البنية الأخلاقية والقانونية لمجال عام عادل لشبكات التواصل الاجتماعي

يرى الأكاديمي نبيل دجاني أن التطور السريع والعشوائي في مجال شبكات التواصل الاجتماعي أدى إلى إدمان نوع جديد من الواقع الاجتماعي غير المفيد أخلاقيًّا أو قانونيًّا. وتعزَّز ذلك مع الآثار السلبية لاستخدام شبكات التواصل عبر نشر المعلومات المُضَلِّلَة والأخبار الزائفة والتحيزات العرقية والدينية، وانتشار ظاهرة التنمر، فضلًا عن تفاقم الاستقطاب السياسي والأيديولوجي في العالم العربي. وفي المحاضرة الثانية التي قدَّمها، خلال المؤتمر العلمي: "شبكات التواصل الاجتماعي والاستقطاب الأيديولوجي: علاقات القوة والتأثير الثقافي والاجتماعي"، الذي نظَّمه مركز الجزيرة للدراسات وقسم الإعلام بجامعة قطر، يومي 1 و2 مارس/آذار 2023، أبرز الدكتور دجاني أن معالجة مشكلات شبكات التواصل الاجتماعي المتزايدة تتطلب اعتماد مقاربة "العملية الاجتماعية" وليس، فقط، إصدار تدابير تنظيمية. وتقوم هذه المقاربة على وضع إستراتيجيات اتصال هادفة من شأنها إحداث تغيير في التفكير والتصرف معًا. كما تتطلب العملية الاجتماعية فسح المجال أمام الأفراد والجماعات، التي تساعد على قبول التغيير الإيجابي وتعزيزه للقيام بأدوار إيجابية في تلك العملية، بالإضافة إلى تطوير الأفكار والرؤى المحلية لتغدو خططًا عملية للتنمية الاجتماعية.
11 July 2023
تتطلب معالجة مشكلات شبكات التواصل الاجتماعي المتزايدة اعتماد مقاربة "العملية الاجتماعية" وليس، فقط، مجرد إصدار تدابير تنظيمية (الأناضول)

 

اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، جميعنا لدينا حسابات شخصية على وسائل

التواصل الاجتماعي، ونحن محاطون بمليارات الأشخاص، لكننا، وبطريقة ما،

نجد أنفسنا وحيدين تمامًا... لم يعد ثمة وجود لشيء، على الشبكة العنكبوتية،

مثل الحانة أو المقهى المحلي عبر الإنترنت: مكان للتلاقي بين الأصدقاء وأفراد

العائلة، حيث الاستمتاع بالتواصل المباشر بين الأشخاص(1).

كيت ليندسي (Kate Lindsay)

مقدمة

يرى المحرِّر في مجلة "ذا أتلانتيك"، أيان بوغوست (Ian Bogost)، في مقال استفزازي "عصر شبكات التواصل الاجتماعي ينتهي. لم يكن يجب أن يبدأ أبدًا"، أن "شبكات التواصل الاجتماعي لم تكن، على الإطلاق، طريقة طبيعية للعمل واللعب والتواصل الاجتماعي، لكنها، وعلى الرغم من ذلك، باتت طبيعة ثانوية... [وقد] أنتجت نوعًا من الاستسلام الاجتماعي المَرَضِي، والعبثي، وغير السَّوِي، للمجتمع البشري؛ حيث تنشر المعلومات المُسْتَقْطِبَة، أو المسيئة، أو مجرد معلومات احتيالية بعد إدخال تحسينات عليها... إن فكرة الشبكات الاجتماعية الكاملة هي الاتصال -وليس النشر- وكذلك تعميق العلاقات، في الغالب مع أشخاص تجمعهم سابق معرفة. مع ذلك، انخفض الاتصال كغرض أساسي، وتطورت الشبكات الاجتماعية إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي قدَّمت منصات يمكن للناس من خلالها نشر المحتوى على أوسع نطاق ممكن، بما يتجاوز شبكات اتصالاتهم المباشرة... ومع حلول الوقت الذي أدركت فيه المنصات ذلك وثار الجمهور ضدها كان قد فات الأوان لإيقاف حلقات التعليقات هذه"(2).

ويؤكد بوغوست أنه "لكسب روح الحياة الاجتماعية، يجب أن نتعلم تكميمها مرة أخرى، في جميع أنحاء العالم، بين مليارات الأشخاص. للتحدث أقل، إلى عدد أقل من الناس وأقل في كثير من الأحيان... لا يمكننا أن نجعل شبكات التواصل الاجتماعي جيدة، لأنها سيئة في الأساس، عميقة في هيكلها. كل ما يمكننا فعله هو الأمل في أن تتلاشى، وأن نقوم بدورنا الصغير في المساعدة على التخلي عنها".

