سياسات الاستيطان واتجاهات المجتمع السياسي الإسرائيلي

تسعى الورقة إلى تحليل توجهات القوى والتيارات الإسرائيلية، وتحديد أين يقع الاستيطان من برامجها ومواقفها واتجاهاتها راهنًا وفي المستقبل. كما ترصد النقاش حول الاستيطان لدى الجمهور الإسرائيلي ومحله من تلك القوى وفي الخطاب الإسرائيلي الرسمي.
1 December 2024
سلوك الجيش الإسرائيلي في حربه على القطاع يعزز فكرة إعادة الاستيطان، فهو يدمر البنى التحتية والمرافق ويقيم بنى تحتية عسكرية ثابتة (الجيش الإسرائيلي).

مقدمة

صعَّدت إسرائيل من مشاريعها الاستيطانية في الضفة الغربية منذ تسلم الحكومة اليمينية لمهامها في ديسمبر/كانون الأول 2022، في إطار البرنامج الذي أجمع عليه الائتلاف الحكومي الذي شكَّله رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والذي يدعو إلى "ضم الضفة الغربية". وقد علا صوت "الصهيونية الدينية"، بعد دخول أحزاب جديدة في التشكيلة الحكومة لتضع الاستيطان في الضفة الغربية على رأس برنامج الحكومة، فتستغل أحداث الحرب على غزة وتلوِّح بإعادة الاستيطان إلى القطاع.

أثارت التوجهات المتعلقة بالاستيطان نقاشًا إسرائيليًّا، ولقيت ردود أفعال دولية مناهضة، كونها تتنافى مع قرارات "الشرعية الدولية" المتعلقة بالمناطق المحتلة عام 1967، ولأنها تشكل حجر عثرة أمام التزامات هذه الدول الراعية لـ "عملية السلام" و"حل الدولتين".

تسعى هذه الورقة إلى تحليل توجهات القوى والتيارات الإسرائيلية، وتحديد أين يقع الاستيطان من برامجها ومواقفها واتجاهاتها راهنًا وفي المستقبل. كما ترصد النقاش حول الاستيطان لدى الجمهور الإسرائيلي ومحله من تلك القوى وفي الخطاب الإسرائيلي الرسمي. وفضلًا عن هذا، تراجع الموقف الغربي والقوى الدولية الأخرى من الاستيطان، وما له من انعكاسات على الداخل الإسرائيلي، ومدى اتساقه أو تناقضه مع إحلال السلام بالمنطقة أو تأجيج المواجهات فيها. وتستشرف الورقة مستقبل الاستيطان والصورة التي سينتهي إليها، بالنظر إلى تطور الأحزاب الإسرائيلية أنفسها.

الاستيطان ودور الأحزاب الإسرائيلية فيه

نشأ الفكر الاستيطاني مرتبطًا بالجذور الأولى للفكر الصهيوني على يد "تيودور هرتزل" (1860-1904) مؤسس الحركة الصهيونية، ولم يتوقف هذا الفكر عند تيار معين باعتبار مستوى تدينه أو اتجاهه الأيديولوجي، بل تبنَّته الأحزاب بمختلف توجهاتها، ولم يشكل التضاد مع الفكرة الصهيونية سببًا للصراع بينها بشأن الاستيطان. لم يختلف حزبا الليكود والعمل، على مبدأ الاستيطان في الأراضي المحتلة بعد عام 1967(1)، وهما أهم أحزاب اليمين واليسار في إسرائيل عقب تأسيسها، بل كان الاختلاف على الخطط والمشاريع، بل تعاون الحزبان لتحقيق أهداف الاستيطان في الضفة الغربية منذ احتلالها عام 1967 إلى عام 1990.

استحدث حزب العمل منذ توليه الحكم، في يوليو/تموز 1967، ما سُمي بـ"مشروع آلون" ليشكل إطارًا عامًّا للسياسة الاستيطانية، واستمر العمل به لغاية مايو/أيار عام 1977(2). بَنَتْ إسرائيل في إطار هذا المشروع 34 مستوطنة في مواقع إستراتيجية في الضفة الغربية(3). برزت، في أغسطس/آب عام 1967، خطة "موشيه ديان"، وقد سعت إلى نقل الخط الأمني من منطقة الأغوار إلى جبال وسط الضفة الغربية، لإقامة خمس بؤر استيطانية فيها تمتد من المناطق المحتلة عام 1948. واعترض ديان على خطة آلون واعتبرها "خطة استكشاف"، داعيًا إلى عدم الخروج من سيناء والجولان وتعزيز الوجود الاستيطاني فيهما(4).

اتجه العمل الاستيطاني خلال تولي "إسحق رابين" للحكومة، عام 1974، ليشمل مناطق خارج خطة آلون، بالتعاون مع حركة "غوش أمونيم" الاستيطانية، وأقيمت المستوطنات في أعالي جبال الضفة الغربية. ثم جاء التيار "الأكثر تطرفًا" في حزب العمل بـ"مشروع غاليلي"، عام 1976، واحتوى على خطة تحمل في جوهرها خطة آلون، تلاه مشروع "أبراهام فوكمان"، عام 1976، وأطلق عليها "العمود المزدوج"، وسعى إلى رفع عدد المستوطنين إلى 2 مليون مستوطن بحلول عام 2000. تبنى الليكود "العمود المزدوج" لاحقًا وعُرفت بـ"خطة شارون الاستيطانية". وقد بلغ عدد المستوطنات التي أقيمت في فترة حكومات قادها حزب العمل حوالي 101 مستوطنة(5).

