قراءة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2008

تشكل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المرتقبة في سنة 2008 مرحلة هامة في تحديد سياسة أمريكا تجاه الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بالعراق وإيران. ونظرا لأهمية الحدث، يرصد هذا مواقف المرشحين والسيناريوهات المحتملة لمجريات هذه الانتخابات









إعداد/ منذر سليمان


ترجمة/ رشا حاتم








منذر سليمان
ستشكل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المرتقبة في سنة 2008 مرحلة هامة في تحديد سياسة أمريكا تجاه الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بالعراق وإيران. ونظرا لأهمية الحدث، نحاول في ما يلي النظر في هذه الانتخابات ورصد مواقف المرشحين والسيناريوهات المحتملة لمجرياتها.

إن محاولة توقع نتائج انتخابات، قبل عام ونصف من إجرائها، هو أمر صعب للغاية. هنالك حكمة سياسية أمريكية تقول: "إن أسبوعا واحدا يمثل فترة طويلة في الحياة السياسية".


وقد أثبتت هذه المقولة صحتها. فقبل عامين من انتخابات 2006، توقع كثير من المحللين أن الجمهوريين سيحظون بمقاعد إضافية في مجلس الشيوخ، فكانت النتيجة أن خسروا الأغلبية. وقبل عامين من انتخابات 2004 أيضا، توقع كثير من المحللين عدم انتخاب الرئيس بوش للمرة الثانية، الأمر الذي كذبته نتائج الاقتراع.


التحليل
نظرة على المرشحين
مرشحو الحزب الديمقراطي
مرشحو الحزب الجمهوري
كيف ستسير انتخابات العام 2008
خاتمة



التحليل





"
ارتفاع عدد المرشحين الحاصلين على أصوات كثيرة من النواب يجعل عملية التنبؤ مستعصية أكثر وسيكون من المستحيل على كل مرشح أن يجمع العدد الكافي من الأصوات للتأهيل للفوز في المؤتمر الوطني

"
تعد هذه الانتخابات غير عادية، وذلك لأنها المرة الأولى منذ 55 عاما التي لن تشهد ترشح الرئيس الحالي أو نائبه، وهو الأمر الذي قد يكون، خلافا لما يتوقع، في مصلحة الجمهوريين، نظرا إلى أن تدني شعبية الرئيس بوش وحربه على العراق ستضر لا محالة بمرشحي الحزب الجمهوري. توضح نتائج استطلاعات الرأي أن حظوظ مرشحي الحزب الديمقراطي أوفر من حظوظ مرشحي الحزب الجمهوري.

تكمن إحدى صعوبات هذه الانتخابات في التغيير الذي طرأ في المرحلة الأولى التمهيدية من العملية الانتخابية. فعادة ما تجري من يناير حتى يونيو داخل كل حزب، حيث يتناقص عدد المرشحين تدريجيا عبر الاستنزاف للأموال أو للخسارة الميدانية المتتالية في الانتخابات الحزبية للولايات .


تهدف الانتخابات هذه للحصول على عدد كبير من المندوبين لكسب الاقتراع الأول في المؤتمر الوطني العام لاختيار مرشح الحزب للرئاسة. أما هذه السنة، فيبدو أن معظم المندوبين الذين سيذهبون إلى المؤتمر الوطني سيتم اختيارهم في الأسابيع القليلة من المرحلة الأولى، أي قبل أن تتناقص أعداد المرشحين تدريجيا، مما سيصعب على المتقدمين حالياً في الاستطلاعات كسب أغلبية كافية تؤهلهم للفوز في الاقتراع الأول.


كما أن الولايات التي تقوم بالانتخابات مبكرا قد غيرت إستراتيجية الانتخابات. ففي السنوات الماضية، كان المرشحون يركزون جهودهم على ولايتي "أيوا" و"نيوهامشاير"، على الرغم من وجود عدد قليل من المندوبين في الولايتين. وكان الهدف هو استخدام الفوز في تلك الولايات لأغراض الدعاية الإعلامية وكسب الجماهير وجمع المزيد من الأموال.


أما هذه المرة، فالمرشحون يتطلعون إلى الولايات الأخرى حيث عدد المندوبين أكبر وفرصهم أفضل. فالمرشح الجمهوري، رودي جولياني، سيتجاهل حاليا هاتين الولايتين، لأنه أكثر ليبرالية من أن يحظى بأصوات ولاية أيوا، كما أنه لا يتمتع بنفس القدر من الشعبية في ولاية نيوهامشاير مثل المرشح ميت رومني. وبالمقابل، يركز جولياني جهده على فلوريدا حيث يتمتع بفرص أكبر للفوز.


كما أدى هذا التغيير في المرحلة الأولى إلى بروز احتمالات أخرى: بما أن عددا قليلا من المرشحين سيتمكن من تحمل نفقات حملته الانتخابية في الولايات التي تنظم الجولة الأولى في أواخر يناير وبداية فبراير، فإن كل مرشح سيركز على الولايات التي ترتفع فيها فرص فوزه.


وبالنتيجة، عوض أن تتضح الملامح الكبرى للمرشحين للرئاسة، فإن ارتفاع عدد المرشحين الحاصلين على أصوات كثيرة من النواب يجعل عملية التنبؤ مستعصية أكثر. ومع هذا الوضع سيكون من المستحيل على كل مرشح أن يجمع العدد الكافي من الأصوات الذي يؤهله للفوز في المؤتمر الوطني.


ومن المحتمل أن يدعم حينها أحد المرشحين الآخر ويجير أصوات مندوبيه مقابل وعد باختياره لمنصب نائب الرئيس . ومن الممكن أيضا في حالة عدم توافق المرشحين داخل المؤتمر أن يكون الفائز بترشيح الحزب للرئاسة من خارج المرشحين الحاليين.


