التفكير في عُدَّة التفكير: مراجعة نقدية لنظرية الاستخدامات والإشباعات في البيئة الرقمية

تسعى الدراسة إلى المساهمة في النقاش العلمي الذي طُرح منذ أزيد من عقدين من الزمن، والذي يتمحور حول السؤال الآتي: هل يمكن دراسة مواقع الشبكات الاجتماعية بالاستعانة بالنظريات التي درست وسائل الإعلام التقليدية؟ وقد اختارت لهذا الغرض نظرية "الاستخدامات والإشباعات"، وحاولت أن تفهم الدوافع التي تحثُّ المستخدمين على استخدام الشبكات الاجتماعية المختلفة، والإشباعات المحقَّقة من هذا الاستخدام.
المستخدِم يشارك في تحقيق إشباعاته بواسطة الشبكات الاجتماعية بينما تتولى وسائل الإعلام التقليدية تحقيقها بمفردها (الأناضول)

في ظل التحوُّل الكبير الذي تعيشه البيئة الإعلامية الرقمية يتجدَّد السؤال الذي طُرِح منذ حوالي عقدين من الزمن: هل إن النظريات التي أطَّرت التفكير في الميديا التقليدية وقدَّمت الكثير من المعارف العلمية التي أسهمت في تأسيس علوم الإعلام والاتصال، مثل نظرية حارس البوابة الإعلامية، وانتقال المعلومات عبر مرحلتين، ولولب الصمت، وترتيب الأولويات (Agenda Setting)، ونظرية التأطير الإعلامي (Media Framing)، وغيرها، ما زالت صالحة وقادرة على معالجة الإشكاليات المعاصرة التي يطرحها استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية، في ظل ما أصبح يعرف بــ"الميديا الذاتي الجماهيري" (self mass media) التي انمحت فيها الحدود بين منتجي المادة الإعلامية و"مستهلكيها"، وفي زمن تَشَذَّر فيه الجمهور واكتسب قدرًا من التفاعل وحرية التصرف في حوامل الاتصال المختلفة ومحتوياتها المُشَخْصَنَة، أي موجهة لكل فرد حسب ملامحه السوسيولوجية والثقافية والسياسية؟

ستحاول هذه الدراسة المساهمة في النقاش الذي أثاره السؤال المذكور أعلاه من خلال طرح نظرية "الاستخدامات والإشباعات" على المساءلة لمعرفة مدى مساهمتها في فهم التحولات التي تعيشها وسائل الإعلام في المجتمع المعاصر؛ إذ نعتقد أن تراكم العديد من البحوث العلمية التي درست المواقع الإعلامية في شبكة الإنترنت ومواقع الشبكات الاجتماعية تحتاج إلى تقييم من أجل تقديم عناصر الإجابة الأولية عن السؤال الآتي: هل لا تزال نظرية الاستخدامات والإشباعات ملائمة وصالحة ومناسبة لدراسة الميديا في المجتمع الرقمي؟ إنه السؤال الذي طرحه الباحث البريطاني، توماس روجيرو Ruggiero) Thomas)(1)، في العام 2000.

ولأجل هذا الغرض، سنتوقف قليلًا عند السياق التاريخي الذي ظهرت فيه نظرية الاستخدامات والإشباعات، والإضافات التي قدَّمتها لعلوم الإعلام والاتصال مقارنة بنظريات الإعلام التي سبقتها في الوجود، والانشغالات العلمية التي عبَّرت عنها في دراسة مواقع الشبكات الاجتماعية، وتطبيقات هذه النظرية في البحوث الإعلامية العربية التي تناولت ما أصبح يُعرف بــ"الميديا الجديدة" سواء كعُدَّة تقنية أو ممارسة.

وبناء على النتائج المتحصل عليها سنراجع هذه النظرية على ضوء نظريات الإعلام والاتصال الحديثة والأقرب منها على صعيد الهاجس المعرفي، ونخص بالذكر سوسيولوجيا الاستخدامات. 

1. نظرية الاستخدامات والإشباعات

وُلِدت نظرية الاستخدامات والإشباعات من رحم نظرية التأثير النسبي التي استقاها بول لازارسفيلد (Paul Lazarsfeld) في بحوثه منذ ثلاثينات القرن الماضي من أجل تلبية طلب اجتماعي شكَّله القلق أو حتى الخوف من مخاطر الأفلام السينمائية على الأطفال، وفرضته رغبة مُلَّاك المحطات الإذاعية والمعلنين في معرفة سبب الإقبال على بعض البرامج الإذاعية. وتجلَّت بعد انتشار أعمال مدرسة تورونتو  (Toronto School) في الاتصال، وعلى رأسها أعمال مارشال ماكلوهان (Marshall McLuhan) الذي نقل الاهتمام في الدرس الإعلامي من المحتوى إلى الوسيلة كحامل للرسائل.

وَصَفَ إليهو كاتز (Elihu Katz)، الذي شارك بول لازارسفيلد بحوثه، وزملاؤه نظرية الاستخدامات والإشباعات بالقول: "إنها محاولة لشرح ظاهرة -الإعلام- بسؤال الفرد عن طريقة استعماله لوسائل الاتصال لإشباع حاجاته وبلوغ أهدافه بدل مصادر أخرى متوافرة في محيطه"(2).

ولخَّصت الباحثتان، أنابل كين-هانس (Anabel Quan-Haase) وأليسن يونغ (Alyson L. Young)(3)، ما يميز نظرية الاستخدامات والإشباعات عمَّا سبقها من نظريات في الخصائص الثلاثة الآتية، أولًا: مَفْهَمَة الجمهور، وثانيًا: ما يقوم به، وثالثًا: الإشباعات التي يحققها مما يقوم به.

إنها الخصائص التي جعلت نظرية الاستخدامات والإشباعات تنأى عن النزعة الاستخفافية بالجمهور التي تراه كقطيع غنم "بانيرج" (Panurge)*. فالجمهور لم يعد -من منظور هذه النظرية- كتلة واحدة متجانسة؛ يخضع للرسائل التي يتعرض لها فتؤثر في سلوكه وآرائه، بل مجموعات مختلفة بعاداتها الثقافية وحاجاتها الاتصالية والنفسية واستخداماتها المختلفة لوسائل الإعلام. لقد جعلت هذه النظرية من الاختيار الفردي قوة مرجعية في دراسة علاقة الجمهور بوسائل الإعلام. إنها العلاقة التي حصرتها في الثنائية الآتية: الحاجات (الحوافز)، والتطلعات أو الغايات من التعرض لوسائل الإعلام (الإشباعات). ولم يسبق لنظريات الإعلام السالفة عنها المهمومة بالتأثير والدعاية أن تنبَّهت إلى هذه الثنائية.

لقد فتحت نظرية الاستخدامات والإشباعات الأفق لدراسة العلاقة القائمة بين الجمهور ووسائل الإعلام منذ منتصف سبعينات القرن الماضي من منظور: ماذا يفعل الفرد بالصحيفة والمجلة والفيلم والإذاعة والتليفزيون؟ وبالتدريج، تبوَّأ هذا المنظور مكانة بارزة في بحوث الإعلام والاتصال بعد أن اتجه إلى معرفة ما يجنيه الجمهور من الوسائل المذكورة بدل الانسياق وراء البحث عن تأثير وسائل الإعلام الذي تأكد أنه تراكمي، ويحصل على المدى الطويل عبر مستويات مختلفة، ولا يحدث بشكل آني ومتزامن مع الاستخدام، ويصعب عزله عن تأثير بقية المؤسسات الاجتماعية والثقافية.  

