الحوار السياسي في البحرين... الإشكاليات والمسارات

المحور الرئيس للنزاع في البحرين، سياسي بحت يتمركز في العلاقة بين الحكم والمحكومين، ولمدة طويلة كانت هذه العلاقة هي محرك النزاع الذي يتحول أحيانًا إلى عنف تسال فيه الدماء. تركز النزاع في البحرين في مطالب سياسية تنهض بالبلاد إلى دولة متحضرة وتشرك الشعب في صنع القرار.
2014317101735923734_20.jpg
(الجزيرة)

ملخص
ينطلق البحث من مفهوم للحوار السياسي باعتباره عملية بين أطراف متنازعة حول قضايا سياسية، للوصول إلى حل، وكون النزاع في البحرين سياسيًا لا صلة له بالمعتقد ولا بالعِرق. وأصل النزاع في البحرين طرفان: الشعب والحُكم، واستطاع الحكم تنويع أطرافه وجعله بين طوائف متعددة، بعضها موال له، والآخر معارض.

وتاريخيًا، تركز النزاع في البحرين في مطالب سياسية تنهض بالبلاد إلى دولة متحضرة وتشرك الشعب في صنع القرار. ويمكن إرجاعه إلى جذوره المتمثلة في إصلاح دستوري، ونظام انتخابي عادل، ومجلس تشريعي ذي صلاحيات واسعة، ومحاربة الفساد، وسرقة المال العام، والتمييز بين المواطنين، والتجنيس السياسي، وغيرها.

وتاريخ الحوار يبرز تدني الثقة، والبعد عن القضايا الرئيسة، وفقدان الإرادة السياسية الهادفة إلى حلول توافقية؛ فكل الحوارات لم تستطع الوصول إلى توافقات، فيما عدا الحوار الذي أسفر عن ميثاق العمل الوطني في 2001.

ولم يتمكن حوار الأزمة الحالية، الذي أُوكِلت رئاسته لولي العهد، ولا حوار التوافق الوطني الذي جرى برئاسة رئيس مجلس النواب، ولا الحوار السياسي الذي لا يزال مستمرًا، من الوصول إلى توافقات.

وأبرز النقاط المختلف حولها، هي: تشكيل الحكومة التي تطالب المعارضة أن تكون إفرازًا لانتخابات نزيهة، ومجلس تشريعي ذي صلاحيات واسعة، وإيقاف التجنيس السياسي، والتمييز، والفساد. ولا ينبئ الأفق عن حصول توافق، وذلك لافتقاره إلى الإرادة السياسية الهادفة إلى إيجاد حلول للقضايا المختلف حولها.

مدخل

يشكل الحوار السياسي مفهومًا خلاصته أن أطرافًا متنازعة في قضايا سياسية تريد أن تخرج من حالة النزاع إلى حالة الاتفاق على القضايا المختلف حولها، وهو المعنى الذي ذهب إليه معهد التنمية السياسية في البحرين حيث رأى أنه عملية تتم بين عدة أطراف لمناقشة قضية سياسية قد تكون محل تباين واختلاف وتبادل الآراء بشأنها وصولًا إلى حالة من التوافق بين الاتجاهات المختلفة حولها. (1)

والحوار عنوان حضاري للمجتمع والدولة لأنه يعني حفظ الكرامة الإنسانية وإعلاء مكانتها، وتجنيب الوطن الاحتراب والدمار. وهو بذاته ليس حلا، لكنه أداة للوصول إلى حل، وهوأداة رئيسة للإدارة السلمية للاختلاف فى الرؤى والأهداف والمصالح وصولا إلى توافقات تضمن تحقيق صالح المجتمع والدولة العام. (2)

المحور الرئيس للنزاع في البحرين

المحور الرئيس للنزاع في البحرين، سياسي بحت يتمركز في العلاقة بين الحكم والمحكومين، ولمدة طويلة كانت هذه العلاقة هي محرك النزاع الذي يتحول أحيانًا إلى عنف تسال فيه الدماء.

ففي الخمسينيات من القرن الماضي تآلف الشعب وشكلوا هيئة الاتحاد الوطني التي تلخصت مطالبها في مجلس تشريعي، وقانون عام جنائي ومدني، ونقابة للعمال، ومحكمة عليا (3)، وانتهت هذه الحركة بنفي قادتها وقمع حراكها. وفي حركة الستينات التي انطلقت احتجاجًا على فصل عدد من العمال (4)، تحرك الشارع موحدًا احتجاجًا على ذلك وكانت المدن مركز الحراك. وشهدت ثمانينات وتسعينات القرن الماضي حراكًا شعبيًا تركزت مطالبه في الإصلاح السياسي، والعودة إلى الحياة النيابية وتفعيل دستور 1973م. ودونت المطالب في عريضة رفعت لأمير البلاد في يناير 1993م موقعة من نحو 300 شخصية من مختلف فئات واتجاهات المجتمع البحريني. (5)

وفي فبراير 2001، توحدت الرؤي على مشروع سياسي يخرج البلاد من أزمتها السياسية ويعود بها إلى الحياة البرلمانية، فجاء ميثاق العمل الوطني الذي أكد على أن الشعب مصدر السلطات، وعلى مبدأ الفصل بين السلطات وحق الشعب في المشاركة في الشئون العامة.

