التجاذب الأميركي-الإيراني وتأصيل القوة المحورية في الشرق الأوسط

تقدم الورقة ملخصًا لدراسة موسعة نُشرت في العدد الرابع من مجلة لباب، الصادرة عن مركز الجزيرة للدراسات، تحاول الكشف عن تصاعد القوة الصلبة في طبيعة التفاعلات الأميركية-الإيرانية والسعي للتأثير المتبادل في ظل تصورات بشأن قدرة كل طرف على ردع الآخر.
أميركا تحشد قوتها العسكرية في المنطقة للضغط على إيران وصولًا إلى تحقيق هدفها الاستراتيجي من التفاوض (رويترز)

شكَّل تصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط بين الولايات المتحدة وإيران منعطفًا في تحولات المنطقة ومستقبلها وإعادة تشكيل طبيعة القوة من جديد، بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على إيران والانسحاب من الاتفاق النووي وتحشيد قوتها العسكرية في المنطقة بهدف تحقيق هدف تكتيكي من خلال الضغط وصولًا إلى الهدف الاستراتيجي من التفاوض. ويتضح مما سبق حرص الولايات المتحدة على توظيف القوة الصلبة بهدف أساسي هو الردع سواء بالنسبة لإيران أو للفاعلين الجدد في المنطقة، وبالتالي سيعيد ذلك رسم ملامح خريطة التوازن الإقليمي في الصراع على النفوذ بين الدولتين، ويبرز ذلك في ظل المساعي الأميركية بتقويض الدور الإيراني في الشرق الأوسط. 

وتزامنت مع التصعيد الأميركي تحركات دبلوماسية أميركية لتدويل التصعيد ضد إيران والتحرك في أكثر من اتجاه ومحاولة خلق مناخ دولي ضاغط على إيران. ومن هنا، كان الخطاب الإيراني ضد المحاولات الأميركية يجمع بين التهدئة والتصعيد باستخدام قوتها العسكرية لمواجهة أي اعتداء عليها من قبل القوات الأميركية في المنطقة وحاولت من خلال إبداء المرونة استمالة الجانب الأوروبي لجانبها مستغلة بذلك الخلافات الأوروبية-الأميركية لإحداث خرق في العلاقات بين الطرفين واستثماره لصالحها. 

وبناء على ذلك، تبرز أهمية الدراسة التي تحاول الكشف عن تصاعد القوة الصلبة في طبيعة التفاعلات الأميركية-الإيرانية ومحاولة التأثير المتبادل في ظل تصورات بشأن قدرة كل طرف على ردع الآخر أو إرغامه على الانصياع لرغباته لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي يسعى إليها الطرفان. ولأهمية هذا الموضوع، يصوغ الباحث مشكلة الدراسة على النحو الآتي: تعكس تطورات الأحدث في منطقة الشرق الأوسط بعد تصاعد التوتر في العلاقات الأميركية-الإيرانية وجود خلل في هيكل بنية القوة الضابطة لطبيعة العلاقات بين دول الإقليم وبالتالي مراهنة كل طرف على عامل الوقت للتغيير في مدركات الطرف الآخر لصالحه وبما يحقق أهدافه ومصالحه.

وتنطلق مقاربة أبعاد هذه المشكلة من خلال فرضية مفادها "يشكِّل التصعيد الأميركي-الإيراني نقطة تحول في رسم مسارات التحولات الإقليمية وفي بنية طبيعة التفاعلات التي ستجري في المنطقة بالتوازي مع إعادة الانتشار للقوات الأميركية لاستعادة التوازن الإقليمي وممارسة قوتها كمتغير رادع من أجل تحقيق أهدافها". 

وخلصت الدراسة إلى أن تطورات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط تشير إلى اتِّجاه الصراعات نحو مزيد من التعقيد في ظل استمرار الخلافات والمشكلات الإقليمية وانتقالات تأثيرها إلى الدول الأخرى، ومن ثم خلق صدام إقليمي وهذا ما عكسته حالة التصعيد والتوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران والتحشيد العسكري للولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي ما يعكس -على نحو متزايد- الانخراط الإقليمي والدولي في تفاعلات المنطقة ويرجِّح استمرار هشاشة الاستقرار في الشرق الأوسط. ولهذا، ركزت الإدارة الأميركية في تحركاتها الإقليمية على حماية مصالحها من خلال انخراطها المكثف في المنطقة والعمل على استرجاع محورية دورها الإقليمي واستعادة التوازن بترسيم حدود نفوذها أمام الفاعلين الآخرين في ظل الفراغ الذي خلَّفته خلال الانسحاب من بعض مناطق الصراع في الشرق الأوسط.

للاطلاع على النص الكامل للدراسة (اضغط هنا) وللاطلاع على عدد المجلة كاملًا (اضغط هنا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*د. فراس عباس هاشم، باحث متخصص في الشؤون الاستراتيجية والإقليمية.

ABOUT THE AUTHOR