خرائط متحركة: القوى العسكرية في الثورة السورية

عرفت القوى الثورية المسلحة بسوريا تحولات في أهدافها وتكويناتها، فلقد انتقلت من حماية المظاهرات السلمية إلى إسقاط النظام، ومن قوات مشكلة أساسا من المنشقين عن جيش النظام إلى قوى يغلب عليها الطابع الإسلامي، وتوفر هذه التحولات فرصا كبيرة وتحديات عديدة في نفس الوقت.
20131223112455565734_20.jpg
المعارضة المسلحة وسط بيئة قتالية متغيرة (أسوشييتد برس)

ملخص
عرفت المعارضة السورية المسلحة تحولات مهمة بعد اندلاع الثورة، مست أهدافها وتكويناتها؛ فكانت في البداية تحمي المتظاهرين من اعتداءات النظام المسلحة، لكنها صارت تسعى للإطاحة بالنظام. أما من حيث التشكيل فإنها باتت في أغلبها قوى إسلامية تعمل على تطبيق الشريعة بعد إسقاط النظام.

هذه التحولات تضع القطاع الأكبر من هذه القوى المسلحة في مواجهة عدة تحديات، فهي من جهة تتحدث باسم ثورة لم تندلع من أجل الدولة المدنية لا من أجل إقامة خلافة إسلامية، ومن جهة ثانية تريد تطبيق الشريعة على بلد متعدد دينيًا وطائفيًا، ومن جهة ثالثة، فإن موقع سوريا بجنب دول لن ترحب بقيام دولة إسلامية سيجعلهم يدخلون صراعات حادة تزيد من اضطراب الوضع السوري.

مقدمة

تشهد القوى العسكرية الثورية التي تحارب النظام السوري منذ أكثر من سنتين، تحولات متسارعة ومعقدة؛ أثارت تساؤلات تتعلق بقوتها واستراتيجياتها: ما صفتها وأعدادها؟ وما أهم التكتلات العسكرية؟ وما الفرق بين "الجيش الحر" وغيره من "الفصائل الإسلامية"؟

تسعى هذه الورقة إلى الإجابة عن التساؤلات السابقة بناء على قراءة ميدانية للساحة الثورية، مع ضرورة الإشارة إلى أن خريطتها تتغير طوال الوقت، فهي تشهد حالات مستمرة من الاندماج والانفصال والانتقال من هذا الطرف إلى ذاك، وقد تتغير أعداد المقاتلين ضمن المجموعة الواحدة تغيرًا ملحوظًا بين أسبوع وأسبوع أو بين شهر وآخر.

تحولات المعارضة المسلحة

بدأ العمل الثوري المسلح بالانتشار البطيء منذ شهر الثورة الثالث أو الرابع من طريقين: انشقاق عناصر عسكرية عن جيش النظام كوَّنت مجموعات مقاتلة صغيرة، وانتقال جماعات من الثوار المدنيين إلى العمل العسكري.

كان أول انشقاق علني موثّق عن جيش النظام في بداية الأسبوع الخامس من انطلاق الثورة، عندما ظهر المجند في الحرس الجمهوري، وليد القشعمي، في تسجيل مصور بتاريخ 23 إبريل/نيسان 2011 ليعلن أنه رفض إطلاق النار على المتظاهرين السلميين في حرستا بريف دمشق، وقد انشق واختفى عن الأنظار.[1] أما أول المنشقين من الضباط فهو الملازم أول عبد الرزاق طلاس (7 يونيو/حزيران 2011)، وبعده بيومين (9 يونيو/حزيران 2011) انشق المقدم حسين الهرموش وأنشأ "لواء الضباط الأحرار". بعد ذلك بأقل من شهر انشق العقيد رياض الأسعد (4 يوليو/تموز 2011)، وبعد انشقاقه بخمسة وعشرين يومًا أعلن عن تأسيس "الجيش السوري الحر" الذي اقتصرت مهمته -في البداية- على حماية المدنيين وحراسة المظاهرات السلمية.[2]

خلال الشهر التالي، أغسطس/آب 2011، أعلن الجيش الحر عن تشكيل ثماني كتائب: كتيبة خالد بن الوليد في محافظة حمص، وكتيبة حمزة الخطيب في ريف إدلب، وكتيبة الهرموش في جبل الزاوية، وكتيبة القاشوش في مدينة حماة، وكتيبة أبي الفداء في ريف حماة الشمالي، وكتيبة العمري في محافظة درعا، وكتيبة معاذ الركاض في دير الزور، وكتيبة الله أكبر في البوكمال. وفي سبتمبر/أيلول 2011 أعلن عن تشكيل ثلاث كتائب أخرى: كتيبة الأبابيل في حلب، وكتيبة معاوية بن أبي سفيان في دمشق، وكتيبة أبي عبيدة بن الجراح في ريف دمشق.[3]

