السعي التركي نحو عضوية الاتحاد الأوروبي

موضوع هذا التقرير هو سعي تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي وتركز القراءة على وضع تركيا السياسي والاقتصادي الضروري لتحقيق تلك العضوية.
21 November 2008









إعداد/ أ. مسعود أوزكان


ترجمة/ د. برهان كوروغلو


شروط العضوية
الديمقراطية وحكم القانون
حقوق الإنسان وموضوع الأقليات
حقوق الأقليات
السياسة الخارجية والقضايا الدولية
التقييم العام للتقرير
التوصيات


إن التقرير الجديد بشأن مدى تقدّم تركيا في سعيها نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لعام 2007 يعد امتداداً لنفس تركيبة التَّقارير في السنوات السابقة إلى حد بعيد. فيقيّم التقرير بشكل موجز العلاقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ويحللّ وضع تركيا السياسي والاقتصادي بناءً على المعايير الموضوعة من أجل تحقيق العضوية في الاتحاد الأوروبي.


شروط العضوية





"
أصبحت هناك فاعلية أكثر في إجراءات الاتحاد الأوروبي البيروقراطية لدراسة أوضاع الدول المرشحة للعضوية
"
تلعب هذه التقارير دورًا مهمًا في تهيئة الدول المرشحة للدخول في عضوية الاتحاد الأوروبي، وذلك عن طريق تزويدهم بالخطوط العريضة للإصلاحات الضرورية، من أجل تحقيق شروط العضوية. وفي كل سنة تقوم اللجنة الأوروبية بتقييم أداء كل دولة مرشحة، وإذا كانت الدولة المرشحة تسعى وتهتم للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي فإن هذا التقرير يصبح أكثر مكانة في الأجندة السياسية والاقتصادية لتلك الدولة.

ومع تطبيق شروط الالتحاق بالاتحاد الأوروبي، أصبحت هناك فاعلية أكثر في إجراءات الاتحاد الأوروبي البيروقراطية لدراسة أوضاع الدول المرشحة للعضوية، ولكن مع تعليق بعض بنود مفاوضات العضوية في ديسمبر/كانون الأول 2006 بسبب الخلافات المتعلقة بقضية "قبرص" بدأ الحماس التركي للانضمام المحتمل للاتحاد الأوروبي يتضاءل في العام 2007، وبالتالي تضاءلت الفاعلية السياسية الأوروبية في تركيا، وفيما يتعلق بهذا فإن التعّثر الذي واجه قضية العضوية الكاملة قد قلل من أهمية التقرير الذي يبين مدى التقدم نحو الاتحاد الأوروبي في الرأي العام التركي. وبالمقارنة مع السنوات الماضية فإن النقاشات التي دارت هذه المرة حول هذا التقرير لم تحدث كثيراً من التوتر سواء قبل صدوره أو بعده، بينما كانت تعد مثل هذه التقارير فيما مضى مصدرا لإثارة الجدل والنقاش.


يمكن القول إنه كان متوقعًا أن يساند هذا التقرير أجندة الإصلاح لحكومة حزب العدالة والتنمية، وبما أن معظم فروع الاتحاد الأوروبي تؤيّد إكمال عضوية تركيا -ومن بينها هذه اللجنة- فإنه يجب النظر إلى الموقف الإيجابي الذي أبدته على أنه وضع طبيعي، وبشكل عام يمكن اعتبار تقرير هذا العام إيجابيًّا بالمقارنة مع التقارير السابقة.


وبالرغم من التطورات السياسية (السلبية) في تركيا عام 2007، والتي أضعفت أجندة الإصلاح نحو الانضمام للاتحاد الأوروبي، فإن اللَّجنة ما زالت مصمِّمة على ألا تعطي الفرصة للفئة التي لا تؤيد الوجود التركي داخل الاتحاد الأوروبي، وبالإضافة إلى هذا العامل فإن كلا الطرفين (تركيا والاتحاد الأوروبي) يبدو أنهما راضيان عن التَّسارع البطيء لإصلاحات عام 2007 حتى لو كان ذلك يعود إلى أسباب مختلفة.


إن الاتحاد الأوروبي يريد تأخير قرار عضوية تركيا قدر الإمكان، وبالمقابل فإن الحكومة التركية تتعامل مع مواضيع شديدة الحساسية في السياسات الداخلية هذا العام، علاوة على ذلك فإنه من الصعوبة متابعة أجندة الإصلاح مع تزايد الرأي المضاد للاتحاد الأوروبي في الرأي العام التركي، والذي زاد مع إضافة البنود الثمانية من مفاوضات الانضمام في 11 ديسمبر/كانون الأول 2006.


