البلاد بطريقة غير مشروعة يمكن أن يكونوا من بين الأشخاص الذين يريدون الكسب المادي. مواطنو جنوب إفريقيا والمسؤولون على كافة مستويات الحكومة من الحراس في المراكز الحدودية، كما أن أصحاب العقارات، جاهزون ومستعدون لتأجير منازلهم وشققهم الخاصة للأجانب الذين يحتاجون إلى السكن، بالإضافة إلى موظفي الخدمة المدنية في وزارة الشؤون الداخلية الذين يشكلون جزءا من هذا النظام. ويلعب كل طرف دورا حيويا في السلسلة التي لم تضخم سكان جنوب إفريقيا إلى حد كبير فقط،(3) بل إنها سببت أيضا موجات تأثيرية، بغض النظر عن صغر حجمها، في القطاعات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للبلاد.
بالإضافة إلى مواطني جنوب إفريقيا والمسؤولين الحكوميين الذين يحافظون على نظام الهجرة فهناك أناس نظموا أنفسهم في نقابات أو عملوا بشكل منفرد باسم "السماسرة أو الوسطاء". والغالبية العظمى من السماسرة وأعضاء النقابات هم من الأشخاص الذين دخلوا أيضا البلاد من خلال وسائل غير قانونية وتعلموا كيفية التعامل مع نظام أمن الحدود في جنوب إفريقيا والتهرب من البيروقراطية و"الروتين"، وهو إما أن يسبب التأخير أو يعطل تماما الدخول، والذي بدوره يعد دائما مسألة ملحة تقريبا بالنسبة للأشخاص القادمين من بلدان أخرى.
الحدود التي يسهل اختراقها: نقاط الدخول
ومع أن حدود جنوب إفريقيا لا يمكن بالضرورة أن تعتبر سهلة الاختراق، إلا أن هناك أسبابا وجيهة للقلق بشأن أمن هذه الحدود. وبالمقارنة مع حدود الدول الإفريقية الأخرى، ولا سيما دول مجموعة التنمية لدول إفريقيا الجنوبية، لا تزال جنوب إفريقيا تدير مراكزها الحدودية بمصداقية وكفاءة أعلى من المتوسط. ومع ذلك، بالنسبة لبلد بمكانة جنوب إفريقيا، حدث العديد من عمليات دخول الأجانب غير المصرح بها وغير القانونية في السنوات الخمس الماضية دون أن يكون هناك أي قلق من جانب الحكومة بشأن إدارة الحدود. كما ذكر في وقت سابق، فإن مسؤولي الأمن في جنوب إفريقيا ليسوا هم فقط الذين لهم السيطرة على المراكز الحدودية، ولكن أيضا مختلف اللاعبين الرئيسيين الذين يقفون للحصول على المنافع، وهم بالدرجة الأولى المتاجرون بالبشر الذين يسهلون دخول المهاجرين غير الشرعيين إلى البلاد.
أصبحت معظم النقاط الأكثر شيوعا للدخول إلى جنوب إفريقيا "سرا مكشوفا" بين مواطني جنوب إفريقيا العاديين والمسؤولين الحكوميين وبالطبع، أولئك الذين يسعون إلى الحصول على تأشيرة دخول. وقد تم إنشاء معسكرات احتجاز مؤقتة على بعد بضعة كيلومترات من نقاط الدخول الأكثر شيوعا، كإجراء وقائي للأشخاص الذين يعبرون الحدود. وقد أثارت المعسكرات مثل معسكر لينديلا بالقرب من حدود ليمبوبو؛ وهي واقعة في شمال جنوب إفريقيا وتفصل البلاد عن جارتيها موزامبيق وزيمبابوي، مخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان. ومع ذلك، تؤكد حكومة جنوب إفريقيا أنه لم تقع أية انتهاكات لحقوق الإنسان ضد الأجانب وأن التأخير في تجهيز الوثائق كان نتيجة لتدفق المهاجرين غير الشرعيين وعدم الصدق في تعريف أنفسهم.
