تركيا ومعضلة الأمن في إفريقيا

يحاول الباحث وخبير الشؤون الإفريقية دكتور بدر الشافعي رصد الدور التركي في إفريقيا واهتمامها بهذه القارة قارئا تجليات ذلك الاهتمام في أكثر من ملف ومركزا بشكل خاص على الملف الأمني الذي يعتبر في الوقت الراهن مشغلا للقارة الإفريقية ولتركيا على حد السواء.
2015122181726174734_20.jpg
تركيا تستثمر في البنية التحتية في جمهورية الصومال (رويترز)
ملخص

ينبع الاهتمام الأمني لتركيا بالقارة الإفريقية من عدة اعتبارات بعضها يرتبط بتأمين العلاقات الاقتصادية والتجارية الضخمة، فضلًا عن الاعتبارات السياسية المرتبطة بالحصول على دعم هذه الدول في المحافل الدولية، وكذلك الاعتبارات الاستخباراتية والأمنية المرتبطة بأنشطة جماعة فتح الله كولن والجماعات التابعة لداعش والقاعدة في العديد من أقاليم القارة.
هذا الانطلاق الأمني لتركيا ربما يحكمه العديد من المبادئ الحاكمة لعل من أهمها الحرص على تسوية الصراعات بدلًا من تأجيجها، والانحياز للشعوب في مواجهة الأنظمة المستبدة.
وقد حرصت أنقرة على تنويع مداخلها الأمنية في القارة بداية من التدريبات المشتركة في المجالات العسكرية، مرورًا بجهود الوساطة في العديد من الحالات كالصومال ومالي وإفريقيا الوسطى، وصولًا إلى المشاركة المحدودة في عمليات حفظ السلام الدولية في مناطق الصراعات في القارة.
وبالرغم من أن تركيا بسبب إمكاناتها الاقتصادية والعسكرية الكبيرة مؤهَّلة للعب دور مهم في إفريقيا، إلا أنها قد ترجئ هذا الأمر بعض الشيء لمجموعة من الاعتبارات منها انشغالها الراهن بالأوضاع المضطربة في دول الجوار كسوريا والعراق، فضلًا عن مواجهة داعش، وهو ما قد يعني ليس فقط خصمًا من دورها المرتقب في القارة، بل وربما تعرُّض مصالحها للخطر من قبل فروع داعش والقاعدة على غرار ما حدث لسفارتها في الصومال عام 2013.

يعد عام 1998 بداية الانفتاح التركي نحو إفريقيا حيث تبنَّت أنقرة في حينها سياسة الانفتاح على إفريقيا، والتي تعضَّدت مع وصول حزب العدالة والتنمية للحكم عام 2002، الذي دشَّن بعدها بثلاث سنوات فقط ما أطلق عليه "خطة إفريقيا"، للانطلاق نحو القارة في العديد من المجالات والتي رافقها قبولُها مراقبًا بالاتحاد الإفريقي، ثم كانت الانطلاقة القوية عام 2008 مع تدشين القمة الأولى للتعاون الإفريقي-التركي في ذات العام بإسطنبول و"إعلان الاتحاد الإفريقي تركيا حليفًا استراتيجيًّا، وما تلاه من اهتمام تركي مكثَّف بالقارة على كافَّة الأصعدة ومنها الدبلوماسية منذ عام 2009 (افتتاح 27 سفارة من إجمالي 47 لأنقرة في إفريقيا)".

ونظرًا لتنوع مجالات الاهتمام التركي بإفريقيا سواء على الصعيد الاقتصادي أو التجاري أو حتى السياسي "الاحتياج لإفريقيا في عمليات التصويت داخل المنظمات الدولية"، فإن الاهتمام الأمني يبرز أيضًا؛ حيث تستطيع أنقرة من خلاله تحقيق عدة أهداف لعل أبرزها الحفاظ على مصالحها الراهنة، فضلًا عن فتح آفاق جديدة للتعاون تتطلب وجود بيئة مستقرة سياسيًّا وأمنيًّا، وهو ما أكَّدته القمة الثانية في مالابو، عاصمة غينيا الاستوائية، نوفمبر/تشرين الثاني 2014؛ حيث تم خلالها تدشين برامج الشراكة الإفريقية-التركية في الفترة الممتدة بين 2015  و2019 والذي يتضمن عدة محاور منها مجال السلم والأمن؛ حيث "لا يمكن تصور تنمية بدون استقرار وبدون أمن". هذا الاهتمام يتطلب مجموعة من المهام، كما يترتب عليه مجموعة من الإشكاليات لاسيما تلك المتعلقة بكيفية تعامل الحكومة التركية الراهنة ذات الخلفية الإسلامية مع نظم الحكم الديكتاتورية في القارة، فضلًا عن الجماعات المسلحة التابعة للقاعدة وداعش، والتي ربما تستهدف توجيه ضربات لأنقرة في الفناء الإفريقي ردًّا على حربها ضد تنظيم الدولة في سوريا.