نظرة عامة على المرشحين





"
يرى الجمهوريون في أمريكا القوة العظمى الوحيدة في العالم والتي كسبت موقعها عبر التفوق العسكري والتكنولوجي والمفاهيم الأمريكية عن الديمقراطية والحرية الاقتصادية

"
تواجه كلا الحزبين تحديات في العام 2008 وستحدد الجولة التمهيدية الأولى مستقبلهما.

تتمثل التحديات المطروحة على الحزب الديمقراطي في من سيتحكم في الحزب: أهي مجموعة كلينتون أم مجموعة جديدة؟ تسيطر مجموعة كلينتون منذ العام 1992 على الحزب ويحتل أنصارهم معظم المواقع القيادية في مؤسسات الحزب. وقد أثار هذا الأمر استياء كبيراً من الديمقراطيين الذين يرون أن مجموعة كلينتون لا تعمل لصالح الحزب.


وستحدد التصفية الأولى من سيكون على رأس الحزب. ففي حال فوز هيلاري كلينتون بالانتخابات الرئاسية، ستستمر مجموعة كلينتون في السيطرة على الحزب. أما إذا تم اختيار مرشح آخر من الديمقراطيين، أو في حال خسرت هيلاري كلينتون الانتخابات العامة، فسيتم إبعاد الكثيرين من جماعة كلينتون واللجوء إلى قيادات أخرى.


الحزب الجمهوري أيضا أمام تحدي تركيز مكان جغرافي (كقاعدة نفوذ للحزب). عادة ما تعتبر الولايات الشمالية الشرقية قاعدة الحزب القوية. وتسيطر القاعدة الليبرالية على الجمهوريين في الشمال الشرقي، بينما يسود المحافظون في الجزء الغربي.


وقد بدأ هذا التوازن في الاختلال مع تنامي أعداد السكان المتوجهين نحو الغرب. بدأ الصراع الأول بين الليبراليين في الشمال الشرقي والمحافظين في الغرب في عام 1964، عندما فاز السيناتور المحافظ باري غولدووتر من أريزونا بترشيح الحزب.


ولم يفض هذا الصراع إلى نتيجة نهائية إلا مع فوز رونالد ريغان من الغرب برئاسة أمريكا في عام 1980. حينها بدأ الحزب في الاعتماد على قواعده في الغرب والجنوب للفوز في الانتخابات. ومع تلاشي قاعدة ونفوذ الحزب في الشمال الشرقي، صارت غالبية الحزب الجمهوري من المحافظين.


تعد هذه الانتخابات حربا بين طرفي الحزب الجمهوري الجغرافي والأيديولوجي. اثنان من الثلاثة المرشحين من الحزب هم من الشمال الشرقي بينما واحد فقط من الغرب. وأقوى المرشحين الثلاثة للفوز هو رودي جولياني من الشمال الشرقي.


وهنا سيتعين على الحزب الجمهوري الإجابة على هذا السؤال: هل سيختار مرشحه الأوفر حظا للفوز، حتى ولو كان ليبراليا، أم سيختار مرشح الأغلبية المحافظة، حتى مع ضعف فرصته في الفوز؟ ستحدد الإجابة على هذا السؤال الإطار الذي سيكون عليه الحزب الجمهوري للأعوام المقبلة.


لا يخفى أن هناك تركيزا على بعض القضايا، إلا أن هناك مشكلة تكمن في أن المرشحين يصيغون مواقفهم من الأسئلة والقضايا المطروحة للنقاش بطريقة تجعلهم يعكسون وجهة نظر المستمعين، وهكذا تظل آراؤهم المطروحة دون طعم أو لون محدد بقصد استمالة وإرضاء الجميع. وكمثال على ما نقول، هناك جون إدوارد الذي قال(في خطابه في مجلس العلاقات الخارجية 23 مايو 2007) إنه يعتبر عبارة "الحرب على الإرهاب" مجرد شعار، لكنه يذكر(وفق الموقع الالكتروني لحملته الانتخابية) أن أحد أهم أهدافه الرئيسية هي الحرب على الإرهاب.


وعلى الرغم من تشعب وتعقد المواضيع وإمكانية لجوء المرشحين إلى أسلوب التعمية والغموض في التعامل معها، تظل آراء الحزبين ووجهات نظرهما الأيديولوجية متباينة بخصوص أمريكا وسياستها الخارجية، ومن شأن وجهات النظر هذه أن تعكس كيفية تصرف كل حزب في حال فوزه فيما بعد.


من وجهة نظر الديمقراطيين أميركا لا تستطيع أن تقود العالم بمفردها، بل هي واحدة من ضمن الآخرين ولديها نزعة طبيعية نحو المركزية الأوروبية؛ لذلك تجد المرشحين الديمقراطيين أكثر ميلاً إلى التفاوض مع الأمم الأخرى، ثم العمل معها سويا والتشاور معها والتشارك في اتخاذ القرارات.


أما الجمهوريون فيرون في أمريكا القوة العظمى الوحيدة في العالم، وأنها كسبت موقعها هذا عبر التفوق العسكري والتكنولوجي والمفاهيم الأمريكية عن الديمقراطية و الحرية الاقتصادية. وعلى الرغم من اعتبارهم العمل مع الأمم الأخرى أمراً مرغوباً أحياناً، يرون أن دور أمريكا القيادي في هذا العالم، يجبرها على العمل بصورة منفردة ولو كان في هذا الأمر ما لا يروق للآخرين.


وعلى الرغم من أهمية القضايا المطروحة في رسم الإطار العام لمسار الانتخابات، يبقى أن العاملين الأساسيين في تحديد الفوز هما: "قصة" المرشح ومدى الرضى والاقتناع الشعبي . فأما "قصة" المرشح فهي سيرته الذاتية المختصرة وما يميزه عن غيره. ولا يخفى أن أفضل سيرة لدى الجانب الجمهوري هي سيرة السيناتور جون ماكين، هذا الرجل الذي كان طيارا بحريا في الحرب على الفيتنام، والذي تم أسره من قبل الفيتناميين لمدة خمس سنوات. وتقول القصة أن الرجل فضل الأسر والتعذيب على أن ينتهز فرصة سانحة للإفراج عنه. فقصة كهذه لا شك أنها ستروق لكثير من الناخبين الذين ليس لهم ميل حزبي، لأنها تثبت قوة الرجل وطبيعة شخصيته.