مع تزايد الاعتماد على نظرية الاستخدامات والإشباعات في دراسة وسائل الإعلام التقليدية، الذي يؤكد نجاحها في الكشف عن بعض الجوانب في نشاط وسائل الإعلام التقليدية، تعددت الانتقادات الموجهة لها من مواقع إبستمولوجية مختلفة على الصعيدين الفكري والمنهجي، نذكر منها:

- على الصعيد الفكري 

أ- استُلْهِمَت هذه النظرية من المدرسة الوظيفية. لقد حصر هارولد لازويل (Harold Lasswell) أدوار وسائل الإعلام المختلفة في ثلاث وظائف، وهي: 1) مراقبة البيئة للكشف عمَّا يمكن أن يهدِّد النظام الاجتماعي أو يخلَّ بقيم المجموعة أو العناصر التي تشكِّله (البحث عن الأخبار، والتواصل)، 2) ربط مجموع الأجزاء التي تشكِّل المجتمع (التفاعل والتنشئة الاجتماعية)، 3) نقل التراث الاجتماعي (التعلم، ونقل المعارف). وأضاف لها بول لازارسفيلد وروبرت مرتن (Robert Merton) وظيفة رابعة تتمثَّل في التسلية والترفيه(4) (اللعب، وتَمْضِيَةُ الوقت، والاسترخاء(. وقامت نظرية الاستخدامات والإشباعات بالتأكيد على هذه الوظائف انطلاقًا مما يفعله الفرد بوسائل الإعلام. بمعنى أن لازويل ولازارسفيلد ومرتن وغيرهم كانوا ينظرون إلى وظائف وسائل الإعلام من زاوية ما تقوم به الأداة/الوسيلة، بينما اقترح أصحاب نظرية الاستخدامات والإشباعات: إليهو كاتز، وجاي بلوملر (Jay G. Blumer)، وميشال غورفيتش (Michael Gurevitch)، وهيرتا هيرزوغ (Herta Herzog)، النظر إلى الوظائف ذاتها من زاوية ما يقوم به الجمهور.

لم تلغ هذه النظرية تأثير وسائل الإعلام ولم تعتبره تحصيل حاصل ينجم بمجرد التعرض لمنتجات وسائل الإعلام، بل رأته مُجَسَّدًا في مشاركة الجمهور من خلال تشغيل المفاهيم الإجرائية التي وظفتها، وهي: الحاجات، والتطلعات، والاستخدامات، والإشباعات. 

ب- لم يكتف البعض باختزال هذه النظرية في المدرسة الوظيفية، بل رآها عبارة عن مزيج مركَّب من هذه المدرسة والمدرسة السلوكية التي تمنح الجمهور دورًا نشيطًا(5). ويكمن طابعها السلوكي في التركيز الشديد على الحاجات والإشباعات النفسية المشتقة من الاستخدام الفردي لوسائل الإعلام. ويقلِّل هذا التركيز من أهمية السياق الاجتماعي لنشاط الميديا إن لم يتجاهله، ولا يأخذ بعين الاعتبار أن بعض الاستخدامات لوسائل الإعلام لا علاقة لها بتحقيق الإشباع بقدر ارتباطها بالسياق الاجتماعي الذي يفرضها(6).

ج- لم تفلح هذه النظرية في تقديم تفسير سببي مقنع لاختيار استخدام هذه الوسيلة الإعلامية أو تلك؛ لأن بعض الاستخدام يكون ظرفيًّا، ويتم في الغالب دون دافع واضح ومحدد، مما يصعِّب حصره وقياسه، مثل "التسكع" في شبكة الإنترنت. لذا، يعتقد البعض أن هذه النظرية ربما تصلح لفهم الإقبال على محتويات إعلامية محددة تكون دوافع الاطلاع عليها واضحة ومحددة، مثل المحتويات الإعلامية السياسية(7).

د- يُستنتج من هذه النظرية أن غاية وسائل الإعلام الوحيدة تكمن في سدِّ حاجات الجمهور وتحقيق إشباعاته، ولا تعاني من أي إكراه في سبيل ذلك، ولا دور لها في صياغة هذه الحاجات وتوجيه الاهتمامات والانشغالات، وفي صقل الذوق. إن نظرية الاستخدامات والإشباعات تُحَيِّد وسائل الإعلام المختلفة عن مسار تنظيم السلطة الاقتصادية والسياسية في المجتمع، وتبعدها عن الاستراتيجيات الاتصالية التي تنفذها المؤسسات المختلفة.

- على الصعيد المنهجي

أ- يستعمل كل شخص الميديا بطرق مختلفة لإشباع حاجاته المتنوعة ويكون بعضها خاصًّا جدًّا، مما يعسِّر قياس تأثير متغيرات هذه النظرية. حقيقة، لقد حاولت البحوث الأمبريقية أن تربط الحاجات التي تنص عليها هذه النظرية بهرم الحاجات التي وضعها أبراهام ملسو (Abraham Malsow)، مثلما اقترح ذلك روادها(8)، فحصرتها في فئاته، لكن اتضح أن تعدد حاجات الجمهور في استخدامه لوسائل الإعلام وتنوعها يؤدي إلى إسقاط بعض الحاجات من الدراسة لعدم انضوائها في أي فئة من الفئات التي حددها هرم ملسو. هذا إضافة إلى أن الاستخدام يستحدث حاجات جديدة تتكاثر إلى درجة يصعب قياسها أو يتم التعامل معها كبقية الحاجات كأنها ذات قيمة متساوية، وربما يضطر الباحث إلى "اختلاق" حاجات من أجل تبرير ما تقدمه وسائل الإعلام لجمهورها ومنحه شرعية.

ب- تميِّز هذه النظرية بين الإشباعات المرغوب فيها وتلك المحقَّقة. قد يحدث أن تكون نسبة الإشباعات المحقَّقة أثناء تعرض الجمهور لوسائل الإعلام أعلى من نسبة الإشباعات المرغوبة أو تكون أدنى منها. فيترتب على هذه الأخيرة العزوف عن الوسيلة الإعلامية. لكن البحوث الأمبريقية لم تصل إلى شَحْذ أدوات مناسبة ودقيقة لقياس هذه النسب وتطبيقها على ديناميكية نشاط الوسيلة الإعلامية(9)، ولا إلى تفسير سبب اختلاف نسب الإشباعات المحقَّقة. ربما لا يتعلق الأمر بعجز أداة القياس بقدر ما يرتبط بالإشكالية التي تطرحها هذه النظرية والتي تحصرها في نفسية الفرد ومزاجه المتقلب وليس في بعده الاجتماعي الذي يتسم بنوع من الاستقرار الذي تتطلبه أداة القياس.