وفي الحراك الذي ابتدأ في 14 فبراير 2011، تركزت المطالب في إصلاح سياسي يرتكز على المبادئ التي تضمنها ميثاق العمل الوطني، ووثقت هذه المطالب في ما أطلق عليه (وثيقة المنامة) وأهمها: حكومة منتخبة تمثل الإرادة الشعبية، ونظام انتخابي عادل، وسلطة تشريعية ذات صلاحيات واسعة، وسلطة قضائية موثوقة وغيرها من المطالب السياسية. (6) 

والخلاصة، أن النزاع في البحرين نزاع سياسي بين الحكم ومواليه وبين المعارضة السياسية ومواليها، وليس نزاعًا مذهبيًا، ولا عرقيًا، وهو ما أيده استطلاع للرأي أجرته مجلة الوسط البحرينية. (7)

أطراف النزاع في البحرين

أصل النزاع السياسي في البحرين  طرفان: الحكم ومن يواليه، والمعارضة الممثلة في بعض الجمعيات السياسية وجماعات أخرى لم تقم بتسجيل نفسها كجمعيات سياسية.

ونتيجة لأخطاء في أداء المعارضة السياسية، استطاع الحاكم استثمارها ليبرز النزاع على أنه صراع مذهبي،
وقد تفرعت أطراف النزاع إلى: 

  1. الحكم بهيئاته ومؤسساته، ولأن المهيمن عليه هي العائلة المالكة، صارت الطرف الرئيس في النزاع. 
  2. الجمعيات السياسية الموالية للسلطة التي دخلت في النزاع لعوامل متعددة، وأبرزها: المنبر الإسلامي، والأصالة، وميثاق العمل الوطني، والوسط الإسلامي، وغيرها. 
  3. الجمعيات والجماعات التي تشكلت إبان الأزمة الحالية وأبرزها تجمع الوحدة الوطنية، وائتلاف شباب الفاتح، وبعض المجموعات الشبابية الأخرى التي يجمعها الولاء للحكم.
  4. الجمعيات السياسية المعارضة، وأبرزها الوفاق التي كان لها تمثيل قوي في البرلمان، ووعد ، والتجمع القومي، والمنبر الديمقراطي، والتجمع الوحدوي، والإخاء.
  5. الجماعات المعارضة التي لم تنتظم في جمعيات سياسية، التي كان لها السبق في حراك 14 فبراير 2011، وأبرزها حركة أحرار البحرين، وتيار الوفاء، وحركة حق، وشباب 14 فبراير.

ومع تعدد أطراف النزاع وتنوع رؤاها، إلا أن العودة بها إلى أصل النزاع المتمثل في الحكم ومناصريه، والمعارضة بشتى أطيافها وألوانها هو الأجدر بالتصنيف.

رصد للحوارات التي تمت في البحرين ونتائجها

يمثل العام 1971م انعطافة في تاريخ البحرين الحديث، فهو العام الذي نالت فيه البحرين استقلالها. ومنذ ذلك التاريخ تأجج النزاع بين الحكم وبين المعارضة حول عدد من القضايا أبرزها: الدستور، وأمن الدولة، والبرلمان، والمشاركة الشعبية، والتمييز، والتجنيس، والفساد. وبلغ النزاع أوجه في منتصف التسعينيات حين تحركت فئات متعددة من الشعب مطالبين بإعادة العمل بدستور 1973م، وإعادة الحياة البرلمانية، ووصل النزاع إلى حالة من العنف. وإزاء هذا الوضع السيئ لجأ الحكم إلى نوع من الحوار يمكن اعتباره الحوار الجاد الأول الذي استطاع أن يخرج البلاد من أزمة مستعصية.

حوار الأزمة التسعينية

إبان اشتداد الأزمة في التسعينيات جرى نوع من التحاور بين قيادات المعارضة المسجونين ووزير الداخلية ومدير الأمن العام الإنجليزي (هندرسون) في إبريل 1995م، وأسفر عن اتفاق يقدم فيه قادة المعارضة أصحاب المبادرة، اعتذارًا عن دورهم في النزاع، مقابل إطلاق سراح المسجونين والمعتقلين، وتضمن ذلك الاعتذار العبارة التالية: (8) "وإزاء الأحداث المؤلمة التي شهدتها البحرين في الأشهر القليلة الماضية، نعرب عن أسفنا الشديد لسموكم إذا كانت قد تسببت تصرفاتنا والأعمال التي قمنا بها وأدت إلى الاضطرابات في البلاد".

ووجه هذا بالرفض من قبل أطراف عديدة أبرزها حركة أحرار البحرين، والمعارضة التقدمية، بحجة أنه حوار مع وزير الداخلية وليس مع القيادة السياسية، وأنه لم يطل المطالب الأساسية لشعب البحرين، وأن كثيرًا من الأطراف الوطنية لم تكن ممثلة فيه (9)، وعادت الأمور إلى أسوأ من سابقاتها. 

ثم جاء نوع آخر من الحوار في نهاية التسعينيات عندما تسلم الملك الحالي مقاليد الحكم في مارس 1999م، وبإرادة سياسية فوقية استطاع أن يخرج البلاد من أزمتها، وتمثل ذلك بمرسوم رقم 11 لسنة 2001 الذي ألغى قانون أمن الدولة لسنة 1974، والمرسوم رقم 4 لسنة 2001 الذي ألغى محكمة أمن الدولة، والمرسوم رقم 10 لسنة 2001م الذي تضمن عفوًا شاملا عن الجرائم الماسة بالأمن الوطني. وتضمن إطلاق سراح الموقوفين والمتهمين والمحكوم عليهم من المواطنين من أصحاب الرأي والسياسيين المعارضين. وشمل كل المواطنين المنفيين في الخارج المنتمين إلى أحزاب سياسية معارضة. (10) ثم أعقب ذلك صدور ميثاق العمل الوطني لسنة 2001 الذي توافق عليه الشعب وصوت عليه في استفتاء عام بنسبة بلغت 98.4%. (11)

ويمكن القول، إن فشل الحوار الأول الذي أجري في منتصف التسعينيات، ونجاح الثاني في بداية القرن الجديد يرجع إلى وجود الإرادة السياسية لإيجاد حل للأزمة، وليس إخمادها وإنهاءها.