وفي هذا الإطار سوف يتم تقسيم هذا المقال لأربع نقاط أساسية:

أولًا: أهمية الجانب الأمني في السياسة الخارجية التركية تجاه إفريقيا.
ثانيًا: المبادئ الحاكمة للسياسة الخارجية التركية الأمنية في إفريقيا.
ثالثًا: نطاق ومجالات اهتمام تركيا الأمني بإفريقيا.
رابعًا: إشكاليات ومستقبل التدخل الأمني التركي في القارة.

أولًا: أهمية الجانب الأمني في السياسة الخارجية التركية تجاه إفريقيا
بالرغم من البُعد الجغرافي بين تركيا وقارة إفريقيا، إلا أن أنقرة تعتبر الاهتمام الأمني بالقارة مهمًّا لعدة اعتبارات:

• الأول: تأمين مصالحها الاقتصادية والتجارية؛ فحجم التجارة التركية مع القارة تضاعف بصورة كبيرة من 750 مليون دولار عام 2000 إلى 23,4 بليون دولار عام 2014 الذي بلغ فيه أيضًا حجم الاستثمارات التركية 5 بلايين دولار، فضلًا عن مشاريع تعاقدية تُقدَّر بـ39 بليون دولار في الفترة من 1972-2013(1).

• الثاني: اعتبار سياسي، يتمثل في تحقيق جانب من سياستها الخارجية التي يتبناها حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ وصوله للحكم باعتبار أنقرة لاعبًا عالميًّاglobal player ، كما ترغب في الحصول على دعم الدول الإفريقية في المحافل الدولية ومن ذلك الحصول على العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن كما حدث عام 2008 من تصويت كل دول القارة باستثناء اثنتين فقط لصالح حصول تركيا على مقعد غير دائم بمجلس الأمن 2009-2010"، ودعمها في قضية قبرص، والمساعدة في مواجهة القرصنة في البحر الأحمر وخليج عدن وغيرها(2).

• الثالث: أمني استخباراتي، يتمثل في الرغبة في ملاحقة والتضييق على جماعة عبد الله كولن، الحليف السابق للعدالة والتنمية، والتي تنشط بصورة كبيرة في القارة. وربما هذا يذكِّرنا بما حدث عام 1998 عندما قامت أنقرة -بالتعاون مع استخبارات أجنبية- باعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في كينيا.

• الرابع: يرتبط بالتنافس الإقليمي للدول الكبرى في الشرق الأوسط على القارة الإفريقية لاسيما إيران وإسرائيل؛ حيث تخشى أنقرة التغلغل الإيراني في شرق إفريقيا "السودان، وإثيوبيا التي يتردد أنها تقوم بتدريب الحوثيين". ونفس الأمر بالنسبة لإسرائيل التي لها علاقات وطيدة بدول شرق إفريقيا للحيلولة دون تحوُّل البحر الأحمر لبحيرة عربية. ومن هنا، يمكن فهم أسباب اهتمام أنقرة بالتعاون مع دول شرق إفريقيا والقرن الإفريقي في كافة المجالات بما في ذلك المجال الأمني، مستغلة في ذلك الميراث التاريخي التي ربطها بهذه المناطق إبًّان الدولة العثمانية(3).

ثانيًا: المبادئ الحاكمة للسياسة الخارجية التركية الأمنية في إفريقيا
هناك مجموعة من المبادئ العامة الحاكمة للسياسة الخارجية في شقها الأمني في إفريقيا، أهمها(4):

• لعب دور عبر الطرق الدبلوماسية (الوساطة، والمساعي الحميدة، وغيرها) لتحقيق الاستقرار في مناطق النزاعات في القارة.

• تقديم المساعدة للقارة من أجل تحقيق تقدم في مجالات الديمقراطية والحُكم الرشيد باعتبارهما من الركائز الأساسية لتحقيق الأمن، مع تأكيدها على انحيازها للشعوب في مناطق الصراعات. ويُلاحَظ أن هذا المبدأ قد يجعلها تصطدم مع النظم الديكتاتورية التي ترغب في قمع شعوبها.

