بزشكيان: هل يكون غورباتشوف إيران أم يواجه مصير بني صدر؟

يبدو حضور بزشكيان باهتًا مقارنة بحضور ظريف في القضايا الإشكالية، ولكن الواضح أن ثمة "غورباتشوف إيرانيًّا" يتشكل داخل إيران اليوم، وقد يكون جواد ظريف هو الأمهر في ركوب حصان الرئاسة حتى اللحظة للدفع بهذا الاتجاه، ضمن عنوان الإصلاحات التي باتت ضرورية في الاقتصاد والسياسة والتي يرى معارضوه أنها وصفة كاملة للسقوط والانهيار.
6 February 2025
قطاع الطاقة الإيراني في مرمى سياسة "الضغط الأقصى" مجددا (رويترز)

بقرار رئاسي جديد لترامب، عادت سياسة الضغط الأقصى على إيران منذرة بعقوبات جديدة تصب في خانة الهدف الرئيسي الذي صُمِّمت من أجله هذه العقوبات وهي شل الاقتصاد الإيراني، والعنوان الرئيسي لذلك هو منع إيران من بيع النفط بصورة كاملة. وبينما تلوِّح إدارة ترامب بعصا العقوبات الغليظة، تتسرب من طهران وخارجها أنباء عن محادثات بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة الأميركية، مع سعي حثيث من قبل "حلقة الفكر" التي تحيط بالرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، للدفع باتجاه إقناع آية الله خامنئي بالموافقة على محادثات مباشرة مع واشنطن.

1
جواد ظريف عرّاب المفاوضات المباشرة مع واشنطن (رويترز)

حلقة الفكر هذه، والتي لن يكون جزافًا وصفها بـ"حلقة ظريف"، تخوص صراعًا بعض جوانبه خفي وبعضها معلن لتعيد الحياة إلى مسار التفاوض مع الغرب أملًا باتفاق يفتح صفحة جديدة من العلاقات ويحقق لإيران مزايا اقتصادية تحتاجها بصورة ماسَّة. وإذ يدرك جواد ظريف مأزق الحال في إيران والضغط الاقتصادي الذي بات يهدد حياة الناس، فهو يجيد تحريك هذه الورقة في وجه خصومه الذين يتربصون به، ولم تعد الضحكة الرنانة أو الابتسامة التي رافقت مسيرة جواد ظريف خلال شغله لمنصب وزارة الخارجية في عهد روحاني حاضرة في أحاديثه ولقاءاته، وكأن الرجل نزع قناعًا واستعاض عنه بآخر لا يضحك لرغيف خصومه في التيار الأصولي حتى لو كان ساخنًا.

أثر العقوبات

العقوبات التي فُرضت على إيران، في أوائل عام 2012، حدَّت بشكل كبير من وصول البلاد إلى النظام المالي الدولي. كما تم فرض عقوبات شديدة على صادرات النفط والبتروكيماويات، وتم تقييد استيراد السلع الوسيطة إلى البلاد. وتنوعت هذه التأثيرات الكلية وغير المتجانسة لهذه العقوبات على الاقتصاد الإيراني ومعيشة الأسر الإيرانية. ورغم الجدال الذي حدث خلال المناظرات في الانتخابات الرئاسية الإيرانية والتي قلَّلت من أثر العقوبات، إلا أن دراسة هذه القضية في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية يقول بغير ذلك.

كان للعقوبات على إيران تأثيران أساسيان على الاقتصاد الإيراني؛ الأول هو تأثير التدمير قصير المدى، والثاني هو تأثير منع النمو الاقتصادي على المدى الطويل. حدث تأثير التدمير الاقتصادي في السنوات الأولى؛ مما أدى إلى انهيار العديد من العلاقات الاقتصادية المهيكلة لإيران مع العالم، وحرمان الاقتصاد الإيراني من العديد من الفوائد الناتجة عن العلاقات الدولية، مثل الصادرات، والواردات، والعلاقات العلمية، والفوائد التقنية، والاستثمارات الأجنبية، ومبيعات النفط وغيرها، بالإضافة إلى تعطيل العلاقات المصرفية والمالية.

