حلقة نقاشية: مستقبل ليبيا في ظل الانقسام السياسي والصراع العسكري

201512582212419734_20.jpg
شحاتة عوض باحث بمركز الجزيرة للدراسات يتوسط كلا من: الدكتور جمعة القماطي رئيس حزب التغيير الليبي (يمين)، والأستاذ محمد الجارح محلل سياسي في الشأن الليبي (الجزيرة)
ملخص
تعرف ليبيا احترابا عنيفا واستقطابا معقدا: في الشرق حكومة وبرلمان ومسلحون، وفي الغرب حكومة وبرلمان ومسلحون، وكل طرف يرى له الشرعية. من أبرز الجهات المسلحة في الشرق أنصار عملية كرامة ليبيا بزعامة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وفي الغرب أنصار عملية فجر ليبيا. هذا مع انتشار النزعة القبلية بين القبائل الليبية الموزعة حسب توجهاتها، ووجود ميليشيات مسلحة متعددة الولاءات، فضلا عن جِهاتٍ ومناطقَ تأخذ مسافة بعضها من بعض ويعادي بعضها بعضا. من المحتمل أن تفرض العناصر المتطرفة في الطرفين رؤيتهما على المشهد المتصارع فيتلاشى الحوار الداخلي الذي تشرف عليه الأمم المتحدة وترعاه المنظومة الإقليمية والدولية المهتمة بالشأن الليبي بحكم مصالحها وحساباتها وبالتالي تستمر الفوضى والاحتراب، وهو ما يفتح المجال أمام تدخل أجنبي بدأت بوادره تظهر مع اتهامات بعض الليبية لمصر والإمارات العربية المتحدة باختراق المجال الجوي الليبي واستعداء طرف ليبي على آخر، ومع الاستعدادات الفرنسية في منطقة الساحل المحاذية لليبيا، فكلها مؤشرات على تدخل إقليمي ودولي في ليبيا. ويبقى مع ذلك التوافق الداخلي بين مختلف الأطراف مطلبا ليبيا ملحا وإن كانت حظوظه أقل، ويمكن في هذا السياق الاتفاق على خطوط عامة وخارطة طريق قد تفتح الأمل أمام ليبيا.

تواجه ليبيا تحديات كبيرة على المستويين الأمني والسياسي؛ حيث تدهور الوضع الأمني نتيجة المواجهات المسلحة بين عملية الكرامة التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وعملية فجر ليبيا التي تضم ثوارًا من مشارب مختلفة. إضافة إلى انقسام سياسي حاد نتيجة وجود شرعيتين سياسيتين متنازعتين؛ مؤتمر وطني عام في طرابلس يتمتع بشرعية ثورية وقانونية، وبرلمان في طبرق يتمتع بشرعية انتخابية، ونوع من الاعتراف الخارجي، لكنه مُلغًى بحكم قضائي.

في إطار هذا الانقسام تطرح جملة من الأسئلة نفسها من قبيل: ما هي الاستراتيجيات المختلفة التي تتحكم في الصراع في ليبيا: الحوار، الحسم العسكري، الانفصال؟ هل الديناميات الداخلية والخارجية تدفع إلى مزيد من التعاون أم مزيد من التصارع؟ وهل يُسهِم الحوار السياسي الذي انطلق مؤخرًا في جنيف وقبل ذلك في غدامس في الخروج من الأزمة السياسية والمواجهات العسكرية التي تعصف بمستقبل الدولة الليبية؟ وكيف يبدو مستقبل ليبيا السياسي في ضوء المعطيات الحالية؟ للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها استضاف مركز الجزيرة للدراسات كلًّا من: الدكتور جمعة القماطي رئيس حزب التغيير الليبي، والأستاذ محمد الجارح محلل سياسي في الشأن الليبي، وقد قدَّم كل منهما عرضًا تفصيليًّا لرؤيته لما يحدث في ليبيا. وقد شُفعت الجلسة بنقاش وحوار وردود يجملها التقرير التالي:

