القبيلة في باكستان: دينامياتها محليًّا وامتداداتها إقليميًّا

لدى القبيلة في باكستان تأثيرها العميق في الحياة السياسية المحلية وفي علاقة إسلام آباد مع الإقليم، وتستمد القبائل الأساسية الباكستانية قوتها من كثرة أفرادها وقدرتها على الحشد، وكذلك لامتدادها الجغرافي إلى بعض دول الجوار، لاسيما مع أفغانستان كقبيلة "البشتون" ومع إيران "كالبلوش".
201562913339778734_20.jpg
(الجزيرة)
ملخص
تتناول الورقة نظام القبيلة في باكستان وتأثيراته على السياسة المحلية ودينامياتها، وكذلك امتداد نفوذها إلى دول الجوار، لاسيما أن لبعضها وجودًا عابرًا للحدود مع أهم جارَيْن ألا وهما أفغانستان وإيران. ولعبت قبيلة البشتون -التي تتركز في منطقة القبائل- دورًا مهمًّا في الأزمة الأفغانية، واليوم إحدى القبائل الفرعية التابعة لها "محسود" ينتمي جُلّ أفرادها إلى جماعة طالبان. ومن جهة أخرى نجد قبيلة "البلوش" في إقليم بلوشستان يتصدرون حركة قومية بلوشية، ويهيمنون مع قبائل أخرى على الحياة السياسية المحلية إلى حد كبير. وترى الورقة أن للقبائل دورًا أساسيًّا من حيث التأطير السياسي، فلهم مجالسهم المحلية الخاصة، فضلًا عن تحكمهم بالانتخابات المحلية، ودورهم الكبير في المجال الأمني والتوجيه الديني.

مقدمة

على الرغم من أنه لم يلقَ قبولًا في حقل علم الإنسان (الأنثروبولوجيا)، فإنّ المحللين السياسيين ما زالوا يستخدمون مصطلح "القبيلة" للتدليل على المجتمعات الصغيرة المُتنافسة التي تشترك في خصائص عامة مثل: الثقافة، واللغة، والقومية، والتواصل الجغرافي، والأيديولوجيا(1). وبكلمات أكثر تحديدًا، فإن لهذه المجموعة اسمًا يستند -في الغالب- إلى الأصول العائلية، ومفهومًا للتراث المحلي المشترك من قبيل العادات والمراسم والقيم وأخلاقيات المُحارب.

وتُفسَّر في عصرنا الحديث"القَبَليّة" أو "الثقافة القَبَليّة" في الغالب على نحو سلبي، لاسيما في جنوب آسيا وأجزاء من "الشرق الأوسط"، حيث تم تعزيز وتقوية الهويات القبلية خلال فترات الاستعمار الأجنبي. ونتيجة لذلك، تُستخدم هذه المصطلحات لتعكس مفاهيم مثل القسوة، وثقافة الشرف، وأخلاقيات المُحَافظَة، والمواقف غير القابلة للتسوية، ومقاومة التغيير. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ الكثير من القبائل اشتهرت أيضًا لشجاعتها وفروسيتها والخدمات التي تُقدِّمها في الأماكن التي تسكنها. وعلى العموم تعتمد المجتمعات القبلية بشكل واسع على العلاقات العائلية الممتدة والولاء؛ من أجل البقاء على قيد الحياة.