• تقديم الدعم للمنظمات الإقليمية والدولية التي تستهدف زيادة الأمن والسلم في القارة.

• التأكيد على مبدأ الحلول الإفريقية للمشكلات الإفريقية "في إطار السياسة التي يتبناها الاتحاد الإفريقي"، أو بمعنى آخر هي ضد فكرة التدويل لاسيما في ظل الأجندات الضيقة للدول الكبرى المتدخلة والتي لا تستهدف سوى تحقيق مصالحها الخاصة فقط.

ولقد تم التأكيد على هذه المبادئ في قمة مالابو التي اعتبرت الأمن والسلم ركنين أساسيين لتحقيق التنمية المشتركة بين الجانبين.

ثالثًا: نطاق ومجالات اهتمام تركيا الأمني بإفريقيا
لقد حددت قمة مالابو مجالات التعاون التركي الأمني مع القارة في مجالات السلم والأمن بما في ذلك المساهمة في عملية منع تسوية الصراعات عبر تبادل الخبرات والمعلومات، فضلًا عن التدريبات المشتركة وتعزيز ثقافة السلام. علاوة على تقديم الدعم المالي واللوجيستي لقوات الاتحاد الإفريقي العاملة في مجالات حفظ السلام، ونفس الأمر بالنسبة للقوات الدولية العاملة في ذات الإطار. ويمكن رصد أهم الأنشطة التركية في هذه المجالات على النحو التالي:

1- المساهمة في عمليات حفظ السلام الدولية في القارة
وافق البرلمان التركي في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 على المشاركة في عمليات حفظ السلام الدولية في كلٍّ من مالي وإفريقيا الوسطى. وبهذه المشاركة بلغ إجمالي المشاركات التركية في القارة حتى أكتوبر/تشرين الأول الماضي 6 مشاركات من إجمالي 10 مشاركات لها على مستوى العالم ككل.. ومع ذلك، فإن حجم المشاركة كان ضئيلًا للغاية حيث لم يتعدَّ 34 شخصًا "6% فقط أغلبيتهم من رجال الشرطة من إجمالي مشاركتها الدولية"؛ حيث شاركت بشخص واحد في كلٍّ من مالي وإفريقيا الوسطى، 6 في ليبيريا، 16 في جنوب السودان، 5 في كلٍّ من ساحل العاج والكونجو الديمقراطية. وعوضًا عن ذلك، تدعم أنقرة جهود حفظ السلام التي تقوم بها المنظمات الإقليمية الإفريقية لتسوية هذه الصراعات "مثل دعمها جهود الجماعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس" في تسوية الصراع في مالي، والجماعة الاقتصادية لوسط إفريقيا "إيكاس" في تسوية الصراع في إفريقيا الوسطى، والهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا "إيجاد" لتسوية الصراع في جنوب السودان".

هذه المشاركة من الواضح أنها كانت انتقائية ورمزية، وربما يرجع ذلك لعدة أسباب، منها:
• تراجع الدائرة الإفريقية في المجال الأمني للسياسة الخارجية الأمنية التركية التي تعطي الأولوية لدول الجوار الجغرافي ودول البلقان؛ وهو ما أكَّد عليه رجب طيب أردوغان في مارس/آذار 2005 إبَّان رئاسته للحكومة؛ حيث أشار إلى أن حكومته تُولِي اهتمامًا لبعثات السلام في البلقان ثم آسيا الوسطى والشرق الأوسط.

• إعطاء تركيا الأولوية للمشاركة في عمليات حلف الناتو باعتبارها عضوًا فيه، على اعتبار أنه يقع في قلب مصالحها الاستراتيجية.

• تفضيل القوات المسلحة التركية العمل في إطار الناتو على العمل في إطار الأمم المتحدة باعتبار التجربة الأولى أكثر كفاءة وخبرة من وجهة نظرهم. لذا، فإن معظم المشاركات التركية في العمليات الدولية تكون قاصرة على قوات الشرطة.

• خشية الحكومة من التعرض لانتقادات المعارضة والرأي العام حال إرسال قوات لمناطق بعيدة جغرافية ومحفوفة بالمخاطر في الوقت ذاته.
لذا، فإن تركيا رغم أنها قادرة على الزيادة الكمية والنوعية لقواتها في إطار عمليات حفظ السلام الدولية على مستوى العالم وفي القلب منه إفريقيا، إلا أنها تُؤْثِر المشاركة الرمزية، والاعتماد على الوسائل الأخرى لتحقيق أهدافها في القارة.