كما تم الإعلان عن حدود "بيت بريدج" التي تفصل جنوب إفريقيا وزمبابوي بأنها إشكالية جدا. ومن المعروف أن حركة المرور تزداد بصورة لا يمكن السيطرة عليها خلال مواسم الأعياد والأعياد المسيحية مثل عيد الفصح (مارس / إبريل) وعيد الميلاد (ديسمبر / يناير). شرعت حكومة جنوب إفريقيا في التحقيق لتحديد من هم بين أولئك الذين يعبرون الحدود كزوار بأوراق شرعية ومن هم الذين يحاولون دخول البلاد بطريقة غير شرعية. اعترفت وزيرة الشؤون الداخلية في جنوب إفريقيا، ناليدي باندور، في وقت سابق عام 2013 في وصفها لوضع الحدود: "أن الأسوار كانت مهدمة، ولا يجري إصلاحها بسرعة، وهذا شيء نحن [وزارة الشؤون الداخلية في جنوب إفريقيا] ينبغي الاستجابة له بشكل أكثر كفاءة".(4)
هذا هو اعتراف أدلت به بالإضافة إلى قولها: "نحن بحاجة إلى تحسين إدارة الحدود بأنفسنا كدولة وكإدارة، أنا أعتقد أنه يجب الاستفادة من التكنولوجيا الجديدة في مراقبة الحدود وأن يكون لدينا، حقا، شعور من حيث مكان نقاط الضعف والتأكد بأننا سنتصدى لها". وقد وجهت زيمبابوي انتقادا لجنوب إفريقيا لكونها بطيئة جدا في تنفيذ استراتيجيات السيطرة على حدودها، ولكن يجب أن لا تشعر جنوب إفريقيا فقط بالقلق إزاء حركة مواطني زيمبابوي من خلال هذه النقطة.
خلال مواسم عيد الفصح وعيد الميلاد، يعطي عدم وجود رقابة وإدارة فعالة أيضا على الحدود مساحة لمهاجرين آخرين أجانب للدخول إلى البلاد. إن تركيز التقارير الإخبارية على مواطني زيمبابوي فقط يسمح لتدفق سريع لمواطنين باكستانيين، وإثيوبيين وصوماليين أساسا للدخول بسهولة دون أن يلاحظهم أحد. ساهمت هذه الرقابة من قبل وزارة الشؤون الداخلية في جنوب إفريقيا في التغييرات الهيكلية التي أعدتها للهيئة التشريعية التي تنظم الهجرة. ومن أهم هذه الأشياء تحول وزارة الشؤون الداخلية إلى مؤسسة تشكل جزءا من بنية المخابرات في البلاد، بدلا من مجرد طباعة وإدارة وثائق الهوية وشهادات الميلاد وجوازات السفر.
قانون الهجرة في جنوب إفريقيا(5)
على السطح، تبدو قوانين الهجرة في جنوب إفريقيا معقولة وذات منفعة متبادلة للدولة وجميع الذين يهدفون إلى الحصول على تأشيرة دخول إلى البلاد. ومع ذلك، عندما يحين الوقت لتطبيق القانون، يصبح من الواضح أن سياسات الهجرة في جنوب إفريقيا ليست محكمة ولا عملية كما كان يهدف منها. تشكو جنوب إفريقيا من أن القوانين متساهلة جدا وتسمح للرعايا الأجانب بكثير من الحريات، وتنهي التعدي على مواطنيها، في حين يشكو الرعايا الأجانب أن القوانين صارمة جدا ولا تحمي حقوق الإنسان الخاصة بهم، ولا تعطيهم فرصة عادلة لإثبات وجودهم بصورة قانونية في البلاد.