استمر التنازع بين لواء الضباط الأحرار والجيش الحر لبعض الوقت، ثم انتهى أخيرًا بإعلان اندماج لواء الضباط في الجيش الحر بتاريخ 24 سبتمبر/أيلول 2011؛ وذلك بعد عدة أسابيع من اختفاء المقدم حسين الهرموش، الذي تبين لاحقًا أن المخابرات السورية اختطفته من تركيا بمعاونة بعض العناصر العلوية في المخابرات التركية، ولا يُعرَف مصيره على وجه الدقة حتى اليوم.[4][5]

من حماية المدنيين إلى إسقاط النظام

شهدت السنة الثانية (2012) تغيرًا كبيرًا في المشهد الثوري العسكري؛ فقد انتقلت القوى الثورية الوليدة من الهدف الذي نشأت من أجله، وهو حماية المدنيين وحراسة الحراك السلمي، إلى الهدف الجديد الكبير الذي حافظت عليه بعد ذلك: إسقاط النظام وتحرير سوريا من حكم الأسد.

مع بداية تلك السنة بدأ العمل العسكري بالانتشار وتوالدت الكتائب بسرعة هائلة، حتى بلغت في أواخرها أكثر من خمسمائة كتيبة. ولم يكن لها كلها في البداية إلا عنوان واحد جامع هو "الجيش الحر"، ثم بدأ التمييز الاصطلاحي بين الفصائل والجماعات الإسلامية من جهة والجيش الحر من جهة أخرى، ولعل ذلك التمييز بدأ أول ما بدأ مع ولادة "جبهة ثوار سوريا" التي ضمت عددًا من الفصائل الإسلامية، أشهرها كتائب أحرار الشام في إدلب وكتائب أحفاد الأمويين في دمشق وريفها.

أُعلن عن انطلاق "جبهة ثوار سوريا" في مؤتمر صحفي في إسطنبول[6] في الرابع من يونيو/حزيران 2012، ولكنها لم تعش طويلاً، وسرعان ما تفككت ووُلد بدلاً منها تجمع جديد، هو "جبهة تحرير سوريا الإسلامية" التي أُعلن عن ولادتها بتاريخ 12 سبتمبر/أيلول 2012،[7][8] وكان مخطَّطًا لها أن تضم أهم المجموعات الجهادية الكبيرة: ألوية صقور الشام وكتائب أحرار الشام وتجمع أنصار الإسلام وغيرها، لكن بعض الخلافات التي نشأت في اللحظات الأخيرة تسببت في انسحاب كتائب أحرار الشام من الجبهة. وحينما أُعلن عن إنشائها رسميًا كانت "جبهة تحرير سوريا الإسلامية" تضم ألوية صقور الشام وكتائب الفاروق وتجمع أنصار الإسلام ولواء الفتح ولواء الإيمان ومجلس ثوار محافظة دير الزور، وعددًا آخر من الكتائب والألوية الأصغر حجمًا. وفي وقت لاحق (11 يناير/كانون الثاني 2013) أُعلن عن ضم لواء التوحيد إلى جبهة تحرير سوريا، ثم انسحب منها تجمع أنصار الإسلام. وقد قدرت أكثر المصادر المحايدة عدد مقاتلي الجبهة المذكورة بنحو أربعين ألفًا وتحدثت بعض مصادرها الداخلية عن ستين ألفًا،[9] ولكن المتابعة الميدانية تشير إلى أن هذا العدد مبالغ فيه إلى حد ما وأن التقدير الأول أقرب إلى الصواب.

قبل نهاية عام 2012 بعشرة أيام وُلدت الجبهة الإسلامية الثانية، وهي "الجبهة الإسلامية السورية"، وتضم كتائب أحرار الشام وحركة الفجر الإسلامية وجماعة الطليعة الإسلامية وكتائب الإيمان المقاتلة وكتائب أنصار الشام ولواء الحق وجيش التوحيد، وعددًا آخر من الألوية والكتائب،[10][11] وبعد ولادتها بشهرين انسحب لواء الإيمان في حماة من جبهة تحرير سوريا وانضم إليها. وفي وقت لاحق أُعلن عن اندماج الجماعات الأربع الأولى (كتائب أحرار الشام وحركة الفجر وجماعة الطليعة وكتائب الإيمان) في كيان واحد اسمه "حركة أحرار الشام"، فصارت الحركة هي العمود الفقري والمكوِّن الرئيسي للجبهة الإسلامية السورية التي قُدِّر عدد مقاتليها بنحو ثلاثين ألفًا أو أقل قليلاً.[12]