ج- اعتمدت جل البحوث الإعلامية التي وظَّفت نظرية الاستخدامات والإشباعات على استطلاع آراء الجمهور. فما جمعته من بيانات من المبحوثين عن استخدامهم للميديا هو حصيلة تصريحاتهم التي يتذكَّرون فيها وسيلة الإعلام التي استخدموها، وأين يستخدمونها، ومتى، وكم مرة يستخدمونها، وما المدة التي يستخدمونها، وما الإشباعات التي حققوها أو يحققونها من هذا الاستخدام، وغيرها من الأسئلة التي يمكن أن تشكِّل مؤشرات تكشف عن أهمية الوسيلة الإعلامية في حياة مستخدمها. لكن تظل بيانات الإجابة عن هذه الأسئلة نسبية وقليلة الدقة؛ وذلك لأن قياس السلوك الاتصالي وملاحظته يكون غالبًا أكثر دقة من التصريح به(10)؛ لذا يحتمل أن تكون نتائج هذه البحوث مشوهة(11). لقد تفطنت بعض البحوث العربية في مجال الإعلام إلى هذا الأمر؛ إذ أكدت أن "إجابات الجمهور لا تعكس بالضرورة الواقع الفعلي لاستخدام أي وسيلة إعلامية"(12)، ويحيلنا هذا الأمر إلى إشكالية كبرى تتعلق بمدى دقة ومصداقية الاستبيان كأداة بحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية في المنطقة العربية(13).

2. الاستخدامات والإشباعات والبحث في البيئة الإعلامية الرقمية

شُرِع في تطبيق هذه النظرية على الميديا في بيئة الويب مع بداية الاستخدام الاجتماعي لشبكة الإنترنت في 1998(14)، ثم توالت البحوث التي اعتمدت على هذه النظرية مع تعدد الخدمات التي تقدمها المواقع الإلكترونية في شبكة الانترنت، وتزايد عدد المدونات الإلكترونية وارتفاع عدد مستخدمي مواقع الشبكات الاجتماعية، مثل: ماي سبيس (Myspace)، وسكند لايف (Second Life)، وفيسبوك، ويوتيوب، والتدوين المصغر ممثلًا في موقع تويتر، وغيرها من المواقع. هذا إضافة إلى تزايد استخدام الميديا التقليدية للعُدَّة التكنولوجية المعاصرة. وقامت هذه البحوث بمقارنة الاستخدامات والإشباعات التي يحققها الجمهور من الميديا التقليدية وتلك التي يحققها من الميديا الحديثة، مثل التليفزيون التفاعلي(15)، وذلك انطلاقًا من الإمكانية التقنية التي تمنحها هذه المواقع للمستخدم بحيث يستطيع أن يشارك في إنتاج المحتويات المتداولة فيها ويحتمل أنه يستطيع أن يتحكم فيما يستخدم(16). ليس هذا فحسب، بل حاولت هذه النظرية الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الاستخدام المتزايد لمواقع الشبكات الاجتماعية على الصعيدين الكمي والوقتي: عدد المستخدمين ومواقع الشبكات الاجتماعية التي يستخدمونها، والوقت المخصص للاستخدام، والإشباعات التي تدفع الجماعات الافتراضية إلى استخدام موقع هذه الشبكة الاجتماعية أو تلك أو الكفِّ عن استخدامها، "وهل الإشباعات تتغير مع الوقت أم تظل ذاتها مهما طالت مدة الاستخدام أم تتغير؟"(17).

عبَّرت هذه الأسئلة عن العديد من الهواجس البحثية، نذكر منها: الهاجس التسويقي لتلبية حاجة المؤسسات التجارية ووكالات الإعلان والعلاقات العامة لمعرفة ماذا يجذب المستخدمين في مواقع شبكة الإنترنت ومنصاتها الرقمية(18)؛ وذلك من أجل التواصل مع زبائنها بشكل أكثر فاعلية، ثم هناك الهاجس الاجتماعي الذي يعبِّر عن الرغبة في معرفة الاختلاف بين مواقع الشبكات الاجتماعية ومدى قدرتها على تعزيز العلاقات الإنسانية عبر الصداقة واللعب وتشكيل رأسمال اجتماعي(19)، فضلًا عن الهاجس الاتصالي لمعرفة لماذا ينأى الشباب عن الاتصال المباشر وجهًا لوجه ويتجهون إلى أشكال الاتصال الرقمي، ويتهافتون على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وأي موقع من مواقع الشبكات الاجتماعية أقدر على إشباع حاجاتهم الاتصالية المستجدة(20).

تؤكد مراجعة أدبيات هذه المقاربة(21) أن قائمة الاستخدامات والإشباعات المحقَّقة من مواقع الشبكات الاجتماعية الأكثر تواترًا تتضمن: التواصل مع الغير، والبحث عن الأخبار، والتنشئة الاجتماعية بتعزيز الانتماء، وكسب صداقات جديدة وتنشيط القديمة، والترفيه والتسلية والهروب من الواقع، وإبراز الذات والمكانة الشخصية.

قبل مناقشة استخدامات الجمهور لمواقع التواصل الاجتماعي في البلدان الصناعية المتقدمة والإشباعات التي سعوا إلى تحقيقها، يجدر بنا التوقف عند الدراسات التي طبقت نظرية الاستخدامات والإشباعات على مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية.

3. نظرية الاستخدامات والإشباعات والبحث في البيئة الإعلامية الرقمية بالمنطقة العربية

للوقوف على التوجه العام للبحوث "العربية" التي استعانت بنظرية الاستخدامات والإشباعات التي طُبِّقت على البيئة الإعلامية والاتصالية الرقمية اعتمدنا على "ميتا التحليل الكيفي" (Qualitative meta-analysis) والتي تُعَدُّ منهجًا حديثًا جدًّا. لقد انبثق هذا المنهج عن "ميتا دراسة" (Meta-Study) التي يشرحها الباحث تشانينج زهو Shanyang Zhao))(22) بالقول: إنها تدرس نتائج وصيرورة الدراسات السابقة، فهناك ظاهرة ما نقوم بدراستها وتحليلها، ثم تأتي دراسة ثانية لتحلِّل الدراسة الأولى. إن هدف "ميتا دراسة" لا يقف عند تلخيص نتائج الدراسات السابقة، بل التفكير في صيرورتها، ودليلها في ذلك السؤالان الآتيان: "أين وصلنا في هذه الدراسات؟ وإلى أين نريد أن نمضي؟(23).     

نميل إلى القول: إن جُلَّ البحوث "العربية" التي تناولت مواقع الشبكات الاجتماعية في إطار علوم الإعلام والاتصال استعانت بنظرية الاستخدامات والإشباعات إلى درجة بات الاعتقاد لدى قطاع واسع من الطلبة ودارسي علوم الإعلام والاتصال أنه لا توجد نظرية غيرها لدراسة هذه المواقع! بدليل أنه زُجَّ بها لدراسة بعض الموضوعات، مثل: تأثير استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على الممارسة اللغوية بدل تطور الممارسات اللغوية في هذه المواقع، ودور مواقع التواصل الاجتماعي في التغيير السياسي في الدول العربية، وغيرها من المواضيع المشابهة! وغني عن القول: إن هذه النظرية وما وظَّفته من عُدَّة منهجية لا تفيد دراسة مثل هذه المواضيع، بصيغتها المذكورة، التي تتطلب مقاربات نظرية أخرى غير وظيفية لفهمها وتفسيرها.

إن دراسة كل البحوث التي جندت نظرية الاستخدامات والإشباعات لدراسة "الميديا الجديدة" في المنطقة العربية شبه مستحيل. وحتى لو افترضنا أنها في متناول البعض فإن القيام بها غير مثمر أو قليل الجدوى؛ لأنها تتشابه في تواترها، ويطابق بعضها بعضًا. لذا، فضلنا الاعتماد على "ميتا التحليل الكيفي" مثلما أسلفنا القول، وهو منهج علمي صارم يقوم بمراجعة نقدية للأدبيات المستقاة من "ميتا التحليل الكمي"؛ يقدم ملخصًا يأخذ بعين الاعتبار العناصر التي تحيل إليها البحوث والمقالات المختارة من أجل استخراج البيانات في شكل ملاحظات وشروح(24).