من جانبها، وفي معرض إثارتها النقاش حول الدور الذي تلعبه شبكات التواصل الاجتماعي في السياسة، لاحظت ديانا أوين (Diana Owen) في فصل من كتابها المعنون بـ"إعادة التفكير في العالم الذي عرفناه"، أن نظام شبكات التواصل الاجتماعي السياسي الجديد تطور بشكل عشوائي من دون أن تكون له مبادئ أو أهداف تَحكُم توجيهه. ومن ثم، تُحَاجِج أوين، بأننا نعيش في مرحلة ما بعد الحقبة التي "شهدت فيها الحتمية الديمقراطية للصحافة الحرة انحدارًا جديدًا نحو القاع، و"ازدهار الأخبار المزيفة المرتبطة بالقصص الوهمية التي تبدو كما لو أنها حقيقية"(3).

في السياق ذاته، يزعم أستاذ النظريات الاجتماعية في كلية سوارثمور، باري شوارتز (Barry Schwartz)، في كتابه الصادر عام 2004 بعنوان "مفارقة الاختيار: لماذا يكون الكثير قليلًا؟"، أن كثرة الخيارات المتاحة تؤدي إلى إمكانيات اختيار أقل، فضلًا عما تُحدثه من ارتباك لدى الأشخاص. أما كيت ليندسي (Kate Lindsay) فتعتقد أن منصات التواصل الاجتماعي في الوقت الحاضر "أقل أهمية من أي وقت مضى". وتمضي في شرح كيف أن التساهل في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي يُصعِّب رحلة العثور على الأصدقاء، وتُبرِّر ذلك بقولها: "إن جمع أكثر من ربع سكان العالم في مكان واحد يُسبِّب نفس المشكلة التي تنشأ عند دعوة عدد كبير جدًّا من الأشخاص العشوائيين إلى حفلة"(4).

1. فورة منصات التواصل الاجتماعي

لا يزال النقاش الدائر حول دور شبكات التواصل الاجتماعي في مهده. لكن، لا يمكن لأحد ادِّعاء حيازته إجابات محددة حول حجم هذا الدور، أو أن يُقدِّر مدى تأثيره وفعاليته. إن مفاعيل شبكات التواصل الاجتماعي لا تُمثِّل سوى أحد الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية العديدة التي تؤثر على الحركات الشعبية الجماهيرية.

وأدى ترابط وسائل الإعلام الجماهيري مع تكنولوجيات وسائل الإعلام الإلكترونية الحديثة إلى ثورة تكنولوجية أبرزت إمكانيات هائلة في ميدان الاتصالات، بما في ذلك تطوير نظام الشبكة العنكبوتية العالمية. لقد غيَّرت هذه الشبكة نظام التفاعل البشري، وفتحت مجالات اتصال جديدة لم يكن المرء يحلم بها.

لقد أطلق نظام الشبكة العنكبوتية العالمية (الإنترنت) ثورة نوعية غيَّرت إمكانيات الاتصال الجماهيري، وأدت إلى تطوير منصات التواصل الاجتماعي الحديثة التي غيَّرت نمط الاتصال الإعلامي، ولم تعد مقتصرة على الرسائل المرسلة في اتجاه واحد من القنوات المملوكة للدول أو من المالكين الآخرين (سواء أكانوا أفرادًا أم مؤسسات) الذين يتوفرون على الوسائل المادية والتقنية.  

ولا مراء في أن الإنترنت أتاحت وابتكرت فرصًا جديدة للتفاعل بين الأفراد والجماعات. فقد شهدت فورة منصات التواصل الاجتماعي في العالم تدشين طرق تفاعل جديدة تسمح للأفراد والجماعات بمشاركة المعلومات والتواصل فيما بينهم بشكل جديد كان في الماضي يُتصوَّر أنه بعيد المنال. نظريًّا، تسمح شبكات التواصل الاجتماعي للجميع بالتفاعل معها أو مع جمهورها من خلال المشاركة والتعبير، لكن في الحقيقة ثمة عقبات كثيرة أمام مثل هذا التفاعل، فضلًا عن التحذير منه. فعلى الرغم من أن منصات التواصل الاجتماعي فتحت آفاقًا جديدة لمشاركة المعلومات والتواصل بين الأفراد، إلا أن هناك أيضًا أدلة تشير إلى إمكانية وجود آثار ضارة قد تنجم عن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي.

لقد بات حضور شبكات التواصل الاجتماعي في حياة الناس اليومية واقعًا لا مفر منه؛ إذ يمكن للأفراد والمجموعات، من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، العثور على الآخرين الذين يمكنهم الارتباط بآرائهم وخبراتهم والتفاعل معهم. من جهة أخرى، بإمكان المحتوى، الذي تتم مشاركته على شبكات التواصل الاجتماعي، أن يؤدي إلى زيادة نسبة وصول الجمهور وأهمية الرسالة. فنحن على اتصال مستمر من خلال منصات مثل فيسبوك، وتويتر، وإنستغرام، وسناب شات، وغيرها. وقد أثبتت هذه المنصات الإعلامية الجديدة نفسها قنواتٍ قويةً للخطاب العام وجزءًا لا يتجزأ من المجال العام، وهو ما سمح بتبادل شامل للأفكار.