أما حزب الليكود اليميني، فقد شارك في حكومات اليسار منذ عام 1967 لغاية 1976. على صعيد الاستيطان، دمج مناحم بيغن بين خطتي آلون وديان(6)، وبصعود الليكود إلى سدة الحكم، عام 1977، تعزز دور حركة "غوش أمونيم" الاستيطانية(7)، وأسهم تصدرها لملف الاستيطان بإحداث نقلة كبيرة فيه خصوصًا في ظل سعيها لخلق أكثرية يهودية في الضفة الغربية، وقامت خطتها الاستيطانية باتجاهين: الأول: إقامة عدد من الكتل الاستيطانية الهائلة في المناطق الفلسطينية الآهلة سكانيًّا، والثاني: إقامة عدد كبير من المستوطنات الصغيرة والبؤر على أكبر مساحة أرض ممكنة، بهدف توطين مليون يهودي في مختلف مناطق الضفة الغربية(8)، وأقيمت في هذه الفترة 120 مستوطنة(9).

عاد الليكود إلى سدة الحكم، عام 1996، بزعامة نتنياهو، وأعلن في أول خطاب له عن ثلاث لاءات: لا للدولة الفلسطينية، لا لإعادة الانتشار الواردة في اتفاقات أوسلو، ولا لوقف الاستيطان. سعت حكومة نتنياهو عبر مجموعة من السياسات الاستيطانية إلى الاحتفاظ بنسبة 70% من مساحة الضفة الغربية، وتقوم الخطة على استعمار المناطق التي يقل فيها عدد السكان الفلسطينيين بما يتوافق مع "خطة آلون"، مدعيًا أن النسبة الأكبر من السكان الفلسطينيين يتركزون في المناطق التي تحكمها السلطة الفلسطينية(10).

استمر الاستيطان منذ عام 1996 بطابعه البؤري القائم على تأسيس بؤر استيطانية في قلب المناطق الفلسطينية للسيطرة على أكبر مساحة من الأرض لإلغاء أرضية "حل الدولتين"، وسعت إسرائيل إلى تهويد المنطقة المصنفة (ج) في الضفة الغربية، بحكم اتفاق أوسلو. تصل مساحتها إلى نحو 61% من إجمالي مساحة الضفة الغربية، ويسكنها حوالي 10% من الفلسطينيين(11).

أسهم "آرئيل شارون" -الذي قاد حكومة لاحقة (2001-2005)- في دعم نهج التوسع عبر البؤر الاستيطانية، وشرع في عهده ببناء جدار الضم والتوسع الاستيطاني بهدف فصل المناطق التي يقطنها الفلسطينيون عن المستوطنات وعزلها وتقطيع أوصالها بالحواجز، وفي ذات الوقت ضم مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والأراضي البور التي تتاخمها المستوطنات. وشهدت فترة شارون أيضًا تحولًا بسن "قانون فك الارتباط"، الذي قضى بإخلاء 21 مستوطنة في قطاع غزة و4 مستوطنات شمال الضفة الغربية، في خطة انسحاب أحادي الجانب، لاقت ردودًا ومعارضة داخل الليكود ومن قبل الأحزاب اليمينية والدينية، مما دفع شارون إلى الانسحاب من الليكود وتأسيس حزب "كاديما".

استمر الاستيطان إبان حكم "إيهود أولمرت" عن حزب كاديما (2005-2009)، وتشير تقديرات لأن عدد البؤر المنشأة في الفترة ما بين 1996- 2009، وصل إلى أكثر من 232 بؤرة، فيما وصل عدد البؤر المقامة ما بين عامي 2010-2022 إلى 57 بؤرة، أي بمجموع عام وصل إلى 289 بؤرة(12).

أسس نتنياهو، عام 2020، وزارة لإدارة شؤون الاستيطان أطلق عليها "وزارة التوطين" بهدف إدارة شؤون المستوطنات وتوسيعها وإقامة مستوطنات جديدة، تغير اسمها لاحقًا إلى "وزارة التوطين والمهمات الوطنية" ولا تزال قائمة. 

تحالف الليكود مع الأحزاب الدينية والاستيطان

منذ عودة "بنيامين نتنياهو" إلى رئاسة الوزراء، عام 2009، أصبحت التشكيلات الحكومية تميل نحو دمج بقية أحزاب أقصى اليمين في الائتلافات الحكومية، فبرز حزب "البيت اليهودي"، عام 2013، خلال مشاركته الأولى في الحكومة كحزب يجمع الفكر الديني بالعمل السياسي، وينادي بتكثيف الاستيطان ورفض المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، أو إقامة الدولة وعودة اللاجئين(13). وبرز حزب "يهودت هتوراه"، عام 2015، وهو يدعو إلى إقامة دولة يهودية تقودها القوانين الدينية، ويرفض المفاوضات مع الفلسطينيين(14).

اتجه نتنياهو إلى خيار التحالف مع الأحزاب الدينية بعد إخفاقه في الحفاظ على السلطة، عام 2021، وعاد إلى الحكم عبر ائتلاف شكَّله في انتخابات عام 2022، وضمَّ أحزابًا دينية جزء منها لم يسبق له المشاركة في حكومات سابقة، أبرزها: "يهوديت هتوراه" وهو حزب "الحريديم"، والصهيونية الدينية بزعامة "بتسلئيل سموتريتش"، وحزب العظمة اليهودية "عوتسما يهوديت" بزعامة "إيتمار بن غفير"، و"نوعــم" بزعامة "آيف معــوز". جاء انضمام هذه الأحزاب للحكومة بعد مراحل من معارضة سياسات الحكومات السابقة بحجة أنها لم تلبِّ جزءًا من مطالبها الاستيطانية في الضفة الغربية، وهي أحزاب تجاوزت رفض التفاوض مع الفلسطينيين أو الاعتراف بحقوقهم إلى الدعوة لقتلهم وترحيلهم، وتدعو إلى الاستيطان بلا قيود وبشكل مطلق وتعتبره جزءًا من أهدافها المستمدة من التوراة.