بُذلت خلال النصف الثاني من العام الجديد (2013) جهود كبيرة لتوحيد الجبهتين السابقتين في كيان واحد جامع، وقد تمخضت تلك الجهود أخيرًا عن توحيد مكوّناتهما الرئيسية في جبهة جديدة تم الإعلان عنها يوم الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 باسم "الجبهة الإسلامية"، وتضم أكبر الجماعات العسكرية العاملة في الميدان، وهي: حركة أحرار الشام الإسلامية وجيش الإسلام وألوية صقور الشام ولواء التوحيد ولواء الحق وكتائب أنصار الشام والجبهة الإسلامية الكردية. وتزامنًا مع إطلاق الجبهة الجديدة تم الإعلان عن إلغاء وتفكيك الجبهتين القديمتين: جبهة تحرير سوريا والجبهة الإسلامية السورية.[13][14]

التجمعات المتوسطة وغرف العمليات
بالإضافة إلى التجمعات الكبرى المتمثلة في الجبهتين السابقتين نشأت بعض التجمعات الأصغر حجمًا، ومن أمثلتها "هيئة دروع الثورة" التي أُعلن عن تأسيسها بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول 2012، ولم تلتحق بأي من الجبهتين الكبيرتين بل بقيت مستقلة، ويبدو أنها مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين السورية، وهي تضم كتائب في أكثر مناطق سوريا ويبلغ عدد مقاتليها قريبًا من عشرة آلاف.[15][16]

ومن التجمعات المتوسطة المشهورة "تجمع أنصار الإسلام" الذي أُعلن عن تشكيله في منطقة دمشق بتاريخ 8 أغسطس/آب 2012، وكان يضم -وقت تأسيسه- أهم الكتائب والألوية في دمشق وريفها، ولاسيما في الغوطة الشرقية: لواء الإسلام ولواء الفرقان ولواء درع الشام وكتائب الصحابة وكتائب الحبيب المصطفى وغيرها من الألوية والكتائب، وكان يقدَّر عدد مقاتليه بنحو خمسة عشر ألفًا.[17] لكن لواء الإسلام انسحب في وقت لاحق من التجمع وبقي ضمن جبهة تحرير سوريا الإسلامية بعد انسحاب التجمع منها، ثم وسّع تشكيله مؤخرًا وضم إليه عددًا من الكتائب والألوية العاملة في الغوطة الشرقية، وغيّر اسمه من "لواء الإسلام" إلى "جيش الإسلام". أما "تجمع أنصار الإسلام" فقد انسحبت مكوّناته واحدة بعد أخرى، حتى انفرط عقده بالكامل مع نهاية الربع الأول من العام الحالي 2013.

وقد نشأ أخيرًا في الريف الدمشقي تجمع جديد باسم "الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام"، أُعلن عنه قبل ولادة "الجبهة الإسلامية" بثلاثة أيام فقط، أي بتاريخ 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، ويضم أكبر الفصائل المقاتلة في الغوطتين الشرقية والغربية وجنوب دمشق والقلمون، وهي: ألوية وكتائب الحبيب المصطفى وألوية وكتائب الصحابة وكتائب شباب الهدى وتجمع أمجاد الإسلام ولواء درع العاصمة، ويبلغ عدد مقاتلي هذا التجمع الجديد قريبًا من ثمانية عشر ألفًا.[18]

جبهة النصرة ودولة العراق والشام
بدأ اسم جبهة النصرة بالانتشار أواخر عام 2011، ولكنها لم تعلن عن نفسها رسميًا إلا في أوائل 2012 (24 يناير/كانون الثاني 2012).[19] كان جُلّ مقاتليها في أول الأمر من السوريين الذين سبقت لهم تجربة جهادية في أفغانستان والشيشان والعراق، غير أنها سرعان ما بدأت باستقطاب مجاهدين من خارج سوريا، ولم تُعرف نسبة المجاهدين غير السوريين (المهاجرين) فيها بصورة دقيقة، لكن التقديرات التقريبية كانت تشير إلى أنهم ربما بلغوا ربع أو ثلث عدد مقاتلي النصرة الإجمالي.