في المقابل، ومع الإقرار بوجود العديد من الفوائد لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، يجب علينا أيضًا معالجة العواقب المحتملة للإفراط في استخدامها وإساءة استعمالها؛ إذ بالإمكان إساءة استخدام منصات التواصل الاجتماعي للتلاعب بالآراء عبر نشر معلومات خاطئة وانتقاء مصادر الأخبار/الرسائل. وفي هذا السياق، تشير الدلائل إلى أنه كلما زادت هذه المنصات في منسوب نشر محتوى مشحون عاطفيًّا، زادت أعداد المتابعين لديها. ومن ثم، يمكن أن ينتشر الاتصال المشترك على شبكات التواصل الاجتماعي انتشار النار في الهشيم بشكل يؤدي إلى زيادة وصول الجمهور إلى ذلك المحتوى. وهكذا يمكن لمنصات التواصل الاجتماعي تكثيف المفاهيم الخاطئة السلبية والتحيزات من خلال توزيع المعلومات المسيئة والأخبار المزيفة. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تُستخدَم منصات التواصل الاجتماعي للسيطرة على الأفراد وقمعهم من خلال منع تدفق الأفكار السلبية وخنق الأصوات والآراء المعارضة.

ومع استمرار التطور الذي يشهده المجال العام، فإن شبكات التواصل الاجتماعي ستمضي قدمًا في إحداث التغيير الاجتماعي باعتبارها "أداة حساسة ومهمة". ورغم ذلك، فإن وصف منصات التواصل الاجتماعي بالعامل أو "التأثير السببي" الرئيس للتغيير الاجتماعي هو موقف يحتاج إلى التدقيق فيه وإثباته. فالتاريخ مفعم بأخبار الشعوب التي احتجَّت وأطاحت بالحكومات قبل وقت طويل من ظهور الإنترنت وفيسبوك؛ إذ إن التواصل بين الجماهير المتمردة آنذاك كان يتم وجهًا لوجه من خلال التفاعل البشري المباشر. لكن، ولسوء الحظ، فإن التفاعل والتواصل المباشرين بين الجماهير باتا اليوم يمرَّان دون أن يلاحظهما أحد أو يلقيان، في أحسن الأحوال، اهتمامًا غير منتظم.

وفي الوقت الذي تُقدَّم فيه شبكات التواصل الاجتماعي باعتبارها منصات تساعد في خلق فرص لرؤية رسالة شخص أو مجموعة وسماعها، فقد أظهرت التجربة، في المقابل، أن بإمكان هذه المنصات فرض معاييرها الأيديولوجية الخاصة لاحتكار الفضاء عبر الإنترنت من خلال حظر مصادر المعلومات. ومن ثم، فإن مستخدمي وسائل الإعلام الاجتماعية يُرْغَمون على الخضوع لآراء وقواعد مُشغِّلي تلك المنصات. لذلك، ونظرًا لأن الإطار الأخلاقي والقانوني للمجال العام العادل لشبكات التواصل الاجتماعي يتطلب ضمان الحق في التعبير عن وجهات نظر غير خاضعة للرقابة أو "غير شعبية"، فإنه يجب، في المقابل، حماية سلامة الأفراد وقيمة الخصوصية لديهم.

من المسلَّم به أنه لا سبيل إلى إنكار مزايا هذه المنصات، لكن هذا لا يعني أيضًا أن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لا يمكن أن تَنْتُج عنه آثار سلبية على مجتمعنا. فبالإضافة إلى زيادة التعرُّض لانتهاكات الخصوصية، تُبرهِن التجربة على أن شبكات التواصل الاجتماعي يمكن أن تؤدي، بل وهي تؤدي فعلًا، إلى تفاقم المفاهيم الخاطئة ومشاعر التحيُّز، هذا فضلًا عن انتشار التَّنمُّر الإلكتروني؛ إذ من خلال إتاحة التواصل والترابط بين الناس، فإن شبكات التواصل الاجتماعي غالبًا ما تُوظَّف لنشر الشائعات والتلاعب بالرأي العام.  

إن ما نشهده اليوم من "تسامح" على شبكات التواصل الاجتماعي إنما هو نوع من ذلك التسامح الذي يتجاهل أمورًا مصيرية في الحياة ثم يتحوَّل إلى جاذبية رخيصة دون إيلاء الاهتمام الكافي لتطوير مناخ حقيقي من التفاعل المتبادل بين المواطنين. فالأولوية هنا تُعطى للتغييرات البنيوية على حساب الأخلاق والمهنية، وهو ما قد يؤدي إلى انتشار ثقافة غير مسؤولة اجتماعيًّا تُهيمن عليها عقلية السوق العشوائية. ونتيجة لذلك يقع الخلط بين قاعدة حرية التفاعل مع الشخص العادي وحرية السعي لتحقيق الكسب المادي أو العاطفي من خلال ذلك التفاعل.

