لقطة عامة من مؤتمر "إفريقيا: تفاعلات الصراع وآفاق النهضة" |
نظم مركز الجزيرة للدراسات يومي الثاني والثالث نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 مؤتمرا دوليا بالدوحة حضرته نخبة من قادة القارة الإفريقيين السياسيين والأكاديميين والخبراء. وفضلا عن مشاركة رئيس جنوب إفريقيا السابق السيد ثابو مبيكي للمؤتمر كان حاضرا أربعة وزراء خارجية سابقين (من تشاد وتونس والمغرب وموريتانيا)، وبعض الوزراء والبرلمانيون السابقون (من السيراليون وكينيا)، فضلا عن مستشارين لرؤساء ووزراء (من جنوب إفريقيا ومالي موريتانيا). كما حضر خبراء يمثلون هيئات قارية ومراكز بحوث والعديد من الأكاديميين والباحثين من مختلف بلدان إفريقيا.
جلسة الافتتاح.. الجزيرة وقضايا إفريقيا
افتتح المؤتمر بحضور رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني ومدراء من الشبكة والعديد من الدبلوماسيين ورجالات الفكر والخبراء. وفي كلمة الافتتاح بين مدير عام شبكة الجزيرة بالوكالة الدكتور مصطفى سواق أن افريقيا لم تغب عن اهتمامات محطة الجزيرة منذ تأسيسها خصوصا وأن ثلثي سكان العالم العربي يعيشون في إفريقيا وبين العرب وبين هذه القارة روابط الجغرافيا والتاريخ والنسب وغير ذلك.. ويهدف هذا المؤتمر -كما ذكر د سواق- إلى إتاحة الفرصة لتفاعل وجهات النظر الإفريقية وتبادل الرؤى والتجارب والبحث في التحديات تشخيصا ونقاشا وحلولا.
كذلك تحدث في جلسة الافتتاح مدير مركز الجزيرة للدراسات الدكتور صلاح الدين الزين عن اهتمام المركز المبكر بالقضايا الإفريقية وإنشائه وحدة خاصة معنية بإفريقيا فضلا عن نشر مجموعة من الدراسات الرصينة الموضوعية والكتب العلمية التي تتناول جوانب من قضايا القارة الإفريقية الاستراتيجية والأمنية. ونوه الدكتور صلاح بكون مركز الجزيرة للدراسات ظل حريصا على أن يكون تناول القضايا الإفريقية بأقلام الأفارقة أنفسهم، ويأتي هذا المؤتمر الدولي في نفس السياق فهو يهدف إلى الاستماع لأبناء القارة الإفريقية يتحدثون عن الصراعات في افريقيا ومدى اقترابها من التصعيد أو الحل فضلا عن الحديث عن الآفاق الواعدة التي يمكن لإفريقيا أن تستفيد منها.
مدير مركز الجزيرة للدراسات د.صلاح الدين الزين يلقي كلمته |
وخلال افتتاح المؤتمر قدم الرئيس ثابو امبيكي محاضرة عامة أثار فيها قضايا تمس حاضر ومستقبل القارة كالسلام والديمقراطية والتنمية وتحقيق الأمن والظروف المناسبة لنقل جماهير الأفارقة من الموت والمعاناة نتيجة الصراعات الى التنمية والرخاء. وأشار إلى أن افريقيا عرفت الكثير من الصراعات لكن هناك ديناميات مستدامة لحل هذه النزاعات تعتمد على سياسات تشجيع السلام والاستقرار وتنطلق من إيمان الحكومات الإفريقية بأن التنمية المستدامة لن تتم من دون الانخراط في عملية جادة لتحقيق الديمقراطية. ونبه الرئيس امبيكي إلى مسألتين أولاهما انخفاض معدلات قتل المدنيين وثانيهما بحث المشكلات الإفريقية بمنهج تحليلي وتقديم طروحات لفهم الوضع وتعزيز الاستقرار والسلام. كما بين أن فهم هذه الأمور يساعد على إزالة الأفكار النمطية التي نسجت حول إفريقيا. وقد عقب وزير خارجية تونس السابق الدكتور رفيق عبد السلام وكذلك نائب رئيس البرلماني الكيني السابق السيد فارح معلم على محاضرة الرئيس امبيكي فعمقا بعض الأطروحات وفضلا في بعض النقاط الهامة.