ليبيا وثنائية الائتلاف والاختلاف

يتشعب الموضوع الليبي ويتسع على الباحث والمتابع لدرجة تصعب معها الإحاطة به، ومع أن ثورات الربيع العربي الخمس التي انطلقت من تونس وانتهت بسوريا مرورًا بمصر وليبيا واليمن كان لكل قُطر منها خصوصيته وطابعه الخاص، مما يعني أنه من الخطأ التعميم بشأن هذه الثورات، وهو تعميم طالما وقع فيه المحللون. وفي هذا السياق فإن الخصوصية الليبية تتلخص في أن ثورة ليبيا ورثت دولة لا مؤسسات بها؛ فالزعيم المطاح به معمر القذافي كان قد ألغى مظاهر مَأسَسَة الدولة الليبية، وصارت ليبيا تحت حكمه كأنها "لا دولة": فلا إدارة ولا قضاء ولا مجتمع مدني، بل إن كل الشأن العام الليبي يتمحور حول شخصية القذافي. وقد وضع هذا الأمر إشكالًا أمام الثوار غداة إزاحة القذافي، ألا هو تحدي بناء الدولة والبدء من الصفر؛ فهناك فراغ تام وليبيا خالية من أي مظهر من مظاهر البناء، وكان على الثوار الليبيين أن يواجهوا هذا التحدي، الذي هو تحدٍّ ناتج عن تغييبهم عن التسيير والبناء طيلة أزيد من أربعة عقود. وقد عقَّد من هذا التحدي أن مستوى القدرات البشرية الليبية ضعيف جدًّا. ومما لا شك فيه أن الليبيين في المَهَاجر لهم مستوى معرفي مرتفع عكس إخوتهم في الداخل، بل إن لهم درايةً ومستويات علمية وخبرات اكتسبوها في مَهَاجِرهم، غير أن هؤلاء المهاجرين الليبيين يُقدّرون بمائة ألف شخص، أي أن نسبة قليلة من الليبيين كانت قد اكتسبت مستويات تعليمية عالية. وبعد نجاح الثورة واجه هؤلاء المهاجرين نفورٌ من لدن الليبيين في الداخل، حتى إنهم صاروا غيرَ مرغوبين، وصاروا يوصفون بكونهم متعددي الولاءات. وردة الفعل هذه التي يواجَه بها العائدون من الخارج حصلت في العراق وفي أفغانستان وفي غيرهما. ومع أن ليبيا بحاجة إلى هؤلاء إلا أن دورهم المطلوب في تحدي البناء لم ينجز ولم يتحقق. ومن العقبات الجمة التي اعترضت الثوار الليبيين عدم وجود جيش وشرطة؛ مما ولّد انفلاتًا أمنيًّا وانتشارًا للسلاح، وهذه الفوضى وهذا التخبط الأمني خلّفتهما حالة الفراغ السياسي والمؤسساتي التي أسسها القذافي.

كان بالإمكان أن تكون ليبيا نموذجًا سياسيًّا وتنمويًّا ناجحًا؛ فلليبيا موقع جغرافي استراتيجي، فمساحتها تزيد على مليون وسبعمائة ألف كيلو متر مربع، ولها حدود تزيد على الأربعة آلاف كيلو متر مع ست دول أربع منها دول عربية ودولتان إفريقيتان، فضلًا عن ساحل مطل على البحر الأبيض المتوسط يبلغ 1770 كيلو مترًا. ولليبيا موارد اقتصادية ضخمة يأتي النفط والغار على رأسها، وبعد اكتشافات جديدة ارتفع الاحتياطي الليبي من النفط من 48 مليارًا إلى 74 مليار برميل، وهو أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا. وهناك ثروة معدنية متنوعة بما فيها الذهب، وهناك أيضًا إمكانيات الاستفادة من الطاقة الشمسية التي يمكن تصديرها إلى أوروبا. وفضلًا عن هذه الإمكانات الاقتصادية، فمن الناحية الاجتماعية والثقافية فإنَّ الشعب الليبي من أكثر الشعوب العربية انسجامًا عرقيًّا ودينيًّا ومذهبيًّا، ومع وجود نسبة للأمازيغ تبلغ 3% إلا أنه ليس في ليبيا صراع ثقافي أو احتكاك إثنيّ؛ فاللغة العربية توحِّد الجميع، والمذهب سني مالكي يجمع ساكني البلد. ومعلوم أن المجتمع الليبي مجتمع قبلي، لكن الصراع القبلي إن حصل لا يصل إلى حد الفتنة والاحتراب. وهذا يعني أن ليبيا تملك من عوامل القوة أكثر مما تملك من عوامل التفرقة، لكن مع هذا أخذت الأمور في ليبيا مسارًا سلبيًّا. ويعود ذلك لعوامل؛ منها:

  • أولًا: غياب الثقافة الديمقراطية؛ فثقافة القبول بالآخر وثقافة التعايش والاختلاف وثقافة الحوار ضعيفة عند الليبيين.
  • ثانيًا: ضعف التعليم؛ ذلك أن جودة التعليم الليبي في السابق منعدمة، ومخرجات التعليم الليبي ضعيفة عكس تونس مثلًا. 
  • ثالثًا: التجاذبات الداخلية؛ فالبعد الاجتماعي والقبلي والمناطقي حاضر بقوة في الحياة السياسية الليبية عكس الصراع الأيديولوجي فهو غير عميق؛ حيث لا نجد حضورًا لثنائية العلمانية والإسلام مثلًا عكس القبلية والمناطقية.
  • رابعًا: التدخل الخارجي؛ ذلك أن الشأن الليبي أصبح مستباحًا من الخارج، ومن أسباب ذلك وفرة إمكانيات ليبيا ومواردها التي خلقت تنافسًا على ليبيا، وبرّرت للقوى الإقليمية والدولية تدخلها؛ مما جعلنا نشاهد أطرافًا إقليمية تحارب بالوكالة في ليبيا.
  • خامسًا: البعد التاريخي؛ إذ إن نشأة ليبيا في الخمسينات كانت نتاج توافق خارجي وتفاهمات دولية أجنبية بعد اتحاد المناطق الثلاث (برقة وفزان وطرابلس). وقد شبّه رولاندينو حالة ليبيا الراهنة بحالتها غداة الاستقلال، فكأن التاريخ يعيد نفسه اليوم؛ حيث يُراد إنتاج ليبيا جديدة حسب رغبة الدول الخارجية، وحسب ما كان قائمًا غداة الاستقلال.

في هذا السياق المعقّد والذي يختلط فيه المحلي بالإقليمي والدولي، وتتزاحم فيه عوامل الائتلاف مع نوازع الاختلاف تشتعل في ليبيا عدة نيران من أبرزها: الصراع بين أنصار عملية الكرامة في ليبيا المحسوبين أساسًا على الشرق الليبي وبين أنصار عملية فجر ليبيا المحسوبين في الغالب على الغرب الليبي، وقد تعقد الصراع بين الطرفين وأخذ أوجهًا مختلفة، من أبرزها استخدام أنصار عملية الكرامة شماعة الحرب على الإرهاب وذلك بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، التي لا يمكن وصفها بمحاربة الإرهاب بقدر ما هي غطاء لإقصاء طرف بعينه. ذلك أن الصراع الدائر في ليبيا الآن صراع سياسي على سلطة، لكنها سلطة لم يتم بناؤها بعد، وصراع على ثروة لم تستخرج بعدُ. وتقوم الأمم المتحدة الآن بتوجيه الأطراف الليبية إلى حوار سياسي وإلى شراكة، ولعل في تغليب إرادة الحوار على النزوع نحو الاحتراب ما سيعود بالفائدة على ليبيا، خصوصًا أن على الأطراف الليبية أن تنظر إلى غربها بدل النظر إلى شرقها؛ أي أن تؤسس تجربتها التوافقية على النموذج التوافقي التونسي في الغرب بدل النموذج الإقصائي المصري في الشرق.