القوانين المطبقة على الأجانب المؤهلين للحصول على الإقامة المؤقتة والدائمة والمواطنة في وقت لاحق، هي قوانين بسيطة، ولكنها تثير مضاعفات كثيرة حين يحين الوقت لتنفيذها. وفقا لوزارة الشؤون الداخلية بجنوب إفريقيا، فإن الشروط المسبقة التي يجب على الأجانب الوفاء بها من أجل الحصول على الإقامة الدائمة، وحق القيام بالأعمال في جنوب إفريقيا، والحصول أيضا على الأراضي والممتلكات منصوص عليها بشكل واضح ولا تترك أي مساحة لأي مفاهيم خاطئة. ومع ذلك، هناك الكثير من الناس الذين ليس لديهم سوى معرفة سطحية وفهم ضحل لهذه القواعد والإجراءات المصاحبة لها.
كره الأجانب: تهديد حقيقي؟
استضاف المركز الإفريقي للهجرة والمجتمع في جامعة ويتواترسراند حلقة دراسية في 10 مايو/ أيار 2013 لإحياء ذكرى موجة من العنف المعادية للأجانب، التي بدأت في بلدة الكسندرا (في مقاطعة الكاب الغربية) في مايو/ أيار 2008 وانتشرت في جميع أنحاء البلاد.(6) لم يكن العنف الذي شهدته الكسندرا حادثا معزولا، بل هو عرض من أعراض مشكلة أكبر من ذلك بكثير كانت في الغالب تؤثر على الطبقات الدنيا من المجتمع في جنوب إفريقيا.
تتعلق نقطة الخلاف بين مواطني جنوب إفريقيا والأجانب بالأمور المالية والأمن الوظيفي. فقد أسس الرعايا الأجانب أنفسهم كمنافسين أقوياء لرجال الأعمال المحليين. كما أن لديهم ميزة تنافسية للسفر داخل الدولة وخارجها، ما يسمح لهم باستيراد السلع بكميات كبيرة وبيعها بأسعار مخفضة أكثر من أصحاب الأعمال في جنوب إفريقيا.
أسس الأجانب من شمال إفريقيا والشرق الأوسط أنفسهم كتجار لبضائع جيدة وبأسعار معقولة، ليس فقط في المناطق الحضرية الكبرى مثل ديربان وجوهانسبرغ وبريتوريا، ولكن أيضا داخل المجتمعات الفقيرة مثل المخيمات العشوائية(7) ومناطق الطبقة الوسطى الدنيا، مثل البلدات الصغيرة.(8) أصبحت المحلات التجارية الصغيرة(9) المملوكة للأجانب مشهدا مألوفا في البلدات والمخيمات العشوائية في السنوات الـ 5 الماضية. في حين أنه كان من المريب والغريب، قبل 10 سنوات، رؤية مجموعة من المصريين والجزائريين والباكستانيين أو الصوماليين يديرون الأعمال، لكنه الآن جزء من الحياة اليومية للعديد من مواطني جنوب إفريقيا.
ومع ذلك، لا يعني مجرد أن أصبح الناس معتادين على رؤية الرعايا الأجانب في وسطهم، بالضرورة، أنهم تقبلوا أو حتى أحبوا ذلك. وتنتشر ظاهرة عدم قبول الأجانب والكره لهم في مجال الأعمال التجارية حيث يبدو السود في جنوب إفريقيا يغرقون بشكل أعمق في الفقر يمكن أن يظهر أحيانا في ما يراه العالم الخارجي على أنه هجوم معادي للأجانب. وعندما ينفجر هذا التوتر، فإنه غالبا ما يفعل ذلك في شكل جرائم السطو المسلح والحرق. وقد خسر أصحاب المحلات الأجنبية كل ما لديهم من المال والبضائع في الحرائق التي بدأها الغوغاء من الناس الذين يسعون لـ"العدالة". ويتمثل موقف الغوغاء، الذين كانوا يضمون معظم الأوقات مواطنين من جنوب إفريقيا، في أن الأجانب غزوا حدود جنوب إفريقيا بطريقة فاسدة من أجل سرقة الأعمال من مواطني البلاد، أصحاب الحق في ذلك.