2- تدريب القوات الإفريقية
نظرًا لخبرة تركيا الكبيرة في مجال مكافحة الإرهاب المتمثِّل في حزب العمال الكردستاني، فضلًا عن تنظيم الدولة مؤخرًا، فإنها تهتم بالتدريبات الأمنية ومكافحة الإرهاب لاسيما في ظل وجود فروع للقاعدة وداعش في شرق وغرب وشمال إفريقيا على حدٍّ سواء مثل شباب المجاهدين في الصومال، وبوكو حرام في نيجيريا، وتنظيم القاعدة في المغرب العربي في شمال إفريقيا، وليبيا.

لذا، قامت بتوقيع عدة اتفاقيات أمنية لمكافحة الإرهاب ومنها تدريب قوات أوغندية من أجل مكافحة الإرهاب، كما وقَّعت مع كينيا في إبريل 2014 اتفاقًا لتطوير وتحديث الأمن الكيني، وكذلك فعلت أيضًا مع تنزانيا في 2013(5)

كما قامت تركيا بتدريب أعداد من العاملين في القوات المسلحة الوطنية في الدول الإفريقية سواء العاملين في القوات البرية أو حتى البحرية، وحتى عام 2014 قامت بتدريب 2202 جندي، كما تستهدف 1258 آخرين خلال عامي 2015-2016(6).

وبالنسبة للتدريبات البحرية، فإن السفن التركية قامت بزيارات متكررة للعديد من الموانئ الإفريقية في الدول الواقعة جنوب الصحراء. وحتى النصف الأول من عام 2014 تم تنظيم 28 رحلة لهذه الموانئ، وفي إبريل/نيسان 2015 قامت بإجراء مناورات بحرية مع الأسطول السوداني في بورسودان(7).

3- جهود الوساطة
فضلًا عن دعم تركيا جهود تسوية الصراعات التي تقوم بها المنظمات الإفريقية القارية والفرعية، فإنها تقوم في بعض الأحيان -وبالتنسيق مع هذه المنظمات- في المساهمة في جهود الوساطة لاسيما في الدول الإسلامية أو تلك التي يعاني منها المسلمون الاضطهاد سواء أكانوا أغلبية أو أقلية تماشيًا مع الخلفية الإسلامية لحزب العدالة والتنمية.

فقد سعت تركيا للوساطة بين الصومال وجمهورية أرض الصومال التي أعلنت انفصالها من جانب واحد بعد سقوط حكم سياد بري أوائل تسعينات القرن الماضي؛ حيث استضافت مباحثات جمعت الطرفين مرتين وتمت الموافقة خلالها على خطة عمل تتضمن إجراءات بناء ثقة وتطبيع للعلاقات بينهما، تلاها استضافة رئيسي البلدين في إبريل/نيسان 2013.
ونفس الأمر تقريبًا حدث في الوساطة بين السودان وجنوب السودان؛ حيث استضافت لجنة سياسية عليا تضم قيادات من الطرفين وتبنى الاجتماع خطة عمل تستهدف تعميق الحوار والتعاون بينهما.

وفي مالي حرصت أنقرة قدر الإمكان على تسوية الأزمة في إطار إفريقي بعيدًا عن التدخل الدولي؛ لذا شجعت جهود الوساطة التي قام بها الاتحاد الإفريقي والأكواس بين الحكومة والجبهة الوطنية لتحرير أزواد. كما شاركت في مؤتمر المانحين الذي عُقد بعد الحرب لإعادة الإعمار وتعهدت بتقديم المساعدة لتمرير جانب من الآثار التي تم تدميرها من خلال الوكالة التركية الدولية للتعاون والتنمية TIKA (8).

رابعًا: إشكاليات ومستقبل التدخل الأمني التركي في القارة
يمكن القول بأن أنقرة مؤهلة للعب دور مهم في القارة الإفريقية في المستقبل في ظل ما تملكه من مقومات اقتصادية وعسكرية هائلة من ناحية، فضلًا عن الأوضاع السياسية والأمنية الخاصة بالقارة من ناحية ثانية.

