أزمة إقليم تيغراي: تبعاتها المحلية وتداعياتها الإقليمية

تبحث الورقة أسباب وخلفيات الصراع المسلح الذي دار في إقليم تيغراي بين جبهة تحرير شعب التيغراي والجيش الإثيوبي، وتستخدم آلية التتبُّع السَّببي في مقاربة جذور الصراع في إثيوبيا منذ فترة الإمبراطورية الملكية التي حكمت إثيوبيا (أرض الحبشة سابقًا) لمدة قرون، والتي أطاح بها الجيش، عام 1974، بعد سلسلة من الانقلابات والاحتجاجات الشعبية. كما تستعرض الورقة إشكاليات الصراع السياسي في النظام الإثيوبي الذي تتجاذبه الإثنية الفيدرالية والمركزية، وترصد أبعاده وتداعياته العسكرية محليًّا وإقليميًّا.
أثارت العملية العسكرية لردع تمرد جبهة تحرير تيغراي تأثيرات داخلية وإقليمية، حيث ارتفع عدد اللاجئين الإثيوبيين في السودان إلى أكثر من 71 ألفًا (رويترز)

عكست أزمة إقليم تيغراي جانبًا من إرث الصراع الإثني في إثيوبيا بعد انتهاء فترة حكم الإمبراطورية الطويل، والتي رافقت مسيرة التاريخ القديم والحديث في أرض الحبشة. مثَّلت إثيوبيا منذ تولي آبي أحمد زمام السلطة، عام 2018، حالة متميزة في إفريقيا، لاسيما التطورات الاقتصادية والتنموية التي حققتها أديس أبابا، وشكَّلت نموذج الصعود الإفريقي نحو تحقيق تنمية مستدامة؛ حيث جذبت أنظار المستثمرين، وشهدت تدافعًا دوليًّا نحوها رغم كونها دولة حبيسة في القرن الإفريقي. تعاني إثيوبيا من صراعات عسكرية وسياسية، وهو صراع تجلَّى عقب النزاع العسكري في إقليم تيغراي بين الحكومة الإثيوبية والإقليم الفيدرالي؛ ما قد يُنذر بحرب أهلية إثيوبية محورها تفسيرات دستورية للحكم والانتقال الديمقراطي للسلطة، لتشمل تداعيات تلك الحرب دولًا عدة في الجوار الإثيوبي، وخاصة كلًّا من السودان والصومال وجنوب السودان، وهي حرب ستوقف عجلة النهضة الاقتصادية في إثيوبيا وتُعيق تحقيق أرباح جيدة من الاستثمار الإثيوبي الضخم في مشروع سدِّ النهضة، بعد فشل جهود التسوية الإقليمية بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم.

ترصد هذه الورقة باستخدام آلية التتبُّع السَّببي جذور النزاع في إثيوبيا، وخاصة في فترة ما بعد السبعينات من القرن الماضي؛ حيث كانت إثيوبيا متخمة بانقلابات عسكرية وصراعات إثنية بين قومياتها، إلى جانب إعادة قراءة قومية التيغراي، والإجابة على أسئلة تتعلق بماضيهم وتاريخهم ومطالبهم السياسية، واستشراف مآلات الصراع الراهن مع النظام الإثيوبي، ورصد مجموعة من السيناريوهات حول آفاق المستقبل في النظام الإثيوبي.  

1. جذور النزاع في إثيوبيا: من الملكية إلى الإثنية الفيدرالية

إثيوبيا الحديثة، أو (الحبشة) حسب التسمية القديمة، هي دولة ضاربة في القدم، وواحدة من أقدم الحضارات المعروفة عبر التاريخ الإنساني. برزت سطوة إثيوبيا وهيمنتها على مجريات منطقة القرن الإفريقي في أعقاب ظهور إمبراطوريات منليك الأول والثاني. ففي الربع الأخير من القرن التاسع عشر، شنَّ "الأباطرة الإثيوبيون"، وبخاصة منليك الثاني (1889-1913)(1) العقل المدبر للإمبراطورية الحبشية، حربًا توسعية على شعوب المنطقة، وذلك بمساعدة القوى الأوروبية الاستعمارية، أثناء غزوها لإفريقيا، قبل وبعد مؤتمر برلين الثاني 1884-1885، وهي الحروب التي أسفرت عن الاستيلاء على الأقاليم المجاورة، وضمِّ إقليم الصومال الغربي وإقليم هرر، تحت إدارة الإمبراطورية (الحبشية)، حيث كانا ضمن حدود ما يُعرف بـ"إمارة عدل الإسلامية".

واتسم الإرث الثقافي السياسي في إثيوبيا بالتقلبات المفاجئة بين الفينة والأخرى حتى قضت تلك الأحداث المتسارعة على آخر نظام ملكي فيها عام 1974، حينما جرى انقلاب عسكري أنهى حكم الإمبراطور هيلاسيلاسي آخر أباطرة إثيوبيا.

في ذلك العام، تحوَّلت إثيوبيا إلى جمهورية، وتولَّى العسكر الحكم، وبرز من بينهم ضابط برتبة متوسطة هو منغستو هيلامريام، تمكَّن من السيطرة على مفاصل القرار بشكل قوي حتى العام 1991، حينما تعرضت قواته للهزيمة بعد حرب أهلية طويلة ودموية، أمام تحالف من ائتلاف يُسمَّى "الجبهة الثورية الديمقراطية لشعوب إثيوبيا"، وكان أبرز أركانه جبهة تحرير تيغراي فضلًا عن "منظمة شعب الأورومو الديمقراطية"، و"حركة الأمهرا الوطنية الديمقراطية"، و"الحركة الديمقراطية لشعوب وقوميات جنوب إثيوبيا"(2).

بعدما سيطر التحالف الجديد على السلطة، هيمنت جبهة تحرير تيغراي على الجهاز الإداري في البلاد، ووصلت نسبة القادة المنتسبين إليها في المناصب العليا في المؤسسة العسكرية وحدها إلى 90% من مجموع قادة الجيش الإثيوبي، بالإضافة إلى استحواذ أبناء هذه القومية على المناصب الإدارية في الشركات المدنية التي تديرها الدولة، وهي ظاهرة تواصلت بشكل قوي منذ عام 1994 وحتى العام 2018.

وبالعودة إلى إرث الصراع في إثيوبيا، فإن إثيوبيا الحديثة تعد امتدادًا للإمبراطورية الحبشية التي حكمت هذه المنطقة في الفترة ما بين (1855-1955)، وتوسعت مساحتها الجغرافية لتشمل منطقة هود وإريتريا عقب الحرب العالمية الثانية (1939-1945). وقد سادت قومية الأمهرا تلك الإمبراطورية التي كانت تحكم نحو 80 قومية مختلفة، وجعلت من لغتها "الأمهرية" لغة الدولة، بينما أصبح المذهب المسيحي الأرثوذكسي، الذي تؤمن به هذه القومية، الديانةَ الرسمية للبلاد، وجرى تعميم الثقافة الأمهرية عبر الأراضي التي ضمَّت شعوب وقوميات إثيوبيا.