إن هذا المنهج، الذي يقترح القيام بدراسة الدراسات السابقة، أي بتحليل ثان لظاهرة إعلامية أو ثقافية كما تتجلى في البحوث الأولى "أصبح مفيدًا وضروريًّا نظرًا للتراكم الكبير في البحوث الكمية في دراسة الظواهر الاجتماعية على مرِّ السنين"(25).

لقد اعتمدنا في هذه الدراسة على عينة قوامها 35 بحثًا شملت أطروحات دكتوراه ومذكرات الماجستير ودراسات نُشرت في مجلات أكاديمية خلال الفترة الممتدة من 2009 إلى 2018، واستقيناها من مواقع بعض الجامعات العربية في شبكة الإنترنت، ومن الأرضية الجزائرية للمجلات العلمية (ASJP)، ومن موقع أكاديميا (academia.edu) ومحرك البحث "غوغل سكولار" (google.scholar). لقد جرت بحوث هذه العينة في العراق، والسعودية، والإمارات، والأردن، وسوريا، وفلسطين، ومصر، والجزائر. وركزت بدرجة أساسية على مواقع الشبكات الآتية: فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب، وإنستغرام. وتجنبنا في اختيار هذه العينة تكرار مواضيعها.

واللافت أن معظم هذه البحوث أُجريت على الطلبة، والأساتذة، والموظفين والموظفات في الجامعة. ولئن كان مجال تطبيقها يريح الباحثين كثيرًا لسرعة تنفيذ بحوثهم ودراستهم، ولسهولة الحصول على المبحوثين وتفهمهم وتعاونهم في إنجاز البحث، فإنه يضعها على محك المصداقية ليس على مستوى مدى تمثيلها لعينة المجتمع المدروس، بل لأن الجامعة لا تمثِّل كل أفراد المجتمع. فالطلبة يشكِّلون جزءًا من الشباب لكنهم ليسوا كل الشباب في أي مجتمع. ويسجل الكثير من البحوث الأجنبية العديد من المآخذ على تطبيق نظريات الاستخدامات والإشباعات على الطلبة والتي تقلِّل من صدقية نتائجها**.

كشف منهج "ميتا التحليل النوعي" أن العينة المدروسة توصلت إلى العديد من الدوافع المتواترة، والمتشابهة بعبارات مختلفة؛ فصنفناها وفق الفئات الأربعة كما في هذا الجدول.

جدول يبرز الدوافع المتواترة لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في عينة الأبحاث المدروسة

الدافع

نــــوعـــه

الإعلام/مراقبة المحيط

- البحث عن الأخبار والاطلاع على المستجدات المحلية والدولية، ومعايشة مشاكل العصر.

- استقاء المعلومات وتقاسمها مع الغير.

- التعليق على الأخبار والمعلومات المتداولة.  

 

 

التعريف بالذات وإعلاء مكانتها الاجتماعية والمهنية

- تحسين المكانة الاجتماعية: التثقيف، والاطلاع على المراجع العلمية لإنجاز البحوث، وتطوير الكفاءة المهنية، والبحث عن منصب عمل.

- التعبير بحرية عن الرأي، وممارسة الحرية الفكرية.

- الدعوة إلى عمل الخير وتقديم النصح والهداية.

- تحقيق الذات، وتعزيز الثقة بالنفس.

- البحث عن الشهرة.

- الانفتاح الفكري.

- التبادل الثقافي.

- التسوق.

إنشاء علاقات اجتماعية وتطويرها

- التواصل مع الأهل والغير والتفاعل معهم.

- البحث عن صداقات جديدة.

- الحفاظ على الصدقات القديمة.  

- تشكيل رأسمال اجتماعي.

- ملء الفراغ العاطفي.

- القضاء على العزلة.

­­­­­

التسلية والترفيه

- تمضية الوقت.

- اللعب.  

- القضاء على الملل.

- الهروب من مشاكل الواقع، والتَّنفيس عن الذات.

- التلصُّص على الغير.

لم تميِّز عينة الدراسة بين الاستخدامات والإشباعات التي يحققها الأفراد من مواقع التواصل الاجتماعي وتلك التي تسعى إليها المؤسسات والهيئات والجمعيات ذات النفع العام. وبعض الدراسات لم تهتد إلى مجتمع بحثها، مثل: "مواقع التواصل الاجتماعي: يوتيوب وفيسبوك"، و"الحركة الجمعوية البيئية في الجزائر". لقد وُجِّهت صحيفة الاستبيان إلى الجمهور العام: مستخدمي مواقع فيسبوك ويوتيوب بدل التوجه إلى المسؤولين عن الجمعيات المذكورة أو الساهرين على منشوراتها في مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة حاجاتهم من بثِّ فيديوهاتهم ومنشوراتهم، وما حققوه جرَّاء ذلك من إشباعات، وما ترتب عن ذلك على مستوى استراتيجية اتصال جمعياتهم. كذلك الأمر بالنسبة لموضوع مواقع التواصل الاجتماعي ونشر الوعي البيئي، أو دور مواقع الشبكات الاجتماعية في العلاقات العامة.

رغم أن الكثير من البحوث التي شملتها العينة صنَّفت دوافع استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية إلى نفعية وطقوسية، وفصلت الإشباعات إلى عملية مرتبطة بالوسيلة وأخرى متصلة بالمحتوى(26) إلا أن النتائج التي توصلت إليها متواضعة جدًّا في تقديرنا. ولا يعود السبب في ذلك إلى التداخل بين المحتوى والحامل، مثلما هو الشأن في بعض المواقع، مثل موقع شبكة "يوتيوب"، فقط، بل يرجع إلى قصور هذه النظرية في دراسة الميديا في بيئة "الويب 2" بدرجة أساسية، وإلى ظروف إنجاز مثل هذه البحوث في المنطقة العربية مثلما أشرنا أعلاه.

لقد تطرقت بعض بحوث العينة إلى مسألة الإشباعات بشكل عرضي فقط، ولم تبيِّن بدقة ما هي الإشباعات التي تحقَّقت عبر استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية وتلك التي لم تتحقَّق. واشتركت البحوث "العربية" مع غيرها من البحوث الأجنبية في هاجس الخوف من مخاطر التطور السريع لتكنولوجيا الاتصال على الفئات التي يُعتقد أنها هشة مثل الشباب والمرأة. فمن المتعارف عليه أن ميلاد كل وسيط اتصالي جديد يجلب معه قدرًا من القلق والخوف من تأثيره على الأفراد والمجتمع، لكن يبدو أن الوازع الأخلاقي الظاهر في بعض البحوث "العربية" طغى على هاجسها الاستكشافي (العلمي). وهذا ما يتجلى من خلال التأكيد المطلق على أن لمواقع الشبكات الاجتماعية تأثيرًا سلبيًّا على عِفَّة المستخدمين وأخلاقهم دون تفكيك مفهوم الأخلاق وتشخيصه في وحدات تكوينية وملموسة يمكن قياسها. فكُلِّلت هذه البحوث بإصدار أحكام قيمية وإسقاط قناعات ذاتية على البحث تتماهى مع الحس المشترك.