وبما أن جبهة النصرة أقرب إلى التنظيم المغلق (بسبب الارتباط بتنظيم القاعدة واشتراط البيعة على عناصرها) فقد نَمَت ببطء شديد حتى بلغ عدد مقاتليها ما بين ستة آلاف وتسعة آلاف مقاتل، ثم أصابها التصدع عقب إعلان البغدادي المشهور في إبريل/نيسان الماضي 2013 (إعلان ضم النصرة إلى دولة العراق)؛[20] فانشقت عنها مجموعة كبيرة واستقلت باسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (ويسميها البعض اختصارًا باسم "داعش") وأعلنت تبعيتها لتنظيم البغدادي في العراق.

كان الذين انشقوا عن النصرة في البداية قلّة، لكن دعاة "الدولة" نشطوا في الدعوة إليها في أوساط "النصرة" واستطاعوا استقطاب عدد أكبر من مقاتليها، وبالنتيجة صار عددهم هو الأكبر؛ إذ يقدَّر أنهم استحوذوا على ثلثي مقاتلي النصرة الأصليين، ثم وصل إلى تنظيم الدولة مدد من العراق يقدَّر بنحو ألف من الذين أُطلقوا من سجني التاجي وأبي غريب في عملية السجون المشهورة في يوليو/تموز 2013، ومن ثَمّ يمكن تقدير عدد مقاتلي "جبهة النصرة" حاليًا بنحو ثلاثة آلاف، أما مقاتلو "الدولة" فيقدَّرون بستة آلاف أو سبعة آلاف.

الروابط التنظيمية للكتائب المقاتلة

هل تمثل الكيانات السابقة أجسامًا صلبة؟ هل ترتبط مكوِّناتها معًا بروابط قوية دائمة؟ الجواب على الإجمال: "لا"، أما على التفصيل فهو كما يأتي:

إن كتائب الجيش الحر التي ترتبط بالمجالس العسكرية وهيئة الأركان ليس لها ارتباط دائم لا بالأركان ولا بالمجالس، بل يكاد يقتصر على الرابطة الشكلية بهدف الحصول على التمويل؛ فالكتائب تحتاج إلى المال لشراء السلاح والذخائر وللإنفاق على المقاتلين، بل إن بعضها يريد المال للكسب المجرّد حتى وهو بعيد عن القتال الحقيقي؛ فحيثما وُجد التمويل فثَمّ الارتباط، لذلك نجد أن كتائب كثيرة دائمة الانتقال من مظلة إلى مظلة ومن ارتباط إلى ارتباط ولا يكاد يستقر لها قرار.

يُستثنى من تلك الرابطة الهشة بضعة آلاف من المقاتلين جُنّدوا باسم "الجيش الوطني" وسُلّحوا تسليحًا جيدًا ودُرّبوا تدريبًا خاصًا في الأردن على يد مدربين أردنيين وأميركيين. ربما كانت تلك المجموعة هي الوحيدة التي ترتبط ارتباطًا عضويًا دائمًا بمرجعية خارجية غير سورية، بخلاف سائر مجموعات الجيش الحر.[21][22]

أما التجمعات الإسلامية فإن أكثرها قام على أساس التنسيق والتعاون أكثر من الوحدة الكاملة والاندماج الفعلي، فقد ضمّت جبهة تحرير سوريا وحدات كبيرة مستقلة تربطها رابطة عامة رخوة، ولعل قوة تلك الرابطة لم تزد على المواقف السياسية المشتركة والتنسيق في العمليات العسكرية الكبرى. بالمقابل، فإن الرابطة التي جمعت مكونات الجبهة الإسلامية السورية كانت أوثق وأقوى، ولكنها لم تصل أيضًا إلى الوحدة الكاملة، باستثناء الجماعات الأربع التي انصهرت في تجمع "حركة أحرار الشام"، المكون الرئيسي للجبهة الإسلامية. بيد أن طرح الجبهة الإسلامية أكثر عملية وواقعية؛ حيث حدّدت مدة زمنية قدّرتها بثلاثة أشهر لتحقيق الاندماج التدريجي، وصولاً إلى كيان واحد تنصهر فيه المكوِّنات السابقة انصهارًا كاملاً.[23]

ما يُقال عن التجمعات الكبيرة يقال عن التجمعات المتوسطة أيضًا، فإن الروابط بين مكوِّناتها المختلفة روابط رخوة غير صارمة، كما كانت الحال في "تجمع أنصار الإسلام" القديم وكما هي في تجمع "الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام" الجديد.

