تداعيات الاتفاق النووي الإيراني في حلقة نقاشية لــ"الجزيرة للدراسات"

2015322103533564734_20.jpg
جانب من المشاركين في الحلقة النقاشية (الجزيرة)

مع اقتراب عقارب الساعة من الموعد المُحدد لإنهاء المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1 حول النووي الإيراني في 31 مارس/آذار، تتلاحق الأسئلة الحائرة حول ما إذا كان الطرفان سيتوصلان إلى صفقة شاملة أم إلى اتفاق جزئي أم، ربما، تنهار المفاوضات ويُخفقان في إبرام اتفاق أيًّا كان نوعه. وتُحيل هذه الأسئلة على موقف إدارة الرئيس أوباما العازمة بكل ما أوتيت من قوة على اجتراح اتفاق نووي مع طهران، كما تُحيل في الجانب المقابل على إصرار المعارضين للصفقة، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، على إحباطها.

انطلاقًا من تلك الحيرة المُحفزة على التأمل والاستشراف أقام مركز الجزيرة للدراسات، يوم 15 مارس/آذار، حلقة نقاشية عن تداعيات الاتفاق النووي المحتمل مع إيران، أدارتها الأستاذة ملاك شبقون وتحدث فيها كل من الدكتور غسان شبانة، باحث أول بمركز الجزيرة للدراسات، والدكتور إبراهيم شرقية فريحات، نائب مدير مركز بروكينغز الدوحة، والدكتورة فاطمة الصمادي، باحث أول بمركز الجزيرة للدراسات، والدكتور خالد الجابر، رئيس تحرير صحيفة "ذي بينانسولا" The Peninsula، والدكتور لوشيانو زاكارا الأستاذ بجامعة قطر.

ركزت الدكتورة فاطمة الصمادي ورقتها على احتمالات توقيع اتفاق مع إيران والفوائد التي يمكن أن تحصدها طهران من ذلك الاتفاق، وتأثيراته المحتملة على حالة التنافس السياسي الداخلي، وصولًا إلى تأثيراته الاقليمية. ورأت أن هناك سيناريوهات عدَّة فيما يتعلق بمستقبل ملف إيران النووي، في مقدمتها احتمالات كبيرة لتوقيع اتفاق أو التوصل إلى تفاهم سياسي بشأن القضية مع نهاية مارس/آذار، مُؤكدة أن ذلك لا يُسقط احتمال عدم توقيع الاتفاق، لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن جميع الأطراف المشاركة في المفاوضات لا تحبِّذ الفشل، ولا ترغب في تحمل تبعاته.

واعتبرت الدكتورة الصمادي أن هناك ثلاث قضايا بدون مخرجاتها لا مجال للحديث عن تقدم في مفاوضات النووي الإيراني، وهي:

  • العقوبات: وهي القضية التي بدأت تأخذ مساحة كبيرة من جلسات التفاوض، ومن الملاحظ أن الطرف الأميركي يدير التفاوض بشأنها وفق إطار عام يتضمن أربعة محاور رئيسية، هي:
    • الحفاظ على البنية التحتية لنظام العقوبات على المدى الطويل.
    • الحفاظ على إمكان استئناف العقوبات مجددًا في وقت قصير جدًّا.
    • الحفاظ على استراتيجية تفاوضية تعتمد المرونة في تعديل نظام العقوبات.
    • التعديل التدريجي لأية عقوبات بالاعتماد على سلوك إيران.

      وقالت: إن الولايات المتحدة قد تقدِّم مقترحًا جديدًا يتعلق بالجدول الزمني لتعليق العقوبات، لكن جميع ما اقترحه المفاوض الأميركي لم يخرج عن الأصول الأربعة السابقة؛ فمن الواضح أن لدى واشنطن قناعة بأن العقوبات كانت الخيار الأفضل والمثمر على صعيد إحداث تغيير في السلوك الاستراتيجي لإيران، كما أن ما تواجهه الإدارة الأميركية على صعيد الجغرافيا السياسية من تحديات يجعل من الصعب عليها أن تُحدث تغييرًا جذريًّا في مسار العقوبات المفروضة على إيران.