انضمت الأحزاب الدينية إلى الائتلاف الحكومي بناء على اتفاقيات فردية وقَّعها الليكود وكل حزب منها، وحصلت على حقائب وزارية حساسة أبرزها وزارات: المالية والأمن الداخلي، والبناء والإسكان، وكذلك الاستيطان. وقد اتخذت حكومة نتنياهو إجراءات عدة بخصوص الاستيطان:

أولًا: أقرَّت تشريعات تعزز من صلاحيات وزير المالية "بتسلئيل سموتريتش" فيما يتعلق بملف الاستيطان خلال عام 2023. منها سحب ملف "منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية" التي تقع الإدارة المدنية ضمن مهامه، من وزير الدفاع إلى سموتريتش، وزير المالية. وأُعطي الأخيرُ صلاحياتٍ بتعيين هذا المنصب، إضافة إلى تعيين "مسؤول الإدارة المدنية"، وتعيين الطاقم القضائي الذي يبتُّ في الالتماسات المتعلقة بالاستيطان(15). وأصبح سموتريتش يهيمن على الإدارة التي تعطي المستوطنين صلاحيات بناء المستوطنات في الضفة الغربية وتقر عمليات هدم منازل الفلسطينيين وتتحكم بالموازنة الخاصة بحراسة المستوطنات(16). وأُعطي سموتريتش أيضًا صلاحيات بتسريع قرارات مصادرة الأراضي والبناء الاستيطاني وشرعنة البؤر، وتنفيذ هدم المنشآت الفلسطينية بقرار منه دون مصادقة المستوى السياسي في إسرائيل. وأعطي صلاحيات بتوسعة المستوطنات وحصرت الخطوات اللازمة لهذا الأمر في شخصه، وتتمثل بـإيداع المخطط ودراسته، والموافقة عليه، وتفعيله، وإعلان سريان مفعوله وطرح عطاءات بشأنه. وهذا مغاير للمتطلبات السابقة التي كانت تقتضي موافقة رئيس الحكومة ووزير الجيش على المخططات الاستيطانية. غيَّرت هذه الخطوة التشريعية الإجراءات المتبعة للبناء في الضفة الغربية، وأصبحت مثل التي تجري في المناطق المحتلة عام 1948، وهذه مقدمة لعملية ضم إداري لأراضي الضفة الغربية إلى إسرائيل، ويترتب عليه تسريع لإجراءات التوسع الاستيطاني وشرعنة البؤر الجديدة(17).   

يُذكر أن سموتريتش هو صاحب "خطة الحسم" التي صدرت عام 2017، وتقوم على عدة خطوات ومبادئ تسعى إلى إنهاء الصراع مع الفلسطينيين من خلال حسمه، أبرزها: ادعاء "أرض إسرائيل الكاملة"، والمقصود إقامة دولة إسرائيل على كامل فلسطين الانتدابية من البحر إلى النهر، ويتبنى مبدأ العنف واستخدام "القوة المفرطة" في مواجهة الرافضين لوجود إسرائيل، وتسخير الجيش الإسرائيلي في مواجهة المقاومة، ويستند إلى مبدأ "الخلاصية"، النابعة من التوراة، أي إن الخلاص سيكون على يد المسيح مخلِّص البشرية، لكنه يرى أن إسرائيل هي بداية نمو الخلاص وتحقيق نبوءات التوراة(18).

ثانيًا: عيَّن نتنياهو المستوطِنة "أوريت ستروك" عن حزب الصهيونية الدينية وزيرة للاستيطان، وحافظت الوزارة على مخصصات الاستيطان رغم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وخصصت مبالغ مالية كبيرة لشق وإصلاح الطرق الاستيطانية في الضفة الغربية عبر وزارة النقل.

ثالثًا: الاستمرار في الاستيطان بطرق ملتوية لتقليل ردة الفعل المحلية والدولية، من ذلك استبدال "إنشاء مستوطنة" أو شرعنة بؤرة بمصطلح "توسيع أحياء قائمة"؛ حيث إن عددًا من البؤر التي يتم إنشاؤها تكون قريبة من تجمعات استيطانية قريبة ويجري ربطها بها عبر الطرق وتقديم الخدمات.

رابعًا: تقديم امتيازات مالية وحزبية لدعم المستوطنين في الضفة الغربية بالسلاح والتنظيم والتدريب، ومنح امتيازات للسكن، ودعم مشاريع "قرى الشباب الاستيطانية" المسؤولة بشكل مباشر عن إقامة البؤر الاستيطانية والاستيطان الرعوي(19)، بما يسهم في تحفيز المستوطنين إلى الانتقال من مراكز المدن الكبرى في إسرائيل نحو الضفة الغربية بدل الاعتماد المطلق على الدافعية الأيديولوجية الذي ساد سابقًا.

خامسًا: تمويل التخطيط والبناء للوحدات الاستيطانية عبر تسهيل القروض من قبل وزارة الإسكان الإسرائيلية؛ مما يزيد من فرص التغول والمشاريع الاستعمارية في المناطق الفلسطينية، ويحوِّل نشاط المستوطنين من العمل الفردي المتفرق إلى منحى أكثر تنظيمًا.

سادسًا: إضفاء الطابع المدني على المستوطنات الإسرائيلية، بنقل الصلاحيات من الجيش إلى الإدارة المدنية في الضفة الغربية، بهدف دمج هذه المستوطنات في جهاز الدولة الإسرائيلية(20).