ورثت باكستان منذ استقلالها عام 1947 مجتمعات محلية مختلفة تنضوي تحت هذا التعريف الواسع للقبيلة؛ حيث تحتوي أقاليمها (Provinces) الأربعة مئاتٍ من القبائل التي تلعب دورًا نشطًا في المجتمع وَفْق صيغ متنوعة، كما تلعب الهوية القبلية دورًا مهيمنًا في المناطق الريفية والجبلية على وجه الخصوص. وعلى سبيل المثال، ففي "المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية" من باكستان (FATA) (سيُشار إليها لاحقًا في النص اختصارًا بـ"المناطق القبلية") والمجاورة لإقليم "خيبر بختونخوا"، تتمتع قبائل "البشتون" بتأثير كبير على العادات الاجتماعية والسياسية. فالكثير من هذه القبائل تعمد بانتظام إلى اتخاذ إجراءات جماعية لدعم بعضها بعضًا في الصراعات المحلية، وكذلك في موسم الحصاد، وأعمال البناء، وإصلاح الطرق التجارية، وقنوات المياه. وحسب البروفسور أكبر أحمد -وهو عالم باكستاني وتُعدّ خبرته في الموضوع محل تقدير- فإنّ القبائل الباكستانية، وخاصةً قبائل "البشتون"، "تعدُّ الآن وتاريخيًّا لاعبًا أساسيًّا في الشؤون المحلية والدولية".

وفي حالة باكستان أضحت الهويَّة القبليَّة حيوية في المجالات الخمسة التالية:

  1. الحياة السياسية، وخاصة خلال مواسم الانتخابات، حيث تساوم القبائلُ المرشحين؛ طلبًا للنفوذ والدعم بعد الانتخابات، وبهذا تلعب المنافسات القبلية دورًا حاسمًا في السياسة المحلية.
  2. القطاع الأمني، وخاصة ما يتصل بمسائل القانون والنظام. إذ عندما تتعرض القبيلة للخطر، فإنها تتبع قادتها بإخلاص وولاء عظيمين.
  3. مناسبات الزواج والمهرجانات الثقافية.(التوجيه الاجتماعي والثقافي).
  4. التوجُّه الديني وفي بعض الحالات بمفهومه الطائفي، على سبيل المثال هناك قبائل من "البشتون" يغلب عليها المذهب السني، أو الشيعي، أو أتباع طرق صوفية محددة.
  5. نظام العدالة والتشاور داخل القبيلة الذي يُعرف باسم "جِرغا"(2) أو "بانشايات" (المجالس القروية) (Panchayat system)، حيث يَفْصِل وجهاء القبيلة وكبارها في مختلف المسائل وفقًا للعادات المحلية، التي -بحسب كثير من المراقبين والكُتّاب- تتسم بتمييز ضد النساء.

القبائل والسياسة

تلعب القبائل دورًا مؤثرًا في الحياة السياسية الباكستانية بشكل عام، غير أنها أكثر تأثيرًا وحسمًا في مناطق محددة -غالبًا المناطق الريفية من البلاد- خاصةً إذا ما تعلق الأمر بالانتخابات. ولكن اللافت أن تأثير القبائل في صناعة السياسة الوطنية يبقى محدودًا؛ نظرًا لأنّ دور البرلمان في الساحة السياسية ليس بذلك الدور الواسع؛ وبسبب الصعود والهبوط الذي يشهده مؤشر مسار باكستان نحو الديمقراطية، في حين يُعدّ تأثير القبائل محدودًا جدًّا في المراكز الحضرية الرئيسية، مثل كراتشي، وحيدر آباد، ولاهور، وراولبندي، وبيشاور، وكويته.

خيبر بختونخوا ومنطقة القبائل
تُعدّ المناطق الأكثر حساسية في هذا السياق تلك التي يُهيمن عليها "البشتون" (ويُسمَّون البختون والبتان أيضًا) في إقليم "خيبر بختونخوا" (KPP) والحزام القبلي المحاذي لأفغانستان المعروف بـ"المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية"، وهي منقسمة إلى أربعة أفرع رئيسية تُسمَّى "السربين"، و"البتان"، و"الغرغشت"، و"الكرلان". وينقسم "البشتون" إلى ما يقرب من 60 قبيلة رئيسية، وما يزيد عن 300 قبيلة فرعية أو عشيرة. وتضم قبائل "البشتون" في "إقليم الحدود الشمالية الغربية" (NWFP) كلًّا من "يوسفزاي، وتنولي، وختك، ومروت، وأفريدي، وشِنواري، وأوركزاي، وبَنغَش، ومحسود، ومُهْمَند، ووزير، وسواتي، وغندابور"، وكذلك العديد من القبائل الأخرى الأقل حجمًا. بينما القبائل المهمة من غير البشتون -وأغلبها ينتمي إلى "هِندكوان- تضم: أعوان، وسِيد، وغُجار، وتَرين، وجَدون، ومَشواني. أما القبائل الأكثر نشاطًا وفاعلية سياسية في "المناطق القبلية" فهي:

  1. مُهْمَند: وتُعرف هذه القبيلة بتأثيرها؛ نظرًا لشهرتها في حرب العصابات. وإضافة إلى قاعدتها الأساسية في "المناطق القبلية"، فإنّ لـ"مُهمند" وجودًا أصيلًا في مناطق تشرسادا، ومردان، وبيشاور -في إقليم "خيبر بختونخوا"- وتُعدّ مدنًا مهمة لأي حزب سياسي رئيسي يحاول تشكيل حكومة في الإقليم. وتُعتبر "حَليمزاي" القبيلة الفرعية الأهم من "مُهمند"؛ بسبب سيطرتها على بعض المواقع الاستراتيجية مثل الطرق الرئيسية والأسواق، وكذلك بعض الممرات المهمة في منطقة "مُهمند" في "المناطق القبلية". 
  2. أفريدي: وتُعدّ القبيلة الأكثر قوةً وهيمنةً في منطقة "خيبر" في "مناطق القبائل"، حيث يتركز وجودها في منطقة "تيرا"، ويُعرف "الأفريديون" بأنهم حُرّاس "ممر خيبر"، كما يشتهرون على امتداد المنطقة بنشاطهم وحيويتهم، ويحتفظون على الدوام بتمثيل في الجمعية التشريعية لإقليم "خيبر بختونخوا". 
  3. محسود: وهي التي عدّها البريطانيون الأكثر استعصاءً من بين جميع القبائل، وتسكن جنوب وشمال منطقة "وزيرستان" من "مناطق القبائل"، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: "عليزاي"، و"شابيخيل"، و"مَنزاي". وتُعرف القبيلة اليوم بشكل أكبر بوصفها المزوِّد الرئيسي بالمقاتلين لحركة طالبان باكستان (تحريك طالبان باكستان)، كما أن تأثيرها في سياسة "المناطق القبلية" مُلاحَظ وجدير بالاعتراف. ويُذكر أن أفراد القبيلة يسكنون في المراكز المدنية الرئيسية في البلاد.

القبائل الفاعلة سياسيًّا في "المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية"

المناطق

القبائل

بانغور

عثمان خيل، تركاني، ماموند

مُهْمَند

مُهْمَند، سافي، عثمان خيل

خيبر

أفريدي، شنواري، ملاغوري، شلماني

أوركزاي

أوركزاي، بَنغَش

كُرَّم

توري، بَنغَش، برَشيناري، مسوزاي

جنوب وزيرستان

محسود، أحمدزاي المنحدرة من وزير

شمال وزيرستان

عثمان زاي، وزير، دَوار، سيدغي، خراسان، غُلباز

إقليم البنجاب
يعدّ الإقليم الأكبر والأكثر تأثيرًا من بين أقاليم البلاد، ويُؤثِر نظام الطبقات أو الطوائف الاجتماعية المغلقة "بيرَداري" في السياسة في إقليم البنجاب أكثر من النظام القبلي. وبحسب الكاتب "أجمل أكبر"، فإنّ السياسة في "البنجاب" هي تقليديًّا سياسة نفوذ بين مختلف الطبقات. وبالعودة للقبائل فمن أهمّها(3)، وإن كانت لا تتمتع بتلك الدرجة من الصلابة أو التماسك التي تتميز بها قبائل "البشتون": "رَجبُت" و"جات"، وتضم أفرعًا كثيرة منها: "أعوان"، و"خوخار"، و"غَخار"، و"ختّار"، و"جنجوا"، و"أرين"، و"غُجَّار" وغيرها. وتلعب هذه القبائل الفرعية دورًا حاسمًا في السياسة المحلية؛ لأن التصويت في الانتخابات يستند إلى الهوية القبليَّة للمرشحين، وتنحو معظم الأحزاب لاختيار مرشحيها من نفس هذه القبائل لا من خارجها.