فأنقرة تدرك أن الأفارقة قد يعجزون بمفردهم عن تسوية صراعاتهم دون تدخل خارجي، وقد تكون هي أكثر قبولًا في هذا الأمر لاسيما في ظل تمتعها بالعديد من المميزات كماضيها غير الاستعماري، فضلًا عن الجوانب القيمية التي تحكم حكومة العدالة والتنمية والتي ترفض الاستغلال الاستعماري وتؤكد على مبدأ المنفعة المشتركة وهو ما أكد عليه الرئيس أردوغان خلال زيارته لإثيوبيا أوائل عام 2015؛ حيث أشار إلى أن اهتمامنا بهذه المنطقة لا يشبه اهتمام البعض بدافع الطمع في خيرات موارد البلاد وألماسها"(9). وبالتالي، فإن تدخلها من خلال التركيز على تحقيق الاستقرار وتعزيز الأمن سوف يمكِّنها من الحصول على المزيد من التأييد الإفريقي، وهذا يتطلب أولًا وجود تصورات واضحة لعمليات الوساطة في الفترة القادمة من ناحية(10)، فضلًا عن المزيد من المشاركة في عمليات حفظ السلام الدولية في القارة من ناحية ثانية، والتي كانت أحد أسباب نجاحها في الحصول على التأييد الإفريقي لعضوية مجلس الأمن 2009-2010.

لكن ليس معنى هذا أنه لا توجد تحديات وإشكاليات قد تحد من هذا الدور، لعل أبرزها ما يلي:

• مدى قبول الأنظمة الإفريقية الحاكمة في مناطق الصراع والتوتر بهذا التدخل السلمي أو حتى الوساطة؛ فهذه الأنظمة التي غالبًا ما تتصف بالاستبداد قد ترفض التدخل التركي الذي ينحاز للشعوب، فضلًا عن الجوانب القيمية التي تعد أحد القيم الحاكمة لحزب العدالة والتنمية. وهو ما قد يترتب عليه ليس فقط رفض هذا التدخل، بل وأحيانًا قطع التعامل الاقتصادي، بل والدبلوماسي أيضًا مع أنقرة "الموقف التركي من ثورات الربيع العربي لاسيما في مصر وليبيا".

• التهديدات المتنامية من قبل المنظمات الإسلامية المسلحة التي تنتهج العنف وتتبع القاعدة وداعش والتي لا ترفض فقط التدخل التركي، بل ترفض أيضًا الوجود التركي الدبلوماسي في إفريقيا. وربما نتذكر استهداف حركة شباب المجاهدين السفارة التركية في مقديشيو عام 2013 بعد دعم أنقرة للحكومة الصومالية. هذه التهديدات مرشحة للتصاعد في ظل العداء السافر الراهن بين تركيا وداعش في سوريا والعراق.

• يرتبط بما سبق الأوضاع الراهنة في المناطق المجاورة لتركيا كسوريا والعراق، والتي ستكون خصمًا من دورها في إفريقيا، فضلًا عن عدم رغبتها في الانخراط القوي في عمليات حفظ السلام الدولية في القارة رغم قدرتها على ذلك للاعتبارات السابق الإشارة إليها.
___________________________________________________
* د. بدر حسن شافعي: خبير الشؤون الإفريقية، جامعة القاهرة.

الإحالات:
1 - Turkey-Africa Relation, Turkey foreign ministry website
 http://www.mfa.gov.tr/turkey-africa-relations.en.mfa
2 - Shinn, David, Turkey’s Engagement in Sub-Saharan Africa Shifting Alliances and Strategic Diversification, Research Paper,(London: Chatham House: Africa Program: September 2015)pp.2-6.
3 – الرنتيسي، محمود سمير، الدور التركي في شرق إفريقيا: الدوافع والمكاسب، الدوحة، مركز الجزيرة للدراسات 15 مارس/آذار 2015، ص 6،
http://studies.aljazeera.net/reports/2015/03/201531585843487857.htm
4 - Turkey-Africa Relation, op. cit.
5 – الرنتيسي، مرجع سابق، ص 7.
6 - Turkey-Africa Relation, op. cit.
7 - Shinn, David, Turkey’s Engagement in Sub-Saharan Africa Shifting Alliances and Strategic Diversification, Research Paper,(London: Chatham House: Africa Program: September 2015)pp02-7.
8 - about this effort, see; Aras, Bülent, Turkey’s Africa Policy (Washington: the German marshal fund of the united states , October 7, 2013) pp.2-3
9 - خولي، معمر فيصل، السياسة الخارجية التركية تجاه إفريقيا، مركز الروابط للبحوث، فبراير/شباط 2015،
http://rawabetcenter.com/archives/4228
10 - Aras, op. cit. pp.3-4

ABOUT THE AUTHOR