هذا التأثير فرض تكاليف باهظة؛ حيث بلغت عشرات المليارات من الدولارات سنويًّا في قطاع الإنتاج الوطني وحده، وكان التأثير في القطاعات الأخرى أكبر بكثير. نتيجة لهذه العقوبات، تعرض الاقتصاد لضربة شديدة في السنوات الأولى نفسها؛ مما أدى إلى انخفاض النمو الاقتصادي إلى -8٪ فيما تُظهر إحصائيات أخرى نموًّا سلبيًّا يصل إلى -13٪.

بعد رفع العقوبات نتيجة توقيع الاتفاق النووي، تم التغلب على هذا التأثير، وارتفع النمو الاقتصادي الإيراني بين عامي 2015 ومنتصف 2017، ليصل إلى +14٪.

وعندما أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات في عام 2018، تعرض الاقتصاد لضربة حادة، وانخفض النمو الاقتصادي مرة أخرى. كما أدى حظر المعاملات بالدولار مع إيران، والذي اضطرت جميع الدول للامتثال له، إلى ارتفاع سعر الدولار، وزيادة التضخم في إيران بشكل كبير؛ مما تسبب في مشاكل اقتصادية كبيرة. تُظهر الدراسات أن تأثير تدمير العلاقات الاقتصادية والبنية الاقتصادية يستغرق عادةً ما بين 2 إلى 4 سنوات، وبعد ذلك يواصل الاقتصاد مساره ولكن بوتيرة أضعف.

حدث ذلك أول مرة بين عامي 2011 و2013، ثم مرة أخرى بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018-2019. ومع ذلك، فإن التأثير الثاني للعقوبات، الذي بدأ منذ 2011 وتجدد في 2018، والمتمثل في منع إعادة الاستفادة من العلاقات الاقتصادية السابقة أو استبدال علاقات جديدة بها، لا يزال مستمرًّا. وهذا يشمل العثور على شركاء تجاريين جدد، والاستفادة من العلاقات مع بعض الدول الأخرى.

قاد ذلك كله إلى تباطؤ توسع العلاقات الاقتصادية والحد من الاستفادة من العلاقات الخارجية المفيدة للاقتصاد. وهو ما يكلف الاقتصاد الإيراني أكثر من 20 مليار دولار سنويًّا في مجال الصادرات والواردات؛ مما ينعكس سلبيًّا على الإنتاج والمعيشة العامة وفق تقارير نشرها عدد من الصحف الإيرانية. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يتسبب في مشاكل اقتصادية أخرى، مثل هروب رؤوس الأموال التي تقدر بمليارات الدولارات سنويًّا، إلى جانب هجرة العقول والكفاءات البشرية التي لا تقل أهمية.

تقول التجارب العالمية أن لا دولة تعرضت لعقوبات اقتصادية ومالية استطاعت تجنب تأثيراتها وأنها عانت دون استثناء من أضرار جسيمة، بما في ذلك انخفاض النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم. ويفصِّل كتاب صادر عن جامعة ستانفورد، في 2024، ويحمل عنوان "كيف تعمل العقوبات ..إيران وتأثيرات الحرب الاقتصادية" في تأثير العقوبات على إيران.

تحد العقوبات من نمو الاقتصاد الإيراني وتمنعه من تحقيق معدل نمو يتناسب مع إمكانياته، وبالتالي يحرم البلاد من إمكانية تحقيق نمو اقتصادي مستدام وعالٍ. ولكن، عندما يتراجع الضغط الناجم عن العقوبات، يحدث نمو اقتصادي محدود، كما شوهد في أواخر حكومة الرئيس الثاني عشر (روحاني) وأوائل حكومة الرئيس الثالث عشر (إبراهيم رئيسي)، عندما عاد النمو الاقتصادي إلى أرقام إيجابية.