أما العامل الآخر فهو الشعبية في أمريكا، أن يتمتع المرشح بشعبية، معناه أن الناخب يًعتبر من الأشخاص الذي قد يرتاح لدعوتهم لتناول العشاء في بيته. وقد كانت الشعبية عاملا حاسما في فوز الرئيس بوش على منافسيه آل غور في عام 2000 وجون كيري في عام 2004.


أما المرشحان الأكثر شعبية حتى الآن في هذه الانتخابات فهما باراك أوباما ورودي جولياني. وأما الأقل شعبية من بين المرشحين الأساسيين فهي هيلاري كلينتون التي تحظى بأدنى شعبية لدى نصف الناخبين ( المقصود هنا وجود نسبة عالية من الذين ينظرون بسلبية لها).


من المفارقة أن الديمقراطيين وإن كانوا أكثر من الجمهوريين نزوعا نحو مقارنة الوضع في العراق بالوضع في الفيتنام، إلا أنه يظل من المحتمل أن يكونوا الأكثر تضررا من هذه المقارنة.


ففي عام 1964، جعل الرئيس ليندون جونسون من عدم رغبته في تورط الولايات المتحدة الأمريكية في حرب مع الفيتنام موضوعا محوريا في حملته الانتخابية ضد السيناتور باري غولدووتر، لكنه أدرك بعد إعادة انتخابه أنه لا يستطيع تحمل العواقب السياسية والدبلوماسية لخسارة تلك الحرب، فشرع في إرسال القوات العسكرية إلى الفيتنام بالتدريج إلى أن تورط كليا في الحرب، تماما كما اقترح غولدووتر من قبل.


فإذا قارنا على نفس المنوال، فسنجد أنه لا مانع من أن يواصل رئيس من الحزب الديمقراطي حربا على العراق كما شنها الرئيس الجمهوري من قبله.



نستعرض فيما يلي مرشحي الحزب الديمقراطي






"
أصبح السيناتور باراك أوباما قومية في أمريكا فمنذ فاز عام 2004 بمقعد ايلينوي في مجلس الشيوخ اعتبر كأول أسود يحظى بفرصة جادة للفوز بالرئاسة

"
هيلاري كلينتون:


هيلاري كلينتون تتمتع بشهرة وحضور خلال السبعة عشر عاما الأخيرة، كزوجة للرئيس بيل كلينتون، ثم كـعضو في مجلس الشيوخ من ولاية نيويورك.


تشكلت نظرتها السياسية تجاه الشرق الأوسط في سنوات وجودها في البيت الأبيض، ومن المتوقع أن تنهج نفس نهج زوجها. وتوضح تقاريرها وتقديرات مواقفها أنها من المؤيدين لإسرائيل, وقد سبق وأن عبرت بصراحة عن مواقف معادية للفلسطينيين.


أما وجهة نظرها حول العراق فهي غامضة. فقد صوتت لغزو العراق في 2002، إلا أنها ظلت تنتقد مسار الحرب منذ ذلك الحين. تقول في تقرير عن تقديرها للموقف في العراق أنه في حال فوزها بالرئاسة فستعمل على إنهاء الحرب (موقع كلينتون الالكتروني)؛ لكن كثيرا من المحللين يرون أن كلينتون ستكون أكثر من غيرها من بقية الديمقراطيين ميلا إلى إبقاء القوات الأمريكية في العراق. كما أنها قد نادت ببقاء القوات الأمريكية في العراق لتدريب العراقيين وتقديم الدعم والقضاء على العمليات الإرهابية (موقع كلينتون الالكتروني). وكنتيجة لذلك فقد فقدت دعم الفئة المعارضة للحرب في حزبها.


وعندما كانت كلينتون السيدة الأولى والسيناتور، سافرت إلى أكثر من 80 دولة مما أكسبها خبرة جيدة. وعلى عكس إدارة بوش، فمن المتوقع أن يكون لكلينتون مقاربة تعتمد الشراكة في التعامل مع السياسة الخارجية لأمريكا.


كما قالت أنها تعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون في وضع أقوى عندما تتعامل عبر التحالفات (موقع كلينتون الالكتروني). وكنتيجة لذلك، فمن المتوقع أنها ستتعامل أكثر عبر الأمم المتحدة و الإتحاد الأوروبي. كما تحدثت عن إكمال عملية السلام في ايرلندا الشمالية وإيقاف الصراع في دارفور.


وعلى الرغم من انتقاد كلينتون لبرنامج إيران النووي، فإنها لم تبد متأكدة مما ستفعله في حال فوزها. ويبدو الهجوم العسكري غير متوقع تحت قيادة كلينتون، لكنه من المحتمل أنها قد تحبذ فكرة الهجوم الإسرائيلي على منشات إيران النووية.


هناك سؤال جدي حول مدى الاهتمام الذي ستوليه كلينتون للسياسة الخارجية، ذلك أن أول بند رئيسي في برنامجها هو إنشاء نظام رعاية صحية قومي، وسيكون من الصعب تمرير هذا البند من خلال الكونغرس، حتى ولو سيطر الديمقراطيون على الاثنين (مجلس الشيوخ والنواب). وبالتالي فستجد نفسها متورطة في معارك مع السلطة التشريعية الداخلية، الأمر الذي قد يلهيها عن الخارج.


تتمتع كلينتون بمصادر قوة في هذه الانتخابات. المصدر الأول هو شهرة اسمها والتي تقارب ال100%. كما أنها وريثة منظمة أشرفت على حملة كلينتون الانتخابية، والتي حققت نجاحا كبيراً في التسعينات .