ومن المهم، هنا، أن نأخذ القضايا الأخلاقية التي تنشأ عند انخراطنا في شبكات التواصل الاجتماعي في الاعتبار؛ حيث بإمكان هذه الوسائط توفير منصة لبعض الأشخاص الذين لا يكشفون عن حقيقة هوياتهم لمضايقة الآخرين وإلحاق العار بهم والتَّنَمُّر عليهم. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن ندرك الآثار النفسية التي قد تنشأ عن استخدامنا لشبكات التواصل الاجتماعي، مثل التَّنَمُّر الإلكتروني؛ إذ يمكن أن يصبح التركيز المهووس بوسائل التواصل الاجتماعي إدمانًا. كما يمكنه، أيضًا، إنشاء علاقات إلكترونية-افتراضية على حساب العلاقات الحقيقية المباشرة، ومن ثم، إعاقة الناس عن الانخراط في تفاعلات اجتماعية حقيقية بسبب إهمال علاقاتهم في العالم الحقيقي وانفصالهم عن الأشخاص الحقيقيين من حولهم.

2. شبكات التواصل الاجتماعي العربية

أظهرت الممارسة في العالم العربي أن الصعوبة الحقيقية تكمن فيما يمكن تسميته بدمج التقنيات مع البنية الاجتماعية. فاعتماد تقنيات الوسائط الاجتماعية يؤدي إلى اعتماد أسلوب عمل جديد وطريقة إنتاج جديدة، بل وحتى محتوى جديد. وعادة ما يتم استيراد هذه التقنيات من بلدان مختلفة ثقافيًّا عنَّا ولا تتناسب بالضرورة مع ثقافتنا أو أسلوب حياتنا، وهكذا نُجْبَر على تكييف التقنيات المستوردة مع احتياجاتنا وظروفنا(5).

إن شبكات التواصل الاجتماعي عبارة عن سيف له حدَّان. فمن ناحية، يمكن لمنصات التواصل الاجتماعي إثارة قضايا مهمة ووضعها على أجندة نقاشات المواطنين، ومن ثم التأثير في وعيهم إيجابيًّا. ومن ناحية أخرى، يمكن لتلك المنصات، أيضًا، الإسهام في تدمير القيم أو الإنجازات الوطنية. ومن النتائج السلبية الخطيرة لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي انخفاض مستوى التواصل في المجال العام، مما يقود إلى التخلي عن مناقشة المسائل الحياتية المهمة، بل وإمكانية تحويلها إلى أمور لا أخلاقية وهامشية وقضايا غير مفيدة. أما الجانب السلبي الآخر للانغماس في شبكات التواصل الاجتماعي، والذي لا يحظى باهتمام كبير من قبل العلماء العرب، فيكمن في إضعاف اللغة العربية بسبب استخدام الأحرف اللاتينية للكتابة بالعربية.

هكذا، يبدو واضحًا أن بإمكان منصات التواصل الاجتماعي الجديدة لعب دور مهم في تشكيل الأحداث في العالم العربي. وفي هذا السياق، فإنه لا شك في إسهام فيسبوك وتويتر والهواتف المحمولة في سرعة نشر ونقل المعلومات إلى الأشخاص الذين ليسوا على اتصال مباشر فيما بينهم بشكل عام. كما يمكن لهذه المنصات أن تُسهِم في زيادة معدلات التنمية، غير أن غياب السياسات والخطط الإعلامية العربية، التي تربط منصات التواصل الاجتماعي بمؤسسات المجتمع الأخرى، قد أدى إلى فوضى إعلامية وقصور ثقافي. فاليوم، تتحوَّل المنصات الإعلامية في العالم العربي إلى مُضَخِّم حقيقي للتعامل مع التحيزات العرقية والدينية الخفية التي ابْتُلِي بها مشهد التواصل الاجتماعي في عالمنا العربي.

ثمة مشكلة أخرى في منصات التواصل الاجتماعي العربية، وتتمثَّل في نقص، أو لنقل: عجز المخطِّطين العرب عن وضع خطط وسياسات واضحة تربط بين مختلف المؤسسات الاجتماعية والأهداف الكبرى للمجتمع في كلِّيته. في مقابل ذلك، يمكن لمنصات التواصل الاجتماعي حقًّا إنتاج نوع من الرسائل والمواضيع التي تحثُّ على "التحديث" أو "التغيير"، وتُعد نوعًا من الرسائل والمواضيع النموذجية التي تُطرح وتُناقش على منصات الإعلام الغربية. غير أن هذه الرسائل والمواضيع غريبة، في العموم، على معاييرنا الثقافية، وسيخلق تناولها، بالتأكيد، ثقافة غير نافعة ومُنْبَتَّة عن مجتمعاتنا. ولا شك في أن تبنِّي الرسائل والمواضيع المُنْبَتَّة قد يؤدي إلى دفع مجتمعاتنا لأثمان باهظة وإهمال لاحتياجاتها الإنمائية الأساسية. فالتحديث لا يتحقق بتبنِّي مشاكل المجتمعات المتقدمة التي لا علاقة لنا بها بشكل عام، وبدلًا من تبنِّي القضايا التي تهمنا فإن النتيجة غالبًا ما تكون إهمال العمل على حلِّ المشاكل الفعلية للمجتمع.