وأدى عدم التشخيص هذا إلى التضارب بين النتائج والأحكام؛ إذ يذكر أن بعض البحوث، على سبيل المثال، تشير، من جهة، إلى أن هذه المواقع تدفع المستخدمين إلى القيام بما يتنافى والأخلاق: إهدار الوقت. وتؤكد من جهة أخرى أن إشباعاتهم تزداد بارتفاع الوقت الذي يقضونه في استخدام هذه المواقع! فهل هذا يعني أن إهدار الوقت يندرج ضمن إشباعاتهم؟ إذن، السؤال الذي يجب البحث عن إجابة علمية له يتمثل فيما يلي: لماذا يلجأ مستخدمو مواقع الشبكات الاجتماعية إلى إشباع حاجتهم التي يصنفها الكثير من الباحثين بأنها غير أخلاقية؟

إن مناصري نظرية الاستخدامات والإشباعات يقفزون على الفرق الواضح بين الميديا الجديدة والتقليدية؛ فالمستخدم هو الذي يشارك في تحقيق إشباعاته، بصرف النظر عن طبيعتها، بواسطة مواقع الشبكات الاجتماعية ضمن الحدود التقنية التي تميز هذه الأخيرة بينما تتولى وسائل الإعلام التقليدية تحقيقها بمفردها. ما يثبت هذا القول: إن الكثير من البحوث العربية التي أُجْرِيت قبل 2011 وصفت مواقع هذه الشبكات بأنها مُفْسِدَة للأخلاق، لكن بعد أحداث ما أصبح يُعرف بــ"الربيع العربي" أضحت تُوصَف بالأداة "الثورية"! وبهذا ركزت على الأداة وتناست الفاعل الأساسي الذي يوظفها.   

غني عن القول: إن جلَّ البحوث المدروسة تشترك في القول: إن مستخدمي مواقع الشبكات الاجتماعية، بصرف النظر عن شريحتهم الاجتماعية ومستواهم الثقافي ونشاطهم المهني، يستخدمونها من أجل تمضية الوقت أو إضاعة الوقت. ربما الأمر يتعلق بالمعنى السلبي الذي تتضمنه عبارة "إضاعة" الوقت. فبصرف النظر عن الإدمان لا ترى بعض البحوث العربية في الألعاب الإلكترونية، على سبيل المثال، سوى "إضاعة" الوقت متناسية أن اللعب أصبح أداة تعليمية وتربوية تسهم في تكوين شخصية الطفل، ثم كيف نفسر مسألة إضاعة الوقت والتأكيد في الوقت ذاته أن إشباعات المستخدم ترتفع بازدياد الوقت الذي يخصصه لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي؟ 

في تناولها للاستخدام، حاولت البحوث المدروسة أن تحصره في بعض المحددات، مثل سنِّ المستخدم، وجنسه (ذكر أو أنثى) ومستواه التعليمي، ومكان استخدامه، ووقت استخدامه ومدته، وعدد الاستخدامات في اليوم، ولغة الاستخدام، ونوع موقع شبكة التواصل التي يستخدمها. إن البيانات عن بعض المحددات، مثل مكان الاستخدام أصبح لا معنى له في زمن توافرت فيه الإنترنت المتنقلة عبر الهاتف الذكي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى وقت الاستخدام (صباحًا أو مساء أو ليلًا) في ظل تحرُّر المستخدم من إكراهات الزمن. إن مثل هذه المعلومات لا تفيد سوى موزعي الصحافة الورقية، والقائمين على البرمجة التليفزيونية في التليفزيون التقليدي، وجل البيانات الأخرى أصبحت متوفرة، وبعضها يوفره الموقع ذاته، وبعضها يفصح عنه مستخدم مواقع الشبكات الاجتماعية ذاته، وبعضها الآخر توفره محركات البحث العامة والمتخصصة(27) وبرامج التجسس الرقمي.

لقد أثارت هذه البيانات، ولا تزال تثير، صراعًا عنيفًا حول أشكال حماية الحياة الخاصة منذ "فضيحة" كامبريدج أناليتيكا (Cambridge Analytica). فلا غرو إن قلنا بأن عائدات مواقع الشبكات الاجتماعية تتوقف على مدى ما تجمعه من بيانات شخصية عن مستخدميها. إنها العائدات التي أوحت إلى عالمة الاجتماع الأميركية، شوشانا زابوف (Shoshana Zuboff)، بصياغة مفهوم "رأسمالية المراقبة" (Surveillance Capitalism) كشكل جديد من تطور النظام الرأسمالي العالمي. حقيقة، إن طبيعة البيانات المتوافرة لا تملك القيمة ذاتها؛ لأنها جُمعت لأغراض مختلفة، لكن يمكن للباحث أن يستغلها بعد أن يجتهد في غربلتها وتصنيفها وتحليلها في إطار الإشكالية التي يثيرها بحثه.   

أكدت البحوث أن بعض الفئات تستخدم مواقع الشبكات الاجتماعية لأغراض مهنية؛ فالصحفيون، على سبيل المثال، يعتمدون عليها لمتابعة الأخبار والبحث عن مصادرها. ويستخدمها الطلبة من أجل الحصول على المراجع العلمية والكتب، ولتوسيع أفقهم المعرفي في مجال تخصصهم. وبرَّرت سبب تفضيل المستخدمين لبعض المواقع الاجتماعية عن غيرها؛ إذ ذكرت أن الطلبة يستخدمون موقع فيسبوك من أجل التواصل مع الأهل والأصدقاء والدردشة معهم، بينما يستخدمون موقع شبكة تويتر للحصول على الأخبار والمعلومات(28). وتستخدم المراهقات في دولة الإمارات موقع شبكة يوتيوب للتسلية: مشاهدة الأفلام والمواد التليفزيونية، وفيديو كليب، بينما تستخدم البالغات موقع تويتر لمتابعة الأخبار والحصول على المعلومات.  

وتُعَدُّ هذه النتائج تحصيل حاصل، وتكشف حدود نظرية الاستخدامات والإشباعات التي لا تأخذ بعين الاعتبار خوارزميات مواقع الشبكات الاجتماعية التي تحدِّد من يتابع ماذا عبر منصاتها. فمسؤول موقع شبكة فيسبوك على سبيل المثال قرَّر في يناير/كانون الثاني 2018 تغيير الشريط الخاص بالأحداث ((newsfeed ليمنح الأفضلية للأخبار والمعلومات ذات الصلة بالأصدقاء والعائلة، وهذا على حساب الأخبار العامة التي تتداولها وسائل الإعلام الكلاسيكية. فالاستخدام الذي تتحدث عنه النظرية المذكورة مرهون بطبيعة موقع الشبكات الاجتماعية وخصوصيتها. وهذا ما تؤكده بعض البحوث التي بيَّنت أن دوافع استخدام الناس لموقع فيسبوك مثلًا يكون مبنيًّا على ما يتيحه هذا الموقع من اختيارات ووظائف، كما أن مواقع الشبكات الاجتماعية المختلفة ظلت تجدد اختياراتها وتبتكر الوظائف من أجل جذب أكبر عدد من المستخدمين ولجمع أكبر كمية من المعلومات عنهم.

إن العدَّة التكنولوجية ليست مجرد قنوات توصيل محايدة تنقل المحتويات فقط؛ فطبيعتها الفيزيائية تتدخل في مسار التواصل. إنها تكنولوجيا فكرية تخضع للإكراهات التقنية وتتمتع بإمكانيات الإنتاج الفردي والجماعي للتمثُّلات الرمزية(29).