وبالنسبة لنمو الاقتصاد الإيراني منذ عام 2020 فصاعدًا، يُرجعه التيار الأصولي إلى سياسة تحييد العقوبات التي انتهجتها حكومة الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، فيما يجادل الإصلاحيون وفي مقدمتهم ظريف بأن ذلك لأن واشنطن أَرْخَت الحبل قليلًا، ويرون أن الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة أظهر ميلًا أقل نحو تصعيد العقوبات ضد إيران، ويُرجعون ذلك جزئيًّا إلى تأثير بعض جماعات الضغط الإيرانية داخل هذا الحزب. وبالتالي، وعندما تولى الديمقراطيون الحكم في أواخر عام 2020، خفَّت حدة بعض الضغوط؛ مما سمح لإيران بزيادة مبيعاتها النفطية تدريجيًّا، وتحقيق نمو اقتصادي إيجابي. وبلغ معدل النمو في ذلك العام حوالي 3.55%، وتجاوز 4% في عام 2021، ولا يزال عند مستويات مماثلة حتى الآن.

تشير البيانات الرسمية إلى أن الجزء الأكبر من النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة (من 2020 فصاعدًا) كان نتيجة لتخفيف الضغط الناتج عن العقوبات وزيادة مبيعات النفط، بالإضافة إلى استئناف بعض القدرات الإنتاجية التي تعطلت خلال جائحة كورونا، وإقامة علاقات اقتصادية جديدة مع الخارج. ومع ذلك، إذا تصاعدت الضغوط مرة أخرى وانخفضت مبيعات النفط، فمن المرجح أن يعود النمو الاقتصادي إلى المنطقة السلبية.

وكما كان وصول الرئيس الجمهوري، ترامب، إلى السلطة قد أدى إلى تشديد العقوبات، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وانخفاض مبيعات النفط الإيرانية، وتراجع العلاقات الاقتصادية الخارجية، مما تسبب في انخفاض معدل النمو الاقتصادي إلى -4%، فإن استمرار العقوبات أو تشديدها يحمل نفس الخطر على الاقتصاد الإيراني.

ويتهم هذا الفريق الطرف الذي يقول بقدرة الاقتصاد الإيراني على تحقيق نمو مرتفع ومستدام رغم العقوبات والعلاقات الخارجية المتوترة، بأن أصحابه إما يفتقرون إلى المعرفة بالاقتصاد الإيراني وعلم الاقتصاد عمومًا، أو أنهم غير مهتمين برفع العقوبات وتحقيق الانفراج الاقتصادي، أو أنهم يروِّجون لهذه الادعاءات غير العلمية وغير المهنية بدوافع وأغراض أخرى، ويطلقون عليهم "المتكسبون من العقوبات". وهي العقلية التي أدت بين عامي 2009 و2011 إلى إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي وفرض عقوبات على البلاد، ولا تزال اليوم تسهم في استمرار هذه العقوبات.

مؤخرًا، نشرت صحيفة اعتماد تحليلًا تحدَّث عن مجمل الخسائر التي لحقت بالاقتصاد الإيراني نتيجة العقوبات؛ حيث انتقد سعيد رضا عاملي رناني، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثورة الثقافية وعميد كلية الدراسات الدولية بجامعة طهران، الأضرار التي سبَّبتها العقوبات على البلاد في برنامج إخباري بُثَّ على وسائل الإعلام الوطنية، وقال: "بلغ حجم هذه الأضرار 1.2 تريليون دولار منذ عام 2012، وقد لحقت هذه الأضرار في المقام الأول بالشعب الإيراني، ومن ذلك الأدوية التي شملتها العقوبات".

وسبق لحسين سلاح فرزي، الرئيس السابق لغرفة التجارة الإيرانية، أن أكد أن العقوبات تسببت في خسائر لإيران بلغت 1.2 تريليون دولار. وقال تقرير الصحيفة: إذا أخذنا التصريحات الأخيرة للأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثورة الثقافية كمعيار، والتي بُثَّت في الإذاعة والتليفزيون الإيرانيين، فسنجد رقمًا فلكيًّا ضخمًا وهو 100.800.000.000.000.000 تومان (بسعر الدولار الحالي)، أو بمعنى آخر 100.800 ألف مليار تومان، وهو "رقم مذهل حتى للقراءة"، كما تقول الصحيفة. وفي المحصلة، فهذا الرقم يعني أن كل إيراني خسر مليارًا و185 مليون تومان بسبب العقوبات.