وسيحللّ هذا الموجز التقرير من حيث المعيار السياسي، ويركِّز على تقييمه للإجراءت الإصلاحية والسياسية في مواضيع الانتخابات والنظام القضائي وتقليص سلطة الجيش من خلال نظام أكثر ديمقراطية، وسيتم تفحّص هذه المواضيع تحت العناوين الديمقراطية، حكم القانون، ومواضيع حقوق الإنسان والأقليات، ومدى إنسجام السياسة االخارجية مع المواضيع الدولية.


يحتوي التقرير على مدحٍ للسياسة التركية، وكذلك على انتقاداتٍ عديدة خاصة في مجال حقوق الإنسان، وسيطرة الجيش بطريقة غير مباشرة على الحكم الديمقراطي، أو الإشراف عليه بشكل غير مباشر من خلال المحاكم.


الديمقراطية وحكم القانون





"
تعرض التقرير لمحاولات بعض كبار الجنرالات في القوات المسلحة للحد من بعض الأبحاث الأكاديمية وتدخلها في محاولة منع بعض الخطابات الموجهة للجماهير

"
ناقش التقرير الإصلاحات الدستورية، والاستفتاء الذي حدث في 21/10/2007 (حول انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب، عوضًا عن البرلمان) بشكل موجز، وفيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية العامة، فالتقرير يشير إلى استنتاج لجنة الـ "OSCE" والتي تقول إن الانتخابات كانت ذات طابع تعدديّ، وشفافة، وأديرت بشكل جيد وفعالّ، وقد وُصِف البرلمان المنتخب حديثًا على أنه أكثر تمثيلا للشّعب من البرلمان الذي سبقه، وكذلك كان موضوع السقف الانتخابي من ضمن موضوعات التقرير، مع قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن الحد الأدنى للتمثيل هو 10%، وتضمن هذه النسبة عدم التعدي على حقٍّ أحدٍ في انتخابات حرة نزيهة.

ويتناول التقرير التطورات المتعلقة بانتخاب الرئيس الجديد، ويناقش كذلك العلاقات المتوترة بين الرئيس السابق "أحمد سيزر" والحكومة الحالية والتي أدت إلى مشاكل في تطبيق الإصلاحات السياسية، ويحللّ التقرير وبشكل مختصر تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات العامة وأجندتها التي تتكيف مع الإصلاح الأوروبي، ويتم وصف إجراءات الانتخابات، وتشكيل الحكومة، ومستويات المشاركة بطريقة إيجابية، ويفيد التقرير بأنه من خلال الانتخابات البرلمانيّة الحرة والعادلة التي أجريت في تركيا فقد تم تخطي الأزمات السياسية والدستورية التي حدثت بعد الانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان.


وتحت عنوان "المراقبة المدنية على مؤسسة الجيش" فقد ذكر التقرير مواطن ضعفٍ عديدة، كممارسة التأثير السياسي من قبل الجيش، وذلك عن طريق إصدار تصريحات علنيَّة في مواضيع عديدة مثل: قضية قبرص، وموقف الجيش من العلمانية، والمسألة الكردية. وقد اعتبر التقرير مذكرة قيادة الجيش في السابع والعشرين من أبريل/نيسان 2007 التي جاءت على ذكر ضعف الممارسة العلمانيّة في تركيا، تدخلا سافرًا من الجيش في قضية انتخاب رئيس الجمهورية.


ويتعرض التقرير إلى المحاولات من قبل كبار الجنرالات في القوات المسلحة للحد من بعض الأبحاث الأكاديمية، وتدخلها في محاولة منع بعض الخطابات الموجهة للجماهير، وبروتوكول "أماسيا"، وقانون الخدمة الداخلية للقوات المسلحة التركية والذي يضمن حدودا عسكرية واسعة في القدرة على المناورات، وكذلك العيوب في الإشراف البرلماني على الميزانية العسكرية والتي أعتبرت مشاكل يجب التعامل معها.