لكن الإمبراطورية (الإثيوبية) الأمهرية (1270-1974) واجهت في النصف الثاني من القرن العشرين تناقضات وتحديات في تأسيس نظام جديد للحكم، عقب تَحرُّر أغلب بلدان إفريقيا من سطوة المستعمر الأوروبي، فعلى الرغم من محاولات الإمبراطور هيلاسيلاسي نقل الدولة الإثيوبية من عهد الإقطاع إلى عهد الدولة الحديثة، إلا أن الجهاز الإداري كان في نفس الوقت بأيدي النبلاء بحكم موقعهم التاريخي كطبقة حاكمة، حتى أتت لحظة الانقضاض عليه من العسكر(3).

وأنتجت تلك التراكمات والصراعات بين شعوب إثيوبيا من جهة، وقومية الأمهرا المتمثلة في النظام الملكي من جهة ثانية، صراعات وحركات تحررية؛ حيث إن مضامين "التحرير والتحرر" تضمنت أسماء الجبهات والحركات المسلحة في إثيوبيا، مثل: جبهة تحرير قومية تيغراي (TPLF) وجبهة تحرير أورمو (OLF)، أما في الإقليم الصومالي فنهضت جبهة تحرير الصومال الغربي (WSLF) وجبهة تحرير أوغادينيا (ONLF)؛ ما يشير إلى أن فكرة التحرر من النظام الإقطاعي كانت السائدة والموحِّدة بين شعوب إثيوبيا. لكن الطبقة الأمهرية القريبة من النظام الإمبراطوري كانت تؤمن بإصلاح النظام فقط، وترى أن الثورة عليه ومهاجمته تهدد وحدة وجغرافية إثيوبيا أرضًا وشعبًا، وهو ما أنتج أفكارًا متناقضة وذاكرة مليئة بالازدواجية وشعوبًا تحمل إرثًا متعددًا من الصراعات السياسية والتظلم الاجتماعي.

وقد تسبَّب هذا الجدل والخلافات في تأسيس قاعدة الصراعات الداخلية في إثيوبيا، المكونة من 10 ولايات فيدرالية، وأصبح شائعًا منذ الإطاحة بالإمبراطور هيلاسيلاسي ألا يظهر نظام حكم إلا وتظهر معه ثورة مسلحة مناهضة له، فبداية من ثورة الإريتريين المناضلين من أجل الاستقلال في عهد هيلاسيلاسي إلى ثورات الحركات المسلحة التي كانت في صراع مسلح ضد نظام ميليس زيناوي -ممثلًا في ائتلاف الحكم المكون من أربع جبهات عرقية والمعروف اختصارًا بـ(EPRDF)- فإن إثيوبيا لم تخل من تمرد مسلح(4) والصراع في إقليم تيغراي خير شاهد على ذلك.

ويمكن تلخيص أهم أحداث المشهد السياسي في إثيوبيا منذ سبعينات القرن الماضي في النقاط التالية:

- إسقاط هيلاسيلاسي (1930-1974) وانتهاء الملكية: سقطت الإمبراطورية الإثيوبية نتيجة سلسلة ثورات وانقلابات عسكرية شهدتها إثيوبيا في فترات متلاحقة قادتها الجبهات الإثيوبية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، إلى جانب حركة احتجاجات طلابية شكَّلت جبهة تحرير تيغراي نواة لها. وقام المجلس الإداري العسكري المؤقت المعروف بالـ"ديرغ" (Derg)* ذو التوجه الماركسي بالإطاحة بالإمبراطور هيلاسيلاسي، في 12 سبتمبر/أيلول 1974، وأتى بحكومة اشتراكية عسكرية. وقد سيطر المقدم منغستو هيلامريام لاحقًا على السلطة العسكرية، وحصل على التمويل والدعم من الاتحاد السوفيتي ليُؤَسِّس نظامًا شموليًّا ويُعَسْكِر الدولة.

واتُّهِم المجلس الإداري العسكري المؤقت بتصفية الآلاف من "الأعداء المشتبه فيهم"، بين عامي 1977 و1979، فيما كان يُعرف بـ"الرعب الأحمر". وبعد أن أسكت فعليًّا جميع المعارضين، أعلن المجلس الإداري العسكري المؤقت رسميًّا دستورًا شيوعيًّا، في عام 1987(5). وكان تشكيل هذا النظام العسكري في إثيوبيا من نتائج زوال الإمبراطورية الحبشية وصعود العسكر في المشهد الإثيوبي كحال بلدان إفريقية عدة اعتلى فيها ضباط من الجيش صدارة المشهد السياسي.

- الإطاحة بالنظام العسكري الـ"ديرغ" (1974-1991): انتهى الحكم العسكري بزعامة منغستو هيلامريام، عام 1991، على أيدي الثوار من معارضيه. كانت جماعات من المتمردين قد اندمجت بقيادة جبهة تحرير تيغراي، والجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي، بهدف إسقاط نظام منغستو، وساعدت سلسلة من المجاعات وحالات العصيان في إقليم تيغراي والحرب الصومالية-الإثيوبية، عام 1977، على انهيار المجلس الإداري العسكري المؤقت، عام 1991.

شكَّلت الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي وجبهة تحرير أورومو حكومة انتقالية، عام 1991، بينما أعلنت إريتريا استقلالها عن إثيوبيا بعد سقوط المجلس الإداري العسكري المؤقت بأسبوع واحد. وشكَّلت الحكومة الانتقالية بعد انتخابات 1992 لجنة دستورية لصياغة دستور جديد. وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 1994، أعلنت الجمعية التأسيسية -المكونة من 547 عضوًا- الدستور الحالي، مؤسِّسةً جمهورية إثيوبيا الاتحادية الديمقراطية(6)، لكن جبهة تحرير تيغراي، انقلبت حينها على بقية الجبهات، وقامت باستبعادها من المشهد السياسي بالتتابع، بدعم من جيش الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا التي سيطرت على المشهد في إريتريا آنذاك، وسمحت منذ ذلك العام بتشكيل أحزاب ضعيفة لتمثيل القوميات(7).

- عهد الانفتاح السياسي (آبي أحمد) 2018: هيمنت جبهة تحرير تيغراي على مفاصل الدولة لمدة 24 عامًا، لكن الأوضاع انقلبت ضدها بعد صعود آبي أحمد نتيجة سلسلة من الاحتجاجات التي اندلعت في إقليم أوروما وأمهرا، والتي غيَّرت المشهد الإثيوبي ودفعت رئيس الوزراء هايلي مريام ديسالين، في النهاية إلى الاستقالة.

اختار التحالف الحاكم آبي أحمد رئيسًا للحكومة، لكنه واجه عقبة جوهرية للإمساك بالحكم، وهي جبهة تحرير تيغراي، التي كانت القوة الأكثر تسليحًا وخبرة في القتال، وتضم 250 ألف مقاتل، يشكِّل أعضاؤها قادة الجيش الاتحادي وجهاز المخابرات الإثيوبي؛ الأمر الذي عجَّل المواجهة بين رجل قوي صاعد، وجبهة متغلغلة في عمق ومفاصل الدولة، خاصة بعدما بدأ آبي أحمد في إزاحة رجال التيغراي من هيمنتهم على جسد ومقدرات الدولة الإثيوبية، نتيجة تورط قادة التيغراي في ملفات فساد كشفتها حكومة آبي أحمد، وهي تهم كانت تُثار خلف الستار خلال العقود الثلاث التي حكمت فيها الجبهة. وعندما سعى رئيس الوزراء إلى صهر تحالف الأحزاب الحاكمة الممثلة لعدة أعراق في حزب واحد، رفضت جبهة تحرير تيغراي الانضمام إلى هذا الحزب، والتحق قادتها بإقليمهم، وكان ذلك بداية الطلاق البائن بين قيادات الجبهة ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد(8).