يشمل الدافع القوي الآخر وراء الهجمات المعادية للأجانب اعتقاد مواطني جنوب إفريقيا بأن الأجانب يبيعون المخدرات لأطفالهم، ويتعمدون الزواج من فتيات جنوب إفريقيا في سن المراهقة من أجل تأمين إقامتهم في البلاد، ويعتقدون أيضا أن الأجانب يريدون القيام بعملية استحواذ عدائية على أراضي(10) ومنازل برنامج إعادة الإعمار والتنمية (11) RDP التي تعود ملكيتها لمواطني جنوب إفريقيا. وفي حين كانت هناك تقارير عن رجال أجانب (في المجموعات التي تم التركيز عليها في هذا التقرير)، ومعظم هؤلاء من الباكستانيين، يتزوجون الشابات العاطلات عن العمل وغير المتعلمات في جنوب إفريقيا، فإنه لم تكن هناك دراسة شاملة للتأكد من المدى الذي يحدث فيه هذا الأمر. معظم الزيجات تتم بدقة في وزارة الشؤون الداخلية وخارج حدود العادات الثقافية في جنوب إفريقيا. هذه الزيجات هي أيضا في معظم الحالات" زيجات المصلحة "؛ حيث توفر للأجانب الاحتياجات الأساسية مثل الدعم المالي والغذاء والمأوى للنساء في جنوب إفريقيا وللأجانب، بحكم كونهم أزواجا، وهي خطوة أقرب إلى اكتساب إقامة دائمة، ومن ثم حق المواطنة في جنوب إفريقيا بعد 5 سنوات.
في هذه الترتيبات، هناك تهديد ليس فقط لتقاليد جنوب إفريقيا ولكن أيضا لمواطني البلاد الذين ينشؤون شركات صغيرة ومتوسطة بميزة تنافسية على أولئك الأجانب. يكافح مواطنو جنوب إفريقيا ليفعلوا ما يفعل الأجانب من أجل تأمين وضع متفوق في قطاع الأعمال؛ وهو تنظيم أنفسهم في نوع من "الجمعيات" التي تجمع بشكل جماعي رأس مال بداية المشروع، واستمرار إعادة الاستثمار وأيضا استخدام رأس المال الذي تولد عنه المزيد من المشاريع التجارية، وبطبيعة الحال، تحقيق مستوى معيشة مريح من الأرباح. وبالتالي فإن من المنطقي أنه ما دام مواطنو جنوب إفريقيا أو، على الأقل، الحكومة لا يدعمون بعضهم بعضا كما يفعل الرعايا الأجانب، فإن تصور "سرقة" الأجانب لفرص مواطني جنوب إفريقيا في المشاركة في اقتصاد سيبقى ويكتسب بالفعل حالة الواقع المعاش، وسوف تصبح الهجمات المعادية للأجانب تهديدا حقيقيا لهم.
نصيحة إلى حكومة جنوب إفريقيا: تحويل مشكلة إلى فرصة
ليس من المستغرب أن جنوب إفريقيا ستكون أكثر جاذبية من جميع الوجهات في العالم للمهاجرين غير الشرعيين والشرعيين على حد سواء. فمع اقتصاد تم الاتفاق عليه من قبل دول الاقتصادات الناشئة الرئيسية (البرازيل، والهند، وروسيا، والصين، وجنوب إفريقيا) والاتحاد الأوروبي بأنه الأكثر تنوعا وحيوية في إفريقيا بالإضافة إلى دستور لا مثيل له في العالم، توفر جنوب إفريقيا فرصة ثانية في الحياة، والسلام، والنجاح والاستقرار والسعادة لأي شخص يسعى إلى ذلك. يعلم الأجانب الذين لجأوا إلى جنوب إفريقيا على ما يبدو الصفات الايجابية في البلاد واحتياجاتها الحالية للتغلب على ارتفاع معدلات البطالة والنقص الحاد في المهارات. بعض الباكستانيين والمصريين والتونسيين والجزائريين والإثيوبيين تمكنوا من بناء أنفسهم باعتبارهم رجالا وسيدات أعمال مستقرين.