بالرغم من أن التقرير قد ذكر أن القوات المسلحة تميل للتعليق على مواضيع خارجة عن سيطرتها فقد تضمنت أجندة الاتحاد الأوروبي للإصلاح في 2007 وصفا للنتيجة الإيجابية التي تمخضت عن الأزمة الدستورية في ربيع 2007 وهو إعادة التأكيد على أهمية العملية الديمقراطية في تركيا.


وتحت عنوان "النظام القضائي" يتعرض التقرير في الأغلب لوصف التطورات السلبية، بعد الإشارة للتقدم في مدونة القانون الجنائي التركي وتطبيقه، وجعل النظام القضائي نظاما عصريا من خلال استخدام التكنولوجيا. ويقترب التقرير من موضوع قرارات المحكمة الدستورية العليا في انتخاب الرئيس في أبريل/نيسان، وصرف النائب العام من قبل المجلس الأعلى للقضاة والمدعيين العامّين كما في "قضية شمدينلي" والتي أدت إلى ردود أفعال سياسية قوية ووجود ادّعاءات تشكك في نزاهة المحكمة. وهذا التوتر الذي حصل بين الحكومة والنظام القضائي وصف على أنه عائق أمام فعالية النظام في تركيا.


حقوق الإنسان وموضوع الأقليات





"
يذكر التقرير أن الحرية الصحفية مقيدة عن طريق مذكرة داخلية من الفريق العام في الجيش تطرح فكرة منع الصحفيين الأكثر إحراجاً من دخول وحضور الاستقبالات واللقاءات الصحفية التي يقيمها الجيش

"
إن حقوق الإنسان وموضوع الأقليات تثير الاهتمام في هذه التقارير بشكل دائم، وتقوم اللجنة بتحليل ظروف الأقليات المسلمة وغير المسلمة بشكل مفصل، وهناك نوع من التوتر بين الاتحاد الأوروبي وتركيا فيما يتعلق بهذه المواضيع حيث أن الطرفين لا يتفقان على تعريف "الأقليات".

فتركيا لا تقبل وجود مصطلح "أقليات مسلمة" في داخل حدودها وتحاول التعامل مع الموضوع (حقوق الأقليات المسلمة وغير المسلمة) داخل إطار حقوق الإنسان وأما الطرف الأوروبي فيصرّ على وجود الأقليات المسلمة وثقافتهم وحقوقهم الدينية.


وتحت عنوان "حقوق الإنسان" يذكر تقرير هذا العام أن هناك عدداً من الأحكام من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تنتظر التنفيذ، وأما بالنسبة لموضوع حقوق ملكية اليونانيين في الجزء التركي من شمال جزيرة قبرص يذكر مثالاً على ذلك "إكسيدنس أريستيس"، وكذلك بالنسبة لموضوع التعذيب فإنه بالرغم من التأثير الإيجابي لسياسة الحكومة في هذا الموضوع من عدم التغاضي عن مثل هذه الممارسات، إلا أنه ما زال هناك حالات من التعذيب والمعاملة السيئة خاصة خلال الاعتقال وفي مراكز الإحتجاز والسجون الخارجية، وأما المادة 301 من القانون الجنائي التركي في هذا العام فقد تم مناقشتها بشكل قوي وهناك توقعات أن يشار إليها في تقرير الاتحاد الأوروبي السنوي.


وقد تحققت هذه التوقعات حيث ذكر التقرير عدد الأشخاص الذين تتم محاكمتهم تحت شروط معينه في القانون الجنائي التركي وذلك في حالات التعبير عن أراء طبيعية، وأن هذه المحاكمات قد ازدادت منذ عام 2005، وقد حثّ تقرير الحكومة على تعديل هذه المادة حسب معايير الاتحاد الأوروبي.


ذكر التقرير أن لدى اللجنة اهتمامات في موضوع مدى التأثير المتوقع لقانون الإرهاب على حرية التعبير، وأفرد التقرير فقرة تتحدث عن مقتل "هرانت دنيك" والتحقيق القضائي المستمر، وتناقش فكرة أن هذه الدعاوي القضائية والتهديدات ضد الصحفيين والرقابة أدت إلى حصول المراقبة الذاتية داخل الدولة، كذلك ذكر التقرير إغلاق الجريدة الأسبوعية "نقطة" من قبل مالكها وذلك بعد أن نشرت عدة مقالات تتحدث عن الجيش، وبالإضافة لـ"نقطة" فإن التقرير يقترب من موضوع التفويض للمرة الأولى ويناقش فكرة أن الحرية الصحفية مقيدة عن طريق مذكرة داخلية من الفريق العام في الجيش تطرح فكرة منع الصحفيين الأكثر إحراجاً لهم من دخول وحضور الاستقبالات واللقاءات الصحفية التي يقيمها الجيش.