وفي 9 سبتمبر/أيلول عام 2020، اتجهت الأوضاع بين الحكومة الاتحادية وجبهة تحرير تيغراي نحو الأسوأ، في أعقاب خلافات حول تنظيم الانتخابات في موعدها أو تأجيلها نتيجة جائحة كورونا، وهو ما فجَّر صراعًا محتدمًا بين الجانبين في نهاية المطاف؛ حيث اكتسح الجيش الإثيوبي الاتحادي بعدها إقليم تيغراي وأنهى التمرد العسكري للجبهة باعتقال قائدها، سبحت نغا، في يناير/كانون الثاني 2021، وسقوط عاصمة الإقليم، مقلي، بيد الجيش الاتحادي.

ويمكن القول: إن ثلاثة فاعلين رئيسيين تحدد مسار ومصير النظام السياسي في إثيوبيا، وهي: نظام الفرد، وبيروقراطية الإقطاع، والثورة الدائمة. والجدير بالذكر أن الثورات في تاريخ إثيوبيا الحديث تراوحت بين ثورات هدفها الاستقلال التام عن الدولة الإثيوبية، وأخرى كانت تهدف إلى تغيير نظام الحكم وإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية مع المحافظة على كيان هذه الدولة. ومن ثورات الصنف الأول هناك الثورة الإريترية التي انتهت باستقلال إريتريا وانفصالها عن إثيوبيا، عام 1993، والثورات التي قامت بها -ولا تزال- حركات مثل جبهة تحرير أوغادينيا (ONLF) وجبهة تحرير أورومو (OLF)، بينما تمثَّل النوع الثاني من الثورات في إسقاط نظام الحكم، والتي قادها الضباط بقيادة منغستو هيلامريام وأسقطت نظام الإمبراطور هيلاسيلاسي، ثم التمرد المسلح الذي قادته جبهة تحرير تيغراي بقيادة ميليس زيناوي (TPLF) والجبهات المتحالفة معها لإسقاط نظام منغستو، وحركة "جيمبوت" المناهضة لنظام ميليس زيناوي، بينما الثورة الثالثة تمثَّلت في الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها إثيوبيا، عام 2018، والتي استلم الحكم بموجبها على نحو سلمي رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد(9).

2. التيغراي: من هم؟ وماذا يريدون؟

يُعرِّف الدكتور جلال الدين محمد "التيغراي" بأنهم من الأحباش ذوي الأصول السامية، وأصل منطقتهم أكسوم، عاصمة الحبشة الأولى، فهم من العناصر الأكسومية، ويمثِّلون 6% من سكان إثيوبيا البالغ عددهم نحو 115 مليون نسمة، والغالب منهم مسيحيون أرثوذكس، بينهم أقلية مسلمة تُعرف بـ"الجبرتة" قُدِّرت بنحو 175 ألف نسمة، وتمثِّل حوالي 4% من جملة سكان التيغراي، ويلاحَظ من التقديرات الإحصائية أنهم أقلية قليلة جدًّا، مقارنة بالمتدينين الأرثوذكس، وأكثرية مقارنة بالبروتستانت والكاثوليك.

جغرافيًّا، تقع مناطق تيغراي في شمال إثيوبيا على الحدود الإريترية، يحدها من الشمال والشمال الشرقي دولة إريتريا، ومن الغرب دولة السودان، ومن الجنوب الشرقي والجنوب الغربي تحدها على التوالي منطقة ولو الأمهرية وإقليم العفر الذي تسكنه القومية العفرية ومنطقة جوندار الأمهرية وعاصمتهم مقلي(10)

وبحكم صنوف القمع والتهميش الذي تعرضت له القوميات الإثيوبية على أيدي الأنظمة الملكية المستبدة في إثيوبيا لقرون طويلة، ثارت تلك القوميات والشعوب الإثيوبية أخيرًا، لاسيما في النصف الثاني من القرن الماضي، وكانت جبهة تحرير تيغراي من بين الجبهات التي اعتلت صدارة مشهد ثورة التغيير التي أطاحت بالنظام الإمبراطوري، وتبنَّت النهج الماركسي اللينيني الذي عصف بالإمبراطورية الإثيوبية في الستينات والسبعينات، في وقت كانت نخبة الأمهرة تسيطر على البلاد.

واستلهم بعض الطلاب من أقلية التيغراي "نظرية القوميات" التي وضعها الزعيم السوفيتي، جوزيف ستالين، لتأسيس جبهة تحرير شعب تيغراي. وروى أحد قادة الحركة، أريغاوي بيرهي، أن الجبهة تشكَّلت في فبراير/شباط 1975 حول "حفنة من الرجال مع أربع بنادق"، يُحرِّكهم "وعي إثني-قومي مستمد من تراكم مطالب سكان تيغراي ضد السلطات المركزية المتعاقبة في إثيوبيا". وكان من أهداف هذه الجبهة "حق تقرير المصير التيغراي داخل النظام الإثيوبي". وبعد إطاحة الإمبراطور هيلاسيلاسي، قامت الحكومة العسكرية المؤقتة لإثيوبيا الاشتراكية، السلطة الجديدة العسكرية الماركسية، بقمع المطالب القومية العديدة بشدة. وعمدت جبهة تحرير شعب تيغراي شديدة التنظيم والانضباط إلى تعزيز صفوفها وتصدَّرت الكفاح المسلح ضد السلطة العسكرية. وفي نهاية الثمانينات، تمكَّنت بمساعدة المتمردين الإريتريين من صد الجيش الإثيوبي والاستيلاء على معدات عسكرية ضخمة سمحت للجبهة بتصدُّر واجهة التمرد العسكري ضد النظام، وخاصة عندما اتحدت مختلف المجموعات المسلحة ضمن صفوف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية، وتولَّى قيادتها ميليس زيناوي (1955-2012)، قائد جبهة تحرير تيغراي.

ويعود نجاح هذه الجبهة في قتالها ضد النظام العسكري إلى حشد مؤيديها وراء أيديولوجية القومية التيغرية، فكانت أكثر تجانسًا، ومعظم سكانها يتشاركون لغة واحدة ودينًا واحدًا. وكان من المتوقع إقناع النخبة السياسية التيغرية للحركات الأخرى بأن الاستقرار المستقبلي والسلامة الإقليمية للبلد يعتمدان على منح هذه الأعراق الحكم الذاتي الإقليمي. علاوة على ذلك، فإن القيادة التيغرية لم تكن أقل تشبعًا من سابقاتها بأيديولوجية السيطرة المركزية، التي كانت المفهوم السائد للحكم في إثيوبيا منذ النصف الأخير من القرن الحادي عشر. ويبدو أنها تأثرت أيضًا بالفكر الماركسي اللينيني، وما يشتمل عليه من حق تقرير المصير القومي، بما في ذلك حق الانفصال(11).