الحوار السياسي السابق للأزمة الحالية

ما لبثت أزمة جديدة أن نشبت في العام 2002 عندما أصدر الملك دستور 2002م بإرادة منفردة، بديلا عن دستور 1973م، ونشأ عن ذلك تكتل معارضة له قاطعت الانتخابات النيابية عام 2002م، ثم اشتدت الأزمة في العام 2006م، عندما سرب أحد المستشارين الأجانب تقريرًا عرف بتقرير "البندر" نسبة إلى مسربه صلاح البندر الذي كان يعمل مستشارًا لشئون التخطيط في مجلس الوزراء، وخلاصته وجود تنظيم ذي رؤية استراتيجية يعمل على حرمان جزء أساسي من مواطني البلد من حقوقهم وقطع الطريق أمام مشاركة المواطنين في انتخاب حر لممثليهم في المجالس المنتخبة، وحرمانهم من المشاركة في صنع القرار الوطني، وتحويل المعارضة السياسية إلى معارضة شكلية. (12)

وتطرق التقرير إلى استراتيجية مكتملة الجوانب تستهدف تهميش مكون رئيس من مكونات المجتمع، وإبعاده عن الوظائف الرئيسة، ومشروع للتجنيس السياسي يحقق أغلبية للمكون الآخر من المجتمع. (13) 

وأطلت بعض القضايا الكبيرة برأسها لتؤجج الأزمة، أبرزها قضايا الفساد، وسرقة الآراضي العامة، والعاطلين الجامعيين، وهي قضايا وثقها مجلس النواب في فصله التشريعي الثاني بلجان تحقيق. وأوجدت هذه قاعدة عريضة لأزمة كان لها الأثر المباشر في أزمة 14 فبراير 2011 وما بعدها.

ومن أجل تدارك هذه القضايا، حملت المعارضة الممثلة في البرلمان بقيادة جمعية الوفاق مسئولية المبادرة وسعت إلى التحاور مع القيادة السياسية العليا، كما حاولت صياغة حلول جزئية لهذه الأزمات من داخل البرلمان الذي تشارك فيه. وأخذ الحوار في هذه القضايا أشكالا متعددة، مثل اللقاءات التي كانت تتم مع القيادات السياسية، والمخاطبات الكتابية، والاقتراحات التي تقدم على شكل مقترحات برغبة أو مقترحات بقوانين في مجلس النواب. لكن كل تلك الآليات لم تسفر عن وجود حوار فاعل لمعالجة هذه القضايا، مما حولها إلى مطالبات ومناشدات للسلطة السياسية العليا لإيجاد حلول لها.

حوارات الأزمة الحالية

منذ اندلاع الأزمة الحالية في البحرين جرت حوارات متعددة بين أطراف هذه الأزمة، وأبرزها الآتي:

1- حوار المعارضة مع ولي العهد
تصدر ولي العهد الحوار مع المعارضة بموجب مرسوم ملكي صدر في 18 فبراير 2011م،  يمنحه صلاحيات واسعة في إجراء حوار مع جميع أطراف الأزمة، وفي مقابلة تلفازية ظهر ولي العهد ليتحدث إلى الشعب ويحث قادة الجمعيات السياسية للتهدئة والحوار (14) . وحدد ولي العهد مجموعة من المبادئ والموضوعات التي يقوم عليها الحوار أبرزها: مجلس نواب كامل الصلاحيات، وحكومة تمثل إرادة الشعب، ودوائر انتخابية عادلة، والتجنيس، ومحاربة الفساد المالي والإداري، وأملاك الدولة، ومعالجة الاحتقان الطائفي، وغيرها. (15)

واشترطت المعارضة لإجراء الحوار استقالة الحكومة الحالية، وسحب الجيش من الشارع. وتم بالفعل انسحاب الجيش وأتيحت للمتظاهرين فرصة الاعتصام في الدوار، وبدا وكأن الأمور تتجه إلى الحوار الجدي، مع صعوبات واضحة في صفوف المعارضة التي لم تتفق كلمتها على شيء فيه.  لكن الوضع ما لبث أن تأزم بدخول قوات درع الجزيرة البحرين وفض الاعتصام بالقوة وسقوط عدد من القتلى والجرحى، وبذلك أجهضت بدايات الحوار.

والحقيقة، أن البحرين بكل أطياف النزاع فيها قد فوتت على نفسها الفرصة لإجراء حوار منتج، ولو استمر ذلك الحوار لأمكنه اختصار كثير من المحطات المؤسفة وتفادي كثير من التضحيات والآلام. وكل الحوارات التالية لم ترتق إلى مستوى تمثيله، ولا إلى قواعده وموضوعاته.

وتسببت عوامل متعددة في إفشال هذا الحوار، منها: تدني الثقة بين المعارضة والحكم، وتخوفها أن تقع في فخ المؤامرات على حراكها السياسي، والاختلاف الواضح في رؤى المعارضة التي يميل بعضها إلى التهدئة والتحاور، ويذهب الآخر إلى الاستمرار في الحراك والتصعيد فيه إلى حين الاستجابة الكاملة للمطالب. كما أن المتشددين في خط السلطة ومناصريهم رأو في هذا الحوار نوعًا من التنازل لصالح طائفة على حساب طائفة، فعملوا على إفشاله مستغلين بذلك أخطاء المعارضة التي ذهبت في اعتصامها إلى إعلان الجمهورية، وتسيير مسيرات إلى المرفأ المالي، والديوان الملكي، والقصر الملكي بالصافرية.