ثم تقلّ قوة تلك الروابط أكثر فأكثر عندما ننتقل إلى نوع آخر من التجمعات يسمى "غرف العمليات"، وهي تتسم بالمرونة الشديدة بحيث تقتصر على مجرد التنسيق ضمن جبهة من الجبهات. تنتشر أمثالُ تلك الغرف في كل المناطق، وهي لا تمثل أي كيان دائم لأن الكتائب يمكن أن تدخل فيها وتخرج منها طول الوقت، ومن أمثلتها غرفة عمليات "جند الملاحم" التي تشكلت في الغوطة الشرقية في رمضان الماضي 2013، وكانت تضم حركة أحرار الشام وكتائب شباب الهدى وألوية الحبيب المصطفى وجبهة النصرة ولواء عيسى بن مريم.[24] وأحيانًا تنشأ في بعض الجبهات تحالفات لها نفس القدر من المرونة، كتحالف "الراية الواحدة" الذي نشأ في ريف دمشق، وهو أقرب إلى غرفة العمليات منه إلى التجمع الحقيقي، ويضم كتائب الصحابة ولواء توحيد العاصمة ولواء العز وبعض التجمعات الصغيرة الأخرى، وتشترك معه الكتائب التابعة لحركة أحرار الشام في غوطتَي دمشق الشرقية والغربية.[25]

استراتيجيات متعددة

من الشائع عن الثورة السورية أن الجماعات الثورية المقاتلة تختزل كلها في فئتين: "فصائل إسلامية" يغلب أن توصف بالتشدد، وكتائب "الجيش الحر" يغلب أن توصف بالعلمانية. هذا الاختزال مخل بالحقائق.

الجيش الحر
تعبير "الجيش الحر" مصطلَحٌ فضفاض يشمل مئات الكتائب الصغيرة التي لا تنتمي إلى التكتلات الإسلامية الرئيسية، فيعمل بعضها تحت مظلة المجالس العسكرية أو رئاسة الأركان والبعض الآخر يتحرك مستقلاً.

تلك الكتائب الكثيرة جدًا تتباين تباينًا شديدًا في طبيعتها، فمنها من هي على درجة عالية من الكفاح ونكران الذات، ومنها من تقاتل إذا وصلها التمويل وينفرط عقدها إذا انقطع، وفيها من تقاتل حينًا وتكسل عن القتال أحيانًا فتُرابط في المدن أطول ممّا ترابط على الجبهات، ومنها من لا تقاتل إلا من أجل الغنائم، وبعضها قد لا يتورع عن استباحة الأموال والممتلكات العامة والخاصة بحجة ضرورات المعركة، وهي ذريعة مطّاطة تضيق أو تتسع بحسب أمانة أصحابها، وصولاً إلى جماعات استظلت بمظلة الجيش الحر وحملت اسمه ولم تحمل من أهدافه والتزاماته شيئًا، بل هي جماعات من اللصوص والمهربين وقطّاع الطرق تحترف السرقة والخطف (التشويل)، وهي جماعات "أمراء الحرب" تنشط أساسًا في مجال الجريمة.

الفصائل الإسلامية
تتفق الجماعات والفصائل الإسلامية على هدف إسقاط النظام والحكم بالإسلام، ولكن طرحها السياسي وبرامجها العملية تتفاوت بين المرونة والتشدد. وليس المقصود بكلمة "التشدد" معنى التدين والالتزام بأحكام الإسلام؛ إنما القصد هو التشدد في التطبيق والتوقيت، بين مَن يقدّم فقه المصالح والموازنات والأولويات ويَقبل بالمرحلية والتدرج، وبين من يرى تأخير الحكم الشرعي استسلامًا وتهاونًا غير جائزَين.

إذا اعتمدنا المعايير السابقة في الترتيب فسوف نجد أن الفصائل التي تألّفت منها جبهةُ تحرير سوريا في الماضي هي الأكثر وسطيةً وقَبولاً للتدرج والاستعانة بآليات النظام الديمقراطي، كالانتخابات وفصل السلطات والتعددية السياسية؛ كما يتضح من متابعة بياناتها وتصريحات مسؤوليها، وإن لم يصدر عنها أي برنامج سياسي متكامل يقدم تصوراتها لمرحلة ما بعد الأسد. وقد تسبب الطرح الوسطي لتلك الفصائل في انتشار شائعات تشير إلى ارتباطها (أو ارتباط بعضها) بالإخوان المسلمين، كما ورد في تقارير أجنبية وعربية تؤكد على ارتباط كتائب الفاروق ولواء التوحيد بالإخوان، وهو أمر بعيد جدًا عن الصواب. من الممكن أن تكون جماعة الإخوان المسلمين قد دعمت كتائب مستقلة كثيرة في أوقات مختلفة، ولكن الكتائب الوحيدة التي تحظى برعاية مستمرة من الجماعة هي الكتائب التي تنضوي تحت مظلة "هيئة دروع الثورة"، ويمكننا تصنيفها -من حيث الاعتدال والوسطية- في الفئة نفسها التي تنتمي إليها مكونات جبهة تحرير سوريا السابقة.