3. النزاع العسكري في إقليم تيغراي

في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020، تحوَّلت نار الخلافات السياسية المشتعلة بين قيادات جبهة تحرير تيغراي والحكومة الإثيوبية برئاسة آبي أحمد إلى صراع عسكري مشتعل، استمر لمدة شهر تقريبًا، قُضي بموجبه على جبهة (TPLF)، أحد المكونات الأساسية للحزب الحاكم السابق ضمن ائتلاف "الجبهة الديمقراطية الثورية لشعوب إثيوبيا" (EPRDF)، الذي حكم البلاد مدة 23 عامًا حتى العام 2018. ويُرجع كثيرون أسباب النزاع في إقليم تيغراي بين الحكومة الفيدرالية وحكومة إقليم تيغراي إلى أزمة دستورية وسياسية تدور محاورها في كيفية إدارة عملية الانتقال الديمقراطي عقب تأجيل الانتخابات، في يونيو/حزيران 2020. كما أن قيادات تيغراي رفضت التغييرات التي أحدثتها ثورة أمهرا وأورومو منذ عام 2015، والتي دفعت رئيس الوزراء الإثيوبي، هايلي مريام ديسالين (من التيغراي)، إلى الاستقالة تحت ضغوط أميركية وغربية، وقد تطور النزاع السياسي بين التيغراي والإصلاحيين الجدد بزعامة آبي أحمد منذ عام 2018.

1.3. خلفيات وأسباب الصراع

ثمة خلفيات عميقة للصراع فيما يتصل بإقليم تيغراي، فقد كان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قد حاز جائزة نوبل للسلام عام 2019، عقب اتفاقية السلام التاريخية التي وقَّعها مع الجارة، إرتيريا، والتي أنهت عقدين من العداء والصراع العسكري، وهو ما اعتُبر في حينه خطوة تُدخل منطقة القرن الإفريقي في عهد جديد من الاستقرار، لكن تلك الاتفاقية تسببت في غضب واحتقان وسط جبهة تحرير شعب تيغراي التي تسيطر على السلطة في إقيلم تيغراي؛ فقد اعتبرت الجبهة أن اتفاقية السلام بين أسمرا وأديس أبابا، عام 2018، تهدف إلى إقصاء تيغراي من المشهد الإثيوبي؛ حيث يعتبر الإقليم أن النظام الإريتري هو عدوه التاريخي، وهو ما أسهم في تأجيج الخلافات بينه والحكومة الفيدرالية.

ويمكن إيجاز أسباب النزاع العسكري في إقليم تيغراي في المحاور الآتية:

- إقصاء جبهة تحرير تيغراي من المشهد: منذ وصول آبي أحمد إلى السلطة، عام 2018، بدأ جملة من الإصلاحات السياسية وألقى حجرًا في المياه الراكدة لإصلاح الأعطاب التي أفسدت علاقات أديس أبابا مع جيرانها، وخاصة النظام الإريتري. وبدأ في تنفيذه وعوده بالإصلاح السياسي، داخليًّا وخارجيًّا. لكن، وبحسب مراقبين، فإن السياسة الداخلية التي اتخذها مسارًا للتغيير من الداخل، جلبت له شعبية واسعة إثر إطلاق سراح العديد من قيادات المعارضة التي كانت وراء القضبان لسنوات طويلة وربما لعقود، وخاصة أثناء فترة تولي "جبهة تيغراي" مقاليد الحكومة. كما أن سياساته استهدفت أيضًا مواجهة الفساد والمتورطين فيه؛ حيث أقال العديد من قيادات ورموز الحكم من المؤسسات المختلفة للدولة، لتحل محلهم كوادر جديدة من قوميتي الأورومو والأمهرا، فبعد إقالة رئيس أركان الجيش الإثيوبي، الجنرال سمورا يونس (وهو من التيغراي)، عيَّن الجنرال سييرا ميكونين (من الأمهرا)، كما عيَّن نائبًا لرئيس الأركان، الجنرال بيرهاني جولا (من الأورومو). وعيَّن لقيادة القوات الجوية الإثيوبية الجنرال ييلما ميرداسا (من الأورومو). وأُقيل أيضًا رئيس المخابرات الإثيوبية، الجنرال غيتاشو أسيفا (من التيغراي)، ليحل محلَّه الجنرال آدم محـمد (من الأمهرا). ومن المعروف أن إقليمي الأورومو والأمهرا كانا مركز الاحتجاجات التي انتهت باستقالة ديسالين ومجيء آبي أحمد، عام 2018(12)

وبعد هذا الإقصاء وإزاحة رموز وقيادات تيغراي من المشهد، شعر قادة جبهة تحرير تيغراي بحركة تغيير واسعة تستهدف وجودهم في النظام السياسي في البلاد، ولم تمر عملية إقصاء تلك الجبهة بشكل سلس، وخلقت صراعًا بين الجبهة والحكومة الفيدرالية، وهو صراع يمكن تجنبه من خلال سياسات دمج وإعادة ترتيب الأوراق بشكل لا يستهدف قومية على حساب أخرى، لكن ما حصل جرى فهمه بأنه إقصاء لقومية بأكملها من المشهد الإثيوبي، وهو ما تسبب في تداعيات كانت حرب تيغراي من أبرز صورها.

- الأزمة الدستورية: بحسب الدستور الإثيوبي، يجب عقد انتخابات عامة كل خمس سنوات، إلا أن الدستور لم يحدد الخطوات اللازمة في حال لم تتمكن الحكومة القائمة من عقد الانتخابات في موعدها المحدد لأي طارئ، كما هي الحال الآن مع جائحة كورونا، وهي سابقة سياسية ودستورية؛ حيث لم تواجه إثيوبيا من قبل ظروفًا تحتم عليها تأجيل الانتخابات(13). وقد أدى تأجيل إجراء الانتخابات إلى دخول البلاد عمليًّا في فراغ دستوري، ومن ثم أزمة سياسية كبرى. وفي محاولة لتجنب التداعيات السياسية لذلك الفراغ، تقدمت الحكومة، عبر نائب المدعي العام، في 30 أبريل/نيسان 2020، بأربعة مقترحات لحل الأزمة الدستورية التي تلوح بالبلاد، وهي: حل البرلمان، وإعلان حالة الطوارئ، وتعديل الدستور، ورابعًا: المطالبة بتفسير دستوري. وفي 5 مايو/أيار 2020، اعتمد البرلمان التوصية الرابعة (التفسير الدستوري)، وأوصت لجنة التحقيق الدستوري، في 6 يونيو/حزيران 2020، بتمديد فترة أعضاء البرلمان والمجلس الفيدرالي والمجالس الإقليمية والمسؤولين التنفيذيين والإقليميين وإجراء الانتخابات في فترة تتراوح بين 9 إلى 12 شهرًا، ليعتمد المجلس الفيدرالي، في 10 يونيو/حزيران، تلك التوصيات. بينما اعتبرت القوى المعارضة الرئيسة بالبلاد أن كافة المؤسسات الفيدرالية، بعد تاريخ الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 2020، ستكون غير دستورية، ودعت المعارضة إلى تنظيم حوار وطني شامل لإيجاد مخرج من تلك الأزمة(14). لكن آبي توعَّد بإجراءات حاسمة للحفاظ على الاستقرار والاستمرار، وقد مثَّل هذا المأزق الدستوري في إثيوبيا جزءًا من المعضلة الداخلية في البلاد بين رافض لفكرة الحكومة الانتقالية ومصرٍّ على شرعية الحكومة الاتحادية التي تسلك مسارها نحو استباب أمن البلاد ونهضته اقتصاديًّا.