2- حوار المعارضة مع القيادات السنية
إثر تشكل ائتلاف من القيادات السنية الذي سجل بعد ذلك كجمعية سياسية هي تجمع الوحدة الوطنية، جرت لقاءات بين قيادات هذا الإئتلاف وقيادات الجمعيات السياسية المعارضة. وبداية، كانت الأمور تتجه إلى استمرار هذا الحوار، ففي تصريح لأحد قيادات هذا الإئتلاف الشيخ عادل المعاودة الذي هو أيضًا قيادي في جمعية الأصالة، وعضو في مجلس النواب، قال فيه، إن هناك رسائل متبادلة غير رسمية بين تجمع الوحدة الوطنية وقوى المعارضة الممثلة في جمعية الوفاق الإسلامية. وفي المقابل، أعربت الجمعيات السياسية المعارضة عن استعدادها اللقاء والتحاور مع جميع القوى السياسية الشعبية. (16)

وبالفعل تمت لقاءات كثيرة بين تلك القيادات السنية والشيعية في مقر جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، وكان التركيز فيها يتم على إنهاء الاعتصام والعودة إلى الهدوء، وإدانة مظاهر العنف، من قبل القيادات السنية، في حين تتركز مطالب قيادات الجمعيات المعارضة على البدء بإصلاحات فورية تمكن من إقناع الجماهير المحتشدة قبل فض اعتصامها والعودة إلى الهدوء.

وكان الحوار يؤكد على أهمية تلافي الخلاف الطائفي، والسعي إلى تهدئة الأوضاع، ومنع حالة الاحتقان بين أطياف المجتمع، ووضع آلية للاتصال المباشر بين الطرفين لمواجهة أية تجاوزات قد تحدث على مستوى الشارع والعمل على معالجتها بشكل فوري، وتدارس المرئيات المطروحة من قبل الطرفين حول الحوار الوطني حيث يضع كل طرف رؤيته بشأن الحوار الوطني وأهميته لاستقرار الوطن والدفع في اتجاه مناقشة تلك المرئيات في اجتماعات قادمة وصولا إلى تقريب وجهات النظر في المرحلة القادمة. (17) لكن تلك اللقاءات توقفت حال دخول درع الجزيرة وفك اعتصام دوار اللؤلؤة، وتباعدت هذه الأطراف لدرجة القطيعة.

3- حوار التوافق الوطني
بأمر ملكي، انطلق حوار التوافق الوطني، في يوليو 2011م، وترأسه رئيس مجلس النواب، وضم حوالي 300 شخصية من مختلف التوجهات والقطاعات والجمعيات السياسية وجمعيات المجتمع المدني، وكان نصيب الجمعيات السياسية المعارضة والموالية هو 37%. وحددت أربعة محاور رئيسة للحوار هي: المحور السياسي، والمحور الاقتصادي، والمحور الاجتماعي، والمحور الحقوقي بالإضافة إلى محور فرعي يختص بالمقيمين الأجانب. وشاركت جمعية الوفاق فيه بخمسة أعضاء، لكنها ما لبثت أن انسحبت منه.

وتركزت مطالبات المعارضة السياسية فيه بأن تعطى رئاسته لولي العهد، وأن تكون المبادئ السابقة التي أعلنها ولي العهد هي محاور الحوار بدلا من تشعيبها في قضايا هامشية لا صلة لها بالمطالب السياسية. واعترضت على نسبة تمثيل المعارضة فيه، ثم ما لبثت الوفاق أن انسحبت منه معترضة على محاوره، وتشعب موضوعاته، ومنهجيته، وآليات عمله، وطريقة التعامل مع نتائجه التي سترفع على هيئة توصيات للملك، وغياب تمثيل الحكم فيه، والتمثيل غير العادل لقوى المجتمع، بالإضافة إلى فقدان الأجواء والمناخات التي تيسر إجراء حوار وطني. (18)

واستمر هذا الحوار بعد انسحاب الوفاق منه وقدم مجموعة من التوصيات، لكنه لم يستطع أن يقدم حلا سياسيًا للأزمة.

4- الحوار السياسي
استكمالا للحوار السابق، وجهت الحكومة دعوة إلى الجمعيات السياسية للبدء في حوار حول المحور السياسي، انطلقت فعالياته في 10 فبراير 2013م. وشاركت جمعيات المعارضة فيه بثمانية أعضاء مقابل ثمانية لجمعيات ائتلاف الفاتح، وثمانية لتمثيل المستقلين في البرلمان، وثلاثة يمثلون الحكومة.

ويبدو أن الجمعيات المعارضة لم يكن لها علم  كاف ببدئه وتشكيلته ومنهجيته ومضامينه، ففي رسالة بتاريخ 28 يناير 2013م غير منشورة موجهة من جمعيات المعارضة الست إلى وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف المكلف بإدارة الحوار رحبت فيه بالحوار ورأت أنه لإنجاح هذا الحوار يجب أن تكون السلطة طرفًا أساسيًا فيه، وأن يفضي إلى اتفاق نهائي يعتمد بالإقرار الشعبي، وأن يركز على تشكيل السلطة التنفيذية المنتخبة، وتشكيل وصلاحيات السلطة التشريعية، والنظام الانتخابي العادل، واستقلالية السلطة القضائية، وتحقيق الأمن للجميع، والتجنيس السياسي، والفساد، والتمييز، وتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وعلى العدالة الانتقالية. وطلبت أن تعتمد آلية للحوار التقاء السلطة بالأطراف المختلفة كل على حدة، وأن تتمتع إدارة الحوار بالحياد والنزاهة، وأن يكون هناك تمثيل متكافئ، وتحديد جدول زمني للحوار، وأن يوكل تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه بمشاركة المعارضة. (19)

أما الرسالة الثانية الموجهة من نفس الجمعيات المعارضة إلى الوزير المذكور، فكانت بتاريخ 13 فبراير وفيها تقترح الاستعانة الفنية من الأمم المتحدة بتعيين خبير لمساعدة الأطراف المتحاورة في حسم مفهوم التوافق، وتعيين خبراء دستوريين لتقديم الاستشارة للأطراف المتحاورة، وتشكيل هيئة إعلامية مشتركة للتعبير عما يدور في الحوار وغير ذلك من المطالب. (20)

وهكذا ندرك أن الثقة لم تكن سائدة بين الأطراف المتحاورين، وكان الشك في كل شيء هو سيد الموقف، الأمر الذي أدى إلى إضاعة كثير من الوقت والجهد في مناقشة أمور شكلية، أو عن آليات إدارة الحوار، وجدول أعماله، وطريقة التعامل مع نتائجه.