سابعًا: صدر، في مارس/آذار 2023، قانون يقضي بإلغاء فك الارتباط عن شمال الضفة الغربية، والسماح بترميم المستوطنات المخلاة في شمال الضفة، وتشمل مستوطنات (حومش وغانيم وكاديم وصانور). وصدر قرار آخر، في مايو/أيار 2023، يقضي بإلغاء منع دخول الإسرائيليين إلى المستوطنات التي أُخليت، ما يعني السماح بعودة الاستيطان(21).

أسهمت إجراءات الحكومة اليمينية في زيادة وتيرة الاستيطان خلال عامي 2023 و2024، وتؤكده مجموعة من المؤشرات، أهمها:

  1. توسع حجم الاستيطان في الضفة الغربية: أصدرت سلطات الاحتلال، خلال عام 2023، قرارًا ببناء أكثر من 14 ألف وحدة استيطانية في حملة صُنِّفت بأنها الأكبر منذ عام 2012(22)، فيما بلغ عدد الوحدات الجديدة التي صودق على بنائها في النصف الأول من عام 2024 حوالي 1426 وحدة في الضفة الغربية، فيما أودعت 6965 وحدة أخرى للمصادقة اللاحقة(23). وقد رصدت الأمم المتحدة توسع حجم المستوطنات الإسرائيلية بين نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وأكتوبر/تشرين الأول 2023، فقد أقيمت 24300 وحدة استيطانية، إضافة إلى ارتفاع حصيلة عمليات المصادرة عام 2023 إلى ضعف ما كانت عليه عام 2022، من 26 ألف دونم إلى أكثر من 50 ألف دونم. ودرس مجلس التخطيط التابع للإدارة المدنية، 173 مخططًا هيكليًّا بهدف إقامة نحو 18 ألف وحدة استيطانية(24). وأقامت إسرائيل نحو 18 بؤرة عام 2023، و17 بؤرة استيطانية خلال النصف الأول من عام 2024(25).
  2. تصاعد عمليات الهدم والإخطارات بالهدم: بلغت المنشآت التي هدمتها إسرائيل نحو 659 منشأة، عام 2023، أدت إلى تهجير نحو 25 تجمعًا بدويًّا من أماكن سكنهم (نحو 1517 مواطنًا فلسطينيًّا)، وهدمت حوالي 318 منشأة في النصف الأول من عام 2024. بخصوص الإخطار بالهدم، أصدرت إسرائيل، عام 2023، نحو 1333 إخطارا بحجة عدم الترخيص، فيما وجَّهت 359 إخطارا في النصف الأول من عام 2024(26).  
  3. تصاعد انتهاكات المستوطنين بحق الفلسطينيين: قتل المستوطنون 16 فلسطينيًّا ما بين نوفمبر/تشرين الثاني 2022 إلى ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ووصل عددهم إلى أكثر من 20 شهيدًا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى نهاية أبريل/نيسان 2024(27). ونفذ المستوطنون أكثر من 2410 اعتداءات على الفلسطينيين خلال عام 2023، فيما بلغ عدد الاعتداءات في النصف الأول من عام 2024 حوالي 1334 اعتداء(28). كما قلع المستوطنون الشجر؛ حيث وصل عددها عام 2023 إلى أكثر من 21731 شجرة؛ منها أكثر من 18 ألف شجرة زيتون(29) ووصل عددها في النصف الأول من عام 2024 إلى 9957 شجرة(30).

خطاب إعادة الاستيطان إلى غزة

ارتفعت الأصوات الإسرائيلية اليمينية المطالبة بإعادة الاستيطان إلى قطاع غزة، مستفيدة من الحرب.   ويظهر من حجم الفعاليات التي نُظِّمت في "غلاف غزة" وشمولها وتمثيلها الحكومي، أن الدعوة إلى إعادة استيطان غزة ليست مطلبًا لأحزاب وتيارات، بل باتت جزءًا من المشاريع المطروحة والمدعومة حكوميًّا، لاسيما أنها يروِّج لها وزراء فاعلون يمثلون الأحزاب الدينية، ويعملون على حشد الأصوات الحكومية والشعبية لتحقيق هذا الغرض. آخرها من باب التمثيل، المؤتمر الذي عُقد في كيبوتس "بئيري"، نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2024، بحضور اثني عشر وزيرًا في الحكومة الحالية، وبمشاركة مئات المستوطنين تحت عنوان: "لا مكان للعرب". وتقوم حركة "نحالا الاستيطانية" بتسجيل مئات العائلات الإسرائيلية الراغبة بالعودة إلى قطاع غزة، وتصدر تصريحات عن قادة ووزراء في الحكومة الإسرائيلية حول هذا الأمر؛ حتى إن "سموتريتش" اعتبر انسحاب إسرائيل من مستوطنات غزة عام 2005 كان "خطأ تاريخيًّا" يجب تصويبه، ورأى أن الاستيطان يحقق الأمن لإسرائيل(31).

وهناك أيضًا نقاش رسمي في أوساط رئاسة الحكومة، حول التوقيت المناسب لإعادة الاستيطان إلى غزة، مع الأخذ بالاعتبار ردود الفعل الدولية، والنتائج الميدانية للحرب. أفادت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية أن نتنياهو رفض فكرة عودة الاستيطان حاليًّا إلى غزة، بسبب رفض إدارة جو بايدن ذلك(32)، ومن الممكن العودة إلى هذه الفكرة بعد فوز "دونالد ترامب" في الانتخابات القادمة(33). هذا لا ينفي، أن موقف نتنياهو من الاستيطان في غزة يتسم بالغموض، لأنه لم يصدر عنه أي موقف بهذا الخصوص، كما لم ينف بالمقابل بعض ما صدر عن وزراء في حكومته حول هذا الأمر.