- تأجيل الانتخابات: مثَّل إعلان تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في أغسطس/آب 2020 النقطة التي أفاضت كأس الخلافات المحتدمة بين القوى المتصارعة؛ حيث مهَّدت الطريق لنزاعات دستورية، واتهمت المعارضة رئيس الوزراء باستخدام الوباء ذريعة لتمديد ولايته بصفة غير قانونية. وشجبت جبهة تحرير شعب تيغراي القرار، ووصفته بأنه "غير دستوري"، وأعلنت أنها ستُجري من جانب واحد انتخاباتها الإقليمية في الوقت المقرر. واتخذت جبهة تحرير تيغراي مسارًا تصعيديًّا للأزمة، عندما أجرت الانتخابات في الإقليم، في 9 سبتمبر/ أيلول عام 2020، لكن حكومة إثيوبيا المركزية رفضت السماح للجنة الانتخابات المركزية بالإشراف عليها، ورفضت كذلك الاعتراف بنتائجها، وأوقفت عنهم التمويل المالي، ومنعت الحكومة الفيدرالية التحويلات البنكية بين إقليم تيغراي وبقية الأقاليم في إثيوبيا(15). وأجَّج هذا النزاع الدستوري بين الجانبين حلقة الصراع في إثيوبيا التي تحوَّلت لحريق مشتعل في إقليم تيغراي منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

- تمرد التيغراي على السلطة: أعلنت حكومة إقليم التيغراي عن عدم انصياعها لقرارات الحكومة الاتحادية، من خلال رفضها قرارًا اتحاديًّا لتغيير إدارة القيادة الشمالية للجيش، والتي يقع مقرها في الإقليم، وتضم قيادات معروفة بتعاطفها مع قضايا الإقليم في مواجهة الحكومة الفيدرالية وإريتريا بسبب خلافات حدودية واتهامات لإريتريا بالتدخل في الإقليم. كما أغلقت الحكومة المحلية مجالها الجوي أمام الطيران المدني، وحذَّرت من أي تحرك عسكري تجاه الإقليم، وأقدمت على شنِّ هجوم على القوات الفيدرالية في الإقليم، لتفجر تلك الخطوة صراعًا مسلحًا، في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، والذي مهَّد الطريق لتدخل الجيش الإثيوبي في الإقليم، وتأليف حكومة مؤقتة في العاصمة، مقلي، وإجراء انتخابات جديدة لانتخاب حكومة جديدة للإقليم، لينهي بذلك عصر هيمنة جبهة تحرير تيغراي على مفاصل النظام الإثيوبي لمدة تربو على ثلاثة عقود(16).

2.3. الإثنية الفيدرالية مقابل المشروع الوحدوي

تكمن مشكلة الصراع التاريخية والحديثة في إثيوبيا في النزعة الإثنية والهوية القومية ومدى ملاءمة النظام الفيدرالي الإثني لأن يكون نظام حكم يورث استقرارًا سياسيًّا ونهضة اقتصادية لإثيوبيا. وعلى ما يبدو، أصبحت الإثنية الفيدرالية الراهنة حاليًّا جوهر الصراعات المتكررة منذ عام 1974، وحلَّ محلها شعارات الهوية القومية التي رافقتها فلسفة البنادق التي يعلو صوتها تارة وتخبو جذوة نارها تارة أخرى، ولعل النزاع المسلح في إقليم تيغراي هو انعكاس لما ترتب على إرث الأنظمة الإثنية التي قامت على أساس هيمنة قومية (الأقلية) وتفردها بالحكم على حساب قوميات أخرى (الأكثرية)، أي طبقًا لفلسفة الحكم المبنية على نظام الفرد وبيروقراطية الإقطاع والثورة المسلحة. ولهذا قامت الفلسفة السياسية للجبهة الثورية على تقديم نظام "الفيدرالية الإثنية" باعتباره العلاج الناجع لماضي البلاد.

لكن وصول آبي أحمد إلى سدة الحكم، عام 2018، غيَّر المعادلة والفلسفة السياسية للبلاد، وأتى بفلسفة جديدة للحكم، تُعرف محليًّا بـ"Medemer" (وتعني باللغة الأمهرية: معًا أو التآزر)، وتسعى لتقديم أطروحة مغايرة تمامًا تقطع مع نظام الفيدرالية الإثنية؛ إذ "يجادل آبي أحمد بأن القومية الإثنية يمكن أن تمضي يدًا بيد مع ما يدعوه بـ"القومية المدنية"، والتي تركز على الحقوق الفردية". وكخطوة عملية لإصلاح نظام الحكم في البلاد، تبنَّى آبي أحمد سياسة مغايرة ومخالفة تتعارض مع قوانين النظام الفيدرالي الإثني التي تتأسس على شمولية المركز وتعزيزه بالقبضة العسكرية والتحالفات السياسية، وأجرى سلسلة من الخطوات بدأت بحلِّ الجبهة الديمقراطية الثورية لشعوب إثيوبيا، والتي أوصلته إلى الحكم، إلى جانب دمج الكيانات الأربعة المكوِّنة لها في حزب واحد، وأطلق عليه اسم حزب الازدهار، لكن هذه السياسة الجديدة سرعان ما تعرضت في النسق السياسي والاجتماعي إلى هزات وارتدادات عنيفة، وخاصة من قومية التيغراي المتمثلة في جبهة تحرير تيغراي، إلى جانب حالة نفور من قومية الأورومو التي ينتمي إليها آبي أحمد، وتطورت تلك الخلافات إلى اندلاع ثورات في إقليم الأورومو بعد اعتقال جوهر محمد، القيادي البارز الذي يحظى بشعبية كبيرة في الوسط الإثيوبي.

ولا يزال مستقبل إصلاح النظام السياسي، والتحوُّل من نظام فيدرالي إثني إلى نظام حكم مركزي، غامضًا وغيرَ واضح المعالم؛ إذ إن رفض قومية الأمهرا والأورومو، ناهيك عن قومية التيغراي لهذا التوجه الجديد من الحكم، يجعل من الصعوبة بمكان استبدال نظام أشبه بالمركزية السلطوية بالنظام الذي تركه ميليس زيناوي كنظام حكم للبلاد. كما أن مطبات الإصلاح هذه ستحتاج زمنًا أطول وسياسات أكثر مرونة في هندسة نظام ملائم للحكم في إثيوبيا شموليًّا أم فيدراليًّا على أساس القوميات، لكن آبي أحمد لا ينفك يردد أن النظام الفيدرالي يهدد مستقبل الكيان السياسي ووحدة وتماسك البلاد، كدولة قوية صاعدة اقتصاديًّا وسياسيًّا، ومن حيث الاستقرار الداخلي والخارجي في الأمد القريب والبعيد.

4. أبعاد النزاع في إقليم تيغراي وتداعياته الإقليمية

أثارت العملية العسكرية لردع تمرد جبهة تحرير تيغراي جملة من الأبعاد والتأثيرات على كل الأصعدة، الداخلي والإقليمي والدولي. فداخليًّا، أدت إلى نزوح نحو 70 ألفًا من سكان إقليم تيغراي، وهو الإقليم الذي يمثِّل خامس أكبر منطقة من حيث عدد السكان والمساحة، وعدد سكانه بحسب آخر تقدير رسمي عام 2017؛ يقدر بـ5.247.005 نسمة(17). وقد أدى استخدام القوة المفرطة لقمع تمرد جبهة تيغراي إلى تأثيرات وأبعاد محلية وإقليمية قد تحمل إرثًا ثقيلًا من التوجس، وخاصة تجاه الحكومة المؤقتة في مقلي التي ترفضها بعض الأحزاب المعارضة في الإقليم.