تلتقي كل البحوث المدروسة في تأكيد أن المبحوثين يستخدمون مواقع الشبكات الاجتماعية لتلبية حاجتهم للتواصل مع الغير، لكنها لا تتكبد عناء التفكير في الإشكاليات التي يطرحها التواصل، والتي شكَّلت هاجسًا معرفيًّا لدى علماء الاجتماع والفلاسفة، مثل: شارل كولي (Charles Cooley)، وجون ديوي (John Dewey)، وولتر ليبمان (Walter Lippmann)، ويورغن هابرماس (Jürgen Habermas)، ولوسيان سفز (Lucien Sfez)، وريجست دوبري (Régis Debray)، ودومينيك ولتن (Dominique Wolton)، وغيرهم. وهنا يكمن، في اعتقادنا، قصور نظرية الاستخدامات والإشباعات التي ترى أن وسائل الإعلام وُجدت لتلبية حاجات الجمهور، وأن تعددها نابع من تعدد هذه الحاجات ولا علاقة له باستراتيجيات الفاعلين في الاتصال ولا المصلحة ولا النزاعات الناجمة عنها. هذا على الصعيد النظري، أما على الصعيد العملي، فإن هذه النظرية تتعامل مع الاتصال كمعطى بديهي وكامل وواضح ولا يثير إنجازه أي إشكال، ولا يختزن التقاليد الثقافية والخصائص الاجتماعية للمتصلين ولا يهددها. فالوعي بأن الاتصال يتموضع داخل المجتمع وينفذ بأدوات مجتمعية معينة(30) يكاد يغيب عن هذه النظرية.

لقد حاول بعض الدراسات(31) معرفة تبعات تموضع مواقع الشبكات الاجتماعية في السياق الاجتماعي للمتصلين في البيئة الثقافية الجزائرية وربما العربية، من خلال طرح بعض الأسئلة، مثل: هل استطاعت مواقع الشبكات الاجتماعية أن تُحوِّل اتصالنا الضمني، الذي لا تُفهم دلالته إلا بقراءة ما بين السطور، إلى اتصال صريح بعد أن تخلَّى البعض عن الاتصال المباشر وجهًا لوجه، واكتسب البعض الآخر الجرأة أو الشجاعة التي يضمنها الاسم المستعار الذي يُستخدم في هذه المواقع؟ وهل تعوض الملفوظات المتداولة في هذه الشبكات الاتصال غير اللفظي بعد انمحاء المكان وغياب الاتصال القربي (Proxemia) الذي يحتل مكانة بارزة في ثقافتنا؟ وهل تقضي هذه الشبكات على المرجعية التراتبية في اتصالنا بعد اختفاء سنِّ المتصل ومستواه التعليمي ولا يظهر في الشاشة إلا نادرًا؟

يمكن أن نفهم الحدود العلمية لنظرية الاستخدامات والإشباعات في بيئة "الويب 2" إذا نظرنا إليها من زاوية التيار البحثي الذي ظهر في فرنسا خلال ثمانينات القرن الماضي تحت اسم "سوسيولوجيا الاستخدام"(32)، والذي يستند إلى براديغم البنائي والتفهمي. ويرى هذا التيار أن الاستخدام، الذي يُعَدُّ مفهوما مركزيًّا في هذه النظرية، يلفُّه الكثير من اللبس ويثير الكثير من الجدل. فإحدى رائدات هذا التيار، جوسلين جووي (Josiane Jouët)، تميز بين استخدام التكنولوجيا المعاصرة وممارستها؛ فالاستخدام، في نظرها، اختزالي يحيل إلى مجرد الاستعمال، بينما تمثِّل الممارسة مفهومًا أكثر صياغة، ولا تقتصر على الاستعمال التقني بل تشمل السلوك والمواقف وتمثُّلات الأشخاص ذوي الصلة بالأداة التقنية(33). ويعتقد الباحث، جون غي لاكروا (Jean Guy Lacroix)، أن هناك خلطًا في المفهومين: الاستخدام والممارسة، ويقترح بدلهما مفهوم الاستخدامات الاجتماعية ويعني به "أنماطًا من الاستعمال التي تتجلى عبر تواترها في صيغة العادات المندمجة كليًّا في الحياة اليومية لتندرج في طائفة من الممارسات الثقافية السالفة وتنغرس فيها، ومن المحتمل أن تقاوم الممارسات المنافسة الأخرى أو ذات الصلة"(34).

يمكن أن ندرك في ضوء هذا الجدل أن نظرية الاستخدامات والإشباعات سطَّحت مفهوم الاستخدام وأفرغته من ثراء محتواه الاجتماعي. وبهذا تلتقي مع بعض النظريات المستقاة من البراديغم الوضعي التي لا تملك في حدِّ ذاتها أية قيمة ما عدا تلك المرتبطة بالأحداث والوقائع. فهي لا تكشف عن أي شيء من الواقع سوى ما تتضمنه الأحداث والوقائع ذاتها(35). ولم تستثمر ما أشار إليه السوسيولوجيان، بول لازارسفيلد وهيرتا هيرزوغ، عندما أكدا أن وسائل الإعلام قد تقوم بوظائف مختلفة عن تلك التي صُمِّمَت من أجلها ساعة اختراعها(36). فالاستخدام من منظور نظرية الاستخدامات والإشباعات يبدو فقيرًا ولا يملك السُّمْك الذي منحته له مدرسة الدراسات الثقافية. ولتوضيح هذه الفكرة، يمكن القول: إن الباحث ستيوارت هال (Stuart Hall)، أحد رواد هذه المدرسة، أكد أن بعض المفاهيم، مثل: "التأثير" و"الاستخدامات" و"الإشباعات" هي ذاتها مُؤَطَّرَة ببِنَى الفهم والاستيعاب، وبنى اجتماعية واقتصادية تصقل العملية التي تتجسد عبرها هذه المفاهيم في آخر حلقة في عملية التلقي، وهي التي تسمح بتحويل المعاني الدالة في اللغة إلى سلوك ووعي(37).  

لقد حاول تيار "سوسيولوجيا الاستخدامات أن يعطي سُمْكًا أمتن للاستخدام من خلال تبني مفهوم "التملك" (Appropriation)، أي إن كل مستخدم يبتكر وظائف خاصة به في استخدامه للوسيلة التقنية -الميديا- غير تلك التي صُمِّمَت من أجلها هذه الوسيلة أو يضيف إليها وظائف أخرى. 

تأسيسًا على ما سبق قوله، تبدو نظرية الاستخدامات والإشباعات عاجزة عن الإلمام بالظاهرة الإعلامية والاتصالية المعقدة في بيئة "الويب 2" والغوص في عمقها. فالحاجة العلمية لم تَعُدْ، في نظرنا، قائمة لمعرفة هل إن "الميديا الجديدة" تُشْبِع حاجة الناس للإعلام في ظل توافر الأخبار والمعلومات في المجتمعات المعاصرة إلى حد التُّخْمَة. فالضرورة العلمية أصبحت تملي على الباحثين الانشغال بالكيفية التي ينتقي بها الناس الأخبار، والاهتمام بأساليبهم الخاصة في التأكد من مصداقيتها في ظل تأخر أو عجز الكثير من وسائل الإعلام الكلاسيكية ومواقع الشبكات الاجتماعية عن محاربة الأخبار المزيفة من جهة، وضعف الكفاءة التقنية لدى المستخدمين في التحري عن صحتها من جهة أخرى. فهل تستطيع نظرية انتقال المعلومات عبر مرحلتين (of Information Two Step Flow)، على سبيل المثال، التي طورها بول لازارسفيلد وإليهو كاتز في 1955، أن تلبي هذا الانشغال؟  