الحالة الليبية في ضوء سيناريوهات متعددة

قبل الحديث عن السيناريوهات المحتملة في ليبيا يحسن أن نقف عند بعض الأمور والتي منها:

أولًا: غياب الدولة وهيبتها
عرفت ليبيا منذ قيام الثورة وحتى ما بعد الثورة ظواهر خطيرة تجسد غياب الدولة وانعدام النظام، فقد ظهرت عقلية تحدي الدولة وثقافة الخروج على النظام؛ ومن شواهد ذلك أنه مع مقتل عبد الفتاح يونس واثنين من مرافقيه تم الإعلان عن مرتكب تلك الفعلة ومعرفته بالاسم وهو أحمد أبو ختالة المسؤول في جماعة أنصار الشريعة، والذي اعترف هو نفسه باغتيال عبد الفتاح يونس في تحدٍّ إعلامي مشهور، إلا أنه بقي طليقًا حتى اختطفته أميركا ورحّلته لاتهامه في الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي سنة 2012، والذي أدى إلى مقتل السفير الأميركي وأربعة أشخاص آخرين معه.

ومن الأمور الخطيرة التي حدثت في ليبيا بعد الثورة استنزاف موارد الدولة؛ ففي 2012 بدأت حكومة ما بعد الثورة في دفع الأجور للثوار، غير أن عدد هؤلاء الثوار الذي كان يُقدّر بـ30 ألفًا أصبح تحت طائلة تعدد وتنوع الميليشيات 250 ألفًا، فأصبح الكثير من ميزانية الدولة نهبًا للميليشيات.

جانب من حلقة النقاش (الجزيرة)

ومن مظاهر التدافع التي تحصل بليبيا بعد الثورة ما حصل في الحفل الذي أقيم في 8 أغسطس/آب 2012، حين نقل المجلس الوطني الانتقالي السلطة رسميًّا إلى المؤتمر الوطني العام؛ ففي ذلك الحفل تم طرد المذيعة سارة المسلاتي التي لم تكن تضع الحجاب على رأسها بطلب من أحد نواب حزب العدالة والبناء وهو صلاح بادي، الذي فرض وجهة نظره بالقوة أمام الجميع؛ مما يعد مؤشرًا على ضعف الدولة.

وفضلًا عن هذه المؤشرات وغيرها، فقد تم استهداف القضاة ورجال القانون، فتمت تصفية الكثير من القضاة والشخصيات السياسية والضباط، ولم يتم التحقيق في أي قضية من تلك القضايا؛ مما يدل على هشاشة بل انعدام المؤسسات في ليبيا.

ثانيًا: علاقة اللواء حفتر ببرلمان طبرق
لا يبدو أن ما تذهب إليه التقارير الإعلامية، من تنسيق تام واتفاق شامل بين خليفة حفتر وبرلمان طبرق، صحيح. فهذا الاتفاق مرحلي، وحفتر ليس الخيار الأمثل لليبيا، وقد سطع نجم ليبيا في الشرق الليبي لعدم وجود سلطة، والخيار دفع بحفتر إلى الواجهة، وهو الآن يحقق نجاحات ميدانية في بنغازي، وهناك تحضير للاحتفال وتمجيد حفتر لانتصاراته. ومعلوم أن اللواء المتقاعد حفتر يقدِّم نفسه على أنه يحارب أنصار الشريعة أو التنظيمات الجهادية الليبية، بل إنه صرّح بأنه في مواجهة مع جميع الجماعات الإسلامية في ليبيا بما في ذلك الإخوان. وعلى العموم فحفتر يريد أن يُرجِع ليبيا إلى حكم عسكري، وهو ما يجعله في مواجهة مع القوى الديمقراطية في شرق ليبيا التي تجد تخوفًا، وخصوصًا داخل برلمان طبرق، فهو يهدّد وجودهم كما يهدد وجود الآخرين.