ويمكن حصر التأثيرات الداخلية والإقليمية للصراع في إقليم تيغراي في المحاور التالية:

أولًا: البعد الإنساني: ارتفع عدد اللاجئين الإثيوبيين في السودان إلى 71 ألفًا و488، وفق إحصاء رسمي، بينهم 48 ألفًا و181 في منطقة "حمداييت" بولاية كسلا، لكن ما يفاقم البعد الإنساني لدى اللاجئين الإثيوبيين عند الحدود السودانية هو غياب المأوى والمسكن الملائم. وتؤكد تقارير رسمية أن هناك 1171 لاجئًا لا سكن لهم بمعسكرات اللجوء في الحدود السودانية(18). وقد كشفت منظمة العفو الدولية عن وقوع فظائع وجرائم خلال المعارك في الإقليم، لاسيما من جانب القوات الإريترية التي شاركت في القتال، واستهدفت الانتهاكات بشكل ممنهج مئات المدنيين العزل في مدينة أكسوم الشمالية، في 28 و29 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وأطلقت النار في الشوارع، وشنَّت مداهمات من منزل إلى منزل في مذبحة قد تصل إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية، وأن القوات الإثيوبية والإريترية ارتكبت جرائم حرب متعددة في هجومها للسيطرة على أكسوم. وعلاوة على ذلك، أصابت القوات الإريترية حالة من الهياج، وقتلت بشكل ممنهج مئات المدنيين(19).

وعلى الرغم من التهم التي وُجهت لإثيوبيا بارتكاب انتهاكات واسعة في تيغراي، إلا أن أديس أبابا تنفي تلك التهم، لكن حاكم مقلي الجديد، مولو نغا، اعترف ضمنيًّا بحدوث اعتداءات وانتهاكات ضد حقوق الإنسان في الإقليم، وذلك في سياق الحرب الشاملة التي شهدها الإقليم. ولا تزال الأوضاع الإنسانية في إقليم تيغراي وعند الحدود السودانية متردية للغاية، حيث لا تحظى الحكومة المؤقتة بثقة شعب التيغراي، كما لم تتمكن حكومة آبي أحمد من إعادة توطين اللاجئين الإثيوبيين أو توفير متطلبات العيش الأساسية في مخيمات اللجوء، وهو ما قد يسبِّب أزمة إنسانية في ظل أزمة كورونا الصحية إلى جانب الحرب التي استنزفت اقتصاد إثيوبيا الصاعد.

ثانيًا: البعد الإقليمي: تأثرت الدول المحيطة بإثيوبيا بشدة بتداعيات الحرب في إقليم تيغراي، وإن بدرجات متفاوتة:

- السودان: تسببت الحرب بإقليم تيغراي في لجوء نحو مئة ألف مواطن إثيوبي من سكان الإقليم إلى السودان، ونتجت عن ذلك أضرار جسيمة للاقتصاد السوداني المنهك أصلًا، وقبل ذلك كان السودان يستضيف الآلاف من اللاجئين الإريتريين في معسكرات متفرقة بالقرب من الحدود المشتركة بين الدول الثلاثة (إريتريا، إثيوبيا، السودان)، هذا إلى جانب تحمل تبعات الحرب الإثيوبية الداخلية والتوترات الحدودية بين الجانبين، وهو توتر تغذيه المواجهات المسلحة المتقطعة بين ميليشيات إثيوبية والجيش السوداني، وهو ما يهدد بحرب إقليمية بين الجانبين، فضلًا عن تراكمات أزمة سد النهضة بين الخرطوم وأديس أبابا.

- جيبوتي: كانت جيبوتي خارج التحالف الذي هندسه رئيس الحكومة الإثيوبي، آبي أحمد، مع كل من الصومال وإريتريا، وظلت تنظر بعين الريبة تجاه تطور هذا التحالف الذي لم يخدم جيبوتي لاسيما في صراعها الحدودي مع إريتريا، أو على الأقل تقريب وجهات النظر بين الجانبين. ولهذا، فإن أي تقارب إريتري-إثيوبي سيدفع جيبوتي نحو عزلة أعمق وتوترات داخلية أكثر. أما النزاع في إقليم تيغراي، فإن التحالف المتين بين آبي أحمد والرئيس الإريتري، آسياس أفورقي، سيعزز من مشاعر القلق لدى جيبوتي تجاه حليفها الاقتصادي (إثيوبيا)؛ إذ تمر التجارة الإثيوبية بنسبة تفوق 90% عبر ميناء جيبوتي، ولا شك أن إقليم تيغراي يحصل على جانب من الإمدادات الاقتصادية التي تمر عبر هذا الميناء.

- الصومال: دفعت التوترات الداخلية، وخاصة الصراع في إقليم تيغراي، الحكومة الإثيوبية إلى سحب مئات من جنودها العاملين ضمن قوات حفظ السلام الإفريقية في جنوب الصومال، وأرسلتهم إلى جبهات القتال، هذا فضلًا عن اعتقال العشرات من الضباط الإثيوبيين المنحدرين من قومية التيغراي الذين كانوا ضمن هذه القوات، وهو ما يهدد جهود مكافحة التنظيمات الراديكالية في جنوب الصومال، ويُقوِّض مسار جهود تعزيز أمن المقار الانتخابية المرتقبة في الأشهر المقبلة هناك(20).

- إريتريا: تبدو إريتريا المتورطة الأولى في النزاع الإثيوبي الداخلي؛ حيث إن خطوات الرئيس، آسياس أفورقي، لإنهاء دور جبهة تيغراي ينهي مخاوف بلاده التي دامت نحو ربع قرن، وهو بذلك يحقق هدفين أساسيين، فمن جانب يكسب نفوذًا جغرافيًّا أكبر بعد ضمه المنطقة الحدودية المتنازع عليها ضمن اتفاقية عام 2018 بين أسمرة وأديس أبابا، ومن جهة ثانية، ينهي حقبة من التوترات مع الإقليم المجاور له، ومع جبهة تحرير تيغراي التي هيمنت لعدة عقود على مجريات الأحداث في تلك المنطقة.  

ثالثًا: البعد الدولي: عبَّر المجتمع الدولي عن قلق متزايد إزاء التبعات الإنسانية للحرب في تيغراي، وتحاول بعض الدول التي لها علاقة وطيدة مع إثيوبيا ممارسة ضغط مكثف على آبي أحمد من أجل وقف الاستهداف المباشر ضد قومية التيغراي، وهو استهداف تصفه واشنطن بـ"التطهير العرقي"، وهو ما دفعها لتعليق المساعدات المقدمة لإثيوبيا، وذلك يشمل معظم البرامج في قطاع الأمن، رغم النفي الإثيوبي المتكرر للتهم التي توجه لها من قبل المنظمات الدولية وحليفتها، واشنطن(12).

وقد اعترف آبي أحمد بوقوع انتهاكات ارتكبها جنود إريتريون وإثيوبيون، لكنه قال: إن حكومة إريتريا أدانت هذه الانتهاكات، وأكد أن تحقيقات تجري لمحاسبة الجنود الإثيوبيين المتورطين في اعتداءات على السكان في إقليم تيغراي. وتضمنت تصريحات آبي أحمد أول إعلان من نوعه عن مشاركة قوات إريترية في القتال، لكنه أوضح أن هذه القوات ستنسحب بمجرد سيطرة قوات بلاده على الحدود(22).  