ينشط اليمين الإسرائيلي على صعيد تعبئة الرأي العام الإسرائيلي ليعمل أو يقبل بالاستيطان في شمال غزة، وينظم المؤتمرات الاستيطانية والمسيرات الداعية إلى إعادة الاستيطان هناك. ومن الخطوات العملية التي اتخذها، إقامة نقاط للصلاة ومزارع صغيرة قرب الحدود مع غزة والسعي لتحويلها إلى مستوطنات، إضافة إلى تفعيل الأدوات الإعلامية للترويج لهذه الاتجاه، وهناك زيادة في عدد المشاركين في الفعاليات حيث وصل إلى عشرات آلاف الإسرائيليين في مسيرات نُظِّمت في مستوطنات "غلاف غزة"(34).

وفق هذه المعادلة، فإن سلوك الجيش الإسرائيلي في حربه على القطاع يعزز فكرة إعادة الاستيطان، فهو يعمل على تهجير السكان من شمال غزة عبر خطط ممنهجة، تقوم على تدمير البنى التحتية والمرافق ومن ثم نسف المباني بشكل كامل، وإقامة مواقع عسكرية ذات بنى تحتية ثابتة وطويلة الأمد. كما أحيا الاحتلال التسميات السابقة للمناطق التي كان يقيم فيها الجيش قبل انسحابه من القطاع، مثل محور "نتساريم" حيث أقام منطقة عازلة يفصل بها شمال القطاع عن جنوبه بشكل تام، وأقام أيضًا منطقة عازلة على امتداد السياج الحدودي مع قطاع غزة.

ونادت بعض الأصوات الداعية إلى الاستيطان في غزة إلى إعادته أيضًا في جنوب لبنان، منها مواقف صدرت عن أعضاء كنيست من الليكود. وقد تأسست منظمة "أوري تسافون"، في مارس/آذار 2024، بهدف تحويل جنوب لبنان إلى "محمية إسرائيلية بقيادةٍ مسيحية وحمايةٍ إسرائيلية"، واعتبار الاستيطان في جنوب لبنان ضرورة لأمن إسرائيل. نظَّمت الحركة "مؤتمر لبنان الأول"، في يونيو/حزيران 2024، يدعو لإعادة الاستيطان في جنوب لبنان من الحدود الإسرائيلية وصولًا إلى جنوب نهر الليطاني، وعرضت بعض الإعلانات منازل للبيع قالت إنها ستبنيها في لبنان(35). هذه المواقف المتعلقة بلبنان رغم أنها ظلت محدودة ولم تحظ بالتفاف كما غزة والمشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية، إلا أنها تؤكد على مركزية خطاب الاستيطان في إسرائيل الدولة والمجتمع.

مستقبل الاستيطان في الضفة وغزة

هناك سيناريوهان بالإجمال للاستيطان ومستقبله، بالنظر إلى عوامل تتمثل في فكر وتوجهات القوى الإسرائيلية مع الأخذ بالاعتبار مواقف الأطراف الفلسطينية والدولية.

السيناريو الأول: توسُّع وتيرة الاستيطان الإسرائيلي وتعزيزه في الضفة الغربية وعودته إلى قطاع غزة. يتوقف تطبيق هذا السيناريو على مجموعة عوامل منها داخلية إسرائيلية، وعوامل ميدانية وأخرى دولية. 

لا شك أن الحرب على غزة وما ستسفر عنه له تأثيره المباشر وغير المباشر على مسار المشاريع الاستيطانية، من ذلك أن الجهات الأمنية تخشى استمرار المقاومة الفلسطينية ومن قدرتها المستقبلية على تنفيذ عمليات ضد أي بؤر استيطانية قد تقام في غزة. وتعلِّق الجماعات الداعية لعودة الاستيطان كل آمالها على نجاح الجيش في تحقيق أهدافه "بالقضاء على المقاومة"، وتسعى إلى تهجير شمال القطاع وإخلائه من الفلسطينيين ونسف المنازل والبنية التحتية وتحويل المنطقة إلى غير آهلة للعيش راهنًا فضلًا عن تهيئتها للاستيطان مستقبلًا.

على الصعيد الداخلي، يشهد اليسار المتمثل بحزبي العمل و"ميرتس" تراجعًا في المجتمع الإسرائيلي، حتى بات الحزبان خارج دائرة التأثير السياسي. بالمقابل، يسهم دمج الأحزاب الدينية في الائتلافات الحكومية بقيادة الليكود في تسريع وتيرة الاستيطان، وتسعى هذه الأحزاب إلى تكريس العمل بالتشريعات والآليات المتشددة على يد وزرائها داخل الحكومة، فضلًا عن أنها عززت من هيمنتها على مراكز حساسة داخل الجيش ومؤسسات الدولة.

يتوافق نجاح هذا السيناريو مع استمرار التأييد اللازم في أوساط المجتمع الإسرائيلي، لاستمرار الحكومة اليمينية، ويتوافق مع استمرار هذه الأخيرة في فرض وقائع جديدة على الأرض، تفضي إلى تغييرات بنيوية وهيكلية تخدم استمرار المشاريع الاستيطانية، لاسيما أن سموتريتش أعلن أن عام 2025 عام ضم الضفة الغربية. يشكل هذا الإعلان أرضية لتسهيل الاستيطان في الضفة الغربية ويضيف "مشروعية" قانونية جديدة لضم المستوطنات رسميًّا إلى إسرائيل، عبر تحويل الاشراف عليها من الحكم العسكري المرتبط بالإدارة المدنية إلى السيادة الرسمية الحكومية. ويترتب على هذا إلغاء كل القيود التي تعيق تحقيق "خطة الضم والحسم"، التي تسعى إلى إحداث تغييرات قانونية وجيوسياسية في الضفة الغربية، منها فرض القانون الإسرائيلي على الفلسطينيين في الأراضي التي يشملها مخطط الضم، وسحب بعض صلاحيات السلطة الفلسطينية وإنهاء مشروعها السياسي. الجدير بالذكر أن ضم الضفة الغربية هو البرنامج الذي قامت عليه هذه الحكومة، وينسجم مع المشروع الذي طرحه نتنياهو عام 2020 وأُرجئ تنفيذه.