وأبرز هذا الحوار ثلاثة محاور رئيسة له، يتعلق الأول منها بآلياته، والثاني بالمبادئ والثوابت والقيم، والثالث بأجندة الحوار. وفي محور الآليات تركز على مفهوم التوافق، وعلى تمثيل الحكم فيه، والتمثيل المتكافئ للأطراف المشاركة، والزمن المحدد له، وجواز التقاء الأطراف المشاركة فيه للتحاور البيني، وعلى آليات تنفيذ مخرجاته. أما المبادئ والثوابت والقيم فهي: حاكمية الشعب، وتقييد السلطة، والعقد الاجتماعي السياسي، ودولة القانون، والمشاركة السياسية للمواطنين، والتعددية السياسية، والحكم الرشيد، والانتخابات الحرة، والقضاء العادل، والديمقراطية. وتضمنت أجندة الحوار تشكيل السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، والأمن للجميع، والتجنيس السياسي، والفساد، والتمييز، وتنفيذ التوصيات الأممية، والعدالة الانتقالية.

وعلى مدى إحدى عشر شهرًا، عقدت فيه ست وعشرون جلسة، لم ينجز شيء فيه سوى تصريحات إعلامية، وتبادل للتهم. ومنذ الجلسة الأولى التي افتتحت بتاريخ 10 فبراير 2013، وحتى جلسة الحوار السادسة والعشرين في 3 ديسمبر 2013 التي انعقدت في غياب الجمعيات السياسية المعارضة التي علقت حضورها في الحوار، لم تتمكن الأطراف المتحاورة من إنجاز شيء يسهل الوصول إلى توافق حول القضايا محور النزاع.

ومع أن كل الأطراف المشتركة فيه تؤكد وجوب التحاور للخروج من الأزمة، وتدرك عمق الأزمة التي تكاد تنزلق إلى مستنقعات خطيرة من العنف والانتهاكات، وإحداث خسائر فادحة في بنى المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومع تأكيد الجميع على أن الحل سياسي بحت، ويجب أن يصدر بتوافق عام بين طوائف المجتمع دون تدخلات وإملاءات خارجية، إلا أن الجميع منزلق في التأزيم المبعد عن الحوار، وعن إيجاد الفضاء المساعد على إجراء حوار منتج.

وفي اعتقادنا، أن ذلك يرجع إلى مجموعة من العوامل تساهم في إذكائها كل أطراف النزاع، مدعومة من الشارع الذي يساند كل طرف فيها، وأبرز تلك الآتي:

  1. الافتقار إلى رؤية وطنية عامة تهيئ مجالا لتوافق أطراف النزاع المتعددة التي أشرنا إليها أعلاه، ومع أن الجمعيات المعارضة، وتجمع الوحدة الوطنية يدعون امتلاكهم لرؤية سياسية منقذة، إلا أن التوافق على أي منها لم يتم، ولم تتمكن هذه الأطراف من التحاور فيما بينها لتقريب وجهات النظر. أما الحكم، فيبدو أنه لا يمتلك رؤية للحل السياسي، وأن رؤيته تنحصر في الحل الأمني.
  2. الشارع المؤجج لأطراف النزاع، الذي يمتلك القدرة الفائقة في التحشيد والإثارة، والتسقيط والتخوين لكل طرف لا يتناغم مع أطروحاته ومطالبه. وغير بعيد عن الحقيقة، القول بأن الأطراف المتحاورة تخشى شارعها وتحاول استرضاءه ومجاراته.
  3. طغيان الحل الأمني الذي يمارسه الحكم وهيمنته على الساحة السياسية، فبدلا من أن يهيئ المناخ المناسب للحوار بتخفيف القبضة الأمنية وإطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين، تزداد القبضة الأمنية ويزداد عنف الشارع، وتكثر أحكام التوقيف والسجن.
  4. فقدان الإرادة الأممية المشجعة على الوصول إلى حل منصف لجميع الأطراف يعتمد على المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والحقوق العامة والمشاركة الاجتماعية في اتخاذ القرار السياسي. فمع صدور توجيهات ونصائح من بعض الدول الكبرى ومن المحافل الأممية، إلا أنها تبقى نوعًا من النصح والتوجيه، وليست تعليمات واجبة التنفيذ.
  5. تأرجح القرار الإقليمي وربطه بالأحداث والتطورات الجارية في المنطقة، وهو الأمر الذي أخر انبثاق تفاهم إقليمي يمكن أن يفي بالمطالب الشعبية، ويحفظ للحكم مكانته. 

مساحات التباعد والتقارب بين أطراف النزاع

يعتمد البحث هنا، على تحليل الرؤى والمطالب التي تطرحها أطراف النزاع، وحيث إن هذه متغيرة، وأن بعضها يأتي للاستهلاك الإعلامي ولمجاراة الظروف الجارية، فإنه من الصعب تحديد مساحات التقارب بدقة. ثم إن الطرف الرئيس في النزاع وهو الحكم، لم يتقدم برؤية أو مبادرة لحل النزاع يمكن معها قياس التباعد والتقارب بينها وبين الطرف الرئيس في النزاع وهو الجمعيات المعارضة.