كما لم تعد الحاجة العلمية قائمة أيضًا لمعرفة هل مواقع الشبكات الاجتماعية تُشْبِع حاجة مستخدميها لتعزيز شعورهم بالانتماء بعد أن تحوَّل قطاع واسع من مستخدميها إلى جماعات افتراضية؛ إذ نعلم جميعًا أن هذه المواقع فضاءات منفتحة نظريًّا، لكن ديناميكية تشكُّل هذه الجماعات الافتراضية تدفعها للانغلاق أكثر فأكثر في إطار ما يُعرف بـ"التوحد الرقمي" (Homophilia). فهل تسهم مواقع الشبكات الاجتماعية في تعزيز تنظيم المجتمعات على أسس إقصائية: طائفية وهوياتية بدل السعي لتجسيد فلسفتها القائمة على مساواة الجميع ومحاربة كل إقصاء؟

إن ممارسة الاتصال عبر مواقع الشبكات الاجتماعية أفرزت بعض المفارقات، نذكر منها أن المستخدمين يسعون جاهدين إلى إبراز ذواتهم وسردها لأسباب شتى، ويشتكون في الوقت ذاته من سطوة هذه المواقع التي "تنتهك" خصوصيتهم! فهل جوهر هذه المفارقة يكمن في تصورهم المشوَّه لهذه العُدَّة التكنولوجية أو في قلة كفاءاتهم التقنية؟ إن المنطق الوظيفي الذي تستند إليه نظرية الاستخدامات والإشباعات يعجز، في تقديرنا، عن معالجة هذه المفارقة. 

يستلزم استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية إدارة الهوية الرقمية، ولكل مستخدم استراتيجيته في ذلك؛ إنه يتفاوض على الحدود الفاصلة بين ما هو عام في حياته اليومية وما هو خاص، ونظرية الاستخدامات والإشباعات لا تستطيع الأخذ بيد الباحثين للكشف عن هذه الاستراتيجية.    

خلاصة

تتسم دراسة استخدامات الميديا في بيئة الويب بالتعقُّد؛ لأن "عدتها التقنو-تنظيمية" تزداد تشابكًا وتداخلًا، وتتضاعف من خلالها الفضاءات الرقمية التي تسهِّل تدفق المحتويات فيها(38). فالحاجة العلمية أصبحت تتطلب القدرة على تفكيك هذا التعقُّد واستجلاء تبعاته في الحياة اليومية.

والسؤال الذي واظبت نظرية الاستخدامات والإشباعات على الإجابة عنه طيلة نصف قرن، والمتمثل في: ماذا يفعل الجمهور بوسائل الإعلام؟ لم يعد، في نظر أصحاب البراديغم البنائي والتفهمي، يحظى بالأولوية، وربما بالأهمية، لأن الجمهور يتجه اليوم تدريجيًّا ليكون شريكًا في منتجات الميديا، وأن ما يقوم به أصبح مرئيًّا في مختلف المنصات الرقمية ويمكن ملاحظته. ويعتقدون أن السؤال المحوري الذي يتطلب إجابة وافية عنه يتمثل في: ما المعاني التي يمنحها مستخدمو مواقع الشبكات الاجتماعية لِما يقومون به في مختلف الشاشات أثناء القيام به؟ فالصراع الدائر اليوم هو صراع المعنى الذي نمنحه للأفعال والظواهر والتصورات.

ونميل إلى الاعتقاد بأن تعقُّد الظواهر الإعلامية والاتصالية في العالم المعاصر أصبح يتطلب تعدُّد العُدَّة المنهجية للإلمام بها من مختلف الجوانب قصد فهمها وشرحها. وهذا يستدعي الاستعانة بـــ"الميتا نظرية" (Metatheory) قبل الدعوة إلى توليف بعض النظريات لدراستها.  

نُشِرَت هذه الدراسة في العدد الثامن من مجلة لباب، للاطلاع على العدد كاملًا (اضغط هنا)

ABOUT THE AUTHOR

References

(1) Anabel Quan-Haase, Is the Uses and Gratifications Approach Still Relevant in a Digital Society? Theoretical and Methodological Applications to Social Media (Canada: FIMS Publications, 2012), 1-4.

(2) Elihu Katz, et al., “Uses and Gratifications Research,” Public Opinion Quarterly, Vol. 37, Issue 4, (Winter 1973): 509–523.

* بانيرج (Panurge) هو بطل الكاتب الفرنسي، فرنسوا رابلي (François Rabelais)، ومعناه -في اللغة اليونانية القديمة- الشخص الذي يعرف القيام بكل شيء؛ فقد تلاسَن مع مالك قطيع من الغنم، فاشترى منه رأس القطيع الذي يقود الأغنام ورماه في الماء فتبعته بقية الأغنام. وهكذا، تحوَّل "قطيع بانيرج" إلى قول مأثور للدلالة على محاكاة الغير فيما يقومون به، والامتثال إلى الفكرة المهيمنة واستبعاد كل معنى نقدي.

(3) Anabel Quan-Haase and Alyson L. Young, “The Uses and Gratifications (U&G) Approach as a Lens for Studying Social Media Practice,” in The Handbook of Media and Mass Communication Theory, eds. Robert S. Fortner and P. Mark Fackler (USA: John Wiley & Sons, Inc, 2014), 272. 

(4) أرموند وميشال متلار، تاريخ نظريات الاتصال، ترجمة نصر الدين لعياضي والصادق رابح، ط 3 (لبنان، المنظمة العربية للترجمة، 2005)، ص 52. 

(5) Gilles Willett, La Communication Modélisée: Concepts, Modèles, Caractéristiques et Limites )Canada: Édition du Renouveau Pédagogique, 1992), 475.

(6) هذه إحدى الانتقادات التي وجهتها الباحثة إين أنج، نقلًا عن:

“Criticisms of Uses and Gratifications Research,” Open Textbook Project, January 15, 2016, “accessed  March 22, 2020”. shorturl.at/txGIL.
(7) Denis McQuail, Mass Communication Theory, 6th  ed. (USA: SAGE Publications Inc, 2010), 504.

(8) Katz, et al., “Uses and Gratifications Research,”: 509–523.

(9) McQuail, Mass Communication Theory, 506.

(10) Quan-Haase and Young, “The Uses and Gratifications (U&G) Approach,”: 281.

(11) “Criticisms of Uses and Gratifications Research,” op, cit.

(12) محمد البشر، قصور النظرية في الدراسات الإعلامية، المجلة العربية للعلوم الإنسانية (جامعة الكويت، الكويت، العدد 83، 2003)، ص 104.

(13) للتوسع، انظر: نصر الدين لعياضي، "الرهانات الإبستمولوجية والفلسفية للبحث الكيفي: نحو آفاق جديدة لبحوث الإعلام والاتصال في المنطقة العربية"، مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب (الأردن، العدد 2، المجلد 10، 2013)، ص 1477.

(14) John Eighmey and Lola McCord, “Adding Value in the Information Age: Uses and Gratifications of Sites on the World Wide Web, Journal of Business Research, Vol. 3, no. 41, (1998): 187-194.