على الصعيد الدولي، ترجح المؤشرات الحالية توجه الإدارة الأميركية المقبلة إلى دعم الاستيطان. فالرئيس السابق والمقبل "دونالد ترامب"، معروف بدعمه لمشاريع إسرائيل الاستيطانية خلال فترة حكمه السابق (2016-2020)، ففي عام 2017، أعلنت إدارته القدس عاصمة لإسرائيل ونقلت السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وأوضح ترامب في أكثر من مناسبة دعمه لمشروع ضم الضفة الغربية ولا يراه متعارضًا مع مشروعه للسلام في الشرق الأوسط، أي "صفقة القرن"، ولا يرى الاستيطان الإسرائيلي في الضفة والقدس مخالفًا للقانون الدولي، بل إن هاتين المنطقتين متاحتان للطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي. كما تُظهر التعيينات الجديدة أن إدارة ترامب في فترة حكمه القادمة ستكون مؤيدة للاستيطان الإسرائيلي، فحكومته تضم شخصيات مؤيدة للمشاريع الاستيطانية في الضفة وتنسجم مع حكومة نتنياهو، من هؤلاء مثلًا "مايك هاكابي" الذي عُيِّن سفيرًا للولايات المتحدة الأميركية في تل أبيب، وهو معروف بمواقفه السابقة المؤيدة للمستوطنين وضم الضفة الغربية، وهو صاحب مقولة: إن إسرائيل لديها "ارتباط تاريخي أقوى بالضفة الغربية من ارتباط الولايات المتحدة بمانهاتن"، وكان صرَّح سابقًا بأنه "لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية، إنها يهودا والسامرة. لا يوجد شيء اسمه مستوطنات، إنها مجتمعات، إنها أحياء، إنها مدن. لا يوجد شيء اسمه احتلال"(36). في حين أعلن نتنياهو عن تعيين "يحئيل ليتر" في منصب السفير الإسرائيلي الجديد بعد تولي إدارة ترامب، وهو مستوطن مؤيد للاستيطان والضم، ومعروف بانتمائه لـ"رابطة الدفاع اليهودية" المصنفة على لوائح الإرهاب الأميركية. وعلى العموم، فإن هناك تعيينات لدى الإدارتين، الأميركية والإسرائيلية، لشخصيات مؤيدة للاستيطان ومشروع ضم الضفة الغربية، تشمل سفراء في الأمم المتحدة ومسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية، وتعطي هذه التعيينات مؤشرًا على عمق العلاقة بين أطراف الحكومة اليمينية والمستوطنين من جانب وإدارة ترامب الجديدة من جانب آخر.

السيناريو الثاني: بقاء الوضع الراهن المتعلق بالاستيطان في الضفة الغربية وعدم امتداده إلى غزة.

إن مواقف الأحزاب الإسرائيلية الفاعلة والمؤثرة لا تتعارض مع بقاء الاستيطان في الضفة الغربية، لكن حكومة نتنياهو الأخيرة و"المتطرفة" أحدثت تغييرات هيكلية وتشريعية لتسريع وتوسعة الاستيطان وأعطته الأولوية، وأعلنت عن نيتها علنًا ضم الضفة الغربية، وهناك دعوات من اليمين لاستيطان غزة. وقف هذه القرارات أو التراجع عنها يتطلب تغييرًا سياسيًّا إسرائيليًّا أو الرضوخ للضغوط الدولية، أو قبول مبادرات عربية ترتبط بسياق التطبيع مع إسرائيل.

أبدى الائتلاف المعارض لنتنياهو موقفًا رافضًا لعودة الاستيطان إلى غزة لدواع أمنية، في حين لم يُبْدِ يائير لابيد وبيني غانتس، أي معارضة لفكرة الاستيطان في الضفة الغربية أو للمشاريع التي أقدمت عليها الحكومة الأخيرة، سيما وأن المشاريع الاستيطانية كانت قد استمرت خلال فترتي ترؤسهما لحكومات سابقة، إضافة إلى مواقف غانتس المعلنة بتأييده لضم الضفة الغربية.

بخصوص الضغط الخارجي، فإن مواقف الدول المعارضة لنهج الاستيطان الإسرائيلي تستطيع بالضغط على إسرائيل التأثير على هذا النهج وإضعافه. منها مواقف الاتحاد الأوروبي الرافض للاستيطان، ومواقف لدول أخرى مثل الموقف الروسي والصيني وكذلك مواقف الدول التي اعترفت بفلسطين على حدود عام 1967. لكن حجم التأثير يرتبط بعوامل أخرى وهي قدرة هذه الدول على مواجهة سياسة إدارة ترامب وتوجهاتها بشأن الضم والاستيطان، ومدى قدرتها على مراقبة وتقييد المشاريع الاستيطانية التي تمررها إسرائيل بصمت بحكم سيطرتها على الأرض في الضفة الغربية وغزة. يتعلق نجاح هذا السيناريو، أي الحد من مشاريع الاستيطان، بوجود طرف في إسرائيل يقبل الرضوخ والانصياع لوجهة النظر الدولية، سواء بالضغط عليه أو اقتناعه بجدوى "حل الدولتين". وبالنظر إلى هذا السيناريو فإن الأحزاب الواقعة في الائتلاف الحكومي الحالي ترفض فكرة "حل الدولتين"، وهناك عوامل سياسية وميدانية تعزز من هذه السياسة في موقف هذه الأحزاب، أهمها تداعيات الحرب على غزة، ومحاولة توحيد الجمهور الإسرائيلي للاصطفاف خلف حكومة الحرب.