وإذا اعتمدنا على الرؤى التي تطرحها أطراف الأزمة في قياس مساحات التباعد والتقارب، فإن ثلاثًا منها تطرح نفسها هنا لتنبئ عن التوجهات نحو الأزمة، وهذه هي:

1- وثيقة المنامة (21) التي طرحتها الجمعيات السياسية المعارضة، وفيها حددت خمسة مطالب رئيسة هي:

  • حكومة منتخبة.
  • نظام انتخابي عادل.
  • سلطة تشريعية منتخبة من غرفة واحدة تنفرد بكافة الصلاحيات التشريعية والرقابية والمالية والسياسية.
  • سلطة قضائية مستقلة.
  • أمن للجميع.

وحددت الوثيقة ثلاث مسائل تحتاج إلى معالجة بالتوازي مع المطالب السابقة هي:

  • التجنيس السياسي.
  • التمييز القبلي والطائفي.
  • التوافق على سياسة إعلامية.

2- المشروع السياسي لتجمع الوحدة الوطنية:

يطرح هذا المشروع رؤيته السياسية التي تقوم على:

  • مواطن مطمئن مدرك مفهوم المواطنة.
  • مجتمع متوافق آمن رافض للفساد والاستبداد والانفراد بالقرار والعبث باللحمة الوطنية.
  • حكومة عادلة.
  • حكومة مساءلة تمثل الإرادة الشعبية.
  • مجلس نيابي كامل الصلاحيات.
  • مجلس شورى يتكامل ولا يعطل.
  • قضاء مستقل بقضاة مؤهلين.
  • مؤسسات تكرس المواطنة وتدافع عن الحقوق.
  • مؤسسات تدافع عن كيان الدولة وسيادتها وعلاقاتها.

3- وثيقة المشروع السياسي لائتلاف الفاتح: (23)

تتلخص رؤيتها في الآتي: 

  • حكومة تمثل الإرادة الشعبية وتخضع للمحاسبة والمساءلة البرلمانية يعينها الملك بالإضافة إلى تعيينه لورزاء السيادة (الدفاع والداخلية والخارجية). ولا تزيد مدتها عن فصلين تشريعيين.
  • حصول باقي الوزراء على ثقة مجلس النواب، ولا تتشكل وفق المحاصصة الطائفية.
  • يوافق مجلس النواب على برنامج الحكومة.
  • رئيس مجلس الوزراء والوزراء جميعًا يخضعون للمساءلة البرلمانية عن أعمالهم.
  • مجلس نواب كامل الصلاحيات.
  • إعادة النظر في تقسيم الدوائر الانتخابية لتحقق عدالة أكثر في التمثيل الشعبي وفقًا لمعايير التوسع السكاني والنمو العمراني والاقتصادي.
  • مجلس شورى معين ومعبر عن مصالح الشعب والقوى السياسية والمدنية ويشمل ذوي الكفاءات وأصحاب الخبرة والرأي.
  • قضاء مستقل تحت رئاسة رئيس محكمة التمييز.

نقاط الاتفاق بين الرؤى الثلاث

هناك اتفاق على:

  • عروبة البحرين وانتماءاتها.
  • كرامة المواطن، وصون حقوقه.
  • رفض التمييز بين المواطنين.
  • الحوار هو السبيل للوصول إلى توافقات.
  • نبذ العنف.
  • مجلس نيابي كامل الصلاحيات.
  • قضاء مستقل.

أما نقاط الاختلاف فيوضحها الجدول التالي:

المحور

جمعيات المعارضة

تجمع الوحدة الوطنية

ائتلاف شباب الفاتح

تشكيل الحكومة

حكومة
  منتخبة

حكومة
  عادلة تمثل الإرادة الشعبية

حكومة تمثل
  الإرادة الشعبية يعين الملك رئيس وزرائها ووزراء السيادة

الثقة في الحكومة

تحظى بثقة البرلمان

يحظى برنامجها بثقة البرلمان

يحظى برنامجها بثقة البرلمان

مساءلة الحكومة

خاضعة
  لمساءلة البرلمان

خاضعة
  لمساءلة البرلمان

خاضعة
  لمساءلة البرلمان

النظام الانتخابي والدوائر الانتخابية

نظام انتخابي عادل وصوت لكل مواطن

نظام انتخابي أكثر عدالة

نظام انتخابي أكثر عدالة

مجلس الشورى

إلغاء مجلس
  الشورى المعين

مجلس شورى
  يتكامل ولا يعطل

مجلس شورى معين من ذوي
  الكفاءات معبر عن مصالح الشعب والقوى السياسية

الأمن

الأمن للجميع

لا تعليق

لا تعليق

التجنيس

إيقاف
  التجنيس السياسي

لا تعليق

لا تعليق

التباعد في الرؤية السياسية لجمعيات المعارضة والتجمع الوطني وائتلاف شباب الفاتح

الجهات الخارجية المستفيدة والمتضررة من الحوار

تعني الجهات الخارجية هنا الجهات التي هي خارج دائرة الحوار الجاري، أكانت محلية من نسيج المجتمع مقيمة في البحرين أو في الخارج، أم أجنبية ذات صلة بالمجتمع البحريني، وتعني الاستفادة والضرر هنا حصول منافع ومضار على المصالح الخاصة لهذه الجهات، ومن بين ذلك تزحزح مواقعها في قيادة المجتمع، وفقدانها منافع ومصالح كانت تمتاز بها.

ويصعب القول إن كل الجهات التي تقاطع الحوار هي جهات مستفيدة أو متضررة، فلربما كان موقفها ذلك نابع من تقديرها أن الحوار الجاري لا يتسم بالجدية ولن يؤدي إلى نتيجة، واعتراضها على منهجية الحوار وآلياته ومحاوره والأطراف المشاركة فيه، وليس على مبدئيته ودوره.