إقليم السند
تتأثر الثقافة السنديَّة بدرجة عالية بالمبادئ الصوفية التي تؤثِّر بدورها على البناء الاجتماعي، وعلى الرغم من ذلك، ففي بعض الأوساط الريفية تؤثِّر القبائل المختلفة -الناشطة بوصفها جزءًا من النظام الإقطاعي- في السياسة على نحو سلبي؛ حيث يُعدّ الارتباط بالقبيلة عاملًا حاسمًا في كسب الانتخابات في أجزاء عديدة من الريف في السند. ومن بين القبائل السندية، تُعدّ التالية أكثرها تأثيرًا من الناحية السياسية: "سومرو"، و"جَتوي"، و"مِراني"، و"تَلبور"، و"بوتو".

إقليم بلوشستان
يُعدّ "إقليم بلوشستان" موطنًا لقبائل مختلفة تنتمي إلى ثلاثٍ من القوميات: "بلوش"، و"براهوي" و"بشتون"، وهي تهيمن على السياسة المحلية إلى حدٍّ يمكن القول فيه: إن العملية الديمقراطية في الإقليم في حكم "المعطّلة". أما أكثر القبائل تأثيرًا في الإقليم فهُمَا: 

  1. "البشتون": "كاكار"، و"تارين"، و"باني"، و"شيراني" التي تسكن مقاطعات "زوب" و"كيوته-بيشين" و"ولورلاي" و"سيبي"، وكذلك بالقرب من "تخت-سليمان".
  2. "البلوش": وينقسمون بشكل واسع اعتمادًا على التصنيف اللغوي إلى قبائل "البلوش السليمانية" الشرقية، وقبائل "البلوش المركانية" الغربية، ومن أبرز قبائلهم: "مَرِّي" (وتقود في الوقت الحاضر الحركة الوطنية للبلوش)، "مِنغَل"، "بُغتي"، "بُلدِي" (ولها حضور في إيران)، "دُمبكي"، "غِتْشكي"، "خوسا"، "لَشاري"، "رِند"(4).

ويُشار إلى أنه في المناطق التي تسيطر عليها القبيلة، من غير المتخيّل أن يتمكن أي شخص من قبيلة منافسة أن يُظهر أي نوع من التأثير السياسي.

القبائل والعلاقات الإقليمية

تحظى العديد من القبائل في إقليميْ "بلوشستان" و"خيبر بختونخوا" بحضور يتجاوز الحدود الوطنية، وهو ما يُمكِّنها من التأثير على السياسة الإقليمية. وفي حالات أخرى، فإنّ المنافسات والصراعات القبلية تخلق فرصًا لمجموعات مختلفة لتنسج علاقاتٍ عَبْر الحدود؛ ومثال ذلك قبائل "براهوي" في بلوشستان -التي تتكلم اللغة الدرافيدية لكنها تتمايز عن قبائل "البلوش" الذين يشاركونهم بالانتماء لهذا الجذر اللغوي- حيث تمتلك روابط تاريخية مع حكام كلٍّ من إيران وأفغانستان في ضوء حاجتها لدعمهم في مواجهة قبائل "البلوش" التي تحيط بهم من كل جانب.