جيوسياسيًّا: لا شيء يسير على ما يرام

يمتزج التحدي الاقتصادي بالتحديات الجيوسياسية إقليميًّا ودوليًّا، والتي يشكِّل بعضها تهديدًا للجمهورية الإسلامية:

  • العزلة التي فرضتها العقوبات فالعزلة الاقتصادية فرضت عزلة نسبية على إيران في النظام المالي العالمي، وانعكس ذلك على الجانب السياسي. ورغم بعض الاختراقات هنا وهناك، ومن ذلك الاتفاقية الإستراتيجية مع الصين وكذلك الاتفاقية الإستراتيجية مع روسيا، والانضمام إلى منظمة شنغهاي، إلا أن ذلك لم يُحدث تحسنًا ملحوظًا في مواجهة العقوبات.
  • أزمة العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب، وهي أزمة عميقة وقديمة خاصة فيما يتعلق بالولايات المتحدة الأميركية، وفي وقت ينافح ظريف عن الفكرة التي سادت في عهد روحاني بأن مشاكل إيران لا تُحل إلا بتحسين العلاقة مع واشنطن، يرد معارضو هذا التوجه بأن التجربة خير برهان على خطورة الثقة بالجانب الغربي ويذكِّرون ظريف بأن أميركا هي التي انسحبت من الاتفاق النووي الذي يباهي به، وأن الغرب عجز عن الوفاء بالتزاماته تجاه الاتفاق. ويمسك وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، العصا من المنتصف، ويؤكد أن المشكلة مع الولايات المتحدة الأميركية جذرية وليس من السهل حلها، لكن يمكن إدارة الخلاف والوصول إلى حل في بعض الملفات.
  • يرتبط الملف السابق بقضية الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، والذي تعتبره الجمهورية الإسلامية تهديدًا إستراتيجيًّا لإيران.
  • الإقليم وأزماته: شكَّل سقوط النظام في سوريا ووصول المجموعات التي تحمل عداء واضحًا لإيران إلى السلطة ضربة إستراتيجية لنفوذ إيران الإقليمي، لكنها في الوقت ذاته أعادت النقاش الداخلي بخصوص أيهما يكون صاحب الكلمة في الملفات المهمة: الدبلوماسية أم الميدان؟ مع دعوة إلى إعادة تعريف العلاقة مع محور المقاومة ضمن المصالح الإستراتيجية لإيران، وهو ما تدعو إليه حلقة ظريف الذي سبق واختلف بصورة جذرية مع قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، بخصوص هذه القضية وكيفية إدارة الملف السوري.
  • عادت العلاقات بين السعودية وإيران، لكن ذلك لم يُنهِ الصراع والتنافس، وفيما خرجت إيران من سوريا بعد سقوط نظام الأسد، بدا أن السعودية تتصدر قائمة الدول المستفيدة من الحالة الجديدة، ولا يمكن عزل التنافس على الزعامة الإقليمية وتأثيراته على السياسة في مناطق مثل العراق وسوريا واليمن.
  • إسرائيل: دفع طوفان الأقصى، وما أعقب ذلك من عدوان على غزة، نحو معادلات جديدة في الصراع بين إيران وإسرائيل، ومع الضربات التي نفذتها إيران ضد إسرائيل وأخذت اسم "الوعد الصادق 1" و"الوعد الصادق 2"، تعززت النظرة الإسرائيلية إلى إيران كتهديد إستراتيجي لها. صحيح أن إسرائيل فشلت في جرِّ إيران إلى حرب مفتوحة تكون الولايات المتحدة طرفًا فيها، لكنها ما زالت تسعى إلى توجيه ضربة للبرنامج النووي الإيراني تسهم فيها واشنطن أو تباركها.
  • الساحة الداخلية: واجهت إيران خلال السنوات الماضية عددًا من التحديات الأمنية الداخلية، ومن ذلك الاحتجاجات التي تأخذ وجوهًا اجتماعية وسياسية ومعيشية اقتصادية.