حركة أحرار الشام وجبهة النصرة
تأتي حركة أحرار الشام وبقية مكونات الجبهة الإسلامية السورية بعد مكوّنات "جبهة تحرير سوريا" من حيث درجة المرونة والتشدد في الطرح الإسلامي، وبعدها مباشرة وقريبًا منها تأتي جبهة النصرة، وكلتاهما تتفقان على رفض الدولة المدنية وعلى نبذ "أدوات" الديمقراطية (ولاسيما الانتخابات الشعبية العامة) وتحرصان على إعلان دولة إسلامية عاجلة في سوريا.

ولئن كانت حركة أحرار الشام أقلَّ مرونة من الفصائل المكوِّنة لجبهة تحرير سوريا في الخطوات الموصلة إلى الدولة الإسلامية، إلا أنها تقبل نوعًا من الممارسة الديمقراطية هو إقرارها لمبدأ الشورى الموسَّعة ورفضُها لانفراد أي جماعة بتقرير مصير سوريا.[26] وهي تطرح مشروع "الدولة الإسلامية القُطرية" على الأراضي السورية، بخلاف جبهة النصرة التي ترتبط بمشروع جهادي عالمي عابر للحدود؛ ومن ثَمّ فإن المتوقع أن لا تعترف (أي جبهة النصرة) بأي كيان سياسي مستقل في سوريا، رغم أنها تجنبت الإشارة إلى هذه المسألة المهمة في أدبياتها المعلنة حتى الآن.

وقد لخصت حركة أحرار الشام رأيها في هذه المسألة المهمة في البيان الذي أصدرته عقب إعلان البغدادي المشهور؛ حيث رفضت إعلانه ورفضت توسيع الصراع مع نظام الأسد خارج سوريا وتحويله إلى قضية جهادية عالمية، وخاطبت الجولاني والبغدادي قائلة: "إننا نتوجه لكلٍّ من الطرفين أن يستشعروا عِظَم الحدث وخطورة أقلمة الصراع بهذه الطريقة وإشراك أطراف أخرى، وهذا ليس احتكامًا لحدود مصطنعة بين أبناء الأمة ولكنه قراءة موضوعية لمعطيات الواقع وتقديم لما نراه مصلحة المسلمين وجهادهم ضد طاغية الشام".[27]

الدولة الإسلامية في العراق والشام
من الصعب جمع تنظيم "الدولة" مع باقي الفصائل الجهادية بسبب الخصائص الجوهرية التي ينفرد بها فتجعله كيانًا مختلفًا تمامًا عن الآخرين، وأهمها النزعة التكفيرية القوية التي تظهر في القيادات والمقاتلين على السواء، والإقصاء الواضح للآخرين -من الفصائل الإسلامية وغيرها- لدرجة اتهامهم بالبغي أو الفسق أو العمالة للنظام، وأهم من كل ما سبق: اعتمادُ منهج "التغلب"، وهو وسيلة شرعية تسوّغ استعمال السلاح لإخضاع الجماعات الأخرى ضمن قيادة الدولة، أي أنه تكييف شرعي للاقتتال الداخلي مع المخالفين.

وقد تعاظم هذا الخطر نتيجة للوهم الشائع الذي يحمله أتباع التنظيم وأنصاره بسبب الاسم، فهم يعتقدون أنه "دولة" حقيقية، ويرون أميرهم "القرشي" أميرًا عامًا للمؤمنين واجب البيعة والطاعة، ويتداولون في هذا الشأن رسالة عنوانها "مدّ الأيادي لبيعة البغدادي"، كما ينشرون بحثًا مهمًا عنوانه "مختصر البيعة ووجوبها وأحكامها". وهو بحث فُصِّل على مقاس "الدولة الإسلامية في العراق والشام"؛ وفي آخره يسأل كاتبُه: "ما هو الحكم الشرعي لو فكّرت كتائب في أي مكان أن تعلن مستقبلاً دولة إسلامية شرعية تحكم بكتاب الله وسنّة نبيه وولّت إمامًا للمسلمين غير أمير الدولة الإسلامية في العراق والشام؟"، ثم يجيب: "الصحيح الذي عليه الفقهاء المحققون أن الإمامة لأسبقهما بيعة، فإذا تعيّن السابق منهما استقرت له الإمامة، وعلى المسبوق تسليم الأمر إليه والدخول في بيعته".