حقوق الأقليات





"
ذكر التقرير أن تركيا لم تقم بأي تقدم نحو ضمان التنوع الثقافي وتحفيز الاحترام وحماية الأقليات بناء على المعايير الأوروبية

"
تحدث عنها التقرير وذكر أن حرية العبادة مضمونة بشكل عام لكنه أشار إلى عدة مناطق شهدت مظاهر عنف مصدرها الهوية الدينية، وتضمن التقرير ذكر للبروتستانت الثلاثة الذين تم قتلهم في "مالاطيا".

واعتداءات ضد رجال دين في مناطق المجموعات غير المسلمة وتم نقاش مسألة استخدام اللغة المحرضة على الكره ضد الأقليات غير المسلمة، والذي ترك دون عقاب، كذلك ناقش التقرير مشكلة الأقليات غير المسلمة من حيث تسجيل أماكن العبادة الخاصة بهم بشكل موجز.


بالنسبة للعلويين ومشكلة بيوت "الجمع" (cemevi) فإن التقرير يذكر القرار الذي اتخذ بالإجماع من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بوجود الحصص الإلزامية للدين بالمدارس وبشكل مشابه للتقرير السابق، فإن وضع المعهد اليوناني الأرثوذكسي في جزيرة "هايبلي أدا" ذكر أيضاً.


وناقش التقرير فكرة القيود الموضوعة على رجال الدين والتي ما زالت موجودة، سواء كان اللقب الكنسي "الإكليركي" للبطريرك كان عالمياً أم لا ، فكان قرار محكمة النقض أن المعهد هو معهد ديني فقط دون أي صفة اعتبارية قانونية.


تحت عنوان "حماية حقوق الأقليات، والحقوق الثقافية" ذكر التقرير أن تركيا لم تقم بأي تقدم نحو ضمان التنوع الثقافي وتحفيز الاحترام وحماية الأقليات بناء على المعايير الأوروبية، وبينما يقترب التقرير من فكرة التطورات المتعلقة باستخدام اللغات الأخرى في الإذاعة والحياة السياسية وليس اللغة التركية فحسب، ذكر التقرير أن تركيا لم تحرز أي تحسن في هذا المجال من الحقوق الثقافية.


وكذلك فإن تزايد الأنشطة الإرهابية لحزب العمال الكردستاني وغيرها من المنظمات الإرهابية أدى إلى تدهور الوضع في المنطقة الجنوبية الشرقية في البلاد.



انسجام السياسة الخارجية مع القضايا الدولية


إن الانتقادات تحت هذا العنوان تتضمن المواضيع المرتبطة بقبرص واليونان، وقد ذكر التقرير أن تركيا لم تقم بأي تحسن من حيث التطبيق الكامل للبروتوكول الإضافي والذي يعتمد على قرار المجلس في ديسمبر/كانون الأول 2006 والذي محتواه أنه لن يتم البدء بمناقشة أي من البنود الثمانية من مفاوضات الانضمام والتي تتعلق بقيود تركيا المتعلقة بجمهورية قبرص وأنه لن يتم إغلاق أي بند "ملف" حتى تصل اللجنة إلى القناعة بأن تركيا قد أتمت التزاماتها، ثم أشار التقرير الى استخدام تركيا لحق الفيتو ومعارضتها لانضمام قبرص لمنظمة الناتو وكذلك اعتراض تركيا على اتفاقيات قبرص ولبنان حول التنقيب عن النفط في المنطقة الاقتصادية الوحيدة، واتفاقية قبرص للدفاع المشترك مع فرنسا.


تمت مناقشة العلاقات بين اليونان وتركيا من وجهة نظر يونانية في التقرير، كذلك ذكر التقرير الموقف التركي من قضية "كاسوس بيللي" فيما يتعلق بمشكلة حدود المياه الاقليمية بين تركيا واليونان ومن رؤية أكثر إيجابية فقد ذكر التقرير أن تركيا قد ألزمت نفسها بـ45 بيانا من البيانات الـ46 للسياسة الأمنية والخارجية المعروفة ودعمت المحاولات للحلول السلمية للمشكلات المتعلقة بالعراق وإيران، وأفغانستان، ولبنان، والسودان، وكذلك العملية السلمية في الشرق الأوسط.