كما أن الدول التي تهتم بإثيوبيا، وخاصة تلك التي لها استثمارات ضخمة، مثل الصين وفرنسا، تشعر بقلق من التطورات الأخيرة، وقد تدفع هذه التداعيات الدول التي تحاول حاليًّا تطوير علاقات استراتيجية مع أديس أبابا إلى مراجعة سياساتها واستراتيجياتها باعتبار أن المنطقة لم تعد آمنة، وهو هاجس يهيمن على كل من أنقرة وموسكو الباحثتين عن إقامة قواعد عسكرية في كل من إريتريا والسودان وشراكات اقتصادية مع إثيوبيا، هذا فضلًا عن مخاوف الاتحاد الأوروبي من تزايد أعداد الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا وخاصة القادمة من دول الإقليم (إثيوبيا، إريتريا، السودان، الصومال).

وتبدو تأثيرات النزاع وأبعادها الإقليمية والدولية في إقليم تيغراي بمنزلة حلقة مفتوحة على كل الأصعدة، فإذا لم ينتهج آبي أحمد مرة أخرى سياسة الانفتاح التي حققت له مكاسب سياسية، محلية وإقليمية، خاصة مع شعب التيغراي ولم يوفر لهم قدرًا كبيرًا من الاطمئنان والثقة، فإن الهدوء الذي يشهده الإقليم راهنًا سيتحوَّل إلى عاصفة جديدة أمام الحكومة الإثيوبية، وربما ستتجدد ثورات قوميتي الأورومو والأمهرا، وخاصة المتعاطفة مع المعارض الشاب، جوهر محمد. هذا فضلًا عن النزاعات الدستورية الأخرى حول شرعية بقاء الحكومة الإثيوبية الراهنة التي انتهت ولايتها الدستورية.

5. سيناريوهات مآلات النزاع في إثيوبيا

فرض النزاع العسكري شمال إثيوبيا متغيرات وظروفًا في القرن الإفريقي، وتبدو مآلات النزاع سياسيًّا وعسكريًّا في إثيوبيا متجهة نحو سيناريوهات عدة يمكن إجمالها فيما يلي:

- السيناريو الأول: الفيدرالية الإثنية أو المركزية السلطوية

في هذا السيناريو، تتجه إثيوبيا الحديثة برئاسة آبي أحمد نحو نموذج السلطوية الاستبدادية، والتي قد تُعيد هيمنة الفرد إلى النظام السياسي والإداري في أديس أبابا. وتقوم فلسفة رئيس الحكومة على محاولة إرساء نظام سياسي جديد يقوم على المواطنة بدلًا من رابطة الإثنية التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار والتفكك، حسب تصوره، لكن هذه الرؤية التي كرَّسها، من خلال ائتلاف حزب الازدهار وشعارات "معًا" أو "التآزر"، تطرح تحديات مختلفة تتمثَّل في توازن العلاقة بين المركز والأطراف، ففي المركز تميل القوة لصالح النخبة المنحدرة من الشمال، ويُطلَق عليهم من قبل بقية سكان إثيوبيا كلمة "الحبشة"، فيما تسعى الأطراف (الأقاليم القومية) لتأكيد استقلالها عن المركز بصورة أكبر. لذا، فإن المواجهة بين تيار الإثنية الفيدرالية من جهة، وتيار الإصلاحيين الجديد برئاسة آبي أحمد، قد تكون حتمية مع مرور الوقت، وكلما اتجهنا نحو سياسات بديلة قد تتناقض مع الإثنية الفيدرالية في الكيان الإثيوبي الراهن.

- السيناريو الثاني: ثورة احتجاجات شعبية

تُعدُّ الثورةُ الدائمة والغليان السياسي المتكرر السمةَ السائدة في التاريخ الإثيوبي الحديث، وهو سيناريو يمكن تكراره في أية لحظة؛ إذ إن تداعيات النزاع العسكري في إقليم تيغراي، ومشكلة اللاجئين عند الحدود السودانية-الإثيوبية، يمكن أن تكون سببًا في تطورات مسلحة جديدة. وإذا اندلعت ثورات جديدة في الإقليم فإن قمعها لن يكون آلية ناجعة لمواجهة الحنق والغضب الشعبي الناتج عن الانتهاكات التي اتهمت بارتكابها القوات الإريترية والإثيوبية، هذا فضلًا عن إمكانية حدوث أحداث شغب واحتجاجات شعبية أخرى، قد تقوم بها قوميات أخرى مثل الأمهرا والأورومو نتيجة الانسداد السياسي وتأخر إجراء الانتخابات الرئاسية، التي كان من المفترض أن تكون الفيصل في شعبية آبي أحمد ومدى إمكانية عودته إلى الحكم من جديد أو بروز قيادي جديد وخاصة من قومية الأورومو التي تمثِّل الكثافة السكانية في البلاد بنسبة 30%.

- السيناريو الثالث: التفكُّك والبَلْقَنَة

عكست أزمة إقليم تيغراي إمكانية فشل الدولة في إثيوبيا نتيجة تبعات وتداعيات الحرب الداخلية السياسية والعسكرية، كما تحدثت تحليلات كثيرة عن إمكانية سقوط إثيوبيا في فخ التفكُّك من جديد لتصبح يوغسلافيا جديدة في القرن الإفريقي، وذلك نتيجة ظروف سياسية ودستورية وعسكرية معقدة في المشهد الإثيوبي؛ حيث إن غياب إطار تفاوضي، ومصالحة وطنية للانتقال من الإثنية الفيدرالية إلى نظام حكم بديل يُعزِّز سطوة المركزية وقوة الدولة في مقابل إضعاف وتهميش الأطراف، ربما يؤدي إلى فشل جديد. كما أن إجراء انتخابات في ظل الظروف الراهنة ربما يزيد من تعقيد مشكلات إثيوبيا الإدارية والاقتصادية والأمنية، ويفاقم التوترات الداخلية، وهو ما قد يؤدي إلى انتفاضات وثورات جديدة لن تقضي على أحلام آبي أحمد فقط، بل ربما ستذهب بأمن واستقرار إثيوبيا لعقود مقبلة.

خاتمة

دائمًا تُثار مسألة التحول الديمقراطي والانتقال السلمي للسلطة في المجتمعات الإثنية الإفريقية، لاسيما تلك التي عانت من بطش الديكتاتوريات وجور الأنظمة المستبدة، ويبدو حاضر إثيوبيا مرتبطًا بماضيها المشبع بالصراع؛ فبعد مرور نصف قرن من الزمن يتداعى جدار إثيوبيا نتيجة الاضطرابات الداخلية والنزاعات التي تهدد استقرار إثيوبيا الأمني والاقتصادي والسياسي. وعقب الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في أديس أبابا وجوارها، وخاصة إقليمي الأمهرا والأورومو، لا يزال المشهد ذاته يمكن أن يفرض نفسه في المرحلة المقبلة، فضلًا عن تداعيات وأبعاد الحرب التي أزاحت نفوذ جبهة تيغراي. كما أن تراكمات أزمات إقليمية مثل سد النهضة والخلاف الحدودي مع السودان، ناهيك عن الصراعات الداخلية بين القوميات، والتي تجددت في الفترة الأخيرة، خاصة بين الأمهرا والعفر، كل هذه المعطيات الراهنة تجعل إثيوبيا تتجه نحو مفترق طرق عدة.