إلا أن لديها بعض نقاط الضعف. النقطة الأولى هي نسبة عدم شعبيتها العالية والتي تبلغ 50%، فهي تعد مناورة ومشغوفةٍ بالسلطة. يؤدي هذا الأمر عادة إلى إضعاف الحملة الانتخابية، إلا أنه مع شيء من التنظيم المحكم لحملتها، قد تزيد فرصها في الفوز بمنصب الرئيس.


باراك أوباما:


أصبح السيناتور باراك أوباما من إيلينوي ظاهرة قومية في أمريكا. فقد لفت الانتباه القومي أولا في عام 2004 عندما فاز بمقعد ايلينوي في مجلس الشيوخ، ومنذ ذلك الحين اعتبر كأول أسود يحظى بفرصة جادة للفوز بالرئاسة. وباعتباره وجها جديدا على المشهد القومي، فقد حاول اوباما تقديم نفسه في صورة المتحدي القادر على الخروج من أوضاع الجمود وتخطي حدود الواقع المفروض ثم القدرة على إبداع أجوبة لأسئلة صعبة. فما فتئ يذكر تخطيه لجملة من الصعاب التي واجهته مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، كما يذكر محاولاته لحل المشاكل الصعبة بالتعاون بين الحزبين (الموقع الالكتروني لحملة اوباما الانتخابية).


وبما أن باراك قد التحق بمجلس الشيوخ لمدة قصيرة، فمعرفته ضئيلة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، على الرغم من كونه عضو لجنة مجلس الشيوخ للشؤون الخارجية. وقد ركز في طرحه على قضية أسلحة الدمار الشامل والصراع في إفريقيا. وقد ضم صوته إلى صوت السيناتور الجمهوري لوغار للمطالبة بضرورة البحث عن مخابئ أسلحة الدمار التقليدية (هذا يستدعي تعريف وتحديد لأماكن تلك المخابئ). كما طالب بزيادة التمويل المخصص لتتبع أسلحة الدمار الشامل.


وعلى عكس المرشحين الديمقراطيين الآخرين، فقد كان اوباما معارضا لحرب العراق في عام 2002 (الموقع الالكتروني لحملة اوباما الانتخابية). وقد نادى بالإخلاء الفوري للعراق. كما انتقد المشروع النووي الإيراني. إلا أنه تعرض للانتقاد من الناخبين اليهود لأنه لم يذكر في إحدى ندواته إسرائيل كأحد أهم حلفاء أمريكا. كما أنه هوجم لحديثه عن معاناة الفلسطينيين.


ويركز اوباما في تقدير موقفه بشكل كبير على إفريقيا، حيث يدعو إلى وقف الصراع في الكنغو ودارفور. كما تزعم الدعوة لمحكمة خاصة بالسيراليون للقبض على تشارلز تايلور، وتقديمه للعدالة. وبالنظر إلى هذه الاهتمامات، نجد أن اوباما سيكون الأكثر اهتماما بالصراع في الصومال من المرشحين الآخرين.


وكسيناتور جديد، لم يستطع اوباما أن يقدم موضوعا مميزا يتوقع الناخبون أن يتبناه عندما يصبح رئيسا. إلا أن عضويته في لجنة الأمن الوطني ولجنة الشئون الخارجية وحقيقة أنه عاش في عدة بلدان إفريقية وآسيوية تشير إلى أن نظرته ستكون عالمية أكثر من غيره من المرشحين.


وتكمن قوة اوباما في كونه وجها جديدا ضمن المرشحين الديمقراطيين. كما أن مفاهيمه التحررية قد جعلته محبوبا بين قاعدة الليبراليين في الحزب الديمقراطي، هذه القاعدة التي لديها تأثير قوي على من سيتم اختياره. وكمرشح أسود، فمن المتوقع أن يشعل حماس الناخبين السود في أمريكا، خاصة في بعض الولايات التي تشهد منافسة شديدة مثل أوهايو.


لكن بالمقابل، لأوباما أيضا عدة نقاط ضعف؛ الأولى هي قلة خبرته بمجلس الشيوخ وعلى المستوى الوطني. إضافة إلى أن وقوعه في بعض الهفوات خلال تعليقاته في الحملة الانتخابية في الماضي قد تؤدي الآن إلى إسقاط شعبيته. كما أن شعبيته هي أشبه بشعبية نجم غنائي، وبالتالي قد تتلاشى مع تقدم الحملة الانتخابية. إضافة لذلك فحملته تتنافس مع حملة هيلاري كلينتون التي تتمتع بخبرة أكبر وموظفين أكفاء.


جون إدوارد:


دخل جون إدوارد الانتخابات الرئاسية في العام 2004 و كان أحد المرشحين لمنصب نائب الرئيس. كما عمل لدورة واحدة في مجلس الشيوخ كممثل لولاية كارولينا الشمالية. ومن المتوقع أن يجذب الناخبين الجنوبيين الذين يصوتون عادة للجمهوريين.وقد عمل كمحامي قبل أن يصبح سيناتوراًً.


ركز إدوارد بشكل رئيسي اهتمامه على الشئون الداخلية ولم يتطرق لموضوعات الشرق الأوسط. وتركز اهتمامه على الفقر والرعاية الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية. كما يطالب بالسحب الفوري لما يقرب من 40000 أو 50000 جندي من العراق، على أن يتم سحب البقية خلال 12 إلى 18 شهرا (الموقع الالكتروني لحملة إدوارد الانتخابية). كما دعا إلى مباحثات عالمية حول العراق تتضمن سوريا وإيران. أما مواضيعه العالمية الأخرى فتتضمن دارفور ومسألة الفقر في العالم.


وبالنظر إلى اهتمامات ادوارد الداخلية نستنتج أنه لن يولي اهتماما كبيراً للخارج. وبما أن أجندته تحتوي برامج داخلية تحتاج إلى جهود كبيرة، فسيكون عليه التركيز في تمريرها من داخل مجلس الشيوخ أولا بدلا من الخارج.