التفاوض: هل يكون مباشرًا؟

يتصدر جواد ظريف عنوان الحديث عن المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية، ويبدو أنه أخذ على عاتقه مهمة الدفع باتجاه تغيير موقف آية الله خامنئي الرافض لمحادثات مباشرة مع الولايات المتحدة. في تصريحاته في "دافوس"، صبَّ ظريف وقودًا على نار الخلاف بشأن هذه القضية، لكن النبرة التي تحدث بها كانت تهدف إلى رفع مستوى الأخذ والرد داخل مؤسسات صنع القرار حتى لو ارتبط ذلك بدعوات محاكمته وعزله، خاصة أن الغرب الذي يندفع نحوه ظريف لا يتوقف عن الدعوة إلى الإطاحة بالنظام الذي يؤكد أنه مؤمن به وملتزم بالدفاع عنه. في ورقة نشرها مركز الجزيرة للدراسات، خلص مجتبى فردوسي بور، المسؤول في الخارجية الإيرانية، إلى أن إيران تبدو مستعدة لوضع خيار المفاوضات المباشرة على جدول أعمال دبلوماسيتها الرسمية إذا ما ضمنت حماية مصالحها الوطنية. ومع ذلك، يبقى القرار النهائي مرهونًا بتوجهات الإدارة الأميركية الجديدة ومدى جديتها في تحقيق تفاهمات حقيقية.

وفي الحديث عن المفاوضات، جرى النظر إلى اللقاء الذي جمع بين إيلون ماسك وسفير إيران لدى الأمم المتحدة، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بناءً على طلب دونالد ترامب، بأنه "اختبار" لإمكانية الحوار بين واشنطن وطهران. وقد أصر ماسك على إبقاء الاجتماع طي الكتمان، ونفت إيران حدوث الاجتماع من أساسه. لكن الوقائع تشير إلى أن المحادثات استمرت من خلال شخصيات سياسية ورجال أعمال. وتقول التقارير: إن ترامب أبدى استعدادًا لتخفيف العقوبات، لكنه يطالب بتفتيش أكثر صرامة على المنشآت النووية الإيرانية وفرض قيود على قدرات الإنتاج الطاقوي.

خلاصة

تحتاج إيران اليوم إلى تبنِّي إستراتيجيات دبلوماسية معقدة للتعامل مع ملفات التصعيد الملتهبة. وداخليًّا، يبدو حضور بزشكيان باهتًا مقارنة بحضور ظريف في القضايا الإشكالية المتعلقة بهذه الملفات، ولكن الواضح أن ثمة "غورباتشوف إيرانيًّا" يتشكل داخل إيران اليوم، وقد يكون جواد ظريف هو الأمهر في ركوب حصان الرئاسة حتى اللحظة للدفع بهذا الاتجاه، ضمن عنوان الإصلاحات التي باتت ضرورية في الاقتصاد والسياسة والتي يرى معارضوه أنها وصفة كاملة للسقوط والانهيار. وفي وقت تتعالى الاحتجاجات والأصوات المطالبة بـ"محاكمة ظريف وعزله"، يصمت القائد الأعلى في إيران تجاه مصير الرجل، لكنه سبق وأرسل له رسائل لاذعة دون أي يذكره بالاسم ومنها تلك التي جاءت خلال المنافسات الانتخابية التي سبقت فوز بزشكيان. قد تكون عوامل كثيرة تجعل من استحضار تجربة غورباتشوف أمرًا وجيهًا، لكن الساحة الإيرانية قد تشهد تكرارا لتجربة بني صدر. ورغم أن المؤسسات، وفي مقدمتها مؤسسة القيادة العليا ومؤسسة الحرس، لا تفضل صدامًا مع الرئيس وحلقته الفكرية تكون تبعاته ثقيلة على إيران كدولة، لكنها مدفوعة بهاجس الحفاظ على هوية الجمهورية الإسلامية قد تلجأ إلى الخيار الصعب.

ABOUT THE AUTHOR