وهنا يبرز سؤال مُلِحٌّ يجب تناوله والتفكير فيه عند مناقشة البنية الأخلاقية لمنصات التواصل الاجتماعي في العالم العربي، ألا وهو: هل من الممكن (وكيف) استخدام شبكات التواصل الاجتماعي بطرق أخرى غير تلك التي تستخدم بها حاليًّا، حتى يتمكن هذا العالم العربي -على مستوى الدول وكذلك الأفراد- من الحفاظ على المزايا الإنسانية المختلفة وزيادة فرص تمكين الضعفاء والفقراء، وحتى الجهلة، من المشاركة الفعالة في القرارات التي تؤثر في حياتهم، سواء أكان ذلك على مستوى المجتمع أم المستوى الفردي؟

لا تكمن المشكلة، التي تواجه القيم الثقافية العربية في قضية حرية الإعلام أو الفوضى بقدر ما تكمن في قضية حرية المواطنين وتأهيلهم في مجال المشاركة الديمقراطية في مجتمعاتهم. فتطوير الكائنات الثقافية يتطلب بذل جهد للتحكُّم في تقدم التقنيات تحسُّبًا للوصول إلى حالة لا يمكننا معها التحكُّم في تلك التقنيات اقتصاديًّا، أو حتى إنسانيًّا. كما ينبغي، أيضًا، توخي الحذر من تبنِّي مفهوم خاطئ للديمقراطية.

يجب، أيضًا، أن ندرك المعضلة الأبدية التي تواجه المجتمعات العربية وهي الاختيار بين الفعالية والعدالة، وبين التأثير والحرية. كما يجب، أيضًا، إيلاء المزيد من الاهتمام لما أصاب المجال الثقافي والإعلامي في العالم العربي من تلوُّث، خاصة وأننا بلغنا، بالتأكيد، مرحلة متقدمة جدًّا في استيراد المنصات الإعلامية ذات الأثر الأكبر في تلويث ثقافتنا وعقول الجماهير العربية.

إن أهم قضية نحتاج إلى معالجتها، في هذا المسار، تتمثَّل في تقييم منصات التواصل الاجتماعي المستوردة في ضوء احتياجات مجتمعاتنا. ويتطلب هذا الهدف التركيزَ على التأثير الاجتماعي لشبكات التواصل الاجتماعي في المستخدمين، وكذلك تتبُّع عمل منصات التواصل الاجتماعي والمشرفين على تشغيليها. فهذه المنصات تسمح باستخدام مزايا ووظائف مختلفة. ومن ثم، فمن المعقول الدعوة إلى تنظيم استخدام هذه الوسائل من خلال وضع سياسات تستند إلى احتياجات مجتمعاتنا وتنبع من ثقافتنا، أو تكون في انسجام معها.

لذلك، فإنه من الضروري وضع ضوابط تسمح بمواجهة هجمة الثقافة والإعلام القادمين من الخارج. ولتفعيل هذه الضوابط، فإن الأمر يتطلب منا تنظيم تدفق شبكات التواصل الاجتماعي والبرامج والمواد الثقافية التي قد يكون لها تأثير سلبي على مجتمعاتنا. ستكون هذه المقاربة سبيلًا لخلق منصة ثقافية وإعلامية عربية مشتركة منبثقة من احتياجاتنا. ولكي ينجح هذا المسعى، يجب أن نبدأ بتعزيز المقومات الأساسية لوسائل الإعلام الاجتماعية والإنتاج الثقافي في مجتمعاتنا.

ومما أدت إليه هيمنة منصات التواصل الاجتماعي المصمَّمة للجمهور المختلف ثقافيًّا وأخلاقيًّا عن بلدنا، هو أن ميزان تبادلنا الثقافي بات هو الأدنى في معادلة التبادل الثقافي هذه، بل وقد انخفض مستوى ثقافتنا أيضًا. لقد أضحت ثقافتنا مجرد سلعة تنسحب عليها نفس الأحكام التي تنطبق على السلع المادية في نظام عالمي يهيمن عليه الغرب. كما أن النظام العالمي القائم حاليًّا يُضَيِّق مساحة المنافسة ويُسهِم في تقويض سيادة الثقافة الوطنية في سياق تضافر الضغوط الثقافية والقيم الأجنبية المكثفة. لقد أضحت هيمنة القيم الغربية في برامج منصاتنا الاجتماعية صاحبة اليد العليا ولها الهيمنة المطلقة، في زمن تمر فيه مجتمعاتنا العربية بمرحلة حداثة مشوشة وهو ما أثَّر بعمق، ليس فقط في بنية تربيتنا المدنية، بل حتى في بنية أُسَرِنا.