وبما أنه كان أحد المرشحين الرسميين لمنصب نائب الرئيس، فقد كسب اسمه شهرة لم يحظ بها كثير من المرشحين. كما أنه يحظى بدعم كبير من اتحاد المحامين الذين يشارك معظمهم في الحملات السياسية. وكرجل ثري أيضا، فبإمكانه دعم حملته الانتخابية في الوقت الذي قد تفلس فيه الحملات الأخرى.


أما نقاط ضعفه فتكمن في ارتكابه للهفوات التي تعطي خصومه السياسيين فرصة الانقضاض عليه. فعلى الرغم من حديثه عن التفرقة في أمريكا بين الأغنياء والفقراء، إلا أن زهوه بثروته جعله عرضة للاتهام بأنه لا يراعي الفقراء.


مرشحون آخرون:


الكثير ممن يتقدمون للانتخابات الرئاسية يعلمون أنهم في الغالب لن يفوزوا، لكنهم يطمعون فقط في أن يتم ترشيحهم لمنصب نائب الرئيس، وبذلك سيكسبون الشهرة التي تؤهلهم للمنافسة على الرئاسة لاحقا. وربما يكون هذا هو السبب في ترشيح كل من السيناتور جو بايدن والسيناتور كريس دود.


إلا أن هنالك مرشحين آخرين قد يسعفهما الحظ في الفوز وهما:



آل غور:


نائب الرئيس كلينتون وخاسر الدور النهائي في انتخابات العام 2000. وضع آل غور نفسه تحت تصرف الديموقراطيين واعدا بترشيح نفسه للرئاسة في حال عدم رضاهم عن المرشحين الحاليين.


أصبح غور من مؤيدي النشاطات البيئية وحصل فيلمه "حقيقة غير ملائمة" على إحدى جوائز الأفلام القيمة. كما تم ترشيحه لجائزة نوبل للسلام. في حال فوزه بهذه الجائزة وفي حال لم يكن الديمقراطيون راضين عن مرشحيهم الحاليين، فقد يدخل آل غور مضمار التنافس على منصب الرئيس، وقد يتم تزكيته في حال أخفق المؤتمر الوطني الديمقراطي في انتخاب مرشح آخر.


وإذا كان هنالك ما يقف بين آل غور والفوز بالرئاسة فستكون كلينتون. فلهيلاري سيطرة ونفوذ تلقائي على جميع النساء الديمقراطيات البيض، وعلى من يريد تجاوزها للفوز بتسمية الديمقراطيين أن يخترق هذه العقبة الديموغرافية.


وتكمن قوة آل غور في سنين خبرته الطويلة كسيناتور ونائب للرئيس. وإذا ما فاز بجائزة نوبل للسلام، فإن "قصته" ستدعم بشكل قوي.


أما ضعفه فيكمن في تصريحاته العديدة التي أدلى بها بعد تركه لمكتب نائب الرئيس والتي قد تستخدم من قبل منافسيه. وبما أنه قد سبق وأن خسر الانتخابات الرئاسية، فقد يتخوف العديد من الديمقراطيين من إمكانية خسارته مجددا.


بيل ريتشاردسون:


حاكم ولاية نيومكسيكو الذي لديه الإمكانية لتغيير الجغرافية السياسية للحزب الديمقراطي. فبصفته حاكما لولاية غربية، له القدرة على أخذ الأصوات من ذلك الجزء الجمهوري من البلاد. كما أن لديه الخبرة كحاكم وكعضو سابق في مجلس الوزراء في عهد كلينتون.


بوصفه مرشحا من أصول أميركا اللاتينية وهي أكبر أقلية نامية في الولايات المتحدة . إضافة إلى أنه من مناصري حرية اقتناء الأسلحة، الشيء الذي قد يساعد الديمقراطيين إذا ما رشح الجمهوريون أحد مناهضي حمل السلاح كرودي جولياني. وباعتباره معتدلا في معظم الأمور، فقد يكون أفضل المرشحين الديمقراطيين المحتملين.


يبقى فقط السؤال كيف يستطيع جمع الأصوات اللازمة التي تؤهله للفوز بترشيح الديمقراطيين.


مرشحو الحزب الجمهوري





"
يدعم ماكين الحرب على العراق وسيكون له موقف قوي ضد إيران وقد كان من أوائل المدافعين عن ضرورة إرسال المزيد من القوات إلى العراق وهو من أنصار إسرائيل المعروفين
"
كما ذكرنا من قبل، فإن الحزب الجمهوري يجذب الاهتمام بتقديمه لاثنين من أقوى المرشحين من الجزء الشمالي الشرقي.

رودي جولياني:


وهو المتقدم في استطلاعات الحزب الجمهوري، وقد كان عمدة مدينة نيويورك وأحد المدعين الفيدراليين. وازداد رصيده بالتحول الذي أدخله على مدينة نيويورك في التسعينات. كما تم امتداحه على أدائه عند تعرض برجي التجارة للهجوم في الحادي عشر من سبتمبر.


جولياني من المناصرين لإسرائيل، ومن المحتمل ألا يشجع على التعامل مع الفلسطينيين. وعلى الرغم من انتقاده لسياسة الرئيس في الحرب على العراق، سيستمر في دعم الوجود العسكري في هذا البلد، ولن يتساهل مع البرنامج النووي الإيراني. وقد صرح في إحدى نقاشاته أنه قد يدعم إسرائيل لتقود ضربة على منشئات إيران النووية.


وعلى عكس منافسيه من مجلس الشيوخ، فلجولياني خبرة تنفيذية ، الأمر الذي يحبذه الناخبون الأمريكيون. كما أنه يتمتع وفقاً لبعض الاستطلاعات الأولية بأعلى نسبة شعبية بين جميع المرشحين، سواء من الديمقراطيين أو الجمهوريين ولكن النسبة تتراجع مؤخراً .


نقاط ضعف جولياني تتمثل في أنه أكثر ليبرالية من باقي الناخبين الجمهوريين. فمواقفه من الإجهاض والتحكم بالسلاح لا تتوافق مع وجهات نظر معظم الجمهوريين. وعلى كل حال، فإن الناخبين الجمهوريين يريدون فائزا، لذا فقد يتغاضون عن وجهات النظر تلك ويدعمونه.