النقلة النوعية هي الخطوة الأولى التي ينبغي على حكومة جنوب إفريقيا اتخاذها في التعامل مع زيادة عدد السكان المتنامية بسرعة من المهاجرين غير الشرعيين. وبطبيعة الحال، فإن هذا التغيير في العقلية لا يمكن أن يأتي من حكومة جنوب إفريقيا وسكانها الأصليين فقط ولكن أيضا من الأجانب، لأن كل هذه الأطراف لديهم هدف مشترك يتلخص في رؤية حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في نهاية المطاف: "حياة أفضل للجميع". هناك فرصة لتحقيق تقدم في مجال الأعمال التجارية والعمالة إذا كان بإمكان حكومة جنوب إفريقيا والمواطنين والرعايا الأجانب تأسيس الثقة بين بعضهم البعض. مع أنه لم تكن هناك فرصة لتعزيز العلاقة بين حكومة جنوب إفريقيا، ومواطني جنوب إفريقيا والرعايا الأجانب أبدا.
مواطنو جنوب إفريقيا ليسوا مطلعين تماما على الظروف التي تجبر المواطنين الأجانب على الفرار من أوطانهم. ويعتمد الرعايا الأجانب على التقارير الشخصية لأولئك الذين عبروا بالفعل (بشكل غير قانوني) الحدود إلى جنوب إفريقيا، بالنسبة لأنواع الفرص المتاحة لهم. وبعد ذلك، لدى حكومة جنوب إفريقيا،، دور في ملء الفجوات في المعلومات عن طريق الشروع في حملة لتثقيف كل من مواطنيها والرعايا الأجانب عن الحقائق والفرص التي سوف يواجهونها وهم يحاولون التعايش معا في جنوب إفريقيا. ويمكن أن تساهم حكومة جنوب إفريقيا، بواسطة هذه الجهود، في منع التهديدات والهجمات المعادية للأجانب، ودخول حدود جنوب إفريقيا بصورة غير قانونية، وفي المستقبل زيادة فرص العمل والتوظيف للجميع. ليس من المستحيل تحقيق حياة أفضل للجميع ولكنه سوف يتطلب الكثير من الثقة، والتعاون.
____________________________________
نلوازي لمبيدي - كاتبة من جنوب إفريقيا
الإحالات
1- انظر http//www.anc.org.za, “The Freedom Charter”
2- أنظر إلى خطاب الرئيس السابق مانديلا الافتتاحي عام 1994. وقد اعتبر على أنه موقف حزب المؤتمر الإفريقي الوطني في سياسته الخارجية نحو الدول الإفريقية والشرق أوسطية الزميلة التي وقفت متضامنة مع حزب المؤتمر الإفريقي الوطني في كفاحه التحرري ضد التمييز العنصري. وقد اعتبر بيان مانديلا على أنه تعبير عن امتنان المؤتمر الإفريقي الوطني ورد الجميل للمساعدة السياسية والمالية التي تلقاها خلال السنوات التي كان فيها محظورا، ومنفيا، ويعمل تحت الأرض.
3- هذا لا يعني أن الزيادة في عدد سكان جنوب إفريقيا يرجع فقط للرعايا الأجانب. فقد تختلف أسباب النمو السكاني على نطاق واسع من معدلات عالية للهجرة والتي يحاول هذا المقال تقديم تحليل لها. في أكتوبر 2012، أصدرت إحصائيات جنوب إفريقيا (يشار إليها StatsSA) تقرير تعداد 2011 يبين أن عدد سكان جنوب إفريقيا قد نما من 44.8 مليون في عام 2001 إلى 51.8 نسمة سجلوا في عام 2011.
4- http://www.sabc.co.za/news/a/1a7e56004e1ec128b42db7f251b4e4e2/Pandor-looks-to-curb-number-of-illegal-immigrants-entering-SA-20130109 ,
يتطلع باندور لكبح عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يدخلون جنوب إفريقيا
5- See http://www.immigration-southafrica.net/south-african-immigration-law /
من أجل لمحة عامة ومعلومات حالية كاملة حول تطورات قانون الهجرة في جنوب إفريقيا
6- راجع صحيفة The Citizen عدد 11 مايو 2013، ص 14، مقال بعنوان "ممارسة العمل السيئ يشعل كراهية الأجانب"، وكالة أنباء جنوب إفريقيا.