نجد أن عامة العرب يُروِّجون للثقافات الأجنبية، وهكذا تُسهِم وسائل الإعلام القائمة في النظام العالمي الحالي في جعل الثقافة الوطنية غريبة عن الشخص العربي العادي. وعادة ما يتم ذلك في سياق ما يُسمَّى "عملية التحديث"، والتي يتم أثناءها التقليل من قيمة الثقافة الوطنية وتحويل اهتمامها نحو العالمية؛ حيث تختفي القيم والفنون التقليدية التي من شأنها توطين ثقافتنا العربية، ومن ثم تمتزج الثقافة الشعبية الغربية بثقافتنا الشعبية، بل وتبتلعها أحيانًا.

لذا، ينبغي علينا جعل النهوض بإمكانيات التواصل الإنساني العربي منسجمًا مع احتياجات التنمية الوطنية. كما أن ثمة حاجة إلى وضع تصور طويل الأجل لحزمة من المبادئ والقواعد الثابتة التي من شأنها أن توجِّه أداء أنظمة الإعلام العربية. وينبغي، أيضًا، تحديد توجيه الإعلام العربي في ضوء تحليل وتحديد الممارسات القائمة وكذلك عبر صياغة مبادئ وقواعد جديدة مناسبة لتحقيق الأهداف المرجوة.

لقد عملت منصات التواصل الاجتماعي على تحرير عملية الاتصال من العديد من القيود التي كانت مفروضة أو تستخدم للحد من تواصل الأفراد والجماعات. ومع ذلك، تبقى إمكانية التلاعب بهذه المنصات ممكنة، خاصة من طرف من يمتلكون المعرفة والأدوات التقنية المتطورة. وهنا يكمن خطر هيمنة البلدان المتقدمة تقنيًّا وماديًّا على البلدان المتأخرة في هذا المجال، فضلًا عن خطر سيطرة المؤسسات التجارية على الطريقة التي يستهلك بها الجمهور هذه الوسائل، حيث يتم إنتاج الطاقة العقلية الناتجة عن تقنيات الوسائط التفاعلية أو إدارتها من قِبَل الشركات متعددة الجنسيات التي تتحكَّم في قنوات الاتصال في البلدان الأقل نموًّا.

لا تعمل شبكات التواصل الاجتماعي في فراغ، بل في وسط واقع مجتمعي، ولذلك يجب أن يتنزَّل عملها في سياق المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية للمجتمع الذي توجد فيه، وهذا عامل مهم في تشكيل الفهم العقلي أو الوعي الذي يتطلبه تشكيل نظرة المواطن إلى مجتمعه وإلى العالم. ليس بالضرورة أن يؤدي المحتوى الذي توفره منصات التواصل الاجتماعي، مثل الرسائل الثقافية أو الترفيهية أو غيرها، إلى إدراك الحقيقة ولكنه يشارك في تشكيل "واقع افتراضي" جديد من شأنه الإسهام في تغريب شبابنا. فبدلًا من تسهيل مشاركة الجمهور العربي في مجتمعاته، نشهد اليوم فرض هيمنة الثقافات الأجنبية على قنواتنا التفاعلية ومحتواها إلى اغتراب ذلك الجمهور. وغالبًا ما يحدث الاغتراب من خلال طرح محتوى غير مرتبط بالواقع الثقافي العربي، وهو ما يدفع عامة الناس إلى التمرد على قيمهم وأسلوب حياتهم. وهكذا فإن بإمكان منصات التواصل الاجتماعي لعب دور مؤثر في تشتيت انتباه الناس عن مشاكلهم المحلية، وتوجيه انتباههم بعيدًا عن قضاياهم الاجتماعية والوطنية الحقيقية، ودفعهم نحو التركيز على القضايا الأجنبية المستوردة وغير الضرورية.

قد نجد المساهمة التأملية في نقاشنا حول شبكات التواصل الاجتماعي، فيما طرحه المفكران المغربيان، محمد عابد الجابري وعبد الإله بلقزيز(6)، عند بحثهما في تداعيات تأثير العولمة على العالم العربي.

لقد جلبت شبكات التواصل الاجتماعي الجديدة إلى العالم العربي ما يصفه المفكر بلقزيز بـ"إغراق حاجة المجتمع لإشباع رغباته... وهذا ما سيقتل الروح ويسلب المحتوى الأخلاقي والإنساني في سلوك الناس... وسيؤدي ذلك إلى إصابة الفرد بمتلازمة نقص المناعة"(7). ودعا بلقزيز إلى التفكير في المقاربات الإستراتيجية لتكييف ثقافتنا ومجتمعنا مع التحدي الذي تفرضه العولمة.