جون ماكين:


ترشح السيناتور جون ماكين ضد جورج بوش في حملة الجمهوريين في العام 2000. وقد ظل اسمه معروفا للعامة منذ ذلك الحين. وكما ذكرنا سابقا، فقد كان في البحرية وسجين حرب قبل أن يصبح سيناتور من أريزونا. وقد حافظ على صورة جيدة منذ العام 2000 وتدعمه قاعدة كبيرة ممن لا ينتمون لأي حزب.


أوضح ماكين أنه يدعم الحرب على العراق وسيكون له موقف قوي ضد إيران. وقد كان من أوائل المدافعين عن ضرورة إرسال المزيد من القوات إلى العراق. وهو من أنصار إسرائيل المعروفين، ولو أن مواقفه المعروفة بالحدة الدرامية قد تملي عليه أكثر من غيره من مرشحي الجمهوريين احتواء إسرائيل. إلا أنه وكما أوضح بما فيه الكفاية لن يتساهل مع أي برنامج نووي إيراني يهدد إسرائيل (الموقع الالكتروني لحملة ماكين الانتخابية).


دعم ماكين العديد من القوانين التشريعية الهامة . كما ذكر أنه في حال فوزه بمنصب الرئيس، سيركز على خفض الإنفاق الحكومي في المقام الأول بعد الحرب على العراق.


وتكمن قوة ماكين في شهرة اسمه وفي "قصته". فالناخبون الأمريكيون يحبون الأبطال، وتجربته العسكرية ستجلب له أصوات الكثير من الناخبين، خاصة قدامى المحاربين منهم. كما أنه محبوب من قبل المعتدلين الذين سيكون لهم التأثير البالغ في تحديد نتيجة الانتخابات العامة.


ولماكين أيضا عدة نقاط ضعف. فبالرغم من كونه محافظا، قد ابتعد عن قاعدة المحافظين بعدما قام بدعم التشريعات الخاصة بتمويل الحملات الانتخابية وبتنظيم الهجرة. كما أنه لم يحضر عددا من الاقتراعات التي أجريت في مجلس الشيوخ الأمريكي مؤخرا، الأمر الذي قد يستخدمه منافسوه ضده. كما تراجعت شعبيته مؤخرا بسبب دعمه لإصلاح شامل للهجرة، وهو الإصلاح الذي لا يعجب الناخبين الأمريكيين حاليا، وهذا ما قد يعرقل حملته الانتخابية.


وفي أثناء إعدادنا لهذا التقرير، ورد الكثير من الأنباء السيئة عن حملته الانتخابية. فقد أعلن الكثير من مستشاريه عن انسحابهم من حملته الانتخابية إما بسبب نقص الموارد المالية وإما بسبب اختلاف حول الاستراتيجيات. ويتوقع العديد من المراقبين انسحابه قريبا.


من بين نقاط ضعفه تقدمه في السن. في حال انتخابه، فسيكون بعمر يناهز الـ 72 سنة. وفي حال ظهرت عليه علامات الوهن أو الفتور فلا شك أن ذلك سيكون محط نقاش لا يخدم ترشحه. كما أن تقدمه في السن قد لا يؤهله إلى أكثر من دورة واحدة، وهذا يعني أن اختيار نائب الرئيس سيكون في غاية الأهمية لأن نائب الرئيس قد يكون المرشح للرئاسة في 2012.


ميت رومني:


رومني هو حاكم ماساتشوسيت سابقا. وقد ترعرع في ميتشغن حيث كان والده حاكما. وكان والده أيضا مرشحا للرئاسة وخسر في 1968 أمام ريتشارد نيكسون. يمتلك رومني تلك المهارات التنفيذية التي يحبها الناخبون.


اهتمام رومني الأول فيما يخص الشرق الأوسط هو هزيمة الإسلام الراديكالي. وهو يعتقد أن الإستراتيجية الجيدة هي التي تتضمن العمل العسكري والدبلوماسي، بما في ذلك دعم الدول المسلمة المتحضرة (الموقع الالكتروني لحملة رومني الانتخابية). لم تتضمن حملته أي إشارة لإسرائيل، إلا أنه من المتوقع أن يكون من أنصارها كمعظم المرشحين.


أما اهتمام رومني الثاني فهو تحسين الاقتصاد الأمريكي ليتنافس مع آسيا. كما أنه يفضل تبسيط نظام الضرائب الأمريكي المعقد.


يحاول رومني أن يقدم نفسه في صورة المرشح الحارس للقيم العائلية لكي ينال إعجاب المحافظين الجمهوريين؛ إلا أنه بوصفه حاكم أكبر ولاية ليبرالية، فإنه من المحتم عليه تقديم جملة من التنازلات التي لا تتناسب مع القاعدة الجمهورية.


تكمن قوة رومني في قدرته على جمع الدعم المادي. فعلى الرغم من أنه يأتي بعد جولياني وماكين، إلا أنه استطاع أن يجمع أموالا أكثر من أي منهما. هذا يعني أنه لن يضطر للانسحاب من الحملة الانتخابية لأسباب مادية.


ولرومني عدة نقاط ضعف. فهو، مثل جولياني، من الشمال الشرقي، كما أنه أكثر ليبرالية من غالبية الناخبين الجمهوريين. من ناحية الديانة فهو مورمونيّ، الأمر الذي سيصرف عنه معظم الناخبين العسكريين في تلك الولاية ذات الغالبية المسيحية.


قد تمنح نتائج مبكرة إيجابية في الانتخابات الحزبية زخماً لرومني ليصبح في موقع متقدم.


فريد طومسن:


على الرغم من أنه لم يعلن ترشيحه بعد، إلا أن السيناتور السابق فريد طومسن قام بعدة خطوات جعلت المحللين يعتقدون أنه سيترشح، بما في ذلك لجنة الاستكشاف التي تبحث في الفرص المتاحة له للفوز. وفي حال قراره خوض الانتخابات، فإن سباق المرشحين للحصول على تمثيل الحزب الجمهوري سيتغير بشكل كبير.