7- تعادل المخيمات العشوائية في جنوب إفريقيا الأكواخ في البرازيل وكينيا على سبيل المثال. وتتميز بالفقر وندرة أو عدم وجود صرف صحي وكهرباء. تبنى هذه الهياكل السكنية أو بالأحرى الأكواخ في المناطق العشوائية عادة باستخدام مواد ضعيفة مثل صفائح الزنك، والخشب الرقائقي، وصناديق من الورق المقوى وحتى الصحف. يعيش أفقر أفراد المجتمع في المخيمات العشوائية.
8- البلدات (تأسست خلال حقبة التمييز العنصري كجزء من سياسات حكومة الحزب الوطني في الفصل ومصادرة الأراضي) مثل بلدة الجنوب الغربي (الشهيرة وسيئة السمعة المعروفة في العالم بـ سويتو)، وأوملازي (أكبر بلدة في مقاطعة KwaZolo-Natal) لا يمكن استبعادها بالكامل كمنكوبة بالفقر لأن غالبية القوة العاملة العامة (المدرسون، والممرضون والممرضات، ورجال ونساء الشرطة، وموظفو الدوائر الحكومية) أسسوا أنفسهم في هذه المناطق. يمكن أن تكون البلدات مناطق سكنية جميلة جدا مع العديد من البرامج الإنمائية القائمة التي ترعاها الحكومة وعلى وجه الخصوص تجديد المستشفيات، وإنشاء الملاعب ومراكز التسوق على الطراز العالمي، ومباني السياحة والضيافة مثل النزل والمتاحف والمطاعم.
9- المحللات التجارية الصغيرة هي محلات صغيرة مريحة انشئت داخل النقاط المزدحمة وعلى وجه الخصوص في شوارع البلدات لركاب السيارات حيث توجد مواقف النقل العام، أو حيث توجد المدارس أو المستشفيات. تفتح هذه المحلات أبوابها في الساعة السادسة صباحا حتى ساعة متأخرة من المساء. وتبيع مختلف أنواع البضائع التي تتراوح بين الخبز واللحوم إلى لمبات الإضاءة وأدوات الحلاقة. ويبلغ حجمها في العادة ضعف مساحة كراج السيارة.
10- أنظر مقالة كارول باتون التي نشرت في 13 فبراير 2013، بعنوان "المواطنون الأجانب لن يملكوا أراضي جنوب إفريقيا". http://www.bdlive.co.za/national/2013/02/13/foreign-nationals-will-not-own-sa-land
11- خطة التنمية والتعمير RDP: هي مساكن منخفضة التكلفة بنتها حكومة جنوب إفريقيا كاستراتيجية لإنهاء التشرد وعلى المدى الطويل القضاء على المخيمات العشوائية. مواطنو جنوب إفريقيا ممن هم فوق سن الـ 18 والعاطلون عن العمل هم المؤهلون فقط للحصول على منزل RDP. وهذ المنازل غير قابلة للتأجير لأي غرض من قبل المالك. القواعد في هذا الشأن صارمة جدا على الرغم من أن تنفيذها قد يكون غير منظم بسبب الممارسات الفاسدة التي تتراوح بين قيام مواطني جنوب إفريقيا بتأجير مثل هذه البيوت في معظم الحالات للأجانب، الذين يستخدمونها لأغراض تجارية. وبعد ذلك يقوم المواطن الجنوب إفريقي الذي أجّر منزله من نوع RDP ببناء كوخ أو بيت من الصفيح لكي يعيش/تعيش فيه (في الوقت الذي يتقاضى/تتقاضى فيه دخلا من المنزل المؤجر. لذا، فمن خلال هذا التبادل المحظور ولكن غير الخاضع للرقابة، لا تزال دورة المخيمات العشوائية / الأكواخ مستمرة.