يذكر التقرير أيضاً وبشكل إيجابي مشاركات تركيا الإيجابية في مختلف مهام حفظ السلام مع الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي وذلك بمناطق مختلفة من العالم واعتبرها التقرير مساعدة مهمة لتركيا في سياستها الخارجية.


التقييم العام للتقرير





"
أعطى التقرير اهتماما متزايدا للأقليات الدينية ومكانة البطريرك والطائفة العلوية والحصص الدينية الإجبارية لكنه لم يتطرق لموضوع الحجاب
"
من الأهمية بمكان التنويه بأن تقرير 2007 قد تمت كتابته بشكل إيجابي بالرغم من وجود بعض المظاهر السلبية والمعايير المزدوجة العرضية، إن أسلوب التقرير والمناقشات التي فيه كانت ضمن حدود التوقعات العامة وأما اللغة العامة للجنة نحو تركيا فكانت جيدة.

وبالرغم من التطورات السياسية السلبية في 2007 فقد رحّب التقرير بإصرار تركيا على سعيها بالاتجاه نحو العملية الديمقراطية، وتم مدح التحول الكبير في الانتخابات وكذلك طبيعة التمثيل الأكبر في البرلمان الجديد، وضمّ التقرير انتقادات ضد النظام القضائي لكونه غير نزيه في اتخاذ قراراته، وعدم نزاهة القضاء هي من أهم النقاط في التقرير فيما يتعلق بأهمية الديمقراطية، وبالرغم من وجود بعض الحالات فإن انخفاض التعذيب والمعاملة السيئة يمكن اعتبارها من النقاط والتطورات الإيجابية.


يجب التنويه بأن التقرير يحتوي على بعض المعايير المزدوجة فيما يتعلق بموضوع قبرص، فيذكر التقرير أن تركيا لم تقم بأي تطور في موضوع تطبيق البروتوكول الإضافي لكنه لا يذكر أي شيء عن الخطوات التي يجب القيام بها من الجانب الأوروبي لإنهاء عزلة منطقة قبرص التركية، وأما الصفحات المخصصة للسياسة الخارجية فقد تناولت بشكل كبير موضوع علاقة تركيا مع اليونان وقبرص.


ويذكر التقرير مراجع للبروتوكول الإضافي وتعليق مناقشة البنود الثمانية التي تتعلق بمسألة العضوية بسبب الضغوط المتوترة من قبل اليونان وقبرص وذلك بعد ظهور مسودة التقرير، وأما التوترات بين قبرص وتركيا فيما يتعلق بالتنقيب في البحر المتوسط تمت مناقشتها بناء على ما تمت مناقشته فيما يتعلق بقبرص اليونانية وتم انتقاد تركيا في مناقشة هذا الموضوع.


لقد أعطى التقرير اهتماما متزايدا لمشاكل الأقليات الدينية كما هو الحال في تقارير السنوات السابقة، ومكانة البطريرك والطائفة العلوية والحصص الدينية الإجبارية، لكنه لم يذكر أي شيء عن موضوع الحجاب والمشاكل المرتبطة به.



التوصيات


حتى تستطيع تحقيق هدف الدخول كعضو في الاتحاد الأوروبي فإن هناك بعض المجالات التي يجب على تركيا تركيز جهودها عليها ومن ضمنها المواضيع المحلية، علاقات تركيا والاتحاد الأوروبي، والسياسات الدولية:




  • محليا: يجب على الحكومة الاستمرار في أجندة الإصلاح التي أعلن عنها بعد تعليق البدء في عملية مناقشة البنود الثمانية المتعلقة بالعضوية في بداية 2007 وتجهيز بنود جديدة للمفاوضات.



  • بالنظر للموقف الإيجابي للجنة فإنه على الحكومة إلقاء الضوء على الجوانب الإيجابية من التقرير وخاصة النقاط المتعلقة بأهمية العملية الديمقراطية.



  • مع التفويض الجديد –أي ما بعد انتخابات الثاني والعشرين من يوليو/تموز 2007– فإنه يتوجب على حزب العدالة والتنمية الإسراع في عملية الإصلاح لتقوية المؤسسات الديمقراطية.



  • على الحكومة القيام بعدة تغييرات لتقوية أعمدة الديمقراطية في الدولة وذلك كرد فعل على انتقادات اللجنة فيما يتعلق بالقانون الجنائي وخاصة المادة 301 ونزاهة واستقلالية القضاء وتدخل الجيش في الحياة المدنية.