وفي نهاية الجلسة الافتتاحية كرَّم رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني السيد ثابو امبيكي وإهدائه درع الشبكة لما قام به السيد امبيكي من جهود تخدم السلام والأمن في القارة الإفريقية وما عرف عنه من مثابرة في السعي لفض النزاعات الإفريقية فضلا عن نضاله ضد الفصل العنصري وسعيه لتكريس الديمقراطية بالقارة.
رئيس مجلس إدارة الجزيرة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني يكرم رئيس جنوب إفريقيا السابق ثابو امبيكي |
إفريقيا.. تنوع في الطرح وتعدد في الرؤى
ناقشت جلسات مؤتمر إفريقيا الست العديد من القضايا وغطت الكثير من المحاور؛ فكانت الجلسة الأولى التي ترأسها د بشير نافع الباحث بمركز الجزيرة للدراسات تحت عنوان الجذور التاريخية للصراعات في إفريقيا، فتحدث بداية السيد د موسى سيك رئيس الاتحاد الإفريقي العام للزراعة والصناعات الزراعية عن الصراعات في إفريقيا والتنافس على الموارد .. المياه نموذجًا. كما تناول البروفيسور عبد الودود ولد الشيخ أستاذ الانثروبولوجيا وباحث بالمعهد الفرنسي للبحث العلمي بباريس الصراعات في إفريقيا وعلاقتها بأسئلة الهُوية، ليتحدث بعد ذلك د محمد عبد الرحيم صالح، أستاذ السياسة العامة والتنمية، عن العوامل الاجتماعية والاقتصادية المغذية للصراعات وتلاه السيد د لياندرو كوماكش كبير الباحثين بكلية الحقوق بجامعة ماكيريري بأوغندا عن الصراعات ما بعد الاستعمار وأثناء الحرب الباردة والثابت والمتغير فيها، وقد ختمت مداخلات الجلسة بحدث عن الصراعات ودور الحكومات في إشعالها أو في حلها وذلك في عرض قدمته السيدة لندوي زولو المستشارة الخاصة لرئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما.
أما الجلسة الثانية التي ترأسها د محمد المسفر، الأستاذ بجامعة قطر فقد بحثت قضية الصراعات المزمنة والأخرى الناشئة: فتحدث عن أزمة دارفور والاحتمالات المفتوحة البروفيسور الطيب زين العابدين )، المفكر والأكاديمي السوداني، ليتلوه السيد لوك أوبالا، الباحث والمستشار في قضايا التنمية وحل الصراعات، مستعرضا الصراع القديم المتجدد في جمهورية الكونغو. وجاء بعدهما عرض عن أزمة شمال مالي وتداخل الأجندات قدمه الدكتور يحي الزبير أستاذ الإدارة والعلاقات الدولية ورئيس قسم الأبحاث في الجغرافية السياسية في معهد أيوروميد بالمدرسة العليا للإدارة بمرسيليا. وتم تقديم ورقة عن مشكل الصحراء الغربية والمسارات المتعرجة قدمها السيد عبد الله ممادو باه الباحث في قضايا حقوق الإنسان والسلم ومستشار والناطق الرسمي السابق باسم رئاسة الجمهورية الإسلامية الموريتانية. وكانت الورقة الخاصة بالصراع الصومالي وفرص المستقبل مقدمة من طرف السيد د عبدي اسماعيل سمتر الأستاذ في جامعة مينيسوتا الأمريكية وباحث زائر في جامعة بريتوريا بجنوب إفريقيا.
وكانت الجلسة الثالثة للمؤتمر تبحث في التجارب والمقاربات في تسوية الصراعات في إفريقيا وقد ترأسها مدير مركز إفريقيا والشرق الأوسط السيد نعيم جنا فكانت ورقة الحلول والتغيير من الداخل عن الحالة الإثيوبية وقدمها د أكلوغ بيرارا رئيس مركز التنمية الشاملة (ABRAW) في واشنطن دي سي. وتلتها ورقة عن الإدارة الإقليمية للصراعات الحالة السيراليونية نموذجا وتناولها د ديفد ج. فرنسيس رئيس قسم دراسات السلام ومدير مركز جون وإلينورا فيرجسون للدراسات الإفريقية (JEFCAS) في جامعة برادفورد في المملكة المتحدة. وبعدها ورقة عن الحلول الإقليمية والدولية (الحالة الإيفوارية) استعرضها د جورج كلاي كييه، أستاذ علوم سياسية ومستشار حكومتي ليبيريا والسيرياليون لقضايا السلام والصراع. وفي ختام الجلسة تمت تناول الصراع في السودان.. حالة الجنوب من طرف د عبد الوهاب الأفندي، أستاذ مشارك في العلوم السياسية بمركز دراسات الديمقراطية بجامعة وستمنستر في لندن، ومشرف على برنامج "الديمقراطية والإسلام" بالمركز.