ووفقًا لهذا المعنى، فإننا نستطيع القول إن المتضرر الوحيد من وجود حوار جدي يفضي إلى نتيجة إيجابية تخرج البلاد من أزمتها هم فقط المؤزمون الذين يسرهم بقاء البلاد في أزمتها. وبعض هؤلاء من أعوان الحكم الماسكين بمقاليد الأمور ممن يرون أن الحل الأمني هو الكفيل بحل الأزمة، وبعضهم من المعارضة غير المنتظمة التي يصعب عليها تقدير الأمور وحسابها بدقة.

وهناك حث متسارع من الدول ذات النفوذ ودول المنطقة على الحوار الجاد، فالولايات المتحدة الأمريكية تحث كل الأطراف المتنازعة في البحرين على الدخول في حوار جاد بدون شروط مسبقة (24)، وتشاطرها في ذلك بريطانيا وبقية الدول الكبرى، والمملكة العربية السعودية وإيران وغيرها.

قدرة أطراف النزاع على إنجاح الحوار

إذا استثنينا الحكم كطرف رئيس من أطراف النزاع، فإننا نرى أن قدرة هذه الأطراف في الوصول إلى نتيجة مرضية من الحوار غير متوفرة في المدى الحالي. ويسود اليأس حاليًا كل الأطراف المتحاورة بقدرة الحوار الحالي على الوصول إلى حل يرض جميع الأطراف. (25)

ورغم أن مسافة التباعد لا تبدو كبيرة بين أطراف النزاع، إلا أنه من الصعب جدًا توحيد الرؤى حول موضوع الحكومة التي ترى المعارضة انبثاقها من انتخابات نيابية نزيهة ذات دوائر عادلة تساوي بين المواطنين في الأصوات ولا تميز بينهم، في حين ترى الأطراف القريبة من الحكم أن ذلك حق خاص للملك يضمن السيادة للدولة.

ولا نرى أن المعارضة السياسية الممثلة في الجمعيات السياسية قادرة في الوقت الراهن على تغيير رؤيتها حول الحكومة المنتخبة، والنظام الانتخابي، والدوائر الانتخابية، ومجلس النواب، لأنها لا تستطيع إقناع شارعها بالنزول عن هذا الحد. وفي المقابل أيضًا يصعب على الأطراف الأخرى تجاوز ما اعتبرته خطوطًا حمراء ومنها تنحية رئيس الوزراء الحالي واستبداله برئيس وزراء تفرزه الانتخابات.

ووفقًا لبعض الرؤى الخارجية (26) المهتمة بالشأن البحريني، فإن على الحكومة إجراء مزيد من الإصلاحات مترافقة مع تنازلات مهمة، ولاسيما في مجالات التمثيل الشعبي وحرية التعبير، ويتعين عليها احترام مبدأ حرية الرأي والتعبير والتسامح مع الانتقادات الموجهة لها واحترام الحق في تكوين الجمعيات والحق في التجمع السلمي وفقًا للقانون. واتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم وجود الخطابات المشككة في ولاء أي مواطن أو جماعة من الناس وحظر الخطابات الطائفية من أي طرف كان. وعليها أن تبادر لإصلاح النظام الانتخابي، وتتقاسم السلطة مع شعبها، وتقوم بعملية مساءلة لمنهكي القوانين والمفسدين، بالإضافة إلى الإفراج عن معتقلي الرأي من السياسيين وقادة الاحتجاجات.

الرؤية المستقبلية لتلك الحوارات، ومدى جدواها

بالرغم من فشل كل الحوارات السابقة في تحقيق إنجاز جيد يتوافق مع المطالب الشعبية، يظل الحوار هو المبدأ المهم الذي تتفق عليه جميع أطراف النزاع، حتى تلك التي لم تدخل فيه، أو قاطعته بسبب التمثيل، أو المنهجية، أو المضمون.

ولكي يكون الحوار فعالا لا بد من توفير البيئة الحاضنة له التي تتمتع بالأمان والتقدير والاستعداد لسماع الآخرين. (27)
 
وفي اعتقادي، فإن الخيار الوحيد الذي يمكِّن البحرين الخروج من أزمتها هو الحوار الجاد الذي يستهدف الوصول إلى توافقات وطنية وليس ذلك الذي يستثير المشاعر ويلهب الحماس ويستعدي الآخرين.

ويستلزم الحوار الناجح في البحرين الآتي:

  1. تهيئة المناخ السياسي للبدء في حوار يضم كل أطراف الأزمة، بما في ذلك المسجونين السياسيين الذين يمتلكون تأثيرًا على الشارع العام. 
  2. تقليل القبضة الأمنية، والحملات الإعلامية المغرضة، وترشيد الشارع.
  3. مشاركة الحكم فيه بمستوى عال يمكنه من اتخاذ القرار.
  4. النأي بالحوار عن أطراف الإثارة وزعماء التهييج ودعاة الفرقة والإعلام المضلل.
  5. الاستناد في الحوار إلى القواعد والمبادئ العامة التي تشكل أصل الحق، مثل: الشعب مصدر السلطات، والحكم العادل، والديمقراطية الممثلة لكل الناس، وحقوق الأقليات، وحقوق المرأة وغيرها.
  6. الاستعانة بخبراء دوليين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة لتقديم الاستشارات اللازمة.
  7. تحديد القضايا المتنازع عليها بدقة ووضوح.
  8. توفير رعاية مجتمعية من الشخصيات الاجتماعية والدينية والثقافية والاقتصادية والأكاديمية.
  9. دعم مؤسسات المجتمع المدني من خلال نشر ثقافة الحوار.
  10. تحديد المدة اللازمة للإنجاز.