(15) صنفت إشباعات الإنترنت إلى صنفين: الإشباعات الأداتية المباشرة، ويقصد بها الرضا على العثور على المعلومات والسرعة في تحقيق ذلك، ثم الإشباعات النفسية غير المباشرة والمتمثلة في الرضا على الذات نتيجة التحكُّم في الأداة والإحساس بتطور الكفاءة الذاتية. بينما صنفت إشباعات استخدام التليفزيون التفاعلي إلى أربعة أصناف، وهي: النفعية، واللهوية، والاجتماعية، والأرغونومية (Ergonomic).

Sandrine Bensadoun-Medioni, “Le Modèle des Usages et Gratifications Appliqué à Internet et la Télévision Interactive,” Cahier de recherche de RDM, no. 3, (2010): 4-5.

(16) Anabel Quan-Haase and Alyson Young, “Uses and Gratifications of Social Media: A Comparison of Facebook and Instant Messaging,” SAGE Publications, no. 30-5, (2010): 350–361.

(17) Quan-Haase and Young, “The Uses and Gratifications (U&G) Approach,”: 274.

(18) انظر على سبيل المثال:

David Lindsey Williams, Why People Use Social Media: A Uses and Gratifications Approach: Qualitative Market Research (United Kingdom: Emerald Group Publishing Ltd,  June 2013), 362-369.

(19) انظر على سبيل المثال:

- Zhang Xu  Lineberry, “Uses and Gratifications on Social Networking Sites: Analysis of Use and Value of Social Networking Sites for Three Types of Social Capital on College Students” (Master of Science, Iowa State University, 2012).

- Joe Phua et al., “Uses and Gratifications of Social Networking Sites for Bridging and Bonding Social Capital: A Comparison of Facebook, Twitter, Instagram, and Snapchat,” Computers in Human Behavior, Vol. 72, (July 2017): 115-122.

(20) انظر على سبيل المثال:

Arun Vishwanath “The 360° News Experience: Audience Connections with the Ubiquitous News Organization,” Journalism and Mass Communication Quarterly, no. 85(1), (2008): 7-22.

(21) انظر على سبيل المثال وليس الحصر:

- Augustin J. Gallion, “Applying the Uses and Gratifications Theory to Social Networking Sites:  A Review of Related Literature,” academia, “accessed  April 20, 2020”. shorturl.at/HMOSW.

- Therrien Dany, Le Phénomène Facebook, usages et Gratifications (Mémoire de maîtrise, Faculté des arts, Département de Communication Université d’Ottawa, 2012).

- Bahire Efe Özad and Gülen Uygarer, “Attachment Needs and Social Networking Sites,” Social Behavior & Personality, no. 42, (2014).

(22) Shanyang Zhao, “Metatheory, Metamethod, Meta-Data-Analysis: What, Why, and How?,” Sage Journals, Vol. 34, no. 3, (1991).
(23) Fuhrman and Snizek, quoted by Shanyang Zhao, Ibid.

(24) Catherine Delvenne quoted by  Maria Atonia Braschwitz, Comment me Documenter? Guide Pratique de l'Usage de Formateur (France: Ed. De Boek, 2010(, 81.

(25) Vincent Beaucher, France Jutras, Étude Comparative de la Métasynthèse et de la Méta-Analyse Qualitative, Revue Recherches Qualitatives ,Vol. 27(2), (2007( : 58-77.

** من هذه المآخذ، يمكن أن نشير إلى سنِّ الطلبة الذي يتراوح ما بين 17 و24 سنة، وهم في الغالب الأكثر استخدامًا لمواقع التواصل الاجتماعي مقارنة مع بقية الشرائح العمرية، ولهم مستوى تعليمي يتدخل في اختيارات استخدامهم لمواقع الشبكات الاجتماعية، وأغلبهم نشأ وترعرع في بيئة رقمية، ومن ثم لا يعرف الإشباعات التي كانت تحققها وسائل الإعلام التقليدية لمستخدميها قبل ظهور شبكة الإنترنت. هذا، إضافة إلى تعدد استخدامهم لمواقع الشبكات الاجتماعية وتنوعه لأغراض شتى قد تختلف عن أغراض بقية مستخدمي هذه المواقع.

لمزيد من الاطلاع، يمكن العودة إلى ملخص هذه الدراسات التي ذكرتها كل من كاين هاس ويونغ، انظر:  

Quan-Haase and Young, The Uses and Gratifications (U&G) Approach, 282.

(26) انظر على سبيل المثال: بارعة حمزة، "استخدام أساتذة جامعة دمشق للإنترنت والإشباعات المحققة منها"، مجلة جامعة دمشق (سوريا، العدد 1 و2، المجلد 25، 2009)، ص 455-498.

(27) يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال:

 alexa.com, Google Analytics, AFS Analytics, Adobe Analytics, pipl.com, Hootsuite.

(28) انظر على سبيل المثال: آلاء محمد رشيد عبد الله الرشيد، استخدامات شبكتي التواصل الاجتماعي، الفيسبوك والتويتر، والإشباعات المتحققة لدى طلبة الجامعات الأردنية (ماجستير، كلية الإعلام، جامعة الشرق الأوسط، عمان، 2013).

(29) Serge Proulx, “La place des Objets Techniques dans la Communication Contemporaine,” in Alain Gras et Pierre Musso, éds., Politique, communication et technologies. Mélanges en Hommage à Lucien Sfez )France: édition P.U.F., 2006(, 381-394.

(30) جون مارك فيري، فلسفة التواصل، ترجمة عمر مهيبل، (لبنان، الدار العربية للعلوم، 2006)، ص 6.

(31) للعثور على عناصر الإجابة عن هذه الأسئلة يمكن الرجوع إلى الدراسة التي أعدها نصر الدين لعياضي "رهانات الاتصال في ظل الميديا الجديدة"، wordpress، 2017، (تاريخ الدخول: 20 فبراير/شباط 2020)، https://wordpress.com/page/nlayadi.com/66.

(32) للاطلاع على رواد هذا التيار والباحثين الذين استعانوا به في بحوثهم عن العُدَّة التكنولوجية، يمكن العودة إلى:

- Fabien Granjon, “Problématiser les Usages Sociaux des Technologies d’Information et de Communication: Un Regard Français Critique,” Canadian Journal of Communication, Vol. 39,  no. 1, (2014( : 121- 136.

(33) Josiane Jouët, “Pratiques de Communication et Figures de la Médiation,” Revue Réseaux, no. 11(60), (1993( : 99–120.

(34) Lacroix, quoted by Florence Millerand, “Usages des NTIC: Les Approches de la Diffusion, de l’Innovation et de l’Appropriation (1e partie),” Commposite, (1998.( “accessed February 20, 2020”. shorturl.at/auJR7.

(35) Yann Bertacchini, Petit Guide à l’Usage de l’Apprenti-Chercheur en Sciences Humaines et Sociales. Essai Epistémologie et Méthodologie de Recherche en  Sciences de l’Information et de la Communication: Epistémologie et Méthodologie de Recherche en Sciences de l’Information et de la Communication, )2009), “accessed April 10, 2020”.shorturl.at/lpFHI.

(36) Quoted by Sandrine Bensadoun-Medioni, “Le Modèle des Usages et Gratifications Appliqué à Internet et la Télévision Interactive,”: 4-5.

(37) Stuart Hall quoted by Pertti Alasuutari, Rethinking the Media Audience, The New Agenda (USA: SAGE Publications, 1999), 13.

(38) Dominique Carré, “Étudier les Usages. Est-ce Encore Nécessaire?,” in Geneviève Vidal, (dir.),  La sociologie des usages, Continuités et transformations, )France: édition Lavoisie, 2012(, 72.