وخلال الأزمات السياسية والأمنية الداخلية التي مرَّت بها إثيوبيا منذ عام 1974 كانت واشنطن حاضرة خلف الكواليس، ويُعوَّل على دورها حاليًّا للَجْم الفوضى السياسية بين القوى والتيارات السياسية والقوميات الإثيوبية، فالولايات المتحدة الأميركية كانت بمنزلة المنقذ والحليف الاستراتيجي لإثيوبيا، لكن التحولات والتغيرات التي شهدها القرن الإفريقي منذ سنوات، بسبب حضور لاعبين دوليين كبار، مثل الصين وفرنسا، جعلت إثيوبيا تترنَّح بين مصالح حليفها التقليدي، وبين اهتمامات اللاعبين الدوليين، ومنهم لاعبون جدد، مثل تركيا وروسيا. لذلك، فإن غياب سياسات داخلية مستقرة في إثيوبيا قد ينذر بتكرار أزماتها القديمة، وظهور أخرى ليست أقل ضراوة عن سابقاتها.

إن مستقبل الحوكمة الديمقراطية بدل الإثنية الفيدرالية، وفق رؤية وفلسفة آبي أحمد، مرهون بحجم تبعات المخاطر التي تحيط بها، وبمدى إدراك رئيس الحكومة الإثيوبية لحجم هذه المخاطر الأمنية والسياسية، فإذا لم ينتهج "الرجل القوي" سياسات أكثر انفتاحًا ولم يُجر حوارًا جديدًا مع أقطاب المعارضة والقوميات، لفرض مصالحة حقيقية بين شعوب وقوميات إثيوبيا، فإن ارتدادات داخلية ستكون بديلًا للاستقرار، ما ينعكس سلبًا على السياسات الإثيوبية الخارجية ويهدد نسقها الاجتماعي، واقتصادها الذي تُعوِّل عليه حاليًّا لنهضتها من جديد.

نشرت هذه الدراسة في العدد العاشر من مجلة لباب، للاطلاع على العدد كاملًا (اضغط هنا)

ABOUT THE AUTHOR

References

(1) أحمد الظرافي، ليج أياسو، "إمبراطور إثيوبيا الذي اعتنق الإسلام"، مجلة البيان، 7 يوليو/تموز 2020، (تاريخ الدخول: 25 فبراير/شباط 2021)، https://bit.ly/31fsoEd.

(2) عباس محمد صالح عباس، "إثيوبيا: من الانتقال الديمقراطي إلى الانسداد السياسي"، مركز الجزيرة للدراسات، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 25 فبراير/ شباط 2021)، https://bit.ly/2NGKSKM.

(3) ليبان تكر، "الإصلاحات السياسية في إثيوبيا"، مجلة البيان، 6 مايو/أيار 2019، (تاريخ الدخول: 28 فبراير/شباط 2021)، https://bit.ly/2QnWjbe.

(4) Mustafa Abdalla, “Ethiopia’s Tigray Conflict: Causes and Complications,” facebook.com, 18 November 2020, “accessed February 28, 2021”. https://bit.ly/2Pe58E1.

* "ديرغ" (Derg) لجنة عسكرية شكَّلها الجيش الإثيوبي، في يونيو/حزيران عام 1974، لتلبية رغبة قادة الجيش، وقد تزايد نفوذ هذه اللجنة تدريجيًّا واستغلت حالة الفوضى بإثيوبيا لتطيح بالإمبراطور هيلاسيلاسي، في 12 سبتمبر/أيلول عام 1974.

(5) "إمبراطور إثيوبي أُزيح بانقلاب وعثر على جثته تحت مرحاض"، العربية نت، 20 مايو/أيار 2020، (تاريخ الدخول: 3 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/3cWjr8x.

(6) "الدستور الإثيوبي"، قراءات إفريقية، (د.ت)، (تاريخ الدخول: 10 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/2NGQrc8.

(7) نور الدين عبدا، "تفسيرات دستورية لتمديد ولاية الحكومة في إثيوبيا: تمهيد لأزمة سياسية أم حل لمعضلة في الحكم؟"، مركز الجزيرة للدراسات، 14 مايو/أيار 2020، (تاريخ الدخول: 10 مارس/آذار 2021)،  https://bit.ly/3tMYyDr.

(8) "جبهة تيغراي الإثيوبية.. ثورة فحكم فتمرد"، وكالة الأناضول، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 10 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/2NLixDe.

(9) تكر، "الإصلاحات السياسية في إثيوبيا"، مرجع سابق.

(10) جلال الدين محمد صالح، الحبشة والبجة: الماضي الحضاري، الصراع السياسي، الأثر الأمني، (لندن، المنتدى الثقافي الإريتري، 2012)، ص 149-150.

(11) عبد القادر محمد، "إثيوبيا والنظام الفيدرالي: التوازن الصعب بين التعدد الإثني والوحدة القومية"، مركز الجزيرة للدراسات، 13 ديسمبر/كانون الأول 2020، (تاريخ الدخول: 13 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/3tPGLeG.

(12) الشافعي أبتدون، "أبعاد استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي وتداعياتها"، مركز الجزيرة للدراسات، 22 فبراير/شباط 2018، (تاريخ الدخول: 13 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/2NLmfNa.

(13) عبدا، "تفسيرات دستورية لتمديد ولاية الحكومة في إثيوبيا"، مرجع سابق.

(14) صالح عباس، "إثيوبيا: من الانتقال الديمقراطي إلى الانسداد السياسي"، مرجع سابق.

(15) "9 أسئلة حول تأثير الصراع المسلح بين حكومة إثيوبيا المركزية وإقليم تيغراي على السودان"، الجزيرة نت، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 15 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/2Pjr7JI.

(16) "النزاع بين إقليم تيغراي والحكومة الفدرالية الإثيوبية: أسبابه ومآلاته"، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 15 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/3tK5tNI.

(17) "ورطة آبي أحمد.. أمر بتحريك قوات الحكومة الإثيوبية ضد إقليم صغير، ولكنه يمتلك قدرات عسكرية استثنائية"، عربي بوست، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 15 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/3tVFkLO.

(18) "مجازر وتعتيم ومجاعة.. أزمة تيغراي تتفاقم"، مجلة المجتمع، 4 مارس/آذار 2021، (تاريخ الدخول: 18 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/3ceP4uV.

(19) "إثيوبيا: مذبحة القوات الإريترية لمئات المدنيين في أكسوم قد تصل إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية"، منظمة العفو الدولية، 26 فبراير/شباط 2021، (تاريخ الدخول: 20 مارس/آذار 2021)،  https://bit.ly/2PCnmiQ.

(20) “Ethiopia Withdraws Thousands of Troops From Neighboring Somalia,” Bloomberg, November 13, 2020, (accessed March 20, 2021), https://bloom.bg/2OY0OZP.

(21) "إقليم تيغراي.. إثيوبيا ترفض وصف وزير خارجية أميركا ما يجري بالتطهير العرقي"، الجزيرة نت، 13 مارس/آذار 2021، (تاريخ الدخول: 20 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/2ORkQ8t.

(22) "آبي أحمد يعترف لأول مرة بوجود قوات إريترية ووقوع "جرائم فظيعة" في تيغراي"، سبوتنيك عربي، 23 مارس/آذار 2021، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/3steTgd.