إن القائمة الحالية للمرشحين الجمهوريين لم تثر حماس قاعدة المحافظين الجمهوريين. والكثير منهم يبحث عن شخص محافظ يتمتع بحظوظ جيدة لكسب الانتخابات العامة في 2008.


وهذا الشخص ليس سوى فريد طومسون بالنسبة لكثير من الجمهوريين. أصبح هذا واضحا في نتائج استطلاعات الرأي التي أجريت بعد أن كون لجنته الاستكشافية، هذه اللجنة التي وضعته في المكان الثاني بعد جولياني.


أصبح طومسون سيناتور بعد أن أخذ مقعد آل غور الذي أصبح نائبا للرئيس. وخلال أعوامه الست، استطاع أن يبني سمعة جيدة كمحافظ. وفي جميع الأحوال، فقد كان مشهورا بما فيه الكفاية حتى قبل أن يصبح سيناتور من تينيسي.


فقد عمل كمحامي في لجنة "واتر غيت" التي نظرت في إدانة ريتشارد نيكسون. بعد ذلك استمر في ممارسة المحاماة حتى طلب منه التمثيل في أحد الأفلام. وعلى الرغم من أنه لا يمتلك خبرة في التمثيل، إلا أنه أجاد دوره ولمع نجمه في عدة أفلام، بما فيها الفيلم الذي قام فيه بدور رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. وهو حاليا يشارك في عرض تلفزيوني يحمل عنوان "القانون والنظام".


لا تخرج نظرة طومسون للشرق الأوسط عن نظرة الجمهوريين عامة. فهو من أنصار إسرائيل، فضلا عن أنه يفضل البقاء في العراق. كما أنه سيعارض أي مشروع نووي إيراني.


لطومسون بعض نقاط القوة. فباعتباره ممثلا ظهر في العديد من الأفلام، فالشهرة ستساعده في حملته الانتخابية. كما أنه متحدث متفوه، وتلك ميزة ضرورية لكل من يترشح لمنصب الرئاسة. وكمحافظ قوي فإنه سيثير حماس قاعدة الجمهوريين كما لم يفعل المرشحون الآخرون.


أما نقطة ضعف طومسون الكبرى فتكمن في أنه لم يقرر بعد دخول حلبة الصراع من أجل المنصب. وهذا يعني أنه حاليا لا يملك موظفين أو نقودا لخوض حملته الانتخابية. أما منافسيه، فهم يعملون منذ سنوات ولديهم موظفين وأموال في البنوك. في حال قرر خوض الانتخابات، سيكون عليه أن يتصرف بسرعة ليلحق بالركب.


مرشحون آخرون:


الحزب الجمهوري مليء بالمرشحين الذين لن يفوزوا بالرئاسة، والذين لا يطمعون سوى في أن يحالفهم الحظ في شغل منصب نائب الرئيس، مثل سيناتور سام براونباك، و نيوت غينغرش(أحد أعضاء الكونغرس السابقين) (لم يعلن بعد عن ترشحه)، و مايك هوكابي (حاكم)، و دونكان هنتر (أحد أعضاء الكونغرس)، و توم تانكريدو (أحد أعضاء الكونغرس). لا يملك أي منهم المصادر أو المال الكافي لهزيمة المنافسين الرئيسيين.


كيف ستسير انتخابات العام 2008





"
لو سارت الأمور كما في السابق فيفترض أن يفوز الجمهوريون ثانية إلا أن هنالك بعض التغييرات التي طرأت وأولها هو عدم شعبية الرئيس بوش التي ستخفض نسبة التصويت للجمهوريين
"
على الرغم من أن دورة الانتخابات ما تزال في بدايتها المبكرة، إلا أن استطلاعات الرأي العام تشير إلى احتمال أن يصل كل من السيناتور هيلاري كلينتون ومحافظ ولاية نيويورك رودي جولياني إلى نهاية السباق في انتخابات 2008. لكن لكل متصدر السباق نحو البيت الأبيض كبوات وسقطات في الماضي، ولذلك ففي حال فشل أحد المرشحين، فإن المرشحين باراك أوباما وميت رومني هما الذين سيتصدران السباق لا محالة.

ومع ذلك، وكما ذكرنا سابقا، فإن لكل من فريد طومسون، و آل غور و بيل ريتشاردسون القدرة على خلط الأوراق بدخولهم السباق.


وقبل النظر في السباق المحتمل، لننظر إلى توزيع أصوات الناخبين. في كل من سباق العام 2000 و سباق 2004 كانت حصة المرشحين من أصوات الناخبين جد متقاربة، حيث حصل الديمقراطيون على أصوات غالبية الناخبين في الساحل الشرقي والغربي، بينما حصل الجمهوريون على معظم أصوات الناخبين في ولايات الوسط، خاصة الولايات الغربية والجنوبية.


في حال سارت الأمور كما في السابق، يفترض أن يفوز الجمهوريون ثانية. إلا أن هنالك بعض التغييرات التي طرأت. وأول تغيير هو عدم شعبية الرئيس بوش التي ستخفض نسبة التصويت للجمهوريين. والثاني هو وضع الجمهوريين في ولاية أوهايو التي صوتت لبوش مرتين، والتي من الراجع أن تصوت للمرشح الديمقراطي في الانتخابات المقبلة نظرا لتدني شعبية الحزب الجمهوري. أخذا بعين الاعتبار كل هذه المعطيات، فلننظر في سيناريوهات السباقات المحتملة:




  • كلينتون / جولياني:
    هذه المواجهة غير عادية لأنه من النادر أن يتنافس مرشحان للرئاسة من نفس الولاية. وهذا الوضع سيكون في صالح جولياني الذي يتمتع بدعم قوي في الولايات الشمالية الشرقية التي تعد قاعدة ديمقراطية في الأساس. وقد أظهرت استطلاعات الرأي أنه يكتسح كلينتون في كل من كونيكتيكت، ونيوجيرسي وبنسلفانيا، وهي الولايات التي يجب أن يكسبها الديمقراطيون ليفوزوا بالانتخابات.