ثم يسوق كاتب البحث في الختام خلاصة مسألة الولاية العظمى للأمة؛ فيقول: "إن أول من أعلن دولة إسلامية بشروط إمامة صحيحة ومبايعة أهل الحل والعقد على دولة إسلامية معتبرَة هي الدولة الإسلامية في العراق والشام، أما الملا عمر نصره الله فمن مبادئ إمارته الاقتصارُ على أفغانستان، فلم يبايَع على إمامة عامة".[28]

الجبهة الإسلامية
نشرت "الجبهة الإسلامية" الجديدة ميثاقًا قدّمت فيه نفسها على أنها "تكوين عسكري سياسي اجتماعي إسلامي شامل، يهدف إلى إسقاط النظام في سوريا إسقاطًا كاملاً وبناء دولة إسلامية تكون السيادة فيها لشرع الله وحده". وقد رفض الميثاق بشكل صريح أيَّ فكرة لتقسيم سوريا أو إنشاء كيان دخيل، وعبّر عن حرص الجبهة الإسلامية على توثيق العلاقات مع الدول التي لم تناصبها العداء، ورحّب بأية وسيلة أو دعم يساعد في إسقاط النظام "بشرط ألا يكون مسيَّسًا أو يهدف لحرف مسار الثورة أو يحتوي أي املاءات خارجية تصادر قرارها".[29]

وأكد الميثاق على أن الجبهة ليست بديلاً عن الأمة ولا تحتكر المشروع الإسلامي لنفسها، بل تعتبر أنها جزء من الشعب السوري وتسعى للتنسيق مع جميع العاملين المخلصين في سوريا من أجل تحقيق أهداف الجبهة. وقد عرّف الميثاق تلك الأهداف فقال: إن الجبهة "تهدف إلى إسقاط النظام الحالي إسقاطًا كاملاً بجميع مخلّفاته ورواسبه ومحوها بشكل كامل من الواقع السوري، ويتضمن ذلك تفكيك وإنهاء سلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية وجيشه ومؤسساته الأمنية، ومحاكمة من تورط منهم ومن أنصارهم بسفك دماء الأبرياء محاكمة شرعية عادلة"؛ ومن ثم "إقامة دولة مستقلة تكون السيادة فيها لشرع الله الحنيف، ينعم أفرادها بالعدل والحياة الكريمة".[29] إلى غير ذلك من الأهداف التي فصّلتها المادة السابعة من الميثاق.

أما فيما يتعلق بالدولة السورية الجديدة فقد شدد الميثاق على أن "كل عملية سياسية لا تعترف بأن التشريع حق لله وحده لا شريك له هي مناقضة للدين ووسيلة غير مشروعة لا يمكن للجبهة المشاركة فيها أو الاعتراف بها"، ثم بيّن رفض الجبهة للدولة المدنية قائلاً: إنها "اصطلاح غير محدد الدلالة يؤدي إلى التضليل وإضاعة الحقوق"، ورفَضَ الديمقراطية وبرلماناتها "لأنها تقوم على أساس أن التشريع حق للشعب بينما الحكم في الإسلام لله"، مع أنه يؤكد بعد ذلك قائلاً: "وهذا لا يعني أننا نريد نظامًا استبداديًا تسلطيًا، بل لا يصلح أمرُ هذه الأمة إلا بالشورى مبدأ وتطبيقًا".[29]

الملاحظ في ميثاق "الجبهة الإسلامية" أنه يقدم تصورًا واضحًا لأهدافها الكلية، ولكنه يعاني من غموض واضطراب عندما يعرض برنامجها السياسي وتصورها لشكل الدولة ونظامها، فهو يؤكد أولاً على أن الجبهة لا تحتكر المشروع الإسلامي ولا ترى نفسها بديلاً للأمة، وأنها تسعى إلى "النهوض بالجانب المدني عن طريق تفعيل طاقات المجتمع المختلفة"، ثم يرفض النموذج المدني للدولة ويتجاهل الإشارة إلى حق الشعب السوري في اختيار حكومته وحاكميه.