      أما بالنسبة للطرف الإيراني فسيكون المقترح المتعلق بطريقة تعليق العقوبات هو المعيار الأهم في حدوث التوافق من عدمه. وإلى اليوم لم تحصل إيران على جواب إيجابي على هذا الصعيد. ويرى صانع القرار الإيراني في هذا المضمار أن حلَّ معضلة العقوبات ليس مسارًا يتعين على إيران الانخراط فيه، بقدر ما هو قرار يُتخذ دفعة واحدة وبصورة قاطعة. وهذا يعني أن فقدان الضمانات بشأن إلغاء العقوبات بشكل كامل معناه أن العقوبات ستبقى قائمة بشكل أو بآخر، وهو ما يرى الإيرانيون أنه لا يرتبط بمسألة التأكد من سلمية برنامجهم النووي بقدر ما هو مؤشر على أن العقوبات لن تُلغى وأن الاقتصاد الإيراني سيبقى رهينة لها.

  • التخصيب: هذه هي القضية الثانية التي يلفُّها الغموض من جوانب عدة. وإذا ما صحَّت التقارير الصحفية الغربية القائلة بأن الاتفاق يسمح لإيران بزيادة القدرة على التخصيب بشكل تدريجي، فإن السؤال المطروح هو: ما السقف المسموح به للتخصيب؟ 
  • الرقابة والتفتيش: لا تبدو الآليات المستقبلية لهذه المسألة واضحة، خاصة أنها مرتبطة بصورة كبيرة بما سيتم التوافق عليه في القضيتين السابقتين، لكن إيران تتخوف من أن توظف البنود الخاصة بالرقابة والتفتيش في تأخير تعليق العقوبات وإلغائها. وتطالب الدول الكبرى إيران بالتنفيذ المؤقت للبروتوكول الملحق بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (إن بي تي)، وهو ما يسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارات مباغتة للمنشآت النووية الإيرانية.

استطلاعات الرأي الإيرانية

أكد استطلاع أخير للرأي أُجري في إيران، أن 86% من الإيرانيين يؤيدون اتفاقًا نوويًّا بين إيران و5+1، ويعتقد 39% أن ذلك سيؤدي إلى تحسن في العلاقات الأميركية-الإيرانية. ويبدو ذلك مرتبطًا بما يمكن أن يتركه الاتفاق على الصعيد الاقتصادي، وخاصة تعليق العقوبات. ويعتمد مستقبل روحاني السياسي بدرجة أساسية على تحسين الوضع الاقتصادي وتخفيف العقوبات المفروضة على إيران، ولاسيما العقوبات النفطية. ويدفع روحاني وفريقه المفاوض بقوة لتوقيع اتفاق نووي شامل مع القوى الدولية قبل نهاية المهلة المحددة للتفاوض، وهي الثلاثون من يونيو/حزيران من هذا العام. ويواجه الرئيس الإيراني معارضة كبيرة من خصومه ومنافسيه السياسيين الذين يتهمونه بالعجلة لتوقيع الاتفاق. وأربك تراجع أسعار النفط خطط روحاني الاقتصادية ولذلك يبدو الاتفاق الشامل مخرجًا؛ حيث من الممكن أن يضخ في الاقتصاد الإيراني 20-30 مليار دولار؛ مما سيؤدي إلى ارتفاع قيمة إجمالي الدخل القومي إلى 4 أو 5 في المائة. وتحضيرًا لأي اتفاق وزَّعت إيران بالفعل مسوَّدات عقود نفطية جديدة على الشركات الأجنبية ليبدأ العمل بها بمجرد رفع القيود. ووُصفت العقود الجديدة بأنها أكثر تنافسية وتتيح فرصًا كبيرة للربح. وأظهر استطلاع للرأي أُجري الشهر الماضي تراجع شعبية روحاني إلى 49% مقارنة بشهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي حيث كانت 58% وذلك يعود إلى تعثر خطة روحاني الاقتصادية بسبب انهيار أسعار النفط. وأكدت الدكتورة الصمادي في ختام مداخلتها أن توقيع اتفاق نووي سيصب في مصلحة إيران ويشكِّل اعترافًا بدورها الإقليمي كلاعب أساسي في المنطقة، وهو يعني أيضًا تصاعد وتيرة التنسيق مع واشنطن في ملفات مهمة، أبرزها: العراق وسوريا.