  • وضمن إطار علاقة تركيا بالاتحاد الأوروبي فإن الإصلاحات المحلية باتجاه الديمقراطية ستعطي القوة للذين يؤيدون انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وسيساعد تركيا على اجتياز بعض المشاكل الناجمة عن المسألة القبرصية.



  • يجب زيادة الاتصالات مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي ومع دول الاتحاد الأوروبي عامة من أجل المحافظة على سرعة عملية الإصلاح.



  • إن على الحكومة التركية تحجيم العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي المعارضة لعضوية تركيا، على سبيل المثال العلاقات التركية الفرنسية، فبالرغم من أن حكومة ساركوزي مستمرة في معارضتها لعضوية تركيا فإن استخدام تركيا للمقاييس الاقتصادية والدبلوماسية في علاقات ثنائية قد خففت من حدة موقف ساركوزي، الذي وافق على إزالة شرط الرجوع إلى الشعب كما في الدستور الفرنسي من أجل عضوية تركيا.



  • لقد بقيت قبرص حجر العثرة الرئيسي في أجندة تركيا للاتحاد الأوروبي، وتستخدم كل من قبرص واليونان كل الفرص للحصول على تنازلات من تركيا في هذا الإطار، وعلى تركيا زيادة تواصلها مع أعضاء آخرين من الاتحاد الأوروبي وتفسر موقفها الشرعي، وكذلك يجب أن تحشد جهود المنظمات غير الحكومية Non-Governmental Organization (NGO) في تركيا وشمال قبرص للاستفادة من قضيتها.



  • فيما يتعلق بالسياسات الدولية فإن المشاكل السياسية مع الولايات المتحدة تؤكد أهمية أجندة الاتحاد الأوروبي في تأثيرها على العلاقات الدولية لتركيا مبادراتها السياسية والتي تقع ضمن القانون العام لمواقف الاتحاد الأوروبي، ويجب استمرار هذه المواقف.



  • مبادرات تركيا في الشرق الأوسط والمناطق الأخرى تساهم في رسم صورة إيجابية لتركيا على المستوى الدولي ويزيد من أهمية السياسات الدولية للاتحاد الأوروبي، فعلى تركيا الاستمرار في تطوير روابط أقوى مع الدول المجاورة وأن تصبح أكثر فاعلية في السياسات الدولية من خلال الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية، وفي هذا الخصوص يجب على تركيا الاستمرار في السعي وراء عضوية مجلس الأمن في الأمم المتحدة وزيادة وجودها في أجزاء مختلفة من العالم عبر وكالاتها مثل وكالة التعاون والتطوير الدولية والتركية "التيكا".

إن تقرير الاتحاد الأوروبي لعام 2007 يحث الاتحاد الأوروبي على استمرار المفاوضات مع تركيا، وهذا تطور إيجابي حيث سيكون هناك بندان جاهزان للمفاوضات من أجل الافتتاح الذي سيكون الأسابيع المقبلة، ويمكن تفسير بعض الجمل في التقرير على أنها رغبة من الاتحاد الأوروبي في تأخير عضوية تركيا قدر المستطاع، ويمكن لتركيا تسريع هذه العملية بالاستمرار في عملية الإصلاحات، وتحصل الحكومة على قوتها من أجندة ما قبل الإصلاح، وبعض اقتراحات الاتحاد الأوروبي وخاصة التي تتعلق بالتطور الديمقراطي لتركيا والتي تعتبر حاسمة من أجل الاستقرار والرفاه في الدولة، حتى لو لم يتم الاعتراف بعضوية تركيا داخل الاتحاد الأوروبي، ويجب أن تحتوي الجهود الرامية لإيجاد دستور جديد وتقوية الاتجاه الديمقراطي في الدولة على هذه النقاط.


أما الانتقادات المتعلقة بالسياسة الخارجية هي في الأغلب ناجمة عن مطالب عديد من الدول الأعضاء، وعلى تركيا الاستمرار في جهودها لزيادة حضورها السياسي في العالم، وعليها أيضاً التفاوض مع الاتحاد الأوروبي حتى تدافع عن موقفها في مواضيع السياسة الخارجية.
_______________
نشر هذا التقرير في 4 فبراير/شباط 2008
باحث في مركز الجزيرة للدراسات