ووفقًا لوجهة نظر بلقزيز، فإن شبكات التواصل الاجتماعي تؤسس لـ"ثورة جديدة في التاريخ... ثورة ستكمُن قوتها في المجموعة البشرية بدلًا من الدولة والمجموعة الوطنية". ويمضي بلقزيز في تحليله معتبرًا أن ما يُطلق عليه اليوم "العولمة الثقافية" لا يعني الانتقال من عصر الثقافات المحلية والوطنية إلى ثقافة أعلى جديدة، وهي الثقافة العالمية... بل هو، على النقيض من ذلك، فعل اغتصاب ثقافي وعدوان رمزي على الثقافات الأخرى، ويؤكد بلقزيز أن "الثقافة العالمية الحقيقية هي تلك التي تشكِّلها ثقافات جميع المجتمعات دون استثناء"(8).

من جهته، يذهب المفكر محمد عابد الجابري إلى أن وسائل الإعلام الجديدة تُشتِّت فعالية العقل عبر تحكُّمِها في الإدراك؛ حيث "يتكيَّف المنطق ويتعطَّل نظام القيم". ويرى الجابري أن هذا يُنتج "ثقافة الاختراق" التي تقوم على مجموعة من الأوهام الهادفة إلى "التطبيع مع الهيمنة وتوطيد التبعية الحضارية". ويعتقد الجابري أن إحدى نتائج ثقافة الاختراق هي حدوث الازدواجية والانشطار داخل الهوية الثقافية العربية... بمعنى حدوث انقسام بين ما هو تقليدي وما هو حداثي(9).

ويمضي الجابري في تحليله محذِّرًا من خطورة اتخاذ أحد موقفين كردِّ فعل على رفض العولمة الثقافية: إما الانغلاق التام أو القبول الكامل للعولمة، أو "الاغتراب"، ويدعو الجابري إلى ضرورة "تجديد الثقافة العربية من الداخل من خلال إعادة بنائها وممارسة الحداثة... فالبحث عن جوانب فهم وتفسير مسار الحداثة هو ما سيسمح بربط الحاضر بالماضي في اتجاه المستقبل". ويسلط أحد أهم جوانب تشريح الجابري لمسألة العولمة الضوءَ على ما يجب فعله ورفضه في مواجهة العولمة الثقافية؛ حيث يشدِّد على أهمية توظيف العقلانية والديمقراطية في هذا التشريح، كما يدعو إلى تجديد الثقافة العربية "من الداخل من خلال ربط الحاضر بالماضي في اتجاه المستقبل"(10).

خاتمة

في معرض مناقشته لمستقبل شبكات التواصل الاجتماعي، يؤكد بوغوست أنه "لم يسبق أبدًا، قبل الآن، أن نشعر بتوقُّع انتهاء عصر شبكات التواصل الاجتماعي، وسيكون هذا قريبًا". ويحذر بوغوست من أنه "إذا كان التغيير ممكنًا فسيكون تنفيذه صعبًا، لأننا كيَّفنا حياتنا لتتوافق مع ملذات شبكات التواصل الاجتماعي وسمحنا لها بأن تُعكِّر صفونا. هكذا، يبدو من الصعب التخلي عن شبكات التواصل الاجتماعي كما كان الأمر مع الإقلاع عن التدخين بشكل جماعي. فعلنا ذلك ببطء واستغرق إنجازه وقتًا عبر إجبار الحياة الاجتماعية على خنق تلك العادة، ولهذا يجب أن تبدأ هذه العملية فورًا وبشكل جدي مع شبكات التواصل الاجتماعي"(11). من جانبها، ترى ليندسي أنه "لضمان خلق مجال عام عادل لشبكات التواصل الاجتماعي يجب وضع بنية أخلاقية وقانونية قوية والسعي إلى تحقيق التزام جميع المعنيين بذلك"... "لن يُنْجَز هذا بإصدار مراسيم تنظيمية، بل يكون عبر عملية اجتماعية"(12).

تتطلب معالجة مشكلات شبكات التواصل الاجتماعي المتزايدة اعتماد مقاربة "العملية الاجتماعية" وليس، فقط، مجرد إصدار تدابير تنظيمية. فقد أدى التطور السريع والعشوائي في مجال شبكات التواصل الاجتماعي العربية إلى إدمان نوع جديد من الواقع الاجتماعي غير المفيد أخلاقيًّا أو قانونيًّا. فالإدمان على شبكات التواصل الاجتماعي أمر ثابت بوضوح إلى درجة بات معها وضع حدٍّ له بقرارات تنظيمية فورية غير مجدٍ. والمطلوب هو أن تكون التدابير القانونية الضرورية للحدِّ من تأثير شبكات التواصل الاجتماعي جزءًا من عملية اجتماعية واسعة النطاق وطويلة الأجل.