لقطة عامة للمتحدثين |
وفي بداية اليوم الثاني من أيام المؤتمر ترأست المذيعة في قناة الجزيرة الإنجليزية السيدة فولي با تيبو الجلسة التي حاضر فيها أحمدو ولد عبد الله، وزير الخارجية الموريتاني السابق ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بالصومال سابقا. وعقب عليه كل من د التجانى سيسى رئيس السلطة الإقليمية بدارفور و د كيسيما غاكو المستشار التقني لوزير الدفاع بجمهورية مالي.
وقد ترأس جلسة العمل الرابعة: السيد عبد القادر محمد (عبدول) كبير مساعدي الرئيس امبيكي تحدث فيها السيد حقار محمد مستشار رئيس الحكومة التشادية عن تكريس النفوذ السياسي والثقافي الدولي في إفريقيا في حين تناول توني كاربو مسؤول الأول لبرنامج إفريقيا في جامعة السلام بواشنطن في ورقته موارد وإمكانات إفريقيا الاقتصادية الجاذبة. وكانت الورقة الخاصة بالهيمنة الاستراتيجية والسياسات الأمنية الدولية تجاه إفريقيا مقدمة من طرف د حمدي عبد الرحمن الخبير في الشؤون الإفريقية، ومدير برنامج الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة.
وقد ترأست جلسة العمل الخامسة د. أماني الطويل، المتخصصة في الشؤون الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، فتحدثت السيدة د كاديه سيساي، السياسية السيراليونية والنائبة السابقة في البرلمان والوزيرة السابقة، عن المؤسسة العسكرية والإصلاح السياسي في إفريقيا. وكانت ورقة الإصلاح الديمقراطي في إفريقيا: إنجازات وعقبات من تقديم السيدة د عائشة كاجي المتخصصة في النظم الديمقراطية والمديرة التنفيذية لمعهد حرية التعبير. وعن الحركات الاجتماعية في إفريقيا ودورها في تعزيز الديمقراطية وفض النزاعات تحدث د ميهاري مارو المستشار الدولي والزميل الباحث في كلية الدفاع التابعة لحلف شمال الأطلسي. وكان آخر المتحدثين السيدة لادن آفي الزميلة ما بعد الدكتوراه في قسم شؤون الدولية بجامعة قطر فتناولت مستقبل الإصلاح في إفريقيا.
وقد ترأس جلسة العمل السادسة: السيد حاتم غندير، رئيس القسم الاقتصادي بقناة الجزيرة، ففتح المجال أمام الشيخ بن عمر، وزير الخارجية التشادي السابق، ليستعرض الرؤية الإفريقية للربيع العربي ، في حين استعرض د علي الشابي، مستشار وزير الشؤون الاقتصادية بتونس، الاقتصاد الإفريقي.. ومستقبل للتعاون الاقتصادي العربي الإفريقي. وكانت الورقة الخاصة بالدين والسياسة في إفريقيا.. شرق إفريقيا نموذجا من تقديم د إبراهيم شيخ، رئيس المكتب السياسي للجبهة المتحدة للصومال الغربي. وعن الرؤية الاستراتيجية للعلاقات العربية الإفريقية تحدث د أنور عشقي مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية. كما تناول مساحات التقارب وآفاق التلاقي بين العالمين الإفريقي والعربي السيد وضاح خنفر رئيس منتدى الشرق ومدير شبكة الجزيرة السابق.
وقد شفعت جميع الجلسات خلال اليومين الأول والثاني من أيام المؤتمر بنقاشات معمقة ومداخلات مفيدة
وفي الجلسة الختامية التي ترأسها مدير مركز الجزيرة للدراسات قدم د سعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي السابق، المحاضرة الرئيسية الثالثة والتي تحدث فيهاعن آفاق ومستقبل منطقة الصحراء والساحل. ختم المؤتمر بجلسة مداولات عامة شارك فيها العديد من الحاضرين وطرحوا جملة من التوصيات والأفكار شكلت ختام اليوم الثاني والأخير من مؤتمر إفريقيا: تفاعلات الصراع وآفاق النهوض.