ورجَّح الدكتور إبراهيم شرقية فريحات أن تتوصل إيران وأميركا إلى اتفاق سياسي حول الملف النووي، خصوصًا أن واشنطن تسعى حاليًا لإغلاق هذه الملفات تمهيدًا للانتقال إلى آسيا. وتطرَّق للخلافات في مجلس الشيوخ بين الجمهوريين والرئيس الديمقراطي أوباما وتداعيات هذا الخلاف على فرص الوصول إلى صيغة نهائية للاتفاق. وأشار إلى الجهد الذي يبذله وزير الخارجية كيري مع قوى الاعتدال في إيران لأن توقيع اتفاق سيكون في صالح الجناح المعتدل في إيران.

وتوقَّف الدكتور شرقية عند مرتكزيْن لفهم خلفيات هذا الملف، أولهما: أن الولايات المتحدة تتعامل مع المنطقة كوحدة وليس كملفات منفصلة، أي ضمن استراتيجية إقليمية تحدد من خلالها، على سبيل المثال، هل تتدخل في سوريا أم لا؟ والثاني: هو نظرية الألم المتبادل والفرصة السانحة؛ فالطرفان وصلا إلى المرحلة الراهنة من خلال حروب وعقوبات وأخيرًا انهيار في أسعار النفط. وأكد أن إيران اليوم في وضع لا تُحسد عليه، وهي بحاجة إلى تمويل الحروب في اليمن وفي غيرها. وقال: إن أميركا أخفقت في العراق وسوريا وفلسطين، وهي تبحث عن نصر أو إنجاز، خاصة أن الرؤساء المغادرين يهتمون بالإرث legacy الذي يبقى بعدهم. واعتمد الباحث على بعض المؤشرات التي تدل على التقارب، منها أن التقرير الاستراتيجي للأمن القومي 2006-2007 صنَّف إيران كخطر بناء على خمسة مؤشرات، أما في التقرير الصادر قبل شهرين فلم يبق سوى مؤشر واحد هو النووي، ما يدل على سعي لتأهيل إيران والتفاهم مع قيادتها. وبما أن التعامل الأميركي مع المنطقة كلي وشامل فسيشمل الاتفاق مع طهران ملفات محاربة "داعش" والإرهاب، بالإضافة لضرورة تقديم ضمانات للحلفاء وخاصة دول الخليج، وهذا يتطلب صياغةَ استراتيجية جديدة معهم وليس الاكتفاء بالتطمينات والرسائل.

غير أن الدكتور خالد الجابر أبدى تشاؤمه من تداعيات الاتفاق النووي المُحتمل على دول مجلس التعاون الخليجي، مُستعرضًا مظاهر التمدد الإيراني في المنطقة، ومعرِبًا عن قلقه من أخطار ذلك التوسع، وقال: إن السؤال الذي يتردد في المجالس الخليجية الخاصة والعامة ليس هل تنسحب إيران من المواقع التي تمددت إليها أم لا؟ وإنما ما هي العاصمة العربية القادمة التي ستسقط في يد إيران؟ على اعتبار أن الإيرانيين يسيطرون مباشرة أو عن طريق وكلاء على العراق وسوريا ولبنان واليمن. وأكَّد الجابر أن الاتفاق النووي جاهز ولكن السؤال هو عن موعد الإعلان عنه.