    وكنتيجة لذلك، فستركز الحملات على الولايات الشمالية الشرقية التي عادة ما تعتبر مكسبا بالنسبة للديمقراطيين. ستظل الولايات المحايدة كـأوهايو خارج نطاق اهتمام الديمقراطيين، الأمر الذي قد يساعد الجمهوريين. وبالنتيجة، من الممكن أن يفوز جولياني على منافسته بفارق أوسع من الفارق الذي حصل عليه الرئيس بوش في 2004.



  • رومني أو طمسون / كلينتون
    تتقارب حظوظ المتنافسين في الفوز كما قد تتقارب حصص الأصوات التي من الممكن أن يحصلوا عليها. وقد ينقلب الفوز لأي من المرشحين بفضل اكتساح بعض الولايات الغربية التي فاز فيها بوش بصعوبة في العام 2004.

    وتشمل هذه الولايات كل من أوهايو، و مينيسوتا، وأيوا وويسكونسن. وسيكون على كلنتون أن تزيد من شعبيتها إذا أرادت الفوز.

    ونظرا لتساوي حظوظ المتنافسين فسيكون على المرشحين لمنصب نائب الرئيس الفوز في ولاياتهم. فمن المتوقع أن تختار كلينتون حاكما ديمقراطيا من ولاية تميل للجمهوريين. وقد يختار الجمهوريون مرشحا جمهوريا من ولاية غربية قد تصوت لكلينتون.



  • رومني أو طمسون / أوباما:
    هذا السباق تتساوى فيه حظوظ المتنافسين، وقد يعطي غالبية السود في أوهايو أصواتهم لأوباما. وقد تنقلب نتيجة الانتخابات مع أي هفوة تصدر من أحد المرشحين. وبالنظر إلى صعوبة السباق، فإنه سيكون من الصعب على المرشحين لمنصب نائب الرئيس الفوز في ولاياتهم.



  • جولياني / أوباما:
    مرة أخرى، فإن لجولياني قاعدة كبيرة في الولايات الشمالية الشرقية التي يحتاجها أوباما لكي يأمل في الفوز. سيكون أوباما مجبرا على توجيه حملته الانتخابية لتلك الولايات، بينما سيعمل جولياني على محاولة كسب دعم الجمهوريين في الولايات الغربية التي تحتوي على نسبة كبيرة من المواطنين السود. من المتوقع في هذه الحالة أن يفوز جولياني.


خاتمة


على الرغم من أن انتخابات 2008 تمنح العديد من الخيارات، إلا أنه من الخطأ أن نتوقع تغييرات رئيسية في السياسة الأمريكية مع قدوم الرئيس الجديد. فالسياسة الأمريكية اتجاه الفلسطينيين لم تتغير بشكل واضح على الرغم من تعاقب عدة رؤساء على أمريكا.


ومن غير الواقعي أيضا أن نتوقع انسحاب سريع للقوات الأمريكية من العراق بعد 20 يناير 2009، إذا لم تكن قد انسحبت قبل ذلك. فلن يجازف أي رئيس أمريكي بتحمل الأضرار السياسية التي ستنجم عن الانسحاب، إذا ما تم اعتباره هزيمة أو تقهقرا. وبالتالي، فإنه إذا تغير دور القوات الأمريكية في العراق وتم سحب بعض الجنود، فسوف لن يكون هناك انسحاب كامل لأمريكا من العراق.


وسيكون الوضع أكثر تعقيدا بالنسبة لإيران. قد يكون كل من أوباما وإدوارد أقل المتنافسين ميلا نحو اتخاذ إجراء عنيف ضد إيران، وربما سيعملان على إشراك الأمم المتحدة وأوروبا في اتخاذ القرار المناسب ضد إيران. أما كلينتون، ماكين وجولياني فهم أميل إلى استعمال القوة.


كما سيتوقف الإجراء العسكري ضد إيران أيضا على وضع الجيش الأمريكي. ففي التسعينيات، وخلال رئاسة كلنتون، تحولت سياسة أميركا عن الاستعداد للقتال في نزاعين إقليميين من العالم توفيرا للمال والقوات. كما أن الإدارة قررت أن تركز على سياسة عدم الاشتباك المباشر واللجوء إلى القصف من بعيد. ولذلك كانت الحرب على كوسوفو حربا جوية بامتياز.


وهكذا وجدت القوات الأميركية نفسها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر منهكة ضعيفة، ليست لها إلا وحدات صغيرة لا تقوى على الصراع المسلح المباشر، ومعدات بسيطة مصممة لمواجهة السوفييت في أوروبا. وخلال السنوات القليلة الماضية، واجهت تحدي تغطية احتياجاتها الحالية والمستقبلية. وكنتيجة لذلك يجب أن يكتمل إعدادها بشكل جيد قبل أن تشتبك في أي معارك أرضية أخرى. وإزاء هذه المسألة سيبرز الفرق بين الرؤساء لا محالة. فالرئيس الديمقراطي سيميل إلى تقليص إمدادات الجيش لكي يحصل على المال لسد النفقات الداخلية، بينما سيعمد الرئيس الجمهوري إلى إكمال الإصلاحات المتعلقة بالجيش.


المعروف عن الديمقراطية الأمريكية استمراريتها ومرونتها وتكيفها، ولكن قوة وصلاحيات الرئاسة غالباً ما ستحدد الطريقة التي سيتصرف بها الرئيس، بغض النظر عن أرائه ومواقفه السابقة لانتخابه. ومهما يحدث من مفاجآت حول من سيحتل البيت الأبيض، فإن السياسة الأمريكية تجاه العالم العربي لن تشهد تغيرات دراماتيكية قريباً.
_______________
باحث ومحلل في شئون الأمن القومي
أنجز التقرير في 14 آب / أغسطس 2007