وقد ظهرت في الآونة الأخيرة مواقف عربية رافضة لإعلان نية ضم الضفة الغربية، باعتبار ذلك يتعارض مع القرارات الدولية والمبادرة العربية للسلام، ودور هذه الدول التي تعلن أنها ترى نفسها وسيطًا يسعى إلى إعادة المفاوضات على أساس حل الدولتين، وتضع خطوطًا حمراء بشأن محاولة إعلان تغيير الوضع القانوني والجيوسياسي في الضفة، لكن هذه الدول لم تتخذ إجراءات ومواقف حازمة بشأن إجراءات الحكومة اليمينية المتعلقة بالاستيطان، ولم تبد ضغوطًا لوقف الاستيطان الزاحف منذ سنوات والذي يمهد تدريجيًّا إلى الضم.

خاتمة

ترفض السلطة الفلسطينية بقاء السيطرة الإسرائيلية على أي جزء من أراضي قطاع غزة وتعتبرها جزءًا من الدولة الفلسطينية وذلك جزء من مطالبها بتحقيق "حل الدولتين"، وقد وضعت حركة حماس وفصائل المقاومة شرط الانسحاب الإسرائيلي ضمن البنود المطلوبة لإنهاء الحرب وتبادل الأسرى، ويواصل الفلسطينيون مواجهة المستوطنين ومخططاتهم في الضفة، عبر تصعيد المقاومة بأشكالها المختلفة لعرقلة سير مخططات الاستيطان أو لرفع الصوت ضدها.

يظهر من السياسات الاستيطانية الجديدة وإجراءات تنفيذها أن الخطاب المتعلق بالاستيطان في تصريحات اليمين أصبح ضمن أولويات الحكومة الحالية، دون أي اكتراث للوجود الفلسطيني ومشروع "حل الدولتين" ومن يطالب به ويدعمه فلسطينيًّا ودوليًّا، وتضع إسرائيل بذلك مشروع السلطة الفلسطينية السياسي على المحك لتحصر دور السلطة وبرنامجها في "الحكم الذاتي" للفلسطينيين. كما تظهر السياسات الاستيطانية الجديدة وكأنها لم تكن ردة فعل على عملية "طوفان الأقصى" والحرب، بل جاءت قبلها وارتبطت برامجيًّا بالائتلاف الحكومي الحالي الذي ربما يطرح نفسه مستقبلًا في انتخابات أخرى، خاصة أن الصهيونية الدينية قامت بتثبيت أدواتها وإجراءاتها التنفيذية عبر تغييرات تشريعية تدعم استمرارها وتجددها.

إن استمرار الاستيطان في الضفة الغربية يلقى إجماعًا من عدة ائتلافات متنافسة حكوميًّا، وهناك شبه إجماع على مشروع القدس الموحدة تحت السيطرة الإسرائيلية ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، لكن الفارق هو في نظرة هذه الائتلافات للوجود الفلسطيني والدولة الفلسطينية وإمكانية التجاوب مع الآراء الدولية الرافضة للاستيطان. هنالك اختلاف بين فكرة "الضم والحسم"، وفكرة السعي للتمدد الاستيطاني بشكل غير معلن عبر كسب الوقت والحفاظ على الوضع الراهن في جزء من مستوطنات الضفة الغربية بما يحقق الأمن لإسرائيل. وتدرك القوى المختلفة في إسرائيل أن تطبيق المشروع الاستيطاني الذي تتبناه الأحزاب الدينية، يعني توسع اليمين وتعزز هيمنته على السلطة في إسرائيل. ويعني أيضًا جذب مزيد من المؤيدين من جمهور المستوطنين في الضفة الغربية المتعطشين لاستمرار مشاريعهم، بعدما تم دمجهم في جماعات استيطانية منظمة تسعى لإقامة بؤر استيطانية، وهم يشنون هجمات واعتداءات بحق القرى الفلسطينية. بالمقابل، لم تعد آراء اليسار المفكك أو التيارات المناهضة للاستيطان أو الداعية للسلام على أساس "حل الدولتين" سوى مواقف هامشية.