وفي "مناطق القبائل" المجاورة لأفغانستان، تنتشر العديد من قبائل "البشتون" عبر الحدود، لتؤثِّر في السياسة على كلا الجانبين. ومن بين أكثرها أهمية:

  1. "شِنواري": ثاني أكبر قبيلة في منطقة "خيبر"، وتمتاز بقدرتها على التأثير على المستوى المحلي، ومما زادها قوةً أن أفرادها يسكنون أيضًا في إقليم "ننغرهار" في أفغانستان. كما أن قدرتهم على التأثير في السياسة على جانبي "خط ديورند"**(يفصل بين أفغانستان وباكستان، وضعه البريطانيون ولا يعترف به قادة أفغانستان حتى اليوم) أعلتْ بشكل كبير من قيمتهم السياسية والاجتماعية. ويتمتع أفراد القبيلة بعلاقات ممتازة مع قبيلة "أفريدي"؛ حيث لا يوجد أي تاريخ للتنافس الجديّ بينهما، وينشطون بشكل كبير في الأعمال التجارية، ويتمتعون بالثراء، فضلًا عن أنهم كثيرو التجوال، ويُعدّون على نحوٍ خاص من محترفي حصد محصول الفاكهة الإقليمي والشائع في المنطقة، في كلٍّ من باكستان وأفغانستان.
  2. تستوطن قبيلة "سافي" في معظمها الجزء الشمالي- الأوسط من منطقة "مُهمَند" المتاخمة لمنطقة "بَاجور". ويشتهر أفرادها عمومًا بسلوكهم المسالم، وبدورهم كوسطاء بين القبائل المتنافسة. ويشتغلون في الأغلب في الزراعة وتجارة الأخشاب. وقد مكّنهم حضورهم المهم في جنوب أفغانستان من أن يلعبوا دورًا تصالحيًّا بين باكستان وأفغانستان في أوقات مختلفة من التاريخ.
  3. تسيطر قبيلة "أحمدزاي" المُنحدرة من "وزير" على المنطقة الحدودية بين جنوب "وزيرستان" وأفغانستان؛ ولهذا السبب تنشط على جانبي الحد الفاصل بين البلديْن. وتشتهر القبيلة الفرعية بوحدتها الداخلية، وتلعب دورًا مهمًّا في التجارة -في الأغلب من خلال التهريب- بين الدولتيْن. 
  4. قبيلة "توري"، وهي القبيلة المسيطرة في منطقة "كُرَّم" من "مناطق القبائل"، تعود في أصولها إلى "الشعوب التُّركية"، وينتسب معظم أفرادها إلى المذهب الشيعي. ورغم اقتصار وجودها على الجانب الباكستاني، غير أن موقعها المتفرد في زاوية حسّاسة من "مناطق القبائل"، جعل من تفاعلها مع القبائل الأفغانية عبر الحدود حالة مستديمة. ونظرًا لصدامها مع عناصر طالبان والقاعدة الناشطين في المنطقة في السنوات الأخيرة، فقد اضطرت للعبور إلى أفغانستان؛ طلبًا للغذاء والإمدادات الطبية، وهو ما قوَّى من صلاتها عبر المنطقة الحدودية(4).

السياسة المحلية ومستقبل التأثير القبلي في باكستان

على الرغم من أن قبائل "البشتون" حافظت على تأثيرها في أجزاء مختلفة من إقليميْ "خيبر بختونخوا" و"بلوشستان"، فإنها قد بدأت تفقد وضعها في "مناطق القبائل" منذ صعود طالبان والقاعدة في أوائل تسعينات القرن الماضي. حيث أنشأ الصراع و"التطرف" هامشًا للعناصر الدينية المتشددة مكّنها من توسيع نفوذها عبر تحدِّي الأبنية القبلية التقليدية. وقد اغتِيل ما يقرب من 600 قائد قبلي من "البشتون" بين عاميْ 2002 و2015 في الوقت الذي كان فيه "التأثير والنفوذ" ينتقل من القبائل إلى طالبان. ومع ذلك، تبقى القبائل ذات صلة وحضور، كما يتجلى ذلك في حقيقة أن طالبان باكستان تجنِّد عناصرها في الغالب من قبائل محددة (مثال ذلك قبيلة "محسود")، حيث ينتمي كل ثلاثة من بين أربعة قادة في طالبان باكستان إلى قبيلة "محسود". ولا تزال قبائل "البشتون" -إلى حدٍّ ما- منظمةً وفق الأسس القبلية، فضلًا عن أن التأثير السياسي لمختلف القبائل ما يزال مصونًا، غير أن الانزياح تجاه الديناميات الدينية يبقى واضحًا للعيان في المجمل.