وأشار إلى أن غياب استطلاعات الرأي يجعلنا لا نعرف كيف تفكر السلطات والرأي العام في بلدان الخليج، والتقط مع ذلك مؤشرات قال: إنها تساعد على قراءة ردود الفعل في حالة الإعلان عن اتفاق بين إيران والولايات المتحدة، وهي كلها تصب في معارضة الاتفاق والتحذير من مخاطره على المنطقة. واستعرض تاريخ العلاقات الإيرانية-الأميركية منذ قيام الجمهورية الإسلامية، مشيرًا إلى أن اسمين برزا في حقبة الرئيس الأميركي كارتر، وهما: علي أكبر هاشمي رفسنجاني وحسن روحاني. وقال: إن الفريق نفسه يسعى اليوم إلى اللعبة نفسها من أجل الوصول إلى اتفاق جديد. وشدَّد على أن إيران تحاول إقناع الغرب بأنها الوحيدة القادرة على مكافحة الإرهاب في المنطقة، وإذا سارت الأمور في اتجاه توافق إيراني-أميركي يُطلق يد إيران فسيؤدي ذلك إلى تغذية سباق التسلح مع طهران، وربما العمل على إنتاج قنبلة عربية، بما يعنيه ذلك من ضياع فرص التنمية في الخليج. وحَثَّ بناءً على ذلك على بلورة موقف عربي موحد يأخذ في الاعتبار أطماع إيران التوسعية في المنطقة.

وركز لوشيانو زاكارا ورقته على المعارضة الإسرائيلية للاتفاق النووي بين إيران وأميركا، مُقلِّلًا من تأثيرها في مسار المفاوضات ومشيرًا إلى أن كلام إسرائيل المكرر منذ عشرين سنة عن النووي الإيراني لم يعد يُصدقه أحد. ورجَّح زاكارا بدوره أن الاتفاق سيتم وأن الأطراف الكبرى ستكون هي المستفيدة منه. وقال: إنه من الصعب أن نجد عملًا إيرانيًّا ضد إسرائيل طيلة السنوات الثلاثين الماضية؛ إذ كان الإيرانيون يُرددون: "إذا ما هاجمتنا إسرائيل فسيتحرك حزب الله وحركة حماس للدفاع عنَّا". أما اغتيال إسرائيل لعلماء نوويين إيرانيين فاعتبر زاكارا أنه "لا توجد أدلة دامغة عليه، لكنه مُرجح" كما قال. ولخَّص جوهر الموقف الإسرائيلي من هذا الملف في أن وجود إيران نووية ببرنامج شرعي، أي يحظى بموافقة المؤسسات الدولية المعنية وتحت إشرافها، من شأنه تعريض مصالح الدولة العبرية للخطر. واعتبر أنه عندما تفكر أوروبا وأميركا في تخفيف العقوبات على إيران وتفترضان أنها صارت لاعبًا إقليميًّا مهمًّا فمعنى ذلك أنه يجب احتواؤها وإدماجها وإن على مضض. وأكد أن دول الخليج ستكون مضطرة هي الأخرى للقبول بها، مُرجِّحًا أن هذا التطبيع إذا ما تم فلن يترك مجالًا لفرض عقوبات جديدة على إيران في المستقبل. كما لن يكون هناك أي هجوم دولي على إيران، واستطرادًا، لن تقبل أية دولة بتحرك عسكري إسرائيلي ضد إيران.

وتحدث الدكتور غسان شبانة عن تداعيات التسوية المحتملة بين إيران وأميركا على كلٍّ من الهند وروسيا الاتحادية والصين، وقال: إن كلًّا من روسيا والصين ليستا مُستعجلتين لتسوية الملف النووي مع إيران. وتوقف عند أربعة ملفات قال: إنها مُحدِّدة في الموقف الروسي، وهي مسألة بحر قزوين والمسلمين السُنَّة في الجمهوريات الروسية مثل الشيشان، وأسعار النفط العالمية، وأخيرًا فرص بناء مفاعلات جديدة في إيران. وشرح أن روسيا تستعين بإيران لمواجهة تنامي نفوذ السُنة داخل أراضيها ومنعهم من الانفصال، ولاسيما في منطقة القوقاز. كما أن روسيا ماضية في استغلال بحر قزوين طالما أن لإيران مشاكل مع الغرب تجعلها غير قادرة على الالتفات لخلافاتها مع موسكو على النفوذ في سواحل قزوين.