ABOUT THE AUTHOR

References
  1. شلحت، أنطوان، "الصهيونية وإسرائيل: الاستيطان أولًا ودائمًا"، المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية- مسارات، 16 مارس/آذار 2013، (تاريخ الدخول: 25 يونيو/حزيران 2024)، https://bit.ly/3LyoDRP.
  2. هاني العبد الله، "سياسة رابين الاستيطانية: عودة إلى مشروع آلون"، مجلة الدراسات الفلسطينية، المجلد 3، ع 12 (خريف 1992)، ص272.
  3. ماهر عابد وآخرون، 2023، مدخل لفهم الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية والقدس، مركز رؤية للتنمية السياسية، إسطنبول، ص36.
  4. أشرف بدر، "من ديان حتى ترامب، اكتمال انزياح "اليمين" الإسرائيلي نحو "اليسار" في منظومة الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي"، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، لبنان-بيروت، 2021، ص 14-15.
  5. المرجع السابق.
  6. أشرف بدر، مرجع سبق ذكره، ص23.
  7. "مشاريع استيطانية"، مركز المعلومات الفلسطيني-وفا، (تاريخ الدخول: 15 يونيو/حزيران 2024)، https://bit.ly/3XAmSsB   
  8. إياد الرفاتي، الاستيطان في فكر الأحزاب الدينية الصهيونية في "إسرائيل" وأثره على عملية التسوية السياسية، رسالة الماجستير- جامعة الأزهر، غزة – فلسطين، 2013، ص53-55.
  9. مدخل لفهم الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية والقدس، مرجع سبق ذكره، ص45-47.
  10. مركز المعلومات الفلسطيني- وفا، مرجع سبق ذكره.
  11. حمدي علي حسين، "أي دولة فلسطينية على الأرض المتبقية"، مركز الجزيرة للدراسات، 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 (تاريخ الدخول: 15 يونيو/حزيران 2024)، https://studies.aljazeera.net/ar/article/5500.
  12. مدخل لفهم الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية والقدس، مرجع سبق ذكره، ص47.
  13. محمد محسن وتد، ""البيت اليهودي" الصهيونية المتجددة بإسرائيل"، الجزيرة نت، 27 يناير/كانون الثاني 2013 (تاريخ الدخول: 15 سبتمبر/أيلول 2024)، https://bit.ly/4d5O88f.
  14. "يهودات هتوراه"، موسوعة الجزيرة، 9 مارس/آذار 2015 (تاريخ الدخول: 17 يونيو/ حزيران 2024)، https://bit.ly/47oOKVf.
  15. فراس القواسمي، الاستيطان الصهيوني في الضفة في ظل حكومة اليمين المتطرفة: قراءة سياساتية في التفاهمات بين أحزاب الائتلاف الحكومي، إسطنبول: مركز رؤية للتنمية السياسية، 2023، ص12.
  16. أنطوان شلحت، "حول آخر مستجدات الخطاب الإسرائيلي بشأن مأسسة الضم والأبارتهايد"، في وليد حباس، الخطاب الاستيطاني-التوراتي تجاه الضفة الغربية: قراءة في خطاب الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية-مدار، 2024، ص 9-10.
  17. أشرف بدر، "ورقة علمية: قراءة تحليلية في خطة الحسم لحزب الصهيونية الدينية"، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت- لبنان.
  18. المرجع السابق.
  19. حمدي علي حسين، "تسارع الاستيطان في الضفة الغربية: دلالات الفعل وانعكاساته على الجغرافيا السياسية"، مركز رؤية للتنمية السياسية، 15 مايو/أيار 2024، (تاريخ الدخول: 1 سبتمبر/أيلول 2024)، https://bit.ly/3ZiNbGb.
  20. وليد حباس، لقاء مع عز الدين الأعرج، "حوارات حول مخططات إسرائيل في الضفة الغربية عن توسيع سلطة الإدارة المدنية"، صحيفة العربي الجديد، 7 سبتمبر/أيلول 2024 (تاريخ الدخول: 10 سبتمبر/أيلول 2024)، https://bit.ly/4cVMPbP
  21. "تسارع الاستيطان في الضفة الغربية: دلالات الفعل وانعكاساته على الجغرافيا السياسية"، مرجع سبق ذكره.
  22. " أرقام قياسية للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية هذا العام"، الجزيرة نت، 16 أغسطس/آب 2023، (تاريخ الدخول: 15 سبتمبر أيلول 2024)، https://bit.ly/3zcduUb
  23. "انتهاكات دولة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية وإجراءات التوسع الاستعماري: التقرير النصفي للعام 2024"، هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، رام الله- فلسطين، 4 يوليو/تموز 2024، ص29.
  24. "تقرير أممي حول توسيع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية بالضفة الغربية المحتلة"، موقع أخبار الأمم المتحدة، 8 مارس/آذار 2024، (تاريخ الدخول: 15 سبتمبر أيلول 2024)، https://news.un.org/ar/story/2024/03/1129057
  25. "انتهاكات دولة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية وإجراءات التوسع الاستعماري: التقرير النصفي للعام 2024"، مرجع سبق ذكره، ص 37.
  26. المرجع السابق، ص7.
  27. "تسارع الاستيطان في الضفة الغربية: دلالات الفعل وانعكاساته على الجغرافيا السياسية"، مرجع سبق ذكره.
  28. التقرير نصف السنوي لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مرجع سبق ذكره، ص 74.
  29. "أبرز انتهاكات دولة الاحتلال والمستعمرين في الأراضي الفلسطينية المحتلة التقرير السنوي لعام 2023"، هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، رام الله، فلسطين، 8 يناير/كانون الثاني 2024.
  30. التقرير نصف السنوي لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان 2024، مرجع سبق ذكره، ص7.
  31. "700 عائلة إسرائيلية تسجل للاستيطان في غزة"، الجزيرة نت، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2024 (تاريخ الدخول: 10 نوفمبر تشرين الثاني 2024)، https://bit.ly/4fj3zfj.
  32. "خلال زيارته للشرق الأوسط.. بلينكن يؤكد رفض واشنطن إعادة الاستيطان في غزة"، موقع أخبار الشرق الأوسط، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2024 (تاريخ الدخول: 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، https://bit.ly/3Avp25s.
  33. 33- "إعلام إسرائيلي: نتنياهو يمهد لإعادة الاستيطان في غزة فور عودة ترامب للحكم"، الجزيرة نت، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، https://bit.ly/3YRACRB.
  34. ياسر مناع، "الاستيطان في غزة: رؤية يمينية جديدة لمستقبل القطاع"، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية-مدار، 16 سبتمبر/أيلول 2024 (تاريخ الدخول: 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، https://bit.ly/3ABIbmc.
  35. "من هي مجموعة "أوري تسافون" وكيف تخطط لاستيطان جنوب لبنان؟"، موقع شييك للتحقق من الأخبار الكاذبة، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2024 (تاريخ الدخول: 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، https://bit.ly/40CzzXf.
  36. "من هو مايك هاكابي سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل في عهد ترامب؟"، BBC عربي، 13 نوفمبر تشرين الثاني 2024 (تاريخ الدخول: 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، https://bbc.in/4fOhIRd.