ولا مراء في أن اعتماد مقاربة العملية الاجتماعية هذه يتطلب وضع إستراتيجيات اتصال هادفة من شأنها إحداث تغيير في التفكير والتصرف معًا. كما أنه من الضروري فسح المجال أمام الأفراد والجماعات، التي تساعد على قبول التغيير الإيجابي وتعزيزه للقيام بأدوار إيجابية في تلك العملية، بالإضافة إلى تطوير الأفكار والرؤى المحلية لتغدو خططًا عملية للتنمية الاجتماعية.

لمعالجة هذا الأمر، يجب توجيه جمهور شبكات التواصل الاجتماعي العربي نحو المشاركة في إنتاج الرسائل النوعية والإيجابية من خلال توفير مواد تفاعلية مرتبطة ونابعة من واقع مجتمعنا. بالإضافة إلى هذا، يجب أيضًا إخضاع البرامج المستوردة، غير ذات الصلة ثقافيًّا والتي قد تُسهِم في عزل الأشخاص العاديين، للقرارات والتدابير التنظيمية. ويمكن لمنصات التواصل الاجتماعي، إذا ما نُظِّمت جيدًا، الإسهام في تشكيل وعي جديد، وسيكون حينها إطلاق تنمية اجتماعية جديدة أمرًا ممكنًا.

لقد أدى الفشل في وضع خطط قائمة على السياسات لتنظيم عمل شبكات التواصل الاجتماعي إلى تحويل منصات التواصل الاجتماعي العربية إلى وسائل هوية وقيم متنافرة وأداة لتقسيم المجتمع. وتتطلب عملية تشكيل جمهور عربي منتج وفعال جهدًا خاصًّا لمنع تحوُّل استخدام شبكات التواصل التفاعلي من أجل التطور إلى وضع لا يستطيع فيه المجتمع السيطرة عليها اقتصاديًّا وإنسانيًّا وأخلاقيًّا. كما ينبغي أن يعمل واضعو الخطط العامة للحكومات على تطوير سياسات إعلامية قادرة على ابتكار منصات وسائط اجتماعية مفيدة وقادرة على تقديم الخدمات لعموم المجتمع.

ولا ينبغي للدعوة إلى وضع سياسة إعلامية والتخطيط لها أن تعني الحضَّ على تبنِّي توجُّه مركزي، بل يجب النظر إليها باعتبارها منهجًا للتطوير الرشيد لمختلف الأنشطة الإعلامية التفاعلية. إن التخطيط السليم يفتح المجال أمام مقترحات بديلة ممكنة، ويسمح بالمرونة والابتكار ويوفر فرصًا للإبداع. كما أن التخطيط السليم لا يعني بالضرورة رفض أنظمة الاتصالات التقليدية والممارسات التفاعلية فقط لمجرد أنها مستمدة من الماضي. أما في الحالات التي تكون فيها هذه الأنظمة التقليدية على تضاد مع الأهداف المستقبلية، فإن الحلَّ يكون في تطويرها لتتكامل مع وسائل اجتماعية جديدة تتناسب مع الأهداف المرسومة.

نُشِر نص المحاضرة في العدد الثاني من مجلة الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام، للاطلاع على العدد كاملًا (اضغط هنا)

ABOUT THE AUTHOR

References

(1) Kate Lindsay, "All Alone," The Atlantic, December 7, 2022, "accessed December 10, 2022". https://t.ly/V3tr.

(2) Ian Bogost, "The Age of Social Media Is Ending: It never should have begun," The Atlantic, November 10, 2022, "accessed December 10, 2022". https://t.ly/ZGZhJ.

(3) Diana Owen, “The New Media’s Role in Politics” in The Age of Perplexity: Rethinking the World We Knew, bbvaopenmind.com, 2018, "accessed November 10, 2022". https://bit.ly/2O1PnPi.

(4) Lindsay, "All Alone," op, cit.

(5) يعتمد النقاش هنا على الأوراق البحثية المبكرة للباحث، خاصة الورقة التي تتناول وسائل الإعلام التفاعلية والمجتمع:

“The young generation, interactive media and society,” Global Media Journal, Arabian Edition, Fall-Spring, Vol. 2, Nos.1-2, (2012-2013).

(6) "العولمة والهوية الثقافية: عولمة الثقافة أم ثقافة العولمة؟ العرب والعولمة" للدكتور عبد الإله بلقزيز، و"العولمة والهوية الثقافية: عشر أطروحات"، للدكتور محمد عابد الجابري.

(7) عبد الإله بلقزيز، العولمة والهوية الثقافية: عولمة الثقافة أم ثقافة العولمة؟ العرب والعولمة (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2010)، ص 309-319.

(8) المرجع السابق، ص 309-319.

(9) محمد عابد الجابري، "العولمة والهوية الثقافية: عشر أطروحات"، المستقبل العربي، (المجلد 20، العدد 228، 28 فبراير/شباط 1998)، ص 14-22.

(10) المرجع السابق، ص 14-22.

 (11) Bogost, “The Age of Social Media Is Ending: It never should have begun”, op, cit.

(12) Lindsay, All Alone, op, cit.