وتستفيد روسيا أيضًا من استمرار النزاع بين طهران وواشنطن لأن أسعار النفط ستظل مرتفعة، وهذا أمر مهم اقتصاديًّا لروسيا لأن احتمال عودة إيران غدًا إلى الأسواق النفطية بقوة سيُربك موسكو. أما إذا استمرت العقوبات فلن تستطيع إيران بيع نفطها بالأسعار التي تريد وبحرية كاملة، وفي هذا منفعة للنفط الروسي. ولهذا السبب نرى موسكو لا تضغط على إيران للقبول بتنازلات لتوقيع الاتفاق. وهي مستفيدة من استمرار الصراع السنِّي-الشيعي في العالم كي يتناكف الطرفان فلا يكون هناك مجال لدعم السنة في جمهوريات آسيا الوسطى وداخل روسيا الاتحادية. أما في السيناريو الثاني وهو التوصل إلى الاتفاق فستربح روسيا أيضًا من بناء مزيد من المفاعلات في إيران، وكذلك يمكن أن يعهد لها الإيرانيون بتطوير القطاع السياحي والصناعات النفطية والعسكرية في إيران.

أما بالنسبة للصين، فأوضح الدكتور شبانة أنها تستغل الأزمة النووية الايرانية لتحقيق ثلاثة أهداف، يتمثل الأول منها في عرقلة الخطط الإيرانية للتمدد في شرق آسيا بالإبقاء على المسألة النووية بلا تسوية، ولذا فمن مصلحة الصين أن تبقى إيران في خلافات مستمرة مع الغرب حتى لا يتسنى لها التوسع شرقًا في آسيا. والهدف الثاني هو تعطيل توسع الولايات المتحدة في آسيا بجعل إيران تناكفها فتبقى بعيدة عن المنطقة. أما الهدف الثالث فيتمثل في استمرار بيع النفط الإيراني المُهرَّب إلى الصين عبر السوق السوداء وبأسعار بخسة. فعودة إيران إلى أسواق النفط سيرفع من أسعار صادراتها أسوة بالدول المصدِّرة الأخرى. كما أن الصين تريد استغلال علاقاتها مع إيران لتكون جسرها الذي تصل من خلاله إلى الشرق الأوسط، وهذا يتطلب الإبقاء على إيران ضعيفة ومشغولة بالصراع مع الغرب.

يبقى الموقف الهندي المختلف عن الاثنتين: روسيا والصين؛ فالتوصل إلى اتفاق نووي ليس مشكلة بالنسبة للهند، والعكس صحيح أيضًا؛ أولًا: لكون العلاقات الهندية-الإيرانية لا تتعدى تصدير النفط، وثانيًا: لأن مصالح الهند الاستراتيجية مع دول الخليج العربية أكثر مما هي مع إيران؛ فالهند تستطيع أن تحصل من العالم السُني على معظم النفط الذي تحتاجه. وأكَّد الدكتور شبانة أن الهند لا تستطيع أن تُغضب دول الخليج العربية لأن لديها أعدادًا كبيرة من العاملين فيها ولن تُغامر بدفع تلك الدول إلى طرد العمال الهنود. وأشار إلى أن 20 في المئة من مسلمي الهند هم شيعة إسماعيليون وتسعى الهند وإيران معًا لجعلهم اثني عشريين من أجل إيجاد توازن مع أهل السنة. وتطرق إلى التعاون العسكري الهندي-الإسرائيلي باعتباره أيضًا عاملًا مهمًّا في تحديد الموقف الهندي من أي اتفاق مع إيران؛ فالدولة العبرية تُصدِّر التكنولوجيا الأميركية المتطورة إلى كل من الهند والصين (مع أنها مُتعهِّدة بالامتناع عن بيع تلك التكنولوجيا إلى طرف ثالث). وعزا حرص الصين والهند على المحافظة على "التوازن" في العلاقات مع كل من إيران وأميركا إلى ذلك الهاجس.

وأعقبت المداخلات الخمس مناقشة شارك فيها الحضور وتطرقت إلى المؤشرات التي تدل على احتمال عدم التوصل إلى اتفاق نووي، والتقليل من أهمية معارضة الجمهوريين في الكونغرس للبيت الأبيض، وانعكاسات الاتفاق في صورة إبرامه على المنافسة التركية-الإيرانية في جمهوريات آسيا الوسطى، وغياب الوحدة في الموقف الخليجي من الملف النووي الإيراني.
_____________________________
رشيد خشانة - كاتب وباحث بمركز الجزيرة للدراسات