ثالثًا: حيثيات حكم المحكمة الدستورية الليبية
أصدرت المحكمة العليا بليبيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 قرارًا ببطلان انتخاب البرلمان الليبي، وهو ما رفضه هذا البرلمان مؤكدًا أن القرار تم اتخاذه "تحت تهديد السلاح". ولو قارنَّا هذا الإجراء القضائي بإجراءات مشابهة له، فسنجد له أمثلة في إيطاليا وفي ألمانيا على سبيل المثال؛ ففي إيطاليا مثلًا صدر حكم قضائي ببطلان قانون انتخابات البرلمان الإيطالي، وأنه غير دستوري، لكن المحكمة علَّقت العمل بالقرار حتى يصار إلى نصوص صحيحة، وأن يبقى البرلمان يعمل حتى تجري انتخابات في ظل نصوص دستورية، فكان هذا حكمًا مشروحًا بنصوص تنفيذية، لكن المحكمة العليا الليبية لم تشرح حكمها، هل يعود المؤتمر الذي أصبح مُلغًى دستوريًّا؟ وهو ما جعل القرار القضائي الليبي ناقصًا. وفي ألمانيا حدثت ثلاث حالات، ولكنها أحكام مشروحة وتوصي دائمًا بالإبقاء على البرلمان؛ لما فيه من ديمومة للدولة.

رابعًا: الحوار السياسي في ليبيا
من الواضح أن جميع الليبيين سئموا الحرب وكانت نتيجتها وخيمة، ومن الواضح أيضًا أن هنالك متطرفين في الجهتين المتصارعتين: ففي فجر ليبيا توجد جماعة الوفاء لدماء الشهداء، وهي جماعة متشددة لا تؤمن بالديمقراطية، وترفض الحوار وتضع أمامه شروطًا من أبرزها ضرورة أن يكون الحوار بداخل ليبيا، وهو أمر متعذر في ظل الوضع الأمني الراهن. وترى جماعة الوفاء لدماء الشهداء أن شرعيتها الثورية أكبر من الشرعية الليبية. وأما في الطرف الثاني أنصار عملية الكرامة، فنجد جماعات تطالب بمجلس عسكري أعلى، ولا تريد للحوار أن يستمر، وترى في التوافق السياسي تهديدًا لمشروعها القاضي بإعطاء الحكم للمؤسسة العسكرية. غير أن الغالبية في ليبيا تريد الحوار.

سيناريوهات محتملة

السيناريو الأول -وهو المتوقع
أن تفرض العناصر المتطرفة في الطرفين (أنصار فجر ليبيا وأنصار عملية الكرامة) رؤيتهما، وبالتالي تستمر الفوضى والاحتراب، ويتم القضاء على ما تبقى من مؤسسات تعكس وجود الدولة كالمصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط. ويفتح هذا السيناريو المجال أمام التدخل الدولي.

السيناريو الثاني
تدخل أجنبي: وهو أمر محتمل في ظل التطورات الأمنية والسياسية المتأزمة، وفي ظل عدم تقدم الحوار وتزايد الاحتراب الداخلي. وقد ظهرت بوادر هذا التدخل، سواء تعلق الأمر بمصر أو ببعض دول الخليج أو بفرنسا وغيرها من الدول الغربية.

السيناريو الثالث
التوافق الداخلي: هذا السيناريو هو الأفضل بالنسبة لليبيا والليبيين، وإن كانت حظوظه أقل، ويقضي بأن يكون هنالك توافق بين أغلب الجهات ويتم تحييد المتطرفين في الجانبين. وسيسمح هذا السيناريو، لو تمّ، بالاتفاق على حكومة وفاق وطني وعلى آليات للعمل السياسي وعلى العمل على استتباب الأمن، وبالتالي ستُحل ظروف المواطن بتوفير حاجياته والخدمات الاجتماعية المتعطلة، والتي يحتاجها الليبيون من تعليم وطب وتوظيف. ويمكن في هذا السياق التفكير في فيدرالية جديدة في ليبيا، من شأنها تقوية السلطات المحلية تحت ظل سيادة الدولة الليبية.
______________________________
د. سيدي أحمد ولد أحمد سالم - مركز الجزيرة للدراسات