البيروقراطية الإدارية وآليات التدبير السياسي في اليابان

(الجزيرة)

صدر عن مركز الجزيرة للدراسات، الأحد، الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، كتاب رقمي جديد بعنوان "البيروقراطية الإدارية وآليات التدبير السياسي في اليابان" لمؤلفه، الباحث والأكاديمي العراقي، عماد رزيك.

يُسلِّط المؤلف الضوء في كتابه، الذي كان في الأساس أطروحته للدكتوراه، على الدور الذي تؤديه البيروقراطية اليابانية في عملية التنمية بهذا البلد، وذلك من خلال تتبع تاريخ البيروقراطية، سواء في عهد ميجي جيداي (1968 – 1912)، المعروفة بالمرحلة الأولى من اليابان الحديثة، أم في الفترة التي أعقبت الاحتلال الأميركي (1945 – 1952) حتى الآن، وعلاقتها بالسياسيين والبرلمان والأحزاب والقطاع الخاص.

وفي هذا الإطار، ناقش المؤلف تلك العلاقة وأبان عن أوجهها؛ الإيجابية والسلبية، وأوضح آلية صنع السياسات واتخاذ القرارات سواء على المستوى التشريعي أو على مستوى مجلس الوزارات، وكيف أن هذه السياسات وتلك القرارات، ولكي تكون ناجعة، لابد لها أن تتم بالتوافق المسبق مع البيروقراطيين الكبار في الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية، وإلا فإن العراقيل ستوضع أمامها، وسيجد السياسي نفسه في نهاية المطاف يتخذ قرارات لا يستطيع تنفيذها.

كما استعرض الكتاب علاقة البيروقراطية بالحياة الحزبية في اليابان من خلال أشكالها الثلاث التي مرَّت بها، وهي: الحزب المهيمن والنظام الائتلافي ونظام الحزبين. وعالج كذلك مسألة العلاقة غير العلنية التي تربط البيروقراطية بالقطاع الخاص، وطبيعة المصالح المتبادلة بينهما وأثر ذلك على وجود أو عدم وجود الفساد.  

وأخيرًا، ناقش الكتاب قضية الإصلاح السياسي في اليابان، وتحدث عن أهم دوافع هذا الإصلاح، وأبرز المشروعات التي طُرحت ومسَّت البيروقراطية، والمحاولات التي بُذلت لإعادة هيكلة السلطة من أجل مصلحة السياسيين وكيف قاومت البيروقراطية هذه الإصلاحات من خلال ما لديها من وسائل تأثير، مستغلةً عمق علاقتها بالقطاع الخاص، فضلًا عن تمتعها بالاستقلال داخل وزاراتها، وصولًا إلى حالة التفاهم بينهما.

واختتم الكتاب فصوله السبع بالتأكيد على أن دور وتأثير البيروقراطية في اليابان سيستمران لأسباب ثقافية واجتماعية خاصة بهذا البلد الذي يتمسك بالقيم والتقاليد، وطبيعة تكوين الدولة، وكذلك بسبب البيئة الجغرافية وما تحمله من احتمال حدوث كوارث طبيعية وهو ما يستلزم أن تبقى القطاعات العامة للدولة فاعلة لتجاوزها وإعادة البنية التحتية المدمرة إلى سابق عهدها، وغيرها من المتطلبات. وكذلك نظرًا لطبيعة الليبرالية السائدة في اليابان التي تقوم على الروح الجماعية وهو ما يستدعي هذه الصلة التشاركية بين البيروقراطيين والسياسيين، والتواصل الدائم بينهما.

والميزة التي تميز هذا الكتاب، وفق ما جاء في التعريف به، أنه يمنح القارئ فرصة للتعرُّف إلى اليابان من داخل مؤسسات الدولة المعنيَّة برسم السياسات وصنع القرارات؛ حيث ابتعد مؤلفه عن الأسلوب المعتاد في تناول النظم السياسية والإدارية واتجه -عوضًا عن ذلك- إلى اكتشاف خصوصية النموذج الإداري الياباني باعتباره مثالًا للبيروقراطية حينما تكون أداةَ تخطيطٍ وعاملَ تغييرٍ، وسلَّطَ الضوء على علاقتها بالسياسيين، نقاشًا وتحاورًا، وصولًا إلى أقرب نقطة يتلاقى عندها الصالح العام. كما يوفر نظرة جديدة للنخبة الإدارية اليابانية، وعملية انتقائها وتدريبها وتفاعلها داخل المؤسسات، حتى تنضج وتصبح مؤهَّلة للعطاء والقيادة. فالكتاب من هذه الزاوية نافذة للمتخصص فيما يتعلق بالجانب التقني للتنمية، وللبيروقراطيين في مساعدتهم على الإدراك الأوسع لطبيعة عملهم، وللقرَّاء عامة في منحهم تصورًا مغايرًا عن البيروقراطية.

للاطلاع على الكتاب يرجى الضغط هنا.