يرتبط مستقبل النظام القبلي وتأثير القبائل في السياسة الباكستانية بعاملين أساسيين؛ هما: التعليم والديمقراطية، فالقبيلة تُعدّ نتاجًا للقضايا الثقافية، وكذلك للتعليم أيضًا وفي بُعْدَيْه؛ في معدل معرفة القراءة والكتابة وفي مقدار الانفتاح. وهكذا أعاق النظام القبلي في باكستان -إلى حدٍّ ما- جهود التنمية والتحديث؛ ولذلك يُنظر إليه بشكل واسع على أن له تأثيرًا سلبيًّا على السياسة، هذا من جانب. ومن جانب آخر، فقد بدأ نمو الديمقراطية في البلاد بتغيير هذا الواقع، غير أن العملية ما تزال متدرجةً وبطيئة. والخلاصة أن التحدي الأبرز لباكستان، وخاصة في المناطق الريفية، يتمثل حاليًا في إيجاد توازن خلّاق بين التقاليد، بحكم أن جزءًا منها مشتقّ من الهوية القبلية، وبين الحداثة من أجل تحقيق النمو الاقتصادي والتعايش السلمي في البلاد.
______________________________
حسن عباس: أستاذ ورئيس قسم في كلية الشؤون الأمنية والدولية في جامعة الدفاع الوطني (NDU) في العاصمة الأميركية- واشنطن. أعد النص في الأصل بالإنكليزية وترجمه إلى العربية عبد الحميد الكيالي.

** حول خط ديورند، انظر عبد الباقي، مصباح، الاشتباكات الحدودية بين القوات الأفغانية والباكستانية، الجزيرة نت، 17 مايو/أيار 2013.
http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2013/5/17/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B4%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%83%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9

أهم المراجع
1- For definitional issues, see “Tribe” in Encyclopaedia Brittanica: http://www.britannica.com/EBchecked/topic/604711/tribe
 Accessed June 2
2- For Profile of Mangal Tribe, see “Tribe: Mangal: Aka Mengal”, http://www.nps.edu/Programs/CCS/Docs/Pakistan/Tribes/Mangal.pdf
Accessed June 2
3- Sherzaman Taizi, "Jirga System in Tribal Life”, Tribal Analysis Centre.
http://www.tribalanalysiscenter.com/PDF-TAC/Jirga%20System%20in%20Tribal%20Life.pdf
Accessed June
4- "Leading Tribes of Punjab and their Origins”:
http://www.oocities.org/pak_history/punjabis.html
Accessed June 3
5- R. Hughes-Buller, "A brief history of Baluch Tribes":
https://balochilinguist.wordpress.com/2011/12/24/the-baluch-and-the-brahui-and-their-rebellions/
Accessed June 4
6- Fabrizio Foschini, “Facts and Fiction on the Frontier: The Haqqanis and the Kurram peace deal”:
https://www.afghanistan-analysts.org/facts-and-fiction-on-the-frontier-the-haqqanis-and-the-kurram-peace-deal/
Accessed June 5
7- Hassan Abbas, “Profile of Pakistan’s Seven Tribal Agencies”:
http://www.jamestown.org/programs/tm/single/?tx_ttnews[tt_news]=891&no_cache=1#.VY6d5lLBi1l
Accessed June 4
8- "Ahmed: To understand Pakistan is to understand its tribal societies,” available at:
http://chqdaily.com/2012/07/24/ahmed-to-understand-pakistan-is-to-understand-its-tribal-societies/
Accessed June 6
9- Ajmal Kamal, “Castes in Punjab”, Express Tribune, April 27, 2012; available at:
http://tribune.com.pk/story/370904/castes-in-punjab/
Accessed June 6

ABOUT THE AUTHOR