__________________________________
د. عبد على محمد حسن - أكاديمي بحريني

المصادر
1. معهد التنمية السياسية (البحرين) 2013. الثقافة السياسية: الحوار السياسي والتواصل مع الآخر (أون لاين http://www.bna.bh/portal/news/514368
2. عمرو حمزاوي (الخميس 14-03-2013) مفاهيم مهمة تبتذلها السياسة. صحيفة الوطن الإلكترونية. http://www.elwatannews.com/news/details/147054
3. عبد الرحمن الباكر. ( ). من البحرين إلى المنفى (سانت هيلانة). ص 77. نسخة إلكترونية.
4. عبد الله العباسي. ( 2003). من نضالات الشعب البحريني- الأربعينات حتى السبعينات. جريدة الوسط البحرينية العدد 379 السبت 20 سبتمبر 2003م الموافق 24 رجب 1424هـ . نسخة إلكترونية http://www.alwasatnews.com/379/news/read/333352/1.html
5. جريدة الوسط البحرينية (أرشيف). العريضة النخبوية التي قدمت إلى سمو أمير البلاد المغفور له الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة في 1992. رابط إلكتروني http://www.alwasatnews.com/elections/page/686321.html
6. جمعية العمل الوطني الديمقراطية. وثيقة المنامة طريق البحرين للحرية والديمقراطية. نشر إلكتروني http://www.scribd.com/doc/69648223/%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9
7. محرر الشؤون المحلية، جريدة الوسط، 90%  من قرّاء «الوسط» يرون الأزمة في البحرين «سياسية العدد 4048 - الإثنين 07 أكتوبر 2013م، رابط إلكتروني  http://www.alwasatnews.com/4048/news/read/816974/1.html
8. علي ربيعة (2007)  . لجنة العريضة الشعبية في مسار النضال الوطني في البحرين. دار الكنوز الأدبية. بيروت
9. المرجع السابق
10. حسين البحارنة (2103). التطورات الدستورية في البحرين وميثاق العمل الوطني وهل أرسى  مباديء المملكة الدستورية الديمقراطية . ورقة مقدمة لمؤتمر التغيير الديمقراطي: التطورات الدستورية في البحرين وميثاق العمل الوطني المنعقد في البحرين (أكتوبر 3013).
11. المرجع السابق.
12. صلاح البندر. البحرين الخيار الديمقراطي وآليات الأقصاء. إعداد مركز الخليج للتنمية الديمقراطية. نسخة إلكترونية رابط http://www.scribd.com/doc/94288943/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%AF%D8%B1-1
13. المرجع السابق.
14. وزارة الخارجية (البحرين) الصفحة الإلكترونية، نص حوار صاحب السمو ولي العهد مع تلفزيون البحرين، رابط إلكتروني http://www.mofa.gov.bh/Default.aspx?tabid=7963&language=ar-BH
15. صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3111 - الإثنين 14 مارس 2011م الموافق 09 ربيع الثاني 1432هـ
16. جريدة الأيام البحرينية. خبر صحفي معنون: الجمعيات تبدي استعدادها اللقاء مع جميع القوى وتثمن خطبة المحمود بالفاتح المعاودة يؤكد وجود رسائل غير رسمية بين تجمع الوحدة الوطنية والوفاق. العدد 7990 الخميس 24 فبراير 2011 الموافق 21 ربيع الأول 1432هـ - See more at: http://www.alayam.com/alayam/LastArticle/67856#sthash.jYIv4xOQ.dpuf
17. الموقع الرسمي لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية (البحرين). بيان بشأن اجتماع الجمعيات السبع مع تجمع الوحدة الوطنية 9 March, 2011. رابط إلكتروني http://alwefaq.net/cms/2011/03/09/5622/
18. الموقع الرسمي لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية.  في أخبار الوفاق 19 July, 2011   الوفاق تنسحب رسميا من الحوار الوطني. رابط إلكتروني http://alwefaq.net/cms/2011/07/19/5748/
19. رسالة غير منشورة صادرة بتاريخ 28 يناير 2013 من الجمعيات السياسية المعارضة موجهة إلى معالي الشيخ خالد بن علي بن عبد الله آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف. (خمس صفحات ).
20. رسالة غير منشورة صادرة بتاريخ 13 فبراير 2013 من الجمعيات السياسية المعارضة موجهة إلى معالي الشيخ خالد بن علي بن عبد الله آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف. (ثلاث صفحات ).
21. مرجع سابق.
22. تجمع الوحدة الوطنية. استراتيجية المشروع السياسي لتجمع الوحدة الوطنية 8-10-2012 pdf. رابط إلكتروني http://altajam3.org/portal/arabic/files/2012/06
23. ائتلاف شباب الفاتح. وثيقة المشروع السياسي لائتلاف الفاتح 30 يونيو 2013 رابط إلكتروني http://alfateh21feb.com/politicalproject/
24. تمام أبو الصافي, فيلتمان:أدعو أطراف المعارضة للمشاركة في الحوار دون شروط مسبقة . جريدة البلاد البحرينية. الجمعة 04 مارس 2011
25. راجع مثلا: الندوة الحوارية التي عقدتها جريدة الوسط بين بعض الأطراف المتحاورة، جريدة الوسط. العدد 3963 الأحد 14 يوليو 2013م.
26. راجع جريدة الوسط البحرينية، العدد 3957 الإثنين 08 يوليو 2013م ، ثلاث منظمات لندنية تقترح خارطة طريق للخروج من الأزمة في البحرين وتطالب بخطوات جريئة من الحكم والمعارضة، رابط إلكتروني http://www.alwasatnews.com/3957/news/read/791100/1.html
27. مكتب الآفاق المتحدة الاستشاري.(2008).نشر ثقافة الحوار. مكتب التربية العربي لدول الخليج. ص 25.

عودة إلى الصفحة الرئيسية للملف

ABOUT THE AUTHOR