بالجملة لم تقدّم الجبهة الإسلامية تصورًا واضحًا للدولة الجديدة المنشودة بعد سقوط النظام، وتجاهلت اتخاذ أي موقف محدد من آليات العمل الديمقراطي (كالانتخابات العامة وفصل السلطات). ولعل هذا التجاهل كان متعمَّدًا بسبب اختلاف الرؤية السياسية بين مكوّنات الجبهة، ففيما لا يعارض بعضُها الاستعانة بتلك الآليات (وهي بعض الفصائل التي شكّلت جبهةَ تحرير سوريا في الماضي) فإن فصائل أخرى -كحركة أحرار الشام- تميل إلى رفض تلك الآليات وتعلن رفضها الصريح لنموذج الدولة المدنية.

تحديات صعبة

عرفت المعارضة السورية المسلحة تحولات مهمة بعد اندلاع الثورة، مست أهدافها وتكويناتها؛ فكانت في البداية تحمي المتظاهرين من اعتداءات النظام المسلحة، لكنها صارت تسعى للإطاحة بالنظام. أما من حيث التشكيل فإنها باتت في أغلبها قوى إسلامية تعمل على تطبيق الشريعة بعد إسقاط النظام.

هذه التحولات تضع القطاع الأكبر من هذه القوى المسلحة في مواجهة عدة تحديات، فهي من جهة تتحدث باسم ثورة لم تندلع من أجل الدولة المدنية لا من أجل إقامة خلافة إسلامية، ومن جهة ثانية تريد تطبيق الشريعة على بلد متعدد دينيًا وطائفيًا، ومن جهة ثالثة، فإن موقع سوريا بجنب دول لن ترحب بقيام دولة إسلامية سيجعلهم يدخلون صراعات حادة تزيد من اضطراب الوضع السوري.
__________________________________
مجاهد ديرانية - باحث في الحركات الجهادية

الهوامش
[1] http://www.youtube.com/watch?v=6U1o7a2Y5-Q
[2] http://homsrevolution.org/?p=14079
[3]  https://www.facebook.com/HamzahArmy/posts/124694764301874
[4] http://www.aljazeera.net/news/pages/ddf43ac6-5b87-4c9f-81db-26a4257d2a18
[5]  http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%A1_%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%A8%D8%A7%D8%B7_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B1
[6] http://www.youtube.com/watch?v=HuST6w2MEGA
[7] http://www.youtube.com/watch?v=9zNlT_y0zNg
[8] http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9_%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1_%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9
[9] اتصالات شخصية مباشرة للكاتب بعدد من مسؤولي الألوية.
[10] http://www.youtube.com/watch?v=YySOTYEwKLw
[11] إضغط هنا 
[12]
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%A3%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9
[13] http://www.youtube.com/watch?v=bVPimqnOPAI
[14]
http://www.asharqalarabi.org.uk/%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9--23-11-2013_ad-id!6618.ks#.Uq9cyvRdVWI
[15] http://www.youtube.com/watch?v=ecldcfDTPOE
[16] http://www.ikhwan.net/forum/showthread.php?192081-%CA%D4%DF%ED%E1-%DA%D3%DF%D1%ED-%D6%CE%E3-%DD%ED-%D3%E6%D1%ED%C7-%C8%C5%D3%E3-quot-%E5%ED%C6%C9-%CF%D1%E6%DA-%C7%E1%CB%E6%D1%C9-quot-%CA%E3-%C7%E1%C5%DA%E1%C7%E4-%DA%E4%E5-%CD%CF%ED%CB%C7%F0 -!
[17] http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%AC%D9%85%D8%B9_%D8%A3%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85
[18] http://www.all4syria.info/Archive/112385
[19] http://www.youtube.com/watch?v=Fuh1cI9vlR0
[20] http://www.youtube.com/watch?v=2HPQxA3catY
[21] http://www.aljazeera.net/news/pages/e34ee0a8-3575-4d52-9171-1a17e5fea5d8
[22] http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=12674&article=739530#.Uq9fsPRdVWI
[23] http://www.france24.com/ar/20131122-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AF-%D8%A5%D8%B3%D9%82%D8%A7%D8%B7-%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%AC-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9 /
[24] https://www.facebook.com/jond.almlahem?fref=ts
[25] https://www.facebook.com/thalf.alraya.alwaheda?fref=ts
[26] http://www.youtube.com/watch?v=8QCDPPwONVQ
[27] http://www.syrianmediacenter.com/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D9%87%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A3%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9/
[28] http://minbar-alansar.blogspot.com/2013/11/blog-post_6286.html
[29] https://www.dropbox.com/s/2j615n1b48es88y/%D9%85%D9%8A%D8%AB%D8%A7%D9%82%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9.pdf

ABOUT THE AUTHOR